مؤتمر”تدابير خاصة موقتة لتعزيز التمثيل السياسي للمرأة في قوانين الإنتخاب”
السيدات والسادة،
قرأت في مجال البحث عن المرأة العاملة في الحقل العام تعليقاَ وخبراً .
التعليق جاء على لسان السيدة الحديدية مارغريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ، اذ قالت مرةَ : ” في السياسة اذا أردت أن تقول شيئاً ، أطلب من الرجل أن يفعل ذلك ، أما اذا أردت أن تنجز أمراً ما ، كلّف إمرأة بالموضوع ” .
أما الخبر فهو ما قرأته في الصحف وهو أن ملكة جمال لبنان هذا العام تملك حظوظاَ كبيرة في أن تنتخب ملكة جمال العالم .
أيهما نختار ؟
في مجال الجمال معروف أنّ اللبنانيات هنِ الأجمل . حتى حين تقول إمرأة وتقول لبنان لا بدّ أن تتحدّث عن الجمال .
ثلاثية المرأة والجمال ولبنان تكاد تكون اسطورية . واللبنانيون يحبّون هذا التلازم .
هذا عن الجمال . ماذا عن الانجاز الذي تحدّثت عنه السيدة البريطانية التي أعادت الى بلادها بعد انتخابها لرئاسة الحكومة بريق النجاح الاقتصادي بعد أزمات عاشتها بريطانيا لسنوات طويلة . معتمدة بطريقة اقتحامية على دور القطاع الخاص بديلاً عن القطاع العام المترّهل.
لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك الكثير من الانجازات تحقّقت بفضل سيدات لبنانيات في المجال العام ونسبة أكبر في مجال العمل الخاص .
وزارة الداخلية مثال في الخدمة العامة . لقد عيّن مجلس الوزراء بناءَ على اقتراحي ثلاثة سيّدات في الفئة الأولى دفعة واحدة . واستطيع القول بعد أكثر من سنة على العمل الوزاري معهنّ ، إنني فخور بما اقترحت وأنني ممتن للتفاني الظاهر في عملهن ، كلّ في مجالها .
كذلك في السلك العسكري، في الأمن الداخلي والأمن العام ورغم الطبيعة الصارمة والمتشدّدة للمهام ، هناك العشرات من الضباط والأفراد القادرات والمتمكّنات من المهام التي توكل اليهن .
47 في المئة من العاملين في السلك القضائي هنّ سيّدات منهنّ الزميلة الوزيرة أليس شبطيني التي عملت طويلاً في محكمة التمييز العسكرية رغم وعورة ملفّاتها .
اذاَ أين هي العقبات التي تمنع تعزيز الدور السياسي للمرأة في لبنان ؟
القول الشائع في مجال تبرير عدم مشاركة المرأة في المؤسسات الدستورية اللبنانية أن الطبيعة الذكوريّة للمجمتع تمنع وصول المرأة الى صلب المشاركة في القرار السياسي .
الجواب ببساطة أيضاَ ان هذا الاتهام ليس صحيحاً بالمطلق . ففي الانتخابات البلدية التي جرت في العام 2010 فازت 536 سيدة بعضوية المجالس البلدية فضلاً عن ترؤس عدد من السيدات للبلديات في قراهنّ .
هذا دليل أول، وإن “على محدوديّته”، أنه في المجتمعات الصغيرة والمحصورة الباب مفتوح للسيدات والتقدّم تحقّق ولو بنسبة بسيطة .
في المجال الخاص هناك أقل بقليل من ربع اليد العاملة في لبنان من النساء . وصار واضحاَ أنه ليس هناك من رب عمل يستطيع تجاهل كفاءة السيدات خصوصاً أنّ همّه الرئيسي نجاح شركته أو مؤسسته أو مصرفه .
أما في المجال العام هناك من يقول أن التوريث السياسي هو الطريق الرئيسي لدخول المرأة الى البرلمان . ويبالغ في القول إنّ النساء اللبنانيات يدخلن البرلمان متشّحات بالسواد . بعض هذا الوصف صحيح ، لكن معظم السيدات اللواتي دخلن المجلس النيابي أو الوزاري أثبتن جدارة استثنائية في المجالات التي عملن فيها .
صحيح ان السيدة بهية الحريري اتشّحت بالسواد بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري منذ عشر سنوات ، لكنها قبل ذلك ولمدة عشرين سنة اتشّحت بوشاح الكفاءة الاستثنائية في الخدمة العامة لأهلها ولمحيطها ولبيئتها.
السيدة نايلة معوّض مثل آخر . حافظت على إرث زوجها السياسي بعد 25 سنة من اغتياله ، وأبدعت في مجال التنمية والخدمة الاجتماعية .
السيدة ستريدا جعجع سدّت فراغاً سياسياً حزبياً لأكثر من عشر سنوات قضاها زوجها في سجن الأمن السوري-اللبناني، وهناك الكثير من السيدات اللواتي لهنّ أيدي بيضاء بينهنّ الوزير ليلى الصلح وغيرها..
وهناك أمثلة كثيرة لا مجال لذكرها هنا ، مع الاعتذار .
إنّ أي نقاش موضوعي وعلمي يتعلق بتعزيز الدور السياسي للمرأة في لبنان عليه ان ينظر إلى هذه الوقائع ويحللها ويستخلص منها العبر.
هل يمكن الجزم ببساطة بأن هناك هيمنة وتسلط من الرجال على السياسة في لبنان؟ هل قانون الإنتخاب هو العائق الأساسي امام التمثيل السياسي للنساء في لبنان أم أنّ هناك عوامل إجتماعية وثقافية علينا البحث عنها والغوص فيها؟
إذا إعتبرنا ان قانون الانتخابات النيابية هو من أعاق تمثيل المرأة السياسي فكيف يمكن تفسير ضعف التمثيل النسائي على المستوى المحلي البلدي؟
وإذا افترضنا ان هناك عوامل ثقافية واجتماعية تعيق تعزيز دور المرأة السياسي لماذا إذا لا تنطبق هذه العوامل على أصعدة أخرى مثل القطاع العام والقطاع الخاص، إضافة إلى الأجهزة الأمنية والقضائية والتعليمية وغيرها؟
وأعلى نسبة في النجاح بقطاع الإعلام والإعلان هي للسيدات، وذلك ليس على أساس الواسطة بل على أساس الخبرة.
النساء في لبنان حصلن على حقّ الانتخاب في العام 47 ، أي بعد أربع سنوات من استقلال لبنان . ونسبة النساء في لوائح ناخبي 2009 و2013 و 2014 هي بحدود 51 بالمائة .
وهي نسبة تفتح الباب أمام مراجعة موضوعية لكل ما سبق من كلام .
هذه الصورة العامة تأخذنا الى مدخل لا بد منه لتعزيز دور المرأة في التمثيل السياسي . وهو أن يتضمّن قانون الانتخاب الجديد كوتا للنساء لا تقل عن 15 بالمائة وترتفع تدريجياً مع كل دورة انتخابية جديدة .
لا مبرّر للحساسية التي تظهر من بعض السيّدات من الكوتا النسائية فالقوانين توضع من أجل تطوير المجتمعات .
يقول ابن عربي “كل مكان لا يؤنّث لا يعوّل عليه” .
السلطة مؤنّث ، الحرية مؤنّث ، والقوة مؤنّث أيضاً .
عشتم ، عاشت تاء التأنيث . عاش لبنان
*بيروت، فندق الموفنبيك