“حديث الساعة” – رئيس الجمهورية اللبنانية: الشعبية وحدها لا تكفي

مقابلات تلفزيونية 03 أكتوبر 2007 0

مع نهاد المشنوق، وابراهيم كنعان

س- ما هو السنياريو الذي ترجحه في الأيام الأخيرة من المهلة الدستورية للإستحقاق الرئاسي، باعتبار ان جلسة الإثنين أصبحت بحكم المؤجلة، وهل تكفي الأيام القليلة المتبقية لإنتاج رئيس توافقي، أم ان عصف المصالح المتناقضة داخليا وخارجيا، سيكون أقوى من نسائم الشتاء ؟
ج- أولا التسوية تملك أكثر من نسائم، تملك رياحا جدية، فالواضح ان هناك مبادرة فرنسية يدعمها بشكل مطلق الإتحاد الأوروبي، ويؤيدها الرباعي العربي : مصر، الأردن، الإمارات والسعودية تحديدا، وموافق عليها بشكل أو بآخر ولمدة محدّدة وكأنه تكليف مؤقت من قبل الإدارة الأميركية، وبالتالي هي مسألة أكثر من جدية، لم يشهدها لبنان منذ زمن طويل، مع فارق الصورة، ومع فارق عناصر الخلاف وموازين القوى في العام 1989، ما شهدناه ليس أكبر حجما مما نشهده اليوم.

س- ما هي إمكانية أن تنجح الدبلوماسية الفرنسية فعلا، في إجتراح معجزة التوافـق؟
ج- أولا، التوافق ليس معجزة هو قرار سياسي، يأخذ بعين الإعتبار المعطيات المحيطة به. الى أين يميل ميزان القوى وما مدى مصلحته وما حجم الخيارات التي يختار منها؟ أنا أعتقد ان الخيارت خارج التوافق محدودة جدا جدا، على عكس التداول اليومي بعدّة سيناريوهات لعدم التوافق. وأعتقد ان التوافق هو السيناريو الوحيد المتاح أمامنا ، ومن يفكرّ بغير هذه الطريقة أو يعتقد غير ذلك، يكون كمن يواجه مبادرة حجمها ليس عاديا وكلفة مواجهتها لن تكون عادية بالمعنى السياسي.

إذاً حجم المبادرة أو حجم الحركة الفرنسية كبير جدا، وهو عنوان لتوافق عربي ودولي أكبر بكثير مما نعتقد، لذلك أنا أرى ان الكلام الكثير الذي نسمعه كل يوم، من كل الأطراف الذي يتحدث عن عدّة خيارات غير الوفاق، هو كلام خارج سياق الجدية الدولية، أو الواقعية المتاحة للمبادرة.

س- يعني أنت تجزم بأنه سيكون للبنان، رئيس توافقي قبل 24 تشرين الثاني؟
ج- أنا صاحب رأي لا أستطيع أن أجزم ، وأنا أتوقع أن يكون عندئذ رئيس، إلا إذا حدث وإتخذت جهات سياسية ما خيارات إنتحارية، ولكن أنا لا أرى ذلك، والوقائع في لبنان تقول ان بعض الجهات السياسية تتخذ خيارات إنتحارية في بعض الأحيان .

س- هل بإمكان أي كان في الداخل، تعطيل دينامية دولية بالحجم الذي تتحدث عنه؟
ج- أنا أشك في ذلك، ولكن الدينامية الدولية، تحاول الآن تركيب “بازل” تلتقي ألوانه السياسية في مرحلة الإنتخابات الرئاسية.

س- برأيك بأنه سيكون لنا رئيسا في العشرة أيام الأخيرة؟
ج- أعتقد ان العشر الأواخر من شهر رمضان هي أفضل أيام شهر رمضان ، فالعشر الأواخر بالإنتخابات أيضا، هي أفضل أيام التوصل الى إنتخاب رئيس.

س- هل هناك إحتمال أن يتم التوافق على إسم العماد ميشال عون؟
ج- لا أعتقد ذلك، ولا يكفي أن يعتبر العماد عون نفسه في مرحلتين انه توافقي، أولا: برأي جماعته وبرأيه وقد يكون لديه الكثير من المواقف التوافقية ، ولكن إذا كان خصومه السياسيون لا يعترفون بهذه الصفة فيه، فهذا لا يكفي .

والمسألة الثانية: انه الأكثر تمثيلا في الإنتخابات، أنا قرأت حديثا للعماد عون ، اشار فيه إلى نقطة واحدة وهو محق في ذلك، ولكن ليس في المكان المناسب ، وهي مسألة الإستفتاء الشعبي والإنتخابات النيابية، بمعنى ان الإنتخابات النيابية هي التي تحدّد من هو الرئيس المقبل.

أنا أعتقد ان العماد عون، له الحق بأن يكون الناخب الأول بدون نزاع، ولكن هناك فرق في أن يكون الناخب الأول وبين أن يكون رئيسا وفاقيا.

س- ما رأيك بما قاله الاستاذ ابراهيم كنعان، عن أفضلية البحث عن إمكانية إيجاد رؤية مشتركة، بين القوى السياسية الموجودة والممثلة في مجلس النواب؟
ج- أنا أقول ان كل اللبنانيين يتمنون ذلك، ولكن إنتاج النظام السياسي لا يتم إلا عبر إنتخابات نيابية، وليس من مدخل إنتخاب رئيس جمهورية، أو من مدخل تشكيل حكومة، هي عمليا تضع السياسة وتشرف على تنفيذها.

نحن نقول كلاما جميلا وكبيرا، دون الأخذ بعين الإعتبار، ان لبنان الآن يقع سياسيا وحتى أمنيا على خط زلازل ، وبالتالي عرض مفاهيمه بطريقة لا يمكن أن تكون إلا تصادمية ، في مثل هذا الجو هو مطلب محق، ولكنه كبير جدا علينا.

من وجهة نظري، فان أكثر ما نطمع به في هذه المرحلة، هو صيانة الهدنة التي نعيشها اليوم، وبأكثر من ذلك نكون نعرّض البلد لنقاش لا يوصِل الى نتيجة ، وأنت تعرف ان الآن ليس الوقت المناسب لإتخاذ قرارات، لا نستطيع في وقت ما ان نقول انها ليست برنامجا ، ولكن بنفس الوقت نقول انها الرؤية. لأن الرؤية أكبر بكثير من البرنامج، وأوسع بكثير من الأشخاص فهي أرقى أنواع العمل السياسي، أو أرقى أنواع الفكر السياسي.

أنا دائما أقول، ان مشاكلنا كبيرة ، وإمكانية التوافق بيننا على كل العناوين، ليست واسعة بما فيه الكفاية، ولكن يجب الإستفادة من هذا القدر المحدود لصيانة الهدنة التي نعيشها ، بانتظار ان تتفاهم القوى اللبنانية الموجودة حاليا على مزيد من نقاط الوفاق، أو على الأقل ننتظر الإنتخابات النيابية المقبلة، وحينها ننتج نظاما سياسيا جديدا على قاعدة قانون إنتخابي جديد.

أنا أقول إعطاء الإنتخابات الرئاسية، طابعا أكبر من حجم رئيس وفاقي، يُشعر اللبنانيين بشيء من الإطمئنان لهدنتهم التي يعيشونها، وللهدنة التي تعيشها المنطقة.

أيضا إذا نظرنا الى القرارات الدولية والتي تمثل علاقة الدولة بالمجتمع الدولي، هناك القرار 1701 وهو العنوان الرئيسي لكل القرارات الدولية الموجودة ، وكل الجهات اللبنانية أعلنت تأييدها في الوقت الذي أعتقد فيه ان القرار 1559 يتم إستعماله كجزء من المعركة الإنتخابية أكثر مما هو مطلب دولي.

ألاحظ ان الأميركيين لا يتحدثون كل شهرين أو أكثر عن 1559 ، كذلك يأتي وزراء أوروبيون الى لبنان لا يتحدثون عن الـ1559 ، فنقوم نحن بتذكيرهم به.

أنا سمعت الرئيس بري يقول ما تحقق من الـ1559 قد تحقق وما بقي منه تم دمجه بالقرار 1701.

س- لكن كونداليزا رايس قالت بصراحة نريد رئيسا يُطّبق القرارات الدولية؟
ج- منذ فترة قام النائب سعد الحريري بزيارة الى واشنطن، وقابل الرئيس بوش والوزيرة رايس ونائب الرئيس تشيني وغيرهم من المسؤولين الأميركيين، هؤلاء جميعا في تصريحاتهم أثناء تلك الزيارة لم يأتوا على ذكر القرار 1559.

الأميركيون يعرفون ان القرار 1559 هو بند إشتباك وليس وفاقيا، وعندما يريدون إثارة إشتباك يطرحونه على الطاولة، وإذا ارادوا الوفاق يسحبونه عن الطاولة. برأيي ان القرار 1559 لن يستعمل في جزء منه كإشتباك للإنتخابات الرئاسية.

س- اليوم ماذا يريد الأميركيون رئاسيا، البعض يقول أنهم يريدون النصف زائد واحد، البعض الآخر يقول بقاء حكومة السنيورة ، والآن هناك كلام عن إعطاء الفرنسيين تفويضا للوصول الى توافق؟
ج- أنا أعتقد انهم يستعملون كل الأسلحة المتاحة بين أيديهم، في بعض الأحيان لتخويف اللبنانيين وأحيانا أخرى لترغيب اللبنانيين، مثلهم مثل أي قوة إقليمية تتعاطى بموضوع الرئاسة حسب مصالحها.

س- ما هي مصلحتها في هذه الخيارات التي عرضتها عليك؟
ج- أميركا أعلنت أين مصلحتها ولم تنكر ذلك، فلو كان باستطاعتهم تنفيذ إنتخابات برئيس يقررون إسمه ونتيجته، لكانوا فعلوا ذلك، ولكن برأيي أنه حتى القوى المحلية المتهمة بأنها متحالفة، ليست مستعدة لتنفيذ هكذا برنامج.

لو كان هناك رغبة جدية عند أطراف لبنانية، بإجراء إنتخابات بالنصف زائد واحد كما يتحدث الكثير من الأميركيين، لكانوا فعلوا ذلك، رغم التهديدات بالفوضى التي ستنشأ عن هكذا إنتخابات، لأن من يفترض ان اميركا تستطيع إجراء إنتخابات من هذا النوع، كان قد أقدم عليها ولم يكن لينتظر رأيي ولا رأيك؟.

س- ممكن أنهم يريدون أولا تبرئة ذمة قبل الإقدام؟
ج- هذه قرارات كبرى لا تحتاج لتبرئة ذمة من أحد، وعندما تريد القيام بإنقلاب سياسي لا تأخذ الإذن من أحد.

س- لكن عليك أن توحي بأنك إستنفذت الإتفاق، أو التوافق لتبرر الإنتخابات بالنصف زائد واحد؟
ج- منذ أكثر من سنة ووزراء حكومة “أمل” و”حزب الله” خارج الحكومة ، لو كان هناك نية للإقدام على هذا النمط من العمل السياسي، كان على الأقل عُين بدلاء لهم.

س- أنا لا أخترع جديدا ، فكل يوم يقول وليد جنبلاط والدكتور سمير جعجع ، إذا تعذّر التوافق سنذهب الى النصف زائد واحد؟
ج- ياسيدي ، لو سألتني أقول لك إذا تعذر التوافق سأذهب الى التوافق ، هذا كلام إنتخابي لا علاقة له بالواقع، وهو شبيه بالكلام الذي تسمعه من المعارضة في بعض الأحيان ، بأننا سوف نفعل وسوف كذا وكذا، ولكن يعرف الطرفان ان كليهما لن يصل الى ما يُهدد به.

س- هل يجوز تحت ضغط الوقت، وتفصلنا عن المهلة الدستورية لإنتخاب الرئيس عشرة أيام أو أكثر بقليل ، هل يجوز أن نتخب رئيسا كيفما كان؟
ج- أولا لا يجوز إستعمال تعبير رئيس كيفما كان، في لبنان لا يوجد رئيس إسمه كيفما كان، المطلوب رئيس جدي ومحترم ورصين ، قادر على أن يكون عنوانا وفاقيا بين اللبنانيين، وأن يضع عازلا بين الطوائف المتناحرة، وخاصة الطائفتين الكبيرتين في البلد ، لذلك لا لزوم لأن ندور حول الموضوع.

أنا سمعت بالأمس مستشار الرئيس السنيورة الدكتور رضوان السيد يقول انه في آخر لقاء بين الرئيس السنيورة والبابا الجديد، لمّح الرئيس السنيورة الى ان إهتمام الفاتيكان بلبنان لم يعد مثل السابق، فأجابه البابا “بأن للبنان وضعا رمزيا يعادل القدس في نظر المسيحية الكاثوليكية في العالم”.

فعندما ينظر البابا الى لبنان بهذه الطريقة، وعندما يقول وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي ان الرئيس المسيحي في لبنان، هو رمز للوجود المسيحي في المشرق العربي، الذي إنقرض الى حد كبير في العراق، وضعُف في مصر، وتراجع في مناطق أخرى، فلهذا دلالة مهمة.

ما أريد قوله، ان كل المراجع الدولية تعتبر المسيحيين في لبنان، عنوان إطمئنان وإستقرار لأن وجودهم في لبنان أو في المشرق وهم يعيشون على طريقتهم، هم يعبّرون عن أن وضعهم مستقر وليس مقلقا . لذلك إذا كنا نريد الإستفادة من هذه النظرة، يجب الا ننظر الى الموضوع وكأن هناك مشكلة إسمها تهميش المسيحيين، يُعبّر عنها بتعويضها برئيس قوي قادر على إبرام إتفاقات تأسيسية مع أطراف أخرى.

هذا الكلام جربناه في سنة 1957حيث لم تكن تنقص الرئيس كميل شمعون شعبية عند المسيحيين، ورأينا ما حصل في لبنان. أيضا في العام 1976 لم يكن ينقص الرئيس فرنجية والجبهة اللبنانية تمثيل مسيحي أيضا، رأينا ما حصل في لبنان. كذلك عام 1982 عندما أُنتخب الرئيس بشير الجميل والذي أعتقد إنه الأكثر تمثيلا لرمزية المسيحيين، رأينا ما حصل في لبنان. ومن بعده الرئيس امين الجميل، وأيضا رأينا ما حصل في لبنان. وأخيرا الوضع الحالي الذي نعيشه منذ تسع سنوات تحت عنوان رئيس قوي، رأينا ما حصل في البلد.

لذلك دعنا نناقش الأمور، ونقرأ تاريخ بلدنا لكي نرى كيف نستفيد منه، وكيف يمكن تقديم صورة أحسن عن طبيعته.

أنا كتبت في فترة سابقة، ان الجنرال عون بتمثيله الشعبي الكبير، حتى إنتخابات أخرى لا أحد ينازعه على الأولوية المطلقة في التمثيل الشعبي المسيحي، ولكن هذا لا يعني ان نحمّل الوضع الذي نعيشه الآن أكثر مما يحتمل، أو محاولة الإستفادة منه أكثر مما يستطيع أن يعطي.

نحن كمسلمين مررنا بكل مذاهبنا بحالات إنحدار سياسي ، إستمرت سنوات طويلة، ليس فقط المسيحيين مروا بهذه الحالة ، ربما هم عندهم حساسية أكثر منا لأسباب لا مجال الآن لشرحها. ولكن المطلوب وأنا مقتنع بأن المسيحيين يحتاجون الى كبير فوق الرئاسات وفوق الوزراء وفوق النواب، أكثر من يعبّر عنه هو الجنرال عون، لأنك تستطيع الدخول الى منزل الجنرل كمواطن وتخرج نائبا، أو تدخل كنائب وتخرج وزيرا ، أو تدخل كوزير وتخرج رئيسا. لكن إذا كان هو عنصر منافسة. في ظل وضع متشرذم لهذه الدرجة بين اللبنانيين، نكون متجهين الى مزيد من التفسخ والمزيد من الصدام.

أنا لا أعتقد ان هناك أيا كان، يستطيع أن يدّعي ان باستطاعته منافسة العماد عون بصفته التمثيلية المسيحية.

س- لماذا من المسموح ان يكون رئيس مجلس النواب الشيعي قويا ، ورئيس الحكومة السُني قويا ، إنما يراد لرئيس الجمهورية الماروني أن يكون من طينة أخرى؟ ولماذا يُحرم المسيحيون من إمتياز الرئيس القوي؟
ج- أولا، هذا ليس إمتيازا ، فرئيس مجلس النواب أتى ممثلا لقوة طائفته، ولكن بموافقة الآخرين وليس رغما عنهم، ولو كانوا لا يريدون التصويت له لفعلوا ذلك، ولما كان باستطاعته الفوز بأصواته وبأصوات كتلة “حزب الله”. وكذلك رئيس الوزراء وافق عليه الآخرون، وبالتالي لا يكفي أن تقول انك الممثل الأول وأنك الوفاقي، لكي يوافق الآخر.

س- تبين بعد لقاء سعد الحريري وميشال عون ان هناك الكثير من النقاط المشتركة الأساسية بين الرجلين، وإستنتج الكثيرون انه لم يعد من مبرر حقيقي وعميق، لرفض وصول العماد عون الى الرئاسة ما رأيك؟
ج- المسألة ليست بهذه البساطة، من المؤكد انهما وجدا نقاط إتفاق كثيرة، والمؤكد ان هناك نقاطا يمكن بلورتها أكثر فأكثر، كلما إلتقيا ، لكن هذه ليست آخر الدنيا، هذه بدايات الكلام وبدايات وضع نقاط اللقاء، وبدايات التفاهم لإدارة العملية الإنتخابية.

من الواضح إننا نعالج أزمة ولا ندخل الى الإنتخابات ، هناك فرق كبير ، فما تقوله انت يوحي وكأننا ذاهبون الى الإنتخابات وأننا نختار بين الحسن والأحسن، أو بين أحسن وأعظم. الأمور لا تدار بهذا الشكل. نحن أمام أزمة عربية ودولية ومحلية كبرى، نعالجها بالتي هي أحسن، لكي نستطيع البقاء الى حدٍ ما سليمين.

نحن في صدد إنتخابات رئاسية، وننسى انه في الأسبوع الماضي كان هناك مناورة للجيش الإسرائيلي طويلة عريضة على الحدود اللبنانية، وهناك مناورة لـ”حزب الله” أيضا على الجانب اللبناني. كذلك ننسى انه حصل إنزال إسرائيلي- أميركي في منطقة دير الزور السورية حول مبنى ليس معروفا هويته ولا مهمته ولا قصته، وهناك تهديدات كثيرة.

هذه الأمور كلها يجب ألا نواجهها بأن نأتي الآن، ومثلا أن أقول للاستاذ ابراهيم أنا لا أوافق على إنتاج وضع تأسيسي لأني بالتأكيد مع وضع تأسيسي ، ولكن ليس الآن ولا يمكن للقوى السياسية الموجودة الآن أن تنتج وضعا تأسيسيا، مع إحترامي لـكتلة “التغيير” ولـكتلة “المستقبل” ولكتلة “التحرير” ولكتلة “حزب الله” كل هؤلاء، لا يستطيعون أن يخلقوا وضعا تأسيسيا، لأن الوضع التأسيسي ينتج عن قانون إنتخاب جديد، وإنتخابات نيابية جديدة ، وما دون ذلك هو وضع إشتباكي وليس وضعا تأسيسا.

س- رئيس الجمهورية في بلد مركّب كلبنان، يكتسب إضافة الى البعد الوطني الذي تحدثت عنه ، بعد طوائفي يتصل بدوره في إشعار المسيحيين، بأن لهم حضورهم الفاعل في النظام ، وليسوا على هامشه كما شعر هؤلاء المسيحيون خلال الـ15 سنة الماضية، ما أدى الى بروز ظاهرة التهميش المسيحي، جزء من مهمة العماد عون هو إشعار هؤلاء المسيحيين إنتهم إستعادوا التوازن في السلطة؟
ج- ما أقوله، ان هناك فرقا بين أن تكون حكما بين اللبنانيين وأن تكون أنت ممثلا لقوة فئة معينة، أنت حكم إنت قوي من كل اللبنانيين، وكل اللبنانيين عليهم أن يقفوا أمامك. لكن هذا لا يحصل بعناصر القوة إنما بعناصر الرصانة والنزاهة والقدرة والعقل والفهم والتي هي متوفرة عند الجنرال طبعا، لا خلاف إنه لاعب أساسي في الإنتخابات الرئاسية.

سمعت أستاذ أبراهيم يقول انه بتحالفهم مع قوى رئيسة في لبنان، وبموافقة آخرين يمكن الوصول الى الرئاسة جيد، وعندها لا لزوم لتأييدي أو تأييد غيري في ذلك الحين، ولكننا لم نصل الى هذه النتائج ، نحن موجودون في مكان آخر ، لو كنا وصلنا الى هذه النتائج لما رأينا كل هؤلاء الموفدين الدوليين عندنا يتجولون بين جميع الأطراف.

لو راجعنا أرشيف الصحف لوجدنا انه منذ شهرين حتى اليوم، هناك على الأقل 15 مسؤولا دوليا كبيرا زاروا لبنان، هل لو كنا نستطيع الوصول الى نتيجة طبيعية في ما بيننا، لكان هؤلاء الموفدين سيأتون الى لبنان؟

أنا واحد من الناس الذي دفع ثمنا غاليا من أجل شعار “صنع في لبنان”. وأنا سمعت اليوم الدكتور ابراهيم على باب بكركي، عندما تحدث عن “صنع في لبنان” ولكن هل هذا كلام واقعي بعد كل الذي نراه أمامنا؟.

س- يبدي النائب سعد الحريري رغبة معلنة، في إيجاد تسوية وفاقية حول اسم رئيس الجمهورية، ولكن الرغبة شيء والقدرة شيء آخر، هل هو قادر بالفعل على الإستجابة لمتطلبات التوافق، أم انه مازال متردّدا الى حد كبير؟
ج- أنا لم أجلس مع الشيخ سعد منذ شهر تقريبا، وبالتالي لا أملك فكرة واضحة أو فكرة يومية عن حركته ، ولكن أنا متأكد من مسألتين:
1- أنه يتصرف بطريقة مسؤولة وبرغبة جدية بالوفاق حول مسألة الرئاسة، منذ أشهر طويلة حتى هذه اللحظة.
2- أنا أعتقد ان الوفاق هو خياره الوحيد والواقعي، وليس لديه خيار آخر يعمل عليه.

س- اليوم قال مستشار الشيخ سعد الإعلامي هاني حمود ،إذا تعذّر التوافق سنذهب الى النصف زائد واحد؟
ج- انا سمعته، وعلى كل حال يستطيع الاستاذ هاني، ان يعبر عن وجهة نظر النائب الحريري أو كتلة “تيار المستقبل” أنا لا أناقش هذا الجانب، أنا أقول رأيي، وباعتقادي ان الكلام عن النصف زائد واحد مثل الكلام التهديدي الذي يُقال إذا تم الإنتخاب بالنصف زائد واحد. فالإثنان لن يحصلا لأنهما غير واقعيين، وغير منطقيين وغير ممكنين، ومن يقول بالنصف زائد واحد يعرف هذا الشيء، ومن يهدّد من جهة ثانية يعرف أيضا وبالتالي هذا كلام إنتخابي.

الأمر الثالث الذي يتعلق بالنائب سعد الحريري، هو اني لا أفكر ولا لحظة انه غير قادر بل أنا متأكد انه قادر ، إنما السؤال متى يستعمل هذه القدرة، هذا أمر يعود إليه.

س- هل هو قادر فعلا بوجود النائب جنبلاط على يمينه والدكتور جعجع على يساره ، ألم تثبت التجارب ان سعد الحريري، لا يستطيع أن يسبح خارج مدى الجاذبية السياسية للمختارة ومعراب؟
ج – أعتقد ان هناك حوارا أكثر من جدي، وهناك أكثر من إمكانية للتفاهم بينه وبين الوزير وليد جنبلاط الذي كان واضحا على التلفزيون، حيث قال ان عنده خمسة نواب حزبيين أنسحب وإياهم من الجلسة ، ولم يقل انه يسحب الكتلة كلها ، وبالتالي هناك حد أدنى من التفاهم بين الإثنين.

بالنسبة للدكتور جعجع حصل إجتماع بينه وبين الشيخ سعد منذ يومين، أعتقد ان قنوات الحوار غير مقطوعة، وإمكانية التفاهم موجودة.

ثالثا : التجارب التي تتحدث عنها المتعلقة بأوراق عمل سياسية قديمة ، فهذه ظروفها مختلفة والذي طرأ على أداء سعد الحريري أكبر من الظروف التي مررنا بها، وأقل من الظروف التي نحن فيها الآن.

الظروف التي نعيشها الآن جدية جدا، وأعتقد انها ستحدّد المصير السياسي للكثير من الناس، في طريقة تعاملهم مع المبادرة الدولية المطروحة اليوم.

س- هل تظن ان رئيس “تيار المستقبل”، مستعد في نهاية المطاف للسير بمرشح خارج 14 آذار؟
ج- عندما نقول وفاقي فهو من خارج 14 آذار، فكيف يمكن أن يكون وفاقيا من قلب 14 آذار؟.

س- يعني لا نسيب لحود ولا بطرس حرب؟
ج- إذا كنا نقول ان الجنرال عون رغم كل صفته التمثيلية، وبسبب عدم موافقة الأطراف الأخرى عليه ، هو ليس وفاقيا ، فهل يُعقل أن نقول ان الأستاذ نسيب او الشيخ بطرس هما وفاقيان، ونفس الشيء ينطبق عليهما إذا رفضهما الآخرون.

س- أنت برأيك نسيب لحود وبطرس حرب ليسا المرشحين المناسبين؟
ج- ليس حسب رأيي، ولكن في الواقع عندما تقول وفاقيا يجب أن تطلع منهم؟.

س- تطلع منهم الى أين تذهب؟
ج- تذهب الى رئيس جهورية طبيعي .

س- البورصة اليوم تتحدث عن جوزف طربيه، رئيس الرابطة المارونية ميشال إده، دميانوس قطار، روبير غانم وجان عبيد مرشحك المفضل، ولكن يبدو حظوظ عبيد ليست قوية؟
ج- أنا أعتبر ان حظوظ الأستاذ جان عبيد قوية دائما ولديّ قناعة فعلا بأنه يستطيع إيجاد حيوية سياسية ووفاقية ، غير متوفرة في الآخرين بنفس النسبة الموجودة لديه.

س- برأيك على من سترسو الرئاسة في النهاية؟
ج- أنا لا أريد الدخول في موضوع الأسماء، أنا اقول رأيي، بالنسبة لي أي رئيس وفاقي هو حل مثالي.

أنا حلمت كثيرا طوال حياتي ودفعت ثمناً غالياً ثمن أحلامي، ومستعد أن أحلم غدا وأدفع أكثر ، ولكن الآن في هذه اللحظة ، الوقت ليس وقت الأحلام، بل وقت الواقعية ، والإستفادة قدر الإمكان من الظروف المحيطة بنا، ومن الضغوط التي نتعرّض لها ، للوصول الى صيانة الهدنة وبناء قانون إنتخابات جديد.

س- لقد كتبت مقالا إنتقدت فيه بحدّة الزميل السفير جيفري فيلتمان الذي بدأ يكتب مقالات في الصحف العربية واللبنانية، معبّرا عن وجهة نظره الشخصية، ووجهة نظر بلاده بالملفات المطروحة، ما رأيك بأداء فيلتمان، وإعتبرت انه يمارس سلوكا فجا؟
ج- أنا لا أوافق على هذا الأسلوب الذي لا علاقة له لا بالدبلوماسية ولا بالأعراف ولا بالتقاليد. هو سفير دولة كبرى لا يحق له أن يدخل في التفاصيل الى هذا الحد، ولديه مطالبات من بعض اللبنانيين، وإعتراضات على آخرين من اللبنانيين. هذا لاعلاقة له بالعمـل الدبلوماسي.

أنا في كل حال، كل ما أريد أن أقوله اننا نريد الحفاظ كلبنانيين، على ما أُنجز حتى الآن في موضوع إستقلال لبنان، وخروج الجيش السوري، وخروج السيطرة السورية، ولا أحد يشكّك في ان الجنرال عون كان له مواقف طوال 16 سنة، مواقف تأسيسية بموضوع الوصاية السورية في ذلك الحين.

لكن هذا الموضوع ليس هو المطروح الآن، المطلوب اليوم هو الحفاظ على ما أنجز والنظر الى الأمام بأقل قدر ممكن من الخسائر، وبالتالي لا أحد يعرض علينا أرباحا، فكل ما يُعرض علينا هو خسائر أكثر أو خسائر أقل.

س- ما هي الحدود القصوى للدور الذي يمكن أن يؤديه البطريرك صفير في الإستحقاق الرئاسي ، وسط التجاذب الحاصل بين رأيين واحد يدعوه الى تحمّل مسؤوليته ويقترح أسما أو أكثر لرئاسة الجمهورية، وآخر ينبّهه الى محاذير هذه الخطوة، ويطالبه فقط أن يكتفي بوضع المواصفات والثوابت؟
ج- كل مرشّح لن يُسمى في لائحة البطريرك سيحذّره من تسمية مرشحين. أنا أعتقد ان المبادرة الفرنسية الآن وكل المسؤولين العرب والدوليين يبحثون في آلية، تأخذ في عين الإعتبار تسمية البطريرك أو ما يطلقه البطريرك من الصفات والمواصفات.

س- لكن هل أنت مع أن يسّميه؟
ج- أنا أعتقد ان الوضع في البلد الآن يحتمل أن يخوض أشخاص ما المغامرة، أنا أدعو الى مغامرة وباعتقادي ان المغامرين الثلاثة الرئيسيين في البلد الآن هم: البطريرك صفير أولا، الرئيس بري ثانيا والنائب سعد الحريري ثالثا، وكل بحسب ظروفه وقدرته.

س- ما هي المغامرة المطلوبة من البطريرك صفير؟
ج- تحمّل مسؤولية الترشيح أو الموافقة على الترشيح.

س- ما هي المغامرة المطلوبة من سعد الحريري؟
ج- أن يحيط كل هذه العملية، برداء تمثيله السياسي الواسع المحلي، العربي والدولي.

س- ما هي المغامرة المطلوبة من الرئيس بري؟
ج- أن يرعى الحوار بين كل الأطراف، وهو أكثر واحد ممكن أن يقوم بهذا الشيء.

س- ما المطلوب من ميشال عون؟
ج- أن يكون الناخب الأول وكبير اللبنانيين.

س- ماذا عن وليد جنبلاط؟
ج- وليد بك لا أحد يستطيع إقتطاع أي جزء من حصته ، ولكنه يقرر دائما متى يريد هذه الحصة.

س- هل هو عنصر معطّل؟
ج- أنا لا أتفق على انه عنصر معطّل ، هو جزء من المفاوضات الصعبة.

س- ماذا عن سمير جعجع؟
ج- ما عندي فكرة.

س- هل لسمير جعجع دور في الإستحقاق؟
ج- هو موجود على الطاولة ، لكنه ليس مقررا.


أترك تعليق