هشام ملحم كتب في “النهار”: “الضدّان: ترامب والدستور

اخترت لكم 01 ديسمبر 2016 0

download-1

قبل ان يصل الرئيس المنتخب دونالد ترامب الى البيت الابيض، ليحكم البلاد وفقا للدستور الذي يفترض ان يدافع عنه، نجد انه يقوم بحملة لتقويض الدستور الذي سيضع يده عليه عندما يدلي بقسمه في العشرين من كانون الثاني المقبل. ليس من المبالغة القول إن ترامب الذي ربما قرأ الدستور عندما كان في الثانوية، لم يقرأه حديثاً، وان كان يردد دائما التعديل الثاني فيه، والذي يضمن حق المواطن اقتناء الاسلحة النارية، لكنه لا يتحدث قط عن التعديل الاول والاهم والمتعلق بالحريات التي يضمنها الدستور مثل حرية التعبير والعبادة والتجمع وغيرها. وخلال الحملة الانتخابية الطويلة وبعد انتخابه لم يتحدث ترامب قط عن حقوق الانسان في العالم، عكس اسلافه، لا بل كان يمتدح الزعماء الاوتوقراطيين أمثال الرئيسين فلاديمير بوتين ، ورجب طيب أردوغان.
ولع ترامب بالتغريد، وربما الاصح القول ادمان ترامب التغريد ساهم في نجاحه، وهو يرى انه قادر على تعبئة قاعدته (أكثر من 16 مليون نسمة يتبعون حسابه على التويتر) بسرعة وبشكل مباشر وفي أي وقت. وهو يؤكد مراراً انه لن يتخلى عن هذا الاسلوب في الاتصالات حتى بعد ان يبدأ مهماته الرسمية. وأي مراجعة لتغريدات ترامب تبين بوضوح ولعه بنظريات المؤامرة، واستخفافه بالحقائق، وحساسيته المفرطة حيال أي نقد، او حتى الايحاء بالنقد.
في الاسبوع الماضي فاجأ ترامب ( الذي لا يستطيع ان يخفي غضبه لان هيلاري كلينتون متفوقة عليه بالتصويت الشعبي بأكثر من مليوني ناخب) الاميركيين عندما اطلق تغريدة ادعى فيها انه كان سيفوز بالاقتراع الشعبي لو لم يُقدم “الملايين” من المهاجرين غير الشرعيين على التصويت. واستناداً الى المحللين والخبراء، ليس هناك أي دليل يدعم مثل هذا الادعاء الخطير. ويبدو ان ترامب لم يدرك ان كلامه على ملايين الاصوات المزورة يعني ان فوزه في الانتخابات غير شرعي. واخطر ما يستهدفه ترامب في تغريداته هو وسائل الاعلام التي تتجرأ على انتقاده، وفي الاسابيع الاخيرة شن حملة شرسة على صحيفة “النيويورك تايمس” وشبكة “سي أن أن”.
وقبل يومين خرج ترامب باجتهاد خطير عبر تغريدة صباحية قال فيها إن من يحرق العلم الاميركي ربما يجب ان يسجن مدة سنة أو تنزع الجنسية منه. ما لا يدركه او ينساه ترامب هو انه لا يمكن نزع الجنسية عن أي مواطن حتى لو خان بلده. اما حرق العلم، فقد أكدت المحكمة العليا مرارا أنه يعتبر نوعاً من انواع حرية التعبير. يمكن القول بثقة إن عهد ترامب سوف يكون حافلاً بالمواجهات القانونية بينه وبين معارضيه الكثر.