حكومة ميقاتي أزمة مستمرة ولن تحقق شيئاً
تعديل الدستور غير وارد ونصرالله ليس جاهزاً للحلّ
مي عبود ابي عقل
خضّتان حكومية ونيابية شهدتهما الساحة السياسية هذا الاسبوع، كانت نتيجتهما توازنا سلبيا انقذ أكثرية تقوم على التعايش الضروري المفروض عليها، ومعارضة تحاول اقتناص الفرص لتعويم نفسها واستنهاض جمهورها، والاثنتان محكومتان بأمر واقع مفروض اقليميا ودوليا، تتحركان في اطاره، ولا تجرؤان على محاولة تخطيه. النائب نهاد المشنوق واحد من صقور كتلة “المستقبل”، يرفض الاعتراف بهذه الحكومة، ولايحضر الجلسات النيابية التي تمثل فيها، ويعتبر ان سلاح حزب المقاومة تغيرت وجهة استعماله نحو الداخل. فما رأيه في كل ما يجري؟
* كيف سيكون المشهد السياسي الجديد بعد الخضة الحكومية الاخيرة؟
– لا مشهد سياسياً جديداً، بل هو نفسه القديم. هذه الحكومة والطريقة التي تم تأليفها فيها، عبارة عن ازمة مستمرة، ولا يمكن ان تصل الى وقت تعمل فيه كحكومة طبيعية قادرة على تلبية حاجات الناس، وتتصرف في المسائل الاستراتيجية وفق اقتناعات غالبية اللبنانيين. هذه الحكومة تألفت بناء على اكثرية مفروضة بقوة السلاح، ولا يمكن ان ننتظر نتيجة افضل.
* يؤخذ على المعارضة انها من ناحيتها لا تستفيد من اللحظة وتمارس المعارضة الحقيقية؟
– هناك رأيان في المعارضة: واحد يقول بالتصرف كمعارضة عادية لحكومة عادية، وبالتالي تسير بأمور وتعارضها بأخرى، وثان، وانا منه، يقول ان هذه مسألة مبدئية وليست تفصيلية ولا يومية، ويجب معارضة هذه الحكومة بالمبدأ، في اساسها وفي أولوياتها وليس في يومياتها.
* كيف يجب ان تتجسد هذه المعارضة؟
– يجب عدم الاعتراف بوجود هذه الحكومة. منذ اللحظة الاولى لتكليف الرئيس ميقاتي اعلنت ان الحل الوحيد في خضم الصراع السياسي الكبير الذي يحصل في البلد وفي المنطقة، هو تأليف حكومة تكنوقراط – لان البلد لا يتحمل الان حكم الحزب الواحد- تتولى الشأن حتى الانتخابات النيابية المقبلة.
وبعد الانتخابات، من يربحها ومعه الاكثرية “صحتين على قلبه”، حقاً، وليس على طريقة السيد حسن نصرالله الذي لا يفي بوعد ولا يتمسك بعهد.
هذه الحكومة هي في الواقع 3 اثلاث: ثلث مقرر يمثل “حزب الله” ومن معه، وثلث عاجز عمليا يمثل رئيس الجمهورية والرئيس ميقاتي ووليد جنبلاط، وثلث حاقد لان كل عقلهم قائم على الثأر من رفيق الحريري وليس سعد الحريري او السنيورة، وبالتالي كيف يمكنها ان تعيش؟ في المقابل، لو كانت الحكومة من الجانب الاخر لكان المشكل قائماً ايضا على قواعد اشتباك أخرى.
* هذه الحكومة مررت تمويل المحكمة وبروتوكولها، وتحمي الموظفين من قوى 14 آذار، ماذا تريدون بعد؟
– البعض يفترض أن أي رئيس حكومة يمكنه اقالة اشرف ريفي او وسام الحسن او سعيد ميرزا. هذا كلام فيه خفة. هؤلاء يتسلمون مراكز رئيسية، والوضع في البلد اصلا لا يسمح باجراء انقلابات على هذا المستوى الامني.
أما موضوع التمويل فلم يتم بفضل هذه الحكومة، بل بناء على تدخل روسي مع الايرانيين، وهؤلاء مع “حزب الله”، لان الروس كانوا يريدون ان يبقوا على موقفهم من مسألة المحكمة، والسوري كان معهم. هذه مسألة اقليمية كبرى تم التوافق عليها خارج لبنان. كذلك البروتوكول، فقد أبلغنا الأمين العام للامم المتحدة “اننا ملتزمون وانا من يقرر”، فوفروا على انفسهم اشتباكا داخل جلسات الحكومة، لكن لم يكن في امكانهم تغيير اي شيء. إذاً موضوع المحكمة قضية ظروف دولية علينا جميعا، وعليهم قبل غيرهم، والدليل موقف حزب الله الذي لا يستطيع المناقشة بالتمويل ولا بالبروتوكول، لان وضع المنطقة تغير، وليس في استطاعته القتال على مئة جبهة. اذاً ليست الحكومة هي التي مررتها، بل الظرف الدولي. فلا نعطي الاشياء احجاما اكبر منها.
*ما المطلوب من هذه الحكومة لترضوا عنها؟
– هذه الحكومة لا تملك الشرعية الوطنية، الى ان تأتي الانتخابات. هذا موقف مبدئي.
السلاح والحوار
* أين أصبح مطلبكم لبيروت منزوعة السلاح؟
– لا نزال نتابع الموضوع بهدوء. الاسبوع الفائت اجتمعنا، وطلبنا من لجنة الدفاع والامن النيابية ان تستدعي وزيري الدفاع والداخلية لمناقشتهما في بيروت الكبرى التي تمتد من نهر الكلب الى نهر الدامور. هناك خلاف يتعلق بالمنظومة الصاروخية للمقاومة لـ”حزب الله” وحمايتها، وقد تحول الى طاولة الحوار، وبالتالي ليس المطلوب من هذه الخطة ان تتولاها بل ان تنظمها. اما بقية السلاح فمطلوب جمعه او تسليمه او اي صيغة اخرى يطرحها العسكريون لحلّ المشكلة. وهذا ما ابلغناه الى الرئيس بري عندما زرناه.
* طرح وليد جنبلاط فكرة طائف جديد بين السنة والشيعة. ما تعليقك؟
– هذا الامر غير وارد على الاطلاق. لا طائف بين السنة والشيعة. ثمة دستور يتعلق بكل اللبنانيين. ووليد بك يعرف ان هذا الموضوع لا يمكن طرحه على الطاولة الان. لا يمكن مناقشة الدستور وتعديلات دستورية في ظل كل هذا السلاح خارج الدولة. من يفاوض من؟ 40 ألف صاروخ تفاوض مدنيا مسالما او جهة سياسية مدنية مسالمة؟ أي منطق هذا؟ إذا كانت الحكومة اغتصبت بواسطة السلاح، فهل التعديل الدستوري سيتم بواسطة السلاح ايضاً؟ تعديل الدستور الان غير وارد على الاطلاق. الحلّ الوحيد هو تطبيق الدستور حرفيا دون اي تعديل. سبق للرئيس بري ان قال ان اي تفكير في تعديل الطائف هو فتح الباب لحرب اهلية.
* رئيس الجمهورية في كل خطاباته، وارتكازا على تجربته، يطالب باعادة النظر في الصلاحيات بما يعيد التوازن الى السلطات، وما يجري على الساحة السياسية الان خير دليل؟
– مجرد فتح الباب امام تعديل الدستور من اجل طائفة ايا تكن، يفتح الباب امام مطالبات لكل الطوائف، وبالتالي نخرّب الدستور والبلد.
* كيف يحكم بلد ب 3 رؤوس؟
\- ليس هنا 3 رؤوس. اذا عدنا الى الدستور، البلد يحكم بواسطة الاكثرية والاقلية، لكننا لا نمارس الدستور. هناك آليات دستورية يجب اتباعها، لكن اذا كانت هناك مشكلة سياسية في الآليات فهذا لا يعني ان الآليات مغلوطة. المشكل في السياسة وليست في الالية.
الحريري ونصرالله
* ما تعليقك على الكلام الاخير للسيد حسن نصرالله؟
– اعتقد ان سعد الحريري اختار في رأي الناس وجمهوره توقيتا غير مناسب لطرح مبادرته، لانه عمليا قدّمها في ذكرى اغتيال والده في 14 شباط، وهذا ترفع سياسي كبير لا يحبه الجمهور، لان الجمهور من دعاة المواجهة. والسيد نصر الله رد عليه في كل المواضيع بطريقة فيها اعتداء اكثر من الايجابية.
* لماذا لم يتلقف تلك الدعوة الى الحوار؟
– لانه غير جاهز للحل. نحن اعلنا رغبتنا في تغيير النظام السوري، بينما هو يعلن تمسكه بالنظام، أي أنه يلزم جمهوره والشيعة 8 آلاف شهيد و15 ألف مفقود و100 ألف معتقل. فلماذا يوزّع كل هذا الدم على طائفته؟ ما الذي يجبره على ذلك؟
*النظام ايضا لديه شهداؤه ومعتقلوه وجمهوره. لماذا انتم ملتزمون المعارضة السورية؟
– نحن لسنا ملتزمين المعارضة السورية، بل نعتبر ان تغيير النظام السوري مصلحة لبنانية. سمير قصير كان يقول: ديموقراطية سوريا هي استقلال لبنان. وهذا صحيح. نحن فشلنا في السنوات الفائتة في اقامة علاقات طبيعية بين البلدين بسبب الخلاف الجذري بين طبيعة النظامين. كان السوري يتعامل معنا بمنطق الكبير على الصغير، والقوي على الضعيف، والامني على المدني. انتهت ايام القتل والتعامل بهذا المنطق كائنا من كان حاكم سوريا. الدنيا كلها تتغير ولن نبقى جالسين نتفرج.
نحن نتصرف بمصلحة لبنانية مباشرة وليس بمصلحة لها علاقة بالطوائف ولا التنظيمات.
*هل انقطعت لغة الكلام بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”؟
– هم قطعوها. لنتذكر، من قطع الحوار؟ من غاب عن آخر الجلسات؟ الوحيد الذي تصرف بشكل مسؤول هو الرئيس بري الذي قال اريد ان ادخل الى الحوار ولو وحدي. لا يمكن الذهاب الى الحوار الا بجدول اعمال محدد وبمدة محددة وباجابة عن اسئلة. ماذا حدث لمقررات الحوار التي تعهّدوا تنفيذها؟ اين اصبح ترسيم الحدود؟ اين اصبح جمع السلاح الفلسطيني؟ لماذا اعود لأجرّب مجرّباً لمجرد الحوار؟ نحن لسنا من دعاة المواجهة، لكن ايضا لا نقبل بالحوار للحوار.
* اذا دعاكم رئيس الجمهورية الى طاولة الحوار، فهل تلبون؟
– نحن حددنا ماذا نريد من الحوار، والرئيس السنيورة قابل رئيس الجمهورية وقال له نحن لا نريد تكرار تجربة الحوار السابقة التي لم تؤد الى أي نتيجة ولم ينفذ اي من مقرراتها. شرط الحوار ان يتعلق بالسلاح، ويضم الى الدولة وفي مدة محددة. ردا على 14 شباط تصرف الرئيس بري بمنطق رجل دولة مسؤول عن السلم الاهلي، وليس مثل الذي يشتم كل الناس ويستصغرهم ويقول انه من دعاة الحوار. كيف يدعو الى الحوار ويقول انه سيزيد السلاح؟ هذا السلاح مرّ على كل الطوائف ولم يحقق مرة للطائفة وللبلد الا ازمات ومشاكل وحروباً وخسائر.
* لكن سلاح الصواريخ ضد اسرائيل وليس للاستعمال الداخلي كما يقولون؟
– هذا الكلام كان صحيحا حتى 7 أيار، وحتى تأليف الحكومة الاخيرة. في المرتين استعمل في الداخل، المرة الاولى حتى عقد اتفاق الدوحة الذي تمت فيه مخالفة الدستور، وفي المرة الثانية مظاهر السلاح قلبت الاكثرية. هذا الكلام كان صحيحا الى حين انتهاء حرب 2006، بعدها صار للسلاح مهمات داخلية تتعلق بتعطيل الدستور وتغيير الاكثريات وتفجير الحكومات من الداخل او الخارج.