“نهاركم سعيـــد” – حرب تموز..

مقابلات تلفزيونية 04 أغسطس 2006 0

س- أولا نحيي إقدامك وبطولتك وتحدي الغارات لإسرائيلية على الطرقات، وهذا يُثبت ان اللبناني يستطيع أن يتحدّى ويتحمّل ويواجه الى النهاية، طالما انه صاحب حق؟

ج- هذه الأزمة اثبتت ان اللبنانيين شعب عظيم لديه قدرة على التماسك وتحمّل الصعاب والمشاكل ، وأضيف اليها شيء جديد لم نتعوّد عليه من قبل، مفاده أهل الجنوب، مثلا في عدوان الـ1996 أتذكر انه كان عند الناس قدرة على الندب أكثر . أما اليوم فنرى ان كل الناس النازحين في كل الاماكن يتمتعون بأعصاب متينة وصابرين ومنتظرين العودة الى منازلهم، لا بل متأكدين من العودة الى منازلهم. وبالتالي تخلوا الى حد كبير عن هذا الندب في حال وقوع المصيبة عليهم، ولا شك ان هذا أمر عظيم يجب تقديره، وهذا ينطبق على مئات الآلاف من النازحين في صيدا وطرابلس وفي بيروت وفي كل المناطق، أنا شاهدتهم على هذه الحال وفوجئت بمدّى صلابتهم وصمودهم والقدرة على الصبر، وإيمانهم بالعودة الى بيوتهم وتأكدّهكم من ذلك.

س- يبدو ان حجم العدوان الكبير على لبنان، أعطى للناس فكرة ان هذه الحرب التي لا يمكن أن نرى أعنف وأقسى منه ، ولا بد أن يأتي بحل نهائي لمرة أخيرة؟

ج- ما تفضلت به صحيح، ولكن لا أوافق على انه لا بدّ أن يأتي بحل نهائي. أنا هنا أتكلم عن صمود الناس، وسبب هذا الصمود المعنويات العالية التي يفرضها بشكل أو بآخر قتال المقاومين في الجنوب، والذين أثبتوا أنهم إستطاعوا رفع معنويات الشعوب العربية ، وليس فقط الشعب اللبناني، لذلك مُعيب علينا أن نكون ندّابين في الوقت الذي الشعوب العربية في أكثر من عاصمة تؤازر وتدعم هؤلاء المقاتلين العظماء الذين مازالوا مستمرين حتى اليوم ، بعد مرور 25 يوما من القتال، وليس فقط من الصمود، من القتال وبدون توقف، وكلما إعتقدت إسرائيل انها قصفت مكان تتفاجأ في اليوم الثاني ان هناك مكانا آخر، يقدّم نفس التسهيلات لنفس المدفعية، لنفس المقاومين، وهذا عمل عظيم، يجب أن نفتخر به وبالتالي لا يجب أن نتحدث عن الخسائر التي وقعت فقط، هذه الخسائر وقعت والكلام عنها لا يؤدي الى نتيجة، ولا يقدّم ولا يؤخّر، الشيء الذي يجب أن نفرح به ونؤكد حقنا فيه معنويا، هو صمود هؤلاء المقاتلين وقدرتهم على التصدّي لرابع أقوى جيش في العالم، بكل معنى الكلمة.

وأعتقد انه لا يمكن للمرء أن يصدّق ما نراه الآن. فأنا من الجيل الذي عاصر ثلاثة حروب ، ولكن حتى حرب تشرين لم تكن نسبة الصمود المصرية فيها، بنفس النسبة الني نراها اليوم.

س- ربما لأنها كانت حرب كلاسيكية بين جيوش نظامية ، ولكن بالامس سمعنا السيد حسن نصرالله يوضّح طبيعة هذه الحرب، بأنه لا يمكن لجيش نظامي أن يواجه حرب عصابات، وإن هذا الجيش العظيم رابع جيش في العالم، هو جيش تقني قوي ولكن على الأرض قال ان جنوده ضعفاء؟

ج- نحن مقتنعون بما قاله السيد حسن، ولكن على إسرائيل وأميركا أن تقتنع، وأعتقد إننا أصبحنا أقرب بكثير من صياغة سياسية للوضع.

س- أنت تقول انك لا توافقني على تعبير الحل النهائي، لماذا؟

ج- هناك تعابير نستعملها كل يوم، وبتنا نسمعها كثيرا هذه الأيام، من بعض الزملاء الأصدقاء، حتى السياسيين يستعملون تعابير، منها قصة الحل النهائي والشامل، ومنها كلمة الدولة، ومنها قصة إحتساب الخسائر. ولكن هذه تعابير لها مواصفات وتحدّي ليست بالمطلّق ، لا يوجد شيء إسمه دولة بالمطلّق، أو حل شامل ونهائي بالمطلّق، وإحتساب خسائر بالمطلّق.

س- لكن ماذا عن التعبير المستعمل في الأمم المتحدة، والذي يقول بالحل المُستدام؟

ج- أعتقد ان هناك مبالغة حتى في هذا الوصف، لأن الحل الشامل هو حل المشكلة الفلسطينية، وليس حل المشكلة اللبنانية، لأن الأزمة المركزية في المنطقة هي الموضوع الفلسطيني، وليس الموضوع اللبناني الذي لا يستطيع أن يشاهد هذا الواقع المستجّد في المنطقة ، بعد فترة سبات طويلة وكأنه إنتهى الموضوع الفلسطيني وكدنا ننساه، الى أن حصلت الإنتخابات الفلسطينية، وجاءت بـ”حماس” مما أعاد التذكير بأن الموضوع الفلسطيني لا يزال حيا، ولا يزال قادرا على المقاومة، ولا يزال يتقدّم.

الحل الشامل النهائي لا يكون في لبنان ، ولا يمكن تحقيق حل شامل ونهائي للبنان فقط، “وكان الله يحب المحسنين” لا يمكن أن يكون لبنان جزيرة معزولة عن محيطه.

س- لكن هو جزيرة، بمعنى ان لبنان هو الساحة الوحيدة، لأننا نرى الدول الأخرى المرتبطة قضاياها بموضوع الحل الشامل، إستطاعت التوصل الى حلول مؤقتة على الأقل، بإنتظار الحل الشامل؟

ج- هناك أربعة نماذج للاتفاقات مع إسرائيل:

1- إتفاقية السلام العربية – الإسرائيلية المعروفة بإتفاقية “كامب ديفيد”.

2- إتفاقية “وادي عربة” المعقودة مع الأردن

3- إتفاقية “أوسلو” المعقودة مع الفلسطينيين

4- إتفاقية فك لإشتباك مع سوريا

إذاً هناك أربعة نماذج من الإتفاقات بشكل أو بآخر، يمكن إعتبار “كامب دايفيد” و”وادي عربة” متشابهتان، و”أوسلو” إتفاق مختلف وفك الإشتباك أيضا مختلف، ولكن هذا لا يمنع ان المشكل الرئيسي في المنطقة لا يزال هو المشكل الفلسطيني ، لولا طبيعة هذه المشكلة لكانت المنطقة إستسلمت منذ زمن للمشروع الإسرائيلي أو للمشروع الأميركي.

وعمليا ، طالما الفلسطينيين يقاتلون وقادرون على التقدّم وعلى المناداة بقضيتهم ، لا بد أن يستجيب عربي لهم ويدخل الى القتال معهم، هذه مشكلة قديمة لم يتم حلها بعد، هناك إعتقاد بأنها حّلّت في فترة من الفترات، ولكن للحقيقة هي لم تُحل، وتبيّن من أربع أوخمس سنوات حتى اليوم ان تطورات الأمور في فلسطين، جرّت الكثير من العالم الإسلامي لحمل العلم الفلسطيني والتقدّم الى الأمام، والقول انه لا بد من قتال إسرائيل، وهذا ما حصل في لبنان. لذلك لا يجب تبسيط الأمور أو المبالغة فيها، نحن دولة من دول الطوق، لدينا مشكلة جدية بسبب طبيعة البلد الجغرافية وبسبب طبيعتها السياسية، حاولنا كثيرا الهروب من هذه الطبيعة السياسية، ودفعنا الثمن أكثر مما ندفعه الآن، حروب لم تنته لعشرات السنوات عندما قررنا إننا خارج محيطنا، وانه لا علاقة لنا بالنزاع الدائم في المحيط. لذلك من الأفضل ان نعترف اننا جزء من هذا المحيط، وان نقاتل قتالا واضحا وصريحا، نصل من خلاله الى نتيجة الحل النهائي والشامل، الذي لا يمكن أن يتم بدون سلام في المنطقة، وبالتالي لا يعتقدن أحد ان باستطاعته الوصول الى حل شامل يتعلق بلبنان فقط ، ونزعه من النزاع العربي-الإسرائيلي.

ربما هناك قائل: وماذا عن سوريا؟ نحن غير معنيين بما تقوم به سوريا، ولا يمكن أن نكون معنيين بهذا الأمر، طالما عندنا قوة مسلحة على الارض تحمل السلاح وتحمل العلم الفلسطيني وتتقدّم لقتال إسرائيل. وبالتالي لا يهمني ماذا تفعل سوريا، المهم ماذا عندي؟ لأن مشكلتي عندي وليس عند السوريين ، ولماذا الإفتراض بالأخذ با لنموذج السوري؟.

س- القصد ان سوريا ليست مضطرة أن تقوم بأي شيء، طالما هناك من ينوب عنها في هذا الأمر؟

ج- نحن لا ننوب عن سوريا، نحن نقاتل من اجلنا ، وأنا أستبعد كثيرا أن تستطيع سوريا أو إيران الإستفادة من الحرب الدائرة على الأرض اللبنانية.

س- إذاً لماذا تُطرح سوريا موضوع الجولان، في أي حل يمكن أن يتوصل اليه في لبنان؟

ج- سوريا لا تطرح هي تقوم باستدراج عروض بلغت حتى الآن 21 عرضا في 21 يوم قتال، حيث تقدّم العرض ثم تسحبه، يقدّمه وليد المعلم ويسحبه عماد مصطفى، ويقدّمه فيصل المقداد وتسحبه بثينة شعبان، وتقدّمه بثينة شعبان ويسحبه وليد المعلم. هذا كلام غير جدي لأنهم يعرفون بأنه لو كان الأميركيون يريدون التفاهم معهم، لما كانوا بحاجة الى إستدراج العروض هذا.

س- عندما يقف احمدي نجاد ويقول لن نقبل ، ويفرض الشروط لوقف هذه الحرب، ماذا يعني هذا الأمر؟

ج- يحق له أن يقول ما يريد، ولكن ليس بالضرورة ان ألتزم بكلامه.

س- أنت قد لا تلتزم بكلامه، ولكن هناك من يلتزم بهذا الكلام؟.

ج- ولا الحكومة اللبنانية ولا الرئيس بري.

س- ولا “حزب الله”؟

ج- “حزب الله” يفوّض الرئيس بري بتولي المفاوضات السياسية، وبالتالي ماذا قال الرئيس بري أمس؟ قال”الورقة المقدّمة من الرئيس السنيورة في مؤتمر روما لا تزال هي الأساس الصالح للمفاوضات” ونقطة على السطر.

بعد ذلك سُئل الرئيس بري بأن فلان قال وفلان قال، فأجاب “أنا أكرر وأقول ورقة الرئيس السنيورة هي الأساس للمفاوضات مع المجتمع الدولي”.

لقد قال الرئيس لإيراني أول امس انه يريد محو إسرائيل عن الخريطة، ماذا يهمني هذا الكلام، ولماذا عليّ أن أسمع له والأخذ بوجهة نظره.

س- لكن وزير الخارجية الإيراني متكي أتى الى لبنان، وكان له موقفا في ورقة الرئيس السنيورة؟

ج- سمعت ما قاله، ولكن هل هناك من أخذ برأيه؟ والسوريين كان عندهم رأي ، من أخذ برأيهم؟ طالما الرئيس السنيورة المكلّف من قبل الحكومة، وطالما الرئيس بري مكلّف بالتفاوض السياسي من قبل “حزب الله” وطالما لا زالا على إتفاقهما على ان الورقة المقدّمة الى مؤتمر روما، هي الورقة الأساس الصالحة للتفاوض السياسي مع المجتمع الدولي، فأنا لا يعنيني أي كلام آخر.

س- عل كل حال، عُقد إجتماع اليوم بين الرئيس بري والرئيس السنيورة وإنتهى منذ بعض الوقت ، لم تصلنا بعد تفاصيله ويُعتقد انه خُصّص لبلورة صيغة؟

ج- هناك نقطة واحدة هي مدار كل هذا النقاش، وهو القوات الدولية ما هو شكلها، هذا هو موضع النقاش بين كل الناس وبين كل الدول.

س- هل هذه القوة الدولية، ومهما كان شكلها، ومهما كان الإتفاق عليها، ممكن أن تكون حلا ما ، والبعض يحذّر من أن تكون سبب لتحويل لبنان الى عراق آخر؟

ج- لا علاقة للقوة الدولية بالعراق، ونحن لا نشبه العراق، فلا طبيعة الشعب ولا تعدّد طوائفه بالشكل العراقي ولا أغلبية ناس على ناس، الأمر مختلف تماما، أيضا أثبت شعب لبنان ان وضع صحته السياسية سليم جدا، لذلك حرام تشبيهه بالعراق، وأنا لا أعتقد انه تشبيه عاقل على الأقل.

الرئيس السنيورة يقول في ورقته “بتعزيز قوة الطوارىء، نشر الجيش اللبناني وإعتباره المسؤول عن المنطقة الجنوبية”، وهذه الورقة الرئيس بري يوافق عليها، وبالتالي لماذا نفترض بأن فلان رفض وفلان وافق الخ.. كل واحد بإمكانه أن يوافق وأن يرفض، وأن يقول ما يشاء، ان كان وزير الخارجية الإيراني أو وزير الخارجية السوري، ولكن هذا لا يغيّر أبدا من الإتفاق على هذه الورقة، إلا إذا أعلن الرئيس بري ان هذه الورقة أصبحت غير صالحة للتفاوض أو إنها سارية المفعول.

أنا أقول ان الوضع الداخلي مُتماسك أكثر مما يتوقع أي أحد، ولكن الموضوع ليس هنا، الموضوع الأساسي أو المشكلة الأساسية في المنطقة، هي طبيعة المشروع الأميركي الذي يسمّى الشرق الأوسط الجديد، مهما كانت تسمية هذا المشروع إلا انه مشروع أميركي دخل الى المنطقة من الباب الأفغاني الى الباب العراقي. فالباب الفلسطيني حيث هو فاشل في الثلاثة ويأتي ليحقق مشروعا ناجحا في لبنان، إعتقادا منه بأن لبنان كونه فيه نواة صلبة من حلفائه السياسيين، يستطيع من خلالها تحقيق ما يمكن إعتباره مشروع سياسي ناجح في لبنان، ولكن تبيّن ان هذا الأمر غير صحيح، وغير ممكن وغير طبيعي تنفيذه، لأن من يسقط في العراق وسقط في فلسطين لا يمكن أن ينجح في لبنان.

أنا أسأل ماذا فعل المشروع الأميركي في فلسطين؟ هذا المشروع قبل الإنتخابات حاصر ياسر عرفات الزعيم التاريخي الحائز على جائزة نوبل للسلام، والموقّع على إتفاق “اوسلو” ، حاصره سنتين في رام الله، وبعدها نقله مريضاً الى باريس ليموت هناك.

إذاً وبخلاصة ما حدث، من الطبيعي أن ينتخب الفلسطينيين “حماس” وأن تصبح “حماس” ممثلة أكثر لطموحات الشعب الفلسطيني، الذي شاهد زعيمه التاريخي محمولا على نقالة في هليوكوبتر بظروف غامضة، ولم يُعرف كيف مات، حيث يُقال انه قتل بواسطة السُّم، فضلا عن الحروب الدائرة في العراق، حيث سمعنا أمس السفير البريطاني يتحدث عن حرب أهلية في العراق، وبالتالي أين نجح هذا المشروع الأميركي لكي ننفذه في لبنان؟.

أنا أقول، هذا المشروع الأميركي الفاشل في العراق وفلسطين وأفغانستان، لن ينجح في لبنان حتى لو إستمر الطيران الإسرائيلي يقصف الى يوم القيامة لن ينجح، لأنه لا مضمون سياسي ناجح له، وبالتالي لا يكفي أن يضرب بالطائرات والقنابل.

س- لماذا يصر الأميركيون على هذا المشروع الذي ثبُت فشله؟

ج- لأنه ليس لديهم خيار آخر، هذه الإدارة الأميركية رسمت هذا المشروع وسارت به، ففشل أول مرة وإستمرت، وفشلت مرة ثانية وإستمرت، وفشل مرة ثالثة وإستمرت، واليوم أتت الى الرابعة في لبنان، إعتقادا منها ربما بقايا ما يسمّى بثورة الأرز تساند وتتحالف مع العملية الإسرائيلية، ولكن فوجئوا بأن اللبنانيين أعقل وأوعى أو أكثر وطنية من هذا الكلام، وانا أعرف من خلال معلومات كانت تنشر في الصحف الاميركية من الأوساط اليهودية، بأنهم كانوا ينتظرون أن تقوم ثورة الأرز بهذا العمل، إستنادا للعمليات التي تنفذها إسرائيل ضد “حزب الله” في الجنوب. فتبين ان ثورة الأرز قامت، ولكن لصالح تفاهم اللبنانيين، وليس لصالح خلاف اللبنانيين. ولكن أُسقط في يدهم فإستمروا بالضرب، وطلبوا من إسرائيل وأعطوها مهلة أسبوع ثم ثاني أسبوع ثم ثالث أسبوع ، والآن دخلنا في الأسبوع الرابع، وبرأيي انهم لن يستطيعوا الإستمرار في الرابع.

س- تفاهم اللبنانيون تحت النارالاسرائيلية، ولكنهم يراهنون على بعد هذه النار، خاصة اذا استطاعت أن تريح إسرائيل وأمن إسرائيل، ربما يعود اللبنانيون ويختلفوا بعد وقف النار؟

ج- لا أعتقد ذلك.

س- هناك عودة للكلام عن موضوع مستقبل سلاح “حزب الله”، ومصير سلاح “حزب الله”، وبالأمس تحدث الرئيس السنيورة عن هذا الموضوع، واليوم نقلا عن وكالة “الصحافة الفرنسية” السنيورة يدعو الى معالجة الاسباب، التي أدت الى ظهور “حزب الله”؟

ج- الأسباب التي أدت الى ظهور “حزب الله” تعني معالجة الموضوع وفشل سياسة السلام في المنطقة. لو كان هناك سياسة سلام ناجحة في المنطقة لما كنا نتحدث الأن عن كل هذه المواضيع.

س- الا تعتقد ان الرئيس السنيورة يقصد بالأسباب انها الأسرى ومزارع شبعا؟

ج- هذه أسباب محلية ولكن نشؤ “حزب الله” له أيديولوجية طويلة عريضة، تتعلق بالنزاع في المنطقة وبإسلامية الحزب والنزاع مع إسرائيل، هذا موضوع آخر منفصل تماما عن موضوع شبعا.

أنا قرأت تصريح الرئيس السنيورة أمس، ولكن أنا لا أوافقه على هذا الكلام، ولكن هو رئيس الحكومة مضطر أن يقول كلام فيه إغراء للمجتمع الدولي ومجلس الأمن. بحيث تبقى صورته مقبولة وقادر على التفاوض.

أنا أسمع الكثيرين يتكلمون عن الدولة، لكن هل الدولة هي مشروع عاطفي رومانسي، بمعنى إني مع الدولة لأني أحبها أم ان الدولة مشروع سياسي له فكر وله حماة وله رجال. الدولة ليست طرقات واوتوسترادات وقضاء ومستشفيات حكومية، الدولة فكرة أساسية سياسية يقوم عليها الباقي كله ، فإذا كانت الفكرة السياسية موجودة ، فالباقي كله بسيط ومحمي ، أما إذا لم تكن موجودة فالباقي كله مُباح وغير محمي.

ما هي الفكرة السياسية للدولة الآن؟ هل هي دولة من ضمن مشروع سلام غير متوفر وغير ناجح، لا تستطيع ذلك بدون إنتصار “حزب الله”، وهو إنتصار أهداه السيد حسن لكل اللبنانيين، ولكن بدون إنتصار “حزب الله” هل لنا مصلحة في أن نكون جزء من مشروع غير ناجح ولا متقدّم وبدون مضمون.

س- برأيك لا نستطيع بناء دولة قبل الحل الشامل في المنطقة؟

ج- أنا أقول ما هي الفكرة السياسية للدولة التي نريد بناءها ، هل نحن جزء من مشروع سلام في المنطقة موجود؟ هذا المشروع غير موجود. أنا اقول ان الشيء الأساسي هو الفكرة السياسية للدولة وأعتقد انه يجب أن ننظف أنفسنا من السياسة القائم عليها المشروع السابق للدولة، أي ان هناك مشروع سلام في المنطقة يجب أن نحاول الإستفادة منه. لا يوجد مشروع سلام حاليا في المنطقة، إنما هناك مشروع مواجهة للمنطقة، فأما ان نسير بهذا المشروع وأما أن يسبقنا القطار.

أمس قال الرئيس ميقاتي مع صديقنا مارسيل غانم في “كلام الناس” قال هناك أشخاص يحبون كتابة التاريخ ويصنعوه، وهناك أشخاص يحبون قراءة التاريخ، وعلينا أن نختار . أنا أحب أن أكون من الذين يكتبون التاريخ ولا أدّعي اني أستطيع أن اصنعه ولكن أنا لا أحب قراءته.

إذاً النقاش الذي سيحصل لاحقا سيكون حول فكرة الدولة، هل هي دولة مواجهة أو دولة لا سلم ولا حرب، أم دولة سلم غير موجود؟.

لذلك يجب أن يتفقوا على صياغة وبعدها، يصبح موضوع السلاح ضمن مشروع الدولة وبالتالي يصبح السلاح جزءاَ او ذراع من اذرعة الدولة وليس الدولة كلها. أكرر القول لا يفكرن احداً ان لنا صالحا بأن يكون “حزب الله” مهزوماً في مشروع الدولة، هذا مشروع انتحاري. ومصلحتنا بمشروع “حزب الله” منتصر داخل على الدولة بمفهومها الجديد الذي يتفقوا عليه.

س- بالعكس هناك إجماع اليوم على إنتصار “حزب الله”؟

ج- هناك إجماع عربي ودولي ومحلي.

س- أنا لا يهمني العربي والدولي، أنا يهمني في لبنان، هناك إجماع لبناني عندما يتكلم الوزير مروان حمادة عن إنتصار “حزب الله”؟

ج- أعتقد ان الأستاذ مروان حمادة تأخر ليعترف لهم بهذا الأمر، وأعتقد انك لم تعط المثل الصالح في هذا الإعتراف. على كل حال ، أنا أقول تعالوا لنفرح بهذا الإنتصار، وكفى الدوران حول مواضيع لا طائل منها.

س- ولكن في النهاية كم سنفرح؟

ج- هناك وقائع نشاهدها كل لحظة ولا ننتظرها لأنها وصلت ونشاهدها أمامنا، ونحن دفعنا الثمن وليس سندفع الثمن، وبالتالي لا يجوز أن نناقش إذا كنا سنّقدم أولا نُقدم.

س- برأيك انه لا لزوم للكلام الذي يطلقه الرئيس السنيورة اليوم، أي بمعنى إنه لم يحن وقته بعد؟

ج- لا ليس وقت هذا الكلام، ولكن ممكن عنده ظروف دولية وظروف بالتفاوض، تفرض عليه أن يقول مثل هذا الكلام، وأنا أحاول أن أجد له مبرر، لكن أعتقد ان توقيته ومضمونه خاطئين.

أنا أقول لا أحد يستطيع فرض أي شيء غير بالتفاهم، ولكن دائما السؤال ما هو مشروع الدولة؟ وعلى ماذا يقوم هذا المشروع؟ هل على مواجهة أم لا سلم ولا حرب؟ أو سلام فاشل في المنطقة؟ نحن جرّبنا السلام الفاشل في المنطقة وجرّبنا اللاسلم واللاحرب ولم نصل الى مكان، يبقى أمامنا خيار واحد له علاقة بالمواجهة، ومواجهة لا تأخذ بعين الإعتبار لا الحاجات السورية ولا الحاجات الإيرانية، فقط الحاجات اللبنانية.

س- هذا القرار الذي يتم تحضيره في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمنتظر منه أن يوقف هذه الحرب أين سيضع لبنان، هل هو الذي سيضع الإطار لهذه الدولة؟

ج- موازين القوى لا تسمح له هو أيا يكن الفرنسي أو حتى الأميركي بأن يفرض صياغة ليس لها علاقة بموازين القوى على الساحة اللبنانية، عليه فرض شروط لها علاقة بالتوازن بين الطرفين.

يفترض ان اميركا مازالت تبحث حتى الآن عن إنتصار لإسرائيل، وآخر المعلومات الجدية تقول انه تم التمديد للعملية العسكرية، أما الى اليوم إذا إتفقوا على صياغة، وإلا الى يوم الإثنين بدون مناقشة يكون القرار على طاولة مجلس الأمن.

س- هناك توقعات بأبعد من يوم الإثنين؟

ج- هذا غير منطقي، لأن العملية العسكرية الإسرائيلية أو العدوان العسكري الإسرائيلي، واضح انه لم بستطع ولن يستطيع تحقيق النتائج السياسية المتوخاة من هذه العملية.

س- ولكن في نفس الوقت لا يستطيع إعلان الهزيمة؟

ج- أنا لا أقول انه سيعلن، أنا أقول على مجلس الأمن إيجاد صياغة، وإلا لماذا الدبلوماسية؟ الدبلوماسية هي إيجاد صياغات مبتكرة لمسائل مُعقدّة وإلا لما كان هناك لزوما لمجلس الأمن.

س- برأيك دايفيد وولش قادم الى المنطقة لإيجاد هذا الحل الدبلوماسي؟

ج- لا يستطيع إيجاد غير الصياغة الدبلوماسية.

أنا إنطباعي البسيط انه لا تزال ورقة الرئيس فؤاد السنيورة في روما، هي الأساس الصالح لأي مفاوضات سياسية ودبلوماسية على الأزمة في لبنان.

س- تقول فرنسا ان مشروع قريب جدا من ورقة السنيورة؟

ج- صحيح، ولكن المهم ان يتفاهموا مع الأميركيين على هذه الصياغة. ما فهمته بعد شكل دقيق من الإتصالات، ان الإدارة الأميركية أعطت لرئيس الحكومة الإسرائيلية آخر مهلة ليوم الإثنين، إعتقادا منه ومنهم ان باستطاعة إسرائيل خلق هذا الشريط العازل . وأنا لا أعتقد ان باستطاعتهم ذلك لان “حزب الله” أيضا غير مستعد أن يقدّم للبنانيين من جديد أرض محتلة. الصياغة النهائية يجب أن تكون أقرب الى ما قاله الرئيس السنيورة ، وهذه الصياغة لم تخرج من فراغ، هي خرجت نتيجة تشاور وإتصالات بجميع الأطراف الأميركية والفرنسية واللبنانية و”حزب الله” وكل الناس معنية بهذه الورقة.

قد يأتي من يقول وزير الخارجية الإيراني أعلن عدم موافقة إيران. ولكن لا أعتقد ان “حزب الله” مُستعد لتقديم هذا الإنتصار، أو جزء منه هدية سواء لسوريا أو لإيران، وليس له مصلحة في ذلك.

س- لذلك نلاحظ ان السيد حسن نصرالله عندما يتوجه بخطاباته لا يقرب من هذا الموضوع، وبالتالي يؤكد إعطاء الوقت للنقاشات السياسية؟

ج- هذا موقف كبير من الرئيس السنيورة لأنه يؤكد على ضرورة التعامل مع المقاومة على انها لبنانية، وبالتالي بإمكاننا جميعا ان ندفع أكثر باتجاه لبنانية الحل ولبنانية المقاومة، خاصة ان الرئيس بري في هذا المعنى يقوم بدور ممتاز. وأنا قلت سابقا وأكرر اليوم، ان الرئيس بري يقوم بدور صمام أمام للبنانية الحل وللنظام اللبناني وحتى للنظام العربي. وقد إلتقيته مرات عديدة ووجدت ان الكثير من المواقف يتخذها على مسؤوليته دون الرجوع الى أي كان ويتحمّل مسؤوليتها ، ودائما يتضح في النهاية إنه مُحق.

س- في إتصال مع البرنامج صديقك الوزير السابق جان عبيد، دعا الى مؤتمر وطني على غرار القمة الروحية، على المستوى السياسي تشارك فيه جميع القوى من 8 آذار و14 آذار وغيرها من القوى السياسية للتأكيد على وحدة الموقف اللبناني؟

ج- فكرة ممتازة، ولكن ماذا ستضيف الى مؤتمر الحوار، ومن هي القوى المطلوب إضافتها الى مؤتمر الحوار؟.

س- هو تحدث عن الرئيس عمر كرامي، وعن كثيرين غير موجودين على طاولة الحوار؟

ج- لن أعلّق “فخامتو يأمر” ولكن للحقيقة هي فكرة بعيدة، ولكن أعتقد ان تحديد إطارها صعب لأن كل الناس في لبنان تعتبر نفسها شخصيات في لبنان، وبالتالي أمر الدعوة معقد قليلا، ولكن الإطار الصالح والطبيعي هو مؤتمر الحوار، فإذا أضفنا له الوزير فرنجية والرئيس كرامي ماذا سيتغير؟ ولكن أيضا لا يمكن دعوتهما فقط، عندئذ يجب دعوة الآخرين وبالتالي سندخل في مجال يصعب إطاره.

كذلك أنا لا أرى ان الوزير فرنجية والرئيس كرامي بعيدان عن مؤتمر الحوار، فالجنرال عون موجود وهو مرشح الوزير فرنجية الدائم لرئاسة الجمهورية، والرئيس كرامي على صلة بالآخرين طيبة ومعقولة.

س- بالعودة الى قرار مجلس الأمن المرتقب، هل يمكن أن يصدر إقرار دون موافقة “حزب الله “عليه؟

ج- كلا، طبعا ولا يجوز ذلك.؟

س- لكن نستطيع ان نتحدث عن موافقة الحكومة.

ج- هناك وزيران لـ”حزب الله” في الحكومة ومفروض إنهما يوافقان، وبالتالي موافقة الحكومة تعني موافقة “حزب الله”.

س- دعا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة رؤساء الحكومات العربية للإجتماع في بيروت، يستنهض التضامن العربي، كيف ترى تطوّر المواقف العربية منذ بداية الحرب الى اليوم؟

ج- بكل بساطة البندقية التي إنتصرت في الجنوب، دفعت كل العرب لتغيير مواقفهم والتراجع ، وتبيّن ان كل العرب بمن فيهم الموقعّين على إتفاقيات سلام مع إسرائيل، وبمن فيهم الذين على صداقة من بعيد مع إسرائيل، وبما فيها الأعداء مع إسرائيل لم يستطيعوا تأجيل أو تأخير المشروع الإسرائيلي حتى يوم واحد، وتبيّن إنهم مراقبين لا يحق لهم التدخل لا بالقرار الأميركي ولا بالقرار الإسرائيلي، وان “حزب الله” بمئات المقاتلين لا يملكون تقنيات عالية، ولا دبابات ولا طائرات إستطاعوا أن يكونوا جزءا من قرار اكثر من كل هذه الدول العربية. ولذلك لا يجب أن نتوهم بموقف العرب، لأنه تبين انهم لاعبين ثانويين جدا في هذه الحرب الدائرة ، وقد تذكروا فجأة ان مسألة السلام الأميركية فاشلة ، ولكن لا نسمع منهم إلا من يقول انا لا أستطيع إرسال جيش لأني أريد إطعام شعبي، ومع انه لم يرسل جيشه الى أي مكان منذ 26 سنة، وفي نفس الوقت لم يُطعم شعبه منذ توقيع إتفاقية السلام الشهيرة ، ونسمع آخر يقول مغامرات غير محسوبة، وأيضا اليوم فقط نذكر ان هناك مشروعا إيرانيا في المنطقة، بعد 20 سنة من نشوئه وإرتقائه وتثبيت جذوره في الأرض. لذلك أعتقد ان العرب لاعبين ثانويين في هذا الموضوع وظهروا بشكل مخجل.

اليوم صباحا عندما قرأت ما فعله الرئيس الفنزويللي من سحب لسفيره من إسرائيل، شعرت بالخجل، في الوقت الذي لم تقم ولا دولة عربية، حتى بإستدعاء سفيرها للتشاور على الأقل.

س- لكن يبدو ان العرب يحاولون اليوم إستدراك الموقف؟

ج- كيف يبدو ذلك، هل يكفي ان يرسل الرئيس المصري ببرقية الى الرئيس بوش. أعود وأكرر الدور العربي في لبنان ثانوي، في بعض الأحيان أقل من ثانوي، لا الدور السعودي ولا الدور المصري ولا أي دور.

لقد تصّرف مجموعة 14 آذار تجاه الدور السعودي بإشكال تجاه البادرة العربية، وبطلب من الأميركيين والفرنسسيين لم يستمر أكثر من ساعة وإنسحب هذا الدور. من يريد أن يلعب أي دور عليه أن يغامر ويواجه ويقاتل، وليس لأن فلان وفلان وفلان ، رفضوا المبادرة وبالتالي حصلت اليوم الحرب، ماذا إستفاد السعوديون؟ ولكن اليوم بدأ السعوديون بتنظيم سياسة مواجهة في المنطقة الآن، هذا يحصل ولكن الى أين تصل؟ أين تتوقف؟ هذا لا أعرفه.

س- إذاٌ هناك إحتكار لهذا الدور في المنطقة من الجانب الإيراني؟

ج- بل من الجانب الذي مازال موجودا. أما الدور الإيراني فأنه قوة أمر واقع، موجود منذ 20 سنة على الساحة الإسلامية والعربية، وكان كل العرب يتفرجون، هل تذكروا اليوم انهم معارضين للمشروع الإيراني، وعلى حسابي أنا لماذا؟

أنا أوافق أن يعارضوا الدور الإيراني، ولكن لو لم يتأخروا عشرين سنة. هناك مشروع يبنى منذ عشرين سنة، ومشروع يحاول أن يبدأ اليوم، كيف سيحصل التوازن إذاً؟.

س- باعتقادي ان ما هو حاصل في العراق اليوم، والحديث أكثر وأكثرعن الحرب الأهلية في العراق ألا يمكن أن ينعكس هذا الأمر على لبنان؟

ج- الوضع في لبنان لا يشبه الوضع في العراق، ولا يوجد خلاف بين السُنة والشيعة في لبنان لكي يؤدي خلافهم الى حرب أهلية.

أنا أعتقد ان موقف الجمهور السُني في كل المدن اللبنانية، أفضل بكثير من موقف قياداته، وهو موقف حافظ للوحدة الوطنية وللإستقرار ، لأن هكذا خلاف له بداية وليس له نهاية.

وأنا أعتقد ان هناك دورا كبيرا للرئيس السنيورة، وللرئيس بري قبل الرئيس السنيورة بصيانة هذا الموضوع ، وكان الرئيس بري ناجحا في هذا الموضوع، ربما آخرين حاولوا أو بذلوا جهودا كل حسب قدرته، وحسب وصوله الى الآخرين، ولكن لا أحد يمكن أن ينكر هذا الإنتصار.

س- كيف تلقيت كلام السيد نصر الله بالامس، وهل الهستيريا الإسرائيلية التي شهدناها ليلا إمتدادا حتى صباح اليوم، جاءت ردا على هذا الكلام “إذا قصفت إسرائيل بيروت سنقصف تل ابيب”؟

ج- أعتقد انه لم يعد أمام إسرائيل مُتسعا من الوقت، لذلك يحاولون إنجاز كل جدول أعمال القصف قبل وقف إطلاق النار. ولكن بتقديري، ان الحملة الأساسية والرئيسية في كلام السيد نصرالله، هي ان لبنان لن يكون نقطة نفوذ اميركية، فهو حسم هذه النقطة وأبلغ كل من يريد ان يتحدث إليه الآن او قبل أو بعد بأن هذا الموضوع هو قرار نهائي، وأعتقد ان كل موازين القوى هو لصالح هذا الكلام من أفغانستان الى الضاحية الجنوبية.

أنا أرى ان هذا اهم شيء أعلنه السيد نصرالله، وهذه هي النقطة السياسية المضيئة في كلامه عدا عن المسألة العسكرية، وقصف بيروت وقصف تل أبيب ، لو كان كلامه في ظروف مغايرة، لكان أحدث موجة نزوح كبيرة من بيروت الى الجبل والى أي مكان ، إعتقادا ان بيروت ستدّمر.

س- لكن حتى الآن كلام السيد نصرالله كان دقيقا وهو نفّذ حرفيا ما صدر منه؟

ج- لذلك لن تُقصف بيروت لكي لا تُقصف تل أبيب أصلا، هذا إتفاق سابق لهذا الكلام، إتفاق ليس معه بل مع الإسرائيليين، وبالتالي السيد حسن عندما سمع رئيس الأركان الإسرائيلي قال كلامه هذا، واعتقد ان الكثير الكثير من اللبنانيين صدّقوا كلامه وإعتبروا ان هذا حماية كافية لهم.

س تقول حماية! ولكن التدمير يحصل أكثر وأكثر، وهل تعتبر ان هذا التدمير كان سيحصل لو قُصفت إسرائيل أم لم تُقصف؟

ج- في كل الأحوال، هذا تدمير مبرمج لا علاقة له بأسر الجنديين، هناك مشروع أميركي فشل في ثلاث أماكن، فقرر ان هناك نواة صالحة لإحتمال نجاح السياسة الأميركية في لبنان، وصاحب هذا المشروع ، يشبه المغامر الذي خسر في هذه الأماكن، وبالتالي لعب “صولد” ولم يترك شيء لم يفعله ، وتبيّن انه لم يستطع تحقيق نتيجة سياسية وسيتأكد أكثر فأكثر.

س- ما رأيك بكلام السيد نصرالله “بأن قصفنا هو رد فعل وليس فعلا، وفي أي وقت تقررون، وقف حملتكم نحن لن نقصف أي مدينة أو مستعمرة إسرائيلية”؟

ج- طبعا ، هو قال هذا الكلام منذ البداية.

س- لكن هناك معلومات عن ان هذا العرض تقدّمت به إسرائيل في البداية، ولكن “حزب الله” لو يوافق عليه؟

ج- هذا عائد الى أي ظروف كان قد وصل فيها الإحتلال، وهل كان متقدّما أم متأخرا. أنا لست خائفا من الناحية العسكرية أبدا على الارض، ولكن ما يشغل بالنا فعلا هو قصف الطيران الذي لا نملك وسائل مواجهته، والذي يجب أن نملك في وقت من الأوقات أو في ظرف من الظروف وسائل مواجهته، وهذا ما نسميه خيار الدولة وما هو خيار الدولة ؟ فمثلا لماذا نرصد في وقت من الأوقات خمسة مليارات للإعمار، في وقت لا نملك نصف هذا المبلغ لشراء وسائل مواجهة عسكرية محدودةفي مجال ما.

س- اليوم نُشر نبأ في “النهار” ان واشنطن قررت مساعدة الجيش وتجهيزه؟

ج- نحن نسمع هذا الكلام منذ أكثر من سنة ونصف من الأوروبيين، ومن الأميركيين ، ولكن لم يصل أي شيء لا لقوى الأمن، ولا للجيش وباعتقادي لن يصل شيء.

س- هل يعني هذا الكلام ، ان الدولة لن تكون قادرة على بسط سيادتها على الجنوب؟

ج- هي تستطيع بسط سيادتها بالتوافق. أنا أكرر ان أهم شيء هو، ما هو مفهوم الدولة التي نريد قيامها؟.

س- هذا يعني ان الحوار يجب ان يبدأ من هذه النقطة؟

ج- نعم وبدون لف ودوران.

س- هل نستطيع الإتفاق عليه؟

ج- طبعا ونحن مُلزمين في الإتفاق عليه ، ما هو الخيار الآخير غير الإتفاق.

س- ألا ترى ان “حزب الله” ومن خلال هذا الإنتصار الذي حققه، قادرا على فرض رؤيته وشروطه؟

ج- أبدا، ليس بالضرورة ذلك، نحن نعرف لبنان، ونعرف انه لا يتم شيء في لبنان بغير التوافق. 14 آذار بحث ما يسمّى بالإنتخابات، ولكن هل إستطاعوا فرض رؤيتهم على الدولة؟.

س-إذاً لماذا لم نستطع التوافق قبل هذه المرحلة على أي دولة نريد؟

ج- لا أعتقد ان هذه الظروف كتانت مطروحة أمامهم ولات أعتقد ان أحدا من الأطراف اللبنانية كان يرغب بوصول النقاش الى الأساس وكل النقاشات كانت ماتزال حول التفاصيل . السيد نصرالله كان واضحا في كل كلامه، انه لا يستطيع ان ينتصر لهذا الإنتصار على لبناني آخر، مهما كان الآخر قوي أوضعيف، أكثرية أو أقلية. السيد قال “هذا الإنتصار هو للجميع”.

لذلك علينا الإتفاق على ما هو مفهوم الدولة التي نعيش تحت سقفها، هل هي دولة سلم أو لا حرب ولا سلم، أم دولة مواجهة أم دولة سلم أميركي؟ أكيد سنجد كبداية ان السلم الأيركي لن يوصل الى نتيجة. وأنا برأيي سنشهد خلال أشهر ربما، جو عربي مختلف تماما عن الذي نعيشه الآن، وخاصة جو عربي شعبي لأنه سيتضح انا باستطاعتك المقاومة، وأن تحارب وأن تنتصر.

س- لقد كان السيد نصرالله حريصا بتوجيه رسالة؟

ج- طبعا بأن حافظوا على كراسيكم وتبيّن حرصه عليهم. وأنا أعتقد انه ستظهر أمور كثيرة خلال أشهر قليلة وستتغير أمور ، أعتقد انها ثابتة وراسخة ولا تتغير.

س- السيد نصرالله قال: “نحن نقاتل لأجل تثبيت وجه المنطقة ، ولمنع قيام شرق أوسط جديد؟

ج- طبعا، هذا ما أقول، هذا هو مفهوم دور الدولة لهؤلاء الناس ، دعينا نقول بصراحة لم يكن يخطر ببال أي إنسان في يوم من الأيام، أن ترفع صورة رجل دين شيعي معمّم سيد بعمامة سوداء من امام الأزهر في مصر، هذا أمر كبير جدا في تاريخ المسلمين.

أمس سمعنا أمين عام الأخوان المسلمين في مصر انه سيبعث عشرة ألاف مقاتل لدعم المقاومة سواء كان هذا الكلام صحيح أم لا، ولكن مجرّد إعلانه هذا كلام كبير، أيضا سمعنا الشيخ يوسف القرضاوي كبير كبار مشايخ الإخوان المسلمين. أيضا سمعنا الشيخ فيصل المولوي امين عام الجماعة الإسلامية في لبنان وأيضا الدكتور ايمن الظواهري ، وبالتالي لم يبق أحد من عمائم السُنة في العالم وبكل اللغات، إلا وأعلن تأييده ومساندته لـ”حزب الله” في الجنوب.

أنا أقول تعالوا لنناقش مفهوم الدولة، فإذا إتفقنا على مفهوم الدولة تصبح كل الأمور بسيطة، وإذا لم نتفق على مفهوم الدولة سنقبل بمفهوم الدولة رغما عن الذي يرفض ، هذه هي طبيعة الأمور، ولكن برأيي لن تصل الأمور الى هذا الحد. هذا الإنتصار سيوّف لصالح مفهوم جديد للدولة اللبنانية وأي كلام آخر هو كلام غير واقعي.

س- وسيجبر الجميع الى إعادة النظر في أولوياتهم؟

ج- سيجبر الجميع بأن يتفهموا، انه ممكن إعداد مشروع ناجح من خلال المواجهة ربما، أنا لا أقول ان هذا الأمر مؤكد، ولكن بالتأكيد يجب أن أنتظر كمراقب ، ككاتب وكسياسي أن هذا الإنتصار سيوظّف لصالح وجهة نظر جديدة في الدولة اللبنانية. وقد قال السيد حسن ذلك بالأمس وبشكل واضح ، انه لن يكون اميركيا ولا إسرائيليا وكل ما تبقى خاضع للنقاش.