وثائقي محليات الرئاسة الثالثة – رئاسة الوزراء عنوان العروبة في لبنان

مقابلات تلفزيونية 05 يوليو 2007 0

نهاد المشنوق: رئاسة الوزراء في لبنان هي عنوان العروبة عندما تم الإتفاق على إستقلال لبنان عام 1943، أيام المرحوم أو الشهيد رياض الصلح، الذي إغتيل في عمان، كان من الواضح ان رئيس الحكومة في ذلك الحين هو الذي يمثل عروبة لبنان، وبالتالي هو القدرة على التصالح والتفاهم مع كل الدول العربية المحيطة والبعيدة. وإستمر هذا العنوان على مدى السنوات وتبدّل رؤساء الوزراء في لبنان. كل رؤساء الوزراء في لبنان بشكل أو بآخر جاءوا الى رئاسة الوزراء من موقع التصالح مع جهة عربية ما، أومن موقع التصالح مع عروبة لبنان، لذلك كان لرئاسة الحكومة في لبنان دائما تأثير ونفوذ وقدرة ومسؤولية جدية في إدارة البلاد، رغم انه قبل إتفاق الطائف 1990 كانت الصلاحيات الكبرى بيد رئيس الجمهورية، ولكن هذا لم يغيّر أبدا من طبيعة دور رئيس الوزراء.

دور رئيس الوزراء كان دائما أكبر من مهامه المكتوبة في الدستور، حتى قبل الطائف، والدليل الرواية الشهيرة عن إعتكاف الرئيس رشيد كرامي رحمه الله، في بيته لعدّة أشهر، ولم يستطع رئيس الجمهورية آنذاك شارل حلو، تشكيل وزارة برئاسة رئيس وزراء آخر. وإستمر رشيد كرامي رئيسا للحكومة، رغم أنه كان لرئيس الجمهورية صلاحيات آنذاك بإقالة رئيس الوزراء، وكان عنده أكثرية في مجلس النواب، ولكن لم يستطع أي رئيس جمهورية إستعمال هذه الصلاحيات، أو أن يستعمل هذه الأكثرية بشكل مباشر وحاد. ربما إستعملها بشكل سياسي ولائق، يعني بالمداورة ، ولكن مواجهة لم يحدث ذلك ولا مرة.

من هنا كانت قوة رئاسة الوزراء في لبنان، ومن هنا تشكّل الضغط الشديد عليها، كونها تمثل عروبة لبنان من جهة، وكونها تمسك بإدارة الدولة من جهة أخرى.

في تاريخ لبنان منذ العام 1952 وحتى الآن، وقع ما وقع على رؤساء الوزراء في لبنان، وتمثل ذلك بمقتل أو إستشهاد سبعة رؤساء وزراء، أو ستة رؤساء بشكل أو بآخر.

س- لماذا تعتبرهم ستة وهم ثلاثة؟
ج- عمليا ليسوا ثلاثة، بل هم على التوالي: الرئيس رياض الصلح، الرئيس رشيد كرامي، الرئيس رفيق الحريري، وجرت محاولة لاغتيال الرئيس سليم الحص، وتم تفجير سيارة إستهدفته فهو قُتل ولكن لم يمت، وهذا الفرق بينه وبين الآخرين. أيضا الرئيس صائب سلام نُفي الى جنيف، وبقي 15 سنة، وعاد ليموت في سريره، ولكنه لم يقم بأي دور سياسي . كذلك الرئيس تقي الدين الصلح نُفي من لبنان، وبعد أشهر قليلة توفي في باريس.

إذاً عمليا هناك ستة رؤساء وزراء قتلوا بشكل أو بآخر، إضافة ايضا الى المفتي حسن خالد الذي كان بمثابة رئيس الوزراء الديني في لبنان.

طبعا كل واحد من هؤلاء إغتيل لسبب ما، ولكن بالتأكيد هذا الإغتيال دائما يجيء نتيجة خلاف حول عروبة لبنان، وليس الخلاف حول الشخص ، فقد كان الخلاف حول عروبة لبنان أو الصراع حول عروبة لبنان.

س- حدثنا عن ظروف رئاسة تقي الدين الصلح للحكومة؟
ج- أنا أعتقد ان تقي بك أتى رئيسا للحكومة، بمحاولة عربية للمصالحة بشكل أو بآخر، أو تسوية ما للوضع في لبنان، قبل أن يصل للإنفجار، وطبعا لم يكن بالإمكان أن ينجح هو بهذه المصالحة العربية، لأن المطلوب كان مصالحة عربية، وليس مصالحة لبنانية، إنما هو نجح في المصالحة اللبنانية ، فكان أول من شكّل حكومة موسعة في لبنان وأعطى لكل وزير حقيبة، وجمع فيها كل الأطياف والألوان والإتجاهات السياسية، بمحاولة للملمة الوضع الداخلي، ولكن كان الوجود الفلسطيني في لبنان قد بدأ في الإنتشار في تلك المرحلة، ولم يكن بالإمكان ضبط هذا الإنتشار.

بعد خروجهم من الأردن وقدومهم الى سوريا، ومن سوريا الى لبنان وإنتشار العمل العسكري الفلسطيني في الجنوب، كانت حكومة الرئيس الصلح هي آخر محاولة للتفاهم العربي على الحد من إنتشار العمل العسكري الفلسطيني في لبنان، ولم ينجح في هذه الفرصة، الأمر لم يكن بيده، والموضوع كان أكبر بكثير من أي حكومة لبنانية.

الفرق بين الرئيس تقي الدين الصلح وغيره من رؤساء الحكومات، ان تقي بك إستطاع إظهار قدر عالٍ من الحكمة ، هو لم يكن إداريا عظيما، مثله مثل كل المثقفين الكبار ، لا خبرة له في الإدارة وتفاصيلها اليومية، ولكن كان لديه قدرة على الرؤية الشاملة وعلى التفكير الشامل وعلى التعبير الراقي، ونجح في كل هذه الأمور، ولكن لا نستطيع ان نقول ان حكومته إستطاعت خلق مصالحة عربية بالنسبة للإنتشار المسلح الفلسطيني في لبنان ايضا لم تستطع أي حكومة أن تقوم بذلك.

س- ما هي ظروف مجيء الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة اللبنانية؟
ج- الرئيس الحريري رحمه الله، كان تعبيرا عن مصالحة عربية سعودية – سورية، تمت في ذلك الحين وأتى على تقاطع التفاهم السوري- السعودي، وكل فترة الإستقرار التي شهدها لبنان كانت قائمة على هذا التفاهم، وإستطاع تحقيق الكثير من الأمور التي يفكّر فيها، والكثير من الأمور التي يريدها معظم اللبنانيين، كالإستقرار والهدوء.

س- والإعمار؟
ج- أنا أعتقد انه أعاد ربط لبنان بالعالم الحديث، وأنا لا أعتقد إن الإعمار مسألة يستطيعها فلان ولا يستطيعها فلان، المهم ما هو مفهوم الإعمار ؟ هل هو عمل يقوم به مقاول؟ الإعمار فكرة من جهة ، وسياسة من جهة ثانية، وتعبير عن قراءة الوضع من جهة ثالثة، فالرئيس الحريري أعاد لبنان بشكل أو بآخر، أو أعاد ربط لبنان بالعالم الحديث.

=====