احتفال الجالية اللبنانية في الامارات بعيد الاستقلال: لن نترك وسيلة لحماية البلاد الا ونلجأ اليها
السيدات والسادة،
يشرفني ويسعدني ان التقي بكم للمرة الثانية خلال أشهر في ابوظبي التي تعيش اليوم اجواء الفرحة والاعتزاز بالعيد الثالث والاربعين للاتحاد الإماراتي، هذا الاتحاد الذي كُنتُم بنجاحاتكم ووفائكم ومثابرتكم مكوناً أساسيا من مكونات صناعة نهضته.
ان تحتفل الإمارات بعيد اتحادها الثالث والاربعين هو عن حق علامة فارقة. فالاتحاد ليس اكثر المشاهد رواجاً في عالمنا العربي اليوم، حيث يسود التفكك والتشظي والتحلل وتراخي كل الروابط التي تتأسس عليها فكرة الشعب الواحد. كأن زمن الإمارات هو عكس عموم الزمن العربي. فالإمارات العربية المتحدة التي تأسست كدولة عام ١٩٧١ ضمت مجموعة من الإمارات التي سكنتها قبائل عربية عديدة وتحولت الى دولة نموذجية في نموها ورخائها وتنويع مصادر دخلها ، في حين ان من تسلم في المنطقة دولا راسخة وقوية وناهضة يوم تسلمها يجعلها اليوم مجرد حدود سياسية تحتضن قبائل متناحرة ومتقاتلة اكانت قبائل مذهبية او دينية او جهوية او اي عنوان اخر من عناوين الانقسام العربي الراهن.
من هنا تكتسب الإمارات في عيد اتحادها الثالث والاربعين أهمية مضافة تجعلها عنوانا يشع على عموم المنطقة وتقف كنموذج ليس في الخليج العربي وبين دوله فقط بل في عموم المنطقة العربية. وفي هذا السياق، ولو كنت أتوسع قليلاً في هذه المقاربة، لا بد من التوقف عند المعنى الاستراتيجي العميق للوحدة والمصالحة الخليجية في قمة الرياض مؤخرا والتي تمثلت في المصالحة مع دولة قطر برعاية المملكة العربية السعودية كما لا بد من التوقف عند الدور الاستثنائي الذي لعبته دولة الإمارات في استعادة مصر الى دورها وعروبتها المضيئة، بشخص وقرار رئيسها الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان، والحكمة والوعي الاستراتيجي للشيخ محمد بن زايد ال نهيان.
مشهد الوحدة والمصالحة الخليجية المصرية هذا يضم عناصر الثلاثية الذهبية التي من دونها لن نستطيع الخروج من محن الراهن العربي. فالاتحاد والمصالحة عنوانان للتماسك الوطني وهو اول أركان هذه الثلاثية فيما يشكل الركن الثاني، الاحتراف الأمني الذي يجسده الأداء الاستراتيجي للشيخ محمد بن زايد في الإمارات والأمير محمد بن نايف في السعودية، وأما ثالث الأركان فهو الشجاعة الفقهية التي عبر ويعبر عنها سماحة شيخ الأزهر الذي كان لي شرف لقائه قبل أسبوعين في القاهرة الحبيبة واستمعت منه الى آيات في الاعتدال والسماحة والحب والخير.
أيها الاحبة،
اما وأننا افتتحنا الحديث برزنامة وطنية اماراتية، فساكمل برزنامة وطننا الحبيب لبنان. ففيما تحتفل الإمارات بعيد اتحادها ونفرح لفرحها في هذا اليوم، يعيش لبنان اياما صعبة في عيد استقلاله، لا سيما في ظل تغييب رأس الدولة وتعطيل عملية انتخابه. ورغم ذلك أنا هنا لاقول لكم بان لبنان، رغم كل شيء، سيبقى وطنا مستقلا، لان الأحرار فيه لا ينتهون ولان المؤمنين به اكثر واكبر من ان تكسر ارادتهم اي قوة طارئة تتوهم انها اكبر من البلد او انها تسطيع الاستمرار كقوة اكبر من البلد.
نحن ولا شك نمر في مرحلة انتقالية في لبنان من ضمن مرحلة انتقالية تمر فيها المنطقة لا سيما سوريا وسيكون لذلك تداعياته على لبنان الامر الذي يوجب علينا جميعاً ان لا نترك وسيلة لحماية البلاد الا ونلجأ اليها. لذلك ستظل فكرة الحوار فكرة ثابتة في أدبياتنا السياسية وحراكنا الوطني ناظرين دوما الى الممتلىء من كاس الشراكة الوطنية حتى ولو بقطرات،لا النظر الى الفارغ من هذه الكأس. فالحوار ضرورة لكل اللبنانين اليوم وحاجة لهم بصرف النظر عما نرجوه من نتائج او نتوقعه لا سيما في موضوع رئاسة الجمهورية،سعيا نحو التوازن في مؤسسات النظام وأركان الدولة بما يسمح بتحصين المرحلة الانتقالية وحماية لبنان من تطورات كبرى لا ريب اتية على المنطقة وستسمعون ثوابته وقواعده الخميس المقبل من الرئيس سعد الحريري..
اختم من حيث بدأت مهنئا دولة الامارات بعيد اتحادها الثالث والاربعين واهنئكم على دوركم في صياغة هذه التجربة الرائدة التي استفادت منكم بقدر استفادتكم منها،والامل كل الأمل ان يستعيد لبنان عافيته ويسترد هذه الطاقات الهائلة لإعادة إطلاق ورشة النهوض التي نستحق وتستحقون
عشتم عاشت الامارات العربية المتحدة وعاش لبنان