“نهاركم سعيد” – معادلة السين- سين الخائبة

مقابلات تلفزيونية 05 يوليو 2009 0

س- ما هي الحلول المقترحة لتشكيل الحكومة والإتصالات السورية –السعودية ما هي حقيقتها والتسريبات المضادة عن انعقاد القمة السعودية- السورية؟
ج- يوجد ثلاثة وقائع:
1- زيارة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى سورية ستتم
س- ليس غدا؟
ج- ليس غدا وهذه المسألة تقرر بين البلدين وستتم قبل آخر هذا الشهر.

2- ان زيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق ايضا ستتم في ظروفها والوقائع التي من الممكن ان تخلق لحين إتمامها ولكنها ستتم.

س- قبل تأليف الحكومة أو بعد تأليف الحكومة؟
ج- هذا السؤال لا يستاهل الضجة التي أحدثت ويفترض ان يزورها بعد تشكيل الحكومة. ولكنها ستتم ويوجد بعض التفاصيل سوف نتحدث عنها لاحقا.

3- ستشكل الحكومة اللبنانية وهذا أمر سيحدث خلال اسابيع قليلة.

س- هذه الوقائع الثلاث ستتم خلال شهر تموز برأيك؟
ج- يفترض ان يكون شهر تموز الحد الأقصى.

س- متفائل بموضوع الحلول ؟
ج- دائما وليست هي المرة الأولى.

س- لماذا حصل ما حصل هذه الضجة وقد تحدث الرئيس المكلف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة ومن دون ضجيج وهناك مساعي لإيجاد الحلول؟
ج- هذا الضجيج تقليدي في لبنان وهذه المسألة شائكة معقدة وراءها اربع سنوات من الاشتباكات السياسية وغير السياسية بين لبنان وسوريا من الطبيعي ان تأخذ وقتها. وعندما نأخذ الكلام نحو المنطق الإيجابي نصل الى نتيجة مفترضة.

س- هذا الأمر مفروض علينا ؟
ج- لا هذا الأمر طبيعي وهناك تطورات تحصل في المنطقة ولبنان ونتائجها الطبيعية ستظهر كما هي لكن هناك شيء جديد حاصل في المنطقة يجب الإنتباه اليه ونقرأه بشكل واضح ومحدد ولنسترجع الإنتخابات ، فالإنتخابات في العام2005 تمت على وقع إغتيال الرئيس الحريري باعتبار ان نتائجها والأكثرية التي إنبثقت عنها كان لها حماية وغطاء عربي ودولي كبير، ولكن على قاعدة مواجهة سورية سياسيا وقد حصل هذا الأمر سنة 2009 وفازت الأكثرية في الانتخابات على عكس ما قيل في السابق.

الأكثرية واضحة وشعبية ونيابية ويوجد حماية عربية ودولية لها على قاعدة الحوار مع سورية، هناك فرق بين عامي 2005 و2009 . في العام 2005 أجريت الإنتخابات على وقع الإغتيال والذي استتبع باغتيالات كثيرة وعلى قاعدة المواجهة السياسية مع سورية. عام 2009 هذه الإنتخابات حققها وربحها سعد الحريري تحديدا بشخصيته وحركته السياسية الجديدة وقاعدتها الحوار مع سورية.

س- هذه الإنتخابات لم تخض على قاعدة الحوار مع سورية وموضوع الحوار جاء نتيجة للإنتخابات؟
ج- لا ، رأيي ان الحماية العربية والدولية والإحتواء والحضانة والإهتمام العربي والدولي بفوز الأكثرية قائم على قاعدة الحوارمع سورية وكل هذا العمل الذي يجري الأن طبيعي باعتبار ان العلاقات اللبنانية – السورية مرت بمصاعب كثيرة ودم وكلام سياسي كبير واعتداءات وكل أنواع الأخطاء التي إرتكبت، هذه المسألة تحتاج الى معالجة ووسطاء وقدرة على تقريب وجهات النظر ووضع جدول أعمال مسبق لأي حوار لبناني- سورية.

س- تتكلم عن الحماية العربية والدولية ، هل ان العلاقات الدولية والعربية قد تحسنت فصار علينا ان نفتح هذا الحوار معها؟
ج- واجباتنا ومسؤولياتنا الحريصة على أمنها واستقرارها وعلى علاقات طبيعية مع جيراننا العرب تؤكد علينا استعادة العلاقات الى طبيعتها، هذا أمل مهم جدا باستقرار لبنان.

س- لماذا لم تحصل قبل ذلك؟
ج- لأن الوقت اصبح اليوم متاحا. الصورة السياسية للبلد واضحة اليوم في جميع الإتجاهات، وان الأكثرية جدية نتيجة هذه الإنتخابات باعتراف خصومها. وان انتصارها جدي وان عنوانها سعد الحريري. ولا نستطيع ان نبقى في دوامة راوح مكانك. لقد سلمنا قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى المحكمة الدولية ونحن نخضع لقراراتها، لكن الآن حان الوقت لإقامة علاقات طبيعية بين لبنان وسورية على ان نسحب ملف الإغتيال من التداول ولا ننسى ان الرئيس السنيورة زار سورية مع خمس وزراء في حكومته على مراحل ، وزراء الثقافة والإعلام والخارجية والدفاع والداخلية وكبار مساعديهم، ويوجد فرق في إقامة علاقات كطبيعية على أسس واضحة وسليمة وفق الأصول والقوانين المتبعة أو علاقات تؤدي أما الى الـتنازل وإما الى المواجهة ، لا يوجد ضرورة لذلك، لبنان لا يقوم على مواجهة سورية في حكمه. لقد مررنا في ظروف فرضت علينا لأسباب كثيرة أولها الدم. الآن أصبحت القضية في يد المحكمة الدولية الحكومة اللبنانية ملزمة نصا في الدستور وملزمة بطبيعة الجغرافيا والعلاقات بين البلدين ان تحرص على إقامة علاقات طبيعية بين البلدين، هذا في ما يتعلق بالسلطة التنفيذية وليس بالأشخاص.

س- إذا لم تكن فلتكن أسهل مع رئيس حكومة بدل من سعد الحريري لأنه المعني مباشرة بموضوع التوتر الحاصل مع سورية على خلفية الأغتيال ؟
ج- الرئيس المكلف يتصرف منذ تكليفه بمسؤولياته اللبنانية وليست الشخصية ، الأمر الأول.

الأمر الثاني: نحن نتحدث عن رئيس حكومة لكل لبنان سواء كانت وحدة وطنية أو غيرها وهذا الرئيس مُلزم دستوريا وعرفا بعد نيلها الثقة ان تكون هذه العلاقات طبيعية، وفي أصعب المراحل الرئيس السنيورة زار سورية.

س- لكن زيارة الرئيس السنيورة الى دمشق تمت العام 2005 ومن بعدها انقطعت العلاقات كما تقول؟
ج- أنا أقصد ان إنقطاع العلاقات ليس دليل صحة وإنقطاع العلاقات سببه التأزيم الذي حدث في تلك الفترة ، ولكن الأمر الطبيعي هو انه يجب ان تعود الأمور الى شكلها الطبيعي ولبنان لا يستطيع ان يكون على علاقة سيئة بسوريا ولا يجب ان يكون على علاقة سيئة بسوريا شرط أن تكون العلاقات بين البلدين طبيعية ذات طابع رسمي وليس طابعا خاصة أو مبالغ به أو فيه تنازل. وبالتالي هذه العلاقات يجب ان تعود بين البلدين الى طبيعتها والى انسيابها بشكل طبيعي جدا، فلماذا نعتبر ان أي نقاش مع سوريا هو تنازل؟ فالنقاش مع سوريا هو واجب وليس من الضروري الوصول أيضا ان توافق على هذا الإتفاق أو ذاك الإتفاق.

اليوم هناك نقاش كبير حول شكل هذه العلاقات وهناك حوالي ست صيغ بعضها صحيح ومعظمها غير صحيح، فأول صيغة طُرحت بأن الرئيس اللبناني يدعو الرئيس السوري الى زيارة لبنان بعد الإنتخابات، وأن يلتقي خلالها بالرئيس المكلّف وبغيره من القيادات اللبنانية في القصر الجمهوري، أيضا تم طُرح صيغة ثانية تتعلق بزيارة الرئيس المكلّف منفردا الى دمشق خلال زيارة محتملة للعاهل السعودية، ثم طُرحت فكرة اللقاء في قمة شرم الشيخ في قمة عدم الإنحياز في 15 تموز، وتبيّن ان الرئيس السوري لن يحضر هذه القمة وربما رؤساء آخرين لن يحضروا، ثم طُرحت فكرة ذهاب كل القيادات اللبنانية الى دمشق لمقابلة الملك عبدالله بن عبد العزيز. وباعتقادي كل هذه الصيغ فيها مبالغات وفيها حقائق لأنه لا يوجد شيء مؤكد ولا يوجد شيء نهائي.

س- ما هو الصحيح في هذه الصيغ؟
ج- هو ان هناك رغبة في ترتيب الأمور وهناك زيارة للملك عبدالله وهناك زيارة لرئيس الحكومة سعد الحريري الى دمشق وهناك تشكيل حكومة وهذه أمور مؤكدة.

س- الأكيد في ما يُطرح بين الجانبين السعودي-السوري هو ترتيب هذه الزيارة؟
ج- أعتقد ان ما يتم طرحه هو ترتيب العلاقات اللبنانية-السورية والزيارة هي واحدة من نتائج هذا الطرح، وليست هي الطرح نفسه. هناك نقاش جدي حول العلاقات اللبنانية –السورية على ماذا ستنشأ وما هي القواعد وما هي المطالبات اللبنانية؟

س- لماذا تدور بين السعودية وسوريا؟ لماذا لا تدور بين لبنان وسوريا من خلال رئيس الجمهورية؟
ج- أعتقد ان فخامة الرئيس بدأ هذا الحوار، والحوار الذي يتم الآن ليس أول حوار من نوعه، فالسعودية دولة كبرى معنية بالإستقرار في المنطقة، حريصة على سوريا وحريصا على الحوار مع سوريا، ولبنان لديه مشاكل بعلاقاته مع سوريا جدية ، فإذا جاءت السعودية وبحثت هذا الموضوع واستطاعت تحقيق تقدّم يكون خير وبركة وإذا لم تستكيع ذلك سوف تبلّغنا ذلك ونحن لن نتصرف سوى على هذا الأساس.

هناك قرار كبير عربي ودولي بالحوار مع سوريا ، البعض يسميه استعادة سوريا والبعض يسميه الصراع على سوريا، وليس مع سوريا، بالنسبة لنا هناك قرار دولي وعربي كبير يقول بأن هذه الأكثرية من واجباتها ومن مهماتها الأساسية والأولى ان تضع العلاقات السورية-اللبنانية على سكتها الصحيحة.

هناك حوارات جارية الآن في كل الإتجاهات بين الأميركيين والسوريين وحوارات بين السعوديين والسوريين، ولكن لا يوجد نتائج حاسمة لكل هذا الكلام وهناك نقاش مقتوح على كل المواضيع.

س- الحوار اليوم يدور بين السعودية وسوريا ونحن نتذكر قول الرئيس بري على حل المشاكل بين السين – السين وانعكاسها على لبنان ولا شك انه في خلال هذه المرحلة السابقة عندما كانت هذه العلاقات مقطوعة عمليا بين الجانبين كانت الساحة اللبنانية تشهد ارتدادات؟
ج- العلاقات السورية – السعودية مرت بفترات صعود وهبوط كثيرة وكانت دائما خلالها العلاقات السورية-اللبنانية سيئة حتى في الفترة التي تحسّنت فيها ولو شكلا العلاقات السعودية –السورية لم تتحسن العلاقات اللبنانية –السورية . الأن هناك أمر اكبر من المظهر الخارجي الذي نراه ، ففي قمة الكويت كان خطاب العاهل السعودية المتعلق بإعادة العلاقات العربية الى مستواها والى مسارها الطبيعي وتجاوز في هذا الخطاب الكثير من المشاعر الشخصية والمشاعر السيئة التي كانت تعتريه، وكانت من حقه. هو تجاوز هذا الكلام وإندفع باتجاه استعادة العلاقات العربية لطبيعتها الإيجابية، وهذا الكلام تم وفق قرار استراتيجي اتخذته السعودية بالتفاهم مع دول عربية أخرى بأنه حان الوقت الأن للعمل على مزيد من الإستقرار العربي، حيث تمر المنطقة بظروف صعبة جدا، فالملف النووي معقد والحوار الأميركي – الإيراني لم يصل الى نتيجة حتى الآن ووضع التسوية في المنطقة مسدود، وهناك إدارة أميركية جديدة توحي وتقول بأنها مُصّرة وتعمل على حل الدولتين، ولكن بدون نتيجة وهناك إنتخابات إسرائيلية أتت بحكومة لا علاقة لها بالسلام لا من قريب ولا من بعيد، وهناك مواجهة إسرائيلية – أميركية في مسألة المستوطنات وحل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية ، كل هذه العوامل دفعت السعودية الى تجاوز كل المسائل الشخصية والإندفاع أكثر وأكثر نحو إستعادة الإيجابية في العلاقات العربية-العربية. أولى نتائج هذا القرار كان الحوار السعودي، هذا الحوار الذي كان قائما على السلبية بسبب الموضوع اللبناني بعد إغتيال الرئيس الحريري وسحب السفير السعودي من دمشق أو نقله، إضافة الى التوتر الشخصي الذي حصل، وبالتالي تجاوزت السعودية كل هذه الأمور وانه حان وقت العودة الى الإستقرار العربي في ظل وضع دولي يهتز في كل لحظة، وتم تحقيق تقدّم في الحوار السعودي – السوري الى حد ما، ولكن الواضح ان هناك إصرار سعودي للوصول الى نتائج.

س- هل تستيطع أن تنفرد بهذا التقدّم بالعلاقة مع سوريا؟ لأنه يُقال ان مصر لا ترحب كثيرا بالمسيرة السريعة للعلاقات بين السعودية وسورية؟
ج-العلاقات بين الملك عبد الله وبين الرئيس مبارك علاقات عميقة لدرجة انه يجب إفتراض ان التوجه الإستراتيجي والأساسي سواء السعودي أو المصري مُتفاهم عليه، ويجب الإنتباه الى هذه المسألة وان لا نؤخذ بالمظاهر ، العلاقات العميقة بين الرئيس المصري والعاهل السعودي تسهّل أو تؤكد ان هناك تفاقهمات معينة تجري بين البلدين، تأخذ بعين الإعتبار القراءة المصرية للعلاقات السورية-المصرية والرغبة السعودية لتحسين العلاقات.

س- ما حقيقة ما ذُكر عن محاولة مصرية وأميركية لفرملة هذه الإندفاعة السعودية في عقد القمة السعودية-السورية؟
ج- هناك جدول أعمال يتم الآن الحوار حوله يتعلق بنقطتين:
النقطة الأولى بالعلاقات اللنبانية –السورية لأن السعودية لا تريد لهذه العلاقات إلا ان تكون طبيعية وجيدة وإمكان تطويرها ،لأنها تعتبر ان جزءا من الإشتباك الذي حصل كان بحضورها أن لم نقل بمشاركتها، وبالتالي هي تتصرّف بمسؤولية عن عودة العلاقات اللبنانية- السورية الى شكلها الطبيعي ومن ثم العمل على تطويرها، وهذا يتطلب جدول أعمال مُسبق يتعلق بالمقررات المتخذة بالإجماع على طاولة الحوار، ويتعلق بخطوات حدثت. فالعلاقات الدبلوماسية السوري-اللبنانية حدثت بمسعى فرنسي وعلني ، وكان مُحدداً بالساعة والدقيقة وكان هناك إصرار ان يأتي السفير في التاريخ الفلاني وألا يتأخر عن هذا التاريخ فلماذا اعتبرنا ان ذلك الأمر طبيعي وما يحدث اليوم هو مخالفة او إستثناء؟ .

هناك ضجة كبيرة حول الشكل والمضمون جدي، البحث الجدي الآن هو في العلاقات اللبنانية –السورية ، هذه العلاقات لا تقوم على فقط إستلطاف بعضهم أو قبولهم لبعضهم البعض، بل تقوم على بنود محدّدة تتعلق بطبيعة العلاقات بين البلدين سواء ترسيم الحدود او الوضع الفلسطيني خارج المخيمات أو مستقبل العلاقات اللبنانية-السورية، من خلال ما يسمى المجلس الأعلى اللبناني-السورية والإتفاقات المعقودة ، وما هي الإتفاقات التي يجب المحافظة عليها، وما هي الإتفاقات التي يجب تطويرها ، وما هي الإتفاقات التي يجب إلغائها؟ هل يبقى المجلس الأعلى أو يلغى؟ هناك جدول أعمال جدي.

س- والحكومة؟
ج- الحكومة هي تسهيلات وليست قواعد ، في الحكومة دور بسيط يتعلق بأن سوريا لها حلفاء في لبنان يمكن بالحوار معهم ان تتوصل الى نتيجة طبيعية لتشكيل الحكومة، ولكن أنا لا أعتقد ان هذه هي العقدة الرئيسية، أنا أعتقد ان العمل الرئيسي يجري على مضمون العلاقات اللبنانية – السورية، فعندما تتحقق بنود تتعلق برصانة وصلابة العلاقات بين البلدية بمعنى ان ما تحقق بالإجماع على طاولة الحوار يصبح حقائق من خلال زيارة رئيس الحكومة التنفيذي سعد الحريري الى دمشق، يصبح لزيارته بُعدين:
الأول : انه ذاهب بصفته ممثلا لجميع اللبنانيين باعتبار ان الحكومة نالت الثقة.
والبعد الثاني: انه ذاهب وفق جدول أعمال محدّد أيضا، يتعلق بشؤون جميع اللبنانيين، هذا إذا إفترضنا ان الأمور وصلت الى خواتيمها الطبيعية، حتى الآن كل الجدل والحوار هو حول بنود جدول الأعمال وليس حول زيارة أو عدم زيارة الرئيس المكلّف.

س- ولكن ألا يمكن تشكيل الحكومة قبل حسم جدول الأعمال هذا؟
ج- أنا قلت في تصريح لي أول أمس ان زيارة رئيس الحكومة تتم بعد نيله الثقة بصفته ممثلا لجميع اللبنانيين.

س- لماذا هناك إستعجال على ان تتم هذه الزيارة؟
ج- أين رأيت الإستعجال سوى في الجريدة.

س- لكنك قلت ان الزيارة ستتم؟
ج- أنا قلت ستتم في الوقت المناسب، وليس غدا، إذا افترضنا ان الحكومة تشكلت وان زيارة الملك حدثت وان الإتفاق على جدول الأعمال تم، فإذا افترضنا مثلا انه في ايلول رئيس الحكومة النائب سعد رفيق الحريري وجد ضرورة للتشاور مع سوريا حول نقاط تتعلق بالبلدين فماذا يفعل؟.

دون مبالغة أقول ، رئيس الحكومة اللبناني التنفيذي مُلزم وواجباته وعمله يقوم على رعاية حسن العلاقات بين البلدين، وهذه ليست رغبته وذلك لتأمين كل الحاجات المتعلقة بالعلاقات بين البلدين، هناك أمور مشتركة جدا بين البلدين ولبنان لا يستطيع ان يستقر في ظل علاقة سيئة مع سوريا ، وهذه حقيقة ولكن الفرق هو في ان يقيم علاقات طبيعية فيها رصانة وفيها صلابة وفيها جدية وجدول أعمال مُحدود بين أن يقيم علاقة سياسية فيها كلام كبير لا يوصل الى نتيجة.

نحن قلنا انه في العام 2005 ذهب الرئيس السنيورة الى سوريا بصفته رئيسا للحكومة ، أنا على الأقل كنت واحدا من المشجعين لزيارة الرئيس السنيورة بصفته رئيسا للحكومة وليس بأي صفة أخرى مهمته الطبيعية والدائمة ان يعمل على موضوع العلاقات بين البلدين، إنما هو اختار خيارا آخر لأسباب تتعلق بالرفض السوري أو برغبة سوريا باستمرار الصراع أو برغبة بعض الأطراف اللبنانية باستمرار الصراع في ذلك الحين، ولكن هذه المرحلة السياسية انتهت الآن. السؤال الآن هل نستطيع إقامة علاقات طبيعية وأن نستعيد علاقات طبيعية من دولة لدولة لها صفة رسمية محدّدة تأخذ بعين الإعتبار حاجات لبنان الضرورية ورغبات سوريا الطبيعية الضرورية بالعلاقات بين البلدين؟.

س- هل ترغب سوريا بمثل هذه العلاقات؟
ج- الأسلوب السوري لن يتغير ، ولكن الوقائع تتغير والوقائع الآن تفرض على سوريا ولبنان أن يتعاملا بطريقة مختلفة.

الأسلوب تُحدّده طبيعة الأشخاص الذين يتعاطون مع بعضهم ، فإذا كان هناك استمراراً للأسلوب القديم أو التفكير القديم للعلاقات بين لبنان وسوريا لن نصل الى نتيجة، ونحن عندنا من المناعة ما يكفي ان نحافظ على وضعنا ونحافظ على ما حققناه في السنوات الماضية كجمهور رفيق الحريري كما أسميه، وأن نحافظ على 14 آذار كما يسميه الآخرين، وان نحافظ على صلابتنا. ولكن أنا أرى ان الأمور ذاهبة باتجاه متفّهم أكثر للوقائع الجديدة، فلا يعقل ان يكون هناك رغبة بحوار سوري- إسرائيلي مباشر برعاية أميركية ، ولا توجد هناك قدرة على التفاهم مع الدولة الجارة لبنان ولا يعقل ان يتم تجاوز خلافات عميقة بين سوريا والسعودية ، ومع المصريين وان لا تستطيع سوريا ان تتعامل مع لبنان بشكل طبيعي.

س- أنا أعرف ان النتيجة واحدة فقد دخلوا في السابق بـ”الرنجر” ، واليوم يدخلون وهم يلبسون قفازات أو كفوف دبلوماسية؟
ج- دعينا نقول ان هذا العنصر يسبب مفاجأة ويسبب بعض الوجع لكثير من اللبنانيين ، ولكن إذا قرأنا الأمر بشكل واقعي نجد انه بالإمكان إقامة تعامل بين الدولتين وهذا الأمر حدث حيث ان خمسة وزراء من الحكومة اللبنانية على الأقل ثلاثة منهم مُقرّبين من الأكثرية قاموا بزيارة سوريا ولم نشعر بأن أمرا خطأ قد حصل، لأن العلاقات قامت بين جهتين رسميين وليس بين جهتين أمنيتين أو جهتين سياسيتين، هناك جهات رسمية معنية بالعلاقات بين البلدين ، لذلك أنا أعتقد بأن السعودية تقوم بجهد كبير لتحضير جدول أعمال جدي ورصين وصلب لاستعادة العلاقة أو لعودة العلاقات بين البلدين.

قد يُقال انه في الشكل هناك أكثر من زيارة لسوريا وان هناك مسؤولين سعوديين منهم الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، الوزير خوجه زاروا دمشق ذهابا وإيابا ، ولكن أنا متأكد من المضمون ربما بالشكل هذه العلنية أعطت الإنطباع الذي تحدثت عنه, ولكن المضمون بالتأكيد جدي ، انما الشكل يوحي وكأن هناك استعجال وكأن الزيارة يجب ان تحصل غدا، ولكن هذا شكل تشاور يتم بين الطرفين ويحقق بتقديري بعض التقدم ، ولكن السوريين دائما يبدأون بسقف عالي ، وفي النهاية يصلون الى السقف الطبيعي ، لأن الوضع السوري والعربي والدولي منذ اتفاق الدوحة وحتى اليوم حقق تقدّما كبيرا، وبالتالي السورين غير مستعدين للتنازل عن كل هذه الأمور من أجل الخلاف حول شكليات بين لبنان وسوريا وجزء كبير من هذا التقدّم تحقق بسبب لبنان، وأنا أعتقد ان سوريا ايضا واحد من الرابحين في الإنتخابات باعتبار ان كل الجهات العربية والدولية سجلت لها انها لم تتدخل في الإنتخابات ، وبالتالي تمت بشكل طبيعي وأوصلت الى النتائج التي وصلت اليها.

س- لكن الكثير من اللبنانيين لا يعتبروا ان سوريا لم تتدخل؟
ج- أنا أتحدث عن التدخل الجدي وليس التدخل الشكلي، فعلى الأقل في المناطق الحدودية كان واضحا ان الإنتخابات تمت بشكل طبيعي وسلس وسليم وحققت الأكثرية تفوقا كبيرا في البقاع الغربي وفي البقاع الأوسط وفي كل مكان، وفي عكار وفي كل مكان تقليديا أو تاريخيا السوريين لهم صلة بأهله وصلة بالناس الموجودين هناك، كل العالم سجل بأن سوريا لم تتدخل في الإنتخابات، وهذا الأمر لصالح سوريا وبالتالي ليست الأكثرية فقط من ربح الإنتخابات، بل ربح السوريون المزيد من السمعة الطيبة من هذه الإنتخابات، بعد إنتخابات رئاسة الجمهورية عندما تصرّف المجتمع الدولي معهم على انهم ساهموا بتسهيلها بعد اتفاق الدوحة.

س- هذا لا يمنع ان كل هذا الشيء يعني ان سوريا تستطيع ان تعرقل ساعة تريد وتستطيع ان تسهّل ساعة تشاء إذاً هي لازالت تتدخل في لبنان؟
ج- في السنوات الأربع الماضية لم يكن عندنا شك أنها عرقلت وانها ساهمت وانها منعت وانها سمحت وبالتالي لا شيء جديد. أنا أقول الأمور بخواتيمها وبمضامينها وليست بشكلها انا أقر بأن شكلها جارح، أو “بينقر” بالعامية، ولكن مضمونها ضروري وجدي فلماذا الذهاب الى الشكل وترك المضمون؟ فإذا استطعنا الوصول الى جدول أعمال جدي ورصين وصلب للحوار بين البلدين واستطعنا التوصل الى نتيجة وفق هذا الجدول نكون قد وضعنا العلاقات اللبنانية – السورية على خطها الصحيح وهذه العلاقات لا يجوز ان تكون أما على أجهزة وعملاء للأجهزة وكلام فراغ وشتائم، وإما استسلام أو خصومة شديدة ومواجهة، نحن الآن أمام واقع عربي ودولي جديد وأيضا لبناني جديد، والأكثرية حصلت في الإنتخابات على أكثرية حقيقية صلبة موجودة عابرة لكل المناطق ، ولا بد من ان نستثمر هذا الإنتصار بتحقيق مسار طبيعي للعلاقات بين البلدين.

هناك مبالغة بإعطاء الشكل وكأنه استسلام وهذا غير صحيح لأنه لم يستسلم أحد ولا أحد يريد مواجهة أحد، هناك مسعى سعودي جدي يقوم على وضع جدول أعمال رصين للنقاط المختلف عليها بين البلدين إذا استطاع السعوديون ان يضعوا هذه البنود على سكة التوافق أو التفاهم بين البلدين نكون قد قطعنا شوطا كبيرا لأن الخيار الآخر هو ان نبقى على تأزم بالعلاقات بين البلدين وعلى تأزم داخلي.

س- لكن بنود جدول الأعمال التي ذكرتها قرأنا في الصحف وقرأنا عن أجوبة سورية؟
ج- أنا لا أعرف ما اذا كانت كاملة أو ناقصة، ولكن أنا اعتبرت نفسي أني لم أقرأ الأجوبة، وأعتبرت ان هذه أول الأجوبة وليس آخرها لأن في الحوار السياسي والدبلوماسية دائما هناك أجوبة محضّرة وأجوبة تأتي نتيجة حوار، هذه الأجوبة تقليدية ممكن لأي كان أن يسمعها منذ سنوات حتى اليوم بالعلاقات بين البلدين بأن هذا نقبل به وهذا لا نقبل به، وان هذا لا يمكن الوصول اليه إلا بعد حل الصراع العربي-الإسرائيلي مثل شبعا وغيرها، ولكن أنا أعتقد ان هذا كلام يبدأ به الحوار وينتهي بشيء آخر ، ينتهي بجدية بالإجابات مثلما هناك جدية في الأسئلة.

القيادة السورية تعرف انها حققت إنفتاحا كبيرا وأرباحا سياسة كبرى نتيجة تطوّر الوضع السلمي في لبنان وسوريا ، تحقق الآن علاقات عربية جيدة ، فهي تحسّن علاقاتها مع السعودية وأعتقد ان السعوديين سيحرصون في المستقبل على تحسين العلاقات السورية-المصرية ، وبالتالي سوريا لن تتخلى عن كل هذه الأرباح من اجل الإصرار على جواب من هذا النوع، أو من ذاك النوع على نقطة تتعلق بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات أو بأن نقطة أخرى تتعلق بالعلاقات اللبنانية – السورية .

سوريا تراكم أرباح منذ الدوحة حتى الآن فقد راكموا أرباحا مع الأميركيين بالإتفاق النهائي حول شكل الحدود السورية – العراقية ومنع تسرّب الإرهاب ، والأميركيين ردوا بتسمية السفير مجددا وبإصدار بيان عن البيت الأبيض بأن سوريا من عناصر الإستقرار الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط.

س- أيضا سوريا ترغب من لبنان أكثر من إعادة العلاقات الطبيعية، ترغب من لبنان سعد الحريري تحديدا ، أي تريد تبييض صفحتها من خلال هذه الزيارة التي قد يقوم بها سعد الحريري؟
ج- الرئيس المكلّف يريد تبييض الصفحة اللبنانية – السورية وليس الصفحة الشخصة، الصفحة الشخصية لا أحد يستطيع تبييضها أو تلوينها أو إعطائها أي شكل من الأشكال سوى القرار الظني الصادر عن المحكمة الدولية وما هو قبل ذلك ليس له أي معنى لتبييض الصفحات الشخصية لأي كان. فالقرار الظني هو من يُحدّد طبيعة العلاقات الشخصية، ولكن طالما هو قبل بتكليفه رئاسة الحكومة اللبنانية فهو مُلزم برعاية تحسين العلاقات اللبنانية-السورية في الدستور هو مُلزم برعاية تحسين العلاقات اللبنانية –العربية والدولية وبالعرف والجغرافيا والمنطق مُلزم بتحسين أو برعاية تحسن العلاقات اللبنانية -السورية والخيار الآخر أن لا يكون موجودا في هذا الموقع ولا أعتقد ان هذا خياره أوخيار الذين انتخبوه ، فالذين انتخبوه وأعطوه هذه الأكثرية الباهرة ينتظرون انه ما دامت هذه الإنتخابات قامت على اسمه وعلى حركته وعلى تصوّره وعلى رعايته وتسميته للمرشحين في كل مكان فهو اعتبر نفسه ان من واجبه ومن حقه ان يذهب الى السلطة التنفيذية بما يعني ذلك كل الإلتزامات التي تترتب على رئيس السلطة التنفيذية.

س- القمة السورية- السعودية حُكي انهاستعقد الإثنين ، لم يصدر أي موقف رسمي سعودية ولا سورية لا بالنفي ولا بالتأكيد؟
ج- كل التحاليل قائمة على كلمة قيل ولكن عندما يصدر بيان رسمي يحدّد موعد الزيارة سيحصل هذا الأمر، ولكن الأمر الأكيد الذي حصل ان منزلالعاهل السعودية في الشام يجري إعداده وإعادة ترتيبه.

س- يُقال ان بيت الشهيد رفيق الحريري يجري إعداده؟
ج- هذا الخبر غير صحيح والمقصود هو منزل خادم الحرمين.
السعودية تحرص على إرجاع العلاقات العربية- العربية الى مسارها الطبيعي وأولها العلاقات اللبنانية -السورية.

س- وتقول المعلومات ان هذه التسريبات هي القصف على هذه الإتصالات السعودية -السورية أو على أحد طرفيها أو يوجد تغير حاصل فرض نوع من هذه التسريبات؟
ج- هناك دلال سوري غير مُبرر يقول انهم ينظرون الى الشكل، لكن من الواضح ان اللبنانيين لهم الرغبة في إقامة علاقات طبيعية مع سورية على أساس الرصانة والمضمون ، وخاصة عند الرئيس المكلّف ولا يجب الأخذ بهذه التأويلات الإعلان السعودي عن الزيارتين لسوريا، ثم المجيء الى لبنان وعدم إعطاء مضمون علني لهذه المفاوضات أعطى الإنطباع بأنه يوجد عجز في الإستمرار، وقد فتح المجال أمام مخيلات وافتراضات، وهذا الأمر لا يؤكد الوقائع وهذه الوقائع تقول ان السعودية حريصة ان تكون العلاقات بين البلدين طبيعية وفق جدول أعمال جدي ومُعلن وواضح وليس سري. وبالتأكيد ان الرئيس المكلّف سوف يتصرف وفق القواعد والأسس التي ذكرتها وان لا تقوم الحكومة على وقائع ضعيفة واهية.

س- لكن إذا لم يكن هناك شيئا من الحقيقية، لما تحدثوا عنها حلفاء الحريري وقوى 14 آذار وخصوصا منهم المسيحيين؟
ج- لقد قالوا رأيهم.

س- يُقال عن تحسس إيراني من هذا الموضوع والبعض رأي ان زيارة السفير الإيراني الى الرئيس المكلّف سعد الحريري تندرج في ذلك؟
ج- إيران تريد إطلاعها على ما يجري، ولا ننسى منذ أسابيع قليلة كان هناك إجتماع لوزراء خارجية الدول الإسلامية في دمشق. وقد إجتمع الأمير سعود الفيصل بوزير الخارجية الإيراني في دمشق في ذاك الحين، وعلّق في كلامه على خطاب الرئيس الاسد الذي تناول فيه تراجع فرص التسوية في المنطقة، واعتبره خطاب تاريخي . السعوديين حريصين ايضا أن تكون إيران في صلب تحركه وليسوا حريصين في الحصول على موافقة مسبقة بل على تفهم جدي وعميق مع سورية.

س- هناك قراة تقول ان السعوديين قد يكونون راهنوا على ما حصل بعد الإنتخابات الرئاسية الإيرانية وإمكانية سقوط النظام؟
ج- لا أعتقد أن الدبلوماسية السعودية بهذه البساطة والخفة ولا يوجد أحد عاقل يراهن على سقوط نظام آخر ليقوم هو بمشروعه ليس هذا صحيح. ومن الواضح ومن اللحظة الأولى أن ما حدث في إيران هو شيء كبير وسوف يترك أثرا وسوف يظهر أكثر فأكثر مع الوقت. وقد أحدثت صدعا في النظام الإيراني، لكنه سيبقى وسيتحول الى مزيد من الكابع الأمني والجدي والدكتاتورية العسكرية والأمنية للإمساك بزمام الأمور. وقد تبين من خلال ذلك انه يوجد هامشا لحرية وديموقراطية كبيرة لأولاد النظام داخله. الآن يوجد أربعة أو خمسة من كبار المعنيين أو كبار أولاد النظام مختلفين معه وسوف يحدثون صدعا داخله ، لكن في المقابل لا يوجد إمكانية لمراهنة سعودية أو غيرها على سقوط النظام. هذه الكلام يستهلك في الشارع للتسبب في المزيد من الحماس ومن إعلان موقف سياسي وقد لاحظنا ان الإعلام السعودي قد خفف الكثير من تعاطيه لهذه المسألة وإنتقل للتعامل الموضوعي والواقعية مع أخبار إيران، وهذا يساعد على عدم تأزيم الوضع وعلى المزيد من الهدوء ، ويوجد في الداخل اللبناني ايضاً الحرص على تفهم قلق وهواجس جميع القوى اللبنانية المعنية بمستقبلها ومستقبل الوضع في المنطقة.

س- وفي هذا الإطار حتى سيحصل لقاء الرئيس المكلّف مع السيد حسن نصرالله؟
ج- دائما الإحتمال موجود وقد تم اللقاء وممكن أن يتم لقاء ثاني وثالث. الواضح ان الرئيس المكلّف أخذ على عاتقه خيار الحوار مع الجميع والإنفتاح عليهم ومحاورتهم وهذا أمر طبيعي ويجب قراءة تصرفه من اللحظة الأولى.

س- في مرحلة تأليف الحكومة من الضروري هذا اللقاء ان يحصل؟
ج- من الممكن أن يُحضّر لهذا اللقاء ، وعادة نعرف عن اللقاء بعد حدوثه وليس قبله.

هناك خطاب ألقاه سعد الحريري وقبل آخر خطاب سُمي بالوثيقة التأسيسية لـ”تيار المستقبل” في البيال، كان واضحا انه عودة الى الثوابت السياسية لهذا الخطاب والقائم بالإنفتاح على الجميع والتأكيد على العروبة والتأكيد على الإلتزام القومي في موضوع فلسطين، شرح “لبنان أولا” بمعناه الإلتزام الوطني أولا وليس بالإلتزام الوطني المعادي للعروبة والالتزام القومي وقد وضعت الثوابت الأساسية والخطاب ركز على إعادة تصويب لفترة اشتباك عاشت أربع سنوات ضاعت فيها الثوابت وأحدثت ضبابا حولها، واستمر الرئيس الحريري في تكوين هذا الموقف وفق الثوابت التي وضعت لحين وصوله الى نتيجة الإنتخابات وأمسك بها وتصرف واقعية وموضوعية وتواضع في مد يده الى الجميع، ولن أشكل سوى حكومة وحدةى تشارك فيها جميع القوى السياسية ، ولكن من دون مخالفة الدستور، بمعني لا يوجد ثلث معطّل ولا أكثرية نيابية ، كان أسهل عليه عدم قبول الآخر، وما يحدث الآن هو نتيجة تراكم موقف بدأ في خطاب البيال وبالوثيقة التأسيسية لـ”تيار المستقبل” واستمر حتى الآن وليس انه مفاجىء، هذا تراكم أخذ فترة من الوقت .

س- ردة فعل الحلفاء لزيارة الرئيس الحريري الى دمشق والتي أصبحت حتمية ولا يوجد اعتراض عليها بصفته الدستورية كرئيس أخذ نيل الثقة بعد تشكيل حكومة، ولكن قبل التأليف لماذا تراها مضخمة؟
ج- لهم الحق ولكن أتحدث عن الشكل للجهات السياسية الحق في إبداء رأيها بهذا الموضوع. وأعتقد ان التركيز يجب ان يكون على المضمون بمعنى يجب الحرص على طبيعة جدول الأعمال وليس الحرص على إحداث ضباب حول شكل الزيارة وكأن الأهم في هذه الزيارة هو شكلها. الأهم في هذه الزيارة هو جدول اعمالها العلني ، الواضح ومحدّد الأهداف وأن تأتي بنتيجة.

س- لماذا التزم ويلتزم الصمت حيال جميع التسريبات؟
ج- لا يستطيع ان يفعل شيء وإذا اراد أن لا يلتزم بالصمت عليه أصدار صباح كل يوم بيان ليوضح ذلك، يترك الجميع يتحدثون كما يرون ويتصرف هو وفق قناعاته الوطنية، وحين تسمح الظروف لإعلانه لا يتأخر عن القيام بذلك، وقد حصل اجتماعات بعضها مُعلن والآخر غير مُعلن مع جميع الأطراف السياسيةالمعنية بهذه الزيارة وبغيرها كمتانة التحالف في قوى 14 آذار أو الحفاظ عليها، وقد سمعت انه اجتمع ليل أمس مع الدكتور سمير جعجع وقد حصل اجتماع آخر منذ يومين مع النائب وليد جنبلاط، ولا أعرف عن الإتصالات الجارية بينه وبين الرئيس الجميل. الواضح ان الإجتماعات تحصل للتنسيق ورؤية موحدة.

س- الذي حصل انه لم يكن مستعد لأن يذهب الىسورية قبل التأليف ، ولكن هذا الموقف لحلفائه هو الذي وضع حدا لاندفاعته؟
ج- لا أعتقد ان اندفاعته أوعدمها يحدد وفق جدول أعمال ليس وفق موقف حلفائه ومن الطبيعي ان يأخذ بعين الإعتبار وهو حريص على الإتصال بهم والتنسيق معهم. وقد تعودنا في العلاقات اللبنانية –السوريةان الشكل هو الأهم ، اما بسبب الفوقية السورية في وقت من الأوقات وإما بسبب العدائية اللبنانية في وقت آخر، الآن لا يوجد فوقية ولا عدائية. هناك سعي لحوار طبيعي ، هذا الحوار الطبيعي أهم ما فيه جدول الأعمال لا أذهب الى الشام لأخذ صورة، أذهب وأتحدث في جدول أعمال مُحدد وعلى يقين في الحصول على أجوبة واضحة حول النقاط المفيدة للبنان ولتعطي الزيارة بُعدها الوطني.

س- إذا حصل تقدّم على هذا الصعيد قبل تأليف الحكومة من الممكن حصولها؟
ج- لا أرى حصولها لكن من وجهة نظري انه يذهب بصفته الدستورية وهي منطقية اكثر، وأذا ذهب من دون جدول أعمال وبصفته الدستورية واضح ومُحدد لتحقيق أهداف من هذه الزيارة فلا يوجد مُبرر لحصولها ، لا يذهب للحصول على علاقات عامة، المطلوب ان يذهب رئيس الحكومة ويضع ثوابت واضحة ومُعلنة وتُحقق للبنان مزيدا من الإستقرار لمسائل مُحددة.هل هذا جدول الأعمال حاضر وأجوبته السورية حاضرة حتى الآن؟ لا.

س- الى أي مدى يتقبّل جمهور رفيق الحريري العبارة التي تشدد عليها : الناس لا تفكر بالسياسة تفكر بعواطفها؟
ج- بالشكل من الصعب عليهم القبول بها، ولكن عندما يشعرون بمضمون جدي يحقق مصالحهم ومفاهيمهم ويتسبب المزيد من الإستقرار من دون تنازلات عن العناوين الذين قاتلوا بشأنها والحقوق الذين استردوها أو المفاهيم الذين دافعوا عنها، سيعرفون مع الوقت ان هذه الزيارة كانت ضرورية.

س- لا تؤثر عليهم في الشارع، ورأينا عند رجوعه من السعودية زار منطقة عائشة بكار؟
ج- في بداية الأمر، هذه مسألة تتعلق بحادث معين وليس لها علاقة بالجمهور.

س- هناك جمهور؟
ج مقاطعا- متحمس وله ردة فعل حاد على الكثير من الأمور، جدول الأعمال هو الذي يُحدّد مدىأهمية هذه الزيارة ومدى النتائج التي يمكن تحقيقها ومدى قبول الجمهور بها وقبول النتائج وليس قبول الزيارة، لأن زيارة بدون نتائج لا يوافقون عليها وإذا وُجدت نتائج يتم تجاوز الشكليات. لذلك أقول أهم ما في الزيارة هو جدول الأعمال. هل هذا الأمر حدث حتى الآن؟ لماذا نناقش مسألة شكلية لساعات وساعات ولم نضمن المضمون حتى الآن؟ الواضح ان المضمون لم يصل الى نتيجة نهائية.

بالأمس قرأت شيئا عن التاجر السوري انه “في الماضي في سوق الحميدية وهذه طرفة، كان يوجد فيه بئر فسقط به التاجر، فهب الجميع لإنقاذه، وقالوا له اعطينا يدك لكن لم يجاوب. وبعد ذلك قالوا له خذ أيدينا فأخذ يدهم وصعد”. وإذا تمت هذه الزيارة ولا يجوز أن تتم إلا على قاعدة جدول أعمال يحافظ على حقوق جمهور الحريري وعلى تحقيق تقدم لبنود جدول اعمال سواء بترسيم الحدود وبالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات ، وهناك الكثير من الأمور التي تتعلق بمصلحة البلدين والتي في طبيعتها تحقق المزيد من الإستقرار والجميع بحاجة اليه.؟

س- الى أي مدى ينعكس في لبنان ارتياح على صعيد الإستقرار؟
ج- إذا كان يوجد نتائج وجدول أعمال ينعكس وليس في الشكل.

س- هل هذه العلاقة اللبنانية –السورية أم انها موضوع لبناني مذهبي؟
ج- لا أحد تحدث عن العلاقات اللبنانية –السورية في الأحداث الأخيرة التي حصلت. موضوع الأحداث الأخيرة اعتبرتها في وقت من الأوقات انتقال بالمشاورات لتشكيل الحكومة من مجلس النواب مع الرئيس المكلّف الى الشارع، صحيح ان حركة “امل” او حتى الزميل الحاج هاني قبيسي اكد في جميع الإجتماعات ان هذا الإشتباك لا علاقة له بالمشاورات ولا بنتيجة الإنتخابات ، ولكن بطبيعة حجم الإشتباك وكبره والأضرار التي حصلت لا يمكن فصلها عن تأثيرها على المشاورات او قراءتها لنتائج الإنتخابات. أنا لا أقول ان القرار اتخذ لهذا السبب لكن طبيعتها توصل الى الإستنتاج وعلى تأثيرها للمشاورات الجارية . ويجب التذكير بشيء سواء في ما يتعلق بالإشتباك الأخير وبما يتعلق بدورالجيش في المبدأ الناس تعيش في حماية الجيش والدولة لها ولا تعيش بتفاهم ميليشيا مع أخرى أو تفاهم الجيش مع كل الأطراف باعتباره جهة محايدة. هذا ما حدث منذ أحداث مار خايل، وهو تعطيل لدور الجيش باعتبار ان الضباطالذين تصرفوا في ذاك الحين سواء بأوامر أو بمبادرة منهم تسببوا بمقتل عدد من المدنيين وأحيلوا للتحقيق ولا نعرف مصير هؤلاء بالمحاكمة. هذا الأمر أدى منذ ذلك الحين في أحداث 7 أيار ، الجيش وقف على الحياد رغم ما حدث بعدها في كل الأحداث بعض الأحيان صغيرة وبعضها كبيرة، الجيش كان يقف على الحياد أو بأحسن الأحيان كقوة فصل بين مشتركين أو بين معتدي ومعتدى عليه، بمعنى هو شبه متفرج وشبه محايد فضلا انه دائما يصل بعد إنتهاء الإشتباك ، وقد قصدنا من حركتنا اننا لا نستطيع الإستمرار في هذا الأمر لا في دور الجيش المعطّل ولا في حركة الميليشيا التي تتصرف في شوارع المدينة ، أيا كانت هويتها تحت شعار الإحتفال والتي تتسبب بمقتل التاس وبأضرار وباعتداء على أرزاق الناس، فاعتبرنا انه يجب ان تكون بيروت آمنة ووجهة نظرنا كانت أن يكون هناك سلاح الشرعية فقط ويفترض فيها ان سلاح المقاومة في وجه إسرائيل والمقاومة في وجه إسرائيل عادة لا يكون بسلاحها الظاهر ولا الموجّه الى اللبنانيين، لأن طبيعة عملها سري، أما هذا السلاح الفالت في الشارع نحن كنواب بيروت وأنا كواحد منهم لا يمكن أن أستمر بقبول هذه لمعادلة بعد انتخابات خرجنا منها وهناك 85 بالمئة من الناخبين يتحدثون عن 7 أيار وعن دور الجيش ، لذلك يجب ان نتخلص من هذا العقل ، يجب سحب عقل 7 أيار من الشارع.

س- كيف سيحصل هذا الأمر؟
ج- هذا الأمر سيحصل من خلال :
أولاً: ان تتصرف الأطراف المعنية بـ7 أيار وفق سياسة ان هذا المنطق لم يعد هو السائد.
ثانيا: ان يقوم الجيش بدوره الفعلي بحماية المواطنين وهذا الأمر الطبيعي ونحن عندما قابلنا وزير الدفاع ووزير الداخلية كان واضحا من كلامهما ان هناك تقصيرا فعليا من اجهزة امنية تابعة للجيش أو معلوماتية بأنه لا يملك تقييما مبكرا لحجم المشكلة القادمة، وبالتالي لم يطلبوا تعزيزات مبّكرة وتركوا الأمور تسير وعندما وقع الإشكال كبرالحادث، وعندما طلبوا القوات العسكرية استلزم نزولها من رومية الى منطقة الإشتباكات ثلاث ساعات وكان ما حصل قد حصل ومن قُتل قُتل، فهذاالأمر لا يجوز ان يستمر وكان ونحن لن نقبل ولا في لحظة من اللحظات ان يستمر هذا الجيش بدوره المحايد، جاء من يقول ان قائد الجيش تعهّد بلقائه مع وزير الدفاع ومعه رئيس مجلس النواب ومع رئيس الحكومة المكلّف بأن دور الجيش سيختلف الخ. إن شاء الله يكون هذا الأمر صحيح.

لكن أنا أقول لا يوجد أمن بالتراخي وهذه لغة قديمة أصبح من الواجب ان تتوقف ، فالآن لا توجد اشتباكات بين أفرقاء لبنانيين بل هناك عقل 7 ايار يجب سحب هذا العقل من الشارع وإلا على الجيش ان يتصرف بمنطق مسؤوليته عن المواطنين ، فإذا كان يريد ان يتصرف بمنطق مسؤوليته عن الصلة بالأطراف السياسية فهذا يعطّل دوره ولا يعود له لزوم.

لا أحد منا يريد الذهاب سوى الى الدولة والدولة معنية بمصيرنا وبحمايتنا وبأمننا وبالتالي مثلما عاقبوا الضباط في حادث مار مخايل المطلوب معاقبة الضباط الذين تصرفوا بسوء تقدير ولكني لا أقول كلاما آخر بما حصل في عائشة بكار.

هناك قول لتشرشل يقول “لقد ارتكبوا أكثر من جريمة ارتكبوا سوء تقدير” ، فسوء التقدير خطأ كبير يُحاسب عليه أيا كان المسؤول عنه ، أنا لا أحدد هنا المسؤولين ، ولكن انا سمعت من كبار الوزراء الذين قابلناهم وتحدثنا معهم انه كان لديهم أسماء محدّدة ومسؤولية محدّدة على ضباط معينين وانهم سيتخذون التدابير اللازمة بالتفاهم مع قائد الجيش بحق هؤلاء الضباط ، هذا الأمر سوف نتابعه ولن نتركه، نحن ذهبنا الى دار الإفتاء وطلبنا من سماحة المفتي بمسؤوليته الوطنية عن جميع اللبنانيين الدعوة الى مؤتمر مدني ديني ، بمعنى نواب بيروت من كل الطوائف ورؤساء الطوائف اللبنانية من كل الطوائف ايضا الى مؤتمر يعقد في دار الإفتاء عنوانه بيروت آمنة وليس بيروت معادية، ولن أقول بيروت منزوعة السلاح حتى لا يأتي من يقول هناك سلاح المقاومة، أنا حريص على سلاح المقاومة بوجه إسرائيل، ولكن هذا السلاح بوجه إسرائيل ليس في الشارع ولا هو مرئيا ولا هو جزء من نزاعات اللبنانيين، هذه مسألة يجب ان تكون واضحة ونهائية، ونحن مسعانا سلمي وسوف يستمر ولن يتوقف وسنحاسب كل الناس بالمعنى السياسي داخل المؤسسات وخارج المؤسسات في الجيش في قوى الأمن عند المدنيين وبمن قصّروا.

هناك مئة رواية حول مقتل هذه السيدة التي قُتلت برصاصهم الشهيدة زينة الميري وهي صبية عمرها 30 سنة وتركت خمسة أطفال صغيرهم في عمر الأربعة أشهر وما زال رضيعا، ما ذنب هذه السيدة ان تُقتل من أجل جهة تريد الإحتفال بانتصار فلان بالإنتخابات وجهة اخرى تريد الإحتفال بتكليف فلان بالرئاسة ، هذا الأمر لا يجوز ، لا تستطيع الناس أن تعيش بهذه الطريقة وفوق ذلك بدور معطّل للجيش ، فأما ان يتسلم الجيش دوره ويتحمل مسؤوليته وأن يجاسب المقصّرين وإما سيكون لن موقفا لن نتراجع عنه مهما كانت الظروف وسنستمر في هذا لمسعى السلمي المدني ولكن المثابر والمتابع والدائم لتحصيل حقوق الناس البسيطة وهي الحياة الآمنة.

أنا قرأت اليوم كلاما للزميل الحاج هاني قبيسي بأن كلامي عن بيروت آمنة يمكن أن يعطي انطباعا بأن هناك مناطق أخرى غير آمنة ولكن كلا يجب أن يكون كل لبنان آمنا ، ولكن يجب ان نبدأ من مكان . توجد عاصمة كل الناس تعيش فيها وكل الناس معنيين باستقرارها وكل الناس مستفيدة منها وكل الطوائف تعيش فيها، فعلى الأقل كل هؤلاء الناس من “امل” و”حزب الله” و”المستقبل” و”المستقلين” و”القوات” و”العونية” و”الكتائب” وأعتقد ان اكبر نسبة بين هؤلاء المستقلين يعيشون في هذه المدينة ويستفيدوا منها فيجب ان نبدأ من العاصمة بأن نجعلها منطقة آمنة وآمنة بمفهوم دور الجيش وبعدم وجود أي سلاح في الشارع وبمفهوم سياسي لا يتعرّض لسلاح المقاومة لا من قريب ولا من بعيد في وجه إسرائيل، وآمنة بمعنى حاجة الناس للأمن ونحن مستمرون في هذا المسعى وأعتقد ان إمكانية التفاهم مع كل القوى السياسية وارد لتحميلها مسؤولية ما حدث دون استثناء ولا توجد جهة مستثناة من هذا التفاهم أو من هذا المسعى أو من هذه المطالبة داخل الدولة وخارج الدولة.

س- تحدثنا في المحور السابق عن النائب وليد جنبلاط الذي لا يمانع كما يبدو بأن تحصل زيارة سعد الحريري الى دمشق حتى قبل التأليف ولكن وليد جنبلاط ايضا “ينقذ” بمواقفه وخصوصا الأخيرة قبل تكليف رئيس الحكومة حيث انتقد موضوع لبنان أولا، وانتقد اكثر من موضوع وأوجد نوع من الصدمة.
ج- دعيني أوضّح امر من خلال المناقشة مع وليد بك ومن خلال معرفة طبيعة عقله ، طبعا وليد بك منذ ما قبل ايار 2008 كان واضحا ان لديه رغبة بتهدئة الأوضاع والعمل على تحسين العلاقات الداخلية أولا وتحسين العلاقات اللبنانية – السورية ثانيا. يمكن أخذ الأمور من منظار حرصه على جبله وبالتالي إعطاء هذا الدور للأمير طلال ثم نيابته ووزارته السابقة ووزارته اللاحقة للأمير طلال، وأعتقد ان وليد بك هوالوحيد من بين السياسيين اللبنانيين الذي يحدّد أدوار حلفاءه وأدوار خصومه داخل الطائفة ويعطي لكل واحد حصته، ولكن أعتقد ان قراءته العربية والدولية ايضا واستشعاره بالتغييرات الكبيرة الحاصلة في المنطقة شجعته ايضا بطريقة مستعجلة على إظهار موقف مغاير نسبيا للموقف ما قبل 7 أيار بالإستعجال نحو التفاهم مع الحزب والإستعجال نحو التحالف مع الرئيس بري الذي لم ينقطع اصلا والإنفتاح على كل القوى الداخلية ، ولكن هذا لا يعني ابدا انه على استعداد لترك 14 آذار ، هذا غير صحيح فمن يريد ترك 14 آذار لا يعطي الكتائب مقعد نيابي في عاليه على حساب “تيار المستقبل” ومن يريد ترك 14 آذار لا يعطي القوات مقعد في الشوف على حساب ايضا إحتمال أحد المرشحين من “تيار المستقبل” والذي أحترمه كثيرا وهو الدكتور غطاس خوري. وهذا دليل على ان وليد بك في المسائل الجدية حريص على بقاء إطار 14 آذار ولكن نظرته للأمور من الخارج تشجعه أكثر على أن يبدأ بالتفكير بإمكانية التفاهم مع كل الأطراف الذين على خصومة معهم. موضوع “لبنان أولا” الذي تحدث عنه وليد بك باعتقادي جاء في توقيت غير مناسب وباعتقادي انه يتعلق بحساباته في تشكيل الحكومة فهو ايضا لديه رغبات حقائب محدّدة بمعنى انه يُظهر توتره في مسألة ويكون يرغب في أمر آخر، وبالتالي لا يوجد انقطاع بالحوار بينه وبين الرئيس المكلف بل هناك استمرارية وبالتأكيد العلاقة أعمق من أن تكون عابرة بسبب كلمة .

“لبنان أولا” بالوثيقة التأسيسية للتيار واضح ولا يلزمه شرح خاص ، “لبنان أولا” هو مسؤولية المواطنين اللبنانيين تجاه دولتهم أولا ومسوؤلية الدولة تجاههم أولا، وهذا أمر طبيعي وموجود في كل الدول إنما في لبنان يثير حساسية لأن بعض الناس تعتبر ان هذا الشعار وكأنه معادي لشعارات أخرى أو لحقائق أخرى ابدا ، “لبنان أولا” لا يتناقض مع تأكيد عروبة لبنان ولا يتناقض مع الإلتزام القومي اللبناني تجاه الشعب الفلسطيني بحقه بإقامه دولته وعودة اللاجئين ولا يتناقض مع أي عنوان مؤسس أو ثابت بنظرة اللبنانيين الى دولتهم او الى دستورهم ، وبالتالي هذه حساسية غير مُبررة ولم يكن يُقصد منه أي شيء آخر. ولكن هذا لا يؤثر أبدا على استراتيجية العلاقات بين الرئيس المكلّف وبين وليد بك ولا أعتقد ان هذا يشجع على الكلام الذي يُقال بأن وليد بك يريد فرط 14 آذار هذا غير صحيح، فهو يحاول على طريقته تصويب المسار السياسي داخل 14 آذار ولكن طريقته في بعض الأحيان تبدو في توقيتها صعب أو أسلوبها صعب من أي طريقة أخرى.

س- بالنسبة للحكومة برأيك اي صيغة ستكون الأنسب في هذه المرحلة؟
ج- سيلفّون الدنيا ويصعدون الى السماء وينزلون الى البحر ويدوروا البر وسيعودون الى الصيغة الطبيعية التي تقول بأن لا أكثرية لاغية معطّلة ولا ثلث معطّل ، وهذا بحد ذاته تقدّم كبير بالتسوية السياسية التي سعى اليها زعيم الإنتصار الإنتخابي سعد الحريري.

س- لكن طرح 16 للأكثرية؟
ج- أولا الـ16 ليست أكثرية لاغية بل النصف زائد واحد وبالتالي ليست أكثرية لاغية ولكن عادت وذكرت صحيفة “المستقبل” وأنا قرأت ذلك ولم أسأل قبل ، أن الصيغة الأقرب للطبيعي هي 15+10+5 التي تعطي رئيس الجمهورية خمسة وزراء يشكلون مع الأكثرية الثلثين ومع الأقلية عند الضرورة ثلث معطّل ، أو دعينا نسميه ثلث عاطل ، سأكون واضحاهناك مخزنين للتوازن والإستقرار والضمانات الآن موجودين في لبنان اليوم:
المخزن الأول: إقليمي وهو المخزن السعودي الذي يتعاطى بالعلاقات السورية – اللبنانية ولا يتعاطى بشكل الحكومة ولابأسمائها ، بل بالعلاقات اللبنانية-السورية التي تسبب استقرارا لمدى طويل.
المخزن الثاني: وهو الإستقرار والتوازن والضمانات والمنطق والعقل موجود عند رئيس الجمهورية الذي يستحق من خلال عدد من الوزراء الذين سيشكلون التوازن بين لا أكثرية لاغية ولا ثلث معطّل وإذا تم التفكير في هذا الموضوع نرى من المنطقي 15+10+5 ، السؤال متى نصل اليها ؟ ويوجد شيء واضح ، الأحداث في إيران والتقدّم في العلاقات والحوار السوري-الأميركية حول الملف اللبناني والفلسطيني والعراقي، هذا الأمر يسبب قلق جدي عند “حزب الله” لانه يوجد تغير في الصورة السياسية الكبرى، وهناك حرص عند الرئيس المكلّف وحتى حرص عند السعوديين وبطبيعة الحال عند غيرهم من القوى بأن يقوموا بكل جهد لطمأنة “حزب الله” بأنه جزء طبيعي من التركيبة اللبنانية السياسية ولا يوجد أي خوف عليه ولا أي تعرّض لسلاحه طالما أفق التسوية مسدود ضمن دولة ترعى شؤون جميع اللبنانيين وليس منفصلا عنها.

س- ستتخلى المعارض عن مطلب الثلث المعطّل برأيك؟
ج- يتخلوا عن الثلث العاطل مثلما تتخلى الأكثرية عن الثلثين اللاغيين.

س- الضمانة عند رئيس الجمهورية؟
ج التوازن عند رئيس الجمهورية، الضمان هو الإستقرار والسلم الأهلي هذا هو الخيار الوحيد.

س- تحدثني عن خمسة ، عمليا ثلاثة للرئيس يضاف اليهم اثنين واحد للمعارضة وآخر للأكثرية من هما؟
ج- أعرف وزير الداخلية ووزير الدفاع، ولا أعرف الثالث.

س- الوزير تقلا؟
ج- أعتقد ان وزير الداخلية ليس بحاجة الى شهادتي ، الواضح ان الغالبية العظمى من اللبنانيين يعتبرونه من الوزراء الناجحين بالفعل والقول، وكنت أتمنى له أن يكون نائبا، وهناك جانب حديث في عقله بتعاطيه مع المجتمع المدني ومن الممكن ان يكون مفيدا، وعلى كل الأحوال لقد استفدنا منه ومن دوره كوزير داخلية . اما وزير الدفاع يعتبر من الوزراء الناجحين في عمله وله صلات مع الجميع ، وانا لا أعتقد ان صيغة الوزراء الملوك تصح.

س- لماذا؟
ج- لأنه يوجد لها افتعال لثلث معطّل مخفي وفيها افتعال لأكثرية نصف زائد واحد مخفي ، فلا يوجد ضرورة للأولى ولا للثانية. فأما ان تكون هناك ثقة بتوازن وعقل وضمانة تصرف رئيس الجمهورية وهو بتصرفه قام بهذا الأمر منذ انتخابه حتى الآن ويعتمد على هذه القاعدة. وإما ان نكرر الخطأ الذي حدث سابقا ، لا تجربة الأكثرية اللاغية كانت ناجحة والدليل الإشتباكات الكبرى التي حدثت في الحكومات الأولى للرئيس السنيورة ولا تجربة الثلث العاطل نجحت بدليل ان الكثير من الناس يعتقدون انها عطلت أعمالهم .

س- يعني الثلث الضامن؟
ج- أو ضامن، انا أقول اذا كان هدفها هو الحرص أو قلق اوضمانة سلاح المقاومة، بوجه إسرائيل فالثلث الضامن يتجاوز المعارضة، أما إذا كان يتعلق بتعيين الموظفين او بتعيين موظف في الفئة الأولى فهذا تعطيل وضرب لطبيعية النظام الديموقراطي في لبنان ، عندما حققت الأكثرية هذا الإنتصار لم تقل انها تريد ترجمته في الحكومة. لا يحق لأي احد ومهما كانت الاسباب بطبيعة النظام الحالي يقول انه يريد عددا يعطل به عندما لا يوافق على ما يحدث. يجب أن تخرج هذه الصيغة من التداول السياسي وظهرت في طرح التعيين لمحافظ بيروت. وإذا تذكرنا ان رئيس الجمهورية طلب التصويت واخذ الإقتراح 14 صوت وقد سقط بشكل طبيعي لأن حتى وزراء وليد جنبلاط والأكثرية لم يصوتوا له فقد قام نواب من “حزب الله” يقولون انها خديعة . أولا الخديعة تتم تحت الطاولة وليس فوقها فهي ليست خديعة بل تصويت علني. انهم يطالبون عملياً بالغاء مبدأ التصويت وهذا الغاء لطبيعة النظام.

س- حتى الكلام عن لتمثيل النسبي؟
ج- هذا كلام متقلب ينادي بالتوافق حينا وبالنسبي حينا آخر، تجري انتخابات على قاعدة النسبية وتأخذ وزراء على قاعدة النسبية هذه هي المبالغات التي تظهر شراهة مبكرة طالما ان المنتصر يقول انه منفتح على الجميع ولا اريد أكثرية لاغية، الذي خسر في الإنتخابات يقول انه يريد النسبية. ليس منطقيا هذا الكلام ولن يحدث.

س- هل تتوقع ان يتمثل الجميع في هذه الحكومة؟
ج- الأن واضح ان الرئيس المكلّف يرغب في ذلك ولن يتراجع عنها. وقد سمعت في بعض البيانات خطابات لـ”التيار الوطني الحر” بأنه مُصر على المشاركة في الحكومة. وأعتقد انه يوجد عند “حزب الله” قلق وأسباب جدية بأن يكون داخلها، والرئيس بري لا تنقصه الرغبة ولا الحاجة بأن يكون داخلها.

س- أين الإتصالات لا أحد يلمسها؟
ج- لا نعرف فصولها. وأعتقد ان هناك اتصالات في جميع الإتجاهات ولكنها لم تعلن. ونعرف مصادفة عن اجتماع لوليد بك والوزير العريضي مع الرئيس المكلّف والدكتور سمير جعجع ايضا والرئيس الحريري قد اجتماع بالأمس مع رئيس الجمهورية في اجتماع علني, وقبلها اجتماع مع الرئيس الجميل كان في طي الكتمان وانه على صلة بالجميع ولكن على طريقته بدون مبالغات في التصوير والإعلام، وقد اجتمع بالأمس مع السفير الإيراني والتأكيد كان جزء من الحوار حول الموضوع لم أره ولم أتحدث معه وبالتأكيد هذا الموضوع كان على جدول الأعمال.

س- “تيار المستقبل” في هذه الحكومة كان له تضحيات في موضوع التمثيل داخل الحكومة لمصلحة الحلفاء، وماذا سيقدم ايضا للحكومة المقبلة هل هذا النوع من التضحيات؟
ج- لا أعرف حتى الآن أي شيء. النقاش لم يصل بعد الى مسألة الأسماء.

س- هل أنت مرشح لمنصب وزاري؟
ج- لم يتكلم أحد معي في هذا الموضوع ولا أملك فكرة عنه.

س- ألا توجد لديك رغبة؟
ج- الظروف السياسية هي التي تقرر ذلك وليس الرغبة.ولكن لا توجد مشكلة المهم ان تسير الأمور في موضوع تشكيل الحكومة معي أو بدونه ليس من باب الترفع ، انما من بابا التعامل بواقعية سياسية مع التطورات، هناك اتصالات جارية في جميع الإتجاهات، ولكن هذه الإتصالات قاعدتها أمرين: شكل الحكومة العام والعلاقات اللبنانية –السورية، ولا أعتقد انه وصلت الى التسميات أو للحصص أو للتفاصيل. يجب الإقرار بمبدأ ان هذه حصة الأكثرية وهذه حصة الأقلية ورئيس الجمهورية هو عنوان التوازن والإستقرار، والى ان يتم ذلك ننتقل الى الأسماء والحقائب، وهذا الأمر سيأخذ وقته.

س- في موضوع البيان الوزاري أيهما أسهل هل وضع البيان قبل تحديد العلاقات اللبنانية –السورية أم بعد؟
ج- جزء من الحوار اللبناني-السوري يقوم ايضا على نصوص البيان المتعلقة بالعلاقات بين البلدين وجزء من الحوار بين السيد نصر الله والرئيس المكلّف يقوم ايضا على نص البيان الوزاري المتعلق بالضمانات او بالشكل الذي تأخذ المحادثات في الحديث عن سلاح المقاومة، هناك الكثير من الأمور الصغيرة تحصل وايضا أمور كبيرة تتم مناقشتها دون الإعلان عنها.

س- يعني ان تموز لناظره قريب؟
ج- تموز لناظره قريب.