حطّ وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ «رِحال المحاسبة» في مصلحة تسجيل السيارات في الدكوانة، أمس. كل كلام عن هدر المال العام لا يستثني أبداً هذا المكان، وانما قد يكون من أكثر مواقع الدولة اهتراءً وفساداً. أما توقيف المرتكبين فهذه من الحالات النادرة.
بالأمس فعلها المشنوق. أعلن عن «عملية تزوير كبيرة تحصل في احد مراكز المعاينة الميكانيكية»، كاشفاً عن «خمسة موظفين يقومون باصدار ايصالات وهمية من دون ان تدخل الرسوم الى الخزينة».
وقال إنّه «تبين خلال العمل انه منذ العام 2009 هناك موظفون في مركز محدد للمعاينة الميكانيكية يقومون باستعمال User name الخاص بهم ليسجلوا عددا كبيرا من السيارات ويصدرون ايصالات وهمية بدفع الميكانيك، من دون ان تدخل الرسوم الى خزينة الدولة من خلال صندوق المالية الموجود في هيئة السير، حيث تبين ان هناك 3281 ايصالا وهميا للميكانيك مدفوعا على الكومبيوتر بقيمة مليارين و500 مليون و760 الفا و200 ليرة لبنانية، لم تدخل في خزينة الدولة».
ولكن كيف كانت تتمّ عملية الاختلاس؟
تقول رواية بعض موظفي فرع مصلحة تسجيل السيارات والآليات في الأوزاعي حيث حصلت عملية الاختلاس، كما علمت «السفير»، إنّ «موظفاً يدعى ع. م. كان معاقباً بسبب مخالفات في العمل مُنع عليه استخدام الـusername «اسم المستعمل» الخاص به، فأقدم رئيس الفرع وبهدف تسيير العمل وتحت وطأة ضغط المعاملات وقلّة الموظفين، بالطلب من الموظفين استخدام جهاز كمبيوتر الموظف المعاقب ع. م. بعد استعمال الـusername الخاصة بهم.
وقد استخدم هذا الجهاز كل من الموظفين ط. ع.، ع. ش.، ع. س.، م. ب. ومع ذلك كان من السهل معرفة من يقوم بإدخال الإيصالات المزورة الى الكمبيوتر من خلال:
– الشركات والسماسرة والمواطنين الذين كانوا يتعاملون مع ع. م. في التسجيل والميكانيك وهؤلاء كانوا بمعظهم شركات تأجير سيارات.
– موظف في فرع الدكوانة كان يتلقى اتصالاً من ع.م. في كل مرة يدخل فيها ايصالاً مزوراً من دون أن يعرف موظف الدكوانة أن هذا الايصال مزور، كي يفتح له ممراً الكترونياً الزامياً في نافعة الدكوانة من أجل توثيق الوصل على جهاز ع.م. في الأوزاعي. وهذا إجراء إلزامي عندما لا يكون الوصل مدفوعاً في الأوزاعي، كأن يكون مثلاً في مصرف أو غيره من وسائل الدفع خارج مركز الاوزاعي، وقد تبيّن أنّ كل الايصالات المختلسة كانت تدفع بهذه الطريقة.
وكان المشنوق زار مركز المديرية العامة لادارة هيئة السير في الدكوانة وجال في ارجائها واطلع على عمليات التطوير الحاصلة، وعقد اجتماعا مع المدير العام للهيئة هدى سلوم واعضاء مجلس ادارة الهيئة واستمع لسير الاعمال والتحقيقات الجارية.
وأعلن في مؤتمر صحافي أنّ «التحقيق اكتمل مع الموظفين الخمسة المسؤولين عن هذا الملف، وستتخذ كل الاجراءات القانونية وتوقيف الموظفين عن العمل، واحالتهم الى المجلس التأديبي، بعد انعقاد جلسة لمجلس ادارة هيئة السير وستحول الملفات الى النيابة العامة المالية والى النيابة الاستئنافية في جبل لبنان».
وقال في مؤتمر صحافي: الخبر الاهم انه خلال شهرين كحد اقصى سيصدر دفتر السيارة ودفتر السوق «بيوماتريك» والذي سيساعد في تحديد هذه الوثيقة لحاملها كما انه سيساعد في الجانب الامني لانه هناك استحالة للتزوير واستحالة لاستعماله في عمليات امنية. سواء دفتر السيارة او دفتر القيادة، وفي المرحلة اللاحقة ستنتهي ظاهرة تزوير اللوحات وظاهرة تكرار اللوحات سواء العمومية ام الخاصة لعدد كبير من السيارات لانه في آخر عملية تمت في انفجار بنك لبنان والمهجر كانت السيارتان المستعملتان مطابقتين تماما لسيارتين موجودتين من حيث الماركة والشكل واللون والارقام. هذا الامر لن يتكرر بعد شهر آب تدريجيا لانه لا يمكن تسليم مليون دفتر سيارة دفعة واحدة».
وقال: «المحالون الخمسة الى المجلس التأديبي مرتبطون بجهة سياسية لكن لا شيء سيرد الادارة والوزارة من ان تتخذ كل الاجراءات القانونية بحقهم، لانه ليس هناك من جهة سياسية تستطيع ان تحمي حراميا معلنا ومحددا ايا كان موقعه وايا كانت الجهة السياسية التي ينتمي اليها».