“نهاركم سعيد” – انعطافة جنبلاط: الفرق بين النقد الذاتي والتدمير الذاتي

مقابلات تلفزيونية 16 أغسطس 2009 0


س- يبدو ان هناك توزيع أدوار بين نواب “تيار المستقبل” وتكتل “لبنان أولاً” أو ممكن ان نسمّي ذلك تناقضات، مثلا عقاب صقر يقول “يوجد في الحكومة ثلث معطّل مضمر”، بينما النائب احمد فتفت يتحدث عن تغيير الصيغة، في وقت يقول الرئيس المكلّف “ان هذه الصيغة ثابتة” ومصطفى علوش يهاجم الى حدٍ ما وليد جنبلاط، فيما الباقين لا يهاجمونه، أين موقف كتلة “تيار المستقبل”؟
ج- انا أعتقد بأني أقل واحد أستطيع أن أعبّر عن التيار بهذا المعنى، ولكن الزملاء يجتهدون بمسائل عديدة، والسبب في ذلك هو التأخير في تشكيل الحكومة والإرتباك أمام الحقائق الجديدة التي تولد كل يوم، أو التطورات الجديدة التي تولد كل يوم.

بالنسبة للثلث المعطّل المضمر، أنا لا أعتقد ان هذا الأمر متوفر في الحكومة، وإنما عندما تشكّل الحكومة ستكون حكومة واقعية سياسية فيها شيء من الضمانات للطرفين، شكل هذه الضمانات ليس على شكل الثلث المعطّل الحاد الذي كان موجودا في الحكومة الوطنية ، لأن الواضح انه حصلت تسوية ما تتعلق بطريقة التصويت على القضايا التي تتعلق بالنصف زائد واحد، والقضايا التي تتعلق بالثلثين تُعالج بطريقة الحوار بين الأطراف المختلفة، هذا الأمر يؤدي الى واقعية سياسية، والى حدٍ ما حاجز أمام ثلث مضمر يعبّر عنه رئيس الجمهورية ولا تعبّر عنه المعارضة بهذا المعنى ، أي نصف ثلث مضمر، لأنه عمليا الحكومة الماضية كانت حكومة تصريف أعمال بمعنى الإنتخابات، أي حكومة انتقالية، كانت ايضا فيها ثلث معطّل معلن، وكان مبدأ التصويت مرفوض، ونحن نذكر انه حصل لمرة تصويت على تعيين محافظ أو مدير عام ، ومع سقوط التصويت اعتبر النص السياسي لـ”حزب الله” في ذلك الحين انه في الأمر خديعة، باعتبار انهم لا يقرون مبدأ التصويت، أما في هذه الحكومة فيوجد إقرار بمبدأ التصويت مُبكر.

س- يُحكى عن توافق مسبّق؟
ج- هذا حسب المواضيع، نحن نتحدث عن المادة 65 التي تتعلق بالقضايا الأساسية الـ14 أم اننا نتحدث عن القضايا الإجرائية التي يلزمها النصف زائد واحد، ولكن في الحالتين الأكثرية بحاجة لرئيس الجمهورية، والأمر واضح عندما نقول 15+10+5 فالأكثرية بحاجة لرئيس الجمهورية.

س- هذا ما يطرح علامة استفهام حول هذه الأكثرية ذاتها مازالت أكثرية؟
ج- أعتقد انها ما تزال أكثرية من خلال ما اطلعت عليه، ولكن حتى لو لم تكن أكثرية كما هي موضوعة في الـ15+10+5 وحتى لو كانت 12 فنحن بالـ15 نحتاج الى النصف زائد واحد، لوزير من كتلة رئيس الجمهورية، وبالتالي من يوافق على إعطاء وزير يوافق على إعطاء أربعة، أي نفس النتيجة، ولكن المهم الإقرار بمبدأ ان ما يُقترح سليم، وبالتالي يجب التصويت عليه بإيجابية، لأن مسألة تصرّف وليد بك مسألة أخرى. أنا أحاول أن أقول ان هناك إرتباك وعدم وضوح.

س- إرتباك داخل “كتلة المستقبل”؟
ج- يوجد إرتباك سياسي في البلد لأن الرئيس المكلّف كُلّف على قاعدتين:
الأولى : هي نتيجة الإنتخابات والتي حقق فيها سعد الحريري، مع حفظ الألقاب، أول وأهم انتصار في حياته السياسية وبنسبة عالية جداً من التصويت حتى، وليس من النواب فقط.
الثانية: هي التفاهم السوري-السعودي.

بالنسبة للأمر الأول، الواضح ان المعارضة اعترفت شفهيا بنتائج الإنتخابات، ولكن عمليا هي تؤكد كل يوم انها لا توافق على النتائج.

س- ليس المعارضة فقط من تؤكد ذلك، ولكن واقعيا يبدو ان هذا الإنتصار إنمحى؟
ج- هذا الإنتصار لم يُمحَ، هذا الإنتصار أُخذ فيه قرار من قبل الرئيس المكلّف بأن هذا الإنتصار يُبرر مدّ اليد الى الجميع، والتفاهم على العناوين الكبرى من موقع قوة وليس من موقع ضعف، هم يتصرّفون تجاه هذا الموضوع وكأن الجهة التي ربحت الإنتخابات أصبحت في موقع ضعف ، وأنا لا أوافق على هذا الأمر.

لقد تحدثنا عن التصويت، ولكن بغير التصويت التفاهم السوري – السعودي ساري المفعول، وليس صحيحا انه توقف أو أصيب بنكسة كبرى أو ما شابه.

س- ولكن هناك عرقلة في الموضوع؟
ج- هناك عملية ابتزاز واضحة من قبل المعارضة لأنه ما حصل أمران:
– الأمر الأول: انهم وافقوا على الصيغة واعتبروها لصالحهم الى حدٍ ما، وأصروا عليها جميعهم بدون استثناء.
– الأمر الثاني: بسبب الزيارة المقررة لرئيس الحكومة الحائز على ثقة مجلس النواب والذي يمثل جميع اللبنانيين، الى دمشق باعتبار انها جزء من مهامه الرسمية، وهو يُمثل آراء جميع اللبنانيين، وليس آراء جزء منهم، بسبب هذه الزيارة تم تشريع أو تسهيل إعادة الإنتشار السياسي السوري على كل الجهات السياسية اللبنانية.

س- يعني عادت سوريا لتأخذ دورا سياسيا؟
ج- عادت سوريا لتنتشر سياسيا قبل أن نصل الى الخلاصات بمعنى الدور أو عدم الدور، بالتأكيد هي لها دور، ولكن يجب أن نرى ما هي حدود هذا الدور وما هو تأثيره.

إذاً هم أخذوا الصيغة من جهة، وما يسمى بإعادة الإنتشار السياسي السوري من جهة، وقالوا للرئيس المكلّف عليك أن تحل مشاكل تشكيل الحكومة بمفردك. بمعنى او بآخر انهم يدخلون الى الحكومة بالجملة، ولكن عليك أن تفاوضنا بالمفرّق، نحن لا ندخل الى الحكومة كل طرف بمفرده، أما أن ندخل جميعا أو نخرج جميعا وهذا ما تعلنه المعارضة دائما.

س- الآن كيف يتعامل “حزب الله” مع عقدة عون إذا كانت موجودة؟
ج- أنا لا أملك معلومات خاصة عن هذا الموضوع، ولكن أعرف ان هناك حوارا مستمرا، ولكن ما أنا متأكد منه من خلال الصورة العلنية أمامي، بأن المعارضة تعتقد انها حققت هذه الصيغة لنفسها، وسوريا حققت الإنتشار السوري لنفسها، أما مشاكل الحكومة فعلى الرئيس المكلّف أن يحلّها بمفرده. وأنا أعتقد ان هذا الأمر لا يستمر طويلا لان طبيعته خطأ، فما دامت القاعدة تقول بالتفاهم السوري-السعودي، وتقول بأن هذا التفاهم أوصل الى الصيغة، وتقول بترحيب أو القبول أو عدم الممانعة بإعادة الإنتشار السياسي السوري، وهذا لا يعني ان الرئيس المكلّف مسؤول عن مفاوضة كل فريق بالمعارضة بمفرده.

س- برأيك لماذا حصل هذا الأمر؟
ج- لان هذه مصلحتهم السياسية، وهذا أسلوبهم بالعمل السياسي، ليس بالمعنى السلبي، بل بالمعنى الطبيعي للأمور، ويعتبرون انهم كلما حققوا مكاسب أكثر، كلما يعملون على هذا الأمر أكثر، وأعتقد ان الرئيس المكلّف يضع في عقله وفي فكره وفي تصرّفه السياسي حدودا معينة للاستمرار بهذه اللعبة يُفترض انه يتعاطى مع المعارضة ككل وليس بالمفرّق.

س- هل حصل على وعد من “حزب الله” بأن الحزب سيتعاطى مع موضوع الجنرال عون؟
ج- بطبيعة الحال أنا لا أملك معلومات، ولكن بطبيعة الحال كون “حزب الله” الطليعي في المعارضة هو المسؤول عن التفاوض حول إشكال تمثيل المعارضة داخل الحكومة، وليس مسؤولا فقط عن إصدار بيانات تتحدث بمسألة الدستور، ومدى منع الدستور أو سماح الدستور لتوزير مرشحين راسبين في الإنتخابات.

س- لكن هناك سعي من المعارضة لإفهام الأكثرية بأن ليس “حزب الله” هو الطليعي، بل هناك الجنرال عون الذي يملك ثاني أكبر كتلة في المجلس النيابي؟
ج- هذا صحيح، ولكن هذا الأمر لا يتضمن الإتفاق الرئيسي القائم عل عنصرين رئيسيين:
الأول: هو التفاهم السوري-السعودي الذي أدى الى صيغة محدّدة، وأدى الى سماح أو تسهيل أو قبول إعادة انتشار سياسي سوري على كل القوى السياسية اللبنانية، والذي كان حتى قبل ستة أشهر مستحيلاً.

الآن، كل جهة أخذت ما تريد وتركوا للرئيس المكلّف أن يتصرّف على أساس أن يتعامل مع المعارضة بالمفرّق، رغم ان هناك اتفاقا يقول بأن هذه المواضيع يجب ان تتم بالتوافق، أي المواضيع السياسية الكبرى يجب أن تتم بالتوافق، فهل يتم تشكيل الحكومة بعدم التوافق؟.

س- يعني لقد أخلّ “حزب الله” بوعده للرئيس المكلّف؟
ج- أنا لا أعرف ما إذا كان هناك وعدا أم لا، ولكن باعتقادي توجد مسؤولية ، فهناك فرق بين الوعد والمسؤولية، وأنا أعتبر ان “حزب الله” مسؤول بشكل رئيسي وأساسي عن وضع تصوّر موحّد مع الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة . أما هل يتولّون العماد عون أم غيره فهذه مسؤوليتهم.

س- هل العقدة في توزير جبران باسيل؟
ج- انا لا أريد الدخول بالأسماء، ولكن أنا أعتقد ان توزير راسب بالإنتخابات أمر ليس مؤذيا فحسب، ومخالف للطبيعة الديموقراطية، ولكن ما يحصل، انهم يقولون لكل الذين صوّتوا الى المرشّح الآخر، أيا يكن، مع احترامي للأشخاص، بأنكم أخطأتم بانتخابكم، وان هذا الإنتخاب لا يهمنا، ونحن نريد توزير الذي لم ينتخبوه والذي لم ينجح، لكي يكون وزيرا عن كل اللبنانيين.

س- ألا يحق لهم كحزب وكتيار تسمية وزراءهم؟
ج- كما يوجد في اللغة العربية أخطاء شائعة، أيضا يوجد أخطاء سياسية شائعة بأن كل جهة تسمّي وزراءها دون الأخذ بعين الإعتبار، موقف رئيس الجمهورية أو موقف رئيس الحكومة المكلّف.

س- لماذا لم يرفض ذلك رئيس الجمهورية أو الرئيس المكلّف؟
ج- ممكن أنهم لم يقولوا ذلك لنا، ولكن بلغوا الآخرين، والواضح انه لا توجد موافقة على الأمر غير الطبيعي وغير المنطقي وغير العاقل بأن يتم توزير مرشح للإنتخابات وقد رسب بشهادة ناخبيه، وجعله وزيرا عن كل اللبنانيين.

قد يُقال ان هذا حصل في الوزارة السابقة، أنا لم يكن يحق لي أن أرفض هذا الأمر في الحكومة السابقة، ولكن أنا لم أكن موافقا على هذا الأمر، ولم أكن موافقا على اعتبار هذا عُرف ممكن، ولكن الحكومة الماضية كانت حكومة مؤقتة مهمتها إجراء الإنتخابات، أي انها انتقالية، وقد حصل فيها أخطاء من حيث التمثيل ، وأنا كنت ضد توزير الوزير نسيب لحود مع انه من أعز الأصدقاء، لأنه لا يجوز هذا الأمر، فالمبدأ مبدأ، ولا يجوز تحت شعار المسايرة السياسية تثبيت الخطأ الشائع في كل مرة أكثر من المرة السابقة. فإذا كان هذا الأمر يتعلق بالوزير جبران باسيل، أيضا يتعلق بالوزير نسيب لحود، وربما يتعلق بالوزير تمام سلام، لا يجوز إقرار هذا المبدأ تحت أي ظرف من الظروف، إقرار مبدأ مخالف للديموقراطية وفيه شتيمة للناخبين بأن تضع خصمه في تلك المنطقة، لتضعه في مواجهته في مجلس النواب.

س- ماذا عن المطالبة بوزارة الداخلية مقابل جبران باسيل؟
ج- هذه مسألة أخرى، لأن هناك شيء مبدئي يتعلق بترشيح المرشحين الراسبين في الحكومة، هذا أمر غير منطقي وغير عاقل وغير ممكن.

وعلى كل حال، في كل الإحتماعات التي حضرتها، والتي لم تكن كثيرة منذ الإنتخابات حتى الآن في تكتل “لبنان أولاً” أو في “كتلة المستقبل” لم أسمع سوى اعتراض مبدئي بدون تسمية على إمكانية توزير أي مرشح خاسر في الإنتخابات.

أيضا لا يجوز التعاطي مع الأمر كما يتعاطى الجنرال عون بأن الأمر يُعتبر تحدّي وانه إذا تراجع سيقولون تراجع، فهذا أمر سياسي، فيه تراجع وفيه تقدّم وفيه تفاهم وحوار، ولا يوجد شيء شخصي، وهذه ليست مسألة شخصية. هناك انتخابات تمت، هناك ناخبين نزلوا انتخبوا يجب احترام ارادتهم، وأن تتعامل معهم على هذا الأساس، وبالتالي مدّ يد الرئيس المكلّف للأفرقاء للتعاون على تشكيل حكومة ائتلاف وطني ليس من موقع ضعف، ولا يعطي الآخرين الحق للتعامل معه على انه صندوق بريد يضعوا فيه الوزراء الذين يريدونهم، وهو عليه الإلتزام وإصدار المراسيم بالإشتراك مع رئيس الجمهورية.

س- المعارضة تقول ان الرئيس المكلّف لم يقدّم بعد أي عرض بشأن الحكومة، وانه لا يتكلم معهم وخاصة “التيار الوطني الحر”؟
ج- باعتقادي انه حصلت عدّة اتصالات مُعلنه، قد لا يكون تمت مناقشة بالعمق.

س- لماذا هل تأخر الرئيس المكلّف في ذلك؟
ج- أنا لم أقل انه لم تحصل اتصالات، إنما لم تحصل بالعمق وليس بالشكل، ولكن الواضح ان المعارضة اتخذت قرارا بالدخول بالجملة، ولكن بالتفاوض بالمفرّق.

س- ما هي مصلحة “حزب الله” في تأخير تشكيل الحكومة؟
ج- باعتقادي بعد كلام السيد نصرالله، الواضح بالتأكيد انه ليس لهم مصلحة بالتاخير، وخاصة كلام السيد نصرالله أول أمس بأن الرد على إسرائيل يكون بالمزيد من المشاركة في الحكومة، وهذا حقهم الطبيعي، ولكن هذا الأمر حتى الآن لم تظهر نتائجه الواقعية، ربما قد أكون مبالغا أو أتصوّر ان هذه مسؤولية “حزب الله”، ولكن برأيي هذه مسؤولية المعارضة مجتمعة. فلا يوجد شيء اسمه المعارضة كل واحد بمفرده، وانهم لا يدخلون الا مجتمعين، عندما يكون كل واحد بمفرده، هناك أطراف قد تدخل وأطراف لا تدخل، ولكن عندما يكون الإتفاق شامل حول كل المواضيع، تكون المسؤولية الأولى تقع على”حزب الله” وعلى الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية، وليس على صندوق البريد، فلا يوجد شيء اسمه رئيس مكلّف صندوق بريد، بصرف النظر عن الأشخاض، وبالنسبة لي الفصل والحكم هو الإنتخابات.

س- “حزب الله” يقول ان هذه بدعة ليس لها أصل سياسي أو دستوري في موضوع توزير الراسبين، وان هذه عرقلة مفتعلة؟
ج- صحيح، لا يوجد نص دستوري، لكن يوجد نص في الأخلاق ونص في المعنويات، ونص في الإنتخابات واحترام لرأي الناخبين، واحترام رأي الناخبين لا يلزمه نص دستوري. البدعة حصلت عندما تم هذا الأمر في الحكومة السابقة، وليس البدعة في عدم استعمالها, أو عدم تطبيقها، فهناك ناخبين يجب احترام حقهم ، وهناك نائب ناجح أيا يكن اسمه ونائب سقط أيا يكن اسمه، ولا يجوز تقديم الراسب على الناجح، وهذه لا تحتاج الى دستور إنما تحتاج الى تفاهم عام وفهم عام للأمور.

س- مصادر “الحياة” تقول ان هناك انزعاجا من قبل “حزب الله” حيال التقارب السوري- السعودي بمنأى عن إيران ، ومن هنا العرقلة والهجوم على الرئيس المكلّف؟
ج- أنا لا أعتقد ان هناك انزعاجا ، إنما يوجد ترّيث، وهناك فرق بين الإنزعاج والترّيث لأننا نذكر انه قبل التكليف، أو في نفس وقت التكليف، اجتمع وزير الخارجية السعودي بوزير خارجية إيران في دمشق في مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية، ويومها أبدى الوزير سعود الفيصل إعجابه بخطاب الرئيس بشار الأسد ووصفه بالتاريخي، حول نظرته لموضوع التسوية في المنطقة، وباعتقادي ان هناك اتصالات سعودية – إيرانية، وأنا لا أعتقد ان هذه الصيغة لا تناسب الإيرانيين، وباعتقادي ان الصيغة التي تم التوصل اليها، حصة المفهوم الإيراني للوضع أكثر بكثير من حصة السوري، لأننا لم نصل بعد الى حصة المفهوم السوري في هذه الحكومة.

س- كيف يتم هذا عمليا؟
ج- ربما بالتفاهم ببعض التسميات، أو برغبة وليس بالضرورة ان تكون صحيحة، أو ربما بدور علني يؤكد الحق بالتعامل مع هذه المسائل، وبالتالي توجد صيغ كثيرة، وأنا أعتقد ان الإتفاق الموجود أمامنا، هو اتفاق حصة السياسة الإيرانية فيه أكثر من السياسة السورية، بصرف النظر عما إذا كانوا متفقين على هذه السياسة أم لا، ربما يكونوا متفقين، ولكن مازالت هناك الحصة السورية غير المعلنة حتى الآن بمسألة تشكيل الحكومة.

فإذا كنا نريد نقل أسباب التأخير الى الداخل فـ”حزب الله” هو الأكثر قدرة على التعامل مع كل الأطراف داخليا وخارجيا، بمعنى انه يستطيع الإتصال بالداخل والخارج، وإنجاز اتفاق شامل حول تشكيل الحكومة.

س- لكن سبق وتحدثت عن عقدة جزين ان الحزب لم يستطع حلّها بين الرئيس بري والعماد عون؟
ج- هذه طبيعة مختلفة، فطبيعة الإنتخابات في قضاء شيء، وطبيعة تأليف حكومة لكل لبنان شيء آخر، يجب ان نأخذ بعين الإعتبار ان الجنرال عون أصر على الإنتخابات في جزين ونجح فيها، ولم يأخذ بعين الإعتبار حليفه ورغبة حليفه الرئيس بري، وبالتالي أثار هذه الحدّة في جزين بالمواجهة مع حليفه في جزين، ثم يأتي ليقول انه يرفض الإعتراف بنتائج الإنتخابات في منطقة البترون ، لأن هذا الشخص خبير بهذه المسألة وأنه لا يتخلى عنه، هذا لا يجوز.

س- “التيار الوطني” يقول “ان لا أحد يمكن ان يؤثر عليه لا داخليا ولا خارجيا” ؟
ج- لا يعقل ان لا يؤثر حليفه عليه، فهو ليس جزيرة معزولة، هو جزء من تحالف سياسي ، فإذا كان هو جزء من هذا التحالف، فالتأثير عليه أمر طبيعي، وطبيعي بالحوار بينه وبين حلفائه أن يؤثروا على بعضهم البعض، وليس إهانة أن يتأثر أو حليفه يتأثر برأيه أو برغبته ، وهذا أمر طبيعي بالتحالفات السياسية.

س- هل وضع الرئيس المكلّف مهلة زمنية للحوار مع المعارضة؟
ج- أنا لم أسمع ذلك منه، ولكن طبيعي ان يضع مهلة زمنية للتصرّف بمسؤولية كاملة من قبل قيادة الحزب عن مجموعة المعارضة، بمعنى انه فلنتفق على السياسة وعلى التمثيل كاتفاق شامل وليس اتفاقا مجزأ، وبالتالي أخذت المعارضة الصيغة وإعادة الإنتشار السياسي السوري، وعلى الرئيس المكلّف حل مشاكل الحكومة بمفرده، هذا لا يمكن أن يتم، وإذا تمّ سيكون لفترة محدّدة، وبعدها سيضطر الرئيس المكلّف أن يعلن ما هو حاصل معه.

س- يعني سيخرج عن صمته؟
ج- لا أعرف متى، ولا أعرف ما هي الظروف، ولكن هذا طبيعي إذا بدا ان هناك عرقلة أو ابتزاز سياسي بشكل أو بآخر، وان كل جهة تحقق غايتها، وتترك له مشاكل التأليف.

س- هل صحيح ان الرئيس المكلّف دعا العماد عون الى غداء، ومع هذا سيكون هناك مؤتمر صحافي للعماد عون ليتحدث عن التطورات؟
ج- أنا أعرف ان هناك مؤتمرا صحافيا، ولكن لا أعلم شيء عن الغداء، ولكن بالتأكيد ما أعرفه رغبة الرئيس المكلّف بالتفاهم مع الجميع، ولكن على قواعد واضحة ومُعلنة مسبقا، ولا لزوم لتجاوزها ومن غير المنطقي تجاوزها.

ومسألة دفاع قيادة “حزب الله” والقول بانه لا يوجد نص دستوري وبدعة وما شابه، هذا كلام خارج المنطق، لأن البدعة هو المجيء بمرشّح خاسر وزير، بوجه المرشّح الذي فاز وأصبح نائبا.

س- هل تعتبر ان مقولة الصهر المعطّل كما ذكرت “النهار” صحيحة؟
ج- أنا لا أعتبر الأمر مسألة شخصية كما هو دارج الآن، أنا اتحدث بالمبدأ وليس بالأسماء، هذه مسألة خلافية.

س- لكن هذا هو الإسم المعني بالموضوع؟
ج- أنا أعرف الجنرال عون جيدا، لا يجوز اختصار كل العناوين السياسية للتيار باختيار وزير على قاعدة غير منطقية، وغير عاقلة وغير معترفة بطبيعة الناس، وبحقهم بتسمية مرشحهم، وبانجاحه في الإنتخابات.

س- الى أي مدى أثر 2 آب وما قام به النائب جنبلاط في 2 آب أو الإعلان الذي أعلنه على قوة سعد الحريري في تأليف الحكومة؟
ج- دعينا نتفق على مبدأ كي لا تحصل اجتهادات. أنا في هذه الحلقة أتحدث كنائب لبناني لا أمثّل “تيار المستقبل” ولا “كتلة المستقبل” لأني لا أريد أن أُحرج أحد، ولا أريد التسبب باجتهاداً لأي كان.

أولا: موقف وليد جنبلاط ليس مسألة عددية، أو مسألة انه اصبح هناك أكثرية في مكان آخر غير الأكثرية الناتجة عن الإنتخابات، أو أقلية بمكان غير الأقلية الناتجة عن الإنتخابات.

وليد جنبلاط قيمة معنوية وسياسية كبرى، وليس عدد 11 نائبا بالناقص وبالزائد، وهو بالأصل أخذ موقعا وسطيا بين الأمور، بمعنى ان كل أمر يتم التصويت عليه ويتم التفاهم حوله سواء سلبا أو إيجابا، وهذا أمر طبيعي وبسيط، ولكن هذه القيمة المعنوية الكبيرة والسياسية، برأيي تصرّف يوم 2 آب بطريقة مهينة للناس اللذين ساروا معه، وللناس الذين أمنوا به، وللناس الذين وضعوا دمهم عل كفهم بسبب شعاراته، وللناس الذي نزلوا الى الطرقات بكل الإتجاهات لانه دعاهم هو وغيره أيضا، وطبعا الرئيس المكلّف الشيخ سعد في حينها قبل أن يكون رئيس مكلّف. هذا الأمر ليس بسيطا، ولا يجوز التعامل معه فقط بان هذا هو أسلوب وليد بك، لأن هذه المرة الأسلوب لا يشفع للمضمون.

س- ماذا تعني بذلك؟
ج- يعني ان وليد بك يريد أن يقوم بنقد ذاتي لعناوين سياسية كبرى اعتمدها خلال أربع سنوات من حياته السياسية، وهذا جيد أن يقوم بنقذ ذاتي، ولكن لا أن يقوم بإدانة ذاتية وبتدمير ذاتي، فهناك فرق بين النقد الذاتي وبين التدمير الذاتي، وهذه مسألة مختلفة تماما عن بعضها. النقد الذاتي يقول بأنك تعيد النظر بسياستك بشكل علني رصين ومحترم، آخذ بعين الإعتبار مشاعر غيرك ومواقف غيرك، والناس الذين وقفوا معك على مدى أربع سنوات، وأن تقول لهم والله أنا أخطأت بالسياسة، ولا بد كلنا أن نعيد النظر بهذا الأمر، وأن نتوصل الى النتيجة التالية مثلا.

أنا من الناس الذين التقي وليد بك بشكل دائم، وأنا من الناس الذين يشجعونه على هذا التصحيح السياسي، وأنا من الناس الذين يناقشوا هذه العناوين السياسية معه ومع غيره منذ العام 2006.

ففي حرب تموز، أنا كتبت وقلت دعما للمقاومة في وجه إسرائيل في ذلك الحين، مخالفا كل القوى السياسية التي كان لها موقفا ملتبسا من هذا الأمر، لكن هذا لا يعني أبدا ولا يعطي الحق لأحد بإهانة كل الناس دفعة واحدة لأن هذا أسلوبه بالكلام. من حقه بالسياسة إعادة النظر بخياراته، وبالتأكيد هناك وقائع جديدة في المنطقة وأفكار جديدة، يلزمها مناقشة ويلزمها نتائج، أما العروبة ومسألة الإلتزام القومي بفلسطين، ليس من اختصاص أو حق حصري لشخص بمفرده.

س- هل تعتبر هذا إهانة؟
ج- طريقة التعامل معها وطريقة مناقشتها إهانة. دعيني أتحدث عن الرئيس المكلّف. فالرئيس المكلّف منذ المهرجان الأول الذي أقامه في نادي النجمة، وحتى آخر مهرجان انتخابي عُقد في “البيال”، كان خطابه السياسي يؤكد على عروبة لبنان، يؤكد على التزامه القومي بمسألة الشعب الفلسطيني، وحقه بإقامة دولته المستقلة.

س- لكن شعاره الأول كان “لبنان أولاً”؟
ج- أنا كتبت مطالعات حول تفسير “لبنان أولاُ” وعدم تعارضها، وعدم تناقضها مع مسألة العروبة. “لبنان أولاُ” مسؤولية وطنية أولاً.

أيضا لبنان أول عنوان سابق جدا لفترة الإنتخابات، والنص السياسي الجديد الذي عبّر عنه الرئيس المكلّف، وبالتالي ألا يستحق ان يؤخذ هذا الأمر بعين الإعتبار، وإمكانية التشاور وإمكانية التفاهم.

من قال انه لا يجب أن يذهب الى سوريا، بالعكس إذا كان يرغب بعلاقة جديدة مع سوريا نتيجة هذه التغيرات في المنطقة، فمن حقه السياسي الطبيعي أن يقوم بهذه الزيارة، ولكن لماذا يتصرّف بطريقة وكأنه يقوم بذلك نكاية بأحد ما.

س- برأيك نكاية بمن قام بذلك؟ وهل قام بذلك نكاية بـ14 آذار؟
ج- واضح انه قال هذا الكلام، كذلك قال انه يريد الذهاب ال دمشق، لكن إذا كان هناك شخص واحد يرتب له هذه الزيارة ويطمئن له، هو العماد حكمت الشهابي، ولكن من قال ان العماد حكمت الشهابي هو عنوان من عناوين الفضيلة السورية بالشأن اللبناني؟. العماد حكمت الشهابي هو واحد من ثلاثة رئيسيين استلموا السياسية السورية في لبنان منذ العام 1976 حتى استقالته في العام 1998، وإذا كان هناك من مساوئ للسياسة السورية في لبنان، وهناك الكثير من المساوئ، المسؤول عنها النائب السابق للرئيس عبدالحليم خدام ورئيس الأركان العماد حكمت الشهابي واللواء غازي كنعان، وبالتالي لا يمكن رفع المسؤولية عن شخص ونضع الأفضال لشخص آخر.

إذاً هو يدخل اللعبة القديمة من الباب الخطأ، وهو حر بأن يقوم بذلك، ولكن من دون إهانة الآخرين، ويجب أن يحفط كرامة الناس وليس كرامته وكرامة الطائفة فقط، ومن حقه حماية الدروز وحماية الجبل، هذا الجبل العظيم الذي قاتل والذي دافع عن نفسه من أجل فتح طريق دمشق التي كانت في حينه هي العروبة، ولكن العروبة لا تسكن في الشام، ولا تتوقف عند أبواب الشام. العروبة هوية حضارية موجودة في كل مكان بالعالم العربي.

س- هذه عروبة الممانعة؟
ج- كلا، لا ممانعة ولا غير ممانعة، هي عروبة لا توجد فيها ممانعة ولا مسامحة، العروبة هوية وليس اتجاها سياسيا، فهناك فرق بين الإتجاه السياسي وبين الهوية، وأيضا هذا من الأخطاء الشائعة، فالممانعة قرار سياسي والعروبة هوية حضارية.

س- ولكن هذه العروبة التي يتحدث عنها وليد جنبلاط وكأنها عروبة ممانعة؟
ج- هو يتحدث عن سياسة ممانعة يريد الإلتزام بها، وهذا جيد ولا مانع من ذلك. أنا أشجع وأتمنى وأرجو أن يُعاد النظر، وأن يتم تصحيح المسار السياسي لهذه الحركة، ولكن مع الاخذ بعين الإعتبار ان هناك آخرين، فهناك رفيقه الذي قال عنه أحسن الكلام منذ سنة حتى اليوم، الذي هو الرئيس المكلّف في كل خطاباته، وأيضا هناك الآخرين أياً كان رأيه فيهم.

س- هو يريد الحفاظ عل علاقته الجيدة مع الرئيس المكلّف؟
ج- لا يعقل أن يتخذ هذا الموقف أثناء تشكيله للحكومة، وفي نفس الوقت يقول انه يريد المحافظة على علاقته معه.

لقد جاء في توقيت خاطىء وأعطى ارتباكا للصورة السياسية له أول وليس له آخر، فكيف يمكن للرئيس المكلّف أن يشكل حكومة؟.

س- ألم يصلح الإجتماع بين جنبلاط والرئيس المكلّف ذات البين؟
ج- أنا لا أعرف ماذا حصل في هذا الإجتماع، وأنا مجروح من هذا الأمر لدرجة أني لم أتابع هذه المسألة نهائيا، ولكن أعود وأقول وليد بك قيمة سياسية ومعنوية، وليس عددا، ولا خوف بأن هذه الأكثرية تنتقل من هذا الطرف الى ذلك الطرف، وهذا الأمر بالنسبة لي لا يعنيني بشيء، ما دام انه يتصرف على ان رئيس الجمهورية هو الضمانة، فعليه أن يتصرّف مع رئيس الجمهورية بوزير أو بأربعة وزراء.

س- ولكن هو كان أبعد من ذلك بكثير، فهو يتحدث عن صدام سني – شيعي وخائف من الإحتكاكات؟
ج- هذا عظيم ويستطيع أن يكون اسفنجة بين الطرفين، ولكن من قال انه هو فقط من يريد المحافظة على السلم الأهلي؟ ومن قال ان الآخرين لا يريدون ذلك؟.

س- هناك اصطفافا كبير جدا لا يريد أحد الخروج منه؟
ج- ولكن ربما يكون هذا الإصطفاف بسبب السلم الأهلي، هل سمع أحد من سعد الحريري انه مسؤول شخصيا عن قرارات المحكمة؟ هو سلّم أمره للمحكمة.

س- لكن الرئيس المكلّف تورّط في 7 أيار؟
ج- هذا موضوع آخر، ولكن الحكومة التي اتخذت القرارين في ذلك الحين، هي التي تورّطت في 7 أيار.

هذه الحكومة اتخذت هذين القرارين، فتم استباحة المدينة، ووصلنا الى الدوحة بكل مقرراتها غير الدستورية، والخاطئة بحق الناخب وبحق النظام العام.

هناك أمر حصل في توقيت خاطىء وبأسلوب خاطىء. أنا أريد الذهاب الى الشام ، وهناك أيضا آخرين يريدون الذهاب الى الشام، ولكن بظرفها وبطبيعتها، وبكرامتي، يجب أن أذهب بكرامتي السياسية، وليس فقط لأني أبحث عن الأمن.

أنا مقتنع مئة بالمئة بالحفاظ على الجبل، هذا الجبل الصامد العروبي، ولكن أنا أريد الحفاظ على الجبل بطريقة أيضا تحفظ كرامته السياسية، وليس بطريقة توحي وكأن التراجع سببه فقط الخوف.

س- الخوف من ماذا برايك؟
ج- الخوف مما تفضّلت به من هذا الصراع السني-الشيعي.

س- ربما من حرب مقبلة في المنطقة؟
ج- أنا اسمع كثيرا عن مقولة حرب مقبلة في المنطقة، ولكن أنا لست مقتنعا بهذا الأمر. أريد أن أقول هذا الجبل يُحفظ بمزيد من التفاهم مع الآخرين، وهذا الجبل يُحفظ بطريقة كريمة، هذا الجبل يُحفظ بالإنفتاح على سوريا، وبالإنفتاح على العروبة، وبالإلتزام القومي، ولكن هذا هو النص السياسي لسعد الحريري منذ الإنتخابات وحتى الآن.

س- لكن وليد جنبلاط ذهب في السابق بعيدا، وبالتالي ألا يجب الآن أن يذهب بعيدا لكي يصنع توازنا في واقفه؟
ج- برأيي انه لم يذهب بعيدا في السابق، وأعتقد ان أفضل أربع سنوات في تاريخه السياسي، هي الأربع سنوات التي مضت، وليس صحيحا انه ذهب بعيدا، فهو لأول مرة في تاريخ المختارة يتقدم على سني زعيم درزي، وأنا كتبت عنه زعيم سني بالإعارة، لأول مرة في تاريخ الدروز هذا يحصل، وهذا الأمر تم من باب التكريم وليس من باب الإلزام، وقد كرموه لأنهم اعتبروا انه يعبّر في الفترة الأولى لوجود الشيخ سعد الحريري، وانه هو الذي اتخذ كل القرارات بالإتجاه السليم في ذلك الحين.

س- لكن ألا تعتقد ان زعامة وليد جنبلاط تراجعت في الإنتخابات ، وألم يتم إحراجه من قبل حلفائه؟
ج- هو أعطى “الكتائب” نائبا في عاليه، وأعطى “القوات اللبنانية” نائبا في الشوف، فلماذا أعطاهم هذين النائبين ما دام قد قرر الإنفصال عنهم سياسيا بعد الإنتخابات؟.

س- ربما لأنه أُحرج؟
ج- لا أحد يستطيع إحراج وليد بك، وهو يُحرِج ولا يُحرَج.

س- لكن ربما نتج ذلك عن امتعاضه من عدّة أمور فاتخذ هذا الموقف؟
ج- ولكنه وافق على هذه الأمور برأيي التوقيت سيء جدا والأسلوب مهين، ولكن العناوين السياسية تناقش، وأنا متأكد انه إذا راجعنا النص السياسي لسعد الحريري منذ أول مهرجان انتخابي حتى آخر مهرجان في “البيال” نجد الكثير من الأجوبة على هذه الأسئلة، وبالتالي لا يجوز التعامل مع الناس وكأن هذه السنوات الأربع هي إدانة لهم، بالعكس هذا نجاح وانتصار وإيمان للبنانيين الذين نزلوا الى الساحات.

س- ربما هو لا يرى هذا الأمر؟
ج- لا يجوز ان لا يرى ولا يجوز أن لا يرى كل هذه الأمور، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يخطيء طوال أربع سنوات.

س- ربما رأى ان شعارات 14 آذار أصبحت فارغة؟
ج- 14 آذار هيكل سياسي وهو يقول انه يريد التعديل بالمسار السياسي، وليس بالهيكل السياسي، وهذا الهيكل ليس الأساس، بل هناك عناوين أساسية يريد التعديل فيها، وهذا جيد، ولكن توجد طريقة معقولة تحفظ الكرامة، طريقة هادئة، وان يكون توقيتها مناسب وليس في أثناء تشكيل الحكومة يصبح السؤال مَن مع مَن؟ وما هو العدد وما شابه؟ وتصبح المسألة الى هذا الحد شخصية.

انا رأيته في 14 شباط في منزل الحريري، ويومها ترأس الإجتماع بعد ظهر 14 شباط 2005 وما سمّي بعد ذلك 14 آذار، واعتبر هذا الأمر قدرة عظيمة منه وصمود وصلابة وقيادة، أيضا الست نايلة كانت تنزل الى السان جورج وتجلس بين الناس وتقول سيأتون.. سيأتون.. وفعلا هؤلاء الناس أتوا بين 14 شباط وبين 14 آذار، وبالتالي لا يجوز أن يتكلم عن هؤلاء الناس بهذه الطريقة.

إذا كان يريد إعادة النظر بعناوينه السياسية، يجب أن يتوجه الى هؤلاء الناس، وأن يتحدث معهم وأن يقول ان التطور في المنطقة يفترض كذا وكذا، وحينها فليقبل من يقبل وليرفض من يرفض، ولكن الطريقة التي تمت فيها كانت مهينة ولا تحفظ كرامة أحد، وأدت الى إحراج سياسي. آخر همي الإحراج السياسي للرئيس سعد الحريري ليس لأني لا أهتم، ولكن لأن ظروفه وقدراته وصلابته وصموده كل هذه الفترة تجعله يستمر، وسوف يشكّل حكومة بالناقص بالزائد، بأكثرية من هنا، بأقلية من هناك، هو يمثّل أولاً جمهور كبير جدا في الإنتخابات الأخيرة، وقد أطلقت على هذا الجمهور إسم جمهور سعد الحريري، لأنه هو خاض الإنتخابات بنسبة تصويت سنة 71 بالمئة لصالحه في كل لبنان، وهذا الأمر ليس بسيطا. صحيح انه حمل كبير ولكن بذات الوقت رصيد كبير لكي يستمر من خلاله الى الأمام، وبالتالي هذا الموقف لا يمكن أن يؤخره، وأعتقد ان هذا الموقف سبب له جرحا وأذية ، ولكن لا يوقّفه.

س- هل قال هذا الكلام لوليد جنبلاط؟
ج- أنا لا أعرف ولم أسأل ولم أحضر، وبالفعل أنا خارج كل هذه الصورة ، لأني مجروح شخصيا منها، أنا واحد من الذين راهنوا دائما دائما على وليد جنبلاط، ولم أتخلَ عن هذا الرهان ولا للحظة منذ خمس سنوات.

س- هل تخليت عن هذا الرهان الآن؟
ج- أستطيع القول اني تأذيت شخصيا بخياري وبشخصي من هذا الذي حصل.

أعود وأقول ان الرئيس المكلّف محمياً، وعنده في السياسة قدرة كبيرة شخصية وعامة وطائفية، وجمهوره وجمهور والده وقوى عربية ودولية قاعدتها الحوار.

هذه المرة القوى العربية والدولية لا تعمل باتجاه المواجهة، بل باتجاه الحوار، وبالتالي مهما مرّ من وقت لا بد ان يصل الى نتيجة في مكان ما، مع وليد بك يكون أحسن وأعظم بكثير، ولكن بدون وليد بك هذا لا يعني ان الحياة السياسية تتوقف، أو أن يتوقف التقدّم السياسي لسعد الحريري، ولا تنقص القدرة السياسية لسعد الحريري، وبالنتيجة رغم كل الأسلوب الذي حصل رغم كل الأخطاء التي حصلت، لا يستطيع وليد بك عند التصويت حول أي موضوع رئيسي إلا أن يصوّت بعقله وبمصلحته، وبمصلحة البلد وبمصلحة جبله، وأنا موافق على مصلحته، ولكن أختلف معه على أسلوبه، ولا أريد أن يتخلى عن مصلحته، ولكن لا يجوز أن يعتبر “لبنان أولاً” تقوقعاُ وانعزالاً رغم كل الشرح الذي حصل، منذ أربعة أشهر مني ومن غيري، وتحديدا من الرئيس المكلّف.

لا يجوز أن يعتبر “لبنان أولاً” تقوقع وانعزال، وخصوصية الجبل هي انفتاح وعروبة وقدرة على الحوار. وهل يعقل ان “لبنان أولاً” مع كل شرح عروبتها والتزامها القومي تقوقع وانعزال؟ وخصوصية الجبل التي أحترمها وأقدرها هي إنفتاح على العروبة ، فالجبل عربي.

س- ولكن خصوصية الجبل تمتد الى جبل الدروز في سوريا؟
ج- ياسيدتي الجبل عربي، في جبل الدروز في سوريا والجولان، وفي أي مكان أخر هذا الجبل عربي.

صحيح انه حصل حَوَل سياسي عند كل الناس الذين تعاطوا من 14 آذار خاصة جماعة الجبل وجمهور سعد الحريري وطائفة سعد الحريري، لأنهم كانوا مكتوين من اغتيال رفيق الحريري، ومن اغتيل بعد ذلك من الشباب ومن الوزراء والنواب الشهداء، ولكن أنا لا أرى ان الأمور منذ ستة أشهر حتى اليوم، غير انها بالإتجاه السليم في كل المواضيع، ببطء وبتعقل وبتمهل، ولكن ذاهبة بالإتجاه السليم.

س- هذا يعني ان 14 آذار لم تنته ولم تذهب كل هذه الشعارات؟
ج- 14 آذار ليست شعارات، هي روح، وهذه الناس التي نزلت في 14 آذار لم تفعل ذلك من أجل الشعارات، بل لكي تعبّر عن رأيها وعن حقه وعن تقدّمها وعن قدرتها، وبالتالي لا يجوز إهانتها ، بل يجب تكريمها في كل يوم، وهؤلاء لهم أفضال على كل قيادات 14 آذار، على سعد الحريري وعلى وليد جنبلاط وعلى كل الآخرين.

بالعودة الى مسألة الحرب، أنا أعتقد لا توجد حرب في لبنان خارج الموضوع الإيراني.

س- يعني بمعزل عن ضربة لإيران لا توجد حرب في لبنان؟
ج- الواضح ان هناك مجلس أمن في أيلول، وهناك المزيد من العقوبات والمزيد من المفاوضات التي قد تصل الى نتيجة أو لا تصل، ولكن بعد ذلك تقرر المسألة الإيرانية. فالمسألة الإيرانية لن تقر الآن ، والحرب في لبنان أو على لبنان هي جزء من مسألة إقليمية ولا تتعلق بلبنان فقط.

س- ما هي الخيارات أمام سعد الحريري؟
ج- الإستمرار وتشكيل الحكومة والتقدّم الى الأمام، وهذا الزام وليس قرارا وهذا واجب وهو لن يتأخر عن ذلك، لأنه لا خيارات أخرى أمامه ، فلا يعقل أن يكون كل هؤلاء الناس الى جانبه والذين يدعمونه ويريدونه أن يتقدّم ويتقدّم ويتقدّم، ويكون هو يفكر بأمر آخر، وبالتأكيد هو لا يفكر بهذه الطريقة.

لا خيار أمامه سوى تشكيل الحكومة، وهو سيشكلها ولا خيار أمامه سوى أن يتعامل مع المعارضة كمجموعة وليس فراداً، ولا خيار أمامه سوى دعوة العماد عون على الغداء وينتظر جوابه، ولا خيار أمامه سوى الإستمرار بما يقوم به بأسلوب مختلف، لكي يستطيع الوصول الى نتيجة، ولكن بالتأكيد سيصل الى نتيجة، وسعد الحريري ليس متروكا لوحده.