“نهاركم سعيد” – انتخاب رئيس الجمهورية: مغامرة ملحّة 

مقابلات تلفزيونية 04 نوفمبر 2007 0

 

بعد المقدمة،

 

نهاد المشنوق: باعتقادي ان المقدّمة كانت واضحة، ولكن ما أريد قوله ان المنطقة تمر بظرف دقيق جدا، والمطلوب من اللبنانيين خاصة المعنيين بالإستحقاق الرئاسي أن لايتصرفوا بمسؤولية وحسب، المطلوب منهم المغامرة لأن التصرّف بمسؤولية وصفا لمرحلة أصبحت وراءنا. والمطلوب مغامرة باتجاه إنتخاب رئيس، فكل الظروف التي تحيطنا سواء بالمناورات الإسرائيلية في الجنوب، التي تعتبر دخول على خط الإستحقاق الرئاسي، وما حدث في باكستان الدولة الإسلامية الكبرى، حيث يوجد تخوّف كبير من ان تأتي الإنتخابات بالإسلاميين غالبية عظمى في مجلس النواب، والأهم ان باكستان تملك قنبلة نووية وهي على حدود إيران وعلى حدود أفغانستان، وباعتقادي ان ما حصل في باكستان سيخفّف كثيرا من إعتبار لبنان أولوية أساسية في المنطقة.

 

الأمر الثالث: الذي حصل ان النائب سعد الحريري في القاهرة، أعلن على باب الرئيس المصري ان هناك مخطط سوري لاغتياله ولاغتيال الرئيس السنيورة، وأهم ما في هذا الكلام سياسيا ، انه ذكر بالإسم، واحد من كبار المسؤولين الرئيسيين في النظام السوري، هو اللواء آصف شوكت وحمّله مسؤولية، مما يجعل الحوار السياسي مع هذه الجهة أو تلك، أصعب بكثير.

 

أيضا أريد ان أتناول نقطة وردت في مقدمتك لأقول: ان التوافق ليس تعبيرا سوريا، ولا خيار الوزير وليد المعلم، هو تعبير بدأه الرئيس بري بمبادرته الشهيرة، ودخل في الحوار معه تحت هذا العنوان النائب سعد الحريري، وباعتقادي ان إستعمال السوريين لهذا التعبير يخفّف من أهميته ومن مصداقيته ، هو تعبير لبناني والرغبة لبنانية. وأنا أقول انه في ظل الظروف المحيطة بنا في المنطقة ، أعتقد ان مسألة إنتخابات الرئاسة صعبة جدا ، والطرف السوري ليس الطرف الوحيد المعني بعدم إجرائها، هو طرف من الأطراف، أيضا الأميركيين معنيين بعد إجرائها والإسرائيليين معنيين بعدم إجرائها ، لانه إذا تطّلعنا الى الأميركيين نجد ان السفير فيلتمان كتب ثلاثة مقالات بحدّة سياسية عنيفة، فكيف يمكن أن تتوافق مع الرغبة بحوار يؤدي الى إنتخابات رئاسية؟ هذا أعتبره إعلان حرب أو إعلان مواجهة، لذلك الظروف صعبة لدرجة. أما الرد على الظروف الصعبة لا يكون فقط بالتصّرف المسؤول، كما يمكن أن يطلق التعبير على أي خطوة سياسية، يمكن أن يقوم بها أي طرف من الأطراف . أنا أعتقد ان المطلوب إذا كان هناك إمكانية هو قيام الثلاثي: سيدنا البطريرك صفير، دولة الرئيس بري والنائب سعد الحريري، أن يغامروا .. أن يغامروا.. أن يغامروا ربما استطاعوا الوصول الى إنتخابات رئاسية أو ربما لن يصلوا.

 

س- لكن المغامرة لها تفسيرات متعدّدة، لأن البعض يرى ان الدعوة الى المغامرة هي دعوة الى إنتخاب بمن حضر إذ لم يكن بالنصف زائد واحد؟

ج- المغامرة تبدأ عند البطريرك صفير بأن يتحمل مسؤولية الى حد ما لا تأخذ بعين الإعتبار رعايته لكل الموارنة، سواء كانوا من المعارضة أم من الموالاة، وأن يأخذ خيار تسمية شخصين أو ثلاثة من المرشحين، وأن يحمّل الآخرين مسؤولية التجاوب مع هذه التسمّية ، سواء كان الرئيس بري أو النائب سعد الحريري زعيم الاغلبية في مجلس النواب.

 

س- من يضمن ذلك؟

ج- لا توجد ضمانة ولذلك أنا أقول مغامرة.

 

س- لكن المغامرة يتخذها البطريرك صفير بمفرده؟

ج- المغامرة يجب أن يتخذها البطريرك صفير ومعه الرئيس بري والنائب سعد الحريري.

 

س- هل أنت متأكد ان الرئيس بري وسعد الحريري سيغامران بغض النظر عن حلفائهما؟

ج- أنا لا أريد تحميل الناس أجوبة لم أسألهم عنها، ولكن إحساسي وتقديري ان الرئيس بري منذ لبداية يتخذ صفة المغامر بمبادرته، والنائب الحريري إتخذ صفة المغامر أكثر بتجاوبه مع مبادرة الرئيس بري، لأنه يجب الملاحظة ان الرئيس بري أخذ مبادرته سواء بالتشاور مع حلفائه أو عدم التشاور معهم، ولكن حلفاءه لم يعترضوا عليه. بينما النائب الحريري في وقت كان يجري مفاوضات مع الرئيس بري أو العماد ميشال عون، كان هناك الكثير من الأصوات المعترضة والتي تضع جدول أعمال مُسبق لهذه المفاوضات. وبالتالي فإن المعارضة المُعلنة بوجه النائب سعد الحريري ولو تحت شعار أن هذا سقف للمفاوضات، مفتوحة أكثر بكثير من المعارضة غير المُعلنة عند الرئيس بري، وبرأيي انه إذا استطاع البطريرك صفير أن يغامر فلا خيار أمام الآخرين إلا أن يغامروا معه.

 

س- الأستاذ جهاد الزين توجه من على صفحات “النهار” الى البطريرك صفير بأن الظروف اليوم مختلفة عن ظروف العام 1982، ومن اجل ذلك دعاه الى هذه المغامرة أيضا؟

ج- دعينا نستعمل تعبيرا فيه بعض القسوة، لا يتجرأ الرئيس بري ولا يتجرأ النائب سعد الحريري، وأيضا لا يرغب الرئيس بري ولا يسعى النائب الحريري الى معارضة رغبة البطريرك في حال غامر بشكل منطقي وطبيعي، وأخذ بعين الإعتبار ظروف الجميع ورغباتهم وتسمياتهم ، وليسمّي إثنين أو ثلاثة ويترك الخيار لهم لكي يتحمّلوا مسؤوليتهم في الرفض، وعندها يكون قد قام بما عليه ، وإذا حصل خطأ يكون منهم وليس منه.

 

أنا أعتقد ان كل اللبنانيين على إستعداد لتحمّل المسؤولية مع سيدنا البطريرك في حال مغامرته ، إلا المرشحين الذين لم تُدرج أسماءهم.

 

س- في هذا الإطار نقلت اليوم في “الحياة” الزميلة رندة تقي الدين عن مصدر دبلوماسي غربي من باريس عرضه للخطة السورية من اجل الفراغ ، ويقول ان الخطة السورية الآن هي تمديد الوضع القائم حاليا مع بقاء حكومة الرئيس السنيورة وبقاء اميل لحود في بعبدا حتى تتحول الأكثرية الى أقلية وإجراء إنتخابات رئاسية، وأكثر من ذلك يقول هذا الدبلوماسي “ان اللبنانيين الملتزمين السيادة والإستقلال سيعملون على مواجهة الخطة السورية ويصرّون على إجراء الإنتخابات الرئاسية، وهناك إنطباع بأن رئيس المجلس نبيه بري لا يحبذ فكرة الفراغ . وإذا كان ممكنا أن ينضم بعض النواب المعارضين الى عملية إنتخاب رئاسي توافقي ربما يصبح بإمكان بري أن يقول لدمشق ان ليس له خيار آخر سوى أن يجرى الإنتخاب الرئاسي”، هل يستطيع الرئيس بري أن يقول ذلك للسوريين؟

ج- هذا جزء من المغامرة، ولكن زميلتنا تنقل عن المصدر إتهام أكثر مما هو دعوة، أنا ما أتحدث عنه هو صياغة دعوة ، بمعنى ان الرئيس بري ماذا يفعل في ذلك الحين؟ لذلك يجب أن نصل الى ذلك الحين، وبعدها نرى ماذا سيفعل الرئيس بري؟.

 

أولا، البطريرك يجب أن يضع الجميع أمام مسؤوليتهم، والجميع هنا يُقصد كلهم ، كل المجموعات السياسية المتناحرة التي يحلو لها ان تخبرنا كل يوم صباحا من جهة، مدى رغبة السوريين وقدرتهم على قتل واغتيال الحياة السياسية، ومن جهة أخرى مدىرغبة الأميركيين والإسرائيليين وقدرتهم على منع تقدّم مشروع الممانعة العظيم الفظيع الجبار.

 

نحن كل ما نقوله، اننا لا نستطيع تحمّل مسألة الفراغ، وكل المطلوب تأجيل كل الخلافات السياسية وكل الصدامات السياسية لفترة مؤقتة الآن، وإعتبار الوضع على ما هو عليه زائد رئيس جمهورية جديد فقط لا غير.

 

س- لقد تحدثت عن عاملين خارجيين باتجاه تعطيل الإنتخابات الرئاسية، العامل السوري والعامل الأميركي، لذلك أمام حجم هذين الدورين أصبحت إمكانية الدور اللبناني ضئيلة جدا؟

ج- لقد حدث في التاريخ ان هناك ناس في دول صغيرة تصّرفوا تصرفات كبيرة وإستطاعوا خلق واقع جديد.

 

لو سألنا ما هي السياسة الأميركية سنبدأ من:

1- مؤتمر الخريف وهو الموضوع الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط، ماذا تحقق منه حتى الآن؟

أنا قرأت يوم الإثنين الماضي ما كتبه هنري كيسنجر بأن السياسة الإسرائيلية والسياسة الفلسفية يديرها لاعبين صغار على ملعب حاد وقاس جدا، وبالتالي متوقع أن لا يصلوا الى نتيجة. هذا في ما يتعلق بأكبرعنوان للسياسة الأميركية.

 

2- ما حصل في باكستان بالأمس وهي منطقة نفوذ اميركية والإسلاميين متقدمين، ورأينا كيف أرجأ نواز شريف الإنتخابات وأقال رئيس مجلس القضاء الأعلى.

 

3- المناورات الإسرائيلية في الجنوب.

 

4- مخطط إغتيال النائب سعد الحريري والرئيس السنيورة من قبل آصف شوكت، والذي أجمع على صحته الفرنسي والمصري والسعودي.

 

أنا أسأل كل هذه التطورات ألا تدفعنا الى المغامرة بالحد الأدنى لانتخاب رئيس جمهورية يشبهنا ، بسيط ومتواضع بالمعنى الإنساني، وطموحاته السياسية معقولة ومنطقية ومتفاهمة مع محيطها. ولكن أنا لا أريد رئيسا يُضاف الى جملة المقاطعين لسوريا ، أريد رئيس جمهورية يتحدث مع السوريين ، حتى لو لم يصل معهم الى نتيجة، ومن قال انه يجب أن يصل الى نتيجة، وماذا سيحصل، هل سيحصل أسوأ مما نحن فيه؟.

 

ايضا في كانون الثاني المقبل سيصدر تقرير لجنة التحقيق الدولية، فإذا وضعنا الآن الأسباب الموجبة للانتخابات، نجد ان هناك سبعة أو ثمانية أسباب موجبة والتي لا نعرف ما هي. ولكن لنفترض ان التقرير صدر وكل الدلائل بما فيها ما قاله النائب الحريري تقول، ان هناك مسؤولين سوريين شاركوا في هذا الإغتيال، فماذا ستفعل عندئذ؟. لذلك يجب أن نتطلع الى الأمام ونسأل هل وجود رئيس جمهورية يفيدنا في كل هذه الوقائع القادمة أم يضرنا؟ إذا كان يفيدنا فالأمر يستأهل المغامرة حتى لو غضب فلان وفلان من المرشحين، من سيدنا البطريرك، هذا أمر بسيط يمكن أن يتحمّله البطريرك، وليتحمّل الرئيس بري والنائب سعد الحريري هذه المسؤولية مع سيدنا البطريرك، وانا أعتقد ان قوى عربية وأوروبية ستساهم في مسعاهم هذا أكثر بكثير مما نتوقع.

 

س- تقول سنجد دول عربية وأوروبية تساعد في هذا الأمر، ولكن أمس سمعنا كوشنير وتصريحاته، بعد ان كان قد قال كلاما آخر، بعد إجتماعه بوليد المعلم وتحدث عن نقاط مشتركة؟

ج- الوزير كوشنير يقوم بتحضير ورقة عمل، يحملها ساركوزي الى لقائه مع الرئيس الاميركي جورج بوش، وبالتالي لا تهمُني هذه اللغة التي استعملها ، فهي لغة غير دبلوماسية أولا ولا تؤدي الى أي نتيجة. وثانيا، السوريون لايخافون من الكلام والتصريحات، فإذا كان كوشنير يريد إحداث تغيير فليفعل ذلك بالسياسة وليس بالخطابات والتصريحات.

 

هناك أزمات متتالية في المنطقة، ونحن مازلنا نتساءل هل إذا سمّى سيدنا البطريرك يكون مغامرا أكثر من اللازم؟ وهل الرئيس بري سيتجاوب مع هذه المغامرة؟ هل النائب سعد الحريري مستعد للمغامرة أكثر؟ وهل هناك دول عربية واوروبية يمكن أن تساند خطوة متقدّمة بانتخاب رئيس معتدل ومتواضع سياسيا؟ أنا أقول نعم بالتأكيد هناك دور ممكن أن تساعدنا.

 

س- أي دولة عربية تقصد، وقد رأينا كيف ان الدورالسعودي تراجع لربما بسبب تأزم العلاقات بينه وبين سوريا، وأيضا رأينا الدور المصري الذي حاول الإختراق، عاد وقطع شعرة معاوية مع دمشق، عبر إعلان سعد الحريري من على باب الرئيس مبارك، عن محاولة سورية لاغتياله؟

ج- دعينا نبدأ من مصر، فقد أتى وزير الخارجية المصري الى لبنان تحت عنوان العودة الى طاولة الحوار، توصلا الى صفقة كاملة تتعلق برئاسة الجمهورية والحكومة، والبيان الوزاري، ما يعني ذلك إعادة جدولة النقاش حول سلاح المقاومة الآن، ولكنه لم يأت برأيي الى لبنان بهذا المنطق، تحت شعار ان السوريين لا يريدون إنتخابات، إنما أتى تحت شعار إنه في ظل الشروط السياسية حاليا الموضوعة على الطاولة الأميركية، لا يريدون إنتخابات لأنه بالتأكيد ليس السوريين من يريد مناقشة موضوع شبعا وسلاح “حزب الله”، بل هذا مطلب أميركي يريد مناقشة مُسبّقة مما يؤدي الى عدم حصول الإنتخابات بطبيعة الحال.

 

هذا هو الجانب المصري، وبالتالي المصري دخل في محاولة إحتواء غير منطقية بالتوقيت. إذاً هذه الخطوة المصرية، أو هذه الحركة المصرية، كان الهدف منها تطويق الرفض الأميركي لإجراء الإنتخابات الرئاسية، وبذات الوقت أعلنوا مسؤولية السوريين عن محاولة إغتيال النائب الحريري والرئيس السنيورة. وأكثر من ذلك لأول مرة إستعمل السوريون تعبير أمن لبنان جزء من الأمن القومي المصري، مما يعني ان هناك التزاما سياسيا كاملا بالدفاع عن لبنان ومنع حصول فوضى كبرى فيه لهذا السبب أو لذاك بوجه السوري أو بوجه الإسرائيلي.

 

 

س- ولكن كل هذا كلام؟

ج- أعتقد ان مصر دولة كبرى، وتبذل جهدها في ان تصل الى نتيجة إذا قامت بمغامرة سياسية ما.

 

أما في ما خص الدور السعودي: عندما حضر السفير السعودي الى لبنان في أواخر الـ2004 وكان الرئيس الحريري مايزال موجودا، بدأ يتحسّس الأرض اللبنانية وتمرّس وتدرّب على العمل السياسي اللبناني الى ان حصل على دكتوراه فخرية من الجامعة في الصيف الماضي، والقى خطابا ناريا نال بسببه تصفيق الحاضرين باعتباره أحد زعمائهم الجدد، وأنا فوجئت في ذلك اليوم.

 

والخطوة الثانية ان وصول السفير السعودي الى لبنان أصبح يسبب حالة إستنفار عند أجهزة الأمن السياسي السوري وحلفاءه، وبالتالي يقوم بعض المناضلين الجدد أو القدامى بتناوله بكلام قاسي. أنا رأيي ان هذا الكلام بسبّب ان وصوله الى لبنان هو إعادة سعة إنتشاره وإعادة تأثيره وإعادة قدرته على أكبر عدد ممكن من الحياة السياسية اللبنانية. أنا أعرف السفير خوجه عن قرب وهو يتمتع بحسن التعامل مع الآخرين، وقدرة على الإستيعاب، تجعل الكلام عن المساعدات في تعامل السياسيين معه بأتي في آخر الحديث معه وليس في المقدمة.

 

أنا لا أنكر ان هناك جمعيات إجتماعية وإنسانية تحصل على مساعدات سعودية بواسطته، ولكن أعتقد ان ما قيل عنه هو شهادة له على مقدرته وبتأثيره وبدماثة خلقة وبانتشاره في كل المناطق اللبنانية ، ومع كل السياسيين اللبنانيين، لأنه لم ينقطع عن أحد ولا طبيعته تسمح له بالإنقطاع، حتى لو حصل خلاف سياسي، وحتى مع الذين تناولوا السعودية في وقت من الأوقات، كان على إستعداد للجلوس معهم ومناقشتهم.

 

إذا هذه صورة جدية من صور السياسة الخارجية السعودية، وبالتالي هذه الصورة المنفتحة على الجميع، المتفهمة للجميع، القادرة على التأثير على الجميع ، القادرة على الحوار مع الجميع، هذه الصورة ممكن أن تساعد في المغامرة.

 

س- لقد قلت في إحدى مقالاتك ان السعودية قررت الإحتجاب عن الساحة اللبنانية هذه الفترة؟

ج- مرّت فترة إحتجبت فيها، ولكن عودة السفير الى بيروت أوضحت ان ليس هناك قرارا بالإحتجاب. أيضا عودة السفير السعودي سببّت من الكلام الكبير والأوصاف السخيفة التافهة، ما أعطت للسفير قدرة وتأثير وحجم أكبر بكثير مما حتى يريده له أصحابه لأنه لولا أنه قدير ومؤثرلهذا الدرجة، لما تعرّض لهذه الهجمة.

 

س- بأي دور عاد السفير السعودي الى بيروت؟

ج- هو لا يعلن، هو من الطبيعة السعودية التقليدية ، هو لا يعلن وأعتقد انه يتصل بالجميع ويعمل على التفاهم مع الجميع، ويقرّب بين فلان وفلان، ويزور فلان وفلان، حتى لو كان وضعه الأمني صعبا، ولكن لا يعلن عن ذلك، حتى لو جلستي معه بالكاد أن يتحدث عن أي شيء سري المضمون ، هذه طبيعته.

 

س- كيف تفهم الدور السعودي اليوم؟

ج- أنا أعتقد ان الدور السعودي، دور معتدل وجامع وقادر على التقريب بين كل اللبنانيين، ولايزال قادر على هذا الدور.

 

س- هل ترى ان هذا الدور يدفع باتجاه إنتخاب رئيس من 14 آذار مثلا؟

ج- أعتقد ان المسؤولين السعوديين أبلغوا قيادات لبنانية بكلام واضح، بعدم موافقتهم على مرشّح تحدّي من أي جهة، وان السعودية مع التوافق ومع الحوار، وقد شجعوا الرئيس بري من السعودية بالتصريحات والإتصالات ، وبالتالي لا يوجد دور آخر للسعودية غير هذا الدور .

 

س- يعني إنفتاح النائب سعد الحريري على المعارضة، ينسجم مع هذا الدور السعودي؟

ج- بالتأكيد سعد الحريري تصّرف في هذه الفترة بمسؤولية كبيرة، مسؤولة وواعية ومصداقية جدية بحواره مع الرئيس بري ومع العماد عون، والحوارات التي يمكن أن تأتي في وقت لاحق ، وقد سمع كلاما حادا وقاسيا من حلفائه ، ولكنه اعتبره سقفا للمفاوضات وليس عائقا أمام إستمرار الحوار، وتحمّل الكثير لأنه يعرف ان جمهوره الحقيقي يريد منه أن يقوم بهذا الدور ويريد منه أن يحاور وأن يفاوض.

 

ولكن بصراحة، ان ما لا يساعد في عملية الحوار بعض التصريحات النتعات من بعض نواب “حزب الله” ومن بعض حلفاء سوريا باعتبارهم يردّون على نواب آخرين من 14 آذار، مما يثير شيء من الحدّة والإشمئزاز لا مُبرر لها ، خاصة في ظل الإحتلال الحقيقي الحاصل في وسط البلد.

 

س- تحدثت عن ان الدور المصري من خلال زيارة ابوالغيط كان يهدف الى تطويق الرفض الأميركي، كيف يمكن القول انهم يمكن أن يكونوا فاعلين في هذا الإطار ، وفي نفس الوقت عندما كانوا على طاولة إجتماعات رايس، إستدعتهم رايس وأعطتهم بيانا محضّرا مُسبقا وأخذت توقيعهم على هذا البيان؟

ج- قبل البيان يجب قراءة المؤتمر، هذا المؤتمر عُقد تحت عنوان دول جوار العراق، ولكن للحقيقة تناول الموضوع اللبناني، والإشارة الإيجابية الوحيدة بموضوع العراق، هي ما قالها السفيرالأميركي في العراق المستر كروكر، وعبّر فيها عن بعض التقدّم، أو بعض الإيجابيات التي يقدّمها النظام السوري في العراق، لكن تبيّن ان الموضوع اللبناني، هو موضوع أول على جدول الأعمال ، هذا أولا.

 

ثانيا: إذا قرأنا البيان، هو قرار حاد، ولكن إذا قرأنا البيان بعين دبلوماسية نجد انه لا يحتوي تعابير مُلزمة ، بل هناك تعابير تعبّر عن وجهة نظر.

 

س- إذاُ نرى ان موقف رايس كان حازما وقاسيا بالشكل أكثر مما هو في المضمون؟

ج- أعتقد ان هذا الكلام موجها الى سوريا، وليس الى اللبنانيين، وبالتالي ليست المرة الأولى التي تسمع فيها سوريا مثل هذا الكلام ، سوريا إستمعت لعقوبات وليس فقط للكلام ، عقوبات فعلية.

 

س- لكن ألا ترى ان الدور الخارجي مؤثر جدا في الإستحقاق الرئاسي؟

ج- ياسيدتي ، إذا كنا نريد الإقرار بأن هذه المسألة كلها تُقّرر في الخارج، باعتقادي علينا أن نغلق أوراقنا ونرحل لأنه لا عمل نقوم به.

 

أنا أقول بمواجهة كل هذه المخاطر القائمة حولنا، باستطاعتنا اما أن نستسلم وأما محاولة التقدّم . أنا برأيي ان الحوار الذي قام به النائب سعد الحريري مع الرئيس بري ثم مع العماد عون، الغاية منه محاولة المواجهة العاقلة العادئة لهذه المخاطر المحيطة بنا.

 

س- برأيك سوريا بعدما تبلّغت هذه الرسائل، وبالطريقة التي تبلّغت بها هذه الرسائل، ستمر على الموضوع كأن شيئا لم يكن، والجميع متخوّف من ما سيكون عليه رد الفعل السوري؟

ج- سوريا ستقوم بكل ما يمكنها من القيام به سلبا وقصفا وتفجيرا وتفخيخا وإغتيالا في حال تحرّك اللبنانيين باتجاه إنتخاب رئيس معادي لهم، هذا الأمر مُعلن ومعروف. السؤال هو كيف سنواجه هذا الموضوع؟ هل نذهب الى إنتخابات تحدّي أم نذهب الى إنتخابات منطقية وعاقلة وعادلة؟.

 

أنا أرى ان المتاح أمامي هو الذهاب الى إنتخابات عاقلة وعادلة ومنطقية ، وهذه لا تقوم الا بمغامرة البطريرك وتحميل الرئيس بري والنائب الحريري العباءة الثقيلة التي تقول، ان عليهم ترتيب جلسة الإنتخاب.

 

س- تقول على البطريرك ان يسمّي ، ولكن من هو المرشًح المعادي لسوريا وغير المعادي لسوريا؟

ج- لنستعرض أسماء المرشحين أولا: هناك ثلاثة مرشحين لكل واحد منهم صفات ، ولكن منتسبين، مثلا الشيخ بطرس حرب مرشّح للرئاسة وهو نائب في البرلمان منذ عام 1972 وبالتالي هو صاحب خبرة عريقة وقديمة وجدية بالقانون والدستور والحياة البرلمانية والعمل السياسي والعمل الشعبي، وهو شخص محبوب في منطقته، وله حضور جدي في منطقته وهو بطبيعته وفاقي وكل من يعرفه يقول انه وفاقي، ولكن هذا لا يكفي. الوفاقي هو الذي يقبل به خصمه على انه وفاقي ، وليس ذاك الذي يتفق حلفاؤه على انه وفاقي.

 

س- أنت تقصد ان المعارضة لا ترى بالشيخ بطرس حرب بأنه مرشح وفاقي؟

ج- طبعا بالتأكيد هي لا ترى فيه المرشح الوفاقي. أيضا الأستاذ نسيب لحود فأنا لا أرى هناك أي خلاف على المستوى الراقي السياسي للأستاذ نسيب لحود وتعامله ودراساته وجديته وإحترامه للقوانين والنصوص وللأصول ونزاهته وترفعه، ولكن أيضا هذا لا يكفي وهناك أمران:

الأول: ان خصوم الأستاذ نسيب لا يعترفون به بأنه وفاقي. وبالتالي لا يكفي أن أعترف له انه وفاقي.

 

س- في هذه الحال إذا كنا نريد إنتظار الخصم ليقول ، إذا كان وفاقيا أو غير وفاقي يكون هو من يفرض الرئيس؟

ج- طبعا، وليس فرض الرئيس فقط، بل وضع فيتو على الرئيس عندما يكون هناك 58 نائبا خارج الأكثرية على الأقل يجب إعطاءهم حق الفيتو، يمكن ان لا نعطيهم حق التسمية، ولكن لا يمكن أن لا نعطيهم حق الفيتو.

 

لنأتي الآن الى الجنرال عون فهو الأكثر تمثيلا مسيحيا شئنا أم أبينا حتى إنتخابات أخرى. ولكن هل يعترف الآخرون بالجنرال عون انه وفاقيا، وبالتالي سقطت عنه صفة المرشّح الوفاقي.

 

إذا ، لا يمكن إعطاء الناس صفة لا يقبل بها الخصم ، فإذا كنت تريد الخصم أن ينزل الى التصويت يجب أن يقبل بصفتك أولا، هذا الخصم لا يوافق عى صفتك ماذا نفعل، هل نذهب الى إنتخابات بالنصف زائد واحد؟.

 

أنا أقول إنتخابات بالنصف زائد واحد لن تحدث لأسباب كثيرة أهمها عدم موافقة أحد من الدول المعنية على إجرائها حتى الولايات المتحدة. ومعلوماتي على الأقل حتى ليلة أمس لم تكن هناك موافقة أميركية ، ولا أعرف إذا كان سيحصل تغيير في موقفهم غدا الإثنين.

 

أنا أقول بما ان اسم الشيخ بطرس غير وارد ولا اسم نسيب لحود ولا الجنرال عون ، لماذا لا نبحث بباقي المرشحين ببساطة وهدوء وبشكل طبيعي.

 

س- تعني إنه يجب أن نتجه باتجاه إختيار رئيس، لا من هذه الجهة، ولا من تلك الجهة؟

ج- طبعا، وأنا قلت هذا الكلام منذ سنة، لا يمكن لا مكان في لبنان للإنتصارات.

14 آذار بما قامت به من إنجازات كان لوليد بك الفضل الأول أو الدور الرئيسي في قيام 14 آذار وبدورها السياسي، هذه الإنجازات أهم، أو انك تصمد 33 يوما بوجه أهم جيش في المنطقة، أيهما أهم؟ طبعا الصمود 33 يوما ولكن أين أصبح هذا الإنتصار وأين إستطاعوا صرف هذا الإنتصار ، لقد صرفوه لدرجة إنهم إستقالوا من الحكومة.

 

س- كيف تقنع وليد بك، بهذا المنطق؟

ج- أنا ناقشت وليد بك أول أمس في هذا الموضوع ، فهو بشكل طبيعي يقول ما قاله ويجب تصديقه كما هو، قال ان النواب الدروز الحزبيين لن ينزلوا الى الإنتخابات، أما الباقين فلينزلوا وهو سيساعد على نزول هؤلاء لإجراء الإنتخابات ، وطلب إستعمال منطقه السياسي للتفاوض بان يبدأوا من موقفه ونزولا لأن التسوية يلزمها تفاوض.

 

إذاً، إذا سمعنا هذا الكلام منه يريّحنا ، ولكن السؤال هذا التفاوض الى أين سيصل وما مدى إستعدادهم لهذه المغامرة؟.

 

س- ألا تعتقد ان منطق المغامرة يتضارب مع منطق التسوية؟

ج- لا يتضارب بالعكس، التسوية هي لاختيار الشخص الذي يناسب المرحلة بعقله وليس بعضلاته، حتى لا نقع في تجربة الرئيس تقي الدين الصلح والرئيس سليمان فرنجية عندما قال “جئنا على أساس نستعمل عضلاته وعقلنا، فاستعملنا عقله وعضلاتنا”.

 

نحن نريد رئيس عاقل موزون وهاديء لديه إستعداد وقدرة على استيعاب الجميع، ويستمع إليهم حكما بينهم ، نزيه يحترم كل الناس، ببساطة وأقولها بالعامية “تقف أمامه وبتبكّل الجاكيت”.

 

س- هل عندك أسماء تجسّد هذه الصفات؟

ج- أنا لا أملك أسماء، ولكن أرى بالمعتدلين المطروحين ان لكل واحد إيجابيته وله سلبياته. أنا أرى مثلا فخامة جان عبيد كما أسمّيه كذلك الاستاذ روبير غانم والاستاذ ميشال إده.

 

س- لكن النائب سعد الحريري الاقرب الى منطق التسوية من منطق التحدّي يقول اننا نريد رئيسا له لون وطعم ورائحة؟

ج- جيد، كل هؤلاء لهم طعم ولون ورائحة، هل يجب أن يكونوا من 14 آذار لكي يكون لهم هذه الصفات؟ أنا أقول ان جان عبيد من أعز أصدقاء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وروبير غانم هو من وقّع على قانون المحكمة الدولية. طبعا هؤلاء منهم وفيهم ولكن مقبولين من الآخرين أو أنهم يقبلون الآخرين.

 

 

س- هؤلاء لا تعتبرهم سوريا خصوما لها؟

ج- سأبدأ بالاستاذ جان عبيد هذا الرجل مشى بعروبته قبل لبنانيته، ومشى بلبنانيته قبل مسيحيته، فوقع في مشكلة مع الجميع لأنه صادق في كل هذه الأمور، وبالتالي وقع في مشكلة مع السوريين ومع الأميركيين، لأن الأميركيين يعتبرونه سوريا، وهو ليس كذلك على الإطلاق.

 

أما الاستاذ روبير غانم فهو أيضا محامي قديم له تجربة بالعمل البرلماني ودمث وخلوق، ومُتفهم لجغرافية العلاقة مع سوريا ، ولكنه في نفس الوقت سيادي.

 

أيضا الاستاذ ميشال إده هو نتاج طبيعي ومحترم لثقافة عميقة ولقدرة على الإستيعاب، وهو ابن طبيعي للكنيسة العربية المارونية القديمة.

 

س- لكن السؤال هل تقبل بهم سوريا؟

ج- لا يهمني أتقبل أو لا تقبل! ومن هنا تأتي المغامرة، أنا لو كنت أحد المغامرين، ولكن لست كذلك والحمدلله ، لكن كنت سأغامر بواحد من هؤلاء.

 

على كل حال، أعتقد ان الأمور صعبة لدرجة ، وعلينا ان نتواضع وأن نحفظ الهدنة التي نعيشها ونصون هذه الهدنة ، وأن نرتّب أمورنا التي هي أحسن بانتظار التغييرات الكبرى التي تجري في المنطقة، في كل مكان ، وأي كلام آخر هو كلام دخول بالمجهول.

 

أنا سمعت بالأمس الرئيس بري يتحدث الى أحد الزملاء الصحافيين، وتعهّد أمامه بأنه إذا لم تحصل إنتخابات بالنصف زائد واحد بأنه يضمن عدم حصول إضطرابات أو أي حوادث أمنية، وبالتالي هذه خطوة متقدّمة.

 

س- هذا يعني ان الإنتخابات بالنصف زائد واحد ستؤدي الى إضطرابات؟

ج- المعارضة أعلنت ذلك ولم تخف. لا الجنرال عون أخفى هذا الأمر ولا “حزب الله” أيضا. أنا شخصيا أعتقد انه لن تحدث إنتخابات بالنصف زائد واحد وسيستمر الحوار، والوصول الى نتيجة بحاجة الى مغامرة خطيرة وكبرى من سيدنا البطريرك ومن الرئيس بري ومن النائب سعد الحريري، دون هذا المستوى من القدرة على المغامرة أو الرغبة بالمغامرة لا شيء في المنطقة يشجّع أو يؤمّن او يوصّل الى إنتخابات رئاسة الجمهورية.

 

س- بالعودة الى مؤتمر اسطمبول وإستثناء سوريا من هذا الإجتماع ثم دعوتها هل تعتقد ان هناك مؤشرات حوار أميركي- سوري مباشر؟

ج- رايس إستثنت المعلم من الدعوة في البدء، ولكن عادت ووجهت دعوة في وقت متأخر ، ولكنه لم يوافق على الحضور. لكن هذا لا يعني ان هناك مجال لحوار سوري- أميركي مباشر، أنا لا أعتقد ان هذه بدايات مسألة جدية من هذا النوع ، لأن الأميركيين يعتقدون بأن على السوريين تقديم الكثير من الأمور قبل الوصول الى حوار مباشر.

 

على كل حال، مازال أمامنا فرصة أخيرة غير المغامرة، وهي القمة الفرنسية – الأميركية في السابع من الشهر، إذا إستطاعوا التفاهم على عناوين لبنانية.

 

س- على ترى ان هناك إختلاف بالسياسة المتّبعة من قبل فرنسا وأميركا تجاه الملف اللبناني؟

ج- طبعا، وهناك على كل حال إختلاف بالأسلوب وليس بالسياسة.

 

س- هل تعتقد إنه إذا تمّت إنتخابات بالنصف زائد واحد سيحظى باعتراف عربي ودولي؟

ج- برأيي لا تحدث إنتخابات بالنصف زائد واحد، إلا إذا كانت هناك ضمانات دولية وعربية بالإعتراف بالرئيس المنتّخب ، وإلا ما هي قيمة هذا الرئيس مُختلف عليه في الداخل وفي الخارج؟.

 

س- هل أعنلت السعودية انها لا تريد رئيسا بالنصف زائد واحد؟

ج- أنا لا أملك معلومات لا عن السوريين ولا عن المصريين ولكن برأيي حتى الآن ، حتى هذه اللحظة، لن يعترف أحد برئيس مُنتخب على قاعدة النصف زائد واحد، لا الأميركيين ولا الفرنسيينن وبالتالي لا أرى أمامي سوى المغامرة التي نتحدث عنها، أو الخيار الثاني بأن تبقى حكومة الرئيس السنيورة على ما هي عليه.

 

س- برأيك كيف ستؤثر قمة بوش- ساركوزي على المغامرة التي تحدثت عنها ، خاصة ان الرئيس بري ينتظر إنتهاء هذه القمة؟

ج- أنا سألت الرئيس بري هذا الموضوع ، وكان رأيه انه ربما إستطاع الرئيس الفرنسي أن يعود من هذا اللقاء بموافقة أميركية على إنفتاح أكثر مع السوريين، ومناقشتهم بشكل مفصّل أكثر بمسألة الرئاسة. مثلا لنفترض عندنا أربعة أسماء أعلنهم البطريرك صفير، هل يرحّبوا بهم أو لا؟.

 

س- يعني إعطاء سوريا حق الفيتو؟

ج- أنا أقول يرحّبوا أو لا يرحّبوا، وأنا قلت إذا أردنا ان نغامر يجب الإستمرار بالمغامرة حتى النهاية سواء قبِل السوريين أم لم يقبلوا.

 

وعلى كل حال، الرئيس بري قال انه قدّم مبادرته دون الرجعة حتى لحلفائه ليس فقط للسوريين، ونائب الرئيس الشرع صرّح في وقتها ان سوريا لا علم لها بهذه المبادرة.

 

س- هل لمست من الرئيس بري إستعداده للمغامرة؟

ج- أنا لم ألمس منه هذا الشيء مباشرة، ولكن حسب معرفتي بالرئيس بري أعتقد انه لن يتردد لا هو ولا النائب سعد الحريري، هذا إذا البطريرك قدّم أسماء مرشحين ، وحتى الاستاذ وليد قال لي منذ يومين إذا سمّى البطريرك لا يمكن إلا أن نقول على راسنا.

 

س- برأيك ماذا أنتج لقاء النائب سعد الحريري والعماد عون؟

ج- أنا متأكد وبدون أن أسمع منهما ، إنه تمت في اللقاء مناقشة ورقة التفاهم مع الحزب نقطة نقطة، وناقشوا علاقاتهم نقطة نقطة، والعلاقات مع سوريا والسلاح الفلسطيني والعلاقات الدبلوماسية والخيارات الدولية، باستثناء نقطة واحدة لم يناقشاها هي تسميّة الرئيس.

 

أنا أعتقد ان العماد عون، إدّعي ان العماد عون تصّرف بشيء من منطق إنه لا بد من عمل سياسي إيجابي يوقف نسبة الهجرة من البلد. وكان الواضح على العماد عون إنه لديه قلق جدي من إرتفاع نسبة الهجرة وخاصة المسيحيين. وسأل العماد عون ما هي الإعتراضات على تسميته رئيسا، وأنا لا أعرف بماذا أجابه النائب الحريري. ولكن أعرف ان الجنرال عون تصّرف أيضا بمسؤولية الرغبة في استمرار الحوار، وإعتبر ان إكمال الحوار بينه وبين النائب الحريري مُتاح ، وإن إكمال الحوار بينه وبين النائب الحريري و”حزب الله” هو الجزء الأكبر الذي يؤدي الى حصول الإنتخابات.

 

س- برأيك هل سيؤدي حوار الحريري- عون الى حوار الحريري- “حزب الله”؟

ج- ما الذي يمنع ذلك، وما المانع من حصول إجتماع ؟ مع ان الرئيس بري مكلّف ومفّوض ولكن هذا لا يمنع حصول إجتماع. وأعتقد ان النائب الحريري قال “الحوار قرار وليس خيارا”، وبالتالي من إجتمع بالعماد عون يجب أن يسعى للإجتماع مع غيره.

 

س- هل يتجاوب “حزب الله” مع هكذا حوار؟

ج- لا أعتقد انه يستطيع أن يرفض ولا مصلحة له بعدم التجاوب ، إلا إذا كان الحزب يريد حصر هذه المسألة بالرئيس بري.

 

س- البعض يرى ان الأصعب من موضوع الإنتخابات الرئاسية سيكون تشكيل الحكومة، بالتالي هل هناك إتفاق مُسبّق على موضوع الحكومة ومن يترأسها الرئيس السنيورة أم النائب سعد الحريري؟

ج- هناك مثل إنكليزي يقول “عندما نصل الى الجسر نعبره” وبالتالي عندما نصل الى جسر تشكيل الحكومة نعبره، وبالتالي لا يجب ان نفترض سلفا بإجراء إتفاقات مُسبّقة على كل الأمور، أعتقد انه لا قدرة لنا على ذلك.

 

ففي موضوع الحكومة ومن يترأسها، أعتقد ان القرار هو للنائب سعد الحريري، فإذا أراد أن تكون له فستكون له، أما إذا لم يكن يريد فالرئيس السنيورة يترأس هذه الحكومة. أما في موضوع تشكيل الحكومة ، فأعتقد ان الرئيس بري وضع في حواره مع النائب الحريري قواعد مبكّرة لهذا الموضوع، وألغى فكرة الثلث المعطّل. وقال “رئيس الجمهورية بحصته يلغي إحتمال حصول المعارضة على تلث معطّل”.

 

س- إعتبر البطريرك صفير في عظة الأحد اليوم، ان سير المجتمع يقتضي التقيد بنصوص الدستور وخصوصا في ما يتعلق بانتخاب رئيس جمهورية، وهو عمل يجب أن لا يتفرّد به فريق دون آخر أو أن يتخلف عنه جماعة دون جماعة؟

ج- الواضح انه لا يمكن أن يكون البطريرك بعيدا عن المنطّق الذي يقول، انه لا يجوز إنتخاب رئيس دون موافقة الغالبية العظمى من اللبنانيين ومن ممثليهم في مجلس النواب.

 

س- إذا لم تحصل الإنتخابات تقول تبقى حكومة الرئيس السنيورة؟

ج- يبقى الواقع على ما هو عليه مهما كان إسمه هو حكومة الرئيس السنيورة.

 

س- ولكن الرئيس بري والرئيس لحود وكل حلفاء المعارضة لا يعترفون بدستورية وشرعية السنيورة، ويقول الرئيس لحود “إنه سيبقى” هل تعتقد انه سيبقى في بعبدا بحجة الفراغ الرئاسي؟

ج- لا أعتقد ذلك، وبرأيي هذه من الإنفجارات الكلامية التي نسمعها، وأعتقد انه سيغادر في 24 تشرين.

 

س- ماذا هن حكومة ثانية؟

ج- أمر مُستبعد، وبالتأكيد هناك قوى جدية في المعارضة لن تشارك في مثل هذه الحكومة.

 

س- هل ستسلّم المعارضة ببقاء حكومة السنيورة؟

ج- أعتقد ان المعارضة ستسلّم بضرورة إستمرار الحوار للوصول الى نتيجة في مسالة الرسالة وإعتبار الوضع على ما هو عليه.

 

س- ألا تعتقد انه قد تحصل ردات فعل في الشارع؟

ج- إذا حصل شيء سيكون محدودا لأن بقاء الحكومة واستلامها للأمور، يساعد أكثر بكثير على بقاء الجيش على تماسكه ودوره، وأن تبقى قوى الأمن على تماسكها ودورها، وأن تبقى الأمور على ما هي عليه : الإدارات السيادية، وزارة الخارجية ، السياسة الخارجية، السياسة النقدية ، السياسة الأمنية وإلا ما هو الخيار الثاني؟.

أنا أعتقد انه لا مصلحة لأحد في أي خيار آخر، لأن أي خيار هو فوضى مطلقة، ولا أعتقد ان البطريرك يريد فوضى ولا الرئيس بري ولا النائب الحريري ، أنا أتحدث عن ثلاثي الحوار. ربما هناك جهات أخرى لا ترغب بالإستقرار ، فهذا موضوع آخر، وبالتأكيد سيستمر السوريين بالقيام بأعمال تقوّض من سلطة الحكومة، لا يجب الإفتراض ولا لحظة ان النظام السوري سيسهّل الحياة السياسية في لبنان بشكلها السائر حاليا، هذا لن يحدث، السؤال كيف نواجه هذا الأمر؟ هذا ما يدفعني الى القول ان المغامرة مهما كانت نتائجها هي أقل سؤا من الأمر الواقع يبقى على ما هو عليه.

 

س- ما هو الخطر الإقليمي الداهم الذي ممكن أن يشكّل أكبر خطر على الوضع اللبناني؟

ج- الخطر الإسرائيلي أكيد. هناك إحتمال كبير أن يقوم الإسرائيلي بعمليات عسكرية كبيرة على سوريا، تحت حجة قطع الإمداد الإيراني عن المنطقة، وهناك الكثير من الكلام الأميركي عن هذا الأمر وبأن القرار مُتخذ ، ولكن الخلاف على التوقيت فقط، وليس على مبدأ الضربة سواء بالموضوع الإيراني او السوري الذي طرأ من جديد وذلك بضربات تحذيرية كبرى لا تهدّد ما يسمّى بمصير النظام، لكي لا تطرح مسألة إستبدال هذا النظام بالإسلام والتطرف والأصولية.

 

لكن كل هذه الوقائع تشجّع أكثر وأكثر على المغامرة ، وأول من يجب أن يغامر ويحرج الجميع هو سيدنا البطريرك.

 

س- قبل 12 تشرين الثاني أو بعد؟

ج- هذا خياره هو متى يتخذه قبل 12 أو بعد 12 هذا خياره.

 

س- برأيك إذا لم يحصل شيء قبل 12 هل سيدعو الرئيس بري الى جلسة جديدة؟

ج- لا خيار أمامه سوى تأجيل الجلسة والدعوى الى جلسة ثانية وثالثة وجلسة رابعة. هذه مسؤولية وطنية كبرى ومغامرة سيدنا البطريرك تحرج الجميع وتضعهم أمام مسؤولياتهم، إذا كانت المغامرة مدروسة ومحسوبة وتأخذ بعين الإعتبار كل الظروف المحيطة ، وتسمية أشخاص مقبولين معقولين، لأن المعلنين من المرشحين معروف رأي الناس بهم، هؤلاء ليسوا وفاقيين، أيا كان رأيك الشخصي أو الصلة السياسية ، أيا كان تقييمك حتى السياسي أو الإحترام أو المعرفة أو العلم، هذا كله متوفر فيهم، ولكن لا يتوفر فيهم صفة الوفاق.