“نهاركم سعيد” – المحكمة الدولية ستولد حتماً

مقابلات تلفزيونية 26 أكتوبر 2006 0

س- عناوين الصحف اليوم، تركز على المبادرة التي طرحها الرئيس نبيه بري، كيف تصف هذه المبادرة؟

ج- هذه مبادرة ضرورية، وأرى ان هناك مبالغة في رد الفعل عليها، لكننا لا نرى ونسمع إلا الكلام الأخير الذي قيل، وننسى ان الرئيس نبيه بري كان في السعودية، منذ فترة قريبة، وقابل العاهل السعودي وتشاور معه في النقاط التي يعتقد انها مفيدة لتهدئة الوضع اللبناني، ووجد ان العلاقات السورية- السعودية متوترة، ولا قدرة على التعامل معها بطريقة إيجابية، على الاقل، في الوقت الراهن، ووجد ان العلاقات بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” عبر الامين العام والشيخ سعد أيضا متوترة ومؤجلة، وليست خاضعة لإجراءات تفضي الى لقاء قريب للتباحث في تهدئة الوضع، فكان أمامه خيار واحد وهو الدعوة للتشاور .

س- بالاضافة الى انه وصلت للرئيس بري معلومات دقيقة، حول إستعدادات للقيام بتظاهرات في الشارع؟

ج- بصرف النظر عن إمكانية إستعمال الشارع ، والشارع المضاد، ما هو خيار هذه المجموعة السياسية اللبنانية التي لحسن حظنا أو لسوئه سلمناهم مقاليد أمورنا، خيارهم هو الجلوس على الطاولة للتشاور، ولا ارى أي شيء معيب في هذا الموضوع، يدعو الى توسيع جدول أعمال التشاور.

أحترم الطريقة التي عبّر فيها الرئيس السنيورة عن إقتراحه بتوسيع جدول الأعمال ، ولكن لمن يتم تبليغ توسيع جدول الأعمال ، هل لنا نحن المواطنون لكي نوافق أو لا نوافق، أم لنعترض أو لا نعترض، يعجبنا أو لا يعجبنا، هذا غير صحيح، وكل واحد منهم يقوم بتعبئة جمهوره، وبالتالي يستطيع أيا كان من هؤلاء السياسيين، ان يدخل الى الجلسة ويطرح الموضوع الذي يريده، وكل هذه طروحات لا يُقصد منها تسهيل الحوار والوصول الى نتيجة.

لو كان الرئيس بري يعرف انه بالإمكان الوصول الى نتيجة الآن، في السياسة الدفاعية في ظل الوضع المتوتر في كل المنطقة ، باعتقادي كان سيطرح هذا الأمر على التشاور أو على طاولة الحوار.

س- نقل زوار الرئيس بري عنه قوله، ان عدم التوافق على قيام حكومة وحدة وطنية، لا يعني الموافقة على رحيل حكومة الرئيس السنيورة ، وان التوافق على قانون الإنتخاب، لا يعني وقوفه الى جانب إجراء إنتخابات نيابية، وذلك لطمأنة الاكثرية؟

ج- لماذا؟ هل الأكثرية بحاجة لطمأنة؟.

س- بسبب جدول الأعمال الذي طرحه الرئيس بري للتشاور، وهو تأليف حكومة وحدة وطنية واقرار قانون إنتخاب؟

ج- بإمكانهم المشاركة في التشاور أو الحوار، ومن خلال التوازن السياسي القائم، يستطيعون طرح كل الأمور بصورة طبيعية، وبالتالي من يستطيع أن يفرض عليهم إنتخابات مبكرة، او حكومة وحدة وطنية أو قانون إنتخابات لا يوافقون عليه.

يتحدثون عن الثلث المعطّل دائما، وأنا أسأل ما هو الموضوع الذي صوتت عليه الحكومة منذ تأليفها حتى الآن سوى موضوع واحد، حصل يوم إستشهاد جبران تويني، وهو مسألة المحكمة الدولية، وبالتالي هذه الحكومة لم تتخذ أي قرار حتى الآن، غيّر بشكل من أشكال التوافق والذي فيه مبالغة مهينة، مثلا في ما خص مراسيم التشكيلات الدبلوماسية، تبيّن بكل الأدبيات السياسية للأكثرية العظيمة ، انه اصبح الآن لدينا سياسة خارجية مستقلة، أنا أسأل مستقلة عن مَن وعن ماذا ؟ نحن نعرف ان كل الأمور تسير بالمحاصصة ولو لم تحصل المحاصصة لما حصلت التشكيلات الدبلوماسية.

ما هذه المبالغة بالقول ان هناك سياسة خارجية مستقلة ، وهل كانت السياسة الخارجية محثلة وأصبحت الآن مستقلة.

أنا أسأل مستقلة عن مَن؟ هل عن الرئيس السنيورة؟ غير صحيح، هل عن الشيخ سعد؟ غير صحيح، هل عن الرئيس لحود؟ غير صحيح، أو مستقلة عن وليد بك؟ غير صحيح، أو عن الرئيس بري؟ غير صحيح.

س- ربما مستقلة عن سوريا؟

ج- أنا أقول انه بمجرد خروج سوريا إنتهت مرحلة الوصاية ، وهل كان السفراء اللبنانيون في الخارج متخصصين بالسياسة السورية؟.

س- لكن هذه أول تشكيلات دون ان تكون سوريا موجودة؟

ج- هل كان السفراء في الخارج متخصصين بخدمة السياسة السورية في الخارج؟ أم كانوا متخصصين بتلبية رغبات وزرائهم الذين هم على علاقة مع سوريا؟.

أنا أعرف عددا من السفراء وهؤلاء محترمون جدا، وكانوا ينفّذون التعليمات التي تصلهم رغما عن رغبتهم ورغما عن أنفهم.

إذاً هناك مبالغات، وهناك ما هو مهين للعقل بتكبير الأشياء ونفخها، وبالتالي يكفي الضحك على عقول الناس، فلو راجعنا الأمور بهدوء أو بتوتّر، نجد ان كل واحد من هؤلاء يتخذ من طائفته ملعبا يسجّل فيه أهدافه ، فنسمع هذا يقول “الشارع بالشارع والبادي أظلم”، ونسمع الثاني يقول “انهم يريدوننا ان نرجع ماسحي أحذية ونحن لا نقبل”. وآخر يخاطب المسيحيين من باب مجلس الوزراء بمطالبهم، وكأنه ليس وزيرا أو انه لا يستطيع ان يتحدث مع وزير التربية والتعليم العالي بمسألة الجامعة، ولا مع وزير المهجرين بقصة المهجرين، ونراه يوجه كلامه للناس في الخارج وليس للمعنيين بالمشكلة.

أيضا، هناك من يقول انه يريد تغيير الطائف، وهل من السهل تغيير الطائف؟ هذا الإتفاق الذي كان نتيجة قمة عربية وإتفاق دولي كبير، ونتيجة حرب طويلة ، إنما هو يقول ذلك لكي يعبئ جمهوره ويُصفق له.

س- أي دور ترى يلعبه الرئيس بري؟

ج- أنا ضعيف تجاه الرئيس بري، وأعتقد انه يحاول كتابة تاريخه من جديد، وبالتالي هو يلعب دورا فيه مصلحة كبيرة للبنانيين وللبنان، وهو يمارس هذا الدور بدرجة عالية من المسؤولية ومن الدقة، وباعتقادي من يعرف الرئيس بري من 20 سنة ، لا يمكن أن يصدّق انه هو نفس الشخص الذي يقوم بهذا الدور الآن. لذلك أنا أعتقد ان لديه فرصة لإعادة كتابة تاريخه الشخصي من جديد، وبطريقة لائقة ومحترمة ووطنية، تحظى بإجماع عربي ودولي وبشبه إجماع محلي، لذلك أنا أستغرب ردود الفعل المتسرعة حيث صدرت الأصوات ، تقبل أو لا تقبل، وهذه حكومة 8 آذار لا نقبل أن نناقشها ، لماذا لا يقبلون مناقشتها، هم مُلزمون بحكم النظام الديموقراطي مناقشتها.

س- هناك بعض التصريحات التي تثير أو تستفز الطرف الآخر، أو حفيظة الطرف الآخر، مثلا عندما يقول النائب عباس هاشم ،ان ما طرحه الرئيس بري هو ما نطالب له، وقد طرحه العماد عون في 15 تشرين، هذا يدفع الطرف الآخر الى الخشية والإعتقاد، ان الرئيس بري ينفذ أجندة المعارضة؟

ج- هم يقولون ان طرح حكومة الوحدة الوطنية هو مطلب قوى 8 آذار، ما المشكلة في ذلك؟ طالما ان حكومة الوحدة الوطنية تفترض الوفاق بين الأطراف ، فلماذا الخشية سلفا ؟ ولماذا لا يناقشون الموضوع؟ ولا مانع إذا إختلفوا أو إتفقوا. الرئيس بري قال تفضلوا نتشاور ونتناقش، فلماذا يعتبرون ان النقاش هو قرار أو مؤامرة أو فخ؟.

س- للوهلة الأولى يُطرح التساؤل أو السؤال: ما الفرق بين التشاور والحوار، ولماذا طرح الرئيس بري الذهاب الى طاولة تشاور وليس طاولة حوار؟

ج- لأن الحوار مُلزم أكثر من التشاور، بمعنى انه في الحوار، إتخذت قرارات مع إنها لم تنفّذ، ولكنها مُلزمة لأنها كانت بالإجماع ولم يتحفظ أحد عليها.

ببساطة وحسب رأيي وهذه ليست معلومات، الرئيس بري يلاحظ كما يلاحظ الجميع، ان موضوع المحكمة الدولية هو موضوع نزاع حقيقي، وان له مؤشرات بدأت تظهر سواء في بناية العسيلي، ضرب ثكنات قوى الأمن الداخلي، متفجرة صوتية على باب سكن السفير السعودي، وكل هذا حصل خلال إسبوع . فمن موقع المسؤولية لا يريد الرئيس بري الدعوة الى وفاق وطني، حول المحكمة الدولية بالإجماع على طاولة الحوار، ولكن لا شيء يمنع من العودة لمناقشة المسودّة على طاولة الحوار، بدلا من مناقشتها في مجلس الوزراء ، والتسبب بمشاكل لا يريد أن يدخل فيها، وبالتالي هو مضطر إلتزام سياسة حليفه “حزب الله” في مجلس الوزراء.

س- لكن لوحظ ان الدعوة للتشاور تمت، في نفس الوقت الذي وزعت فيه مسودّة المحكمة الدولية؟

ج- للحقيقة ان قرار الدعوة للتشاور، هو قرار سابق إتخذه الرئيس بري وليس مستجدا.

س- هل تعتقد انه لم يتشاور في هذا الأمر مع أحد؟

ج- أنا متأكد من الأطراف الذين تواصلت معهم بالأمس، بأنهم لم يكونوا في هذا الجو ومنهم الرئيس السنيورة والشيخ سعد.

إحساسي ان الرئيس بري أراد عبر هذا الأمر، تجنيب البلد أي حوار سلبي أو حاد مُعلن، حول مسألة المحكمة الدولية، ويريد إنهاء هذه المسألة، بأكبر قدر ممكن من التوافق الوطني.

س- هل تعتبر ان هذه وسيلة ناجحة؟

ج- أكيد، وإلا ما هي الوسيلة الأخرى؟ وانا لا أرى مانعا من أن يجلسوا ويتحاوروا حول هذه المسوّدة، فإذا حصل وفاق كان به، وإن لم يحصل فالمحكمة الدولية ستُنشأ ، وأي كلام آخر هو تضييع وقت، لأن المحكمة الدولية ناجمة عن قرار لنفس المجموعة المسماة مجلس الأمن الدولي، السلطة الأعلى في العالم، التي أصدرت القرار 1701 بنشر قوات دولية متعددة الجنسيات، من أحسن الدول في اوروبا الغربية في جنوب لبنان، وبالتالي قرار المحكمة مشابه للقرار 1701 ولهما نفس المصدر ونفس جهة القرار.

س- لكن ألا ترى ان تنفيذ القرارات متعثر، بدءا من القرار 1559 الذي لم ينفذ ولا اي بند من بنوده، والقرار 1701 يشهد خروقات يومية ، وهناك تهديدات بسحب القوات الدولية؟

ج- لازلنا في البدايات، ومازلنا كمن يتناول الدواء لمعالجة مرض خطير، وهذا الدواء بدأ تأثيره تدريجيا وليس دفعة واحدة.

أولا، يجب أن نعترف اننا موجودون في منطقة زلازل سياسية، قبل المطالبة بالإستقرار والإسترخاء والإزدهار. وبناءا عليه نرى مدى إرتدادات هذه الزلازل ، هل هي بنسبة نسطيع تحمّلها، أم بنسبة أكبر أو هي بنسبة معينة يتوجب تخفيف أضرارها؟ وهذه المسألة لم يُتفق عليها بعد بين اللبنانيين.

بالعودة الى التحفظات عند بعض الأطراف كما تقولين، سأعطيك مثلا: في واشنطن وبسبب موضوع العراق، إضطر الرئيس بوش الى تعيين لجنة بحث برئاسة جيمس بيكر ، وهذه اللجنة طرحت أفكارا، بأنه لا بد على الولايات المتحدة من التفاوض مع سوريا وإيران، بشأن مسألة العراق وربما لبنان. إذاً أميركا تفكر بالتفاوض مع سوريا، أما نحن ماذا نفعل؟ أنا أسأل لماذا يريد رئيس الحكومة اللبنانية الذهاب، الى السعودية ومصر والأردن، ولا يذهب الى دمشق وطهران؟.

س- أنا أسألك لماذا؟

ج- أنا لا أملك تفسيرا لذلك، برأيي ان مهمة رئيس الحكومة اللبنانية التفاوض، مع كل الناس لتخفيف الضرر.

س- لقد حاول في السابق لكنه فشل؟

ج- لا بأس من المحاولة من جديد.

س- ولكن عندما يُصاب رئيس الحكومة بكرامته كيف تريده أن يتصرف؟

ج- نحن أيضا لم نقصّر بحق السوريين، كما انهم لم يقصّروا بحقنا، ولكن من الأشطر؟ أكيد نحن الأشطر، مع ان الرئيس الاسد بالغ في الكلام الذي طاول الرئيس السنيورة، ولكن هناك واقعية. يوجد في السياسة شيء إسمه واقعية سياسية.

س- هل يستطيع الرئيس السنيورة الذهاب الى دمشق، اذا كانت العلاقات السعودية- السورية متوترة والمصرية – السورية متوترة؟

ج- طبعا يستطيع ذلك، وهو الوحيد الذي يجب أن يقوم بذلك، أنا أقول وأكرر المحكمة الدولية ستنشأ .. ستنشأ..

س- عندما تقول المحكمة الدولية ستنشأ ، هل سوريا على إستعداد لاستقبال الرئيس السنيورة؟

ج- لقد تلقى الرئيس السنيورة ثلاث دعوات من ثلاث رؤساء ومسؤولين عرب زاروا سوريا، ثم جاءوا الى لبنان ، ونقلوا اليه هذه الدعوات ، فما المانع من أن يذهب الى دمشق، وأن يذهب حتى الى طهران؟ لبنان دولة صغيرة رغم أهميته وإشعاعه وقدرته على التأثير على غيره ، ولكن لبنان لا يستطيع ان يتحمل سياسة محاور ، بمعنى انه مع وضد، موافق ورافض في العالم العربي، أو في السياسة الدولية ، فكل تاريخ لبنان قائم على ان التحالفات تسببت له حروبا داخلية، ويكفي ان نتذكر ما حدث عام 1957.

لو بالغنا أكثر من ذلك، وإفترضنا ان المحكمة الدولية موجودة، وهناك مسؤول سوري يُحاكم أو يُحقَق معه بشكل قريب، لكن في نفس الوقت ، يجب أن تكون العلاقة اللبنانية- السورية مستمرة، نحن لا نستطيع تحمُّل مسألة المشاركة في عزل سوريا ولا مصلحة لنا، ولا نوافق على عزل سوريا لنا.

س- لكن هناك بعض اللبنانيين، لطالما كانوا يسيرون في محور معيّن ، هل يستطيعون الإنفصال عن هذا المحور؟

ج- أنا أتحدث عن الحكومة اللبنانية التي تمثل الدولة اللبنانية ، أما القوى السياسية التي خارج الحكومة حتى لو كانت ممثلة في الحكومة، هي حرة في ان تقول رأيها بالأمور، ولكن مهمة الحكومة اللبنانية الحوار ومحاولة التقدّم ، ومهمتها حين تفشل ان تحاول من جديد.

س- ألا ترى ان هذه الحكومة تمد يدها للحوار، والرئيس السنيورة يقوم باتصالات ولو كانت غير مباشرة مع الأطراف اللبنانية، فلماذا تُهاجم هذه الحكومة بهذه الطريقة؟ ولماذا تقول المعارضة انها لم تعد تتحمل وجود هذه الحكومة؟

ج- كل واحد يتخذ من طائفته ملعبا ليسدد الكرة منها، فكيف لا تتحمل ووزراء المعارضة موجودون داخل الحكومة؟ أليس لـ”حزب الله” وزراء في الحكومة ومسؤولون عن سياسة الحكومة في الكثير من المجالات؟ هذه المجموعة السياسية باعتقادها ان حجمها وتمثيلها الشعبي وقدرتها على تعبئة الشارع وتحريكه، يسمح لها بالحصول على ثلث معطّل داخل مجلس الوزراء.

س- نقل زوار الرئيس بري عنه قوله، بإمكانية حصول تعديل وزاري بتوسيع الحكومة لكي تصبح ثلاثينية بإضافة ستة وزراء ، ما رأيك بذلك؟

ج- أنا أعتقد أن الرئيس بري يريد تقديم عرض بنده الرئيسي، ألا تكون المحكمة الدولية مثار أي خلاف، بين القوى السياسية الرئيسية في البلد ، وبعد ذلك يفاوض على ما تبقى.

س- ولكن على أي أساس يقدم هذا العرض ؟

ج- كم مرة قال جماعة “حزب الله ” أنهم يريدون تغيير الحكومة ؟ مئة مرة أو أكثر؟ أنا برأيي هذا الأمر غير جدي ، مسألة تغيير الحكومة عند ” حزب الله ” غير مطروحة وذلك بسبب البيان الوزاري الحالي، الذي لا يمكن تكراره في أي حكومة مقبلة ، أي حق المقاومة بالتحرير ، وبالتالي ” حزب الله ” يريد توسيع الحكومة وليس تغييرها، مع الإبقاء على البيان الوزاري ، وأنا ناقشت هذا الموضوع مع مسؤولين في ” حزب الله ” .

س- كيف تتصوّر أن هذا العرض من الرئيس بري ممكن أن يجد طريقه؟

ج- من المبكر بعد أن نتصوّر ذلك.

س- لكن الرئيس بري أعطى مهلة 15 يوماً للتشاور؟

ج- ما المشكلة في ذلك 15 أو 20 أو 25 يوم ، يمكن تمديد هذه المهلة ، لماذا العجلة؟.

س- هل تعتقد أن الرئيس بري يتعمد بطرح مهلة الـ15 يوماً حشر الجميع ؟

ج- الأمر لا يحتاج الى هذا الحشر، لأنه لا يمكن لفترة النقاش أن تكون مفتوحة، صحيح أن فترة الحوار مفتوحة لأن مقرراتها مُلزمة، ولكن فترة النقاش يجب أن تكون محددة لهدف محدّد وبسيط.

س- ماذا إذا فشل هذا التشاور بدءا في الوصول إلى حكومة وحدة وطنية، وصولاً إلى قانون الإنتخاب الذي سيكون مثار جدل كبير؟

ج- هل سمعت في حياتكِ أن أي قانون إنتخاب في العالم، لم يأخذ طابع الجدل العنيف والصراعات السياسية، هذا أمر طبيعي .

أما مسألة الحكومة، فهي موضوع آخر يتعلق بالقاعدة التي يراد توسيع الحكومة على أساسها، أو الإضافة على أساس هذه القاعدة، أو التغيير على أساسها، هل هي قاعدة عدد النواب، أو قاعدة التمثيل الشعبي المفترض لهذه القوى .

س- ماذا لو فشل هذا التشاور، هل يؤدي ذلك بالعودة إلى الشارع ؟

ج- أنا أقول أن الشارع مسؤولية كل الناس، والشارع يصيب كل الناس، وبالتالي لا يوجد جمهور لا يتضرر من نزوله إلى الشارع، ولا أعتقد أن قرار الشارع قرار مؤجل، لأنه إذا أُستعمل في وقت من الأوقات، سيعبّر عن حالة إنقلابية وليس عن حالة ديموقراطية، فهناك فرق بين أن تنزل إلى الشارع بشكل سلمي، وتطالب بتعديلات سياسية أو بحقوق إجتماعية أو بتعديلات ضرائبية ، وبين ان تنزل إلى الشارع في ظروف من هذا النوع القائم الآن في بلد مثل لبنان، بدون أن يكون هناك حالة إنقلابية.

س- كتب نبيل هيثم في السفير اليوم، نقلاً عن مصادر واسعة الإطلاع، أن إجتماعات لقوى معارضة قررت القيام بتحركات على الأرض تقضي الى إقفال البلد بكل مرافقه، بهدف الإطاحة بالحكومة، إلا إذا أقر الفريق الحاكم بالثلث المعطّل وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإذا لم نصل الى حكومة وحدة فنحن ذاهبون الى فراغ رئاسي؟

ج- على من يريدون إقفال البلد؟ هل على الأكثرية أم على البلد، إقفال البلد سيطال البلد وكل المواطنين ، وهذا منطق لا يجوز، لأن هذا الإقفال سيطال كل اللبنانيين، وليس الأكثرية فقط. 

أما بالنسبة للفراغ الرئاسي ، هل يطال أيضا الأكثرية أم يطال كل اللبنانيين، هذا كلام غير واقعي.

س- تساءلت قوى الأكثرية لماذا لم يدرج الرئيس بري موضوع رئاسة الجمهورية في التشاور؟

ج هذا الموضوع غير مطروح وغير جدي ومؤجل، حتى آخر لحظة من ولاية الرئيس لحود، وبالتالي يجب التوقف عن التحدث عن هذا الموضوع، لأن الكلام الآن لا يفيد.

س- لمن القرار في هذا الموضوع؟

ج- القرار لكل القوى المعنية في إبقاء الرئيس لحود في قصر بعبدا ، وهي قوى حتى الآن قادرة على القيام بهذا العمل.

س- أيهما أسهل تغيير الحكومة أم رئيس الجمهورية؟

ج- طبعا تغيير الحكومة أمر طبيعي أكثر ، ولكنه ليس مطروحا ، اقسم بالله العظيم ان كل الكلام عن تغيير الحكومة كذب.. كذب..كذب.

س- يعني هل تعتبر ان أقصى ما سيتوصل اليه التشاور، التوافق على موضوع المحكمة الدولية؟

ج- هذه نقطة أولية، وممكن لاحقا التوافق على توسيع الحكومة، لأن تغيير الحكومة أمر آخر، وبالتالي الأقرب الى الواقع هو توسيع الحكومة بحسب تطورات معينة.

على كل حال، نحن موجودون في منطقة سياسية معقّدة ، لذلك يجب التروي والهدوء.

س- مثلما قال وليد جنبلاط؟

ج- أنا دائما أحب أن أقول مثل ولبد بك، عندما يكون “رايقا”.

س- كيف تراه اليوم؟

ج- أعتقد ان لدى وليد بك تصورا واضحا في ذهنه، يدفعه لأن يكون هادئا.

س- هذا التصوّر نتيجة معطيات جديدة؟

ج- أنا لم أقابله ولكن أتصوّر ذلك، وشبه متأكد ان لديه معطيات .

س- هو هادىء ولكن ليس مطمئنا؟

ج- طبعا، لأ احد يستطيع أن يقول انه مطمئن. هناك وقت صعب يجب تمريره بشكل أو بآخر، وهناك تطورات كبيرة في المنطقة لدرجة أننا لم نعد ننتبه الى مدى تأثيرها علينا. مثلا سوريا اليوم تعيش ربما للمرة الأولى في تاريخها عزلة عربية كاملة، وهذه الحالة ليست طبيعية . هل يعقل أن تكون سوريا في عزلة عربية؟ هذا أمر كبير جدا، وهذا أمر يطال لبنان وكل المنطقة التي لها علاقات سياسية مع سوريا، سواء الأردن أم لبنان، بصرف النظر عمن أصدر قرار العزل، أو من تسبب بهذا العزل، الذي بدا واضحا في خطاب الرئيس الأسد الأخير انه أساء للعلاقات السورية – السعودية، والسورية- المصرية.

س- ماذا يمكن أن يفك هذه العزلة عن سوريا، كيف يمكن أن تتحسن العلاقات السورية- السعودية؟

ج- أعتقد ان هذا قرار سوري، والعاهل السعودي عبّر أمام عدد من الضيوف اللبنانيين عن ألمه من هذه المسألة، وهو موجوع أكثر مما هو منزعج، لأنه يعتبر ان العلاقة بينه وبين هذا البيت عمرها 35 أو 37 سنة، وقد فوجىء كثيرا بالكلام الذي صدر عن الرئيس بشار الأسد.

س- ما هي مصلحة سوريا من معاداة السعودية؟

ج- الموضوع ليس موضوع معاداة، ولكن الرئيس الأسد عبّر بطريقة حادة عن رأيه بمجريات الحرب في لبنان وبعدة إتجاهات. تجاه اللبنانيين وما قاله من إتهامات تتعلق بهؤلاء بوصفهم “المنتج الإسرائيلي”. وعبر باتجاه عربي بشكل حاد وكلامه لم يكن محصورا بالسعودية فقط. ولكن الدبلوماسية تفترض ألا يتبنى الرئيس السوري كاملا عن نتائج الحرب اللبنانية بمفهومها السلبي، لا بد أن يكون هناك مجال لتصحيحات في مكان معين أو بسياسة معينة، ولكن بكل الأحوال، أعود وأكرر لبنان يتضرر كثيرا من سياسة الأحلاف ومن الخلافات العربية.

س- لوحظ انه في جو العلاقات المقطوعة الآن بين سوريا والسعودية ، إستقبل الملك عبد الله السيد عبدالحليم خدام وقيل، انه قد يستقبل رفعت الأسد؟

ج- الملك عبدالله يستقبل رفعت الأسد دائما، وهذا أمر طبيعي لأن هناك صلة قرابة لا أعرف حقيقتها، أما بالنسبة للسيد خدام فقد قرأت اليوم في جريدة “الأخبار” نفيا سعوديا رسميا بأن يكون الملك قد إستقبله.

وأنا سمعت من مسؤول رسمي سعودي تحدث معي شخصيا، بأن الملك لم يستقبل خدام. وان السعودية لا توافق على الكلام الذي أذاعته محطة مرئية لبنانية للسيد خدام بنداء للشعب السوري.

س- يعني السعودية لن تدعم أي تحرك لإسقاط النظام السوري؟

ج- طبيعة النظام السعودي، ليست مهيأة لتنظيم أو تخطيط أو دعم أفكار من هذا النوع.

س- جاء في عناوين “الديار” – “15 يوما فأما الدخان الأبيض وأما لبنان في الفوضى” هل ترفض الأكثرية الحكومة وينكشف تواطؤها الدولي، ما رأيك بهذا التواطؤ الدولي المتهمة به الأكثرية ، حتى ان “حزب الله” يقول ان الأكثرية تستجلب الإنتداب الأميركي الى لبنان؟

ج- أنا أعتقد ان هذا كلام كبير على الأكثرية وعلى الأقلية، لأنه إذا جمعنا الإثنين معا لا يستيطعون جلب أحد وهذه مسألة أكبر من الجميع. هناك قرار دولي يتعلق بطبيعة النظام العربي – الإسرائيلي قد ينجح أو لا ينجح، هذا أمر آخر، فالبعض يتحدث عن مؤتمر دولي قريب للمنطقة، والبعض يتحدث عن إضعاف “حماس”، والبعض عن نزع سلاح “حزب الله”، والبعض عن حوار مع سوريا وإيران، هناك الكثير من الأفكار مطروحة الآن ولكن لم يتم “جوجلتها”. ولكن هذا الأمر يتعلق بالنزاع العربي- الإسرائيلي وليس بمجموعة لبنانية.

كان الأستاذ حسن الرفاعي يقول “لايوجد شخص صديق لدولة ، إنما الدول أصدقاء مع بعضها البعض، والأشخاص أصدقاء مع بعضهم”.

س- لكن ما من شك ان الولايات المتحدة، إتكلت على مجموعات لبنانية؟

ج- الولايات المتحدة استفادت من رغبة لبنانيين، بالحصول على سيادتهم وإستقلالهم وحريتهم بعد إغتيال الرئيس الحريري.

س- من النقاط التي طالب الرئيس السنيورة بإضافتها الى طاولة التشاور، موضوع حرب تموز ونتائجها، وهذا ما طرحه أيضا الدكتور جعجع وهذه الحرب كانت مثار جدل بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” ما رأيك بذلك؟

ج- لا أعتقد ان هناك ما يمنع من مناقشة حرب تموز ونتائجها والإعتراف بالإنتصار العسكري الذي حققه “حزب الله” في الجنوب وتكاليفه، وكيف إتخذ القرار وبأي ظروف، لا شيء يمنع ذلك، وفي إسرائيل حتى الآن تم تشكيل عشر لجان تحقيق في هذه الحرب. وبالتالي لا مانع من مناقشة هذا الموضوع، ولماذا يمنع النقاش فيه ، ومن يستفيد من عدم النقاش؟.

ولكن هل نستطيع ان ننطلق بالنقاش بأن ما حصل هو هزيمة؟ نستطيع الإنطلاق بأن ما حصل هو إنتصار عسكري، ولا يمكن أن ننكر هذا الإنتصار العسكري الكبير، الذي سجّله كل العالم، ولكن هذا الإنتصار كان بكلفة معينة وبالتالي لا بأس من مناقشة هذا الأمر.

س- لماذا تجنّب الرئيس بري طرح هذا الامر؟

ج- الرئيس بري لم يطرح كل المواضيع الإشتباكية ، هو طرح موضوعين يعتقد ان الإعلان عنهما يسهّل أمور المجتمعين.

س- جاء في معلومات صحيفة “الحياة” اليوم، ان روسيا مازالت تطالب بتعديلات عل قانون المحكمة الدولية، لماذا كل هذه التعديلات؟ ولماذا إسقاط بند الجرائم ضد الإنسانية؟

ج- المحكمة الدولية تابعة للقانون الدولي، وبالتالي هي تحوّلت الى محكمة جنائية دولية وهذه مسألة كافية . أما التعديلات التي أجريت فغير صحيح أنها أتت لإراحة سوريا كما يعتقد الكثير من اللبنانيين، هذه تعديلات لأسباب دولية تتعلق بالدول نفسها التي تناقش على طاولة مجلس الأمن.

لذلك اذا كان هناك تعديل، فهو يتعلق بأي بند أو قراءة، تبرّر إستعمال هذا البند أو هذا السطر بشكل سياسي.

س- برأيك من سيسبق، المحكمة أو تقرير براميرتس الأخير، قبل إنتهاء مهمته؟

ج- المحكمة ستسبق ولن يكون تقرير براميرتس الأخير، مختلف عن تقريره ما قبل الأخير، لأنه مُلتزم بألا يذيع معلومات تسبب له أي إشتباك سياسي مع أي طرف، بانتظار المحكمة التي سيعلن فيها معلوماته أو إداناته أو تأكيداته.

س- هناك مخاوف مطروحة من “حزب الله”، من فرضية توسيع التحقيق لتطال أمورا أخرى، مثل تفجير المارينز وأمور أخرى، ما رأيك بذلك؟

ج- لا يوجد أي نص يتعلق بهذا الموضوع ، والنص الأكثر توسعا هو ما تحدث عن ربط الجرائم الـ 14.

س- بالأمس جدّد الرئيس بوش دعمه للرئيس السنيورة، وحمّل إيران وسوريا المسؤولية في ما يحدث؟

ج- كل يوم يعلن الرئيس بوش دعمه للرئيس السنيورة، ويعتبر سوريا مسؤولة عن تقويض حكومة الرئيس السنيورة، أنا متأكد من انه صادق في ذلك ، ولكن لا أعرف كيف سينفّد هذا الأمر. الآن هناك مؤتمر باريس، نتمنى لو انه يستطيع مساعدتنا للحصول على مساعدات.

س- ولكن ربما لن يعقد مؤتمر باريس إذا لم تهدأ الأمور في الداخل؟

ج- مؤتمر باريس سيحصل.

س- هل سيعقد في ظل هذا الجو المتوتر؟

ج- لنتحدث بصراحة، هذه المرة الثالثة التي أحضر فيها الى هذا الأستديو، وفي كل مرة يكون الجو متوترا وكنت أفترض انه سيحدث . واليوم أكرر، المؤتمر سيحدث وسنحصل على مساعدات ولو كانت المظاهرات في الشارع.

لا أعتقد اننا وصلنا الى آخر الدنيا ، مازال ميزان القوى حتى الآن لا يسمح بحالة إنقلابية في البلد، وما دون ذلك كله متاح. كلام وتهويل وغيره ، كل هذا متاح.

برأيي ان أخطر حدث أمني حصل منذ شهر حتى اليوم، هو إلقاء القنبلة الصوتية التي ألقيت مقابل منزل السفير السعودي.

س- لمن هذه الرسالة هل للسعودية؟ أو للرئيس بري حيث منزله في عين التينة؟

ج- الرئيس بري يعرف انها بعيدة جدا عنه ، كانت موضوعة مقابل منزل السفيرتماما، ولا أعتقد انها رسالة للسفير شخصيا، ولكن هذه مسألة رمزية كبرى أن تُرمى في بلد مثل لبنان قنبلة صوتية على باب منزل السفير السعودي، بعد كلام عبدالحليم خدام، عبر الوسيلة المرئية التي أذاع فيها الرسالة الى الشعب السوري ، مع ان خدام لا يستطيع مخاطبة الشعب السوري، وليس له أفضال على الشعب البناني.

وأنا أرى ان هذا الأمر من الأشياء الخطيرة التي حصلت، والتي تستند الى مطلب لا يمكن تحقيقه وهو، تحييد الإعلام اللبناني في موضوع سوريا، والإعتقاد ان السعودية تستطيع ان تلعب دورا في هذا التحييد.

س- في أي إطار تضع الأحداث السابقة التي تعرّضت لها، قوى الأمن وسوليدير وغيرها؟

ج- هذا أصبح مثلثا: سوليدير ، قوى الأمن، السفير السعودي والثلاثة تقريبا تربطهم علاقة بنفس التوجه السياسي، ولكن من الممكن تقبّل ما تعرضت له قوى الأمن والسوليدير، لكن السفير السعودي موضوع خطير، لأن ذلك يتعلق أيضا بالوجود الدبلوماسي في لبنان.

س- أيضا هل وجود اليونيفيل معرّض للخطر؟

ج- حتى الآن لا إنقلابات.

س- هل تعتقد امكانية عودة الوضع في الجنوب الى الوراء؟

ج- صعب جدا عودة الوضع الى الوراء ، الظروف اليوم لا تشبه ظروف عام 1983، الوضع مختلف اليوم تماما عن تلك الفترة، وكل من يفكر بالعودة الى الوراء يتذكر انه في عام 1983 كان هناك نيوجرسي وقوات اميركية وقوات بريطانية وقوات إيطالية، تم قصفهم وإخراجهم بطريقة مهينة، ولكن اليوم طبيعة الأمور مختلفة ، طبيعة النظام السوري إختلفت وإدارة الرئيس حافظ الأسد لهذه المسألة كانت مختلفة تماما، وطبيعة التحالفات اللبنانية في هذا الإتجاه مختلفة، وكانت حينها الحركة الوطنية موجودة ووليد جنبلاط الذي مازال موجودا ، ولكن ليس في هذا التوجه، وكان هناك قوات فلسطينية كبيرة، وبالتالي الظروف مختلفة اليوم، وكذلك القرار 1701 اتخذ بموافقة سوريا و”حزب الله” وباعتقادي أي تعرّض للقرار 1701 هو بمثابة عملية إنقلابية، وأنا لا أعتقد ان هناك رغبة او قدرة لأي كان، على القيام بعملية إنقلابية.