“المجالس بالأمانات” – مناعة الصيغة اللبنانية

مقابلات اذاعية 24 مايو 2009 0

س- ما هو تقييمك لماهية وأهمية الإستحقاق الإنتخابي وكأنه الحد الفاصل بين وطن وآخر؟
ج- لا يجب أن نصل الى هذه الدرجة ونقول بين وطن وآخر، لأن الوطن هو نفسه ولا أحد يستطيع تغيير طبيعة الوطن ولا وجوده، وبالتالي نحن لا نشكو من أزمة وجود، نحن دولة لبنانية موجودة مستقرة، أرضها محررة، فيها إدارات رسمية وجيش وقوى أمن داخلي، وعندها سياسة خارجية ، وهناك خلاف بين الأطراف السياسية حول هذه المسائل، ولكن لا يوجد شيء اسمه حضور أو غياب الدولة اللبنانية ولا يستطيع أحد إلغاء الدولة اللبنانية أيا يكن.

س- توجد دولة هذا صحيح، ولكنها ليست قوية وقادرة؟
ج- لا بأس ولكن يجب أن نعمل على أن تكون قوية وقادرة. لقد قلت في مقدمة حديثك بأني أنطلق الى الأوسع في كتاباتي وتحليلاتي ، وفي النهاية أعود وأترشّح في بيروت الثانية، هذا صحيح، لأن كل ما تعلمته بالكتابة وبالتحليل وبالنظرة الأوسع، أعلنته من بيروت وأعلنته من الصيغة اللبنانية التي تحوي الكثير من المحاسن والفضائل والتي ننساها كل يوم . الصيغة اللبنانية ، صيغة عظيمة وهي نور في منطقة مظلمة، فيها حرية التعبير عن الرأي ، فيها هذه الإذاعة التي بلغت من العمر 33 سنة، وفيها وسائل إعلام مؤثرة في كل العالم العربي، وتكاد تكون مؤثرة في العالم الغربي، وفيها صحف عمرها أكثر من مئة سنة، وفيها صحافيين كبار وسياسيين محترمين ورصينين وجديين، وأيضا فيها بالإنتخابات تنشر المراهقة السياسية، عند الكثير من الأطراف الذين يهدّدون كثيرا بأن لون السماء سيتغير، ولون الأرض سيتبدل، هذا كلام إنتخابي يعرف قائله أنه ليس جديا، ولكن هذه الوسيلة الوحيدة لاستنفار جمهور بحاجة الى هذا النوع من الكلام الكبير.

س- هل مازال هناك متسعا لحديث العقل؟
ج- تجربتي منذ أربع سنوات حتى الآن تدل، ان هناك مكانا كبيرا وأنه لا يزال هناك مناعة لبنانية كبرى، بالصيغة اللبنانية وليس بالدولة اللبنانية، ولا يزال هناك خير كثير بالأرض اللبنانية، ولا يزال هناك عقل واسع وقادر ومتمكن، بين كل اللبنانيين في الداخل وفي الخارج. وسأعطي إشارة حتى لو كانت مالية، ولكنها تعطي فكرة عن قدرة اللبنانيين على تحقيق نجاحهم بكل الأمكنة وفي كل مجال.

لقد حوّل اللبنانيون من الخارج الى لبنان السنة الماضية سبعة مليارات دولار، بينما مصر التي تُعد 80 مليون نسمة حوّل مواطنيها في الخارج أربعة مليارات دولار، كذلك السوريين 25 مليون نسمة حوّل مواطنيها ما يزيد عن المليار بقليل.

إذاً هذا دليل نجاح هذه الصيغة، لا ننسى أن لبنان خرج منه ناس أميين حققوا ثروات كبرى ونجاح كبير، هذا ليس بسبب انهم أشطر من غيرهم، ولكن لأنهم جديين أكثر من غيرهم، ومتابعين أكثر من غيرهم ومثابرين وصابرين أكثر من غيرهم. كذلك علّمتهم الصيغة الإبتكار وأن يبتكروا كل يوم جديد، وكل يوم يفتشوا عن شيء جديد، وان يسعوا كل يوم.

اليوم في عجقة الإنتخابات، أو قبل عجقة الإنتخابات منذ أربع سنوات حتى اليوم، هناك من يحاول أن يقول لنا ان هذا الشيء غير موجود، ولكن أنا أقول انه موجود وحي وقادر ومثابر وصامد ، وليس صحيحا انه لا مكان للعقل أو لا مكان للإعتدال.

على كل حال، الإنتخابات آتية وستظهر نتائجها، وأنا برأيي ان النتائج ستكون متقاربة، ولكن لصالح الأكثرية، وليس لصالح المعارضة، بمعنى الأكثرية بما تضم أيضا من حلفاء ليسوا ملتزمين للكتل، أو للوائح التي أُنتخبوا على أساسها ، مثل الرئيس نجيب ميقاتي أو الاستاذ احمد كرامي أو فلان أو فلان.

س- ما رأيك بما قالته السيدة معلوف عن بلدة زحلة، ورد رئيس بلدية زحلة على هذه الرسالة التي انتقدت أن تتذكر زحلة اليوم فقط الشاعر سعيد عقل بسبب الجو الإنتخابي؟
ج- أنا أريد إبداء رأيي فقط بسبب محبتي لزحلة، وأعتقد ان ما تفضّل به رئيس بلدية زحلة، فيه القليل من اللغة الزحلاوية، حتى لو كانت لهجة خطاب السيدة سلوى المعلوف ليست لطيفة، ولكن من يملك الدوحة المعلوفية وعنده سعيد عقل وغيرهم وغيرهم، فهذا تكريم لزحلة وليس دعما لشعراء ، ودعم الشعراء هو تكريم لزحلة وتكريم لهذه المدينة العظيمة التي أنجبت شعراءا كبارا ، والتي تأثر بها شعراء العرب وكتبوا عنها. وباعتقادي ان كل بيوت زحلة هي قصور للثقافة، وليس بالضرورة أن يكون هذا هو قصر الثقافة ، وبالتأكيد الشاعر سعيد عقل جدير بتسمية مركز باسمه وأيا كانت أهميته ، والدوحة المعلوفية تستاهل مركز وأكثر ، وكل الشعراء الزحلاويين والأدباء جديرين بكل المراكز، وبالتالي أتمنى أن يكون صدر رئيس بلدية زحلة رحبا في هذه المسائل وأن لا يعتبر هذا الأمر يتعلق بالسياسة، لأن هذا الشاعر أكبر بكثير من السياسة، لأن السياسة تذهب وتتبدّل، ولكن الشعراء هم الذين يبقون ، ومن يعمل بالسياسة لا يبقى منهم الكثير. لذلك أتمنى عليك باحضرة الرئيس أن يكون صدرك رحب وأن لا تأخذ الأمور الى السياسة، أنت صدرك واسع ويتسع للجميع ولكل الشعراء ولكل الدوحات.

زحلة مدينة عظيمة بكل نواحيها، ليس فقظ بشعرائها. وقد كنت في زيارة لزحلة الاسبوع الماضي، وقد تأثرت بهذه المدينة التي دائما منوّرة رغم كل ما حصل ، وهي من المدن القليلة التي تعبّر عن الأكثر مناعة والأكثر قدرة على إعادة الإعمار النفسي والعمراني.

س- قوى 14 آذار المتحالفة ، قوى 8 آذار المتفاهمة والقوى المستقلة قيد التداول، برأيك أي لبنان تطرح هذه القوى، وأي لبنان تريد هذه القوى؟
ج- لكل منهم وجهة نظر خاصة به، بكيفية إدارة السياسة اللبنانية، ولكن أنا استطيع أن أؤكد حتى عن المعارضة انه لا خيار لهم سوى لبنان ، والأكثرية بطبيعة الحال نفس الشيء.

لذلك أعود وأقول لا يجب المبالغة بأن البحث هو عن لبنان، ولكن بالحقيقة البحث هو عن أي سياسة نتبعها في لبنان. وهناك خلاف على الجانب السياسي، وليس على وجود لبنان أو عدم وجوده، أوعلى ان هذه الجهة تريد ان تحكم لبنان أكثر من تلك الجهة. هذا الكلام غير صحيح، ولذلك لا يجب وضع الوطن في مكان الإنذار أو مكان الخطر ،النقاش هو حول سياسة الدولة وليس حول مصير الوطن .

س- ماذا يريد كل فريق وماهي الخيارات السياسية التي يطرحها كل فريق ؟
ج- اولاً يجب تحديد نقاط الخلاف الرئيسية بدون الذهاب الى التفاصيل الإضافية .
هناك خلاف وهناك ثلاث نقاط استراتيجية في هذا الخلاف، ظهرت خلال السنوات الأربع .
النقطة الاولى: هي المحكمة الدولية
النقطة الثانية :هي سلاح المقاومة
النقطة الثالثة : آلية النظام

أنا أعتقد ان هذه هي العناوين الاستراتيجية، اما كلام المراهقة السياسية عن حرب كونية على فلان ، أو ان المشروع الاميركي الذي يدعم هذه الجهة لا يدعم تلك الجهة .
اولاً: الآن لا يوجد مشروع اميركي يستأهل يدعم او يؤثر . المشروع الاأميركي فشل منذ زمن بالسياسة بالمنطقة، وما حققه في لبنان لايستاهل الدور الذي يعطى للسياسة الاميركية، ما تحقق في لبنان فعلاً أن الادارة الاميركية السابقة ساعدت على تحقيق المحكمة الدولية، اما في باقي الأمور فساعدت على كل الاخطاء التي حدثت من الجهتين، هي شجعت كل الأطراف على ارتكاب المزيد من الاخطاء ، ولكن باعتقادي لا يوجد عاقل في السياسة اللبنانية، واليوم ما شاء الله قوى في 14 اذار هناك نسبة عاليه من التعقل بمسألة السياسة الدولية، وهم يعرفون ان السير وراء السياسة الأميركية لا يوصل الى مكان، واننا نحن جزء من هذه المنطقة، وتعاملنا مع دول المنطقة هو الطبيعي، وان أفكارنا المتعلقة بالمنطقة هي الطبيعية أكثر، وان السياسة الاميركية اذا كانت لا تملك حل شامل وواسع لأزمة المنطقة الرئيسية، فكل الباقي تفاصيل لايؤثر ولا يقدّم ولا يؤخر، نحن نتأثر بالعلاقات الأميركية مع إيران، وبالعلاقات الأميركية ربما مع دول أخرى، ولكن عنصر التأثير شيء، وقدرة الإدارة الأميركية على التأثير على السياسيين اللبنانيين، أو على السياسة اللبنانية، أعتقد انه محدود جدا جداً، وأنا أستطيع ان أتحدث عن تجربة مع سعد الحريري، أو مع وليد جنبلاط مع حفظ الالقاب، وأستطيع ان أكشف حواراً حصل بين الشيخ سعد الحريري في شهر أيار، عندما أتت السفيرة الأميركية لتسأله ماذا باستطاعتنا ان نفعل؟ فقال لها ” اذا كانت الإدارة الأميركية آتية لتسألني ان ماذا باستطاعتها ان تفعل، فأنا أفضّل تماماً ان لا تقوموا بأي شيء”، وهذا فعلاً يعبّر عن مدى تأثير السياسة الأميركية أو الإدارة الأميركية في هذه المسألة . وبالتالي كل هذه مبالغات سابقة للإنتخابات ولاحقاً في الأنتخابات. المشروع الأميركي انتهى سنة 2003 عندما دخل الجيش الاميركي الى العراق، وعندما أصبحوا على الأرض، اصبحوا جزءاً من صراع لا يستطيعون إدارته ، وليس لا يستطيعون ان يربحوه فقط، واستكمل هذا الأمر ايضاً بحرب تموز، لأنه بالفعل صمود المقاومة كل هذه الفترة أثبت أكثر وأكثر ان كل الأفكار التي ممكن ان تكون مجنونة عند الإدارة الأميركية، أو عند الحكومة الإسرائيلية السابقة واللاحقة ، لا توصل الى نتيجة جدية ولا تحمي لبنان، ولا تحمي سياسته ولا تحمي سياسييه ، لذلك يكفي اليوم المبالغة بأدوار غير موجودة وغير جدية، وما من شخص يقرأ أكثر من صحيفة يستطيع ان يصدّق ان المشروع الأميركي ممكن ان يوصل أي كان الى بر الامان ، يعني اذا اجتمعوا عند الست نايلة في البيت وتحدثوا مع نائب الرئيس الأميركي، أنا متأكد ان أكثرية الموجودين كانوا يستمعون، ودعيني أقول ليسوا على ثقة بكل ما يسمعونه .

كل هذه شكليات دبلوماسية ليس لها مفعول جدي في السياسة اللبنانية، ولا تؤدي الى أي مكان .
نحن نعيش في منطقة، وزير الخارجية السوري والسفير السوري في واشنطن والرئيس السوري يتحدث دائما، عن ضرورة رعاية الولايات المتحدة لحوار مباشر بين سوريا وبين إسرائيل، أنا لا أقول هذا الكلام من باب الإعتراض، انما من باب المقارنة، فهل هذا الكلام حلال، ولقاء سياسي لبناني بالسفيرة الأميركية أو بأحد المسؤولين الأميركيين حرام ؟.

انا ذهبت مرتين الى واشنطن منذ العام 2005 حتى اليوم، وأستطيع القول اني رجعت أقل اقتناعاً وأقل ثقة وأكثر معرفة، بامكانية أي إدارة أميركية ان تقدّم أي شيء لدولة مثل لبنان.

س- كيف تترجم زيارة نائب الرئيس الأميركي الى لبنان ؟
ج- زيارة رمزية يقصد منها تعزيز المسار الديموقراطي في لبنان، ولكنها رمزية. ولكن نحن حريصون على المسار الديموقراطي أكثر من الإدارة الأميركية، ونحن دولة لا تعيش معزولة، لأننا دولة منفتحة على العلاقات مع جميع الدول، ونسمع لهم ويستمعون الينا، ولكن هذا لا يعني انهم يستطيعون ان يقرروا نيابة عنا .
على كل حال اذا قرروا عنا في أمر ما، فسيكون هذا خطأ كبير. وان حسب تجربتي ومعرفتي من السياسيين اللبنانيين، على الأقل خلال أربع سنوات الماضية انه مامن واحد منهم يراهن على السياسة الأميركية لكي تحقق له اي أمر .

س- البعض يسأل هل لبنان مازال أولوية في السياسة الاميركية والدولية ؟
ج- أولوية أين ولماذا ؟

س- ربما لدعم استقراره ؟
ج- لبنان في وضع جيد، ولبنان مستفيد من الإنفتاح العربي، ومن الإنفتاح الدولي على سوريا ، ومستفيد من الإنفتاح بقرار الحوار في الإدارة الأميركية تجاه إيران، وبالتالي لبنان مستفيد من كل هذه العناصر لكي يحقق شيء من الهدوء والاستقرار، وفعلاً هذا الأمر محقق، فاذا كنا سنصدّق كل الكلام الذي نسمعه ، لكان هاجر نصف اللبنانيين بالأمس .

س- وماذا عن الدعم الاستثنائي للرئيس سليمان، وكلام “حزب الله” عن زيارة بايدن ورفضها؟
ج- هذا أمر رمزي ليس له مفعول جدي وتنفيذي، هذه مسألة رمزية جيدة لا تضر، ولكن بالتأكيد ليس لها أي مفعول تنفيذي، ماذا يعني ان الإدارة الأميركية قررت دعم رئيس الجمهورية؟ هذا عظيم، ونحن ايضا ندعم الرئيس سليمان، ولكن بالتأكيد دعمنا له يحقق له أكثر بكثير من الدعم الأميركي، ولكن ايضاً كلام “حزب الله” عن هذه المسألة كلام قديم، كلام له علاقة بالافتراض بان أي مسؤول أميركي يحضر الى لبنان قادر ان يفعل وان يغيّر السياسات، ولكن هذا الكلام ليس صحيحاً، والمسألة انتهت من زمان ، اليوم لا يوجد أحد عقله صغير او انه لم يجرّب هذه الأمور، لقد جرّبنا كل هذه المسائل ما الذي تغيّر فيها؟ .

أنا لم أكن ولا مرة موافقاً على ان هناك قدرة عملية للسياسة الأميركية، على تحقيق أي شيء في لبنان، ربما غير المزيد من الاخطاء .

أنا سمعت نقلاً عن مسؤول أميركي كبير، وهو ليس نائب الرئيس الأميركي سمعت كلاما يتعلق بـ”حزب الله” تحديداً وهو زار لبنان عدّة مرات، وهو الجنرال باتريوس وأعتقد ان المصدر الذي سمعت منه هذا الكلام وثيق الصلة، سمعت ان باتريوس طلب من القيادات اللبنانية التي قابلها وهي قلّة، أعتقد رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة ووزير الدفاع طلب منهم وقف الحديث عن نزع سلاح “حزب الله” لأن هذا الكلام يضر بالاستقرار الداخلي من جهة، ومن جهة ثانية هذا ليس دور اللبنانيين ولا ضمن قدراتهم، ولا يجوز الحديث عن هذا الموضوع اذا كانوا حريصون على الدولة وعلى مؤسساتها .

أنا عندما سمعت هذا الكلام كدت ان لا أصدقه، ولكن بعد التدقيق مع أكثر من مصدر تبين لي ان هذا الأمر صحيح .

إذاً يجب علينا الآن الكف عن تكبير الأمور حتى نبني عليها سياسة، وكأن هذا الأمر حدث ويبنى عليه، أنا أقول ان هذا الأمر لم يحدث ولا يبنى عليه، وكل زيارة لها قيمة رمزية معنوية فقط لا غير، وأي وصف آخر هو وصف خاطىء.

س- وماذا عن زيارة لافروف غداً؟
ج- هذه ليست أول زيارة للافروف وليست أول زيارة لمسؤول روسي كبير .

س- ولكن تأتي زيارة لافروف بعد تصريح سابق له حسم فيه نتيجة الإنتخابات ؟
ج- يستطيع أي محلل سياسي جدي في أي وزارة خارجية في العالم، ان يقول ان الإنتخابات ذاهبة بهذا الاتجاه او بالاتجاه الآخر ، هذا لايؤثر على طبيعة الإنتخابات ولا على نتائجها . وبالتالي أي لبناني هذا الذي ينتظر بايدن او لافروف لكي ينتخب او لا ينتخب ؟.

س- لكن لافروف كأنه حسم الإنتخابات للمعارضة او لـ”حزب الله” ؟
ج- أعتقد انه أراد ان يقول من هذا الكلام، ان فوز المعارضة لايعني مقاطعتها ، وبالتالي لا يحق لأي كان، ان يتحدث عن مقاطعة دولة لجهة ما فازت بانتخابات ديموقراطية .

س- لافروف ذكّر بتجربة “حماس” في الانتخابات ؟
ج- لكن من قال ان تجربة “حماس” ناجحة لكي يكرروها، تجربة “حماس” دليل فشل السياسة الدولية، وليست دليل فشل الشعب الفلسطيني، لأن هذا الشعب انتخب “حماس” سواء رضيت السياسة الدولية أم لم ترض، وتعاملت معه بطريقة سلبية غير منطقية وغير عاقلة، وانتهت بالتدمير الذي حدث في غزة، وبالتالي من يخطر له تكرار هذه التجربة أنا أستطيع ان أقول وعلى مسؤوليتي انه لايوجد عاقل ولا موزون ولا وطني لبناني، عنده استعداد لتكرار هذه التجربة سواء نجحت المعارضة أو نجحت الموالاة، مع العلم اني في حساباتي مع احترامي للافروف حساباتي البدائية ان الفرق سيكون صحيح عدّة نواب، ولكن لصالح الأكثرية وليس لصالح المعارضة .

س- البعض يعتبر بان هذا الصراع السياسي الإنتخابي ولو تظهّر تحت سقف تسوية الدوحة وأرضية الطائف، يحمل في كيانه ونتائجه تناقضات كيانية هذا البلد وضعف مناعته الوطنية ؟
ج- من هذا البعض الذي يحق له هذا الكلام، أنا أقول ان لبنان لايزال فيه نسبة عالية جداً جداً من المناعة أثبتها دائما، فقد بقي الجيش السوري 30 سنة في لبنان لم يستطع خلالها الغاء المناعة اللبنانية، واستمرت السياسة الأمنية السورية 30 سنة في لبنان، لم تستطع الغاء المناعة اللبنانية، هي قد تكون أثرت، ولكنها لم تستطع الغاء المناعة اللبنانية، فلو كان هناك جهة قادرة على الغاء المناعة اللبنانية منذ 1943 حتى اليوم، رغم كل الحروب التي وقعت لكانت ألغيت من زمان، على العكس أنا أرى ان المناعة اللبنانية جذورها في الارض عميقة جداً جداً جداً، والذي لا يعرف الصيغة اللبنانية أكيد هو طفل في السياسة عندما يقول لا توجد مناعة ، هذا النظام الذي حافظ على الإقتصاد الحر لمدة 40 سنة، والمصارف اليوم هي أقوى جهة مالية ويُشهد لها بأنها أربح جهة للإدارة المالية أو الهندسة المالية في المنطقة العربية، التي تحتوي ثروات نفطية وعلماء وأثرياء وأمراء وملوك .

س- لكن هذه المصارف وماذا عن بقية القطاعات ؟
ج- هذا قطاع من القطاعات الناجحة، وكذلك كل القطاعات اللبنانية الأهلية ناجحة بتفوّق، والمناعة اللبنانية لا تأتي من الإدارة الرسمية ، ايضاً بالنسبة لهذا التعميم بان كل الإدارة فاسدة وكل الأشخاص فاسدين، هذا ليس صحيحا، ففي الإدارة هناك أشخاص نزيهين وشرفاء ويؤدون خدمتهم وعملهم، والكلام عن فساد الإدارة يجرحهم ولكن لا يؤثر فيهم .

أنا عندي تجارب في هذ الموضوع تجربة 12 سنة في الإدارة، كنت في الداخل أراقب على الاقل.

س- اعطنا مثل ؟
ج – لا أريد ان أدخل في الأسماء، ولكن بالتأكيد في كل إدارة هناك أشخاص شرفاء ونزيهين وقادرين وقابلين ومعترفين ومصرين ان يؤدوا خدمتهم للمواطنين بشكل طبيعي .

لا يستطيع إحد اتهام جهاز بكامله أو شعب بكامله، هذه ايضاً من المبالغات الكلامية. ماهذا الكلام؟ كل الصحافيين مرتهنين سيئين، كل الموظفين فاسدين، هذا الكلام غير صحيح أبدا،ً فكل اللبنانيين بشكلهم العام أنجح شعب في المنطقة .

أنا أسمح لنفسي ان أقول ان الامير سلطان بن عبدالعزيز شفاه الله، في تموز الماضي كنت في السعودية واستقبلني وقال لي “لماذا تتصرفون مع أنفسكم بهذا الشكل، أنتم أكثر شعب مثقف في المنطقة وأكثر شعب عربي له علاقة بالحضارة والحداثة وبالعصرنة، ماذا يجري معكم حتى نراكم تتصرفون بهذا الشكل؟ فلو كنتم أميين وجهلة لكنا قلنا معقول ما تقومون به، ولكن كل هذا العلم وكل هذه الثقافة وبكل هذه القدرة، لماذا هذا التصرّف منكم؟” .

س- دعنا نناقش الأمور بالتدرج . عندما تقول قوى 14 أذار لبنان أولاً، وبالعبور الى الدولة المتوازنة داخليا والحيادية بين الصراعات العربية ؟
ج- حيادية بين الصراعات العربية؟ من قال هذا الكلام ومن استعمل هذا التعبير.

س- يعني اذا كان هناك صراع لنبقى على الحياد ؟
ج- هذه ايضاً طفولة سياسية .
يا ست وردة لبنان يقع على خط زلازل سياسية منذ قيامه وقبل قيامه من 1920 ومن 1860 ، لبنان كان دائما يقع على خط زلازل سياسي، ومع ذلك استمر وعاش ومجتمعه الأهلي قدّم أحسن خدمات للإستمرار، ابتكر واخترع وصمد وصبر واشتغل ونجح وربح وخرج الى الخارج.

هناك من يقول ان نسبة المهاجرين الشباب كبيرة، وان هذه مشكلة اولاً، صحيح ان الشباب هاجروا ولكن لبنان بلد هجره من العام 1860 ، لبنان بلد هجره لأنه لا يملك موارد طبيعية، وأصلاً لبنان عاش كل حياته وميزان مدفوعاته يعتمد على المغتربين، وبالتالي ايضاً كلما هاجرت كفاءة في مجال ما، يأتي مكانها كفاءة أكثر .

في وقت من الأوقات في عز الحرب كان الرئيس الحريري رحمه الله، يقول هذا البلد فيه مليون طالب، فهل توجد أي بلد عانت حرب أهلية، فيها مليون طالب يذهبون كل يوم الى مدارسهم وجامعاتهم، وأهلهم ينتظرون ذهابهم وعودتهم ؟.

س- برأيك أين أصبح هذا المليون اليوم ؟
ج- موجودون .

س- لكنهم أصبحوا في الخارج، أما للتعلم وإما انهم وظفوا كفاءاتهم في الخارج ؟
ج- قد يخرج ألف أو ألفين، ولكن في هذا الوقت يكون قد تخرّج غيرهم ويبحثون في سوق العمل .
سبب الهجرة ليس ضعف الدولة أو النظام، انما حقيقة أسباب الهجرة هي قلة الموارد الداخلية .

س- وقلّة الإستقرار ايضاً؟
ج- ابداً ابداً لأن الأستقرار لا يؤمن لمليوني لبناني فرص عمل ناجحة، هذه أعداد كبيرة من الكفاءات نحن نعتقد انها أمر طبيعي .

لكن لا يوجد أي بلد عربي فيه هذه النسبة العالية من الإنفتاح على الثقافات، بينما ترى اللبناني المتواضع الذي لم يبلغ بعد الأربعين يتقن ثلاث لغات، هذا الأمر غير موجود إلا عندنا في لبنان .
إذاً من يهاجر الى الخارج يتم تخريج واحد بدلاً عنه، ربما أحسن منه وربما مثله، ولكن كلما خرج عشرة خريجيين يتخرج تسعة غيرهم في البلد .

س- هذه الادمغة أمامها اليوم خيار سياسي بالإنتخابات، ماهو حجم درجة الوعي اليوم؟ وأعود وأكرر عندما تقول 14 آذار لبنان أولاً بينما 8 آذار وخاصة “حزب الله” دخل في محاور اقليمية ومتورط ايضاً في صراعات، مثلاً ما يحصل مع مصر هل يبقي الصراع داخلي في ضوء هذه الارتباطات؟ يعني في ضوء خطب ومواقف السيد نصرالله، آخر خطاب له وايضاً خطابات قادة “حزب الله” والعماد عون الذين لا يثقون بهذه الدولة الحالية القائمة ويطالبون بجمهورية ثالثة، بينما أنت قلت نحن في صيغة لبنانية فريدة من نوعها ؟
ج- الصيغة شيء والدولة شيء آخر، هم يتحدثون عن سياسة الدولة وليس انهم لايثقون بالدولة، هم يسعون لكي يكونوا الدولة وليس انهم لايريدون الدولة .

س- لكن من دون الإشارة الى نظام هذه الدولة ودستور الدولة الذي هو الطائف ؟
ج- أبداً عدّة مرات السيد نصرالله أكد على التزامه بالطائف، أما الجنرل عون فهذه مسألة ثانية، وأنا لا أعتقد انهما واحد في هذه المسألة، ويجب ان نكون واضحين .

الجنرال واعد الناس بالجنة، أنا أولاً أريد ان أقول من هنا، من هذه الاذاعة، أنا على صلة وثيقة به تاريخياً من العام 1989 حتى عشرة أشهر، وأنا أعرف الجنرال جيداً وناقشت معه كل العناوين، الجنرال عنده مشروع سياسي عنوانه بسيط جداً وبدائي يقول، انتم ايها المسيحيون مهمشون أنا أريد ان أسترد حقوقكم .

أولاً، ربما هناك تهميش له أسبابه وموجباته، ولكن لا أعتقد ان المسيحيين محرومين من حقوقهم، لذلك لا يجب المبالغة بالأوصاف، وكأنه كان لديهم شيء وأُخذ منهم .

س- اين هم المسيحيين اليوم ؟
ج – المسيحيون موجودون، أين سيذهبون فمنهم من هو موجود في السياسة، ومنهم من هو موجود في البلد .

س- ما الأمر الذي اضطر الجنرال عون لأن يقول يريد استرداد حقوق المسيحيين ؟
ج- لا شيء سوى لأنه يريد مخاطبة غرائزهم، ويريد أن يحدثهم عن ماضي لن يتكرر، وعن صيغة لم تعد موجودة، ويريد أن يقول لهم ان الطائف ظلم ، لأن الطائف لم يأت به في ذلك الحين الى رئاسة الجمهورية، دون أن يحدّد تماما ماذا يعني الطائف؟ وماذا تعني صلاحيات الرئاسة ؟ وماذا تعني حقوق المسيحيين؟

أولاً: كلمة حقوق هي استعمال إنتخابي سياسي لغرائز وليست مناقشة علمية ، الدستور لا يناقش بالغرائز، إنما يناقش بالنصوص وبالعلم، وهذه مسألة طبيعتها مختلفة تماما.

أنا ناقشت أصدقاء كثر من غلاة المؤيدين للجنرال عون، وهم وجهاء وأثرياء ودخلت معهم في مناقشات طويلة جدا، وقلت لهم لنفترض ان هناك تهميش لسبب أو لآخر ، لكن تعالوا فنقف على إسلوب العلاج، ولكن إسلوب العلاج الحالي هو أخذ المسيحيين الى مزيد من المشاكل والى مزيد من الإنحدار والغياب السياسي.

س- لماذا؟
ج- ماذا يعني التهميش؟ التهميش هو عدم إحساسهم بوجود زعيم صوته عالي يشتم، والجنرال منذ أن عاد الى لبنان ولا مرة قدّم خطاب سياسي عاقل ومتوازن موجّه الى كل اللبنانيين، بل كان دائما يقدم خطاب بأنه قادر على حماية المسيحيين ، ولكن مِن مَن سيحميهم. ومن هذا الذي يهجم عليهم؟ أنا أقول ان المسيحيين في لبنان عنوان للإستقرار وللطمأنينة وللحداثة وللعصرنة ولتنوّع الثقافات ، والمسيحيين ليسوا طائفة تحدي ولا يجوز وضع المسيحيين في لبنان ، في وضع طائفة التحدي، وعلى ماذا هذا التحدي؟ ولماذا؟.

س- أريد التركيز على كلمة العماد عون للمسيحيين أنا أستطيع حمايتكم هل تستطيع أن تقول لي ممن سيحميهم؟
ج- عندما تم توقيع مذكرة التفاهم بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” قمت بزيارة العماد عون، وقلت له أنا أتيت لأقول لك أني مع المذكرة ، وقد إستغرب في حينه لأنني الوحيد في ذلك العالم الذي كان مع المذكرة، في محيطي وبيئتي ومجموعتي السياسية. على كل حال قلت له أنا مع المذكرة لسببين:
السبب الأول: اني لا أريد بالصياغة السياسية اللبنانية أن يكون “حزب الله” بمفرده محشورا في الزاوية، وهذا يضطره لتصرفات عنفية بشكل أو بآخر، وتحالفه معك يشعره انه اصبح جزءا من اللعبة السياسية الطبيعية.

السبب الثاني: ما حدث من جنون سلفي متخلف عندما هاجموا السفارة الدانماركية، ما من شك ان هذه المذكرة تحقق شيء من الإطمئنان.

وأضفت قائلا له: ولكن هذه المذكرة يادولة الرئيس اذا بقيث ثنائية ستتحول الى مشروع نزاع ، أما إذا انفتحت على أطراف أخرى تصبح مشروع وطني لبناني.

المسيحيين في لبنان أعود وأقول ليسوا طائفة تحدي، وليسوا طائفة إصطفاف، وليسوا طائفة إصطفاف إقليمي ايضا.

لقد تمت هذه التجربة في السابق عندما كان الرئيس بشير الجميل رحمه الله، صليب المسيحيين لكي لا أقول سيفهم المسلول، وكان رفعت الاسد أقوى شخصية في النظام السوري ، تحالفوا على قاعدة الاقليات فأين انتهى هذا المشروع واين أصبحا؟ هذا الذي حصل من جراء هذه التجربة ألا يقرأه الناس وألا يعرفوا ان هذه التجربة تتكرر في المكان الخطأ.

لأول مرة في سوريا منذ سنة 1970 تستعمل الأقليات السورية في النزاع اللبناني حيث يُستقبل العماد عون على انه زعيم مسيحي، ويُستقبل الأمير طلال إرسلان في جبل الدروز على انه زعيم درزي معارض ، كذلك إستقبل وئام وهاب على انه زعيم درزي معارض ، دون أن نتنبه ان هذه المسألة لم تُقر منذ 37 سنة في النظام السوري. فكيف الآن تأتي أقلية سورية لتصبح جزءا من الصراع اللبناني. إذاً نحن نُدخل أنفسنا أكثر وأكثر في سياسة لن تؤدي إلا الى الخراب، وأعود وأكرر المسيحيين في لبنان عنصر استقرار وطمأنينة وإنفتاح ثقافي وعصرنة، وهم الحرية في لبنان، هذا البلد بفضائله ومزاياه وحسناته ، طبعا فيه سيئات ولكن كل هذه الفضائل والحسنات والميزات، صنعت وتربت ونشأت وتعمقت وصار لها جذور بواسطة المسيحيين، وبسبب المسيحيين وليس بسبب كل اللبنانيين.

س- لكن في هذا السياق الوزير سليمان فرنجية وقبله العماد عون قالا ان سوريا حامية المسيحيين والأقليات في لبنان؟
ج- أنا لا أمانع في ذلك، ومن قال اني لا أريد من سوريا ان تحمي الأقليات في لبنان، إنما تحميهم بالتعقل وتحميهم بحثّهم على مزيد من الإندماج، وتحميهم بدون أوهام عن حقوق غير متوفرة . أنا لا أعترض على أن تحميهم سوريا، ولكن هم ليسوا بحاجة الى حماية، والحماية يجب أن تكون نابعة من الذات، من القيادة السياسية التي تأخذ الناس الى الخيار السياسي السليم. أنا عندما أقول ان سوريا تحمي الأقليات هذا جيد، ولكن ما الذي تستطيع إيران تأمينه للمسيحيين في لبنان؟.

س- هل سألت الجنرال عون عن هذا الموضوع وبماذا أجابك؟
ج- أنا لا أريد الخوض في أبعد مما ذكرته.

س- عندما ناقشته في وثيقة التفاهم هل سألته عن هذا الموضوع؟
ج- أنا قلت رأيي وسمعت رأيه وتناقشنا طويلا في هذا الموضوع ، موضوع المذكرة، وأنا كتبت عن هذا الموضوع مؤيدا، ولكن ما أريد أن اقول شيء آخر.

أنا لا أعترض على حماية أي جهة للمسيحيين، انا موافق وأتمنى ، ولكن يجب أن لا تأخذهم هذه الجهة الى خيار لمواجهة الأكثرية العربية، أو الى خيار مخالف لسياستهم ولطبيعتهم، لا يجوز أن يتحول المسيحيين الى عنصر من عناصر المواجهة الأقليمية حتى لو كانوا سيربحون هذا الربح سيكون مؤقتا، قد يعيش سنة وسنتين أو ثلاثة ، ولكن ماذا بعد؟ لم يربح أحد بقدر ما ربح بشير الجميل ، ولم يربح أحد بقدر ما ربح رفعت الأسد، ولكن أين انتهوا، يجب أن يكون الإنسان عاقل ومتبصر.

سأقول أكثر من ذلك، هل من المعقول ان يكون البطريرك صفير أطال الله بعمره، مخطئا طوال 30 سنة وأن ما يقوله طوال هذه السنوات هواية؟ أن ما يقوله البطريرك صفير هو عنصر استقرار طبيعي ، وقد سمعت من رجل دين مسيحي منذ أيام ، كلام عن مساوئ قانون الستين، وانه إرتكبنا خطأ فيه ويجب العودة الى التفكير بالنسبية لنرى ماذا سنفعل.

لذلك لا بد وان يوجد من يتبصر هذه الأمور والى أين هي ذاهبة، لا يوجد صراع إسلامي- مسيحي على السلطة، فهناك إتفاق الطائف الموجود وميزانه دقيق جدا. وإذا كان هناك نقاش حول تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية في وقت من الأوقات، يجب أن يتم هذا الأمر أولاً بعد تطبيق إتفاق الطائف، والنظر في حسناته وفي عوراته ، مع العلم انه اتفاق دقيق جدا باعطائه كل الطوائف اللبنانية، وخاصة الأقليات حقوق دقيقة جدا جدا، لا يريد أحد الإعتراف بها. هناك أمور تغيّرت في البلد، وصلنـا بعدها الى إتفاق الطائف، لذلك فلنطبق هذا الإتفاق أولاً.

س- أين هو الطائف اليوم، خاصة واننا نسمع اليوم موقف في 14 آذار بضرورة التمسك به، ونسمع موقف آخر من 8 آذار باستمرار مفاعيل اتفاق الدوحة مهما كانت نتائج الإنتخابات؟
ج- تسوية الدوحة هي تسوية الضرورة ، وليست تسوية سياسية ولا التسوية الأفضل، وهي تمت نتيجة عمل عسكري مجرم بحق بيروت، وإتفاق الدوحة اتفاق ضرورة إثمر نتيجتين إيجابيتين مؤكدتين:
الأولى: إنتخاب رئيس جمهورية وسد الفراغ، والرئيس سليمان أثبت في سنته الأولى انه متوازن وعاقل ومتفهم ومعتدل وقادر على رؤية الأخر بعينين وليس بواحدة.

النتيجة الإيجابية الثانية: انهم اتفقوا على انه لا استعمال للسلاح في أي نزاع سياسي داخلي .أما الأمور الأخرى في اتفاق الدوحة فكانت كلها ظالمة.

الظلم الأول هو قانون الستين الذي وضع الناس في كرنتينا، في محجر سياسي وعلّب كل قرية بعلبة إنـتخابية، وأكتشف الناس انهم فقط علب حتى ليست طوائف أصغر من طوائف، ويكفي ان عمر هذا القانون حتى الآن 49 سنة لكي نقول انه قانون من الماضي. أنا لا أريد أن أكرر أنني مع قانون النسبية بدوائر متوسطة الذي هو صياغة لبنانية طبيعية.

الأمر الثاني الخطأ الكبير هو الثلث المعطّل الذي لا علاقة له لا بالديموقراطية، ولا بلبنان ولا بأي مفهوم. دعينا نناقش هذا الأمر بدقة أكثر. الثلث المعطّل لماذا وُضع؟ الثلث المعطّل وُضع كضمانة لسلاح المقاومة، كما قرأته أنا، ولكن لم أستطع ولا مرة أن أقرأه على انه لتعيين مدير عام أو لتعيين موظف.

نحن نسينا قواعد الأصول بأن التوزيع السياسي للقوى في البلد وسياسة الحكومة تُقر في مجلس النواب ، هذا هو الأمر الطبيعي والصح وهذه السياسة تنفذها الحكومة. أما إذا كان العشرة الرئيسيين الذين إجتمعوا على طاولة الحوار يريدون تشكيل الحكومة، فلماذا إجراء الإنتخابات؟ وبالتالي لا ضرورة للأكثرية ولا للأقلية، فليجلسوا بدون أن ينتخب الناس وبدون أن يكون لهم رأيهم.

سأقول أكثر من ذلك، هناك إجماع لبناني رغم كل المراهقة الثورية عند الإخوان، هناك إجماع لبناني على ان سلاح المقاومة موضوع في دائرة الحوار المطمئن الراغب في استمرار السلاح، لاستراتيجية دفاعية وهذا الأمر يعني ان هذا السلاح لاستراتيجية دفاعية في وجه إسرائيل، والإنتخابات الإسرائيلية ومساعي التسوية في المنطقة والسلم في المنطقة، يؤكد أكثر فأكثر بأن هذا السلاح يجب أن يبقى، ويجب أن يكون موجها لإسرائيل ومفيدا للبنانيين في استراتيجيتهم الدفاعية، ولكن هل هذا الأمر يحتاج الى ثلث معطّل؟ إذا كان هذا الأمر يحتاج الى ثلث معطّل أنا من الثلث المعطّل.

س- ولكن هذا بحاجة لحوار فأين الحوار؟
ج- الحوار مستمر.

س- ولكن تعطّل؟
ج- هو توقف ولكن بعد الإنتخابات سنرجع ولكن ما هي المعايير للثلث المعطّل؟ هل الوطنية والعروبة والعداء لإسرائيل، هذا جيد، ولكن هذه الأمور لا يحق لأحد أن يعطي شهادات فيها، أنا من الثلث المعطّل . أنا قضيت نصف عمري بالدفاع عن القضية الفلسطينية وإلتزام المسألة القومية، لكن إذا كان الثلث المعطّل من أجل موظفي الدولة، أو من أجل تعيين حاجب أو لانه لم يعجبك محافظ بيروت، فلا للثلث المعطّل. الثلث المعطّل ليس شهادة تنالها من هذه الجهة أو تلك الجهة، هذه مسألة وطنية وقومية لا يستطيع احد أن يزايد على أحد فيها.

س- لقد تحدثت عن سلاح المقاومة وتحدث عن الدولة القادرة والقوية ، لكن هذه المقاومة حتى اليوم لا ترضى بوضع سلاحها في كنف الشرعية أو الحوار حوله أو حتى تقديم ورقة لاستراتيجية دفاعية؟
ج- هذه مسألة قدّموها وهي خاضعة للمناقشة، فدعينا لا نضيّع الثوابت ، لكن من جهتي على الأقل ومن جهة السياسيين أو الجو السياسي أو من جهة جمهور رفيق الحريري لكي لا أحمّل “تيار المستقبل” قرار من هذا النوع. من هذه الجهات كلها ومن الجو السياسي العربي والدولي، سلاح المقاومة هذا يجب ان يكون متوفرا ومحميا سياسيا ، ولكن في إطار دولة تضمن الجميع. لا يمكن أن يعيش الناس في نظام المقاومة والناس لا تجمعها إلا الدولة ، فكرة الدولة، قواعد الدولة ، النظام العام، المؤسسات هي التي تجمع كل الناس، وبالتالي لا بد من إبتكار صيغة لبنانية تحفظ هذا السلاح في ضمن إطار دولة حاضنة للجميع.

س- لماذا لا يصدّق “حزب الله” هذا الكلام؟
ج- سيأتي يوم وسيصدقه أولا ، وثانيا هذه ليست حالة عاطفية لكي نقول نثق أو لا نثق، هذه المسألة لها قواعدها وثوابتها ونصوص تحمي أو تعرّض .

س- من يتحكم بسلاح “حزب الله”؟
ج- أنا أريد أن أتكلم وأحملهم مسؤولية على انهم تنظيم لبناني له تبعية دينية خارجية ، ولكن هذا التنظيم اللبناني قام بعمل جيد وجدي في عام 2000 عندما تحررت الأرض اللبنانية، وقام بصمود عظيم في حرب تموز 2006 رغم رأي الإخوان في 14 آذار ، وأنا كنت أقول هذا الكلام كتابة وشفاهة، والآن أعود وأقول رأيي الشخصي : ان هذا السلاح يجب أن يبقى موجها نحو العدو الإسرائيلي، وهذا السلاح يجب أن يكون في إطار دولة حاضنة لجميع اللبنانيين وحامية للمكتسبات التي يمكن لهذا السلاح أن يحققها. أما إستعمال هذا السلاح لحكم مئة دولة أو لتوجيهه لتنظيف اللبنانيين من أوساخ القرارات التي إتخذت في 5 أيار، فهذا يُفقد كل رمزية هذا السلاح ويفقد معناه ، الذي أنا واحد من الناس الذين قاتلوا سياسيا في سبيل دوره، وفي سبيل صموده وفي سبيل ما تحقق عام 2000.

وأعود وأقول إذا كان يقصد بالثلث المعطّل حماية سلاح المقاومة ضمن دولة لبنانية حاضنة للجميع، فأنا ثلث معطّل. هذه المقاومة لم تبدأ بالأمس ولن تنتهي غدا، والمقاومة لم تبدأ بـ”حماس” ولن تنتهي بـ”حماس”، والمقاومة لم تبدأ بـ”حزب الله” ولن تنتهي مع “حزب الله” هذه المقاومة مستمرة منذ سنة 1943 ، وهناك دول قاتلت وناس قاتلت ودفعوا الثمن، لذلك لا يجوز اختصار التاريخ بثلاث سنوات.

س- صديقك الأستاذ بري يرفض الإعتراف أو القول بالمثالثة، ويعتبرها تهمة لا بل فتنة داخلية، ولكن الآخرين وهو معهم يصرون على هذا الثلث المعطّل الذي تتحدث عنه وعلى الديموقراطية التوافقية بالتصويت؟
ج- أنا لم أسمع منه أنه مُصر، ولكن إذا كان هذا الأمر صحيح، انا سأعلّق على هذه المسألة باعتباري اني أناقش وليس في معرض الرد على الرئيس بري ، لأني لم أسمع منه هذا الكلام. الديموقراطية التوافقية نص دستوري موجود في العالم ولكن يجب معرفة لماذا وضع هذا النص لقد وضع لدول فيها أعراق وأجناس ولغات مختلفة مثل سويسرا، وليس لدولة مثل لبنان فيها أربع ملايين نسمة يتكلمون لغة واحدة ويعيشون في بلد واحد وثقافتهم واحدة. الكلام عن الديموقراطية التوافقية هو استعمال لصياغة لا علاقة لها بلبنان هذا أولاً.

ثانيا: أنا لم أسمع تأكيدا وإصرارا ولا عودة عن الثلث الضامن أوالمعطّل من الرئيس بري ، لكن إذا كان الرئيس بري قال هذا الكلام، فأنا أقول ما حدث في 7 أيار وما تلاه من إتفاق الدوحة، أو إتفاق الضرورة سياسيا، أنا ومن أمثل لن يتكرر أيا كان الثمن، فلن نوقّع على أي تنازل سياسي أو نوقّع على مخالفة دستورية ، والرئيس بري يعرف أكثر من غيره وهو استاذنا في هذا الموضوع، ان الثلث المعطّل لا علاقة له بالدستور لا من قريب ولا من بعيد.

س- هل ممكن الوصول الى الإحتكام للديموقرطية العددية؟
ج- أصلاً نحن نحتكم الى قانون إنتخابات فيه أكثرية وأقلية، وبالتالي أي عدد هذا والعدد لمن.

س- الطائف قال خمسين بـ خمسين وتوقف العدد والمتمسكين بتسوية الدوحة؟
ج- لا علاقة للطائف بتسوية الدوحة التي هي إتفاق ضرورة مؤقت لتثبيت السلم الأهلي، وإنتخاب رئيس جمهورية وإجراء إنتخابات نيابية، وعلى هذا الشيء يبنى ما تبقى.

لا يمكن اعتبار إتفاق الدوحة هو دستور للبلد، لأن دستور البلد بالتأكيد كما قال الشيخ سعد الحريري أخر مرة ، ان هذه المناصفة لا تحتمل الجدل لا من قريب ولا من بعيد ، هذه مسألة من فضائل لبنان فلماذا نريد أن نلغيها وسنلغيها لصالح أي منطق؟. لكن أيضا هذه المناصفة والطائف كانا من أجل المزيد من الحرية، والمزيد من المشاركة في الحياة السياسية، والمزيد من التصويت المشترك ومن أجل المزيد من المفاهيم المشتركة وليس من اجل العزل، لأن قانون الستين هذا هو قانون عزل وليس قانونا طبيعيا، الطائف ينص صراحة ومباشرة على إعادة النظر في التقسيمات الإدارية أو الإنتخابية، وان تأخذ هذه التقسيمات بعين الإعتبار المشاركة المتفهمة العاقلة الواعية.

س- الرئاسة الأولى والشراكة ماذا تقرأ في هذا السجال القائم حول الصلاحيات ودور رئيس الجمهورية؟
ج- أنا أقدّر ما قاله وليد بك الذي قال لا بد من تقرير صلاحيات رئيس الجمهورية، ولكن من ضمن الطائف.

س- أي صيغة تحفظ الطائف كدستور؟
ج- لا أحد يملك جواب مسبق، ولكن الواضح ان الاستاذ وليد عنده رغبة مسبقة ، هو لم يحدّد الإطار.

س- هذا يعني انه التقى هنا بالكلام مع الجنرال عون الذي يقول بصلاحيات رئيس الجمهورية؟
ج- الجنرال عون يريد من صلاحيات رئيس الجمهورية عنوان إنتخابي لاستثارة غرائز الناس، وليس لإيجاد حل سياسي موضوعي عاقل معتدل، له علاقة بالتوازنات الطبيعية في البلد.

س- ووليد جنبلاط؟
ج- الواضح ان وليد بك قصد أن يوحي بشيء من الإطمئنان الى إمكانية مناقشة هذا الأمر أو أوضح بأن لديه رغبة ، ليس لديه نص وليس لديه تعديل.

س- ماذا يقول الطائف كدستور في هذا الإطار بصلاحيات الرئيس ودور رئيس الجمهورية؟
ج- بالنسبة لي قراءتي دور رئيس الجمهورية صفة المؤتمن على الدستور، هي أكبر من أي صلاحيات، النزاع السياسي هو الذي أفقد هذه الصفة مضمونها الرمزي والفعلي.

في آخر جلسة لمجلس الوزراء حصل أمر بسيط جدا وهو انه وُضع جدول أعمال تم التصويت عليه، وبالتالي كيف يمكن أن يسمّى هذا الأمر بأنه خديعة؟ وكيف يعقل ان تكون خديعة مادام التصويت كان علنيا. أيضا من قال ان اتفاق الدوحة منع التصويت على تعيين موظفين؟ أيضا وأيضا يُقال التوافق على كل شيء، ليست هذه الإدارة العامة للبلاد؟

السياسة تقرر في مجلس النواب والحكومة تنفذ سياسة مجلس النواب، إذا كنا سننتظر لتأمين توافق على اسم المدير العام والحاجب والبواب ، فهذا يعني تعطيل للدولة وتعطيل لحياة الناس، وهل يعقل ايضا إذا أحد ما لم يعجبه اسم واحد من الموظفين أن يمنع التصويت وبالأساس هذا التصويت سقط، يعني مشروعك تحقق بسقوط التصويت في حين أنت لا تقبل بالتصويت كمبدأ.

س- وانسحاب وزير في وجه رئيس الجمهورية هل هذه بطولة؟
ج- أنا لم أتابع هذا التفصيل، ولا أعرف من هو الوزير الذي إنسحب.

س- وزير حركة “أمل” غازي زعيتر الذي إنسحب بسبب جدول الأعمال؟
ج- أنا ما قرأته ان الرئيس بري كان مُصرا على سلة متكاملة لكل التعيينات، وليس اعتراضا على التصويت.

س- ولماذا انتقلتا بموضوع المجلس الدستوري والتعيينات من الرقم 111 على جدول الأعمال الى أولوية؟
ج- أنا أعتقد انه من المعيب للبنانيين جميعا دون استثناء أن تجري الإنتخابات بدون مجلس دستوري ، فلذلك يجب إيجاد صياغة ولا يجوز ان يعجز اللبنانيين عن التفاهم وان يعتبروا التصويت جريمة، هذا لا يجوز انه جلد للذات.

س- هناك هجوم مباشر على أسماء محدّدة حاليا مرشحة للانتخابات ، ولكن ايضا هناك هجوم غير مباشر على الرئيس سليمان، ونلاحظ ان هناك حملة مبرمجة ضد محاولات تجميع نواب للرئيس، ولكن دعنا نتحدث أولاً عن الكتلة الوسطية المستقلة ، لماذا كانت الحملة على هذه الكتلة من قبل العماد عون أولاً وسائر قوى 8 آذار ؟
ج- ما يضحكني في هذه الحملة انها حملة لمنع الناس من انتخاب مرشّح، فلماذا لا نترك الناس تقرر إذا كانت تريد هذا المرشّح أو لا تريد.

أنت تعترض على رئيس جمهورية، هل وسائل ضغط الرئيس وإغضاقاته وعطاءاته هي التي تحقق للشخص المرشح النيابة، هذا غير صحيح. الناس هي التي تقرر إذا كانت تريد هذا المرشح، فإذا الناس قررت انها تريد هذا الشخص المرشّح وإنتخبته، وهو قرر أن يكون قريبا من رئيس الجمهورية فلا هذا ممنوع ولا هذا حرام.

كذلك هذه المبالغة ان الممثل الشرعي والوحيد، فليسمح لنا فيها وليترك الناس تقرر، أليس لديه ثقة بـأن الناس تريده، وانه هو الزعيم الأوحد ولا جدال حول سياسته وعظمته هذا جيد، ولكن لندع الناس هي التي تقرر.

س- وصلت الأمور مع الجنرال الى حد القول للناس انه تسرق منهم مقاعد؟
ج- هل يجوز هذا الكلام ، هل يجوز ان يُقال للناس انها تسرق وكيف تسرق ما دام هؤلاء الناس هم الذين ينتخبون، ألم يقر بقانون الإنتخاب ، وأليس هو وغيره من القيادات في المعارضة المسيحية طالبوا بهذا القانون، وبالتالي عليه أن يتحمل نتائجه وأن يترك الناس هي التي تقرر.

لنفترض انني أُنتخبت وقررت الوقوف بقرب رئيس الجمهورية بسياسته، هل يعني ذلك اني مسروق من سعد الحريري ومن “كتلة المستقبل” يوجد مرشحون يقولون انهم مرشحين للنيابة عن الأمة اللبنانية، ونحن نقرر أننا بعد الإنتخابات إذا وفقنا الله، نريد أن نكون قريبين من سياسة رئيس الجمهورية هذا ليس ممنوعا ولا حراما.

أيضا كيف يقول الجنرال انه يريد تعزيز صلاحيات الرئيس في وقت يلعن رغبة مرشح بالوقوف الى جانبه، وكيف يريد تعزيز صلاحيات الرئاسة وفي نفس الوقت بقوم بالغاء الرئيس.

س- هل من وعي كاف عند المواطن وعند الناخب انه مهما سمع من كلام هو ينتخب من يريد ومن يراه مناسبا للوطن؟ وهل ممكن الإنجراف وراء هذا الكلام؟
ج- أعتقد ان اللبنانيين دائما أكثر شعوب العالم تسييسا ، وبالتالي لايوجد إنجراف بل هناك نسبة تأييد لاتجاه أكثر من غيره ، هذا طبيعي، ولكن هذا المرشّح يُسقطه الناخب وليس التشهير برئيس الجمهورية.

س- لماذا يتلقى الرئيس سليمان سهام الإنتقاد والبعض منها مباشر وجارح ومشكّك بأدائه ونهجه، وأنت ذكرت النائب من “حزب الله” الذي قال ان الرئيس سليمان مرر علينا خديعة في مجلس الوزراء؟
ج- أنا لم أفهم ما هي الخديعة في التصويت ، والتصويت حق ونص موجود في الدستور ومُقر في مجلس الوزراء ، فلو كان التصويت ادى الى تعيين أي كان لا توافق عليه المعارضة كان يمكن أن نقول انه تمت المؤامرة.

وأنا أعتقد ان الذين اعترضوا من الموالاة ومن المعارضة، لأن حسب ما علمت فقط 14 وزيرا وافقوا على التعيينات من أصل 30 أي ان هناك 16 لم يوافقوا ، ليس فقط الثلث المعطّل ولكن هذا حق طبيعي. إذا كان تعيين المحافظ خديعة فهل نسمي البحث بالمجلس الدستوري مؤامرة دولية؟.

س- الى أين تقود هذه الحملة على رئيس الجمهورية؟
ج- الى لا مكان ستنتهي الإنتخابات وكل واحد يعرف ما له وما عليه، ويتصرف على هذا الأساس، وبالتالي هذه الحملة لا تؤمن شعبية، بالعكس، هي تصيب الرئاسة وتصيب رمزية الرئاسة وتصيب دور الرئاسة، أياً كان يقولون، نحن نصلي مع البطريرك على طريقته ولكن نختلف معه على السياسة، نحن نحترم الرئاسة ولكن نرفض تدخل الرئيس. أنا أسأل أين هذا التدخل وماذا يملك الرئيس من المرشحين غير وعد بالإستقرار؟.

س- الجنرال عون يريد من الرئيس سليمان أن يتدخل لرد الحملة عنه التي إتهمته بأنه سيطعن برئاسة الرئيس سليمان، والبعض يقول ان الجنرال عون وهناك وثائق ومتابعة للدوحة، انه قال تكون الإنتخابات الرئاسية لمرحلة انتقالية ودون ذكر الرئيس التوافقي؟
ج- الجنرال بإمكانه أن يقول ما يريد ولكن هذا لا يعني ان الآخرين سيلتزمون معه برأيه، هذا الذي كان في وقت من الأوقات ان هذه المسألة مؤقتة وهناك رأي آخر ، وأنا واحد من هذا الرأي ان هذه المسألة دائمة لن يخرج رئيس الجمهورية بساعة قبل الست سنوات، لأن هذا أهم عنصر لاستقرار الوضع في البلد، الرئاسة تستمر لمدة ست سنوات وهذه السنوات عندما تنتهي يحاسب سياسيا، وهذه المحاسبة السياسية مفتوحة عندنا دائما حول من أخطأ ومن أصاب.

س- برأيك في هذه المراهقة السياسية في العصفورية الإنتخابية سيكون هناك إقبال على الإنتخابات أم ان الناس مشمئزة وكفرت بالجميع؟
ج- أنا أعتقد انه سيكون هناك إقبالا واللبنانيين مسيسين لدرجة ان لديهم قدرة ورغبة للتعبير عن رأيهم في صندوق الإقتراع، وهذه فضيلة في النظام اللبناني. ويجب تذكير اللبنانيين بأنهم الوحيدين في المنطقة العربية الذين ينتخبون بحرية وبدون تزوير، ربما هناك تركيبات لوائح هذه تحصل في كل العالم، ولكن هذا تعبير عن رأي بأن تضع ورقة برأيك يوم الإنتخاب في صندوق الإقتراع.

إذا نظرنا من حولنا لا يوجد أي بلد في العالم العربي ينتخب بطريقة طبيعية، وبالتالي هذة نعمة لا يجوز ان نتخلى عنها أيا كان المرشّح.

س- لكن آخر إنتخابات في الكويت كانت لافتة وكان هناك إقبالا، وهذه ظاهرة لافتة في الكويت؟
ج- لقد أجريت حديثا مع صحيفة كويتية وقلت هذا الرأي، الظاهرة اللافتة بأن أربع سيدات أُنتخبن نوابا هذا شيء عظيم.

س- هل يمكن أن يتخلى لبنان عن هذه الفرادة ويعطيها للآخرين؟
ج- لبنان هو المؤسس في هذا الموضوع، واللبنانيين لن يتخلوا عن هذا الحق، وغدا سترين نسبة الإقتراع كم ستكون مرتفعة ، لان هذا حق دستوري. ومن يتخلى عن هذا الحق يطلب منه بعد ذلك التخلي عن حقوق كثيرة، لأن هذا الحق يعبر عن كرامته السياسية أيا كان مرشحه.

س- لكن هناك الكثير من لوائح الشطب لغاية اليوم فيها أسماء ناقصة ويجب لفت الوزير بارود الى ذلك؟
ج- هذا صحيح، وبالأمس سمعت شكوى بأن عائلة بكاملها وردت أسماء إثنين من أفرادها على لوائح الشطب، والباقين البالغ عددهم ثمانين لم ترد أسماءهم.

س- لذلك نوجه نداء سريع جدا للوزير بارود لتدارك هذا الأمر؟
ج- الوزير بارود لا يقصّر في عمله، ولكن هذه من المصاعب الإدارية التي يرغب الوزير بارود في معالجتها ، وهو يتابع بدقة وبالتأكيد سيعطي إشارات للتصحيح، وباعتقادي ان هذه مسألة إدارية بحتة أو ورقية بحتة.

س- ماذا لو نجحت قوى 14 آذار وماذا لو نجحت قوى 8 آذار في الإنتخابات ، أي سلطة تشريعية تتوقع ولبنان الدولة والمؤسسات الى أين؟
ج- النظام اللبناني عصي على التمرّد من 14 آذار ومن 8 آذار، كلاهما يبدأ يقول أحلاما كبرى وكلاما كبيرا وتغييرات لا نهاية لها، وفي النهاية يعودوا لطبيعة النظام فيأخذوا فضائله ويتصرفوا على أساسها بالشكل الديموقراطي والصحيح والصريح، ثم يدخلوا الى مجلس النواب ويقدموا بيانا وزاريا ويأخذ مناقشة، كل هذه الأمورستحصل بشكل طبيعي.

لوكان يمكن حصول إنقلاب في لبنان لكان ذلك قد حصل 20 مرة منذ العام 1943 حتى اليوم بسبب حدّة الصراعات الداخلية والإقليمية، ولبنان ليس بلد إنقلابات ، لبنان بلد تفاهم وبلد حوار وبلد صيغ مبتكرة.

بعد كل ما حصل في العراق البحث الآن هناك، إذا قرأنا ما قاله رئيس الوزراء العراقي نجد انه يبحث عن الطائف ، يبحث عن صيغة مشابهة للطائف ويرفض الديموقراطية التوافقية ، مع العلم انه في العراق يوجد عرقان، ولكن الحمد لله نحن عرق واحد. فرئيس الوزراء العراقي يرفض الديموقراطية التوافقية، رغم وجود العرب والأكراد ، فهل يعقل ان نطالب نحن بالديموقراطية التوافقية.

س- المالكي يتحدث عن النظام الرئاسي ايضا؟
ج- في العراق النظام الرئاسي أمر طبيعي مختلف عن لبنان ، وطبيعة النظام مختلف عن لبنان، ومع ذلك العراق لن يستقر الا بصيغة مشابهة للطائف.

س- هل تخشى تكرار احداث 7 أيار الماضي بحجة أي سبب أو أبعاد، وأنت المتابع عن قرب وعن بعد والمطالب خاصة، بالإعتذار من بيروت؟
ج- أنا مازلت مصراً على الإعتذار وسنفاجأ جميعا بأن كل الذين رفضوا الإعتذار من بيروت، سيعودوا ويعتذروا من بيروت.

س- كيف؟
ج- لأنهم سيكتشفوا مع الأيام القليلة وليس البعيدة والقريبة وليس الكثيرة، بأن بيروت مدينة عربية بامتياز خياراتها القومية محدّدة واضحة، وإلتزامها بمسؤولياتها تجاه أهلها والمقيمين فيها واضحة ومحدّدة، وفيها الكثير من الخير والمحبة والود، وهذا سيظهر مع الأيام كما ظهر مع الأجهزة الأمنية. وبالأمس سمعنا سماحة السيد يقول ان هناك قرارا نهائيا وحاسما بالتعامل مع كل الأجهزة الأمنية دون حساسية ودون تحفظ ودون ودون، بينما قبل شهرين كان جهاز المعلومات مُتهما ومُدانا، وكان المقدم وسام الحسن مُتهم بأبشع التهم ، وتبين الآن ان جهاز المعلومات هذا هو أول جهاز لبناني ينشيء فرعا خاصا لمكافحة التجسس منذ العام 1943 وينجح لدرجة مثيرة للإعجاب وللغرابة.

على كل حال، فكما حدث بالنسبة لجهاز المعلومات والأجهزة، سيحدث بالنسبة لبيروت، لأن بيروت لا تقل وطنية ولا تقل مقاومة ولا تقل عروبة. أنا أقول انهم سيعتذرون لأن بيروت أصيلة بعروبتها وبمقاومتها وبمسؤوليتها، وان ما حصل في 7 أيار هو عار ليس فيه مجد ولا عظمة. كل الناس الذين اعتقدوا انهم يستطيعون قهر بيروت أخطأوا لأن كل التجارب السابقة أثبتت ان هذه المدينة، مدينة عظيمة يمكن أن تقهرها يوم ، شهر أو شهرين ولكن تعود هذه المدينة وتقف على قدميها وتسترد كرامتها بمحبة وبود.

س- أي شعور لنهاد المشنوق عندما يستمع للسيد نصرالله الذي قال في خطابه 7 أيار يوم مجيد؟
ج- هناك أمور لا بد وأن تخضع للمناقشة وهي نصوص. سماحة السيد قال ان الرئيس الحريري كان يصر على الثلث المعطّل لأي حكومة ، هذا صحيح، ولكنه كان يصر على ثلث لبناني بوجه ثلثين يُعينهم الأمن السوري والأمن اللبناني، وهذه لم تكن للتعطيل بل لضمان سير العمل، ولضمان تنفيذ كل ما تم تنفيذه في لبنان في السنوات الـ13 التي مارس فيها الرئيس الحريري السياسة المباشرة، سواء رئيس حكومة أو معارضة، وهذه الأمور لا تشبه بعضها، هذه كمن يقول “ولا تقربوا الصلاة..” دون إكمال الآية الكريمة التي تقول وأنتم سكارى. أنا أريد ان تكون الأمور دقيقة وبشكل أوضح، مثلا الحديث عن حرب الجبل و17 أيار، هناك قوى كثيرة شاركت في إسقاط إتفاق 17 أيار، فلا يجوز ان نظلم كل الناس كأنهم كلهم شاركوا في التوقيع ، إنما هناك قوى كثيرة شاركت. كذلك ليس صحيحا ان حرب الجبل كانت بسبب ان الإسرائيليين لعبوا بعقول قلة من الدروز والموارنة.

س- كان كلاما قاسيا هذا الذي قاله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير؟
ج- كلا لم يكن قاسيا، كان رأيا تاريخيا من السيد حسن لم أجد انه قاسيا، بل رأي تاريخي يلزمه مناقشة من وجهات نظر متعددة. برأيي ان هناك الكثير الكثير من اللبنانيين ساهموا بالغاء 17 أيار، وكان عندهم رغبة بالغائه ولم يعتبروه أمرا طبيعيا.

أنا أريد أن أقول اكثر من ذلك، وليد جنبلاط وقف وقال نحن دفعنا الفي شهيد لفتح طريق دمشق الى الجنوب من اجل المقاومة، فلا يجوز أن يُقال عن هذه الطائفة العظيمة التي قاتلت لفتح طريق المقاومة، قلة من الدروز لعب الإسرائيليون بعقولهم من أجل حرب الجبل.

هذه قراءة تاريخية تحتاج الى تدقيق ، وتحتاج الى فهم آخر وتحتاج الى تكريم ، ويجب تكريم هؤلاء الذين فتحوا الطريق للمقاومة.

س- ما هي عناوين الشراكة الحقيقية؟
ج- عناوين الشراكة هي العناوين الطبيعية والسؤال هو، هل نستطيع تحويل عناوين الإشتباك الى عناوين حوار؟ هل نضجنا كاف لنقول اننا مختلفين على كذا من العناوين؟

س- هل نستطيع برأيك؟
ج- أنا أعتقد انه ليس أمامنا خيار أخر ، وقد جرّبنا كل الوسائل الأخرى، ولكن ما الذي تحقق منها. نحن اختلفنا على المحكمة وكلفت الدم والإغتيالات والشهدا،ء ولكنها في النهاية نشأت، والآن اصبحت وراءنا فلا الدفاع عنها يقيدها ولا الهجوم عليها يغيّر رأيها .

س- لكن أمامنا اليوم ديرشبيغل الألمانية التي تقول “حزب الله” وراء اغتيال الحريري ورفاقه، وأنا قلت في بداية هذا الحديث أني أرفض مناقشة هذا الموضوع، وأنتظر القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لأنه من المستحيل أن أصدّق ان شريكا ممكن أن يقتل شريكه في الوطن؟
ج- أنا برأيي هذا الخبر مشروع فتنة لا يجوز الإعتماد عليه ولا الإستناد إليه، ويجب عدم مناقشته ونسياته كأنه لم يحدث.

س- ماذا تنتظر من تابع له؟
ج- أنا لا أعرف وربما غدا يصدر شيء ما يقول ان فلان الفلاني الذي عمره 39 سنة وشعره أسود وما شابه مُتهم.

هذا الكلام لا يعنيني لا من قريب ولا من بعيد، هذا كلام فتنة أنا أرفضه نهائيا، وأنا لست الجهة التي تدين أو تبريء. أمامنا قرار ظني واعتمدنا المحكمة مرجعية، وهناك قرار ظني قادم بعد أشهر، وبالتالي انتظره لأبني عليه. فلو كانت الجهة أيا كانت التي تتهم دير شبيغل او نيويورك تايمز أو نيوزويك، ونشرت وقائع لا يمكن دحضها ، بالنسبة لي هي لا شيء، ولا أعتقد أبدا ان الأمور بهذه البساطة حتى تقرأ في ديرشبيغل ان “حزب الله” مسؤول عن الإغتيال، وبالتالي لماذا في هذا التوقيت ينشر هذا الخبر ولتحقيق ماذا؟.

س- لكن لماذا في هذا التوقيت الإفراج عن الضباط الأربعة ايضا؟
ج- قرار المحكمة جاء في وقته وبدقة ومُبرر بشأن الضباط. قرار المحكمة بشأن الضباط الأربعة واضح ومُبرر وله أسباب موجبة ، ونحن مادمنا اعتمدنا المحكمة الدولية نقبل بكل قراراتها.

أما هذا الكلام في دير شبيغل فهو مشروع فتنة مرفوض كليا، وأنا لا أصدّق ولا أقبل ولا عقلي يصدّق هذا الكلام. الإدانة والتبرئة ليست من مهماتي، همي الوحيد الحقيقي الذي يعنيني هو نص القرار الظني حين صدوره.

أعود وأقول نحن نبحث عن عناوين وفاقية وليس على عناوين اشتباك، وشعاري الذي وضعته هو ان الحوار سيد الأحكام، لأن اللبنانيين يستطيعون الإبتكار من هذا الحوار، وهم أكثر قدرة على الحوار ، حتى لو أخذ هذا الحوار وقتا طويلا لا بأس في ذلك.

س- لكن عندما نقول انا بانتظار القرار الظني، وأنا أيضا وكل مواطن وكل عاقل، ولكن عندما نسترجع كلام السيد نصرالله في هذا الخطاب، عندما يقول ليس بالضرورة ان نقبل كل قرارات المحكمة الدولية، أو قرارات بلمار حتى لو أصدروا قرارا صحيحا بالنسبة للضباط؟
ج- المصريون يقولون “:ياخبر بفلوس بكرا ببلاش” الى أن يصدر القرار الظني ونقرأ مضمونه، فالمبكر القول ان كان يرفض أو يقبل ، لأنه بالنتيجة السيد حسن لا يستطيع وضع نفسه في موضع القاضي إذا كان لا يوافق على إحتمال القرار الظني، ففي وقتها نقول صح أو خطأ، فلماذا الإستعجال دائما على الإشتباك. فلو قلت اني أوافق مئة بالمئة على قرار المحكمة او أرفض مئة بالمئة هذا القرار، فماذا سيتغير في هذا القرار؟.

أنا أريد ان أقول ان موضوع سلاح المقاومة يجب أن يكون الحوار حوله نظيفا، ومجردا وجديا ومحترما ورصينا ورزينا، بالتالي لا يجب البناء على كلام احد السياسيين لكي نخوّن ونطلق الكلام الكبير، والحديث عن مؤامرة وما الى ذلك.

سلاح المقاومة لا يوضع إلا في خانة الحوار حول الإستراتيجية الدفاعية ضمن دولة حاضنة للجميع وأي كلام آخر هو أوهام.

س- امتحان الإنتخابات هل يمر بسلام أمنيا ووطنيا، وماهو مستقبل الأمن في الإنتخابات؟
ج- أعتقد ان كل الجهات الرئيسية اللبنانية مرتاحة للنتائج وكلهم فائزين، وبالتالي لا مصلحة لأحد منهم بالغائها أو تعريضها.

س- ما هو المطلوب لتحصين ولصيانة الأمن؟
ج- الأمر بسيط خطاب سياسي أقل حدّة.

س- لكن الخطاب اليوم عنيف جدا؟
ج- لا بد أن يهدأ وقد القى السيد نصر الله اربعة خطابات واحد توجه فيه للجمهور الآخر وقال انه يفهم مشاعره، الخطاب الثاني قال فيها أيار المجيد، أنا برأيي ليس مجيدا، ولكن ليس هذا هو الموضوع. الموضوع هو مناقشة الأمر السياسي وتحويل عناوين الإشتباك الى حوار وبالتأكيد سنصل الى نتيجة. الخطاب الثالث باتجاه آخر والخطاب الرابع فلسطيني ونضال الشعب الفلسطيني، وأمامنا خطاب خامس.

س- لكنها خطابات مثل الجمهوريات، والعماد عون يقول نريد جمهورية ثالثة ورابعة وخامسة؟
ج- وسادسة وسابعة وثامنة، ما المشكلة هذه الأمور كلها إثارة للمزيد من العواطف الإنتخابية.

س- أريد أن أسألك عن شكل الحكومة الآتي ، وأي حكومة بعد الإنتخابات؟
ج- حكومة عادية منتخبة فيها تمثيل للجميع، ولكن فيها أكثرية هي التي تقرر تنفيذ السياسة التي يقرها مجلس النواب حيث كل الأطراف السياسية ممثلة.

س- هل تشارك الأكثرية والأقلية في الحكومة؟
ج- يستطيعان أن يتشاركا أو أن لا يتشاركا، ولكن فكرة الثلث المعطّل هي التي أعطت الإنطباع السيئ عن المشاركة.

س- لكن سمعنا 14 آذار قالت لـ8 آذار أُحكموا إذا فزتم؟
ج- أولاً ليست 14 آذار التي قالت ، أعتقد ان الشيخ سعد قال هذا الكلام، ولكن وليد بك لم يقل ذلك. على كل حال دعينا لا نستعجل الأمور ولنترك الأمور الى وقتها.

س- لكن ما هو رأيك الشخصي؟
ج- برأيي انها ستكون حكومة عادية، لأن الوفاق في المنطقة وخاصة الوفاق العربي، يساعد كثيرا على تهدئة الخواطر، وأنا أعود وأقول جديا هناك الكثيرين مثلي يرغبون في أن يكونوا ثلث معطّل لحماية سلاح المقاومة في وجه إسرائيل.

س- من هو رئيس هذه الحكومة؟
ج- من يسمّيه سعد الحريري باعتبار انه سيكون زعيم الأكثرية، إذا ارادها لنفسه فبالتأكيد هو وإذا أرادها لغيره فهو من يسمّي.

س- نهاد المشنوق من يسمّي اليوم على الهواء الآن قبل أن تصبح نائبا؟
ج- من يسمّيه سعد الحريري.

س- هل ترى سعد الحريري رئيسا للحكومة؟
ج- إذا كان يرغب بالتأكيد كزعيم للأكثرية يستطيع أن يكون.

س- لأنك قلت ان الأكثرية هي التي ستربح؟
ج- أنا أقول الأكثرية التي ستقرر .

س- لكن في بداية الحديث قلت الأكثرية ستربح ولو بفارق ضئيل؟
ج- بطبيعة الحال وهي التي تقرر وباعتقادي ان أكبر حصة في الأكثرية ستكون عند الشيخ سعد ، فالقرار سيكون عنده وهو الذي سيقرر.

لقد قال انه في الفترة الأولى كان قليل الخبرة، وفي الفترةالثانية، الحكومة الثانية، أراد أن يتفرغ للإنتخابات، وهذا مدار نقاش طويل معه. الآن النتائج إذا كانت لصالح الأكثرية القرار سيكون عنده من جهة، ومن جهة ثانية هو أثبت ان عنده قدرةعلى الصبر والصمود والمتابعة والمثابرة، فإذا اعتقدنا ان المحكمة مسألة بسيطة نكون مخطئين لأنها إنجاز كبير كبير كبير، لم يحصل في تاريخ المنطقة وتاريخ العالم انه تشكّلت محكمة دولية من أجل جرائم فردية ، وهذا إنتصار كبير تحقق بصبره وبصموده وبقدرته على المتابعة ، وبرأيي هذه مسألة كبرى تحققت بالحد الأدنى من الخسائر، رغم ان دم الشهداء لا يعوّض ، ولكن المحكمة أمر كبير كبير، أمّن الحماية لكل من بقي على قيد الحياة.

س- ماذا لو تبدّلت المعادلات والتوازنات والمعارضة تؤكد هذا التغيير من سيكون رئيس الحكومة؟
ج- أمر بسيط تتم مشاورات عادية ويُبنى على الشيء مقتضاه.

س- هل ترى الرئيس بري رئيسا للمجلس النيابي شخصيا؟
ج- شخصيا أنا أصوّت للرئيس بري حتى لو لم يترشّح ، ولكن أنا ألتزم بقرار الكتلة في النهاية.

س- هناك اليوم كلام كبير عن حلف عربي- إسرائيلي- أميركي ، أين نحن من هذا الحلف وانعكاسه على لبنان؟
ج- أولاً ليس هناك من حلف ، هناك رغبات في الإدارة الأميركية بانشاء هذا الحلف باعتباره ورقة ضغط للتفاوض مع إيران.

نحن كمجموعة سياسية وكثير من العرب نختلف بالسياسة الخارجية الإيرانية لكثير من الأسباب، ولكن لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف تسمية إيران بالعدو، لأن العدو الوحيد والأول هو إسرائيل، لا يجب تضييع البوصلة، إيران دولة إسلامية إقليمية كبرى تسعى لأن نكون على علاقة صداقة معها ، نختلف معها بسياستها الخارجية في كثير من المجالات، وبكثير ما نعتبره غير مفيد لوحدة المجتمعات العربية ولتماسكها، باعتبار ان هناك الكثير من المجتمعات تتصرّف على انه أصبح لهم دولة رعاية، وولاءهم يصبح أقوى لدولة الرعاية من الدولة التي يعيشون فيها، في وقت كانت دعوة شهيرة للإمام الصدر ردّ الله غربته، وللإمام شمس الدين رحمه الله، هؤلاء المجتمعات للإندماج في مجتمعهم وأن يكون ولاءهم الأول للدولة، ولكن هذا لا يعني أبدا أبدا بأن إيران عدو.

س- البعض يقول هي عدوة التركيبة اللبنانية الحالية؟
ج- لا بأس حتى لو لم تعجبها التركيبة اللبنانية، لأنه في النهاية نحن نقرر هذه التركيبة.

س- وماذا عن حلفائها في لبنان، وهل يتأثرون بهذا الموقف؟
ج- لا يهم إذا تأثروا أو لم يتأثروا، أنا أقول إيران ليست دولة عدوة ، إسرائيل هي العدوة.

على كل حال السياسة السعودية هي السياسة الأوضح والحكيمة في هذا الموضوع، وبالأمس اجتمع وزير الخارجية السعودي مع وزير الخارجية الإيراني في دمشق، وتباحثا وتصارحا وربما إختلفا أو إتفقا، لا أعرف ماذا حصل، ولكن بمجرد الإجتماع هو رفض مبدأ إعتبار إيران دولة عدوة.

س- ماذا عن الحلف أو التحالف ضد إيران هل ينجح ؟ عربي-أميركي-إسرائيلي؟
ج- هذا كلام فارغ، لم ينجح في مكان حتى يتكرر اليوم وينجح، طبعا لا يوجد ولا دولة عربية جديا مع قيام الأميركي أو الإسرائيلي بأي ضربة عسكرية ضد إيران، الملك عبدالله كان حريصا دائماً على الصراحة معهم، على رفض أي عمل عسكري وفتح باب الحوار.

الإدارة الأميركية اليوم داخلة في حوار، أو سوف تدخل الحوار بعد انتخابات الرئاسة الإيرانية مع إيران، وهذا الحوار سيأخذ وقتا طويلا ، وبتقديري لن يصل الى نتيجة ، ولكن ما دام مبدأ الحوار مُقر مع دمشق ومع طهران يجب الإستفادة منه، مع العلم ان الحوار مع سوريا لم يصل الى اي شيء حتى الآن، لأنه واضح ان هناك إتهامات كبرى حول استمرار الأعمال العسكرية في العراق، أما بتهريب وإما بتمويل.

س- كلام الرئيس السوري امس كان فيه نوع من التصعيد عندما قال نرفض الحلول المفصلة في الخارج؟
ج- أنا لا أعرف أين هي هذه الحلول، ولكن بالتأكيد نرفض الحلول المفصّلة في الخارج، ولكن ايضا يجب السعي الى حلول مفصّلة في الداخل.

على كل حال قراءتي هي ان الحوار لا يزال مع سوريا في بداياته ، ولا يزال الباب مفتوح لأن جدول الأعمال الأميركي تغير منه بندين:
الأول: استعمال لبنان كمنصة سياسية وهذه مسألة انتهت.
الثاني: مطالبة سوريا بتغييرات في الداخل بمعنى المزيد من الديموقراطية هذا أيضا ألغي.

أما البنود الأخرى لجدول الأعمال الأميركي – السوري فما زالت على حالها في العراق وفلسطين . الجديد في الحوار اليوم انه لأول مرة الأميركيين يسألون السوريين ماذا تريدون مقابل ذلك ، اي ليس مجانا.

س- لماذا دائما يسأل الأميركيون؟ وأنت في بداية حديثك رويت لنا رواية السفيرة الأميركية عندما سألت النائب سعد الحريري؟
ج- أنا أريد أن أقول انها المرة الأولى التي يسأل فيها الأميركيون ، لأن إدارة بوش خلال 8 سنوات كانت ترفض اي منطق سوري ، وكانت تعتبر ان استرداد الجولان ليس مطلبا وطنيا و أي كلام آخر، الإدارة الأميركية الآن عندها فترة سماح للحوار مع إيران ومع سوريا هذا الأمر هل يوصل الى نتائج أم لا، فمن المبكر الجواب عليه ، ولكن بالتأكيد لبنان مستفيد من صيغة الحوار.

س- هل من خوف لدى الإدارة الأميركية من فوز “حزب الله” ولذلك تأخرت بإرسال المساعدات العسكرية للجيش، وماذا لو فاز الحزب مع حلفائه في الأكثرية، هل تتكرر تجربة “حماس” في فلسطين بالحصار والمقاطعة؟
ج- لا أعتقد ان تجربة “حماس بالحصار والمقاطعة نجحت حتى تتكرر في لبنان، أيضا تجربة “حماس” في غزة لا تشبه أبدا التجربة اللبنانية والإنتخابات ونتائجها، لأن الطبيعة مختلفة تماما، وطبيعة الحكومة اللبنانية مختلفة والتصرف اللبناني طبيعته مختلفة.

س- لكن ما زال لبنان في دائرةالإهتمام؟
ج- لبنان لا يزال في دائرة الإطمئنان، الإهتمام بلبنان تم ، وضع لبنان الآن مستقر.

س- هل تصدّق الأميركيين عندما يقولوا لن نجري أي صفقة على حساب لبنان؟
ج- أنا أعتقد أني أصدّقهم لأن في ذلك مصلحتهم ، وهذه طبيعة الأمر، حتى لو عقدوا صفقة على حساب لبنان لا يمكنهم تنفيذها ، الآن الوضع في لبنان يتضمن علاقات دبلوماسية مع سوريا، وإقرار بالإجماع في طاولة الحوار بترسيم الحدود، وإقرار بالإجماع بنزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، نحن ننسى ان هناك أمور جيدة أقرت هي لم تنفّذ ولكن هناك إجماع عليها.

س- هل تتوقع دخولا لبنانيا قريبا على خط المفاوضات القائمة سوريا – إسرائيليا برعاية تركية؟
ج- أولاً لا أتوقع ، ولا أريد لأن لبنان ليس مستعجلا، ولا عنده رغبة ولا ضرورة ولا مُبرر لدخول مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة. عندنا مشكلة محدودة تتعلق بمزارع شبعا نحاول معالجتها بالوسائل الدبلوماسية، ومعنا وقت، ونحن موجودون والدولة موجودة والقرار 1701 موجود، وكل هذه الأمور متوفرة ، فلماذا الدخول في هكذا مفاوضات؟ ونحن ليس لدينا أي رغبة بمعاهدة سلام.

كان الرئيس الحريري رحمه الله، يقول للرئيس حافظ الأسد “نحن آخر دولة عربية توقع سلاما مع إسرائيل”، فكان الرئيس الأسد يقول له “لكن لا يوجد فرق بيننا” ، فيجيبه الرئيس الحريري “في هذا الموضوع هناك فرق بيننا، نحن نريد أن نكون آخر دولة توقع”. أنا الآن أقول ان رأيي الشخصي، هو اننا لا نريد حتى ان نكون آخر دولة عربية، فإذا كان هناك استقرار في سوريا سنستفيد منه ، وإذا كان هناك استقرار في المنطقة العربية سنستفيد منه.

س- ما هو مستقبل عملية السلام نظرا للحركة الدبلوماسية الدولية؟
ج- هناك مؤتمر يدعو اليه الروس ، وأعتقد ان لابروف وزير خارجية روسيا آت الى لبنان لكي يدعو الى مؤتمر في موسكو.

س- أنابوليس-2؟
ج- لكن ماذا حققت انابوليس؟ أنا سألت مسؤول عربي كبير ماذا حققت أنابوليس؟ فقال لي “حققت استمرار الرئيس ابومازن”، فقلت له “الأن لا نستطيع تحقيق استمراره لأن ولايته قد انتهت، وشكل حكومة بطريقة مخالفة للقانون”، لكن أنا لا أرى ان هناك أفقا للسلام.

س- مفاوضات مراوحات ماذا؟
ج- أنا لا أرى أفق للسلام، الوضع الإسرائيلي غير مهيأ على الإطلاق لأي أفق عن السلام، والإدارة الأميركية مهما قويت لا تستطيع تغيير طبيعة المجتمع الإسرائيلي أو إلزامه بما لا طاقة له عليه.

لقد ذهب نتنياهو الى واشنطن وسمعنا ما قاله ، وأعتقد ان هذا الموقف لن يدوم طويلا ، لذلك فلنستمر في حوارنا لحماية سلاح المقاومة بدون افتعال ، ونستفيد منه بفرض وقف إطلاق النار ومنع إسرائيل من الإعتداء على لبنان، تحت أي ظرف من الظروف، ولكن بحوار هادىء وعاقل يشارك الجميع فيه، والجميع معنيين بهذا الحوار ومسؤولين عنه، وليس كلما قال سياسي كلمة صح أو خطأ تقوم القيامة وكأن هناك مؤامرة وما شابه.

س- هل من خطر جراء المناورات الإسرائيلية؟
ج- الخطر الإسرائيلي دائم، ولكن أنا لا أراه أتٍ غدا، ولكن هذا الخطر بوجود القرار 1701 محدود، حتى الكلام عن هذه المناورات هو مثل الكلام عن اغتيال لا سمح الله سماحة السيد حسن نصرالله، هو خطر يومي موجود منذ سنوات ولا تلزمه تهيئة، ولكن يلزمه قدرة غير متوفرة.

س- لكن “حزب الله” يحذّر منها وبدل أن يقدّم ورقة الاستراتيجية الدفاعية الى طاولة الحوار أحضر ورقة المناورات الإسرائيلية؟
ج- أعتقد ان تصّرف “حزب الله” طبيعي تجاه المناورات الإسرائيلية ، ولكن دون ترجمته لبنانيا وكل واحد يعمل ما عليه، الفرق باستعماله بالإعلام الى هذه الدرجة واعتباره انه جزء لا سمح الله من تحضير لاغتيال سماحة السيد.

س- هل تطمينات اليونيفل وسفرائهم كافية بهذا الإطار؟
ج- بالوسائل الدبلوماسية المتاحة كافية، وأنا أعتقد ان المناورة ليست مقررة حديثا، إنها مقررة منذ زمن وتم تحديد وقتها، وتقرير فينوغراد واضح وهم يسيرون بهذا التقرير خطوة وراء خطوة، ولكن هل هذا يعني ان باستطاعتهم الإعتداء على لبنان بوجود اقرار 1701، أنا أستبعد ذلك.

س- لكن لماذا “حزب الله” مُتشنج حول هذه المناورات بوجود القرار 1701، هل هي الإنتخابات ايضا؟
ج- كل التنظيمات التي لها علاقة بالمقاومة وبسلاح المقاومة ، إستنفارها الأول والدائم هو الموضوع الإسرائيلي ، ولكن هذا الخطر قائم كل الوقت وهو لم يستجد ، لذلك دعينا نستفيد من إمكانية الحوار للتفاهم على صياغة لبنانية مبتكرة ، نأخذ بعين الإعتبار الإستفادة من سلاح المقاومة ضمن إطار دولة تحضن جميع اللبنانيين وبشكل طبيعي. نريد ثلث ضامن أنا وغيري، ثلث ضامن مادام هذا السلاح موجّه ضد إسرائيل. ويتحدثون عن حلف عربي-أميركي- إسرائيلي ضد إيران، أقول إيران ليست عدو ، نختلف معها بالسياسة ولكنها ليست عدوة.

لبنان أولاُ يعني مسؤولية وطنية أولاً، عروبة لبنان هي التزام نهائي موجود في الدستور ولا تخالف ولا تختلف مع لبنان أولاً، التزامنا القوي تجاه القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين بالعودة الى اراضيهم، وإقامة دولتهم العادلة المستقلة، هو التزام لا نتزحزح عنه ولا نتراجع ولا نغيّر، لأننا مرينا بظروف صعبة مع الفلسطينيين.

هذه العناوين الثلاثة التزامات نهائية ليست خاضعة للمناقشة ولا للتغيير كل يوم، هذه خيارات العروبة هوية، الوطنية مسؤولية والإلتزام القوي مستمر ودائم ولن يتغير.

س- تقول إيران ليست عدوة ولكن سمعنا كلاما عربيا ومصريا حول إيران؟
ج- سمعنا صراع مصري-إيراني، لم نسمع كلام مصري. ولكن هذا لا يحوّل إيران الى دولة عدوة، والدليل إجتماع الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي ووزير الخارجية الإيراني أمس. لا يجوز بسبب الخلاف على السياسة أن نقرر ان هذه دولة عدوة، هذه مثل خلافات اللبنانيين، بمعنى انه ، انك مختلف مع خصمك ولكن هذا لا يعني انك لا تستطيع أن تتحدث معه وتحاوره، هذا الكلام لا يجوز، ويجب أن نتعوّد على صياغة جديدة لعلاقاتنا.

س- لماذا تصر على تقديم نفسك كمرشّح جمهور الرئيس رفيق الحريري، وتؤكد على عدم عضوية في “المستقبل” وأي رسالة تريد إرسالها الى أبناء بيروت؟
ج- أنا لا أؤكد على عدم عضويتي ، أنا أؤكد على صفة كتبت فيها وحاورت فيها طوال سنوات، أنا مرشّح “تيار المستقبل” في الإنتخابات، ولكن أنا أعتبر ان جمهور رفيق الحريري هو البحر الكبير، الأكبر من أي تيار ومن أي حزب.

س- والبحر أزرق ايضا؟
ج- البحر أزرق والسماء زرقا كمان , وأنا أعتقد ان التيار هو الرافد الأساسي لهذا البحر، ولكن البحر أوسع، فمن يحب البحر لا يسبح في النهر ، ولكن ما عندي أي حساسية ، أني مرشّح “تيار المستقبل” وأنا في كتلة “تيار المستقبل”.

س- هل تلتقي مع “تيار المستقبل” كبرنامج؟
ج- في السياسة أكيد كل العناوين خاضعة للمناقشة، ولا يوجد شيء سبق ونهائي وحاسم غير العناوين الاستراتيجية.

س- أين يلتقي نهاد المشنوق مع برنامج “تيار المستقبل”؟
ج- دعينا نتفق، أولاً ان هذا البرنامج وضع قبل الترشيح، وبالتالي أنا غير مشارك فيه.

س- ماذا تضيف عليه من بصمات أو طروحات؟
ج- الأمر يلزمه تدقيق أكبر ولا أعتقد ان الوقت الآن يسمح بمناقشته، ولكن بالتأكيد فيه الكثير من النقاط الإيجابية. أما عناوين الإنماء والإعمار والتقدّم وحل المشاكل الإقتصادية فهي ليست محتاجة لرأيي ، هذا تحصيل حاصل، وأنا أؤكد على الثوابت، الثوابت هي ان لبنان أولاً هو مسؤولية وطنية أولاً. العروبة هي هوية ليست خاضعة للتبديل.

أنا نفيت خمس سنوات بسبب الأمن السوري، ولكني لم أتخلّ ولا لحظة بعقلي عن عروبة سوريا وعن عروبة الأردن والعراق.

س- لكن هذه قناعات؟
ج- هذه هوية لا تتغير ولا يجوز تغييرها يوما بعد يوم.

س- هل تؤمن بالبرامج الإنتخابية؟ وماذا يبقى من البرامج عند الدخول الى البرلمان؟
ج- أنا أعتقد ان الإستقرار هو الأحسن بالبرامج. الواضح في برنامج “تيار المستقبل” وجود جانب اقتصادي جدي ومحدّد ودقيق قد يخضع للمناقشة، أو يخضع للتطوير، ولكن واضح انه عنصر استراتيجي بالتفكير السياسي للتيار.

أنا أفضل الآن مناقشة العناوين الإستراتيجية السياسية ، الثوابت السياسية، وبعدها ننتقل الى مناقشة القدرةعلى تنفيذ البرامج. أيضا هناك أمر يجب أن ننتبه له وهو ان الديموقراطية لا تعني فقط حكم الأكثرية ، الديموقراطية تعني ان الأكثرية تأخذ بعين الأعتبار رأي المعارضة حيث تجد فيه فائدة عامة للبلد، وعلى المعارضة أن تحاسب وأن تُسأل.

عندما يُقال حكومة وفاق وطني في هذه الحالة، من يحمي المواطن إذا كان الجميع متفقين، هناك جهة تحكم ولا توجد جهة تراقب.

س- أو أن يتفق الرؤساء الثلاثة؟
ج- موضوع الرؤساء تجاوزناه، الأن هناك مجموعة أوسع لا يستطيع أحد تجاهلها، ولكن لا أحد يستطيع تثبيت مواقعها إلا الإنتخابات، فلننتظر نتائج الإنتخابات ونتصرّف على أساسها، ولا نتخلى ولا نلعب بالثوابت.

س- ماذا تنتظر من جلسة يوم الثلاثاء لمجلس الوزراء، هل تنتظر تعيين المجلس الدستوري واستكمال التعيينات؟
ج- أنا لا أريد مناقشة موضوع الإدارة، ولكن موضوع المجلس الدستوري، أعتقد انه من المعيب جدا إجراء انتخابات بدون مجلس دستوري، وإذا قيل ان الأكثرية أخذت حصة أكبر بالمجلس الدستوري في مجلس النواب، ويجب ان تأخذ المعارضة حصة مماثلة في مجلس الوزراء، فأنا أعتقد ان المجلس الدستوري يضم قضاة نزيهين ورجال علم ومهما كان اتجاههم السياسي، بالتأكيد قرارهم غير خاضع لهذا الإتجاه السياسي.

س- الرئيس بري يتوقع إقرار الموازنة يوم الثلاثاء أيهما أهم تعيين أعضاء المجلس الدستوري أم الموازنة؟
ج- أنا لا أعتقد ان هناك قرارا نهائيا بمسألة إقرار الموازنة، وبالتالي إذا أراد مجلس الوزراء خدمة اللبنانيين وأن يخدم إحترامهم لديموقراطيتهم ودستورهم، فعليه تعيين المجلس الدستوري، وأن يملأ المراكز الشاغرة المتعلقة بالإنتخابات وكان الله يحب المحسنين.

س- المرشّح نهاد المشنوق ماذا يقول عن الوضع الإنتخابي في بيروت، وأنت من المستفيدين كمرشّح من مفاعيل اتفاق الدوحة الذي لم يعلن “حزب الله” إلتزامه به على الأقل في ما يتعلق بالدائرة الثانية؟
ج- أنا أتصرّف على ان الدائرة الثانية هي مختبر لبناني طبيعي، فيه نسبة متساوية من الناخبين، إذ يكاد أن يتعادل عدد المسلمين والمسيحيين مع الأرمن، وهذه الدائرة ربما الدائرة الأكثر لبنانية بطبيعتها ، وهي مجال للحوار وتحويل الإشتباك الى تفاهم.

س- لكن جرى حولها تسوية في الدوحة؟
ج- جرى حولها تسوية استفاد منها النواب الأرمن ، ومؤخرا لم يعد هناك مرشحا شيعيا سوى مرشح “امل” الأخ هاني قبيسي، ولكن تُحتسب عدد الأصوات لأن الذي إنسحب تم إنسحابه بعد 22 نيسسان.

س- هل هناك إستعراض قوة اليوم في هذه الدائرة ضد هذا التوافق؟
ج- بالنسبة لي أنا أتصرّف على ان هناك انتخابات، منفتح على الجميع، أناقش الجميع، قوى المعارضة والأكثرية وجمهور الحريري و”تيار المستقبل” وأريد حث الناس أكثر وأكثر للنزول الى التصويت وتؤكد خيارها، واعتبار يوم 7 حزيران يوما يعبّروا فيه عن استمرارهم بإمساك كرامتهم السياسية وأن يصوّتوا.

س- ما هو العنصر الحاسم كرامتهم السياسية أم البرامج أم المرشحين؟
ج- برأيي الآن ان العنصر السياسي له أولوية، لأنه لا يمكن تحقيق أي تقدم إقتصادي بدون استقرار سياسي ، ومسألة الإستقرار السياسي لها أولوية لتحقيق نجاحات إقتصادية دائما قادرين عليها، يعني حصل “باريس- 1 ” و”باريس-2 ” و”باريس-3″ في أوضاع أسوأ من الآن بكثير، وهذا دليل ان لبنان لا يزال له مكانا في المجتمع الدولي، وان هناك من يريد مساعدته وان يخفف عنه أعباء، ربما هناك حروب سياسية منعت باريس في أوله وثانيه وثالثه، الآن نبحث عن إستقرار لتنفيذه وتخفيف حجم الدين، والإنطلاق لانتاج مجالات عمل أوسع للناس، هذا أمر كله من طبائع الدولة البسيطة الواجبة على الجميع ، لكن هذا كله لا يتحقق بدون استقرار سياسي.

س- ماذا عن كلام نائب الرئيس الأميركي للأكثرية عن المترددين وجذب المترددين؟
ج- أولاًً أعتقد ان كلامه لا يقنع أحد ولا يغير رأي أحد، وأعتقد ان اللبنانيين مسيسين ومقررين ماذا يريدون وما لا يريدون، أتى نائب الرئيس الأميركي وذهب ، وأعتقد ان هذه نصائح فولكلورية ولا أجد ان له معنى جدي أو تأثير جدي.

س- هل هو تدخّل بالشؤون اللبنانية، هذا ما قالوه نواب “حزب الله” والمعارضة؟
ج- برأيي هو فولكلور اميركي وأبدى رأيه، ولكن ماذا يعني هذا الرأي عندما يتحدث عن مترددين ، وأنا أقول ان شاء الله يكون هناك مترددين، لأن هذا دليل على ان الجسم مازال سليما، ولم يحصل إصطفافات نهائية عند كل الناس، ولكن بالتأكيد هؤلاء المترددين لا يؤثر عليهم نائب الرئيس الأميركي ولا على خيارهم.

س-أين هي أم المعارك في الإنتخابات؟
ج- المعلن واضح انه في بيروت الأولى وفي البقاع الأوسط وفي المتن، هذه أماكن ستشهد معارك.

س- وماذا عن كسروان؟
ج- المعركة أقل حدّة من المناطق التي ذكرتها.

س- دعنا نحسم المعارك سويا، ماذا تتوقع في بيروت الأولى ، مع ان كل الدوائر قد حُسمت تقريا كما يقول البعض، والتنافس هو على 20 مقعد على الأكثر؟
ج- أولاً أنا لا أحب التبصير، ولكن الدائرة الأولى تضم مرشحين انا معجب بهم وأحبهم، أكيد منهم الوزير فرعون فهو شخص جدي أثبت حيثيته ووجوده وحضوره طوال السنوات الماضية والى حد ما قراره مستقل. أيضا نايلة الحبيبة بنت الحبيب .

س- الجنرال عون قال انها ستسرق مقعد في الدائرة الأولى؟
ج- أعتقد ان العماد عون لم ينتبه انه يسرق تاريخ شهيد من الشهداء كان صديقه لفترة طويلة، ومن المدافعين عنه ومن المقاتلين معه، وبالتالي فلنترك الناس تقرر ، ممكن ان الناخبين يريدون مرشح ارثوذوكسي ثالثا، فلماذا يستبق الأمور ، إذا الناس قررت انها تريد هذا المرشّح نائبا لها، بمعنى ذلك انه لم يسرق منه أحد أي شيء.

س- ماذا عن البقاع الأوسط؟
ج- ايضا هناك مجال لمواجهة سياسية، ولكن عادية وديموقراطية.

س- وماذا عن التشطيب هل يكون موضة هذه الدورة؟
ج- أنا لا أرى ان هناك نسبة تشطيب عالية في الدوائر.

س- في المتن الجنرال عون يقول 7 على 7 والرئيس المر يقول 7 على 7؟
ج- هذه من الحقائق المتبعة دائما، انا طبعا عاطفتي مع دولة الرئيس ابوالياس ، فأنا أحب شجاعته وصداقته وحتى عداوته، ولكن في النهاية الناس هي التي ستقرر.

هل يعقل ان يقول سرقوا مني مقعد، أنت سرقت تاريخ جبران التويني، انت سرقت تعبه معك وسهره معك وقتاله معك، ولكن لنترك الناس تقرر إذا ارادوا اللواء ابوجمرة فليكن، إذا كانوا لا يريدون نايلة تويني لا سمح الله، ايضا هذا رأيهم، فلماذا انت منزعج الى هذه الدرجة؟.

س- ماذا عن الكلام عن الأولاد نديم الجميل ونايلة؟
ج- لا أعرف إذا كان الجنرال قال ذلك بصفته والد أو بصفته مرشّح، وبالتالي هو عنده مرشحين أولاد اذا كانت هذه الصفة مُلزمة للترشيح.

دعينا نضع هذه الصفات جانبا ونترك الناس هي التي تقرر وإذا كان عنده أي إعتراض سياسي على مرشّح لا يجوز تناوله بشكل شخصي، ولا يجوز التعرض لصفات متوفرة فيه وفي غيره. أيضا أنا ارى عند الجنرال “الراماد” وليس فقط اولاد. و”الراماد” تعني صهر السلطان وهو منصب في البرتوكول العثماني.

س- أنت تتحدث عن الصهر جبران باسيل؟
ج- أنا أتحدث بمعنى ان من يقول عن غيره أولاد فقط ، ولكن من حقه أن يترشح.

س- لكن هذا المرشّح ايضا يستعمل الوزارة اليوم ليندّد بالسابقين فيها، حتى انه سجل اعلان بصوته؟
ج- أنا أريد أن أتناول الملف الذي فتحه منذ يومين ، أنا لا أريد مناقشة مضمونه، لكن هذا اولا تشهير إنتخابي في توقيت غير مناسب ، وإذا كان هذا القرار الذي يحوّله الى مجلس الوزراء لمناقشته واعتبار انه حصل خطأ أو على مجلس الشورى أو على أي جهة قانونية لمتابعة هذا الموضوع، وترك الجهة المعنية تقرر مدى صحة ما ورد في هذا الأمر، أو مدى عدم صحته.

أما التشهير الذي يستخدمه بابلاغ الإعلام قبل إبلاغ الجهة القانونية المعنية أو الدستورية، إذا كان هناك من جهة فهذا تشهير إنتخابي معيب. الإنتخابات فيها أمراض كثيرة والبعض يعتبرني من الحديث السياسي الذي أقوله ومن طريقتي بالإنتخاب بأني طوباوي. وبرأيي ان الإنسان يجب أن يبدأ في مكان ما ولو كان لوحده بلغة جديدة هادئة داعية للحوار، عاقلة صلبة ، لا تتخلى عن الحق والحوار، لا يعني التخلي عن الحق ولا تتنازل بصلابتها وبتأكيدها على السلم الأهلي وبانتقامها بالحوار على جميع القوى وعلى جميع اللبنانيين.

س- هذا كلام هادىء ورصين ، لكن ما رأيك بصراع ديوك الحوارات الإنتخابية؟
ج- هذه لن تقرر شيء إلا المزيد من محاولة اجتذاب ناخبين.

س- هل انت مع هذه الطريقة؟
ج- أنا لا أستعملها، ولوكنت معها لكنت استعملتها، أنا أعتقد انه يجب أن تبدأ لغة جديدة ، البعض يعتقد انها ستبدأ بعد الإنتخابات، أنا بدأت فيها منذ الآن بمفردي، فأما أن تقتنع الناس وإما لا تقتنع.

س- هل ركبت النمرة الزرقا؟
ج- كلا، أنا أقول ان تجربتي في الأربع سنوات الماضية بالكتابة والكلام، كان رأيي الإعتدال والتعقل والرغبة بالهدوء والإستقرار والإطمئنان موجودة، عند نسبة عالية جدا من اللبنانيين. وليس صحيحا ان كل اللبنانيين ذاهبين الى الجنون والإصطفافات والحروب، هناك الكثير الكثير من اللبنانيين وأكثر مما نتصوّر ، والناس الذين أقابلهم في الشارع وفي المطعم وفي السينما وفي الطريق، بالتأكيد هؤلاء جميعهم لبنانيين طبيعيين، ولا يعقل أن يكون رأيهم بي نابع عن قدرتي على التطرّف، وإنما من قدرتي على الحوار، فمن قرر ان الحوار هو وسيلة للاستقرار يصوّت لي ، ومن قرر ان الحوار ليس وسيلة استقرار لا يصوّت لي بكل بساطة، وانأ أقبل بحكم الناس.

س- ما هو أكثر شعار لفتك في هذه الحملات الإنتخابية ، ماذا عن الشعارات؟
ج- أنا لم أتابع هذه الشعارات كثيرا، ولكن فكرة السما زرقا، والبحر أزرق مهضومة وخفيفة الدم، وتعلق بالذهن، ولكن الوحيد الذي لفت نظري مسألة، السما زرقا جميلة لأن لها علاقة ايضا بشعار “المستقبل” وأنا أتكلم فنيا، أما ما ورد من مضمون فيها ، ففيها الكثير من الكلام الإنتخابي بطبيعة الحال.

س- هناك جملة ألوان في الشعارات، ناس تريد الأورانج وناس الأزرق وناس الأخضر والأصفر؟
ج- لا توجد مشكلة وهذا أمر طبيعي، وهذا دليل على الذوق اللبناني . على كل حال الإنتخابات نعمة وحق التصويت نعمة، غير انها واجب دستوري ، وكفى التعاطي معها وكأنها فقط ألوان أو خلاف او اشتباك، هذه نعمة انه يحق لنا النزول الى الصندوق ، وأن نضع ورقتنا، هذه الورقة تحقق النصر.

س- هل تتوقع صحوة تغيير ما ومشاركة كثيفة وانقلاب في المواقع والتحالفات أم عودة الى قديم التحالفات؟
ج- أعتقد ان الناس ستقبل على التصويت والتغيير في التركيبة السياسية سيتم من ضمن الجسم ذاته، بمعنى ان بعض الناس ادخلوا تغييرا على كتلهم ، ومنهم الشيخ سعد وأنا واحد من اناس الذين يعبّرون عن التغيير ولست نائبا سابقا، وغيري ايضا لأني لست المرشّح الوحيد الجديد في “كتلة المستقبل” ولكن التركيبة السياسية المقبلة تختلف، لأنه لا يمكن ايجاد استقرار سياسي بهذا الإصطفاف، والإصطفاف يكون على العناوين الرئيسية وليس إصطفافا يوميا على الموظف، يعني اصطفاف على سلاح المقاومة على راسي، اصطفاف على مناقشة قرار الحرب والسلم على راسي، ولكن كل هذه الأمور خاضعة للنقاش وليس للإصطفاف المواجه للآخر، بل اصطفاف محاور للآخر.

س- شكرا للوقت الهادىء الذي أعطيتنا إياه في ظل هذه الهيجان؟
ج- يجب أن يبقى أشخاص عقلهم في البراد.

س- أين مهرجاناتك وأين كلامك الإنتخابي؟
ج- هي قليلة جدا، ولكن أنا أقابل ناس كثير ولكن على غير عادتي خاصة ان من يهتم بالكتابة قليلا ما يقابلون الناس، ولكن حتى اليوم قابلت 4400 شخص وتحدثت معهم بنفس اللغة التي تكلمت فيها هنا.

س- جميعهم من بيروت أم وًزّعت نشاطك على المناطق؟
ج- 90 بالمئة منهم من بيروت، أما المناطق فهي نصرة لأصدقاء ومحبين، ولكن كل الذين قابلتهم في بيروت وسمعت منهم كلام العقل والمعتدل، الذي اعتبره انه إنتهت فترة الهيجان الغرائزي غير المبررة وتحققت المحكمة ، وهذا انتصار كبير فلنتركها تعمل وتقرر ولا يجب أن نبحر الى كلام كبير في النقاشات السياسية الفارغ من مضمونه ، لأنه كل يوم سنسمع ونرى من يحمل الساطور ويهجم لجرّك الى اشتباك، فانت بكل بساطة، اطلب منه الجلوس للتحاور ، ولكن نحن مختلفين، أولاً يجب ان نتفق أننا مختلفون، فإذا أجاب بنعم قل له تعالى لنتحاور فقط سواء كنا اتفقنا أو لم نتفق . أما الصوت العالي ماذا ينتج؟ 7 أيار ماذا إنتجت؟ كله مؤقت لا يعيش ولا يستمر الا الطبيعي.

=======


أترك تعليق