“نهاركم سعيـــد” – الحوار سيد الأحكام

أولا : أريد التعليق على أمر ورد في المقدمة وهي أني لست مرشح تفاهم الدوحة، أنا مرشّح تيار المستقبل”، وتفاهم الدوحة لم تظهر بشائره بشكل جدي أو إلتزام تام بشأنه.

س- لنقل نائب تفاهم الدوحة؟
ج- المقعد السني في الدائرة الثانية هو الوحيد الذي سيشهد إنتخابات طبيعية، حيث فاز المرشحان الأرمنيان بالتزكية، والمقعد الشيعي بشبه تزكية، لأن المرشّح الآخر إنسحب بعد الموعد المقرر في 22 نيسان الماضي.

س- لماذا تعتبر ان هناك معركة على المقعد السني؟
ج- دعينا لا نستعمل تعبير معركة، هناك إنتخابات طبيعية حيث لا يوجد إلتزام نهائي باتفاق الدوحة من أطراف محدّدة ، وهناك إلتزام بهذا التفاهم من أطراف أخرى، بمعنى ان الشيخ سعد الحريري والرئيس نبيه بري مُلتزمان علنا، فالرئيس بري مُلتزم بمرشحه هاني قبيسي والشيخ سعد بإعلانه إلتزام اتفاق الدوحة واستقباله للاستاذ هاني وأنا كما فعل الرئيس بري. أما القوى الأخرى الأرمنية المعنية مثل الطاشناق أو “حزب الله” صاحب القوة الرئيسية في هذه الدائرة حتى الآن لم يُعلن أو تصّرف علنا انه مُلتزم بهذا الإتفاق.

س- ولكن “حزب الله” كان في الدوحة أثناء الإتفاق ؟
ج- طبعا، هو كان موجودا والطاشناق أيضا، والجميع وقعوا على هذا الإتفاق، ولكن حتى الآن لا يوجد إلتزام علني، أنا لم أقل انه لن يحدث ، ولكن حتى الآن لا “حزب الله” ولا الطاشناق أعلنا إلتزامهما. لذلك أنا أتصّرف على انه ستجرى إنتخابات طبيعية ، وبالتالي هناك مرشحان والناس ستختار من تعتقد انه أقرب الى تفكيرها ومشروعها.

س- لكننا لا نلاحظ أجواء معركة في بيروت الثانية، كما نلاحظ ذلك في غيرها من المناطق؟
ج- أنا لست من النوع الذي يستعمل كلاما كبيرا في الإنتخابات، لأني أعرف انه لن يبقى من هذا الكلام شيء بعد الإنتخابات، ونحن نلاحظ اليوم ان الموديل اللبناني الجديد خاصة في الجو المسيحي، هو استعمال كلام كبير بحجم الجبال ، باعتبار أني لا أعرف ماذا سيبقى منها بعد الإنتخابات، ولا أعرف أيضا إذا كان الناخبين مازالوا في جو التشجيع الغرائزي.

على كل حال أنا لا أتبّع هذه السياسة ، بل أتبّع سياسة اللقاء المباشر مع الناس والحوار معهم، والنقاش معهم حول كل القضايا.

س- لكن نوعية هذا الكلام الكبير لا نلاحظه فقط عند المسيحيين ؟
ج- أنا أعلق على ما جاء في المقدمة التي أوردتها في مستهل البرنامج, لأنه طبعا هذا الكلام ليس حقا حصريا للمسيحيين.

س- أيضا بالنسبة لبيروت نحن نلاحظ ان خطاب النائب سعد الحريري رئيس
“تيار المستقبل” يغلب عليه ايضا هذا الكلام الكبير؟
ج- نستطيع أن نقول كلام الشيخ سعد تلالا وليس جبالاً.

س- لكن لا يجب أن ننسى ان هذه التلال أثارت جبالا من ردود الفعل؟
ج- أنا أقصد انه لا يوجد في كلام الشيخ سعد كلاما شخصيا أو إتهامات شخصية، وأنا أعتقد ان الكلام الكبير هو التناول الشخصي للمرشح الآخر أيا يكن، وعند الزعيم الآخر ايا يكن، وهذه عادة سيئة لأنها لا تستند الى أي وقائع، بل تستند الى آراء شخصية ، والشيخ سعد لا يتبّع هذا الأسلوب، وعلى الأقل في هذه الإنتخابات هو لم يتبّع هذا الأسلوب، ولم أسمعه ولا مرة إنه تناول أي كان بشكل شخصي.

س- إذا لم يكن ذلك بالهجوم الشخصي ولكن على الأقل بالمضمون السياسي؟
ج- هذا الأمر يجوز في الحوار السياسي.

س- هل سيبقى شيء من هذا الكلام بعد الإنتخابات؟
ج- بالتأكيد ان جزءا كبيرا من الكلام العاقل، يستمر بعد الإنتخابات على عكس الشائع. أنا أقول ان الكلام الشخصي والوعود بالجنة لا يبقى منها شيئا بعد الإنتخابات، إنما ما سيبقى هو العودة الى الطبيعة اللبنانية التي تأخذ بعين الإعتبار مصالح كل الناس، وتفاهم كل الناس التي ستجلس وتتحاور لأنه تم تجربة كل الخيارات الأخرى، ووجدوا أنفسهم دائما انهم يدورون ويدورون ثم يعودون للحوار، وأي كلام آخر لا يوصل الى نتيجة، ولا يوصل الى وقائع أو الى حقائق، ونحن تعلمنا من التجربة اللبنانية وأخذنا العبر، لكن يبدو انه مازال هناك من يعتقد ان الكلام الغرائزي والكلام الكبير يشد العصب كما يُقال.

س- على كل حال غدا سيذهبون الى طاولة الحوار ويجلسون معا؟
ج- أنتِ بذلك تؤكدين رأيي ، ولكن أنا لا أعرف على أي جبال من الكلام سيجلسون ، ولكن باعتقادي ان غدا سيكون يوما لطيفا من أجل التصوير، وتأكيد مواقف كل الأطراف “وكان الله يحب المحسنين”.
س- هل سيعودون الى الكلام الكبير برأيك الأسبوع المقبل، خاصة وان الوزير بارود تحدث عن ميثاق شرف حصل في آخر جلسة للحوار، تم طرحه من قبل رئيس الجمهورية للإلتزام بحد أدنى من التهدئة؟
ج- باعتقادي غدا سيؤكدون على هذا الميثاق، وبالتالي يتم الإلتزام بالميثاق 24 ساعة، وهذا أمر تقليدي كلاسيكي ، لأنه لن يتغيّر أي أمر من الآن حتى الأحد المقبل بالأسلوب المتّيع. وقد سمعنا بالأمس من كان يتهم الآخر بالجلاد، في وقت لا نعرف كم كانت وسائل تعامله السياسي سلمية في الوقت الذي كان يستطيع فيه الجلاد أن يكون ظالما. وبالنهاية الكل يظلم والكل قاسٍ، وأنا أستغرب لماذا يحاولون نبش قبر التاريخ عندما يتكلمون بالسياسة.

على كل حال، أنا أفضل ان أنظر الى الأمام لأننا إذا أردنا نبش قبور التاريخ، فهناك الكثير من القبور التي لا نستطيع نبشها . لذلك دعينا نقوم بمحاولة مختلفة بالتطلع الى الأمام، لنرى ماذا نستطيع أن نفعل؟ قد يبدو كلامي هذا للوهلة الأولى كلاما طوباويا أو كأني أتحدث عن عالم آخر، ولكن لا بد أن يبدأ أحد ما من المكان الصح سواء نُفّذ هذا الكلام أو إتضح انه طوباوي أو غير طوباوي.

س- وليد جنبلاط دائما يؤكد على هذا الموضوع، وبالأمس عاد وأكد انه لا بد من الحوار ولا يوجد سبيل سوى الحوار، حتى انه منفتحا على الكثير من الطروحات؟
ج- الحوار يعني الإنفتاح، وأنا إعتمدت في حملتي الإنتخابية شعارا واحدا هو “الحوار سيد الأحكام” لأن كل الناس تقوم بكل ما هو خطأ، ولكنها في النهاية سترجع الى الحوار، لأنه لا خيار أخر أمام اللبنانيين سوى العودة الى الحوار، ومهما بدا ان هناك صعوبة للتفاهم على عناوين الإختلاف أو الإشتباك.

س- حتى لو أيا كان الفائز في هذه الإنتخابات؟
ج- أنا أعتقد انه أيا كان الفائز لايوجد حل آخر في لبنان سوى الحوار ، فإذا عدنا الى كل المحطات التاريخية التي حققت فيها أطراف إنتصارات كبرى، أو تحقق لأطراف أخرى هزائم كبرى، وبالتالي في الأشهر الأولى سيكون الخاسر محبّطا والفائز منتشيا، وخاصة المنتصر يكون كمن يضع الأوكسجين للتنفس الإصطناعي، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يحيا بالتنفس الإصطناعي ولا يستطيع أن يحيا إلا بالتنفس الطبيعي، وأنا أعتقد ان التنفس الطبيعي في لبنان هو أولاً الإعتراف بالآخر، وتجلس وتتكلم معه وأي كلام آخر هو تضييع للوقت.

أما إذا كان هناك من يريد أن يتعلم من حسابه وأن يدفع من رصيده وسمعته، وتناول سمعة الآخرين ليظهر انه بطل في شتم الآخرين، فهذه مدرسة أنا لا أقرها. والواضح ان الشيخ سعد لا يستعملها، وكذلك الواضح ان وليد جنبلاط يتجه باتجاه آخر تماما مخالفا لمسألة تناول الأشخاص أو الحدّة.

س- ماذا تقصد بالإتجاه الآخر؟
ج- تعني الدعوة الى الحوار والى مزيد من هذا الحوار، والنائب وليد جنبلاط منذ فترة وهو يتحدث عن الحوار ويطالب بالمزيد من الحوار، أيضا أرى انه يبالغ، بمعنى أنه يحسم نتائج الحوار ويطالب بردود فعل على وقائع لم تحدث بعد، ولكن من خلال نظرته المستقبليه وتجربته العميقة والتاريخية، ربما يبدو انه مُحق في ما يقوله ويفعله.

س- بالعودة الى انتخابات بيروت، لقد قلت ان الرئيس بري مُلتزم باتفاق الدوحة وهناك شك بموضوع إلتزام “حزب الله” والطاشناق؟
ج- كلمة شك ليست تعبيرا دقيقا، أنا قلت انه لا يوجد إلتزام علني حتى الآن ، أما الشك فله طبيعة أخرى، وبالتالي أنا أقول حتى الأن لم يصدر أي إلتزام علني من “حزب الله” أو من حزب الطاشناق تحديدا بالإلتزام باتفاق الدوحة.

س- ربما ان الرئيس بري التزم علنيا لأن المرشح الشيعي هو من حركة “امل”؟
ج- ولكن ايضا حزب الطاشناق فاز مرشحهم بالتزكية، وهذا لا يمنع أن يلتزموا أكثر باتفاق الدوحة، إذا كان هناك انتخابات على مقعد ما.

س- هذا الإلتزام يجب أن يعلن مثلما أُعلن في المتن بالنسبة للإلتزام مع العماد عون حتى لو فاز مرشحهم بالتزكية النائب اغوب بقرادونيان؟
ج- لا أعتقد ان هناك علاقة بين المسألتين لأن طبيعة المسألة هناك تختلف ، لأنهما حلفاء في المتن منذ ما قبل الإنتخابات وحلفاء مع الإنتخابات.

س- لكنهم أعلنوا إلتزامهم بالتصويت في المتن حتى لو فاز مرشحهم بالتزكية، وبالتالي نريد إعلانا مماثلا بالنسبة لبيروت؟
ج- طبيعة الأمر تفرض ذلك، وأنا لا أطالب بأمر شخصي، أنا أتحدث الآن بالسياسة وأنا لا أطالب بوجوب إتمام هذا الإعلان لأني مرشّح ، أنا أتحدث عن وقائع، وهذه الوقائع تقول ان هذه الجهة التزمت علنا، وهذه الجهة لم تلتزم علنا.

س- ربما يعتبرون أنفسهم خارج موضوع انتخابات بيروت، أو موضوع إتفاق الدوحة في ما يخص بيروت ، لأن الموضوع هو مسألة حساسية سنية – شيعية، وثم تفادي أي تصادم في هذه الدائرة ، وبالتالي الإلتزام مطلوب من الشيعة وليس من غيرهم؟
ج- المطلوب المزيد من الإلتزام بتفاهم الدوحة، والمطلوب المزيد من إعلان الإلتزام إذا كانت هذه هي القراءة للمسألة.

أنا لا أؤيد ان هناك حساسية عالية سنية – شيعية، ولكن باعتقادي هناك خلافات سياسية جدية وعناوين اشتباكات سياسية جدية.
كل مسألة الدائرة الثانية في بيروت أنا أقرأها بأنها محاولة لتحويل عناوين الإشتباك الى عناوين حوار.

س- هل كل ما قيل بموضوع بيروت و7 أيار هو اشتباك سياسي محدود؟
ج- أنا لم أقل انها محدودة، ولكن أنا أقول ليست حساسية سنية – شيعية ، أنا أقول ان هناك خلافا سياسيا كبيرا، ولكن ليس له أي طابع مذهبي ، بل طابعه سياسي ونستطيع بكل بساطة التحدث عن نقاط الإختلاف السياسي.

هذه النقاط الموجودة منذ أربع سنوات حتى اليوم، أولها المحكمة الدولية ثم سلاح المقاومة وثالثا آلية النظام. فهل يمكن تسميتها خلافات مذهبية أم خلافات سياسية؟ لأن الخلافات المذهبية تقوم على طريقة الصلاة على المساجد، على الطرق الدينية وعلى المشايخ، وعلى النص الديني. أما الخلاف الموجود اليوم، هو خلاف على المسائل السياسية قد يستفيد منه أطراف في المذهبين.

س- لكن هذه النقاط الثلاث تعني هذين المذهبين ان كان بالنسبة للمحكمة التي تعني الطائفة السنية، وكذلك سلاح الحزب الذي يعني الطائفة الشيعية، وحتى آلية النظام هناك اختلاف بين المذهبين حولها؟
ج- أنا لا أوافقك ان المحكمة مسألة سنية- شيعية، وأعتقد ان الرئيس الحريري رحمه الله، وجمهور رفيق الحريري أوسع بكثير من الطائفة السنية ويجب أن ننتبه لهذه المسألة.

س- لكن المحكمة تعني الغالبية السنية؟
ج- ربما الغالبية ولكن التنوّع في جمهور رفيق الحريري أكبر بكثير، وهو موجود بحجم أكبر من إعتبار الغالبية مقررة، وبالتالي جمهور 14 آذار الذي ينزل كل سنة الى ساحة الشهداء ليس جمهورا سنيا فقط، وكذلك جمهور 14 شباط ليس جمهورا سنيا فقط، وهناك تنوّع كبير في هذا الجمهور. لذلك أنا لا أعتبر ان المحكمة مسألة سنية، بل هي مسألة لبنانية تتعلق بتحقيق العدالة لكل اللبنانيين، وهذه المحكمة تعقد لأول مرة بتاريخ المنطقة، بكل وقارها وهيبتها وتصدر أحكاما بالإفراج عن ضباط ، وبالتحضير للقرار الظني ، وهذا الأمر كان حتى سنتين مرّتا حلماً.

س- ألا تجد اليوم ان هناك محاولة لجعلها فتنة سنية- شيعية كما حصل في تقرير “ديرشبيغل”؟
ج- ولكن كان واضحا ان الوعي أكبر بكثير من مسألة الفتنة. أنا كنت أحاضر يوم السبت مساء وقلت منذ اللحظة الأولى ان هذا الأمر هو مشروع فتنة، وكنت أتوقع أن كل الأخوان أكان وليد بك أو الشيخ سعد أو كل المعنيين، سينظرون الى هذا الموضوع بنفس النظرة، لأنه لا يمكن البناء أو الإستنتاج من خلال خبر منشور في مطبوعة ألمانية أو إنكليزية أو حتى العربية بعد كل هذه الأربع سنوات من الجهد والنضال والتعب والدم والإغتيالات، وكل الأحداث التي وقعت.

هذه مسألة أصبحت الآن عند المحكمة الدولية، ربما لو صدر كلام “دير شبيغل” قبل المحكمة أو نشوء المحكمة لكان اتخذ طابعا مختلفا. أما الآن هذه المسألة موجودة في مكان آخر، بعهدة ناس لديهم طبيعة أخرى وبجغرافيا أخرى، وموجودة عند عدالة دولية، وبالتالي مهمتنا الطبيعية العقلانية والمنطقية والواقعية اللبنانية إنتظار صدور القرار الظني، ويبنى على الشيء مقتضاه، ولكن أريد أن أضيف انه حتى بعد صدور القرار الظني، نحن لسنا أداة تنفيذية لهذه المحكمة ، نحن جهة نتلقى ما تقوله المحكمة ونعتبر انه تحقق ما كنا نسعى اليه، وهو تشكيل المحكمة وانطلاقها بالعمل، وصدور القرار الظني وتحديد المتهمين من وجهة نظرها واستمرار المحكمة بعملها.

وبالتالي نحن كمجموعة سياسية وكسعد الحريري وكوليد جنبلاط لا نسعى وراء الثأر الشخصي بل نبحث عن العدل.

س- هل هذا يعني انك توافق على ما قاله وليد جنبلاط، أو على التمني الذي عبّر عنه بالنسبة للنائب سعد الحريري، بأنه مهما كان حكم المحكمة أن يكتفي بالحقيقة؟
ج- أنا لا أقصد الإكتفاء بالمحكمة ، أنا أقول اننا لسنا أداة تنفيذية بالمحكمة ، بمعنى إذا اتهم نهاد المشنوق مثلا ، فعلى سعد الحريري وجمهور رفيق الحريري القيام بتوقيفه أو افتعال إشتباك سياسي طويل عريض لتنفيذ قرار المحكمة، لأن المحكمة هي المسؤولة عن عملها ومجلس الأمن مسؤول عن تنفيذ قرارات المحكمة أو القرار الظني ، وليس أطرافا لبنانية أيا تكن هذه الأطراف، وأنا أعتقد ان أي كلام يصدر عن المحكمة الآن يجب توجيهه الى رئيس المحكمة وليس للبنانيين، لأنه لم يعد للبنانيين أي تأثير في هذا الموضوع لا سلبا ولا إيجابا، وبالتالي من يأتينا بمطالعات كبرى بالمحكمة، سواء بالتشكيك أو بالتأييد، إنما يوجه كلامه الى المكان الخطأ، لأن اللبنانيين غير معنيين ولا باستطاعتهم التأثير بالمحكمة بعد الآن، وهذا الموضوع أصبح خارج إطار التأثير اللبناني.

انا أعتقد ان وليد بك يقصد مما قاله انه أيا تكن النتائج يجب على سعد الحريري أن يعرفها وأن لا يتصرف على أساسها ، ولكن الوقت مازال مبكرا لنصل الى هذا الأمر، وباعتقادي ان وليد بك يطلب من الشيخ سعد التعقل والحكمة الشديدة، بالنسبة لافتراضات على نتائج المحكمة.

لذلك أنا أعتقد انه يحق لوليد بك المطالبة بهذا الأمر، ويحق لسعد الحريري أن يستمع وأن يدرك هذا الموضوع ، وما مدى قدرته على تنفيذ هذا التمني، على الأقل من الجانب الإنساني ، وبالتالي الوقت لا زال مبكرا ، هناك مثل عند الانكليز يقول “عندما نصل الى الجسر نعبره” ولكن المهم ان الحكمة تجلّت عند الجميع بالنسبة لتجاهل “ديرشبيغل” . وأعتقد ان المسألة أعطيت أكثر بكثير من حجمها ، بمعنى ان النفي أعطي أكثر من حجمه، وبمعنى الإهتمام أعطي أكثر من حجمه.

س- لكن ماذا لو كان الامر جزءا من لعبة الأمم وقد لا يتوقف عند هذا الحد، ونحن نلاحظ ان الحملة على”حزب الله” بدأت من مصر وصولا الى موضوع المحكمة، اليوم وما صدر عن أذربيجان؟
ج- أنا لا أعلم ما إذا كان خبر أذربيجان صحيحا، ولكن نحن الآن نتحدث عن حملة أم عن وقائع؟ فالحملة تكون عادة إذا لم تكن هناك وقائع ، بمعنى ان حملة مصر قائمة على وقائع.

وكل على حال، فأن أي حملة أخرى قائمة على وقائع حاصلة، والواضح ان لدى “حزب الله” اشتباك كبير وجدي ومستمر مع المجتمع الدولي الذي يرفض اسلوب المواجهة العسكرية لانهاء الإحتلال الإسرائيلي في أي مكان.

بالمناسبة انا عندي موقف مختلف في هذا الموضوع، أنا شخصيا أعتبر ان أي سلاح موجه لمقاومة إسرائيل هو سلاح ضروري، مفيد ومهم شرط أن تكون له ضوابط ومهمته معروفة بالتحديد ، وذلك بعد إنسداد أفق التسوية في كل مكان ، ولا يجب أن ننسى اننا منذ 12 سنة موجودين في اشتباك يومي إسرائيلي – فلسطيني في عدم تنفيذ إتفاق اوسلوا أو بتوسيع المستوطنات ، هناك عدم تنفيذ إسرائيلي دائم، وهناك اشتباك كبير داخل الشعب الفلسطيني، وهذه الأمور لا تشجع على القول بكل بساطة يجب نزع سلاح المقاومة.

س- لكن هذا السلاح لم يعد اليوم مرتبطا فقط بالقضية الفلسطينية، وأصبحت هذه المقاومة مرتبطة بمحور قائم يمتد الى الملف النووي الإيراني، وبالتالي أصبحت له وظيفة أخرى أيضا؟
ج- أنا لا أنفي هذا الأمر، ولكن أرى ان هناك تسرعا أو إستعجالات في هذا الموضوع، وبالتالي الإفتراض مسبقا وبشكل حاسم ونهائي بأن “حزب الله” سيتصرف في لبنان على أجندة إيرانية فقط إذا حصل لا سمح الله إعتداء عسكري على إيران، وأعتقد ان لـ”حزب الله” حسابات داخلية لم يحن وقت إظهارها الآن.

وأنا أعتقد انه يجب ان نتفق على مهمة هذا السلاح ، وانا أرى ان المشكل الأكبر هو ما حصل في 7 أيار الذي أدى الى ارتباك الى حد ما بدور هذا السلاح ، وهل هذا السلاح موجه الى الداخل عند الضرورة أو لإحداث تغييرات عميقة في أسس النظام؟ أو ان هذا السلاح موجه الى إسرائيل؟ هذا الإرتباك يخفف كثيرا من إمكانية التفاهم، بمعنى ان ما حصل في 7 أيار ترك أثرا كبيرا على إمكانية التفاهم على ان هذا السلاح موجه فقط في وجه إسرائيل.

س- لكن ربما الرئيس بري حسم مسألة إستخدام السلاح في الداخل من خلال كلامه في بعلبك ، ولكن السيد حسن نصر الله لم يحسم هذا الأمر؟
ج- أنا لم أقل انه حسم الموضوع، أنا قلت ان ما حصل أحدث إرتباكا كبيرا بدور هذا السلاح.

س- ولكن هذا الإرتباك مازال موجودا؟
ج- من قال انه إنتهى، أنا لم أقل انه إنتهى ، أنا قلت ان هذه المسألة تحتاج الى علاج، وانها مازالت أولا ودائما وأخيرا من مسؤولية قيادة المقاومة، أنا لن أدخل في جدل حول ما إذا كان 7 أيار هو أول التاريخ وآخره، ولكن أنا أريد مناقشة مسألة انه حدث إرتباك وحدث إجابة جدية لهدف هذا السلاح في أذهان كثير من الناس ويجب العمل كثيرا ودائما وبشكل لا يتوقف على تصحيح هذه الصورة إذا كان بالإمكان تصحيحها.

س- ما هو العمل الذي يمكنه إزالة هذا الإرتباك؟
ج- أعتقد ان قيادة الحزب تعرف تماما ماذا عليها أن تفعل، وتعرف سياسيا كيف يمكن مراضاة الناس والتعامل مع المدينة بشكل أفضل، مدينة بيروت، مدينة عظيمة، ومدينة خيّرة ومدينة عروبية وقومية، وتاريخها لن يتغيّر بسبب كابوس عن مؤامرة ، وبالتالي يجب أن نتفق أيضا انه لا يمكننا أن نستيقظ كل يوم صباحا على مقولة ان هناك مؤامرة أو كابوس، بأن الجهة الفلانية تريد التآمر علينا، وهذا الكابوس نعيشه منذ إنتهاء حرب تموز حتى الآن ولم يتغير ، وفي نفس الوقت لم أر هذه المؤامرة القادرة، المستمرة منذ ثلاث سنوات عاجزة على تنفيذ جزء جدي من مشروعها في لبنان على الاقل. لذلك هذا الأمر يلزمه علاج آخر، وصدر أوسع، وعقل أوعى، وتعامل إيجابي ، وتفهّم أكبر لحاجات الناس، ويجب أن يصبح معلوما ان هذا السلاح لا يمكن استعماله دون أن يكون في إطار دولة معنية بشأن كل اللبنانيين، لأن الدولة هي الإطار الوحيد الذي يجمع كل الناس، ولا توجد مقاومة تجمع كل الناس . هناك دولة معنية بشأن كل اللبنانيين وبحياتهم وبمستقبلهم وباهتماماتهم وباداراتهم اليومية والأكثر من اليومية.

هذا السلاح يجب أن يكون في إطار هذه الدولة ، وأنا لن أستعمل عبارات بأمرة وبقرار، إنما أريد أن أقول ان النقاش يجري حول استراتيجية دفاعية تضع هذا السلاح في إطار دولة لبنانية معنية بشأن كل اللبنانيين ، وإذا لم نستطع الوصول الى هذه النتيجة ، فالسلاح خارج إطار الدولة لا يمكن أن يؤدي إلا الى حرب أهلية، أياًً يكن هذا السلاح وأياً يكن هدفه.

لنكن واضحين، هناك اتفاق بين القوى السياسية الكبرى في البلد الإسلامية والمسيحية على انه يجب وضع استراتيجية دفاعية تبقي هذا السلاح وتستفيد منه في مواجهة العدوان الإسرائيلي، او إحتمال العدوان الإسرائيلي ، أو أي تفكير إسرائيلي بالعدوان الى حين تحرير كل الأرض اللبنانية المحتلة، وهذه القوى الرئيسية معنية بهذا الأمر، فإذا كان سيستمر التعامل مع هذه القوى على أنها قوى مهتمة بالتآمر لن نصل الى نتيجة، ولن نصل الى نتيجة بمعنى المدينة , هناك من اعتقد ان لبنان أو بيروت ملعب سهل يمكن السيطرة عليه بسهولة، هذا غير صحيح، لأن كل الوقائع التاريخية تثبت ان كل من اعتقد انه أخذ هذه المدينة نراه يشد ويشد بقبضته عليها معتقدا انها بين يديه، ولكن عندما يفتح يديه يجد انه لا يقبض على أي شيء، لأن هذه المدينة قد تبدو انها سهلة ولكنها لا تستقبل أي كان ، ولا تتعامل مع أي كان، ولا يستطيع أي كان الدخول في عمقها إلا بالرضا والمحبة والود والتفهم، وليس بنظرية القوة، لأنه لو كان بامكان نجاح القوة في لبنان لكانت قد وقعت عشرة إنقلابات منذ 1943 حتى اليوم، حيث وقعت محاولة إنقلابية واحدة علمانية ولم تنجح.

لبنان ليس دولة إنقلابات أو يمكن أن يحكم بالقوة، وقد حاول الكثيرون ذلك ولكن لم يصلوا الى أي نتيجة، قد يكونوا اعتقدوا انهم دخلوا لسنة او سنتين أو ثلاثة، ولكن بعد ذلك تعود الأمور الى طبيعتها ويكتشفون انهم لن يستطيعوا البقاء لوحدهم.

س- ألا تعتقد ان فوز المعارضة بالإنتخابات نوع من الإنقلاب؟
ج- إذا فازت المعارضة بالوسائل الديموقراطية وبالإنتخاب، فهذا من حقهم وحق الناس التي أنتخبتهم، وبالتالي من حقهم تشكيل حكومة وأن يحكموا و يتصرفوا.

قد يُقال ان هناك مشكلة دولية كبيرة مع المجتمع الدولي ، ومع بعض الدول العربية بالتعامل مع الحكومة في ذلك الحين. قد يكون ذلك صحيحا، ولكن لا أستطيع أن أنكر إستنادا لهذه الوقائع والمشاكل ، لا أستطيع أن أتجاهل بأن الناس قررت ما حصل، وبالتالي لا يمكن إعتماد الإنتخابات ورفض نتائجها.

س- كيف تفسر قول السيد نصرالله بأنه إذا فازت المعارضة سوف يحصل تغيير في لبنان؟
ج- أكيد سيحصل تغيير، ومن حق السيد تصرالله أن يقول ما يريد، ولكن أنا لا أعتقد ان المعارضة ستفوز.

س- كذلك يقول السيد نصرالله ان هذه الإنتخابات لحماية المقاومة؟
ج- أولاً حماية المقاومة لا يمكن أن تتم إلا بمزيد من السلم الأهلي، فلا توجد إنتخابات أو أي نص أو أي إتفاق يحمي سلاح المقاومة، سوى المزيد من السلم الأهلي . كل يوم صباحا مهمة قيادة المقاومة أن تفتش يوميا على عنوان تتوافق عليه مع قوى أخرى، وليس على عنوان تتهم فيه القوى الأخرى بالتآمر، لا يحمي السلاح إلا السلم الأهلي، والمزيد من قبول الآخرين بمفهوم السلاح ضد إسرائيل وليس سلاح المقاومة بالمطلق.

س- بمعنى ان هذا الأمر لا يحقق إجماعا وطنيا كما قال السيد حسن نصر الله، انه غير موجود؟
ج- هو لم يقل أنه غير موجود، هو قال لا توجد مقاومة تحقق إجماعا وطنيا ، ولكنها تحقق أكثرية ، أنا أعتقد ان السلاح الآن في موقع مطمئن يجري حوله الحوار في مكان ما ، ومن قوى دولية وعربية ومحلية بأنه موجود في زاوية الحوار، وليس في زاوية النزاع أو الإلغاء أو الإشتباك.

س- ما رأيك بما ورد في صحيفة “الشرق الأوسط”؟
ج- “الشرق الأوسط” لا اعتقد انها تفتعل لأي إشتباك وأنا لا أعرف ما إذا كان الخبر صحيحا، ولكن هناك الكثير من الأخبار التي تنشر صحيحة، لأن طبيعة عملهم توصل الى هذه النتيجة، ولكن هذا لا يمنع انهم اذا كانوا فعلا يريدون حماية السلاح، يجب أن يضعوا امامهم عنوانا واحدا هو السلم الأهلي.

س- لكن هناك إشتباك اقليمي ينعكس على الداخل اللبناني؟
ج- أين هو هذا الإشتباك؟.

س- هذه الأخبار الواردة في “الشرق الأوسط” ألا تعبّر عن إشتباك إقليمي؟
ج- لكن كما ان هناك هذه الأخبار أيضا هناك أخبار أخرى مثلا الأسبوع الماضي ، خطاب الرئيس الأسد في دمشق الذي نعى فيه التسوية وكل المساعي السلمية، والذي وصفه الامير سعود الفيصل بأنه خطاب تاريخي، وكذك اجتماع وزير الخارجية السعودي مع وزير الخارجية الإيراني في دمشق والتشاور والتحاور الذي حصل بينهما، وبالتالي لا يجب تبسيط الأمور وكأن كل الناس تحوّلوا الى أعداء بين بعضها . صحيح ان هناك خصومة سياسية وخلاف على عناوين سياسية، ولكن المهم ان هناك إمكانية للحوار.

س- لكن لماذا يُقال ان السعودية تدعم هذه الأكثرية، وان إيران ستدعم الجيش إذا فازت المعارضة بالسلطة؟
ج- لماذا تذهبين بعيدا بحسم النتائج والبناء عليها؟.

س- هذا الكلام قاله السيد نصرالله؟
ج- ولكن لا يكفي ان يقوله لكي يكون واقعا، ولا يكفي ان يقول المسؤولون الأميركيون لكي يكون واقعا، وبالتالي هل يمكن التحدث عن رغبات أم عن وقائع، وبرأيي هذه اتجاهات وليس وقائع، فهذا الإتجاه يريد تسليح إيراني للجيش اللبناني وإلزام الدولة بسياسة اخرى، ويقول انه يريد الوصول الى هذا الأمر بالوسائل الديموقراطية وبواسطة الإنتخابات. لذلك دعينا نترك الناس هي التي تقرر ولا ان نفترض سلفا ان هذا سيحدث ونحن نرفضه، ربما نحن سنرفضه ولكن لا نستطيع عدم الإعتراف بالإنتخابات أو بنتائجها، وبأنه عندما تكون لصالحنا نعترف بها، وان كانت في غير صالحنا لا نعترف بها.

س- لكن هناك فريق يخوض الإنتخابات الديموقراطية، ولكنه يحمل السلاح وبالتالي يعتبره الطرف الآخر بأنه عامل آمر وله تأثير وترهيب على النتائج؟
ج- أعتقد ان هناك عامل تأثير أكثر وأكثر بأن تنزل الناس وتصوّت لخيراتها لأنه بالنتيجة هذا السلاح لا يستطيع ولا طبيعته ولا طبيعة البلد تسمح، أن يمنع إجراء الإنتخابات أو ان يمنع الناس من التعبير عن رأيها.

لقد مرّ علينا الكثير من السلاح ومرّ علينا أنواع سلاح مع احترامي لنوع هذا السلاح أو لهدفه أو لمهمته، وبالتأكيد ان هناك لبنانيين يختلفون عليه، وبالتالي لا يوجد شيء يحقق إجماع حوله ، ولكن أنا أقول رأيي الشخصي وهو ان سلاح المقاومة ضد إسرائيل في ظل الجو السياسي المسيطر على المنطقة منذ 12 سنة يجب المحافظة عليه، ولا بد من أن يكون في إطار دولة آمنة معنية بأمر كل اللبنانيين، تعنى بمصالحهم وتتصرّف بحياتهم.

أنا أعتقد انه لا وليد بك ولا سعد الحريري ولا العماد عون ولا الرئيس بري يتحدثون عن نزع سلاح المقاومة، لأن مرحلة نزع السلاح إنتهت، وبالتالي البحث يدور الآن حول إدارة السلاح وليس نزعه.

س- مايكل وليامز في حديثه لصحيفة “الحياة” اليوم يقول ان بنودا كثيرة من القرار 1559 قد طُبقّت ونُفذت مثل الإنسحاب السوري، والإنتخابات الرئاسية،ومازال هناك بند سلاح “حزب الله” الذي يترك للبنانيين لمعالجته ضمن طاولة الحوار الوطني؟
ج- لم نكن بحاجة الى رأي أميركي في هذه المسألة، فهذه واقعية سياسية حاصلة وليس ستحصل.

أنا برأيي ان جزءا كبيرا من الكلام الذي سمعناه في الشهر الأخير له علاقة بمسألتين: اما الإنتخابات ، إما المحكمة، يعني بالإتجاهين واحد للتعبئة وواحد تعبير عن قلق. على كل حال، هذين الكلامين ليسا موجهين لكي يكونا أساس المرحلة اللاحقة.

س- كأنك مختلف قليلا عن الفريق الذي تنتمي اليه في 14 آذار و”تيار المستقبل” عن ان هذه الإنتخابات مصيرية، وانه إذا فازت المعارضة ستتغير أمور كثيرة وسيكون لبنان في محور آخر؟
ج- أنا لست مختلفا أنا اقول الإنتخابات استراتيجية ومصيرية ، وانا إعتذرت من سعد الحريري على التلفزيون لأني في البدء لم أكن من رأيه بأن الإنتخابات مصيرية، أما الآن فأنا أقول انها إنتخابات استراتيجية ومصيرية تتعلق بالخيار السياسي للنظام اللبناني.

س- ماذا تقصد بالخيار السياسي للنظام اللبناني؟
ج- ممكن تفسير ذلك بكلام كبير، ان لبنان سيصبح جزءا من محور المواجهة والممانعة الخ.. ولكن أنا أسمّيه الخيار السياسي بالنظام اللبناني بالسياسة الخارجية، وربما بالسياسة الداخلية ، ولكن هذا خيار سياسي، ولكن أعود وأقول اننا نسلم لنتائج الإنتخابات أياً تكن، وأنا متفائل بأن الأكثرية ستستمر، وربما تصبح أكثر، ولكن ليس بالأكثرية السابقة بمعنى أنه سيخرج حلفاء من الناجحين معها الى مكان آخر في السياسة.

لنكن واضحين لن تكون هناك أكثرية لاغية ولا ثلث معطّل، هذه المعادلة التي يمكن أن تعيش وتستمر على أساسها الهدنة في لبنان، ويستمر على أساسها الإستقرار في لبنان.

س- يعني لن يكون هناك ثلثين ولا ثلث معطّل؟
ج- لا توجد أكثرية لاغية للآخر، ولا يوجد ثلث معطّل، وهذان الأمران لن يعيشا مستقبلا في السياسة.

س- كيف ترى الأمور في المستقبل؟
ج- هناك إمكانية للتفاهم على سياسة معتدلة، تقوم على ان ميزان القرار يكون عند المجموعة الثالثة التي ستخرج من 14 آذار، وقد يكونون حوالي أربعة أو خمسة نواب سيؤمنون التوازن في القرارات الإستراتيجية.

س- أنت أين ستكون؟
ج- أنا سأكون مع المجموعة التي رشحتني ولا خيار أخر عندي.

س- هل تتوقع أن يخرج أحد من “تيار المستقبل” مثلا؟
ج- لا أعتقد ذلك أبدا ولا يوجد مُبرر لذلك أبدا.

س- برأيك من تتوقع أن يخرج من التحالف؟
ج- أنا لا أقصد أن يخرج طبعا الرئيس ميقاتي والأستاذ احمد كرامي وإن شاء الله الرئيس المر ، وربما آخرين هؤلاء ليسوا جزءا من 14 آذار في حال نجحوا، وبالتالي هم ليسوا جزءا من 8 آذار، فبعضهم لم يكن في 8 آذار ولن يكون ، وبعضهم خرج ولن يستمر، فهؤلاء الى أين سيذهبون؟ هؤلاء سيشكلون بطريقة من الطرق عنصر توازن، وبرأيي ان الأمور لا تتجه الى تطورات دراماتيكية نتيجة الإنتخابات ، وباعتقادي ان الأكثرية ستؤكد تمثيلها أكثر وأكثر.

س- هذا الكلام إذا فازت الأكثرية، ولكن ماذا لو فازت المعارضة؟
ج- طبعا، هذا الكلام إذا فازت الأكثرية، ولكن أنا لا أعرف انه أيا فاز بالإنتخابات ما مدى إمكانية التسوية لاحقا، لأنه إذا نظرنا الى الوضع في المنطقة نجد اننا لسنا معزولين، والواضح ان الإتجاه في المنطقة هو نحو المزيد من التهدئة. منذ يومين ورد خير صغير في صحيفة “النهار” وفي آخر الصفحة جاء فيه ان سوريا سلّمت مصر واحد من كبار المسؤولين في منظمة الجهاد الإسلامي المصرية، هذا يعني ان الباب قد قُتح الآن بعد ان كان مغلقا تماما، وكذلك الباب السعودي – السوري مفتوح أكثر مما نتوقع، فعندما يقول وزير الخارجية السعودي ان خطاب الرئيس الأسد، خطاب تاريخي يدل ذلك على ان القرار الذي اتخذه الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الكويت، المتعلق بملفات الخلاف مع سوريا وإنهائها والإنفتاح، كان قرارا استراتيجيا وليس أمرا عابرا أو حصل بالصدفة ، والأمور مستمرة في هذا الإتجاه.

كذلك اجتماع وزير الخارجية السعودي مع وزير الخارجية الإيراني في دمشق يؤكد ايضا ان السعودية لا تسير مع السياسة المعلنة كل يوم في الصحف، بأن هناك تحالف عربي- إسرائيلي – أميركي في مواجهة إيران، لأن إيران ليست دولة عدوة, نحن نختلف معها على كل سياستها الخارجية، ولكن لا يمكن تسميتها عدوا، لأن العدو الوحيد هو إسرائيل. هناك عدو واحد في المنطقة اسمه إسرائيل ، أما باقي الدول فأما انها صديقة متفاهم معها وإما انها دول صديقة مختلف معها.

ما أريد أن اقوله الآن ان هناك قرارا سعوديا استراتيجيا باستمرار العلاقات السعودية-السورية بانفتاحها وبحوارها وبتفهمها لسياسات بعضها البعض حتى اقصى حد، وهناك بداية انفتاح ولو جزئي سوري- مصري، وفي نفس الوقت هناك إعلانا ولو كان رمزيا، بأن السعودية لا توافق على سياسة تقول بتلاقي عربي- إسرائيلي – أميركي يتم تشكيله لمواجهة إيران.

أثناء الحلقة جرى إتصال مع مندوبة “ال.بي.سي” في فلسطين المحتلة آمال شحادة عن المناورات الإسرائيلية.

بعدها يقول الأستاذ نهاد: أنا أعتقد ان المناورة مسألة شكلية على رغم كل هذه العناوين العظيمة التي تُعطى لها.

س- ولكن ماذا عن كلام نتنياهو؟
ج- كلام نتيناهو شيء والمناورة شيء آخر، كلام نتنياهو هو قناعة ، ولكن المناورة برأيي هي مسألة روتينية وشكلية.

س- لكن مندوبتنا تحدثت عن خوف لدى إسرائيل من إختطاف جنود إسرائيليين؟
ج- أنا أعتقد ان الخبر الجدي هو المنشور في صحيفة “الشرق الأوسط” فإذا كان هذا الخبر صحيح يكون بذلك “حزب الله” يعرّض نفسه لعزلة كاملة عربية ودولية، إذا كان هذا الخبر صحيح، لأن جزء من تاريخ الحزب وسمعته منذ عام 1984 حتى اليوم انه ليس له أي عمل خارج لبنان ، هو معني بالدفاع عن لبنان.

س- لكن الحزب قال أنه سينتقم لاغتيال عماد مغنية؟
ج- هو قال انه سينتقم، ولكن لم يقل انه سيقوم بعمليات خارجية في أذربيجان أو في أي سفارة إسرائيلية أخرى. على كل حال حتى لو قال ذلك ونفّذ هذا القول وإذا كان هذا الخبر صحيح يكون بذلك يعرّض نفسه ولبنان معه لمتاعب لا طاقة لنا عليها، ويكون بذلك ايضا يعرّض نفسه للإنغلاق أو للعزلة الدولية والعربية، قد تطال حتى بعض الناس الذين يعتبرون أنفسهم انهم محاورين للحزب.

س- لكن الحزب اليوم يتعرض لعزلة بالرغم من ان بعض الدول مثل بريطانيا تتحدث معه؟
ج- ايضا هناك دول عربية تتحدث معهم ، فالسعودية تحدثت معهم في وقت من الأوقات، وقطر ايضا والكويت تحدثت معهم في وقت من الأوقات، ولكن هذا الأمر بعد عملية من هذا النوع يصبح أصعب بكثير. كذلك الفرنسيين لم يتحدثوا معهم فحسب ، بل هم زارو الرئيس الفرنسي في دمشق، وبالتالي هذا الإنفتاح البريطاني والفرنسي أو أي إنفتاح اوروبي أو أي حوار عربي معهم بعد هذه العملية إذا كانت هذه المعلومات صحيحة، تصبح أصعب بكثير ويصبح أصعب بكثير حتى على الدولة اللبنانية ان تتفاهم مع صياغة من هذا النوع،لأنها بالتأكيد اصبح لها علاقة بعمليات خارج لبنان، وليس فقط عملية تحرير الأراضي اللبنانية. فهناك فرق في ان يكون عندك أرض محتلة وأنت تحاول بطريقة متفق عليها، أو مختلف عليها أن تحررها، ونحن نعرف ان البيان الوزاري ينص على ان من حق اللبنانيين مقاومة الإحتلال لأراضيهم ، ولكن لا يوجد شيء ينص لا بالشفهي ولا بالخطي على قيام الحزب بعمليات خارج الحدود اللبنانية.

س- قد تُعتبر انها إرهابية؟
ج- بالتأكيد ستعتبر إرهابية وستدفع كل العالم لأن يتعامل مع لبنان ومع الحزب أكثر وأكثر بعزلة، لا أعتقد انها لمصلحته أو لمصلحة لبنان.

س- خصوصا إذا فاز “حزب الله” بالإنتخابات؟
ج- أولا ، دعينا نتأكد من صحة الخبر في “الشرق الأوسط” ، أما الأمر الأكيد لدي ان المعارضة لن تأخذ الأكثرية، لذلك أنا مطمئن لهذا الأمر ولا يشغل بالي.

س- لكن إسرائيل تحدثت عن ان ذلك سيعرّض لبنان في حال فوز المعارضة لجبروت الجيش الإسرائيلي أكثر؟
ج- هل كان الإسرائيليين يتعاملون في السابق بلطافة واليوم سيتعاملون معنا بجبروت، انا أعتقد ان التصّرف الإسرائيلي تجاهنا ، لم يكن ولن يكون في المستقبل ولا الأن سيتغير، هو نفسه ولا علاقة لذلك بنتائج الإنتخابات، ولا بالتغيير السياسي الذي سيحدث داخل لبنان.
أما ان إسرائيل ستغيّر رأيها تجاه لبنان وستعتدي عليه أقل وأكثر ، فأنا لا أعتقد ذلك ، فإذا رجعنا الى العام 1993 شنت إسرائيل أربعة حروب على لبنان بظروف كانت أحسن بكثير من الظروف الحالية ، وكانت لا تبرر الحرب على الإطلاق ، ومع ذلك تم الإعتداء على لبنان بدون خطف الجنديين وبدون تجاوز الخظ الأزرق، لذلك يجب فصل الموضوع الإسرائيلي عن الموضوع الداخلي.

س- إذا فاز فريق المعارضة كيف سيكون تعاطيه بالمسائل الخارجية؟ وهل يستطيع ان ينخرط في جهود السلام إذا تمت؟
ج- بالتأكيد لن يستطيع ذلك، لأن هذا الفريق له وجهة نظر مختلفة تجاه عملية السلام، وهذه المسألة لا يجوز اعتبارها الممكن أو إمكانية ذلك.

س- يعني ذلك ان “حزب الله” سيأخذ لبنان الى محور الممانعة كما تقول؟
ج- أنا لم أقل ممانعة، أنا قلت الى خيار سياسي آخر، أيضا هذه المسألة فيها خلط تماما وأين هي الممانعة هذه؟ ففي سوريا كل اسبوع تقريبا يصدر تصريح سوري يطالب بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي أين هي هذه الممانعة ؟ هذا كلام كبير، دعينا نرجع بالأمور الى طبيعتها، هذه الممانعة كانت تهدف في وقت من الأوقات الى إحضار الإدارة الأميركية الى طاولة المفاوضات، وهذا الأمر نلاحظه اليوم بين سوريا والإدارة الأميركية، وسيحدث بين الإدارة الأميركية وإيران بعد الإنتخابات الرئاسية الإيرانية وبناء عليه سنرى أي تطوّر سيحصل.

ولكن حتى الآن أجندة الحوار الأميركي – السوري لم تحقق أي تقدّم جدي، حيث هناك بندان أزيلا من هذه الأجندة، الأول يتعلق باستعمال لبنان كمنصة بالهجوم على سوريا سياسيا، والبند الثاني المطالبة بتغييرات ديموقراطية داخل النظام السوري. ولكن بقية أجندة جدول الأعمال الأميركي-السوري مازالت مستمرة منها ما يتعلق بالعراق وبلبنان وبفلسطين، هذه الأمور مازالت مطروحة للتفاوض، ويجب أن ننتبه أيضا انه حتى الآن السفير الأميركي في دمشق لم يحضر الى سوريا حتى الآن، رغم كل المظاهرات التي قالت بأن هناك إنفتاحا عجائبيا على سوريا. نعم هناك إستطلاع وإستكشاف وهناك حوار سيتكثف بالتأكيد لاستطلاع واستكشاف الأمور.

س- إذا لم يكن هناك جبهة ممانعة، كيف تفسّر كلام احمدي نجاد بأن فوز المعارضة سيغيّر المنطقة؟
ج- أعتقد انه يقول كلاما إنتخابيا، ولكن دعينا نقول بصورة أدق هذه الجبهة تعتمد أساسا على سوريا كخط إمداد وخط اتصال سواء مع فلسطين أو مع لبنان، وبالتالي السياسة السورية الآن هي باتجاه الحوار مع الإدارة الأميركية على قواعد معينة، لم تصل الى نتيجة لكنها مستمرة في هذا الحوار، وبادئة بالإنفتاح على مصر، ومستمرة بالحوار والإنفتاح على السعودية وتريد استعادة دورها الطبيعي في المنظومة العربية ، والواضح ان الدول الرئيسية مشجعة وراغبة في ذلك. وبالتالي نسمع اليوم الرئيس احمدي نجاد يقول انه يريد إقامة جبهة في المنطقة، في وقت نرى ان سوريا تذهب باتجاه آخر في السياسة . لذلك أرى ان كلام احمدي نجاد هو كلام إنتخابي وليس واقعيا ، مثل الكلام اللبناني الإنتخابي.

أنا أرى انه سيحدث التالي: أعداد متقاربة للمعارضة والموالاة بغلبة للأكثرية الحالية، ولكن كلاهما لا يملك النصف زائد واحد، لأن من يؤمن النصف زائد واحد سيكون لمجموعة سياسية ثالثة من حلفاء 14 آذار موجودين في مكان ما، وهم سيقررون توازن التفاهم بوجود غطاء أو بدور رئيسي أو بمهمة رئيسة لرئيس الجمهورية،مثلما حصل في المجلس الدستوري أول أمس.

س- جاء في عناوين جريدة “المستقبل” اليوم: “سعد الحريري: اغتيل الرئيس الشهيد لاحلال مشروع بديل من العروبة ومن الإستقلال” ما هو تعليقك على هذا الكلام؟
ج- هذا صحيح، ولكن هذا كلام منذ العام 2005 والآن يقوله، هذا صحيح، لأنه كان هناك مشروع سياسي كبير له علاقة بالهوية السياسية للبنان، وقد أزيح الرئيس الحريري من أجل تسهيل تحقيقه. هذا الكلام قيل في السابق وممكن اليوم طبيعته إنتخابية لكنه كلاما جديا وقديما.

س- وليد جنبلاط يقول ان الرئيس رفيق الحريري اغتيل بسبب القرار 1559 اللعين كما وصفه؟
ج- على كل حال هناك اجتهادات عديدة في هذا الموضوع، ولكن الـ1559 ايضا هو تعبير عن تغيير سياسي في المنطقة وكل الأمور متواصلة، ولكن الرئيس الشهيد رفيق الحريري أزيح من أمام تقدّم مشروع سياسي مخالف للطبيعة اللبنانية.

س- جاء في عناوين “الشرق الأوسط ” رصد إتصالات واعتقال لبنانيين والمخطط أشرف عليه الحرس الثوري ردا على اغتيال مغنية: أذربيجان “حزب الله” وإيران خططا لتفجير السفارة الإسرائيلية ؟
ج- هذا أهم عنوان في صحف اليوم وأخطر عنوان.

س- لكنه من الخطورة بمكان انه جاء في صحيفة مرتبطة بالسعودية؟
ج- هذا ليس خطورة، هذا خبر يجب التأكد من مصدره.

س- هو خطير بالنسبة لما قاله السيد نصرالله في خطابه ان هناك جهات إعلامية مرتبطة بالسعودية تروّج أخبارا من هذا النوع؟
ج- هذا كلام وسائل إعلام يقرأونها على طريقتهم، وعلى كل حال، فان وسائل إعلام “حزب الله” لا تقصّر عندما تريد تسويق رواية ما. ولكن ليس هذا هو الموضوع، إنما هو هل هذا الخبر صحيح ، يجب ان نتأكد أولا، وبالتالي لو كانت أي صحيفة لبنانية تملك هذا الخبر لكانت وضعته في صدر صفحاتها “كمانشيت” على 8 أعمدة وهذه مسألة كبرى في السياسة اللبنانية.

س- مصدر هذا الخبر هو باريس؟
ج- من أجل ذلك أنا أقول يجب ان نتأكد أولا من الخبر، ولكن إذا كان هذا الخبر صحيح فهو تغيير كبير، يترتب عليه أخطار كثيرة سياسية تتعلق بالحزب وبلبنان.

س- وإذا لم يكن صحيحا فيمكن إعتباره في إطار الترويجات التي تستهدف “حزب الله” للتأثير على الإنتخابات؟
ج- لا يوجد خبر لا يستهدف أحد، ولكن بالتأكيد جمهور “حزب الله” إذا قرا هذا الخبر سيزيد تصويته، وباعتقادي جمهوره ليس من دعاة السلم الدائم، وبالتالي لا أرى ان هذا يتعلق بالإنتخابات، إنما هذا كلام يتعلق بالوضع السياسي في المنطقة وهو أكبر من الإنتخابات.

س- معروف ان نتائج الإنتخابات ستحسم في المناطق المسيحية، لربما هذا الخبر هو للتأثير على الجمهور المسيحي وتخويف المتحالفين مع “حزب الله” من الحزب ؟
ج- إذا كان الجمهور المسيحي حتى الآن لم يعرف أين استقراره وطمأنينته ومستقبله وقدرته على مزيد من الإنفتاح والتقدم والعصرنة والحداثة، فهذا الخبر لن يقدّم ولن يؤخر فيه، ولن يؤثر فيه، وباعتقادي ان هناك وعيا في اتجاه هذه المسألة والمستغرب هو عدم وجود هذا الوعي.

س- نقل الزميل هشام ملحم في “النهار” اليوم عن مسؤولين أميركيين قولهم، انه في حال تشكيل حكومة يكون وراءها “حزب الله” وكتلة النائب ميشال عون فسيحظى الرئيس ميشال سليمان باهتمام ودعم أكثر من اميركا والعالم، وتتركز الآمال عليه لكي يضطلع بدور قيادي أكثر؟
ج- أتمنى لو ان الأميركيين يتركونه ليلعب دوره بدون اهتمامهم ونصائحهم، لأني لم أر حتى الآن أي شخص دعمه الأميركيون ووصل الى بر الأمان.

س- ربما لأنهم لا يريدون التعاطي مع حكومة معارضة؟
ج- فليتعاطوا مع من يريدون، ولكن هذا لا يعني ان دعمهم لرئيس الجمهورية يؤمن وضعه الداخلي، فرئيس الجمهورية تصرّف خلال سنة من حكمه برزانة ورصانة وهدؤ وتفهّم للوضع اللبناني، مع العلم اني لم أكن ولا مرة مع مجيء عسكري للسلطة، ولكن لا أستطيع أن أنكر انه تصرّف خلال هذه السنة بكثير من التفهّم للصياغة اللبنانية، واستطاع رغم كل ما يُقال ان يكسب مصداقية تدريجية عند كثير من اللبنانيين. ولذلك نرى هذا الهجوم عليه . أنا لا أفهم أن يطالب أحدهم بتعزيز صلاحية رئاسة الجمهورية وفي نفس الوقت يعترض على دور رئيس الجمهورية السياسي في اي مجال ، وبالتالي إذا لم ينتخب الناس هؤلاء المرشحين الذين يفترض انهم محسوبين على رئيس الجمهورية، هل يمكن أن ينجحوا في الإنتخابات؟ أما إذا انتخبهم الناس فلماذا كل هذا الهجوم؟ وهل هناك بين يدي رئيس الجمهورية أسلحة أو أجهزة أو أدوات من الدولة لدعم المرشحين؟ الجواب طبعا بالنفي، لأنه لو كان يملك هذه الأسلحة وهذه الأدوات وهذه القدرة لكان أقام بواسطتها سياسة أوسع بكثير من المرشحين. مهمة رئيس الجمهورية تتعلق بحماية البلاد وهو المؤتمن على الدستور، وليست وظيفة تُناقش كل يوم صلاحياتها، وبالتالي هناك نظرة مختلفة الى دور الرئيس.

البلد اليوم بحاجة أكثر وأكثر لدور معتدل ومتوازن من قبل رئيس الجمهورية، وهو لا يتصرف عكس ذلك، ولكن أكثر شيء لا يساعده على ذلك هو الجو المسيحي الذي يُفترض أن تمثيله له هو التمثيل الرئيسي، فضلا عن ان بعض النواب الآخرين الذين يعتبرون التصويت في مجلس الوزراء خديعة، ثم بعد يومين يصبح رئيس الجمهورية عظيما لأنه دعا المجلس الأعلى للدفاع ، فدعونا نفهم هل هو خديعة أم عظيم؟
أولا: الخديعة تكون بالسر، والتصويت في مجلس الوزراء تم علنا.

ثانيا: المشروع الذي خضع للتصويت سقط ولم يحظ إلا بـ14 صوت، فأين الخديعة في ذلك؟ ولكن الواضح انهم يوحون دون ان يقولوا ذلك، بأن مبدأ التصويت غير وارد، وبالتالي إلغاء طبيعة النظام، ولكن بالتأكيد التصويت وارد، ولكن الغاء مبدأ التصويت، ودعم الصلاحيات وتصغير الرئيس والتعّرض له وإهانته ، فهذا فيه تناقض فظيع بالتعامل مع رئيس الجمهورية.

هناك عنوان انتخابي لسؤ الحظ يتم استعماله اليوم، وهو ان هناك تهميشا للمسيحيين لا ردّ له إلا بالأبطال العظماء، الذين سيستعيدون هذه الصلاحيات لرئيس الجمهورية باعتبارها حقوق.

أولا، هي ليست حقوق، فهناك دور لرئيس الجمهورية ، وهناك رأي راسخ عند معظم الناس بأنه لا بد من تعزيز صلاحياته من ضمن الطائف، ودون التعرّض لأسس الطائف وضمن جو هادىء وحوار ونقاش، وليس ضمن جو إنتخابي استغلالي بالتعّرض للناس.

أيضا أنا أسأل هل القوة هي بالصوت العالي أو بالحق؟ والقوة هي الإعتدال أو التطرّف؟ والقوة هي الفوضى أم الإستقرار؟ دعينا نتفق ما معنى القوة وهل هي أنه أنا شتمت فلانا ولم يرد عليّ،ّ أو أنا تعرّضت لفلان ورديت على شتيمة فلان، هذه قوة موديل قديم لم تعد توصل الى نتيجة، فإذا كانت استعملت في الإنتخابات ولكنها لا تحقق لأي من اللبنانيين أو لأي من طوائفهم أي شيء. ما يحقق للمسيحيين تحديدا ما يريدون مما يسمونه تعزيز لدور رئيس الجمهورية، وهو شخص مستحق الآن بدوره وبهدوئه وباعتداله وبتصرفه.

س- ما هو الدور المطلوب من رئيس الجمهورية بعد الإنتخابات؟ وهو وضع لنفسه رؤية لهذا الدور وآلية ممارسة دوره من خلال فرض بعض التوازنات وليس إدارته؟
ج- هو لا يستطيع إدارة التوازنات لأنه عمليا التوازنات حادة في مقابل بعضها البعض، لدرجة انه لا خيار أمامه سوى فرض هذه التوازنات، لأنهم لن بستطيعوا التفاهم بدون أن يكون موجودا في الوسط.

س- الشيخ سعد قال انه مستعد لإعطاء الثلث المعطّل لرئيس الجمهورية ، وردّ عليه نواف الموسوي ما داموا يقبلون بإعطاء الثلث المعطّل للرئيس، فهذا يعني انهم يقرّون بمبدأ الثلث المعطّل؟
ج- في الواقع أنا لم أقرأ هذا النص للشيخ سعد.

س- هو قال هذا الكلام في مقابلة مع محطة “الجزيرة”؟
ج- للحقيقة أنا لم أسمع الحديث مع “الجزيرة” ولكن الثلث المعطّل لا يعطى لأحد ، ولكن إذا كان الشيخ سعد قد قال هذا الكلام فأعتقد انه يقصد بان هذه المجموعة المنفصلة عن 14 آذار و8 آذار ستكون في إطار الرئيس السياسي، وبالتالي يشكّل منها عنصر التوازن ، أنا لا أسمّيه ثلث معطّل بل عنصر التوازن بين الأكثرية والأقلية إذا قرروا المشاركة.

س- هل تقصد عشرة – عشرة – عشرة؟
ج- لا أبدا، أعتقد ان هذه مبالغات ، أنا أتحدث عن التوازن وهذا التوازن يقوم على ان هناك مشاريع سياسية على الطاولة، وهذه المجموعة السياسية الخارجة عن 14 و8 آذار هي التي تقول ان كان هذا المشروع مناسب للسير فيه، أو ذاك المشروع غير مناسب لا يمكن السير فيه. هذا ما أقصده وبالتالي ليست أكثرية تمشي بمشروع دون الأخذ بالإعتبار رأي كل الآخرين أو أقلية عندها ثلث معطّل توقف هذا المشروع . ماذا يعني الثلث المعطّل؟ الثلث المعطّل بدأ لعنوان لسلاح المقاومة ضد إسرائيل، وإنتهى منذ أسبوعين لتعطيل تعيين موظف في الإدارة اللبنانية، وهذا التناقض لا يجوز فأما أعلى السقف وإما أقل الأسقف. وبالتالي ما علاقة تعيين موظف بسلاح المقاومة ضد إسرائيل، وما علاقة تعيين محافظ بيروت أو محافظ جبل لبنان بالمواجهة مع إسرائيل؟.

س- لكن هم يقولون ان هذا الثلث المعطّل هو بوجه الإستئثار أيضا؟
ج- أين هو هذا الإستئثار ما دام لا توجد أكثرية يستأثرون بواسطتها؟ لقد تم إستئثار وحيد وطني ومحق هو في موضوع المحكمة الدولية، هذا صحيح، ولكن بالنسبة لبقية جميع القرارات لا يوجد إستئثار ولا اي شيء آخر، والآن هم يملكون الثلث المعطّل. لذلك أنا أقول لا بد من الجلوس بهدؤ بعد الإنتخابات لبحث تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية، من ضمن مسؤوليته الوطنية، وليس من ضمن وظيفة يلزمها المزيد من التواقيع أو عدم التواقيع. مسؤوليته الوطنية وتمثيله لبيئته ومحيطه ، وهذا أمر يمكن النظر اليه بعين وطنية كبيرة، وبعين إنتخابية صغيرة، فإذا نظرنا اليها بعين وطنية كبيرة فبالإمكان تحقيق المزيد من القبول عليها، وعندما تنظر اليها بعين إنتخابية لربما تحقق المزيد من التطرّف لدى الناخب من خلال العناوين الكبرى التي يطالب بها الجنرال أو فلان من الناس، ولكن هذا ليس هو دور المسيحيين.

أنا قلت من هنا وأكرر الآن ، دور المسيحيين الإنفتاح والثقافة وتعدّد اللغات وتعدّد الجامعات وحرية التعبير.

لقد سألتك عن عمر هذا الاستديو، فلولا الصيغة اللبنانية هل كان بالإمكان استمرار هذا الإستديو لمدة 24 سنة، في وقت لا إمكانية لوجود استديو في أي دولة عربية ، حتى لما يتعلق بالطبخ لمدة 24 سنة، وبالتالي مازالت هناك حرية رأي في لبنان، وإقتصاد حر قوى في لبنان، وتداول للسلطة ، فمهما بالغنا نجد ان رئيس الجمهورية بعد تسع سنوات على الأكثر يحزم حقائبه ويذهب الى منزله.

أنا أقول ان هناك أمور جيدة كثيرة في لبنان يجب تعزيزها، وهذا التعزيز يتم عن طريق تعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية ايضا، ولكن ليس بشكل عدائي مع الآخر، بل بشكل متفاهم مع الآخر وبقبول الآخر.

أنا قلت منذ يومين إذا كان الثلث الضامن هذا من أجل سلاح المقاومة في وجه إسرائيل فأنا من الثلث الضامن، وبالتالي ما هو المعيار الذي يسمح لفلان أن يكون من الثلث الضامن ولا يسمح لي؟ هل التاريخ أو السيرة الذاتية؟ فأنا سيرتي الذاتية بالتأكيد تسمح لي بأن أكون من الثلث الضامن بمسألة المواجهة مع إسرائيل، وحق الشعب الفلسطيني بدولته، ولكن لا يمكن جر كل اللبنانيين بالقوة الى أفكارنا ، ولكن بالإمكان أخذ اللبنانيين بالحسنى وبالرضا وبالحوار.

هناك أصول للنظام اللبناني تقول بان سياسة الدولة تُقر في مجلس النواب، هذا المجلس الذي يمثل جميع اللبنانيين يُقر سياسة تنفذها الحكومة باعتبارها أداة تنفيذية ، وليس الحكومة هي التي تُقر سياسة الدولة. لذلك تقرير السياسة يكون في مجلس النواب وليس في مجلس الوزراء، وإلا ما هي ضرورة إجراء الإنتخابات ، وبالتالي فليجلس هؤلاء العشرة مع بعضهم البعض ويشكلوا حكومة وكل واحد منا يذهب الى منزله.

أما إذا كان هناك إنتخابات فنحن يجب أن نلتزم بنتائجها ، وعلى أساس هذه النتائج نشكّل الحكومة، وعلى أساس تشكيل الحكومة، مجلس النواب يقرر سياسة هذه الحكومة.

أما اليوم فما نراه ان الحكومة تأخذ كل دور مجلس النواب، ولا دور للناخبين لا بالمجلس ولا بالحكومة، مع ان الناخبين ينتخبون نوابهم رغم مساوىء الجريمة المسماة 1960 وقانون 1960 الذي أقول انه لم يكن بقدر أحلام جدودنا ، فكيف يمكن أن يكون على قد أحلام أولادنا؟.

على أي حال يجب التفكير بالأمور بشكل طبيعي وحتى لو بدا ان هذا الأمر مستحيل الآن، ولكن بعد الإنتخابات سيبدو طبيعيا ومُقرا ومُحترما، الأن هذه هي الطريقة الطبيعية لكي يكون بإمكان الناس العيش مع بعضها البعض.

أنا أقول كفى، لا يجوز تحويل كل الأمور الى كوابيس ونستنفر أمة لا إله إلا الله. لقد سمعنا آمال شحادة وماذا قالت عن المناورات وأنها أمر شكلي وسياسي، في وقت كنا نعتبر ان هناك هجوما إسرائيليا سيحصل صباح اليوم الثاني للمناورات ، وتم نشر 25 الف جندي لبناني على الحدود بسبب هذه المناورة، ولكن إذا كان هذا الأمر يريحهم فلا بأس، ولكن لا يجوز أن يكون رئيس الجمهورية يوم الإثنين ينفذ خديعة التصويت في مجلس الوزراء، ثم في اليوم التالي يصبح رئيسا وطنيا كبيرا لأنه عقد مجلس الدفاع الأعلى، وبالتالي الرئيس هو ذاته ولا يمكن محاسبته يوم بيوم، فأما أن تكون هناك علاقة طبيعية معه، وإما ان تعتبره يقوم بخديعة. لا يجوز تحويل الخلاف الى تآمر، قد تكون مختلفا مع الآخر، ولكن لست متآمرا .

لذلك أنا قلت في كل كلامي الإنتخابي أن هناك عناوين إشتباكية فهل يمكن تحويل هذه العناوين الى عناوين حوار؟.

المحكمة لم تعد مهمتنا التحاور حولها. موضوع السلاح يجب التحاور حوله بما يضمن دولة حاضنة للجميع تستفيد من هذا السلاح بمواجهة أي إعتداء إسرائيلي، ولكن ضمن بناء دولة واحدة لجميع اللبنانيين، وليس دولة فرعية ودولة رئيسية، وبالتالي لا يستطيع الناس العيش في دولة فرعية بينما هناك دولة رئيسية للجميع.

هناك دور محدّد للمقاومة في مواجهة إسرائيل، وليس بتعيين موظفين أو بالخلاف على طائفية وظيفة. يجب العودة الى الأصول التي تريح كل الناس وتحقق لكل الناس أفكارها.

لا يمكن اعتبار تجربة الأربع سنوات الماضية على انها تجربة حكم، أو تجربة معارضة، وكلاهما فعل ما لا يُفعل. فالأكثرية لم تحكم والمعارضة لم تفعل شيئا سوى جزء من تدمير، ليس الفكرة اللبنانية فقط، بل المدينة وخرابها من الإعتصام الى 7 أيار ، كل هذه ليست معارضة سلمية، بل تخريب لمناطق بكاملها إقتصاديا واجتماعيا وتجاريا.

لذلك يجب الإنتقال الى المكان الطبيعي الذي يحمي كل الناس، ولا يمكن أن يكون السلاح دائما خارج الدولة إلا ويؤدي الى حرب أهلية ، يلزمه احتضان من الدولة، والدولة ايضا لا تحقق إجماع ، يعني النظام لايحقق إجماع. الدولة هي لكل الناس، ولكن النظام لا يحقق إجماعا.

لذلك يجب العودة الى البسيط والطبيعي والأصول التي تحقق لي كناخب قبل أن أكون مرشّحا حقي بانتخاب النائب، والتي تحقق لنائب حقه بالتخطيط وبتقرير سياسة الدولة ، والتي تحقق للحكومة دورها بتنفيذ هذه السياسة ، وبالتالي الأمر بسيط جدا عندما يتم الإتفاق على سلاح المقاومة بمجلس النواب ودوره تحديدا، والى أين اتجاهه، هذه الحكومة مُلزمة بتنفيذ هذه السياسة، ولا يحمي هذا السلاح الثلث المعطّل.

س- إذاً لماذا سعي العماد عون الدائم للحصول على أكبر كتلة نيابية؟ وكيف سيستثمرها في الفترة المقبلة؟
ج- من حقه أن يسعى الى كتلة نيابية كبيرة، لا يمكنه استثمارها إلا بالمزيد من فرض رأيه السياسي. ولكن هذا يحق له إذا قررت الناس إعطاءه أكبر كتلة نيابية، فأنا لا أستطيع أن أمنع الناس من ذلك، وأنا مضطر للإعتراف بنتائج الإنتخابات.

العماد عون يحاول القول انه لا توجد بطريركية في السياسة، ولا رئاسة جمهورية في السياسة، ولا وزارة دفاع بالسياسة، إنما أنا الموجود لأقرر عن الجميع، ولكن هذا الأمر لا يستطيع إنجازه بمفرده. وبالتالي إذا لم يجتذب لبنانيين آخرين معه الى هذه الفكرة لا يستطيع إنجازها بمفرده، ولا يستطيع أن يقول أنا المسيحي الذي ألغى المسيحيين الآخرين لأني حصلت على الأغلبية الإنتخابية، فلاأحد يستطيع إلغاء دور الرئاسة او البطريرك بالمعنى الوطني، إذا كانت هناك قوى لبنانية متحالفة، تمثل تنوّع اللبنانيين تقول أنا لا أوافق على هذه السياسة, وبالتالي هو لا يستطيع أن يجلب تنوعا لبنانيا أو مجموعة فيها كل التنوّع اللبناني، الذي يحقق وطنية الإعتراض وليس طائفية الإعتراض.

لذلك أنا أقول دائما حتى في الإجتماعات الإنتخابية ، يا إخوان.. يا شباب صوّتوا حتى لو لم يكن تصويتكم لي، ولكن المهم أن تمارسوا حقكم، وهذا حق لا يجوز التخلي عنه، وعندما تتخلون عنه سيُطلب منكم التخلي عن حقوق ثانية.