“نهاية الأسبوع” مع نجوى قاسم – لايستطيع التحرير من لا يقدر على التسامح

س- في مقابلة لك أمس قلت ان إحتفال خروج الضباط، كان إحتفال حقد لماذا؟
ج- أعتقد ان هذا تعبير عن الكلمات التي سمعتها في المناسبة.

قرار قاضي الإجراءات التمهيدية إخلاء سبيل الضباط قرار يشرّف كل اللبنانيين والإعتراف بالمحكمة ، كمرجعية عند جلوسها على القوس ، كما رأيناها ايضا قرارا يشرّف كل الذين عملوا من أجل قيام المحكمة. أنا من دعاة البحث عن عناوين حوارية يجمع عليها اللبنانيون ولا يختلفون عليها.

ما رأيته بالأمس، ودعينا نتجاوز قصة الحقد ، ان هناك هجوما في ثلاثة إتجاهات، هناك هجوم على القضاء وهناك هجوم في السياسة وهجوم بالمعنى الإنتخابي، وهذا يتم عادة في الإنتخابات ، ولكن بدون إستغلال قضية بهذا الحجم، معروف انها تثير حساسية شديدة عند جمهور آخر، ربما يأتي من يقول ان الجمهور الآخر في وقت من الأوقات قام بأسوأ من ذلك ، وأذكر أني في ذلك الوقت، أدنت هذا التصرّف والشعارات التي كانت مرفوعة. فأنا لم أوافق على الأولى، ولن أوافق على الثانية.

س- من رفع النبرة من الضباط ، يضع ذلك في خانة إسترداد حقه ، وهناك كلام سياسي آخر من جديد أخاف البلد يحذّر من إغتيالات وتداعيات جديدة، ماذا يعني هذا الجو؟
ج- هذا الجو يعني، اننا نحتاج الى مزيد من العناوين التي بالإمكان الإجماع عليها، والإتجاه نحوها، كل هذا الكلام الإنتخابي مدته محدودة لا يوصل الى نتيجة.

أنا اليوم قرأت تعبيرا جميلا قاله الزعيم نلسون مانديلا الشهير في جنوب أفريقيا، والذي يُعتبر أحد النماذج العالمية للتحرر، يقول: “لايستطيع التحرير من لا يقدر على التسامح”. أنا لا زلت على ما قلته بالأمس، بأن العنوان الإستراتيجي لـ”حزب لله” هو المقاومة ولحماية المقاومة لا بد من البحث عن عناوين إجماع . ففي الجو الإسرائيلي المجنون الموجود اليوم، لا بد من البحث عن عناوين سياسية تحقق المزيد من إجماع اللبنانيين على وجود المقاومة، وعلى الإعتراف بالمقاومة، وعلى الإعتراف بما فعلته في العام 2000 وفي العام 2006، وليس البحث عن أرباح إنتخابية مؤقتة، تسبب المزيد من الإنشقاقات، أو الإشتباكات بين اللبنانيين، دعونا نفرح بالمحكمة، ومنظر المحكمة بالأمس، منظر عظيم ومشرّف للبنان ولكل اللبنانيين، ولنوقف لغة “الشماتة والنكايات” بحق الجمهور الآخر. هذه اللغة سئمنا منها وتعبنا منها، ولم تعد تعطي نتيجة إيجابية لأي كان، إنما بالعكس تؤكد الضرر، فلا قيادة “حزب الله” بحاجة لإقناع جمهورها بسياستها ، ولا قيادة “المستقبل” بحاجة لجهد كبير لإقناع جمهورها بسياستها، ويجب أن نفتش عن هوية مشتركة.

س- لطالما تكلمت عن هذه النقطة فقد كان لـ”حزب الله” موقف واضح وصريح في موضوع الضباط الأربعة، أُطلق في أكثر من مناسبة ، ولكن لم يكن بالعموم كالذي شاهدناه يوم أمس، بعد إطلاق الضباط ، وكان وكأن “حزب الله” نزل بكل ثقله سياسيا؟
ج- هو إعتبر ذلك عنوانا سياسيا وعنوانا إنتخابيا، وتصرّفوا باتجاه الإفراج، باعتباره منبرا للهجوم على القضاء وعلى السياسة الأخرى، وللهجوم على المزيد من التأييد الإنتخابي.

أنا بطبيعة الحال أفرح لبراءة أي كان إذا تأكدت وهذا لم يتم بالأمس ، إنما حصل إفراج وتبقى مسألة البراءة مسألة تتعلق بالمحكمة. وهنا لا بد من التذكير بأني أحد الذين ظُلموا لسنوات طويلة وأعرف معنى الظلم وما هي فرحة البراءة، ولكن لم أتوجه ولا مرة في خطابي أو بكلامي أو بكتابتي، إستنادا الى ما حدث لي من ظلم، لم أتوجه بذلك لأحد، بالعكس كنت أبحث دائما عن عناوين جامعة مع كل الأطراف، ورميت هذه المرحلة ورائي، وبالتالي أنا أعرف تماما مشاعرهم ، أنا أفتش عن عناوين جامعة.

س- بالأمس سمعنا تصريحات مختلفة ، فالعميد حمدان تحدث بلغة تسامح، رغم ان صورته كانت دائما انه من الشخصيات الأكثر تمردا ورعونة، هكذا كانت تبدو صورته؟
ج- أبدا من لا يعرفه جيدا يقول هذا الكلام، بالعكس، أنا بالأمس دعيت للإقتداء بالعميد حمدان كنموذج ، والى رمي هذه المرحلة وراءنا لكي نتطلع الى المستقبل ، لنرى ماذا سنفعل؟. هناك وضع في المنطقة متفجر في كل الإتجاهات، وهناك حالة جنون إسرائيلي ، وإدارة أميركية جديدة تحاول أن تتحدث مع الجميع ، ولكن حتى الآن لم تصل الى نتيجة مع أحد، ورغم ذلك نرانا نفتش عن عنوان إشتباكي جديد، ونخوض الإنتخابات على أساسه. فنحن لا نحتاج الى هذا الأمر، ولا نحتاج الى كل إنتصارات الإنتخابات إذا كانت ستوصل الى إشتباكات جديدة، والى إنقسامات بين اللبنانيين.

س- ماذا يعني الهجوم على القضاء تحديدا ، إذا كان محصورا بشخص الضباط ، وماذا يعني إذا كان مُتبنى من قبل جهة سياسية؟
ج- أولا، أنا مضطر الى تكرار كلام ذكرته بالأمس ، بأن الرئيس ميرزا لا يحتاج الى شهادتي، وتاريخه لم يبدأ بالامس، ولم ينته أمس. ولكن هذا ليس هذا موضوعنا.

إذا كان هناك من يعتقد جديا انه وقع بحقه ظلم قانوني ، فليتوجه الى المؤسسات المعنية بالأمر ، ويتقدم بشكوى رسمية وقانونية ، لا أن يأخذ بثأره بالكلام وشتم القضاة ، وبالتعابير غير اللائقة. فإذا كنا نسير باتجاه الدولة فيجب إعتماد مؤسسات الدولة مكانا للتقاضي، ومكانا لتحصيل الحقوق، وليس وسائل الإعلام.

س- البعض إعتبر كلام النائب وليد جنبلاط الذي أعاد فيه إتهام النظام الأمني السوري – اللبناني سابقا بأنه ليس لاستعادة موقفه السياسي الذي شهد ليونة الى حد ما في الفترة الأخيرة، بقدر ما هو محاولة لرفع نوع من الإحباط أصيبت به جماهير 14 آذار ، ما رأيك؟
ج- هو يقول سامحنا لكننا لم ننس، أم نسينا لكن لم نسامح. على كل حال لا أعتقد ان أحدا نسي النظام الأمني، أو نسي ما حصل بلبنان من سنة 1995 الى سنة 2005.

نحن نقول لننسى هذه الفترة، ونبدأ من جديد بإيجاد عناوين حوار ، المطلوب إيجاد عناوين حوار وليس عناوين إشتباك، ومن يريد البحث عن عناوين إشتباك يكون بذلك يتقصد إلحاق الضرر بالمقاومة، والتخفيف من حمايتها والإساءة الى عمقها اللبناني، فضلا عن المشاكل خارج لبنان.

لا أريد الدخول في الوضع الإقليمي الآن، ولكن أقول ان مسؤولية كل لبناني البحث عن عناوين حوار جامعة، في ظل وضع نشهد فيه زلازل ، ودائما أقول ان لبنان واقع على خط زلازل سياسية.