المشنوق يعاتب العرب: تُرِكنا نواجه وحدنا!
بمعزل عن ما انشغل به اللبنانيون والمتابعون حول موقف وزير الداخلية نهاد المشنوق في مجلس وزراء الداخلية العرب، بعد رفضه لتصنيف “حزب الله” بالارهابي، يسجّل للمشنوق مواقف عديدة من صلب كلمته التي القاها خلال الاجتماع، او في اللقاءات التي اجراها على هامشه مع نظرائه العرب ولا سيما الخليجيين.
في كلمته يقول المشنوق ما هو أهم من تصنيف حزب الله بالارهابي، كان واضحاً في انتقاده للسياسة العربية في لبنان والسعودية بشكل خاص، ومما قاله المشنوق: “قبل اتخاذ السعودية لقرار المواجهة، لم يكن هناك توازن بين الجهد العربي ومشروع ايران”. ويضيف: “لقد طرقت ابواب كثيرة ولم نحصل الا على القليل القليل من التعاون، وطلبنا المساعدة في السياسة، فلاقينا الكثير من اللياقة وحسن الاستماع، والقليل القليل من الاستجابة العملية، طرقت الكثير من الابواب والنتيجة التي وصلت اليها هي أن اجد نفسي ممثلا لبلد مطلوب منه بكل امكاناته البسيطة هدم سياسة اقليمية عمرها ثلاثين عاماً، بمواجهة دولة تقاتل في العراق، اليمن وسوريا“.
تبدو جرأة المشنوق واضحة، في مخاطبة دول الخليج والسعودية، بأنها تخلت عن لبنان ولم تقدم له ولحلفائها فيه الدعم الكافي للوقوف بوجه “حزب الله” ومنع سيطرته على الدولة ومقدراتها. وفق ما تؤكد مصادر “المدن” فإن مضمون كلمة المشنوق كان منسقاً مع الرئيس سعد الحريري ومع وزراء الداخلية العرب، وخصوصاً مع الأمير محمد بن نايف.
لا شك ان لدى المستقبل عتباً كبيراً على المملكة العربية السعودية، لم يكن ظاهراً الى العلن لكن الأزمة اليوم، هي التي دفعت الى الاضاءة عليه والتداول به في المباحثات الداخلية، لا ينكر أي قيادي في المستقبل أفضال السعودية على لبنان، ولكن في السياسة، فإن الانتقادات كبيرة، لا بل إن السعودية تتحمّل جزءاً كبير من تراجع حلفائها في لبنان بسبب السياسة غير الواضحة التي كانت تنتهجها.
تعود القراءة النقدية الى مرحلة ما بعد توقيع اتفاق الطائف، اذ ان الحديث عن تطبيقه لا يزال مستمراً الى اليوم، من دون قيام السعودية بأي ضغط لتطبيقه، لا بل وافقت على تسليم لبنان الى سوريا بضوء أخضر أميركي. منذ الطائف الى اليوم، كان على رأس السعودية ثلاثة ملوك، ولكل واحد منهم وجهة نظر ورؤية في مقاربة الأوضاع الداخلية والخارجية، وكان للبنان حصة من كل وجهة نظر.
في عهد الملك فهد كانت العلاقة جيدة، واستطاع الرئيس رفيق الحريري تثبيت دعائم حكمه وتحالفته بشكّل استطاع فيه تحقيق ما يريد في مكان وتعذّر ذلك في مكان آخر. وفي عهد الملك عبد الله اختلفت الأوضاع، والآن هناك ادارة جديدة في المملكة لديها وجهة نظر مغايرة جذرياً للمقاربات السعودية السابقة.
هذا أكثر ما يربك “المستقبل”، إذ يوجه البعض في ما بينهم أسئلة عديدة الى السعوديين، وما فعله الوزير المشنوق يأتي في اطار التلميح حول هذه التساؤلات. ومن بينها هل الحكم استمرارية؟ بمعنى انه اذا كان الحكم استمرارية فلا يجب معاقبة المستقبل ولبنان على ما وصلت اليه الأمور، لأن معظم الخيارات كانت تتخذ بناء على تنسيق مع السعودية، وربما بتوجيهات ودعم من قبلها.
يستذكر البعض في “المستقبل” وزير الخارجية ااسابق سعود الفيصل، خصوصا انه اتخذ موقفا حاسماً في دعم ١٤ آذار، وهو من دعم هذه الحركة في المحافل العربية والدولية، فيما كل الادارة كانت غائبة عن متابعة الوضع اللبناني، وبناء على حراك الشارع المعترض على الوجود السوري في حينها، استطاع هذا الطرف تغيير موازين القوى، وحتى عند اقرار ١٥٥٩ لم يتم تنفيذه، الا بعد اغتيال الحريري، والانتفاضة في لبنان، أما قبل ذلك لم تقم السعودية بأي مبادرة باتجاه لبنان لمواجهة أزمته، بل كانت تترك الأمور تسير من دون تخطيط او اي برنامج.
وعادت الأمور لتنقلب مع عودة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز لراعية الوضع في لبنان ومتابعته بشكل شخصي لآخر التطورات فيه، في مرحلة ما بعد احداث السابع من ايار، واتفاق الدوحة، وحينها كانت توجهات عبد الله بضرورة التقارب مع النظام السوري، وفرض على الحريري زيارة دمشق، والتخلي عن المحكمة الدولية، والتنازل عن الاتهام السياسي لسوريا باغتيال والده، هذه السياسة وفق ما يقول قياديو المستقبل كانت قائمة على شبه اتفاق قوامه وقف الاغتيالات في لبنان، مقابل وقف الدعم عن ١٤ آذار، وهذا لا يزال مستمراً الى اليوم فيما استمرّت عمليات الاغتيال، وعلى الرغم من ذلك هناك من يحمّل الحريري المسؤولية.