“الحدث” مع نجوى قاسم – النظام السوري يصدّر أزمته الى لبنان
س- كل سنّة بيروت أو لبنان كله يصعد بصورة جديدة لمجموعات تتسلح، كل يوم هناك صورة ميليشيوية تظهر من منطقة مختلفة، أين دخل لبنان؟
ج- الكلام البسيط والعادي واضح في الرسالة التي سلّمها سفير النظام السوري في مجلس الأمن حول الإتهامات للمملكة العربية السعودية ولدولة قطر ولـ”تيار المستقبل” بأنهم يريدون أن يجعلوا من لبنان، وخاصة من شمال لبنان، منطقة حاضنة للإرهاب، وهذه طبعاً كلها أخبار مفبركة، معلومات غير دقيقة على الإطلاق، وهذا يوضح بشكل أو بآخر ان النظام السوري يحاول تصدير أزمته الى لبنان.
الظهور المسلح في لبنان هو نتيجة أحداث أمنية حصلت في طرابلس أولاً ثم في عكار، ثم في بيروت، وفي كل مرة كان هناك جهاز يقوم بعملية أما عن قصد وأما عن غير قصد، تؤدي الى مزيد من التوتر ومزيد من الإستنفار ومزيد من الظهور المسلح في كل الأراضي اللبنانية.
س- بالتأكيد لا يغيب عنك ما يقوله الطرف الآخر بالإتهام المضاد، يعني لبنان من جديد يبدو وكأنه بين فكي كماشة، هناك أزمة سياسية لا يمكن أن لا تطاله، ولكن كل طرف في هذه الأزمة يريد أن يستخدمه لمصلحته إن كان مؤيدي المعارضة أو النظام، ما رأيك؟
ج- صحيح، ولكن نحن لا نرمي الإتهام على أحد، نحن من دعاة العمل السلمي الديموقراطي، ومن دعاة الإستقرار، لذلك كل تصرفنا السياسي قائم على اننا نُدين ولا نقبل بأن يكون لبنان مصدراً لتهريب الأسلحة أو للتعامل مع الأزمة السورية بأننا جزءاً عسكرياً منها، نحن جزء من الدعم الإنساني والمعنوي، وكل كلام غير ذلك هو كلام غير صحيح، لا برغبتنا ولا بقدرتنا ولا حتى بتصرّفنا الفعلي، أنا لا أتهم الآخرين، أنا أقول اننا جهة سياسية أعلنا خيارنا منذ اللحظة الأولى، وهو الدعم المعنوي والإنساني للشعب السوري، المشكلة الحقيقية ان هناك حكومة في لبنان تتصرّف على انها جزء من النظام السوري، وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى الإشتباك.
س- يعني حضرتك لا تعتبر بأنها سياسة نأي بالنفس وتعتبر ان النأي بالنفس هي اقتراب من النظام السوري؟
ج- كيف يمكن أن تكون سياسة نأي بالنفس، والسفير السوري في الأمم المتحدة يُصدر هذه الرسالة التي يتهم فيها دولتين عربيتين وجهة محلية، ولا تكلّف الحكومة خاطرها بعقد اجتماع للرد على ما ورد في الرسالة، أو صدور تكذيب رسمي من الجهات المعنية، وزير الدفاع في الحكومة يتحدث عن وجود قاعدة.
س- هذا موضوع معقّد فوزير الدفاع يتحدث عن وجودة قاعدة، وجهات أمنية تتحدث عن قاعدة، ثم نسمع وزير الداخلية ينفي ذلك، غريب هذا اللبنان؟
ج- أبداً هذا ليس لبناناً غريباً، الحكومة هي الغريبة.
س- لكن تركيبة البلد ألا تقوم دائماً سياسياً بهذا الشكل؟
ج- كلا فلبنان مرّ في فترات كان فيها حكومات تشكّل بشكل طبيعي، ونحن دعينا منذ أشهر طويلة الى تشكيل حكومة محايدة انتقالية من الآن وحتى إجراء الإنتخابات النيابية، كما يحدث في كل بلد في العالم فيه انقسام سياسي حاد، فكيف إذا كان الإنقسام السياسي يقع على خط ثورة قائمة في سوريا؟
س- هناك مسألة لفتت نظري وهي ان كلام الرئيس سعد الحريري كان تهدوياً جداً مقارنة مع حجم الغليان الموجود في المناطق التابعة له، وكان هذا مؤشر إيجابي، ولكن الخطابات الأخرى، خاصة خطابات اليوم كانت نارية، الى ماذا يؤشر ذلك؟ هل أصبح عندنا مجموعات مناطقية تخرج عن الإجماع العام لـ”السنّة” أم حالة فردية؟
ج- الإضراب العام سينتهي اليوم، وأفترض ان الأمور ستعود الى الهدوء إذا اتخذت قيادة الجيش والقضاء العسكري الإجراءات المناسبة، بعدما كُشفّت طبيعة ما أسميناه بإعدام او اغتيال الشيخين على حاجز للجيش اللبناني. ولكن الأزمة اللبنانية أزمة عميقة في السياسة بسبب وجود هذه الحكومة التي تؤسّس لمزيد من الإشتباكات السياسية، والتي تؤسّس أيضاً لمزيد من التبني لمنطق النظام السوري، وهذا ما لا يمكن أن يكون جزءاً من الإستقرار في لبنان.
س- هل ماحصل في الطريق الجديدة هو أيضاً خطأ الحكومة، هذا الإشتباك الحقيقي خاصة، ونحن نتابع الأخبار خلال أربع ساعات لم نفهم من هم أطراف الإشتباك؟ هل تحمّل هذا أيضاً للحكومة؟
ج- ما حدث في طريق الجديدة بكل بساطة ان هناك شبان نزلوا للتعبير عن رفضهم لاغتيال الشيخين عبد الواحد ومرعبي في الشمال فإذا بتنظيم تابع للأجهزة الأمنية السورية ينزل الى الشارع ويطلق عليهم النار، هكذا بدأت بكل بساطة الأمور، بعدما اجتمع كل المتضررين من هذا الموضوع وحصلت الإشتباكات التي أدت الى وقوع سبعة جرحى وقتيلين، هناك في لبنان من يُكلّف نفسه بأن يضع على يديه دماء عشرات آلاف السوريين ولا يجد النظام السوري للرد غير اتهام السعودية وقطر و”تيار المستقبل” باحتضان الإرهاب. لا تستطيع هذه الحكومة ان تدير أزمة من هذا النوع.