” نهاركم سعيد” – الإطاحة بحكومة سعد الحريري: إيران تنقلب على الحل العربي في لبنان

مقابلات تلفزيونية 23 يناير 2011 0

س- ماذا سيحصل خلال الساعات القادمة؟ وهل يمكن أن تتأجل الإستشارات مرة جديدة؟

ج- أولاً لن يحصل إلا كل خير، وهناك أكثر من مسعى لتأجيل الإستشارات، وهي مساعٍ جدية لا يمكن الحسم فيها، ولكن عندي إحساس ان هذه المساعي ستنجح في تأجيل الإستشارات.

س- من هذا الذي يسعى خاصة وأننا قرأنا ان أمير قطر اتصل برئيس الجمهورية وتمنى عليه تأجيل الإستشارات؟

ج- أكثر من جهة تسعى، أمين عام الرئاسة الفرنسية كلود غيان كان موجوداً بالأمس في دمشق، وأيضاً هناك أكثر من جهة معنية بهذا الأمر، منهم سمو أمير قطر وغيره من المسؤولين الذين يرون ان الموضوع حاد الى درجة تسمح باكتساب المزيد من الوقت للمزيد من المفاوضات بدل الوصول الى طريق مسدود.

س- هل الأمل مازال موجودا بتسوية معيّنة والوصول الى مخرج بعدما أسقطت كل المساعي السابقة؟

ج- صحيح ان الكثير من المساعي لم تنجح، ولكن ما هو الخيار الثاني وباعتقادي الخيارات الأخرى محدودة جداً. الخيار الأول هوعمل عسكري وهذا واضح أنه غير وارد.

س- لكن هذا الخيار الثاني، لأن الخيار الأول الإستمرار في موضوع الإستشارات وتكليف رئيس الحكومة؟

ج- لا أعتقد ان الجو جاهز الآن، والحديث الجاري حتى الآن هو حديث انقلاب وليس حديث عن مشاورات طبيعية لنتائج طبيعية، كل الحركة العسكرية التي حصلت منذ يومين أو ثلاثة كان الهدف منها إفهام من لا يفهم بأننا مستعدين للقيام بأعمال عسكرية كبرى إذا كان الخيار السياسي لا يُناسب المعارضة، و”حزب الله” تحديداً، ولكن هذا لا يأتي بنتيجة، بالسياسة.

س- ولكنه أتى بنتيجة مع وليد جنبلاط مثلاً؟

ج- أنا لا أوافق ان العمل العسكري هو الذي أتى بنتيجة مع وليد جنبلاط، وباعتقادي ان ضغوطاً سياسية دفعته لاتخاذ هذا الموقف الذي يستذكر فيه تاريخ قديم لا ينطبق على الوضع الحالي، وليس بالضرورة أن يكون الأستاذ وليد جنبلاط قادراً على تنفيذ ما وعد به من عدد الأصوات، لذلك مازالت الأمور في حدود القدرة على الحصول على وقت لمزيد من التفاوض.

س- تقول في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط” اليوم، ان وليد جنبلاط استعاد مخاوف الأقلية بعد إقامة طويلة في الإطمئنان العربي الأكثري؟

ج- صحيح ان هذه مشكلة هو لا يتجاهلها بل يعلنها دائماً، ويعتقد ان هذه الطريقة لحماية الجبل أو طائفته على طريقته التي لا أفضّلها على الطريقة اللبنانية. ولكن أنا أقول ان من يحمي لبنان ويحمي طائفته ويحمي كل اللبنانيين هو وضع جدول أولويات يختلف عن الذي اعتمد في كل المشاورات التي حصلت.

أنا أعتقد ان أي بحث لا يبدأ بتنظيم العلاقات اللبنانية-السورية سيصل الى طريق مسدود ولا يوصل الى نتيجة، والتجربة الذي حصلت منذ سنة ونصف حتى الآن هي تجربة فاشلة ولم تستطع أن تقدّم لا بناء ثقة ولا إنهاء ملفات عالقة ولا تقدّم بموضوع العلاقات، وما حصل هو عكس ذلك تماماً لأسباب متعددة سوف نناقشها.

س- لماذا فشلت في السنة والنصف الماضية، وعلى أي أساس ستقوم؟

ج- لأنه أُعطي الأمر الطابع الشخصي جداً بالعلاقات، ولم تأخذ الأمور منحى إمكانية التفاهم على الملفات العالقة لمرة أخيرة.

ما أحاول أن أقوله ان القيادة السورية حتى الآن لم تتعود ولا قبلت ولا فهمت بأن تغييراً جدّياً حصل في لبنان في الخمس سنوات الأخيرة في عقول الناس بمفهومهم وبقراءتهم السياسية وإلتزاماتهم تجاه السيادة والإستقلال والحرية، وأيضاً بالتزاماتهم تجاه التفاهم مع سوريا، وهذا الأمر تجاوزوه وعقدة الثأر هذه والمواجهة لم تعد موجودة بالنسبة السابقة عند اللبنانيين، وأنا لا أدّعي أنها انتفت نهائياً، وبالتأكيد مازالت موجودة في نفوس بعض الناس، ولكن تجاوزنا جزءاً كبيراً من هذا الموضوع، والقيادة السورية حتى الآن لم تقتنع بهذا الجو، مازالوا يتصرفون بشكل أو بآخر بأن هذه منطقة نفوذ أميركية يمكن أن يضغطوا فيها هم وغيرهم على أميركا لكي تفاوضهم، وهذا الكلام أيضاً لن يوصل الى أي نتيجة. يعني كنا نتحدث في جزء من الحديث عن استطلاع للرأي منشور بـ”الفورين بوليسي” وأُجري في تشرين الثاني وكانون الأول، حتى على موضوع القبول اللبناني بالتفاهم مع سوريا يظهر ان نسبة 60 بالمئة من الشيعة و40 بالمئة من المسيحيين و27 بالمئة من السُنة، فأنا أعتقد ان هذا الكلام قبل ستة أشهر كانت النسب مختلفة تماماً، وبالتالي هناك تقدّم جدّي في عقول اللبنانيين لقبول التفاهم مع سوريا على قاعدة الإستقرار، وأنا من المقتنعين تماماً بأنه لا يمكن للإستقرار في لبنان أن يكون إلا بالتفاهم مع سوريا، وهذا أمر تعلّمناه من التاريخ ومن الجغرافيا، ولكن على سوريا أن تغيّر طريقة تعاملها معنا، وأيضاً تغيير طريقة تفكيرها فينا وتغيير طريقة نظرتها إلينا كشقيق أكبر وشقيق أصغر، هذا كلام لا يوصل الى نتيجة ولا يمكن أن يعيش.

س- ولكن كان ممكناً لسوريا أن تتغيّر، وخصوصاً مع اعتراف سوريا وقيادتها بأخطاء ارتُكبت في مراحل ما قبل الـ2005؟

ج- واعتراف الرئيس سعد الحريري بمسألة الخطأ بحق سوريا واعتراف الأستاذ وليد جنبلاط بالخطأ بحق سوريا، والكلام الهادىء الذي يصدر دائماً عن الدكتور سمير جعجع، إلا في بعض الاحيان وهي نادرة، أو الرئيس امين الجميل أو كل القوى التي كانت موجودة ومازالت موجودة في قوى “14 آذار”، هذه المسألة تحتاج الى حسم، ما لم يتم حسم هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق هذا الإستقرار، وإذا كان بانتظار مفاوضات أميركية أو نوع من التقارب الأميركي-السوري أكثر مما هو حاصل الآن لكي يُفتح باب هذا الإستقرار في لبنان، فلا يبدو ان هذا التقارب وشيكاً.

س- ولكن اليوم لا يبدو ان سوريا وحدها المسؤولة عن ما يحصل في لبنان، بدليل انك اعتبرت ان ما يحصل حالياً انقلاب إيراني على الحل العربي للأزمة؟

ج- أنا أعتقد ان ما يحدث هو محاولة انقلاب إيراني على الحل العربي في لبنان ومن ضمنه سوريا، أنا لا أقول ان الحل العربي مُستثناة منه سوريا، أعتقد ان من ضمن هذا الحل هو سوريا، وهذه الورقة التي يرفض أحد ان يتبناها، وكل هذا النقاش حولها باعتبار ان الفشل ليس له أب والنجاح له الكثير من الآباء، ولكن هذه الورقة تؤكد ان سوريا كانت وستبقى جزءا من الحل العربي، وإلا تكون بذلك تأخذ خيارا لا أرى أنه لصالحها ولا أراه منطقياً، فما هي مصلحة سوريا بالعودة الى العام 2004 للحصار الدولي والخلاف مع الدول العربية والمواجهة مع السياسة الأميركية، فلا ضرورة لكل هذا الأمر.هناك أرباح سياسية كبيرة حققتها سوريا في السنوات الثلاث الأخيرة، سواء بالعلاقة مع أوروبا أو بالحوار مع الأميركيين، والسفير الذي وصل الى دمشق هو رمز من رموز هذا الحوار، وعلاقاتها العربية التي استعادت زخمها بفضل مبادرة الملك عبدالله في قمة الكويت.

س- لكن ربما هذه المكتسبات ليست كافية بنظر سوريا وهي تريد أكثر من ذلك ومازالت تريد هذه الورقة شغّالة؟

ج- أنا لا أعتقد ان الأسلوب المعتمد أخيراً يمكن أن يوصل الى مزيد من الأوراق في سوريا، وأعتقد أن هذا يعرّض لبنان وسوريا لأخطار ليس لها أي مبرر ولا أي منطق . الإيراني أو السوري عليه التوقف عن التعاطي مع لبنان باعتباره منطقة أميركية. لبنان ليس منطقة أميركية، وفي لبنان يوجد لبنانيين مخالفين للسياسة الأميركية أكثر من إيران وربما أكثر من سوريا، هذه الأوهام حول قدرة السياسة الأميركية على تحقيق المطالب اللبنانية الوطنية تم تجربتها وفشلت فشلاً ذريعاً في العام 2008، وبالتالي المثل يقول “من جرّب المجرّب عقله مخرّب” وأي واقعي وأي عقلاني وأي منطقي وأي لبناني وطني يريد مصلحة بلاده، لا يمكن أن يُراهن على السياسة الأميركية أو متقبل لها، أو يعتقد أنها ممكن أن توصله الى نتيجة، فلماذا هذا التعاطي باعتبار ان لبنان منطقة أميركية؟.

س- لكن الولايات المتحدة كما سوريا تريد من لبنان إستخدامه بمخططها مع دول المنطقة؟

ج- لكن المنطق يقول ان تجر لبنان أكثر وأكثر نحو محيطه العربي وليس اعتباره منطقة أميركية، أنا لا أستغرب لا الموقف الإسرائيلي ولا الموقف الأميركي من اعتبار لبنان ساحة للضغط على هذا الطرف أو ذاك، إنما أستغرب عدم التفاهم العربي وعدم القبول السوري بأن هناك وقائع في لبنان يمكن الإستفادة منها لتأكيد عروبته، ولتأكيد رغبته بالتفاهم مع سوريا، ولتأكيد رغبته بأن لا يكون لبنان في أي وقت من الأوقات وتحت أي ظرف من الظروف هو جزء من خطر يهدّد الأمن القومي السوري، وكفى التلطي وراء شعارات وغيرها، فاللبنانيين ناس واقعيين.

س- لكن لماذا لم تستطع تجاوز الإعتراف الأميركي الذي حضرتك أقرّيت فيه تقول الأميركيين اعترضوا على الورقة السعودية-السورية؟

ج- ليس نحن من دوّلنا الأزمة، وليس من ركض وراء الأميركيين بطلب المساعدة، هذا هو موقف الأميركيين ونحن لم نلتزم هذا الموقف، والرئيس الحريري عندما وقّع هذه الورقة، عفواً عندما وافق او التزم.

س- هل وقّع عليها أم لم يوقّع؟

ج- كلا، طبعا لا يوجد توقيع، ولكن عندما وافق وناقش هذه الورقة في وقت من الأوقات، في شهر آب 2010 لم يكن الأميركيين موافقين عليها، ومع ذلك التزم بها في وقت من الأوقات، وبالتالي تجاوز الأميركيين وكذلك فعل السعوديون بتجاوز الأميركيين، الملك عبدالله تجاوز الرأي الأميركي بكل المفاصل الرئيسية، وأطلق على الوجود الأميركي في العراق صفة الإحتلال، وأبرم اتفاق مكة مع “حماس” متجاوزاً الرأي الأميركي، وأنجز ورقة استقرار لبنان مواجهاً الأميركيين.

س- ولكن ولا واحدة من هذه نجحت؟

ج- أنا لا أتحدث عن نجاحها أو عدم نجاحها، أنا أقول ان هناك رغبة جدّية وقرار استراتيجي عند خادم الحرمين الشريفين وأكثر وأكثر عند الرئيس الحريري، بأننا لسنا جزءا من السياسة الأميركية ولا نتحمل نتائجها ولا نراهن عليها، وأعود وأكرر من “جرّب المجرّب عقلة مخرّب”. ولكن أيضاً الآخرين الذين يعتبرون ان مهمتهم مواجهة الأميركيين عليهم مساعدتنا ومساعدة أنفسهم، مساعدتنا بالمنطق وبالعقل وبالإحتضان وبالتفاهم وبالقدرة على الحوار الإيجابي، وبالإعتراف بأن هناك تغييرات كبرى حدثت في عقول اللبنانيين في السنوات الأخيرة، والإعتراف بسيادة واستقلال وحرية لبنان بشكل جدّي وليس بشكل فولكلوري، وهذا الكلام مُوجه الى سوريا وإيران والى كل القوى التي مازالت تتصرّف على أن لبنان ساحة للإستعمال في مواجهة الأميركيين، وبالتالي لبنان الآن ساحة للإستعمال في وجه اللبنانيين وليس في وجه الأميركيين.

س- اليوم دبلوماسي أميركي يقول لصحيفة “الشرق الأوسط” انه إذا غادر الرئيس الحريري سنفتقد شريكاً أساسياً؟

ج- هو حُر في أن يُعبّر عما يريد، ولكن أنا متأكد ان الرئيس الحريري لا يعتبر نفسه شريكاً أساسياً، وسأروي رواية لأول مرة : “ففي العام 2008 زارت السفيرة الأميركية الرئيس سعد الحريري في قريطم وسألته ماذا تستطيع أميركا أن تفعل في الداخل؟ فأجابها إذا كنت أنت سفيرة للولايات المتحدة الأميركية التي تقدر على ما يقدر عليه غير الآلهة وتسألينني، فأنا رأيي أن أفضل شيء أن لا تفعلوا شيئاً”. وبالتالي أي كلام آخر هو كلام يُقصد منه المزيد من صب الزيت على النار، والمزيد من اعتبار الرئيس الحريري جزء من السياسة الأميركية في المنطقة.

أنا هنا لا أتحدث بكلام عاطفي أو فقط وطني، إنما أتحدث بكلام واقعي وعملي وعقلاني، أين نجحت السياسة الأميركية في المنطقة لكي يكون الواحد جزءاً منها؟ فإذا كان هناك من مكان أنا مستعد أن أكون جزءاً منها، كي لا أطلب من غيري. لا توجد سياسة أميركية ناجحة في المنطقة، وبالتالي هذه السياسة تبحث عن مواجهات على حساب اللبنانيين.

أيضاً هناك الطرف الآخر الإيراني الذي يبحث عن مواجهات في كل أنحاء العالم بانتشاره الخارجي تحت شعار مواجهة الأميركيين، وللحقيقة هو يواجه الشعوب ويواجه الناس الموجودين في هذا البلد، وبالتالي لا يوجد عنوان جدّي عميق مختلف عليه بين اللبنانيين، كل هذه اوهام يحاولون خلقها لافتعال المزيد من الإشتباك سواءاً عند الأميركيين أو عند الإيرانيين.

س- هناك عناوين تفصيلية وردت في الأوراق المستورة والتي يتم كشفها حول التسوية التي كانت قائمة، منها ما كشف عنه وليد جنبلاط، ومنها الذي ردّ عليها الرئيس الحريري وردّ عليه الرئيس بري؟

ج- أنا قرأتها، وأنا كما قلت للنجاح مئة أب والفشل يتيم لا أحد يعترف به، بصرف النظر عن طبيعة الورقة أو نصها، الورقة المتداولة الآن بالتأكيد لو عُرضت على أي واحد منا أو نوقشت مع أي منا لم يكن ليوافق عليها، لأنها ورقة ليست بمستوى الحدث.

س- من تقصد بكلمة أي واحد منا؟

ج- أي واحد من مجموعة “كتلة المستقبل” ومن مجموعة “14 آذار” وهذه الورقة لم يطّلع عليها أحد، بل بقيت موجودة بين الملك السعودي والرئيس السوري والسيد نصرالله والرئيس الحريري.

س- ولكن الرئيس الحريري وافق عليها؟

ج- أنا لا أقول انه لم يوافق، لأنه أصلاً هناك جدل حول أي من الأوراق هو الأصح، أنا أتحدث عن الورقة التي نُشرت وليس لدي النصوص الكاملة سواءاً للورقة القديمة أو لأي ورقة جديدة أو لأي تعديلات، وأنا قرأت الردود والردود، والواضح ان هناك أكثر من ورقة متداولة.

في كل الأحوال، هذه الورقة على بساطتها وعلى سخافتها لا تتناول أولاً العلاقات اللبنانية -السورية، وهو العنصر الرئيسي في الإستقرار، تتناول ثلاثة عناوين رئيسية:

العنوان الأول يتعلق بالسلاح والمجموعات العسكرية خارج المخيمات الذي تحدث عنه الرئيس الحريري في وقت من الأوقات بأنه تم تناوله في مقررات طاولة الحوار، يعني كوسايا والناعمة، والتجمعات العسكرية.

العنوان الثاني: يتعلق بالطائف، بمعنى اعتماد مرجعية الطائف دون تظهير ذلك، فكيف تعتمد مرجعية الطائف وقد شكّلت حكومة وفق الدوحة، وتمت مخالفة الدوحة عسكرياً وسياسياً مرات ومرات من الذين ساهموا في اتفاق الدوحة من المعارضة.

العنوان الثالث: يتعلق بمسألة المحكمة، وأنا قرأتها هكذا بشكل عريض، وهو وقف التمويل وسحب القضاة وغيرها.

إذا كان هذا الأمر صحيح، الرئيس الحريري في 6 أيلول أدلى بحديث لصحيفة “الشرق الأوسط” برأ فيه سوريا.

س- أنت تقول ارتكب؟

ج- صحيح ارتكب حديثا في صحيفة “الشرق الأوسط” برأ فيه سوريا من تهمة اغتيال الرئيس الحريري، وأنا برأيي وأعود وأؤكد هو على حق في ذلك، واعتبر ان شهود الزور هم الذين ساهموا وفعلوا وأساءوا للعلاقات وتسبّبوا وغير ذلك.

إذاً لنعتبر هذه دفعة أولى من الإتفاق، ماذا قدّم الآخرون من الطرف المقابل؟ لا شيء وحتى الأشياء البسيطة سواء بما يتعلق بتشريع شعبة المعلومات أو بتغيير قانون التصويت في قوى الأمن الداخلي بحيث يصبح مماثل للمجلس العسكري في قيادة الجيش، ولكن ماذا فعلوا؟ اعتبروا ما قاله للـ”الشرق الأوسط” إدانة له وبدأوا بمهاجمته بطريقة وكأنه ارتكب فعلاً كبيراً بحقهم وليس أنها ورقة تسهيل، هذه ورقة للمواجهة. لنفترض انهم أنجزوا الإتفاق ودفع الدفعة الأولى، بماذا أجابوه؟ أجابوه بالإتهام والإدانة والتخوين ومذكرات التوقيف، فكيف ننتظر منه أن يكون هذا سياق حل؟ هذا ليس سياق حل فمن وضع هذه الورقة أربعة أشهر في الجارور من 20 آب الى 20 كانون الثاني لا يريد الحل ولا التسوية، يريد تخلياً مجانياً عن المحكمة ودون أي التزام سياسي جدّي يتعلق بأسس النظام وارتكازاته. لا أحد منا غير حريص على الإستقرار ولكن الإستقرار يحتاج الى أمرين:

أولاً: أنك تكون استقرار كريم، بمعنى أن تحتفظ بكرامتك، والإستقرار لا يعني أن تتخلى عن كرامتك.

ثانيا: الإستقرار لا يعني بالتفاهم الشفهي فهناك أسس تتعلق بركائز الدولة والعودة الى الدولة وليس الى هذه المجموعات المتصارعة في كل موضوع وفي كل مكان، ليست متوفًرة في الورقة بشكل جدّي ومع ذلك المعارضة لم تُنفّذ أي بند.

نرى ان شخصاً لا أريد تسميته يظهر على التلفزيون ويقول نحن التزمنا ونفّذنا كل الأمور المتعلقة بنا، ولكن ماذا نفّذت؟ وهل تقول انا كرّمتكم لأني أبقيت عليكم أحياء لأنك لم تنفذ أي شيء آخر، أنت نفّذت انك لم تستعمل قوتك العسكرية بالإعتداء على الناس وباستباحة المدينة وبالإعتداء على أرزاق الناس وممتلكاتهم، فهل هذا هو الإلتزام الكبير الجبار العظيم الذي قدّمته المعارضة، ما هذه المسخرة في السياسة، هذا ضحك على عقول الناس، هذا مثل الإتصالات وشهود الزور ومثل كل الإفتعالات. المحكمة بدل أن تكون للطرفين مفصل تاريخي للتفاهم على ركائز عميقة للعلاقات اللبنانية-السورية، بمسألة المقاومة لركائز الدولة، لوقف هذه الإستباحة الفلسطينية التي ليس لها أي مبرر عسكري منذ العام 83 حيث لا يفعلون شيء سوى التسبب بمزيد من التأزم بالعلاقات اللبنانية-الفلسطينية.

وكانت هناك فرصة ما دام أنت دفعت الدفعة الأولى يادولة الرئيس يجب أن تُكمل وتتخلى عن المحكمة، وبعدها نرى ما إذا كنا سنحفظ كرامتك، وما إذا كنا سنضع ركائز للدولة، وما إذا كنا سنوقف جماعتك أم لا، وأيضاً ما إذا كنا سنناقش العلاقات اللبنانية-السورية أم لا، هذا كلام مجانين وليس كلاماً عاقلاً بالسياسة ولا كلام من يريد مصلحة البلد فعلاً، وبالتالي ما نقرأه اليوم من الآثار المالية والإقتصادية للجو السياسي الحاضر هل يطال فريق من اللبنانيين أم يطال كل اللبنانيين؟ هذا يطال كل اللبنانيين وفي كل لبنان، وبالتالي أنتم ماذا تفعلون؟ أريد أن أفترض انكم لا تثقون ثقة كاملة بالرئيس الحريري، ولكن أيضاً يستطيع الرئيس الحريري أن يقول أنا أيضاً ليس عندي ثقة أبداً بكم، ولكن هذا الكلام لا يوصل الى مكان، هؤلاء الناس جميعهم مُلزمين باستمرار المحاولة يومياً ودون كلل ودون ملل لحماية البلد وحماية المواطنين والسماح لهم بحياة معقولة.

س- ولكن تبقى هذه المحاولات حول أمور ببنود التسوية سخيفة، فإذا قرأنا بالمطالب المعروضة من قبل الرئيس الحريري أو بالمطالب التي عبّر عنها بالأمس الرئيس نبيه بري لا تتعلق بالبحث عن موضوع استقرار النظام؟

ج- أنا دائماً أقول عن دولة الرئيس بري انه دولة الدكتور، ولكن قرأت البيان الصادر عنه ويبدو انه نزع السماعة وأعتقد انه كان يحمل “خيزرانة” بالأمس في كلامه.

س- لكن لماذا خرج الرئيس بري بالأمس عن سياقه؟

ج- أنا أعتقد ان مراهنته كانت كبيرة جداً جداً جداً على السين – سين، ويشعر بأن هناك ضربات فعلية يتم توجيهها من كل مكان الى هذا الحل العربي، ولكن على كل حال هذا النزاع حول المواضيع لا يُناقش بهذه الطريقة، وبالتالي لا يجوز في وقت من الأزمة السياسية، في قمة توترها وتأتي لطرح ملفات تحتاج الى أرقام وأجوبة تقنية ومالية، بمعنى انه لا يجوز كلما تأزمت الأمور بالسياسة الإنتقال فوراً الى ما يسمّى بفضائح العهد السابق، وبالتالي لماذا لا نناقشها في وقت لا توجد أزمة سياسية؟ وعدم اعتبارها فضائح بل عناوين للمناقشة وللوصول الى أجوبة حولها، لأن استغلال الأزمة السياسية لإعلاء الصوت، وخاصة من أطراف مثل الرئيس بري كانت موجودة في النظام منذ العام 1992 لم تترك ولا يوم، فلا مبرر لذلك.

أنا لا أقول ان جواب الرئيس الحريري أحسن أو أدق، ولكن أنا أقول النزاع السياسي الآن يجب أن يصب في اتجاه واحد وهو البحث العميق في كيفية تحقيق الإستقرار للبلد.

س- لكن الرئيس بري أوحى وكأنه حصلت عملية التفاف على المسعى التركي -القطري وتحدث عن ان الرئيس الحريري حمل معه ورقة الى المطار وسلمهم إياها وهي مغايرة للورقة التي كان يتم البحث فيها؟

ج- قرأت هذا الكلام، ولكن ما المشكلة، وأنا لا أعرف ما إذا كان هذا الأمر صحيح وحصل، ولكن لنفترض ان الرئيس الحريري عنده بعض التعديلات على الورقة الأولى التي تحدث عنها الأستاذ وليد جنبلاط فهذه ليست جريمة، هذه مسألة للمناقشة وليست ارتكاباً، فبإمكانك أن توافق عليها أو لا توافق عليها، ولكن هل هذه تهمة بأن لك رأي معدّل بما يتعلق بالورقة.

س- الرئيس بري اعتبرها خروج عن الإتفاق ومحاولة الإلتفاف عليه؟

ج- نعم، ولكن الأزمة حجمها كبير لدرجة حتى لو هذا الأمر حدث، فماذا يعني ان عندهم جواب واحد لأنهم بالكاد ناقشوا غير موضوع واحد مع السيد نصرالله، رئيس الوزراء القطري ووزيرالخارجية التركي اننا لا نريد سعد الحريري في رئاسة الحكومة، أولاً من أين لك حق التقرير وأنت بصفتك ماذا حتى تقرر؟ وهل بكل بساطة يمكنك التقرير في هذا الموضوع؟ وماذا عن مواجهة المحكمة والمؤامرة الإسرائيلية – الأميركية والدولية؟ فهل هذا الجواب هو عنوان للمواجهة؟ لنرى ذلك.

بعد عرض الموقف الإسرائيلي من التطورات في لبنان

يقول الأستاذ نهاد- هذا مزيد من التوتر ، كل هذا الكلام مزيد من التوتر لإحداث المزيد من التوتر بين اللبنانيين.

س- يقول سيلفان شالوم اننا لم نعد الآن نتحدث عن منظمة إرهابية تنشط بإيحاء وبدعم من إيران، وإنما عن حكومة سيادية فعلية إذا ما تشكّلت بقيادة حزب في لبنان فهذا تطوّر يراه خطير؟

ج- هذه الحكومة لن تُشكّل لا بقيادة “حزب الله” ولا غيره، هذه حكومة لن تُشكّل إلا بالتفاهم بين اللبنانيين جميعا، هذا كلام لا يُقصد منه سوى المزيد من التوتر، والمزيد من الإستنفار الدولي، والمزيد من تذكير العرب بمشاكل يسببها لهم نموذج “حزب الله”.

دعيني أعود الى نقطتين رئيسيتين لكي لا نضيّع البوصلة، وأنا هنا أود مخاطبة السوريين ومخاطبة جمهور “حزب الله” تحديداً نحن كنا منذ خمس سنوات في صراع عارم، معظم اللبنانيين أنا لم أكن منهم، أنا كنت في تلك الفترة ولا أزال لا أتخلى عن عنوان المقاومة بمواجهة إسرائيل تحت أي ظرف من الظروف، ولكن الكثير من اللبنانيين في السنتين الأخيرتين تجاوزوا مسألة السلاح ونسيوا تعبير نزع السلاح، وأصبحوا يتحدثون عن تنظيم العلاقة وتنظيم سلاح “حزب الله” المقاومة في وجه إسرائيل، وهذا تطوّر سياسي كبير يجب أخذه بعين الإعتبار، لأن اللبنانيين أصبحوا في عقلهم الداخلي مقتنعين بأن هذا جزء من قوة لبنان ويحب الإستفادة منه كما كان يقول الرئيس الحريري الشهيد رحمه الله. فالإنتقال من مرحلة نزع السلاح الى مرحلة التفاهم مع هذا السلاح للإستفادة منه ضمن منظومة الدولة اللبنانية، يعني تغيّر كبير لا بد من الإعتراف به، وهذه النقطة الأولى.

س- قبل الإنتقال الى النقطة الثانية، ولكن هذا التغيير فرضه الأمر الواقع؟

ج- جزء منه بالرضا وجزء منه بالأمر الواقع، ولكن هناك فرق من أن تنتقل من المواجهة للتعامل مع الأمر الواقع وتنتقل من المواجهة لمزيد من المواجهة، فهذه قصة يجب أن تكون واضحة بأنه ليس هناك مجموعة من اللبنانيين تجلس على طاولة تتآمر لترى كيف تنزع هذا السلاح أو القضاء عليه.

بالعودة الى النقطة الثانية وهي تتعلق بالسوريين، وبرأيي انه للمرة الأولى منذ عام2000 حتى الآن والصراع الذي وقع بين الـ2005 والـ2010 هناك قبول لبناني بنسبة عالية بدور إيجابي سوري في الإستقرار اللبناني، وهذا أمر أيضاً جديد يجب الإعتراف فيه من قبل السوريين، ويجب الإعتراف بالعنصر الأول من قبل جمهور “حزب الله” والتعامل على هذا الأساس.

أنا لا أناقش الآن القرار الإتهامي وقبل الوصول الى القرار الإتهامي، لأنه إذا كانت قيادة “حزب الله” تُعاني من مشكلة بالقرار الإتهامي الذي يتعلق باحتمال اتهام أفراد من “حزب الله” باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وآخرين كثر، لأن عدد الشهداء ليس بقليل في السنوات الخمس الأخيرة، والعدد كبير جداً منذ الإستقلال حتى اليوم، وبالتالي أنا أسأل ماذا فعلوا بالسياسة لمواجهة هذا الأمر؟ وماذا فعلوا لمواجهة هذه المؤامرة الأميركية الكبرى-الإسرائيلية الإستعمارية الإمبريالية؟ لنرى مثل واحد قاموا به، بأنهم سمحوا لنا أن نبقى على قيد الحياة؟ ما هذا الكلام. لنرى مثل واحد عن أي خطوة سياسية جدّية تجاه لبنان قاموا بها منذ أربعة أشهر حتى اليوم، لا يجوز أن تتهم الآخرين فقط، ولكن يجب أن تُثبت أنك فعلاً ترغب بالتسوية وترغب بالتنازل وترغب بحفظ كرامة الآخر، لأن التسوية لا تقوم إلا على كرامة الطرفين، لا تقوم على قهر الآخر والإنتصار عليه كما حصل في الدوحة.

س- لكن يبدو ان التسوية تدور حتى لا يقتلك بهذا المعنى لأننا اليوم نتحدث عن استقرار وأمن لبنان؟

ج- هذا كلام لن يؤتي ثماره ولن يأتي بنتيجة، هذا كلام تجاوزه اللبنانيون، نحن على قناعة مئة بالمئة بقدرتنا على المواجهة السياسية السلمية ومن يملك السلاح فليفعل به ما يشاء، ولكن لا يثمر سياسياً، وما حدث في الدوحة لن يتكرر فهو أولاً فشل فشلاً ذريعاً، كل اتفاق الدوحة نحمد الله اننا انتهينا منه، لا هذه حكومة مُنتجة ولا تُعبّر عن توافق سياسي، واستعمل السلاح لاستباحة المدينة، فأي كلام هذا الذي سيوصل الى نتيجة وهذه المدينة موجودة، نحن سنواجه سلمياً وسياسياً، هذه المدينة موجودة وأهلها موجودين ولن يحمل منهم أحد السلاح، هم قادرون على الصمود ونحن قادرون على المواجهة السياسية، ومن يملك السلاح فليفعل ما يشاء. يستطيع إقفال المدينة يوم أو يومين أوعشرة أوعشرين والضرر سيلحق كل الناس ولن يكون هناك جهة مُتضررة وجهة مُستفيدة، وهذا الأمر لن يتم سياسياً، وكفى ضحك على الناس، لن يتم سياسياً فلا الرئيس سعد الحريري ولا أي شخص آخر لا قابل أولاً أبداً بغير قابل وغير راغب بالتوقيع على أي نتائج سياسية لصالح عمل عسكري، وليكن واضحاً ان هناك مُتغيّرات حصلت إيجابية، فلماذا لا تحضنها وتثمرها وتكبّرها وتقدّم لها منشطات، أما أن يستمر التهديد كل الوقت والتخوين والمبالغة والأوهام بأننا قمنا بكل ما علينا . لكن ماذ فعلتم؟ مؤامرة بهذا الحجم من وجهة نظركم ماذا فعلتم؟ لم تفعلوا شيئاً، فإذا المحامي عليه تحضير أوراقه، فأنتم حتى كمحامين لم تحضّروا أوراقكم، أنتم افتعلتم كلاماً كبيراً جداً حول شبكة إتصالات يوجد مئة جواب تقني عليها، وحول شهود زور ليس لهم علاقة بالقرار الإتهامي ولا بالإغتيال ولا “بطق الحنك” وبالتالي لم تعد القضية قضية الإغتيال، بل ان هناك ضباط أربعة سُجنوا لا بأس، ولكن نبحث هذا الأمر في مرحلة لاحقة، فإذا كانوا مظلومين يجب أن يُرد اعتبارهم، وإذا كانوا مرتكبين سلوكياً، بمعنى مهامهم، يُبحث هذا الأمر. ولكن ما حصل ليس سجن الضباط الأربعة، بل هو اغتيال مستمر منذ الـ 43 حتى اليوم، حيث هناك 220 اغتيال سياسي منذ عام 43 وأصبح من حقنا أن ندافع وأن نقول اننا نريد المحافظة على الحد الأدنى من نظامنا السياسي وأن نُعبّر بحرية، وبالتالي كل وجود “حزب الله” السياسي والإعلامي، لننسى الوجود العسكري أليس بفضل هذا النظام اللبناني؟ وهل لـ”حزب الله” استوديو في أي دولة أو في أي عاصمة عربية حتى بطهران غير في لبنان؟ وهل لديه منبر يتحدث فيه غير في لبنان؟ وهل لديه مكان يُعبّر فيه غير في لبنان؟.

س- ولذلك يريد لبنان له؟

ج- غير ممكن، يُقال من لا يستذكر التاريخ محكوم بإعادته، دعينا نتذكر تاريخ لبنان بالخمسين سنة أو بالعشرين سنة الأخيرة، من استطاع أن يفعل هذا الأمر. لا أحد وهم لن يستطيعوا ذلك. إذاً هذا كلام خارج السياق وخارج المنطقي وخارج الطبيعي وخارج ما يمكن تنفيذه.

س- لكن يبدو ان لا أحد يستطيع تشكيل حكومة لا إذا تم تكليف الرئيس الحريري ولا إذا تم تكليف غيره؟

ج- الخيار الوحيد هو أن ينال الرئيس الحريري أغلبية ضئيلة وبالتأكيد يشكّل حكومة سوى بإشراك الجميع ولكن ليس بثلث معطّل وغير ذلك، وأنا أقول هذا الكلام دون أن أناقشه بهذا الأمر، ولا أملك فكرة عن ذلك.

س- ولكنهم يقولون لا نريد سعد الحريري؟

ج- جيد ولكن هذا ليس زواجاً وطلاق بين رجل وإمرأة، هذا عزل لطائفة بكاملها، وأنا آسف لأستعمل هذا التعبير، لا أحد يستطيع تحمله لا في لبنان ولا في العالم العربي ولا دولياً ولا أحد سينجح بالقيام به.

س- لقد رأيتك تضحك أثناء بث رسالة آمال شحادة عندما قالت”يبحثون في إسرائيل إنتقال وليد جنبلاط الى المعارضة”، فلماذا ضحكت على هذا الموضوع ألم ينتقل؟

ج- أنا أعتقد ان البحث في السياسة السورية والقرارات السورية، وكفى اعتبار موقف وليد جنبلاط هو المقرر وهوالذي يغيّر، وبالنتيجة القرار في هذا الموضوع موجود في سوريا. أما أن يغيّر وليد جنبلاط أو غير وليد جنبلاط فهذا أمر يتعلق بالسوري، ولا يمكن وضع هذا التغيّر، لنكن صريحين، لا يمكن وضع هذا التغيّر تحت عنوان العلاقة مع سوريا وحفظ المقاومة، نحن لا نقل حرصا على العلاقة مع سوريا، وأنا على الأقل منذ العام 2005 كنت حريصاً ولا زلت حريصاً واعتبرها أولوية في الإستقرار اللبناني، وثانيا حفظ المقاومة لا يكون بعزل طائفة ومواجهة الطوائف بعضها البعض، فحفظ المقاومة يكون بالتفاهم، بالجدل الإيجابي، ويكفي أننا وصلنا الى مرحلة إنتفت فيها كلمة نزع السلاح، وبالتالي يجب الإستفادة منها للمناقشة لا أن نستفيد منها للإقتصاص من الآخرين، أو اعتبار أنهم فرضوها بالقوة، ولكن حتى لو فرضوها بالقوة هل بالضرورة أن يذكرونا أنهم فرضوها بالقوة.

وعلى كلٍ هذا العزل لن يحدث ولن ينجح ولن يُثمر، وبالتالي كفى تضييع الوقت.

س- إنتقال العاهل السعودي الى المغرب للنقاهة هل يُشكّل مناسبة لزيارة الأسد له؟

ج- هناك اتفاق منذ اللحظة الأولى بعد مبادرة خادم الحرمين الشريفين تجاه سوريا، والزيارة تم الإتفاق على فصل العلاقات السورية-السعودية عن أي تغييرات خارجية تحدث، وخاصة في لبنان، لذلك أتوقع أن يقوم الرئيس الأسد الأسبوع القادم بزيارة الملك عبدالله رغم كل ما يُقال.

س- رغم موقف الوزير سعود الفيصل؟

ج- هو عاد وأوضح كلامه، والواضح إنه لم يكن يُتابع بدقة ماذا يحصل، لأن المفاوضات كانت تجري في إطار مختلف عن إطار وزارة الخارجية وربما هذا سبب عدم نجاحها.

على كل حال، هو أوضح موقفه وأعتقد أني لا زلت أراهن على ان عروبة سوريا عميقة وأكيدة وجدّية ولا يمكن إلا أن تلتقي مع الأب الأكبر للعروبة الملك عبدالله بن عبد العزيز وأتوقع أن يتجاوزوا الأسبوع القادم كل هذه التفاصيل.

س- ولكن ألم تتحول سوريا نوع من الرهينة الإستراتيجية الإيرانية؟

ج- لا أحد يستطيع أن يأخذ سوريا رهينة، سوريا مُتخصّصة بأخذ الرهائن ولا أحد يمكن أن يأخذ سوريا رهينة.

س- برأيك هل ستنجح المساعي الفرنسية لتشكيل مجموعة الإتصال من أجل الأزمة اللبنانية؟

ج- لا يزال الوقت مُبكّر للمراهنة على مجموعة الإتصال، فأولاً الضعف الرئيسي لمجموعة الإتصال ان سوريا غير مُشاركة فيها، وبالتالي سوريا لا تُشارك بحضور تركيا وبغياب إيران، وإذا توسعت هذه المجموعة لتشمل تركيا وإيران وفرنسا والولايات المتحدة ومصر والسعودية فلن تعود مجموعة إتصال بل تصبح مجموعة قمة دولية، وباعتقادي ان الأسلم لنا وللتسوية أن يكون هناك مجموعة عربية مصرية، سعودية،سورية، قطرية ولبنانية تجتمع في السعودية أو في دمشق وتُناقش هذا الموضوع وتُعطيه الدفعة اللازمة من الإستقرار والهدوء والتسويات المنطقية. وبرأيي ان توسيع الإطار الى هذه الدرجة يعني أنها لا تريد الوصول الى مكان، وعملياً لن تصل الى مكان.

س- بالعكس، ربما لتأمين الغطاء لأننا رأينا الإيراني والأميركي أفشلا المساعي السعودية-السورية؟

ج- هذا الإجتماع يُسبّب بمزيد من الإشتباك ويضع أوراق على الطاولة، المطلوب الآن تحقيق الإستقرار في لبنان بدل من استمرار لبنان ساحة لتصدير الفوضى الى العالم العربي، وهذه مسألة يجب أن ينظر العرب إليها بشكل جدّي بمسؤوليتهم العربية عن لبنان، وبمسؤوليتهم عن عروبة لبنان، وبمسؤوليتهم عن استعادة استقراره، لأنه عندما يستعيد لبنان استقراره تستعيد العواصم العربية استقرارها وليس العكس، وبالتالي على قدرتي وعلى قراءتي لهذا الموضوع أنا أعتقد قمة عربية خماسية من ضمنها لبنان وسوريا والسعودية ومصر وقطر تُعقد في السعودية أو دمشق، ولبنان يستأهل أن يتجاوز السوريين والمصريين الكثير من الملفات لكي يجلسوا أو يبحثوا بوضعه، والوقت أمامهم لكي يختلفوا على العراق وفلسطين وعلى مواضيع أخرى. لبنان يستأهل وأهله كذلك، وعروبتهم تستأهل وأمنهم واستقرارهم جزء من الإستقرار العربي، وليس منطقة مفصولة عن محيطه.

س- أيضاً كما قلت عدم الإستقرار في لبنان ينعكس على استقرار المنطقة، ولكن أيضا حل الملفات في المنطقة ينعكس على حل الملفات في لبنان؟

ج- هذا الأمر بعيد المدى ليس بمتناول الأيدي الآن، نحن نتحدث عن استقرار موضعي لأن ما حصل في اسطمبول من فشل للمحادثات سيتكرر في باريس إذا كانت نفس المجموعة جالسة على الطاولة، أو نفس القوى مشاركة، وبالتالي لماذا البحث في هذا المفهوم؟ دعينا نقوم بهدنة الآن على الأقل إذا استطاع الجهد القطري وإذا افترضنا ان الرئيس الأسد الأسبوع القادم زار جلالة الملك في المغرب في أغادير، وبناءً عليه يتم البحث بجهد عربي متواضع ومحدود، قادر على الوصول الى نتيجة بدل كل هذه المبالغات والأحجام التي تكرر الإشتباك وتوسّعه أكثر مما تحقق استقرار.

س- لماذا برأيك وليد جنبلاط أعلن عن هذه الورقة وقال ان الرئيس الحريري وقّع عليها؟

ج- لا أعرف ما ظروف ذلك، ولكن أعتقد ان الوزير جنبلاط أطلع عليها متأخراً ولم يكن يعرف بها بالبداية وفوجيء. وهنا لن أستعمل تعبيراً قاسياً، ولكن أقول انها ورقة بسيطة وكانت تحرز ان المعارضة تعمل عليها والسوريين ينفّذوا ما ورد فيها، لأنها ليست تأسيسية.

س- ولكن هل تحرز هذه المطالبة مقابل التخلي عن المحاكمة؟

ج- نحن نسأل هذا السؤال، في وقت المعارضة وسوريا لم يقدّما أي شيء خلال أربعة أشهر بهذا الإتجاه، ونحن نسأل ان كانت تحرز أو لا تحرز، ولو عاد الأمر لي أنا لا أوافق على هذه الورقة. ولكن هذ ليس الموضوع الآن، الموضوع الآن ان هناك صراع حول ورقة مُختلف على انها موجودة هي أو نسخة مطّورة عنها أو متطورة وفيها إضافات، ولكن هذا لا يجب أن يُسبّب توتر، بل يجب أن تُسبّب المزيد من النقاش وليس المزيد من الحدّة الشخصية، بمعنى نحن لا نريد فلان.

س- ولكن أليس المفاجيْ في هذه الورقة انه لو قبلت المعارضة وأبدت حسن النيّة تجاهه كان الرئيس الحريري سيوافق على ما طُرح فيها حول المحكمة؟

ج- الرئيس الحريري قال علناً بعد خروجه من القصر الجمهوري، بصرف النظر عن رأيي بهذا القول، قال علناً بأنه كان ذاهباً الى الآخر بهذه المسألة، ولكن هم بشكل او بآخر بتصرّفهم أعفوه من هذا الإلتزام لأنه لا يوجد منطق آخر سوى ما وصلنا اليه في النهاية، الذي هو منطق الإهانة الشخصية بأننا نحن لا نريد فلان، فكيف يمكن أن تقرر أنك تريد أو لا تريد، فهل المسألة تتعلق فقط بالعدد، فإذا بالعدد سنرى إذا جرت المشاورات من سينال هذا العدد، وإذا كان خارج العدد فهناك نقاش كثير حول هذا الموضوع.

س- جاء في عناوين الصحف : “المشنوق للـ”الشرق الأوسط” ما يجري انقلاب إيراني، وجعجع يقول حكومة برئاسة كرامي ستُشكّلها دمشق والضاحية؟

ج- بصرف النظر عن المواقع الجغرافية نعم دمشق والضاحية.

س- ماذا تقصد؟

ج- أنا أقصد ان مسألة التصرّف الطائفي البغيض بمعنى أنك ستسمح لنفسك بأن تقول لا أوافق على فلان ولا أناقش بأي ورقة أيا كان طبيعة الورقة، وأياً كان حجم التغييرات التي حصلت عليها. هذا الكلام خارج قدرة أي طرف على تنفيذه في لبنان.

بالعودة الى الحديث عن استطلاع الرأي، سعد الحريري يحظى بـ94 بالمئة من نسبة السُنة باعتباره زعيمهم وليس رئيساً للحكومة، ويحظى بتأييد ثلثي المسيحيين و11 بالمئة من تأييد الشيعة.

أما الرئيس عمر كرامي، مع احترامي وتقديري له ولبيته، يحظى بتأييد 2 بالمئة والرئيس ميقاتي يحظى بتأييد 14 بالمئة.

أنا ما أحاول أن أقوله انه لا يجوز ولا يستطيع أحد أن يطلب منا تحت أي ظرف من الظروف، القبول بمرشح سقط في الإنتخابات لرئاسة الحكومة، مع احترامي مرة عاشرة للرئيس كرامي ولبيته ولعروبة هذا البيت، ولكن هذا منطق الفاباتيك بالسياسة، وبالديموقراطية مرشّح سقط بالإنتخابات لا يُوزّر، فإذا ارتكبوا ارتكابات بالحكومة بالإتيان بوزراء سقطوا بالإنتخابات فنحن نرفض هذا المنطق.

س- ولكن ماذا عن ترشيح “14 آذار” للأستاذ نسيب لحود لرئاسة الجمهورية مع انه سقط في الإنتخابات؟

ج- أيضاً هذا غير منطقي وهو صديق شخصي وأنا جاوبت في وقتها بأنه لا يجوز البناء على هذا الأمر، لأنه يجب أن تكون الأمور طبيعية وتطوّرها طبيعي، وعلى كل حال من يُفكّر بعقل انقلابي لا يصل الى نتيجة، يستطيع أخذ البلد يوم ويومين وثلاثة ولكن في الرابع ماذا سيفعل؟.

س- وماذا حتى يستطيعوا نيل العدد الكافي من الأصوات في الإستشارات النيابية؟

ج- أما أن تتأجل المشاورات وهذا ما يرفضه الكثيرين، وأما أن تجري.

س- بعد موقف وليد جنبلاط، تتوجه الأنظار على نواب طرابلس الأربعة ميقاتي، الصفدي، عبدالعزيز وكرامي؟

ج- الرئيس ميقاتي نال أعلى نسبة تأييد في الإستطلاع بعد الرئيس سعد الحريري، 51 بالمئة للرئيس الحريري، 23 بالمئة لم يقرروا و14 بالمئة للرئيس ميقاتي و2 بالمئة للرئيس كرامي.

ولكن على كل حال أنا أريد أن أقول شيء آخر، الرئيس ميقاتي سياسي طرابلسي إبن بيئته وإبن محيطه ومتصالح مع أهله ومع لبنانيته ومع طائفته ومع عروبيته، لا يُقدِّم على خطوة لا يكون حسب حسابها، ولا يكون يعرف أنها تصب في مصلحة الجماعة ومصلحة أهله وبيئته ومحيطه أيا كانت هذه الخطوة. والوزير الصفدي لا ينقصه شيء من الوطنية بهذا المعنى ولا من الطرابلسية، والنواب الدكتور قاسم عبد العزيز واحمد أفندي لا أعتقد أنهم يتخذون إلا الموقف السليم الوطني الذي يحقق المزيد من التفاهم .

س- يعني يُسمّون الرئيس الحريري؟

ج – أعتقد أن الأمر الطبيعي أن يُسمّوا الرئيس الحريري إذا لم تتأجل الإستشارات، ليس مطروحاَ خيارات أخرى.

س- كان يتم البحث بصيغة توافقية يطرحها القطري، كما أوردت بعض المعلومات عن الإتيان بحكومة يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي تكون توافقية يوافق عليها جميع الأطراف؟

ج- أصلاًَ الرئيس ميقاتي لا يقبل إلا بموافقة الجميع، وموافقة الجميع الآن غير متوفرة على الأقل حتى الآن، وبالتالي البحث في غير مكانه.انا قلت الرئيس ميقاتي مُتصالح مع أهله ومع بيئته ومع محيطه .

س- ولكن التحفظ على الرئيس ميقاتي من جانب مَن؟

ج- الموضوع ليس التحفظ أو عدم التحفظ، هذا إتفاق سياسي كبير بحاجة إلى موافقة قوى ” 14 آذار” وبحاجة أولاَ وقبل أي شيء آخر موافقة الرئيس سعد الحريري.

الآن نحن في مواجهة سياسية، وليس في بحث عن رئيس حكومة غير الرئيس سعد الحريري، نحن سمّينا ورشحنا وأكدنا على ترشيح الرئيس سعد الحريري، ولا أعتقد أن هناك نية لدى أحد للتراجع عنه باعتباره هو مُنتخب وليس باعتباره إبن رفيق الحريري فقط. هو مُنتخب ورئيس أكبر كتلة نيابية، وهو عنده 24 نائب من أصل 27 سني يؤيدونه وعنده كتلة نيابية من 32 نائب فيها كل الطوائف وكل المناطق وبالتالي لا تستطيع الغاءه إلا إذا جاء من يقول فلنجمّد كل شيء ونُجري إنتخابات مبكرة.

س- ولكن هذا الكلام يُفسّر بأن الصراع مذهبي فلماذا؟

ج- يجب العودة الى الكتاب لا شيء ينقذنا إلا الكتاب، يجب العودة الى الدستور وماذا يقول هذا الدستور نحن ننّفذ. مضمون الدستور الحقيقي أنه بالعيش المشترك لا يمكن الغاء طائفة بكاملها، وهذه الطائفة هي طائفة العروبة وطائفة المقاومة وطائفة الدولة وطائفة الدستور، وهي قادرة على الصمود والإستمرار والمواجهة السياسية أياً كانت الصعوبات وأياَ كان الكلام الكبير.

س- لكن لماذا تجاوزتم الكتاب في مرحلة سابقة عندما انسحب الوزراء الشيعة من الحكومة؟

ج- نحن الآن في ظرف أحسن ويجب ان نتذكر عندما انسحب الوزرائء الشيعة والوزير يعقوب الصراف، وأنا لم اكن أقول ولا مرة عنهم شيعة بل وزراء حركة “أمل” و”حزب الله”، ولكن على كل حال في ذلك الوقت كان الدم على الأرض، أنسيناكم إغتيال وراء اغتيال وراء اغتيال بيار الجميل وجبران التويني وفلان وفلان وآخرهم الشهيد انطوان غانم وقبله الشهيد وليد عيدو، يومها كان الدم على الأرض وكانت المواجهة تتعلق بمدى القدرة على حماية الأحياء ولا تزال هذه المواجهة قائمة الآن على حماية الأحياء لأن يستمروا في حياتهم الطبيعية، وأن يستمر حقهم بإبداء رأيهم، ويستمر حقهم بالوصول الى بيوتهم، لا أن تستطيع قوة عسكرية أن تقرر أياً كانت هذه الجهة اغتيال فلان أو فلان مجاناَ دون محاسبة، هذا كل المقصود من كل هذه العملية السياسية، لا أحد يفتش على ثأر، ولا أحد يفتش على إغتيال، ولا أحد يفتش على إنتقام، أو على حقد، نحن نفتش عن حق بالحياة والحق بالحرية والحياة، لم يناقشنا أحد حتى الآن بهذا المفهوم، الكل يعمل معك أما صفر أما مئة، ما في شيء بين الإثنين أما ان تتخلى عن كل شيء، او نأخذ منك كل شيء، وهذا الكلام لا يقوم ولا يستوي ولا ينفذ، ومن يريد المحاولة، عليه ان يقرأ أي كتاب تاريخ عن لبنان الحديث والقديم سيكتشف انه سيصل الى حائط مسدود .

س- على كلٍ هذا الموضوع يؤدي إلى استنفار طائفي ومثلاَ اليوم هناك اجتماع لمجلس المفتين؟

ج- هذا الإجتماع هو الثالث، لكن من الذي جرّ الناس إلى هذا الوضع؟ من جّر الناس إلى هذا الوضع بكل بساطة هذا الذي يستطيع القول نحن لا نريد سعد الحريري، ولكن ماهذا الكلام وهل هكذا بكل بساطة.

س- العماد عون يقود الحملة على سعد الحريري لا تستهدف السُنة وليست حربا مع السُنة؟

ج- طبعاَ وكأن الرئيس سعد الحريري ليس لديه 24 نائب من أصل 27 نائب سني وبالتالي إذا لا تستهدف هذه الحملة السُنة فمَن تستهدف؟ هل تستهدف الألمان؟ هذا كلام غير واقعي وغير منطقي.

على كل حال الجنرال في المدة الأخيرة أصبح عنده اختصاص بالحدة التي في غير محلها وفي غير جهتها وفي غير أهلها، وهذا استطلاع الرأي الذي ذكرناه أجرته مؤسسة مع ألف شخص على مدّة شهرين وهذا رأي الناس وليس رأيي أنا .

س- ربما غداَ يجرون استطلاع آخر تكون النتائج مختلفة؟

ج- لكن بالنهاية هذه المؤسسة محترمة هي ” الفورين بوليسي” وليس أياَ كان، وهي حدّدت بدقة موضوع المحكمة وموضوع رئاسة الحكومة وموضوع الزعامة حتى في موضوع الزعامة الشيعية مثلاًَ يعطون السيد نصرالله 61 بالمئة والرئيس بري 32 بالمئة، يعني هناك الكثير من الأرقام تعبّر واقعياَ وموضوعياَ ومنطقياَ حتى في نظرتهم للرئيس الأسد وللدور السوري فيها واقعية شديدة وليست بسيطة؟.

س- بالنتيجة إذا حصلت الإستشارات غداَ الإثنين ومهما كانت النتيجة إذا تمت تسمّية رئيس، هناك صعوبة بالتشكيل لأن هذا لن يشارك مع ذاك والعكس بالعكس؟

ج- ليس الى هذه الدرجة، وأنا لا أريد استباق النتائج إذا لم تتم تسمّية الرئيس سعد الحريري نكون دخلنا في مجهول اسمه عزل طائفة بكاملها، وهو أمر أنا لم اقبله في الطوائف الأخرى منذ عام 2005 حتى هذه اللحظة، ولن أقبله ولن يقبله أحد من السُنة شخص ساقط في الإنتخابات أياً كان تقديره وأهميته لايحق له.

س- لكن كيف تواجهه؟

ج- أواجهه بالسياسة وبالدستور، أنا ماعندي شيء ثاني أقوم به، ولكن هو يكون قد إتخذ قرار كبير وخطير لأنه لا يمثل طائفته بداية، ومن ثم نذهب الى مجهول في السياسة أنا لا أتحدث هنا عن غير السياسي بالمواجهة السياسية نحن متأكدين من قدرتنا على المواجهة السياسية ومن قدرتنا على الصمود .

س- هل يعني كما حصل سنة 1998؟

ج- أنا لا أعتقد أن الظروف مشابهة، فالظروف مختلفة والظروف في لبنان وفي سوريا وفي المنطقة مختلفة، وأنا مازلت أراهن على أنه لا أحد يستطيع أخذ الموقف السوري رهينة، وقد سمعت خبرية ظريفة بأن إيراني قال أنا ابقى 40 سنة حتى أشتغل السجادة، فالسوري اجابه أنا ابقى مئة سنة لأشتريها.

وبالتالي أمامنا ساعات قليلة، ولكن هذه الساعات ربما تحسم الأمور أما لصالح تسميّة الرئيس سعد الحريري وأما لصالح تأجيل الإستشارات إلى حين إيجاد تسوية .

س- لكن إذا حصل تسمّية الرئيس الحريري لن تقبل به المعارضة، وربما تتخذ خطوات ميدانية وحتى لن تسمح بتأجيل الإستشارات أكثر من مرة أو مرتين؟

ج- لكن إلى ماذا ستؤدي هذه الخطوات الميدانية التي يهدّدونا فيها دائماً، هي لن تؤدي الى شيء ونحن لن نغيّر في سياستنا نقطة واحدة، وليس هناك أي تعدي في سياستنا أياً كان العمل العسكري والعمل الميداني. نحن نتحدث بالسياسية ومن يريد الإستيلاء على الطريق وعلى البناية فليفعل ذلك، هذه مدينة صامدة ملتزمة بالمواجهة السلمية والسياسية ولا أحد منا عنده سلاح ولا يُفكر بالسلاح، ولا السلاح يأتي بنتيجة ماحدث في الدوحة. أكرر لن يتكرر أياً كان نوع السلاح وأياً كان قدرته، وأنا أعتقد لا أحد يفكر جدّياً بالسلاح لأن المناقشة في مكان آخر. هم يتصّرفون بأنهم يحاربون أميركا في لبنان، مثل فتوى الإمام الخامنئي ومثل كلام الرئيس الإيراني احمدي نجاد، وبالأمس نائب رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال” جزيلي” بأننا نحن سننتصر على الولايات المتحدة الأميركية في لبنان. فمَن قال له ان لبنان ولاية أميركية؟ نحن ناس لبنانيين نصدّق مانقوم به وما نناقش به، وبالتالي عليك ان تحكي معنا وتخاطب عقلنا واحترام خياراتنا السياسية في لبنان، هناك من هم ضد السياسة الأميركية أكثر مما في إيران، وهناك من هم ضد السياسة الأميركية أكثر مما في سوريا.

س- لكن هناك أمر واقع اسمه إيران أصبحت في لبنان يُعبّر عنه “حزب الله”؟

ج- وماذا بعد، المهم ان يُعبّر عنه بنجاح ويقدرة على التفاهم مع اللبنانيين، لا أن يُعبّر عنه بعزل طائفة والدخول بمواجهة مع لبنانيين حجمهم التمثيلي واسع جداً سواءاً بين المسلمين أو بين المسيحيين .

س- ماهوالهدف النهائي لـ”حزب الله” بالتيجة؟ ولماذا تصعيد الشروط وصولاَ الى درجة عدم القبول بسعد الحريري؟

ج- انا أُبلغت من جانب القطري والتركي، هو لم يُصعّد الشروط، هو قال جملة واحدة فقط لا نريد سعد الحريري، وأنا لا أفهم كيف لواحد أن يتحدث بهذه الطريقة بالسياسة، هذا كلام ليس سياسياً هذا كلام فوق السطوح لا يأتي بنتيجة، وعلى مَن كل هذا التجبُّر؟ والى أين يوصل؟ لا يوصل الى اي مكان، فأنت لا يمكن ان تُقرر بالنيابة عن غيرك لا انت ولا حلفائك يمكن ان تغيّروا في الشارع، فلا بأس انزلوا واستولوا على الشارع، فاذا كان الشارع حمايتكم واحتلال المدن واستباحة اهلها وهم لم يفعلوا حتى الآن فليتفضلوا إذا كان هذا يعود اليهم بنتيجة سياسية، ولكن هي لن تأتي إلا بالمزيد من الخراب علينا وعليه، وهل جمهور “حزب الله” ليس معنياً بالوضع الإقتصادي ويقبض راتبه بالين الياباني؟ هو يقبض راتبه بالليرة اللبنانية ويريد العيش هو وأبناءه مثله مثل كل اللبنانيين، الأمر يلزمه تصرّف مسؤول وعاقل وواعي يأخذ بعين الإعتبار هذه المتغيّرات عند اللبنانيين ومعالجتها بالتي هي أحسن، ويجاوب لماذا وُضعت هذه الورقة أربعة أشهر في الجارور ولم ينّفذ منها شيء؟ غير ما قاله الرئيس الحريري ما ارتكبه الرئيس الحريري في جريدة “الشرق الاوسط” في 6 أيلول لا يوجد هناك من يريد أن يجيب أو يقول أي شيء، لماذا لم تُنفّذ طوال أربعة أشهر؟ السيد نصرالله قال في خطابه الأخير نحن وافقنا على بعض البنود ونظرنا الى البنود الأخرى بعين إيجابية، فاذا كانت المحكمة إسرائيلية وأميركية وإمبريالية وإستعمارية وتُشكّل هذا الخطر الكبير، وكانت نظرتك للإتفاق بنود إيجابية وبنود تنظر اليها بإيجابية وأخذ الوقت أربعة اشهر، فكيف لو كان هناك بند سلبي هل كنا ننتظر سنتين؟.

أتمنى لو أن أحداَ يجاوب على عقلي، هذا كلام لا طائفي ولا مذهبي ولا سياسي، هذا كلام عقلاني فكيف يمكن تكون تواجه أنت محكمة تصفها بما تصفها بهذه الطريقة وبهذا التمهّل، وبالقول اننا نخوض معركة رأي عام. وبالتالي روح فتش لماذا هذه الورقة نامت أربعة أشهر قبل إتهام الرئيس سعد الحريري أو من يمثله باتهامات لن توصل الى نتيجة؟.

س- لكن أيضاَ الآن اصبحت المحكمة في مهب الريح؟

ج- هو يعرف وهو قال في عدّة خطابات السيد بأننا لا نستطيع أن نفعل شيء في المحكمة ونعرف أنها ستمشي، ولكن نحن نطالب بانسحاب الشرعية اللبنانية منها لتعطيل مفاعيلها الداخلية.

جيد أنت تطلب هذا الأمر، ولكن لماذا على الرئيس سعد الحريري أن يوافق؟ وماهي الإتفاقات التي تشجعه على إتخاذ هذه الخطوة؟ وما هي الضمانات التي تشجعه على هذه الخطوة؟ وكيف يمكن نزع السلاح الذي يسمّى فائض قوة من النظام السياسي؟.

س- لماذا تعتبر ذلك حكما بعدما ثبت أن هذه المحكمة حتى وليد جنبلاط اعتبر انها فقدت المصداقية ومسيّسة الخ … والدليل قاموا بحملتهم في البداية، ثم عادوا وبثوا تحقيقات لجنة التحقيق؟

ج- هذا كلام ايضاَ لا يستوي، هذه وجهة نظر وليست حقائق ولا وقائع، هذه وجهة نظر. وعلى كل حال اذا كنت تشتغل بالسياسة ومعني بأمور جمهورك وشعبك وببلدك وأهلك يجب أن تقوم بكل شيء لكي تنجح بذلك، وليس أن تُهدّد أو تُخوّن، يجب ان تقوم بكل ما هو يؤدي الى التفاهم مع الآخرين.

س- ولكن تسريب التحقيقات ونشرها بهذه الطريقة هل هي وجهة نظر أم حقائق؟

ج- التحقيقات وما نُشرعلى التلفزيون موضوع، والقرار الإتهامي موضوع آخر، أنا لست مضطرا أبداَ تصديق بأن شهداء الزور وليس شهود الزور موجودين في القرار الأتهامي كل هذا كلام خارج سياق النص الذي سيُعتمد، إلا إذا اعتمد شيء منها فيكون القرارالإتهامي كله لا قيمة له .

أنا سمعت الكلام الذي كان آراء بناس وتقييمات لا علاقة لها بالقرار الإتهامي وافتراضات واستنسابات.

س- لكن هذه الآراء اضطرت بعض الناس لإصدار اعتذارات؟

ج- جيد لا بأس الإعتذار فضيلة وليس إدانة، ولكن أنا أريد ان اقول لصديقين ورد اسمهما في الشريط، وأنا أسمح لنفسي أن أقول عني وعن غيري، بأن الفضل شلق قيمة وطنية جدّية، ومفكر كبير وزميل ورفيق عمر للرئيس رفيق الحريري وتناوله بهذا الشكل لا يجوز.

وعلى كل حال البيان الذي صدر فيه اعتذار من الجميع ولم ينتبه أحد لذلك بسبب التوتر واعتذار للجميع. وأنا أيضاَ أقول للأستاذ الزميل الصديق العزيز طلال سلمان ما قيل هي حادثة ليست واقعة، ولا هي تُعبّر عن شخصه ولا عن سياسته، وأنا عملت خمس سنوات معه وكان دائمَ صدره رحب، وصفحات الجريدة أكثر رحابة، وتحمّل مني ومن غيري ومازالت صفحات الجريدة مفتوحة، وأتمنى ان لا يتوقف عند هذا الكلام وأن لا يعطيه أي اعتبار وهو عروبته أكيدة وعميقة.

س- لكن انت تتحدث بلسانك وليس بلسان الرئيس الحريري؟

ج- أعتقد انه عندما اعتذر من الجميع كان يقصدهم، وأعتقد أني أستطيع القول ان هذا الكلام لا يعترض عليه الرئيس الحريري ،حتى لا أقول أني أقوله بلسانه. المهم ان هذين الشخصين وأشخاصاً آخرين لا أريد أن اعدّد الأسماء، لكن هذين الشخصين بالذات وبالتأكيد الوزير شلق يستاأل كل تقدير والعزيز طلال يستأهل محبة.

س- وأنت تجاوزت ماقيل ؟

ج- هذا الموضوع انتهى وأصبح ورائي بظروفه وبوجعه وبتشويشه ذاكرة غير متسلسلة .

س- هل تعتقد ان نشر هذه الشرائط المقصود منها زرع الخلافات أو ضرب صدقية التحقيق؟

ج- طبعاَ انا لا أضع اللوم على وسيلة إعلامية لاستعمالها لأني لو كنت أملك وسيلة إعلامية لكنت استعملتها، فهذه فرصة لا تتكرر لأي وسيلة إعلامية. ولكن على كل حال هذا كلام قديم عمره أربع سنوات أو ست سنوات، وبالتالي كل كلام له ظروفه وليس بالضرورة التركيز عليه.

س-المفاجأة كانت ان السيد حسن نصرالله قدّم موعد كلمته التي كانت مُقرّرة الثلاثاء الى مساء اليوم، لماذا توقيتها عشيةالإستشارات؟

ج- أعتقد عشية الإستشارات ان شاء الله تكون هادئة ودعوة للحوار، ما في طريقة وما في حل غير الحوار، هو منذ ستة أشهر يخاطب رئيس الحكومة عبر التلفزيون الحل الوحيد هو الحوار لا أحد منهم يستطيع إلغاء الآخر، ولا أحد منهم يستطيع إلغاء تمثيل الآخر السياسي، والحل الوحيد الديموقراطي في كل مرة نفتح سيرة الإنتخابات إنه إذا كان مستحيل التفاهم ولا أحد يريد الإعتراف بحجم الآخر سياسياً، على الأقل هم لا يريدون الإعتراف بحجم الآخرين مرة عبر التهديد وعبر التخوين. وبالتالي تُحل الأمور بالوسائل الديموقراطية ولا مشكلة بأن نذهب إلى إنتخابات مبكّرة .

س- تقول انتخابات مبكّرة ؟

ج- نعم إذا كان بالوسائل الديموقراطية، فتعالوا لنرى الناس تؤيد مَن وقد حصلت دورتي إنتخابات نيابية في الـ 2005 و2009 والسيد نصرالله نفسه قال قبل الـ 2009 فليربحوا الإنتخابات ويشكلوا الحكومة التي يريدونها، فأتى الرئيس الحريري وشكّل الحكومة التي هم يريدونها، ومع ذلك كلما قدّم تسهيلاً كلّما اُدين، وكلمّا قدّم فكرة كلّما اُدين، مع العلم أني لست مع هذه الأفكار ولا مع هذه التقديمات، ولكن نتائجها دائماً المزيد من الإدانة والمزيد من الإتهام والمزيد من التهديد والتخوين .

وبالتالي إنتهينا وهذه السياسة يجب أن تصل الى مكان تتوقف فيها، وأن يظهر على الأقل أنها ليست فعالة ولا تأتي بنتيجة، وآن لنا ان نعي على أنفسنا وأن هناك عشرين جهة تحاول استعمالنا بشكل أو بآخر، وتحاول ان تعيّن لنا ساحات للصراع. حان الوقت أن تجلس شويّة ناس، وأنا هنا لا أتحدث عن كل الناس ولا عن طاولة الحوار، أنا اعتبر أنه حان الوقت لأن يجلس السيد نصرالله والرئيس سعد الحريري وأن يتفقا أو يختلفا، ولكن أن يسحبا فتيل الفرقة هذا وفتيل المواجهة.

س- يعني حوار داخلي في ظل وجود خلاف إقليمي دولي؟

ج- ولكن هل نحن لا يمكننا أن نتحدث بالإقليمي، وهل نحن قاصرين أن نعرف ما هي المشكلة في الإقليم وكيفية التعامل معها وكيفية النقاش حولها. أعتقد أننا كلنا نعرف ذلك وما شاء الله اللبنانيون يعرفون عن المنطقة أكثر مما يعرفون عن بلادهم، وبالتالي للنقاش قواعده ومنطقه ومعرفته بماذا يحدث في الإقليم، وباستطاعتك ان تجلس وتناقش على قاعدة ماذا تريد وكيف تُحقق الإستقرار وماذا يحصل في الإقليم وتكون على علم بذلك وتأخذه بعين الإعتبار، يعني هذا الذي يحصل في الإقليم حاصل منذ العام 48 ولن يتوقف ويستمر فما العمل؟ هل لا نجلس مع بعضنا البعض ولا نتحدث ونناقش ونفاصل؟ هذه مسؤوليتنا تجاه أهلنا وتجاه شعبنا.

س- لكن ما نفع الحوار بوجود سيف مرفوع اسمه محكمة دولية وقرار إتهامي الخ.. لأن “حزب الله” تعامل مع الموضوع بتدرج من ما قبل صدور القرار الى مرحلة صدوره وما بعد صدوره؟

ج- هذه التهديدات جيدة، ولكن هل غيّرت شيء بما حصل؟ هل غيّرت شيء بالمحكمة أو بالقرار الإتهامي أو بوجهة النظر الدولية وبوجهة النظر العربية؟ لم تفعل شيء. إذاً الى أين مازلت سائراً في نفس السياسة التي لا توصل الى مكان؟.

س- ربما التغيير سيأتي على المدى البعيد؟

ج- من حسب رأيك استطاع في لبنان أن يغيّر على المدى البعيد سوى بالإنتخابات ان كان عند الموارنة أو الشيعة أو السُنة، فلتسمي لي واحد فقط.

س- يغيّر في موضوع المحكمة، وأنا هنا أتحدث عن موضوع المحكمة، ربما تحصل تسوية وهناك حديث طُرح في المساعي الفرنسية وغيرها بأن يحضّر شيء للمحكمة يشبه لوكربي؟

ج- أنا لأ أملك هذه القدرة على الخيال، ولكن على الأقل أنا أتحدث على الحجم اللبناني من الموضوع، وأنه بالتأكيد من يتهم المحكمة بكل هذه الإتهامات لا يجيد أبداً الدفاع عن نفسه، ولا يجيد أبداً مواجهة كل هذه الإتهامات بالطريقة المستعملة حتى الآن هذا الفاباتيك الدفاع عن القضايا وهو غير متوفّر بكل الأداء السياسي.

أنا لا أتصوّر اللحظة حيث جاوب فيها رئيس وزراء قطر ووزير خارجية تركيا أولاً دولة صديقة ودولة عظمى إقليمية مثل تركيا أننا نحن لا نريد فلان، وفق أي مقاييس أتى هذا الجواب؟.

س- هل برأيك هذا جواب سوري؟

ج- لا أعرف، ولكن إذا كان جواباً سورياً فهذا خطأ وخطأ أكبر، وهذا لا يخفف من مساوئه إذا كان الجواب سوري، ولكن على كل حال، لو كان جواب أياً كان لا يجوز أن تُدار الأمور بهذا الشكل في لبنان، ولا تنجح ولا توصل الى نتيجة، ولا يجوز أن تتحول الأمور الى حقد شخصي أو لتقدير شخصي أو لإلغاء شخصي، رضيت أو لم ترضَ، وإن رضيت أنا أو لم أرضَ هذا الشخص يُمثل أعلى نسبة من محيطه وبيئته وأهله وطائفته، ويُمثل نسبة كبرى من الطوائف الكبرى ومن لا يعجبه فلينتظر حتى العام 2013. وأكد عكس ذلك عبر الإنتخابات النيابية، ولكن حتى ذلك التاريخ لحسن الحظ أو لسوء الحظ هذا هو الواقع، فلتعترف به وتتعامل معه، فلماذا اللف والدوران حوله دون الوصول الى نتيجة، هل يجاوب الشارع على قرار إتهامي؟ من قال ذلك؟ وما هو حاصل اليوم تجاوز الطبيعي وكأنه لم يحصل من قبل، ولم يعد هناك أحد يحمل قلم ليوقّع. حبر التنازلات انتهى وجفّ القلم. توجد ورقة وهناك ورقة ثانية وورقة ثالثة كلها توصل الى نفس المكان، ضرورة الحوار والمناقشة. فلنضع هذه الأوراق على الطاولة، وبالتالي ما هو الإختراع الآخر عندك الذي تستطيع بواسطته إلغاء حق سعد الحريري بتعديل الورقة أو بتعديل الأفكار أو ما سوى ذلك. كل الأمور مطروحة للحوار فتفضل وحاوره، ولكن أنت لم تحاوره في الأربعة أشهر الماضية والآن تنتبه انه ربما غيّر تفكيره.

هذه قضية كبرى تحتمل النقاش، تحتمل الصبر، أنت تسعى لاستقرار بلد، فهل تستطيع تخصيص القليل من الوقت لمناقشة أسرع، إلا إذا كان الإيرانيين يعتبرون لبنان ولاية أميركية، والأميركيين يعتبرونه ولاية إيرانية، ونحن جالسين لا نستطيع التحرك ولا نعرف أن نتحرك في أي اتجاه بالتزامات لا علاقة لنا بها.

س- ربما هذه هي الحقيقة الوحيدة؟

ج- ربما تكون جزء من الحقيقة، ولكن يجب أن يكون هناك مسعى لتجاوز هذه الحقائق وللوصول الى شيء منطقي وعاقل يُحقق الإستقرار ويحفظ عنوان المقاومة ويُحقق علاقات طبيعية مع سوريا، لا يجوز، كل شيء يسير بالعكس، بالعكس، وأنا لا أعرف لصالح مَن هذا الذي يحصل.

أنا لا أستطيع أن أفهم ولا للحظة أن ما يحصل هو لصالح سوريا أو لصالح عنوان المقاومة، ولا أستطيع أن أفهم ولا لحظة ان يحلم أي كان بعزل طائفة بكاملها فضلاً عن أجزاء كبرى من الطوائف الأخرى. هذا انتحار سياسي وليس عملاً سياسياً فكيف يمكن أن تكون أنت انتحاري سياسي، باعتبار ان الآخرين جميعاً أعضاء في مؤامرة عليك، وبالتالي ما هذا المنطق؟ هذا الموقف المذكور في أول ورقة وثاني ورقة وثالث ورقة، هذا قبل زيارة نيويورك وهذا قبل مقابلة الرئيس الأميركي، وقبل مقابلة وزير الخارجية الأميركي، وقبل مقابلة الملك السعودي الأخيرة شفاه الله، فماذا استطاع الأميركيين أن يضيفوا عليها؟.

س- لكن أنت قلت انهم أبلغوكم أنهم لا يوافقون عليها؟

ج- لا بأس أن يبلغوني أو يبلغوا غيري، ولكن هذا لا يعني اني ملتزم، أنا أعبّر عن موقفهم وليس عن التزامي بموقفهم، فهذا كلام وذاك كلام آخر.

س- أنت تقول ذلك، ولكن ربما السعودية انسحبت تحت وطأة الضغط الأميركي، هذا لُغز ماذا حصل حتى السعودية أعلنت أنها سحبت يدها؟

ج- بكل بساطة، عبّر الأمير سعود الفيصل أو تصرّف الملك سابقا عن يأسه من إمكانية تحقيق تقدّم بهذا الإتجاه، بالعلاقات مع سوريا، يئس وعاد الى ذاكرته ماذا حصل في اتفاق مكة؟ وماذا حصل في الحكومة العراقية، وماذا يمكن أن يحدث في لبنان؟ فقررت أن يطلب من السوري ومن نفسه الإنسحاب من هذه المشكلة المأزق الكبير، ولكن بالتأكيد أنا أتمنى وأناشد وأكرر انه لا زال رهاني على الدور العربي، ولازال رهاني على التفاهم السوري- السعودي، على منطق، على عقل وعلى نص جدّي محترم رصين يؤسس للدولة، يؤسس لاستقرار، يؤسس لحق الناس بالتعبير عن رأيها بحرية.

أنا لن أقبل أن أُغيّر ببساطة الإنسحاب، لبنان مسؤولية عربية، ولبنان قدره عربي، ولبنان طبيعته عربية، وأي كلام آخر خارج هذ لسياق هو مزيد من الإشتباكات ومزيد من قدرة لبنان على تصدير الفوضى الى العالم العربي، فليكن ذلك واضحاً، وهنا أكرر لأقول مزيد من القدرة على استعمال لبنان لتصدير الفوضى الى العالم العربي، لبنان مسؤولية عربية، ويجب أن يتصرّفوا تجاهه بكل مسؤولية أياً كانت ضعفهم وأياً كانت مشاكلهم، لأن مشاكلنا من مشاكلهم ومشاكلهم من مشاكلنا.

س- هل أيصال الوضع الى هنا الهدف منه الوصول الى نتيجة انه لا يستطيع أحد ضبط الوضع في لبنان سوى جهة واحدة اسمها سوريا، وعودوا ولزّموا هذا الوضع لسوريا؟

ج- لا لزوم لذلك، هذه تعابير قديمة لم تعد متوفّرة.

س- لكن يتم طرحها الآن؟

ج- صحيح، ولكن لا تأخذ بعين الإعتبار حجم التغيير الذي حصل في لبنان وحجم التغيير في المنطقة وحجم التغيير في سوريا وفي كل مكان. كل ما أتحدث عنه هو مساهمة سوريا في استقرار لبنان وسوريا لأنهما بلدان يتأثران باستقرار بعضهما البعض، لا يمكن فصل الإستقرار اللبناني عن سوريا ولا يوجد شيء اسمه حدود تمنع انتقال الفوضى، ولا يمكن فصل استقرار سوريا عن لبنان لأنه أيضا لا يوجد في لبنان حدود تمنع انتقال لاسمح الله أي فوضى في سوريا.

الجميع الآن زعلان ومتوتر ومنرفز عليه أن يعود الى الهدوء والنظر الى الأمور بعين رضيّة وإيجابية والعودة الى الحوار العربي، الباب الوحيد المفتوح، نحن لا نستيطع أن نتحمل أن نكون موضوعين على طاولة دولية.

س- لكن هل لا تزال سوريا قلقة على نفسها من موضوع المحكمة ليس فقط “حزب الله”؟

ج- أعتقد ان الرئيس الحريري عندما تحدث الى “الشرق الأوسط” عن تبرئة سوريا قال كلاماً مسؤولا بصفته رئيسا لمجلس الوزراء، وبالتالي هو يعلم ان سوريا بريئة من هذا الموضوع.

س- هو قال ذلك، ولكن سنرى الى أين وصل نص القرار الإتهامي؟

ج- أولاً هو يعلم وليس هو قال، وبالتالي من قال هو رئيس الوزراء وكلامه مسؤول ويُعبّر فقط عن رأيه، يُعبّر عن مسؤوليته أيضا، ولذلك أنا اعتبرت انه تجاوز نفسه وذهب بعيدا، وبالمقابل لم يُقدّم سوى مذكرات التوقيف.

س- وهل لهذا السبب لم يستطع تبرئة “حزب الله” قبل صدور القرار الإتهامي؟

ج- هذا غير ممكن، ولكن أعود وأقول الحل الطبيعي هو الحوار، والهرب من الحوار هو الذهاب الى اشتباك، نحن لن نشتبك مع أحد، نحن سنواجه بالسياسة وبالصمود وثابتين على موقفنا ولن يتغيّر وجفّ حبر التنازلات.

س- أنتم لن تواجهوا، ولكن هل تتركون الساحة؟

ج- بالسياسة لن نتركها وبغير السياسة رهاننا الأول والأخير، وحمّلنا في آخر بيان لـ”كتلة المستقبل” المسؤولية لقيادة الجيش وللقوى الأمنية باعتبارها خيارنا الوحيد وخيارنا الطبيعي لأننا نحن نبحث عن الدولة ولا نفكّر غير بالدولة ولا نعمل إلا من أجل الدولة.

قد تقولين لي هذا الجيش فعل هنا ولم يُلبِ هناك أو ذلك، الجواب هذا خياري الوحيد ورهاني الوحيد.

س- رأينا نموذج صغير عما يمكن أن يحصل، تلك العملية الإستعراضية التي حصلت صباح الثلاثاء الماضي، ولكن لم يصدر أي بيان من أي جهاز أمني عما حصل؟

ج- أنا سمعت عن ذلك ممن كانوا في بعض المناطق، كما قرأت في صحيفة “السفير” حيث كتبت جهينة خالدية وهي كانت موجودة في منطقة طريق الجديدة، وفي المحيط، بأن الجيش كان له مواقع ثابتة وقوى متحركة بعد نصف ساعة من انتشار هؤلاء الذين كانوا يريدون الذهاب في رحلة، وبالتالي أنا ليس لدي غير رهان واحد، وليس عندي من أحمّله المسؤولية غير قيادة الجيش وقيادات القوى الأمنية على اختلافها، ولا خيار أمامي ولا أريد البحث عن خيار ولا أسعى الى خيار. صمودي السياسي ورهاني على الدولة عبر جيشها وقواها الأمنية.

س- هل تدعو غداًُ أو قبل الغد من اليوم رئيس الجمهورية لتأجيل الإستشارت النيابية، وقد سمعنا بالأمس بعض القيادات في “14 آذار” مثل الدكتور جعجع الذي دعاه الى ذلك بطريقة غير مباشرة؟

ج- أنا قرأت حديث الدكتور جعجع اليوم في الصحف، ولكن لا لزوم لأن أدعو أنا رئيس الجمهورية، فهو تصرّف بحكمة عالية في الفترة الأخيرة، وبتوازن دقيق، آخذ بعين الإعتبار حجم الأزمات وطبائع النظام اللبناني وعدم الرغبة بهذه الأفكار العظيمة عن عزل الطوائف بالعقل الثأري ربما، ولكن على كل حال هو لا يحتاج الى مطالبتي ولا الى نصيحتي، هو يملك ما يكفي من الدراية والحكمة للتصرّف.

س- يُقال اليوم فريقكم هو الذي لا يريد الإستشارات غداً لأنه لا يثق باستطاعته تأمين العدد الكافي من الأصوات؟

ج- أنا لم أسمع أحد من فريقنا بعدم الرغبة بالإستشارات، ولكن إذا كنت أريد دعوة رئيس الجمهورية، فأنا مُستند لحكمته ولنظرته العادلة ولرغبته للمزيد من الإستقرار وإفساح المجال أمام المزيد من التفاوض والمزيد من الكلام الذي هو خيارنا الوحيد والدائم والأبدي.

س- الإسبوع الماضي كنتم تريدون الإستشارات لأنكم كنتم مطمئنين للنتيجة، ولكن اليوم ما مدى هذا الإطمئنان؟

ج- التأجيل الإسبوع الماضي تم بالإتفاق وبالتشاور بين الرئيس الحريري والرئيس سليمان، ولم يتم بطلب جهة واحدة دون أخرى.

س- التأجيل تم بعد لقاء الرئيس بري بالرئيس سليمان؟

ج- نعم، ولكنه لم يتم إلا بالتشاور، وهو حريص على التشاور مع الجميع، وأعتقد انه سيستكمل هذا التشاور وسنرى ماذا سيحصل.

س- لكن هل أنتم مطمئنون بأن الأكثرية مازالت معكم؟

ج- أنا مرتاح ولم أغيّر منذ اللحظة الأولى رغم كلام الأستاذ جنبلاط، أنا لا زلت على أني مرتاح لأني مُستند الى ضمير النواب الذين مع وليد بك والذين يعرفون تماماً ان خياراتهم السياسية هي التي تُحدّد مستقبل البلد وتحمي وطنيته، وتحمي حريته وتحمي حضورهم وقدرتهم.

س- على كل حال ساعات ونرى النتيجة؟

ج- يُقال “ياخبر بفلوس بكرا ببلاش”.