هل يُسهم تنسيق الداخلية والحزب بعودة الدولة إلى الضاحية؟

قالـوا عنه 27 مارس 2019 0

:: مروى غاوي ::

عندما اختار رئيس الحكومة اسم ريا الحسن لتولّي وزارة الداخلية خلفاً للوزير نهاد المشنوق، تحفّظ عليه بسرية لأنه كان يعرف أن هذا الاختيار سيشكّل مفاجأة لوزارة هي للسياسيين الأقوياء و”الرجال” وحيث سيحصل تشكيك في قدرة سيدة آتية من عالم الأرقام ومالية الدولة على إدارة وزارة سيادية بحجم الداخلية وأن تكون نسخة عن نهاد المشنوق أو وزير الداخلية مروان شربل.
إحدى التحدّيات الكبرى لريا الحسن تمثلّت في الملف الأمني والتعاطي مع الأجهزة والقطع العسكرية وأبرز التحديات أيضاً التعاطي مع “حزب الله” وعملية التنسيق مع المقاومة في ملف عودة الدولة فعلياً إلى الضاحية الجنوبية.
التحدّي الأخير بالتحديد لم يعد يشكّل عقدة، فالتنسيق قائم بين “حزب الله” ووزارة الداخلية، الخطوة الأولى أتت من “حزب الله” عبر اتصال ولقاء مع مسؤول التنسيق والارتباط في الحزب وإبداء الأخير كل المرونة في التعاطي مع وزارة الداخلية، فالحزب من المكوّنات السياسية في الحكومة وله وزراء في الحكومة، والضاحية ليست مقفلة في وجه الدولة كما يعتبر المقرّبون من “حزب الله” لكن للحزب حيثيته وخصوصيته الأمنية التي تفرض عليه اتباع نظام أمني معيّن في مواجهة أخطار أمنية محددة.
ليس جديداً أو مستغرباً أن تكون عملية التواصل بين الداخلية وحارة حريك قائمة مع تشكيل الحكومة الحالية وتبوؤ ريا الحسن مهام وزارة الداخلية انطلاقا من التفاهمات التي سبقت تشكيل الحكومة، والوزيرة ريا الحسن ليست بالمؤكد الأولى للقيام بمهمّة التعاون والتنسيق مع “حزب الله” ولكن يعوّل عليها القيام بخطوات نوعية لم يسبقها إليها وزراء الداخلية الآخرون.
تبدو ظروف ريا الحسن أفضل من ظروف وزراء داخلية سبقوها، فمسيرة وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي عُرف أنه وزير ربط نزاع مع “حزب الله” كانت مليئة بالتناقضات السياسية إذ كان المشنوق يخاصم “حزب الله” بشراسة ويهادنه بسرعة، قام المشنوق بأكثر من جولة في الضاحية الجنوبية لإقرار الخطة الأمنية للدولة لتوقيف الفارين والمطلوبين من العدالة على كل الأراضي اللبنانية واستعان بمسؤول الارتباط وفيق صفا في مجلس الوزراء لإقرار خطة بلدة الطفيل بدون أخذ الإذن من مرجعيته السياسية.
“الحاج وفيق صفا” هو مسؤول الارتباط والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والمقاومة المكلّف دائماً من قبل الحزب التنسيق مع الداخلية، ومع دخول الحسن إلى الوزارة خصّص اللقاء الأول لإزالة الحواجز الإسمنتية من مدخل الضاحية في مبادرة من قبل الحزب تعكس خضوعه للشرعية وحسن نيّة بأن الضاحية تحت سقف القانون وما يُطبق على الآخرين بدون أن يعني ذلك تخلي الحزب عن تدابير أمنية خاصة.
بدون شك فإن الظروف السياسية اليوم والمواقف السياسية العليا للدولة اللبنانية برفض تصنيف “حزب الله” إرهابياً وإشراكه في الحكومة هي عامل مهدىء ويحكم العلاقة والعمل السياسي، بدون شك فإن الظروف اليوم للتعاطي بين وزيرة الداخلية و “حزب الله” أفضل من ولاية المشنوق الذي واجه انتفاضات سياسية وأمنية وحيث كانت التحدّيات الأمنية والإرهابية أكبر ممّا هي حالياً، ففي الإرهاب تمّ القضاء على داعش والنصرة وانتهى زمن الاغتيالات السياسية، وفي السياسة فإن المساكنة بين “حزب الله” و “المستقبل” في أحسن أحوالها ويمكن الركون إلى الموقف الموحّد للدولة اللبنانية من زيارة وزير الخارجية الأميركي بومبيو للبناء على المرحلة المقبلة وعدم الحماس اللبناني لمسايرة التصعيد الأميركي.
عليه يمكن القول إن عبور الدولة فعلياً إلى الضاحية الجنوبية لن يكون عملية معقّدة خصوصاً أن التعاون قائم بين الأجهزة الأمنية و “حزب الله” الذي يقوم بتسليم مطلوبين وملاحقين من قبل الأجهزة الأمنية وحيث قد تشهد المرحلة المقبلة مفاجآت لإزالة التعديات والمخالفات خصوصاً أن “حزب الله” ملزم تطبيق أي خطة أمنية وأن يكون متعاوناً انسجاماً مع إطلاق معركته لمكافحة الفساد .
في الظروف المرافقة لعملية تشكيل الحكومة تمّ الحديث أن وزارة الداخلية شكّلت مطالبة “حزب الله” معرفة اسم من سيتولى الحقيبة ورفضه لأسماء استفزازية له إحدى عراقيل التأليف، وقد اعتبرت قيادة “حزب الله” في وقت لاحق ويتمّ التأكد اليوم أن اسم الحسن كان اختياراً “حسنا”.