“نهاركم سعيد” – إلى متى الاغتيالات السياسية في لبنان؟

مقابلات تلفزيونية 09 أكتوبر 2010 0

س- حضرتك لم تدلِ بحديث تلفزيوني تقريباُ منذ أكثر من شهرين تتحدث فيه عن هذه التطورات؟

ج- سافرت فترة طويلة وبعدها شاهدت حفلة الجنون الحاصلة في البلد، ولأول مرة سُنح لي التفرج دون أن أشارك فيها والحمدلله.

س- كيف وجدت هذه الحفلة، هل وجدتها حفلة منطقية أم انها حفلة جنون فقط؟

ج- لم أجد فيها شيء من المنطق وبالتالي حرام ما يرتكب بحق الناس، هناك كذبة كبيرة يجري تسويقها بين الناس يوميا وبشكل غير طبيعي وضاغط.

س- هل تعني كذبة شهود الزور؟

ج- طبعا، كذبة شهود الزور باعتبار ان هذا الموضوع من الذي يقرره، هل يقرره هؤلاء الذين يظهرون على شاشات التلفزيون ، أو مجموعة من السياسيين لديهم مشكلة مع المحكمة ومع القرار الإتهامي، فيقررون مسبقا تحويل أنظار كل الناس الى مناقشة موضوع واحد هو موضوع شهود الزور، وكأن المشكلة في البلد هي قضية شهود الزور، وهذا أمر مضحك ومبكي في نفس الوقت، لأن المشكلة في البلد هي الإغتيالات التي وقعت وليس شهود الزور، وبالتالي ترانا ننتقل من موضوع الى موضوع دون انتباه، وكل الناس تسير في هذا الموضوع مسيّرة وكأن الموضوع الرئيسي في البلد ان هناك شهود زور لا أعرف من هم ولا أين موجودين، لأن هناك عدّة روايات حولهم، وبطبيعة الحال، أنا لست الجهة الصالحة ولا أعتقد انه توجد جهات صالحة للبت في هذا الموضوع، وبالتالي يبدو الوضع وكأنه لم يُقتل أحد أو لم يغُتّل أحد، أو لم يرتمِ أحد في الشارع وسال دمه هو ومرافقيه.

الموضوع ليس شهود الزور ولا الضباط، بل ان هناك عمليات اغتيال سياسية مستمرة منذ 20 سنة في البلد، ولكي لا أبالغ هذه العمليات مستمرة منذ خمس سنوات ولم تتوقف سوى قبل سنة من الآن، وبالتالي هذا هو الموضوع . والمحكمة أُنشئت لحماية الأحياء وليس لحماية الأموات، فهؤلاء رحمهم الله استشهدوا والمحكمة لا تستطيع أن تعيد إليهم الحياة، والمحكمة موجودة للدفاع عن الناس وعن الذين مازالوا أحياء. أنا أسأل هل ممكن أن تستمر الحياة السياسية في لبنان مع استمرار الإغتيالات السياسية بدون حل وبدون عقوبة وتحديد المسؤول عنها؟ ولذلك أتمنى أن لا ندخل كثيرا في هذه الكذبة، وهذا لا يعني ان كان هناك شهود زور أو لا، ولكن كل الذين يتحدثون عن هذا الموضوع ليسوا الجهة الصالحة لتحديد هذا الموضوع. وهنا نتحدث عن قضية كبرى مستمرة منذ شهرين على التلفزيونات وعلى صفحات الجرائد، يتم فيها الإعتداء على عقول الناس وشتم الناس وتهديد الناس، ويتم فيها أيضا عرض عضلات سخيف وتافه لا يعني شيء ولا يشبه إلاّ من قاموا به، في كل الأحوال. إذاً الموضوع هو الإغتيالات السياسية وليس شهود الزور، وهذه المحكمة أنشئت لكي تحقق العدالة لكل اللبنانيين الباقين على قيد الحياة، وهي لم تُنشأ لتأخذ ثأر أحد ولا لتحقيق هدف أحد ما، إنما وُجدت لأن مهمتها مهمة تحقيق العدالة للأحياء وليس للشهداء.

س- لكن من يطرح موضوع شهود الزور من قوى 8 آذار يقول ان طرح هذا الموضوع يساهم في كشف الحقيقة، لأن هؤلاء ضلّلوا الحقيقة؟

ج- أية حقيقة هذه؟.

س- حقيقة من اغتال الرئيس الحريري؟

ج- لكن من يمكنه أن يقول ان هذه هي الحقيقة، وكذلك من يمكنه أن يقول ان الحقيقة ضُلّلت واستنادا الى ماذا؟ استناداً الى روايات شخصية “كمثل نهاد دخل على بسام وكان الأستاذ طوني موجود الذي قال للاستاذ طوني كان هناك آنسة لطيفة أحضرت النسكافيه”. هذا جيد وأنا باستطاعتي أن أروي قصة لأقول دخل علينا فلان وفلان ولكن إذا لم أُحضركم وأسألكم وأقريتم بأن هذا الأمر حصل من يستطيع تأكيد ذلك.

يُحكى عن صحافي عربي كبير كانت كل كتاباته يستشهد فيها بالأموات ولسان حاله إذا لم تصدقني فاذهب واسألهم، وبالتالي ما حاصل في البلد اليوم يشبه هذا الأمر، ولكن ما هو

حاصل أمر آخر فلنرجع للأصول والقواعد. فالقواعد والأصول تقول ان هناك عمليات اغتيال سياسية مستمرة منذ عشرين سنة، وليس فقط منذ خمس سنوات، هذه الإغتيالات طالت خمس رؤساء حكومات ورئيسي جمهورية، ويمكن تعداد هؤلاء مع حفظ الألقاب : رشيد كرامي، رفيق الحريري، سليم الحص الذي تعرض لتفجير بسيارة مفخخة والله سلّمه، صائب سلام ذهب الى جنيف وبقي هناك 15 سنة وعاد ليموت على فراشه، كذلك تقي الدين الصلح ذهب الى باريس ثلاثة أشهر منفي وتوفي بعد ثلاثة أشهر هناك، وكذلك رينيه معوض وبشير الجميل والنواب بيار الجميل، انطوان غانم، وليد عيدو، جبران تويني، ناظم القادري، المفتي حسن خالد والشيخ صبحي الصالح وغيرهم.

هذا بلد قتُل فيه بشكل أو بآخر خمسة رؤساء حكومات ورئيسي جمهورية وخمسة أو ستة نواب ووزراء وشخصيات عامة، فهل يُعقل أن يكون المشكل اليوم ان هناك شاهد زور لا أعرف اسمه ولا مكانه ولا أملك أي دليل على كلامه.

أولاً، أنا أريد أن أعترف أني أنا من طلب هذه المقابلة التلفزيونية، لأنه يجب أن نقول للناس هذا الكلام.

س- لكن الرئيس سعد الحريري تحدث عن شهود الزور في حديثه لصحيفة “الشرق الأوسط” وقال هناك شهود زور ضلّلوا التحقيق وألحقوا الأذى بسوريا ولبنان؟

ج- الرئيس الحريري قال كلاماً سياسياً اعتقاداّ منه ان هذا الكلام يحقق الهدوء والإستقرار، وتبيّن ان هذا الكلام كان السبب لمزيد من تناوله وتناول كرامة موقعه، وتناول جماعته وأهله، فمن لا يملك بعطي لمن لا يستحق، وبالتالي ماذا يملك الرئيس الحريري في موضوع شهود الزور لكي يعطيه في السياسة؟ أي أمر يتعلق بالمحكمة هو أمر قضائي يجيب عنه القاضي، وليس هناك أي جهة أخرى تستطيع الإجابة على هذا السؤال سوى الجهة القضائية، والدليل ان “عنتر زمانه” الذي يتصدّر الشاشات ليلاً نهاراًُ يشتم الناس ويهدّد أهاليهم ويتحدث عن عائلة الرئيس الحريري.

س- تقصد اللواء جميل السيد؟

ج- أنا لا أريد أن أُسمّي، ولكن ماذا كانت النتيجة؟ ألم يذهب الى المحكمة الدولية وطالب بأدلة لتأكيد رواياته، وإلا ما هي قيمة رواياته؟ فهو مُعترف بأن القضاء هو الجهة الوحيدة الصالحة لتحديد صدقية روايته أو روايات سواه، فما دام الأمر كذلك لماذا كل هذه الشتائم والتعرض لكرامات الناس؟ فتحصيل الحق يكون بالقانون طالما ان هناك جهة دولية قالت انها الجهة الصالحة.

هذه كلها أضاليل وإشاعات وأكاذيب يجري تثبيتها في عقول الناس بأن المشكلة هي مشكلة شهود الزور، وتعالوا لنحل هذا المشكل، فكيف يمكن أن نحل هذا المشكل؟ المشكل في السؤال هل يمكن أن نستمر في حياتنا السياسية بحرية بحد أدنى من الحياة الطبيعية وبحد أدنى من الأمن والإستقرار بدون أن نُقتل؟ وليس السؤال إذا ما كان هناك شهود زور أم لا؟.

س- لكن هذا الملف مطروح حالياً، والكلام عنه يذهب الى حد أنه إذا لم يُعالج هذا الملف فهناك فتنة أو خراب في لبنان؟

ج- ولكن إذا قلنا لهم صباح الخير أو مساء الخير يتحدثون عن ان هناك فتنة، وبالتالي من عنده فتنة فليقم بها، ماذا تعني هذه الفتنة وكفى التهويل بأوهام.

البعض يتحدث عن الفصل بين السلطات ولكن على كل حال، يوجد مجلس وزراء كلّف وزير العدل إعداد تقرير عن هذا الموضوع، وسيتم وضعه على طاولة مجلس الوزراء، ويجب الإقرار به والإلتزام إياً كان مضمونه، وهنا يحسم هذا الموضوع ونقطة على السطر، والباقي كله كلام خارج الموضوع.

س- لكن قوى 14 آذار ساهمت في هذا الأمر؟

ج- أنا لا أتحدث عمن ساهم بذلك، أنا لا أستثني أحد من الدخول في هذا النفق الذي أدى الى ان هناك حقيقة واحدة واقعة في البلد الآن عنوانها شهود الزور، وهذا غير صحيح. فالواقعة الأكيدة في البلد ان عمليات اغتيال سياسية طالت العديد، وهنا أتذكر الأستاذ جورج حاوي وسمير قصير والشهداء الأحياء مي شدياق ومروان حمادة والياس المر، اليست كل هذه الإغتيالات وقائع؟ والواقعة الوحيدة فقط هي شهود الزور وهذا غير صحيح، لأن الوقائع هي هذه الإغتيالات وكيف نعالج هذا الأمر ولا تكون المعالجة باتهام الآخر.

س- كيف تتم المعالجة برأيك؟

ج- بواسطة المرجعيات، فمنذ خمس سنوات حتى الآن كل القوى السياسية التزمت مرجعية واحدة لمسألة الإنتخابات اسمها المحكمة الدولية. لا يجوز انه بعد خمس سنوات تقريبا وبسبب مقالة في إحدى الصحف أن نستند عليه ونفتح مشكل في البلد طويل عريض.

عندما نُشر المقال في مجلة “دير شبيغل” كنت على ما أذكر في شتورا ألقي محاضرة، ويومها وفورا دون أي مناقشة قلت هذا مشروع فتنة، والواضح ان الخبر يُقصد منه مشروع فتنة.

إذاً هناك مرجعيات وبالتالي كما حُدّد وزير العدل، وهو رجل ثقة وعلم، وهو يوحي بأكثر من الثقة، يوحي بالإطمئنان وبالدقة وبالموضوعية، وسأل كل الجهات التي يعتقد انها مناسبة لكي يسألها وأجابت على هذا السؤال، واتفق على عرض التقرير على مجلس الوزراء، ولذلك فإن هذا التقرير هو مرجعية شهود الزور وليس مرجعية بشتم الناس، واتهام الناس، وتخوين الناس، وهتك أعراض الناس.

س- لكن الإتهامات التي يطلقها فريق 8 آذار ضد بعض الشخصيات وبعض المسؤولين في 14 آذار يبدو ان الهدف من قضية شهود الزور هو الوصول الى هذه الإتهامات وهم يتحدثون عن مُفبركيهم ومُموليهم، والبعض يستهدف بعض الشخصيات السياسية بالتحديد؟

ج- أنا لأ احب مناقشة هذا الموضوع، لكن إذا أردنا مناقشته فعلياً، فالسؤال هو ما قيمة شهود الزور بالقرار الإتهامي؟ باعتراف كل المحققين ومنهم المتهم ميليس كل شهود الزور الذين يُحكى عنهم ليس لهم أي قيمة في تقرير براميرتس، ولا قيمة لهم في تقارير بلمار، ولا يؤخذ بشهاداتهم، وبالتالي نسمع من يفتش عن معاقبة من يتهمه بأنه فبرك أو ساهم. 

س- هم لا يتهمون فقط، بل ألبسوهم التهمة؟

ج- جيد بإمكانهم أن يقولوا ما يشاؤون، ولكن المشكل الحقيقي في البلد، السؤال الحقيقي الذي ينتظر الجواب هو أمن الناس واستقرارها عبر اعتماد المرجعية الدولية لوقف هذه الإغتيالات.

بالنسبة لي لا وجود لشهود الزور إلا إذا قال لي ذلك القاضي، ولا قيمة لأي احد آخر ولا يعنيني هذا الكلام، فالقاضي هو الجهة الوحيدة التي تستطيع أن تحدد من هم شهود الزور، وعندما يحدّده القاضي هو الذي يعاقبه وليس أنا من يعاقبه، ولا أي جهة سياسية، وإذا ثبُت وجود من فبركه تتم معاقبة هذا الذي فبركه، وأنا أسال هل هؤلاء الشهود الزور كلهم مُفبركين ومدفوعين من جهة واحدة؟ دعنا لا ندخل في هذا الموضوع، فلندع الجهة القضائية تُحدّد من هم شهود الزور وكيفية التعامل معهم، وبناء على التحقيق يُبنى على الشيء مقتضاه، وأي كلام آخر هو كلام سياسي فارغ ليس له أي مضمون، ليس له أي قيمة، وليس له أي هدف سوى إقناع الناس بالكذبة وشتم الناس واستعمال هذا الجسر المسمّى شهود الزور، لإستباحة كرامات الناس واستباحة حياتهم واستباحة عائلاتهم.

س- يقول الشيخ نعيم قاسم ان شهود الزور مُفبركيهم خرّبوا البلد سياسياً واقتصادياً، وهيأوا بيئة للفتنة، وسهّلوا عدوان إسرائيل في تموز 2006، وضلّلوا التحقيق وحاولوا طمس الحقيقة، وخرّبوا العلاقة بين لبنان وسوريا وظلموا الضباط الأربعة؟

ج- لكن هذه الجهة السياسية نفسها قالت عن حكومة الرئيس السنيورة بعد حرب الـ 2006 انها حكومة المقاومة السياسية، فلماذا عليّ أن أصدّق هذا ولا أصدّق ذاك؟.

س- لكن الرئيس بري هو الذي قال هذا الكلام؟

ج- لا بأس، ولكنهم كلهم كانوا في ذات الجو. دعنا نتحدث بصراحة، فأنا في العام 2006-2007 كنت أكتب مشكوراً الأستاذ طلال سلمان في صحيفة “السفير” ويومها صدر موقف من السعودية ومصر والأردن يُخطّيء “حزب الله” بسبب ما فعله في حرب تموز، وأنا أجبت السعودية ووقفت بوجه السعودية ومصر والأردن خطيا وشفاهة وقلت “هذا الموقف خطأ وان السيد حسن نصرالله أصبح مثل عبدالناصر تُوزّع صوره في كل العواصم العربية باعتباره استطاع أن يغيّر معادلة مواجهة إسرائيل”، وأنا صادق في هذا الكلام، وهم يعرفون بأني صادق، وأنا لم أتغيّر، لكن أين هي هذه الصورة الآن؟

هل كل ما حدث من سنة 2006 حتى اليوم هو مؤامرة؟ ألا يوجد من خطأ أو داس على قدم أحد آخر؟ هل الأمر فقط مؤامرة من الآخر؟ لا يجوز هذا الكلام.

أنا سمعت الشيخ نعيم قاسم في مقابلته مع الأستاذ مارسيل حاول أن يكون هادىء ورايق، وأن يقدّم نفسه بطريقة ممكن التفاهم معها، وفجأة نسمعه يقول نحن نستعمل هذا السلاح فقط لتخويف الناس قليلاً، ما هذا الكلام؟ هل هذا كلام سياسي أو كلام شخص يهمه المحافظة على صورته، أو كلام شخص يهمه المحافظة على علاقته مع الآخرين في بلده، ما معنى تخويف الناس ومن هم هؤلاء الناس أليسوا هم أهله؟.

س- هو يقول لمن يودّون إثارة الفتنة؟

ج- أي فتنة هذه؟ فالفتنة لم تكن موجودة في 7 أيار 2008 وإذا كان هناك من فتنة فوليد بك اعترف انه مسؤول عنها وهو حليفهم الآن، كذلك أين كانت الفتنة في عائشة بكار وكذلك في برج ابي حيدر أين الفتنة، وفي المطار أين كانت الفتنة؟ لذلك لا يجب أن نبالغ في هذا الأمر، فكلهم لا يخطيء وكلهم معصوم عن الخطأ، وكل الناس ضدهم، ولكن هذا غير صحيح، فأنت تخطيء وتخطيء وتخطيء، أما هل هناك ناس ضدك؟ هذا مؤكد ولكن أنت ولا مرة حاولت أن تقف قبل الخطأ لترى أين هو وتصلّحه. أنت فقط تعتبر ان ما جرى هو مؤامرة.

هل سمعت كلمة واحدة منذ سنة 2006 حتى اليوم فيها اعتذار لجهة أو لبريء أو لمظلوم؟.

س- السيد حسن قال لو كنت أعلم لما بادرت؟

ج- أنا لا أتحدث عن الحرب، وبرأيي ان الحرب قرار اميركي مأخوذ نفذّته إسرائيل وحققت فيه المقاومة شئنا أم أبينا صمود، وضربت ضربة جدية للمشروع الأميركي، انا كتبت هذا الكلام وقلته مرات ومرات ومرات، لكن علاقتك مع أهلك في الوطن أمر آخر. وهل يُعقل أن الجميع مخطيء بحقك؟.

س- لكن قيل ان 7 أيار يوم مجيد؟

ج- جيد 7 أيار يوم مجيد، وعائشة بكار يوم حميد، وبرج ابو حيدر يوم عظيم، ما هذا الكلام جلّ من لا يخطيء، ربنا فقط استغفر الله العظيم لا يخطيء. هم يعتبرون أنفسهم لا يخطئون وفي أحسن الأحوال عندما يريدون توجيه رسالة يهددونكم “رح نعمل ونترك” ياسيدي فلتفعلوا ما تريدون، هل سـتاخذون الشارع واحتلال البنايات فلتفعلوا ذلك، ولكن لن تجدوا أي قلم سياسي يوقّع معك. 

س- يوقّع على ماذا؟

ج- على أي شيء تريده.

س- هم يريدون وقف المحكمة الدولية؟

ج- لن يوقّع أحد، وهذا كلام خارج المنطق، هم يعرضون علينا أن نكون مثل السودان دولة مُدانة، وهناك مذكرة توقيف بحق رئيس جمهورية لا يركب الطائرة، ولكن الأمور ماشية.

لا يمكن أن نختار كل يوم مرجعية لحياتنا لها علاقة باستمرار الإستقرار ووقف الإغتيالات السياسية، فهناك مكان ما يجب أن تتوقف فيه الأمور.

أنا لست الجهة المعنية بتحديد القرار الإتهامي، ولا الجهة المعنية بشهود الزور، ولا كل من تحدث في هذا الموضوع له أي صفة أو أي علم أو أي منطق للحديث عن هذا الموضوع، وبالتالي ما هذا الكلام، فمثلا دخل فلان على سعيد ميرزا وقال له كذا وأجاب فلان من قال هذا الكلام، وهل توجد آلات تسجيل في الغرفة؟ ياسيدي إبرز وثائق وحينها سنصدّقك، ولكن لا يجوز الإعتداء على الناس.

س- لكن في بعض الاحيان يستندون الى بعض الأمور التي وردت في تقارير ميليس، كمثل الكلام الذي صدر على لسان محمد زهير الصديق وبأنه اجتمع بالضباط الأربعة في إحدى الشقق في الضاحية؟

ج- ولكن ماذا كانت نتيجة هذا الكلام؟ النتيجة كانت ان محمد زهير الكذاب وليس الصديق، قال كل هذا الكلام، ولكن كانت النتيجة إصدار مذكرة توقيف بحقه باعتباره مُتهما، فإذاً أين أهمية شهادته الزور ومن يعترف بها وأين تأثيرها؟.

س- باعتبار انها أدت الى توقيف الضباط الأربعة؟

ج- أنا لست جهة قضائية لكي أبريء أو أظلم، ولكن في مطالعة رئيس المحكمة التمهيدية التي لجأ اليها المدّعي للحصول على الأدلة، قال كلاماً واضحاً وصريحاً بأن هذا الحق بالإطلاع على ما يريده لا يمنع من طلبه وإعادة محاكمته وطلبه للتحقيق، ويبقى التذكير بأن إخلاء سبيل المستدعي قد تم من دون المساس بملاحقات محتملة، قد تلجأ اليها المحكمة الخاصة لاحقاً.

س- هذا كان يوم تم الإفراج عن الضباط الأربعة؟

ج- كلا هذا النص استعمله بالجواب على أنه الجهة الصالحة المعنية، استعمل تعبير ربما هو كان مُستعملاً عندما أُفرج عنهم. في الحقوق هناك شيء اسمه ربط نزاع، لا يوجد قرار بالبراءة ولا يوجد قرار بعدم الملاحقة، ولكن ايضا أعود وأقول هذه ليست مسؤوليتي، وليست علمي وليست اختصاصي، أنا أعطي الناس حقها بالذي تعرفه وتستطيع إثباته. في موضوع شهود الزور تسلّم الأمر رجل نزيه ووطني ومخلص واختصاصي من الدرجة الأولى، رجل اللباقة والدقة ، هو معالي الوزير الدكتور البروفسور ابراهيم نجار، فإذاً ما يقوله في تقريره أنا مُلزم به أياً كان، دون أن أطّلع ودون أن أسأل ودون أن أعلم. هو المرجعية الصالحة لإبلاغي انا وغيري من الناس ماذا تعني شهود الزور، ومن يقرر أن كان هذا شاهد زور أم لا. أنا أسأل هنا سؤال فهناك أشخاص سياسيين أدلوا بشهاداتهم في فترة النزاع الحاد بين لبنان وسوريا.

س- النائب وليد جنبلاط هو الذي روى رواية اللقاء بين الرئيس الحريري والرئيس بشار الأسد؟

ج- النائب جنبلاط وغيره قالوا ذلك، ولكن دعني أسأل إذا جاءت لجنة التحقيق الآن وطلبت شهادة واحد من هؤلاء الناس فإذا تراجع عنها يصبح شاهد زور، لذلك دعنا نتفق من هو شاهد الزور، شاهد الزور يحدّده القاضي ولا تُحدّده جهة تلفزيونية أو نجوم في التلفزيون ولا من يهدّدون العالم.

س- لكن ماذا تسمّي هؤلاء مثل محمد زهير الصديق وهسام هسام؟

ج- ليس من مهمتي أن أسمّيهم، أولاً: هناك أربعة أشخاص يعتقدون انه وقع عليهم ظُلم ما، تقدّم أحدهم بدعوى للمحكمة الدولية، وقالت له هذه المحكمة أنا الجهة الصالحة للمراجعة في هذا الموضوع فتقدّم لنا بما لديك وما تريده من ملفات، شرط أن لا يتعارض ذلك مع سرية التحقيق. فجاوب المدّعي العام بلمار وقال: أنا لا أوافق للأسباب، وهناك رأي استشاري لمستشارة الأمين العام للأمم المتحدة قالت انه لا يجوز ذلك سنداً للمادة 14 و17 و18، ولديه مهلة حتى 22 الشهر الجاري لكي يسلّم القرار، فعندما يصدر هذا القرار سلباً أم إيجاباً استند اليه بالمحكمة الدولية.

ثانيا: تقرير وزير العدل عندما يقول من الجهة الصالحة لمتابعة هذا الموضوع يُتابع من خلاله، فإذا قال محكمة لبنانية فأهلاً وسهلاً، وإذا قال محكمة دولية أهلاً وسهلاً، وإذا قال لا هذه ولا تلك أهلاً وسهلاً، ولكن لا يمكن أن نمضي الوقت على التلفزيونات، والكذب على الناس ، هناك جهات محدّدة معنية بهذا الأمر وهي مسؤولة عنها وهي تتابعها، وأنا كمواطن التزم بهذا الكلام، وبالتالي لا يمكن لي أن أغيّر كل يوم مرجعيتي، لأنه بذلك أثبت أولاً عدم مصداقيتي وثانياً أكون كمن يهين الآخر، وثالثا لن تعود الناس تصدّقني، فأنا مُلتزم بما يقوله وزير العدل مع تحفظ الإختصاصيين على مسألة فصل السلطات، بأن هذه لا تُبحث في مجلس الوزراء، بل يُكلّف القضاء فيها ليقول رأيه، لكنهم لجأوا الى طريقة أخرى فماشي الحل.

س- لكن أيضا الفريق الذي يطرح قضية شهود الزور لا يوافق على الكلام الذي تقولونه، بأن هذه المحكمة ستؤدي بالنتيجة الى محاكمة الذين قاموا بعمليات الإغتيال وستمنع الإفلات من العقاب، ويعتبرون المحكمة محكمة مسيّسة، ووصفوها بأنها إسرائيلية-أميركية، وبالتالي لا يثقون بهذه المحكمة؟

ج- أنا سمعت كل هذا الكلام، ولكن منذ متى أصبحت كل هذه الاتهامات مُنزّلة، وكم شهر مضى على هذه الاتهامات، هذه المحكمة مُقرة منذ خمس سنوات وربما أكثر.

س- لكنهم لم يوافقوا عليها؟

ج- كلا، هذا غير صحيح.

س- لكن بالممارسات العملية كانوا ضدها؟

ج- هم وافقوا عليها في البيان الوزاري، وبالتالي من يحترم كلامه يحترم النص.

س- السيد حسن قال كنا نريد التحفظ، لكن قبلنا لكي لا نثير مشكلة؟

ج- هناك مسألة كبرى لا يوجد شي اسمه كنا نريد أو كان بدنا، هناك بيان وزاري أول وثاني وثالث، وهناك مقررات هيئة الحوار. وكذلك البيان الوزاري الأخير للحكومة التي شاركوا فيها وجلسوا على مقاعد مجلس الوزراء، وكذلك في الحكومة السابقة التي كان فيها الرئيس السنيورة والتي شُكّلت بعد الدوحة التزموا بالبيان. لكن اليوم هم يقولون شيء آخر، وان الآن تغيّرت موازين القوى، فنحن نريد إعادة عقارب الساعة الى الوراء.

لقد مضى أقل من سنة على البيان الوزاري التي نالت على أساسه الثقة، وقد كان موضوع المحكمة موجود في هذا البيان، فلماذا أقروه. وفي مجلس النواب أيضا، هذا موضوع كبير لا يمكن تغيير القرار بشأنه كل يوم بعد يوم، فمن تسعة أشهر أقروه ومن سنتين أقروه وفي هيئة الحوار أقروه، وفي كل المراحل الرسمية أقر.

إذاً هذه مسألة بحجم اغتيالات سياسية، وبحجم حق الناس بالعدالة وحقها بالعيش باستقرا وأمان، هذه مسألة لا يمكن أن نقر فيها يوم بيوم، وبالتالي عندما قرروا انه منذ ثلاثة أشهر هناك مؤامرة فغيّروا رأيهم، هذا لا يجوز.

س- لكن ربما فعلوا ذلك عندما وجدوا ان الإتهام موجّه اليهم؟

ج- أولاً هذه مسألة غير مؤكدة بالنص، أما بالشفهي فالكلام كثير جدا.

س- لكنهم يؤكدون ذلك؟

ج- هم يؤكدون ذلك بالشفهي، ولكن هل هناك نص. لكن لنفترض انه مُنتظر صدور نص لا سمح الله، فما هي النتيجة؟ هل انهم فوجئوا به الآن؟ نحن نتحدث عن سنوات ولا يمكن تحديد مصائر الناس بهذه الطريقة ومصائر حياة الناس لا تُحدّد بهذه الطريقة، وليس في هذا التوقيت، عندما قرروا منذ ثلاثة أشهر بأنهم مُتّهمون، أو وصلتهم معلومات بأنهم مُتّهمين، وقد تكون صحيحة، أنا لا أملك مصادر سرية، ولكن لا يمكنهم إلغاء خمس سنوات من الموافقة لأنهم بذلك يعيدون عقارب الساعة الى الوراء، بمعنى انهم يريدون إلغاء كل مسار اتفقنا عليه منذ خمس سنوات حتى اليوم، ألم يفاجأوا بأن الرئيس سعد الحريري حقق فوزاً ساحقاً وعظيماً في الإنتخابات النيابية. فكيف ألغوا هذا الفوز؟ بتشكيل الحكومة وهو تشكيل قائم على نتائج الإنتخابات وبأن هناك طائفة بغالبيتها العظمى ممثلة بكتلتين آخريين لا بد من مشاركتهما وحصلوا بمنطق السلاح على الثلث المعطّل، أو ألزموا الآخرين بالثلث المعطّل، ومن يومها بدأت مسيرة تعديل كل الإتفاقات التي حدثت، وكل منطق كان سائداً منذ العام 2005 حتى اليوم. فإذا كانت العملية عملية الأخذ بالثأر، فأنت تجرّب وغيرك يجرّب، نتحدث بالسياسة وسلماً، أما إذا كانت العملية عملية تراجع عن كل الإتفاقات ففي هذه الحالة لن يعود أحد يثق فيك.

إذا افترضنا ان هناك قوى سياسية منها قوى 14 آذار وأهالي الشهداء تصرفوا بطريقة انفعالية، وهذا من حقهم، أو تصرّفوا بطريقة حادة، وهذا أيضا من حقهم ، أو تصرّفوا بطريقة اتهامية لأن دم أهلهم على الأرض، أما الآخر فإلى ماذا يستند حقه في كل هذا الذي قاله وفعله.

إذا افترضنا ان هناك خطأ وانفعال وحدّة وشتيمة واتهام من هؤلاء الناس، فهذا لأن دمها مازال على الأرض وماذا تنتظر منهم أن يقولوا للأب أو للأخ أو للمناصر أو المؤيد. أما الآن فلا يوجد دم لأحد على الأرض، ومع ذلك سمعنا ما لم نسمعه طوال عام 2005 ، وسمعنا قول أحدهم بأن عليهم أن يكونوا مذعورين، فمن هؤلاء الذين عليهم أن يكونوا مذعورين؟ ان ما قالوه الآخرين وكان أقسى من هذا الكلام في الـ2005 و2006 و2007، فلأن دم أهلهم كان على الأرض ولم يقولوا ذلك من باب العداوة، ولا من باب النرفزة ولا من باب الإتهام، ولا من باب أنهم جزء من مخطط سياسي، بل قالوه لأنهم ناس فعلاً مصابين.

س- لكن هذا ليس كلام “حزب الله” بمفرده، ونلاحظ ان النائب وليد جنبلاط قالها بصراحة انه إذا كانت المحكمة الدولية ستؤدي الى ان الدم يسيل فنحن لسنا بحاجة الى هكذا محكمة؟

ج- إذاً الشرطية تفتح الباب للنقاش، بمعنى ان المحكمة الدولية هي التي يجب أن توقف الدم وليس مهمتها إسالة الدم من جديد.

على كل حال وليد بك له أسلوبه، بعض الأحيان قد تقبل به وبعض الأحيان تفهمه، ولكن من الصعب أن تقبله وتفهمه في نفس الوقت، ومع ذلك هو شخصية سياسية معروف حجمها، ومعروف اتجاهها، ومعروف تموضعها ومعروف أسباب هذا التموضع، وهو مُعلن يتعلق بحمايته لطائفته ولجبله، وبأنه غير مستعد أبداً لتقديم تضحيات بهذا المعنى أكثر مما قدّم في السابق. هذا رأيه وهو يحاول قدر الإمكان، وإن كان في الفترة الأخيرة لم يوفّق بأن يكون الى حد ما دوره دور وسطي قادر على الحوار مع الجميع، متفهم لمخاوف من جهة ولحقوق من جهة، ولكن يبدو الضغط ازداد عليه فذهب بتعبيراته الى حدٍ أبعده عن موقعه الوسطي، لأنه لا ينقص البلد اصطفاف، فالمصطفين في الجهتين يملأون الساحات، الساحة تفتقد للناس العاقلين، أن يقولوا كلاماً للطرفين ويستمع اليهم الطرفين، وأن يعترف الطرفان عندما يخطئان وأن يحاولا عدم الخطأ.

الآن ما نراه هو موجة اعتداء سياسي لا تتوقف بسبب أو بدون سبب وغسل دماغ للناس، واعتداء على عقول الناس، بأن القضية المركزية الأولى في لبنان الآن هي شهود الزور.

س- لماذا عاد الحديث مجدّدا عن إمكانية وقوع عمليات اغتيال، وان الرئيس سعد الحريري قد يكون مُستهدّف بهكذا عمليات؟

ج- بعيد الشر، ولكن أنا أعتقد ان هذا كلام سياسي، ولكن لا يستطيع أحد أن يؤكد أو أن ينفي، وبالأمن يجب تجنُّب الجزم أو التأكيد، ولكن ان شاء الله لا يحصل ذلك، وهذا الذي نقوله ان العدالة والإستقرار هم جزء من المحكمة وليس جزء من شهود الزور، وشهود الزور ليسوا هم من يحققون العدالة.

س- هناك خيار مطروح أمامكم أما العدالة أما الإستقرار؟

ج- أولاً أود الآن القيام بعملية فصل، أنا أتحدث الآن وأي كلام ستسمعه مني هو كلام بصفتي مواطن في جمهور رفيق الحريري لا أمثل “كتلة المستقبل” بكلامي ولا أُلزم الرئيس الحريري بما أقوله، لكي أكون مرتاح في الكلام ولا أظلم الناس.

س- لنرى من سيغضب ومن سيرضى؟

ج- يكفي أن أكون متصالحا مع نفسي، ولكن ان شاء الله لن يغضب أحد. على كل حال، ليس هناك خيار اسمه الأمن أو العدالة، الإستقرار أو العدالة، الحياة أو العدالة، نحن خيارنا العدالة التي تحقق الإستقرار والأمن والحياة الكريمة للناس، وهي التي تُوقف الإغتيالات السياسية، هذا الموضوع لا يجوز البحث فيه باعتباره يهدّد الأمن، هذا الموضوع يؤكد الأمن، يؤكد العدالة، يؤكد حق الناس في الحياة، يؤكد على حرية التعبير وعلى استمرار الحياة السياسية. نحن البلد العربي الوحيد الذي فيه الآن رئيسين سابقين، وبالتالي لا يوجد بلد عربي آخر فيه رئيس سابق، لذلك علينا أن نحافظ على هذه المزايا ولا يمكن أن نفعل ذلك بالمفاضلة بين الأمن أو العدالة، الإستقرار أو الحقيقة، هذه معادلة لا يقبل بها أحد، ومن يقبلها لا يستطيع تنفيذها، ومن يتعهد بتنفيذها لا يستطيع الإلتزام بها.

أنا لا أريد أن أقول كلام أكبر من هذا الكلام، فلا يوجد أحد يستطيع الوصول الى هذه المعادلة وأن يفرضها على الناس، فنحن لسنا في اتفاق الدوحة ولسنا في 7 أيار.

س- ما المانع من أن يتكرر 7أيار؟

ج- في 7 أيار سوريا كانت شريكة في القرار وشريكة في الإستثمار وشريكة في النتائج، ربما سنختلف مع سوريا بالسياسة، ولكن بالتأكيد هي معنية بتحقيق الإستقرار وتأمين الإستقرار ومنع أي عمل أمني كبير، ليس من باب العمل الخيري، فأولاً: هذا التزام عربي وأوروبي . ثانيا: الإستقرار لصالحهم. وثالثا: ليس هناك أي نتجية سياسية للعملية العسكرية، فأين أهمية العملية العسكرية؟ هل بأخذ المدينة كما يقولون؟

س- لكن بالسياسة ألا تعيد عقارب الساعة الى الوراء كما يُقال؟

ج- أشرح لي كيف يحصل ذلك؟.

س- ربما من خلال فرض واقع عسكري ووضع أمني على الأرض يؤدي الى استقالة الحكومة؟

ج- تقول استقالة الحكومة، ولكن لماذا تستقيل الحكومة فهم موجودون فيها، والمبيت الآمن السياسي لهم هو وجودهم داخل النظام وليس خارج النظام.

س- إذا استطاعوا أن يقلبوا مسألة الأكثرية والأقلية في مجلس النواب وتشكيل حكومة موالية لهم؟

ج- لكن كيف سيتم ذلك؟ إشرح لي كيف يحصل ذلك؟

س- ما المانع من أن النائب وليد جنبلاط من خلال تطوّر مواقفه السياسية أن يُصبح الى جانبهم، وعندها يستطيعون تشكيل حكومة؟

ج- من هو هذا الذي سيشكّل حكومة؟ أنا لا أعرف ان هناك أحد بإمكانه تشكيل الحكومة.

س- يُقال ان هناك الكثيرين على استعداد لتشكيل الحكومة؟

ج- هذاكلام غير جدي. حتى إشعار آخر وحتى انتخابات أخرى سعد الحريري بواسطة الإنتخابات التي تمت هو رئيس أكبر كتلة نيابية، وهو الممثل الأول للسُنة دون نزاع رضينا أو لم نرضَ هذا هو الواقع. قد تنظم غداً انتخابات؟ أنا لا أعتقد ان أحداً يتجرأ أو حتى لا أبالغ أقول معظم الناس أعقل من أن تمشي بمغامرة من هذا النوع.

س- تبدو واثق من هذا الموضوع؟

ج- هذاكلام جدي ليس رغبات شخصية، فإذا كنت تتحدث عن شخص له حيثية فهذا غير موجود، يُحكى عن أسماء أنا أعرفهم وأقدّرهم وأحترمهم يتحدثون عن الرئيس ميقاتي مثلا، أنا أعتقد ان الرئيس ميقاتي شخص عاقل وموزون ويزن الأمور كثيراً أكثر من اللازم في بعض الأحيان، ويحترم نفسه ويحترم طائفته، ويحترم موقع رئاسة الحكومة، وبالتالي لا أعتقد ان هذا الكلام جدي، يعني بدون رضا سعد الحريري هذا الأمر كلام فارغ لا يوصل الى مكان.

هذا من جهة، ولكن إذا سألتني عن رأيي الشخصي، فأنا أدعو الرئيس الحريري للإستقالة، ولا أنتظر الحكومة كي تستقيل.

س- لماذا تدعوه للإستقالة وما هي الأسباب؟

ج- لأني أعتقد ان ما هو حاصل هو اعتداء سياسي لا يتوقف على رئاسة الحكومة، وليس على سعد الحريري كإسم وكشخص، فضلا عن الشخص لكن هذا الأمر لا يجوز أن يستمر.

س- يعني رئاسة الحكومة تتعرض لاعتداء؟

ج- طبعا، وبدون توقف ويومياً ومباشرة، وباعتقادي في ميزان القوى الحالي، هذه الحكومة غير مُنتجة بسبب الصراع السياسي، لا تُحقق الوفاق السياسي كما قيل، لا تحقق أي إنماء كما هو مُتوقّع، لا تحقق شيء فلماذا نحتفظ بها.

س- هل طرحت عليه هذه الفكرة؟

ج- أنا بدأت حديثي بأني أتحدث هنا كمواطن، وأنا لم أقابل الرئيس الحريري منذ اسبوعين، ولم أناقش هذا الأمر سابقا مع أحد، لكن أنا فعلياً وجدّياً أدعو الرئيس الحريري للإستقالة، وأن لا يشكّل حكومة ثانية إلا على قواعد سياسية وضمانات جدّية بإمكانية التفاهم على العناوين الكبرى، وعلى العناوين الفرعية، فما يحدث الآن هو هدر ونحر لرئاسة الحكومة ولقدرتها التنفيذية ولثقلها السياسي ولموقعها في النظام، نحن لا نقبل به ولا هو يقبل به بالتأكيد، وأنا أعتقد ان كل أهله وكل جمهور والده لا يقبلون به تحت أي ظرف من الظروف، وهذا كلام يمكن أن يزعجه، ويمكن أن يفاجئه، ويمكن أن يزعج الكثيرين، ولكن أنا أعتقد ان الذي سيستقيل أي الرئيس سعد الحريري ليس بحاجة الى مبيت آمن سياسي، وليس لديه أي مشكلة مع أي كان في العالم لكي يكون عنده ملجأ في رئاسة الحكومة، فهذا رجل مُنتخب ونحن التزمنا، وعندما انتخبنا الرئيس بري وعندما حصل التمثيل الشيعي داخل الحكومة على قاعدة ان الغالبية العظمّى من الشيعة تتمثّل بحركة “أمل” و”حزب الله” وان الرئيس بري هو ممثلهم لرئاسة المجلس، مع العلم أني أنتخبه حتى لو لم يكن يمثّل شخصيا، ولكن هذه واقعة سياسية. لا يجب إعطاء فرصة لأحد لأن يتساهل بهذا الأمر، فهذه المسألة تتعلق بالكرامة السياسية لرئاسة الحكومة، وهذه المسألة بدأت مع الثلث المعطّل واستكملت بروايات شهود الزور والتهديدات وغيرها.

إذاً هذه الحكومة ليست قادرة سياسياً ولا منتجة إنمائياً، نحن ذهبنا وطلبنا الحماية السعودية كما يُقال، وأعلى من الرعاية، ورحبنا بالدور السوري، وأنا واحد من الناس، وهذا ليس بجديد عليّ، على كل حال، ولكن على قاعدة انه بالإمكان أن نصل الى تسوية نحفظ فيها كرامة رئاسة الوزراء ونحفظ فيها كرامة الناس، وفي نفس الوقت نحقق الأمن والأمان. ما هو حاصل حالياُ ليس له علاقة بكل هذه العناوين.

س- أنت تحدثت عن التسوية والدور السوري والدور السعودي في هذا الموضوع، هل هناك إخلال بالدور السوري حتى نتجت هذه المواقف؟

ج- أنا لا أستطيع أن أقول ما إذا كان هناك إخلال لأني لست مطّلعاُ على المعطيات بالإتفاق الذي تمّ بين الرئيس الأسد والرئيس الحريري، أو بين الرئيس الأسد والملك عبدالله، ولكن من خلال ما أقرأه في الصحف وأقرأه بالمعلومات، وأطلع عليه من شروط علنية، فإن المطلوب من الرئيس الحريري الإنتحار سياسياً ومعنوياً، وأنا لا أوافق على هذا الأمر.

س- هل هذا سبب لكي يستقيل ؟

ج- طبعاً أنت تعرض عليه الإنتحار، لا تطرح عليه تسوية، لأن التسوية تفترض تنازلات من كل الأطراف، لكن المطلوب منه فقط أن يقف ويقول أنا فلان الفلاني ابن فلان الفلاني أقر وأعترف بأني فعلت كذا وكذا. لقد أخطأ الرئيس سعد الحريري بالسياسة وذكر كلمة شهود الزور بمحاولة سلمية وبنيّة سليمة، وربما هذا يخفف الإحتقان، تهديء البلد، ولكن ما حصل كان عكس ذلك تماماً، وبالتالي أنت على من تراهن؟ لا أعتقد ان هناك من تُراهن على التفاهم معه، وفي الظروف الحالية لا أحد يريد أن يتفاهم معك، والكل يريد أن يقاتلك أو يريدك التوقيع على بياض، نحن لن نوقّع على بياض.

س- إذا خرج الرئيس الحريري من الحكم، ألا يؤدي ذلك الى توريط البلد بمزيد من المشاكل؟

ج- أبداً، هذا يؤدي الى تفاوض سياسي جدّي حقيقي، والتفاهم منذ البدء على كل العناوين وإلا لا يجوز أن يستمر هذا الأمر بهذه الطريقة، لا يجوز تعريض رئاسة الحكومة الى هذا القدر من الإهانات، وإلى هذا القدر من الضغط، والى هذا القدر من الكلام ولا يجوز تعريض الرئيس الحريري شخصياً الى الإنتحار السياسي والمعنوي. هذا الأمر لا يجوز، وهذا الأمر لم نجده لا بالدور السعودي ولا بالحماية السعودية ولا بالرعاية السعودية ولا بالدور السوري.

س- أين يقف الموقف السعودي، أي ما هو الحد الذي يقف عنده؟

ج- أنا لا أعرف ماذا عند السعوديين غير المعلن في الصحف، وأنا لم أناقش أي واحد منهم أوعندي أي موضوع بهذا الخصوص، ولكن أنا أتحدث عن الأمور المُعلنة، أما ماذا يدور في السر فأنا لا أعرف ذلك، أعرف بالمُعلن، والمُعلن هو ما نشاهده على التلفزيون، والحديث كل يوم صباحاً عن فتنة ..فتنة..فتنة. لأول مرة منذ عشر سنوات تجد ان هناك غالبية عظمى من اللبنانيين موافقين ومحبين وراغبين ومقبلين على دور سوري يُحقق الإستقرار في هذه الأزمة الكبرى.

س- والنتيجة كانت مذكرات التوقيف السورية؟

ج- قبل مذكرات التوقيف نحن نريد دور سوري عادل ونزيه. أشرح موقفي الشخصي وأؤكد على ان هذا موقفي الشخصي، أنا واحد من الناس أعتبر ان جزءا كبيراً جداً من عروبتي في سوريا وجزء كبير من إسلامي في سوريا، وكل قومي عربي مثلي، علمانية سوريا تاج على رأسه لأن هذا هو النظام العربي الوحيد الذي لا توجد شكوى لأي طائفة موجودة عنده، وربما سوريا أكبر مكان باستثناء لبنان في هذا العالم العربي، المسيحيين فيه مكرّمين وليس مثل العراق أو مصر حيث الضرر محدود، وليس فلسطين. المسيحيون في سوريا مكرّمين وهذه صورة عظيمة لا يمكن إنكارها. أنا كنت أذهب الى دمشق في الـ2006 والـ2007 ككاتب في صحيفة “السفير” وكنت أقابل مسؤولين وأنشر عن لسانهم فوق الطاولة وليس تحت الطاولة. ولكن ما قرأته لا يمكن أن يقوله شخص مُحترم وأقدره مثل السفير مقداد الذي يقول انه يفضّل الكيان على المحكمة المسيّسة، فمن قال ان الكيان معرّض، فإذا كان الكيان معرّض وحضرتك موجود ودورك موجود، فمشكلتنا كبيرة، نحن نعوّل عليك بأن لا يتعرض الكيان. ومعالي الوزير المعلم يقول ان لبنان مقبل على مشكلة كبيرة، والرئيس الأسد يقول للتلفزيون التركي الوضع غير مطمئن في لبنان. نحن نطلب منه الإطمئنان، لا نطلب من الخارجية السورية تقريرعن الوضع في لبنان، نحن نطلب منهم مساهمة بالإطمئنان وتأكيد الإطمئنان.

أما مذكّرات التوقيف فهي مسألة أخرى، هذه المذكّرات هي اعتداء سياسي واضح وصريح، وليست رسالة سياسية،هي اعتداء سياسي.

أنا أعرف ان هناك مجموعات لبنانية كثيرة أخطأت بحق سوريا وقالت كلاماً كبيراً، وشتمت وهدّدت، ولكن هذه مجموعات والدول لا تتصرّف على قاعدة الثأر.

س- لكن هم يقولون ان المسألة قضائية؟

ج- هذا اعتداء سياسي لا مسألة قضائية ولا من يحزنون، هم يعرفون ذلك، وأنا أعرف وكل الناس تعرف، فما دام هناك جهة صالحة بالمحكمة الدولية، فما أهمية هذه الدعوى ومذكّرات التوقيف؟.

دعني أكون صريحاً، أنا أريد أن يستقيل الرئيس سعد الحريري وأطالبه بالإستقالة لحفظ مكانة رئاسة الوزارة، ولتعديل هذه البلاوي السياسية الى اتفاق طبيعي بين أطراف طبيعيين، ولكن أنا لا يمكن أن أقبل مذكّرات توقيف على قاعدة الإعتداء السياسي، ان المجموعات اللبنانية أخطأت وقامت بكل ما قامت له، ولكن بالنتيجة الدول لا تثأر، الدول تحتضن وتسامح وتضم وتحل، ولا تضعنا في موضع الكيان أو المحكمة المسيّسة ولا الإضطرابات المقبلة.

س- ماذا تريد سوريا من الرئيس الحريري بالتحديد؟

ج- لا أعرف، أنا أقول بأننا كنا منذ أشهر وحتى الآن على الأقل، أنا كنت أعيش فرحة ان هناك مصالحة تاريخية يمكن تحقيقها مع سوريا، هذه الدولة العلمانية القادرة في زمن الأزمات أن تحيّد نفسها وأن تمارس دورها في الكثير من المناطق، وتحقق النجاحات، وأنا كتبت وتكلمت عن الإتفاق السوري- التركي باعتباره من أهم المنجزات التي بدأ فيها الرئيس بشار الأسد عهده، لأن قبل ذلك كان معظم هذا العهد إرث من الرئيس حافظ الأسد، وان هذه خطوة عظيمة وتحقق توازن استراتيجي في المنطقة، خاصة ان تركيا دولة إقليمية كبرى غير مواجهة لإيران، مُتفهمة للموضوع الفلسطيني ولديها نفس جديد، فكيف لشخص حقق كل هذه الأرباح أن يختلف مع شويّة لبنانيين؟ هذا لا يجوز ولا يُعقل أخذ الثأر من فريق من اللبنانيين، إنما يجب احتضان اللبنانيين ومصالحة اللبنانيين، وضمان حياة اللبنانيين، ولكن ليس لجهة على حساب جهة أخرى، نريد دوراً سوريا، وأنا قلت هذا عادلاً ونزيهاً وقادراً على احتواء الجميع، وعلى إيجاد حلول بعلاقاته السياسية المحلية والإقليمية بالحد الأدنى الطبيعي والممكن.

بعد وقفة إعلانية يقول بسام ابوزيد: “نتابع نهاركم سعيد مع النائب الاستاذ نهاد المشنوق.

المشنوق يقول: أنا الأستاذ المواطن في جمهور رفيق الحريري، حتى لا أحمّل أحد مسؤولية كلامي.

س- من خلال الكلام الذي يُقال دائماً عن الفتنة السيناريو المرسوم يقول انه يصدر القرار الإتهامي يتضمن أسماء عناصر تابعة لـ”حزب الله” أو مناصرين لأ”حزب الله” ويكون هناك ردّة فعل من بعض الجماعات أو من بعض الأطراف السنية تجاه “حزب الله” أو مجموعات شيعية وتندلع الفتنة في لبنان؟

ج- ان شاء الله لن تكون هناك أي فتنة في لبنان، ولكن هذا الأمر يفترض أولاً تعامل طبيعي مع رئيس الوزراء بعد استقالته.

س- أنت مصر على الإستقالة؟

ج- هذا رأيي وأنا أطالبه بذلك، ليس فقط هذا رأيي، أنا أعتقد انه ان شاء الله لن تكون هناك فتنة رغم كل ما يُقال، فليس هناك مجموعات سنية تريد أن تفعل شيء، أُكرر ما يُعرض على الرئيس الحريري هو انتحار سياسي ومعنوي، ويُعرض على رئاسة الوزراء أن ينتهي دورها الى أبد الآبدين، وهذا أمر لا يمكن قبوله. فهناك فرق بين أن تطلب من شخص أن ينتحر وبين أن تطلب منه أن يسامح، فالمسامحة مختلفة عن الإنتحار، وأنا لا أرى أحدا يتحدث مع الرئيس الحريري بشكل طبيعي حتى سماحة السيد نصرالله، وأنا قلت هذا عدّة مرات، هذا رئيس حكومة لا يُخاطب بالتلفزيون إنما يجب أن تجلس وتتحدث معه، لا أن تخاطبه يوماً بعد يوم من كل شاشات التلفزيون ان كانت إيجاباً أم سلباً

س- اليوم يقول الوزير محمد فنيش ان خطوط الإتصال بين بيت الوسط والضاحية لا تزال موجودة؟

ج- أنا لا أعرف ، ولا أملك معلومات، ولكن لو كانت موجودة لما وصل الكلام الى هذا الحد، وإذا كانت موجودة والكلام وصل الى هذا فيعني انها موجودة بشكل غير فعّال، وبالتالي لا أعرف طبيعة الإتصال، ولكن ما أعرفه ان الكلام يجب أن يكون مباشراً، والإتصال يجب أن يكون مباشراً بين السوريين وبين اللبنانيين وبين السيد نصرالله وبين الرئيس الحريري بعد استقالته، وأن يكون الكلام واضح ومباشر ومحدّد، لأنه في الموضوع اللبناني-السوري أعود وأكرر هناك فرصة تاريخية قد لا تتكرر، ونحن غير مستعدين لكي نتحمل مرة أخرى تعبئة الناس وتوجيهها نحو سوريا. ومهما كانت سوريا قوية ومهما كانت قادرة، أنا لست مستعداً مجدّداً أن أسمع كلام اتهامي أو مثير للنقمة أو خلافي، فهناك فرصة تاريخية يجب الإستفادة منها لتأسيس علاقات طبيعية قائمة على العلاقات الطبيعية التي تقوم بين الدول، وليس على الثأر من فريق وحماية فريق آخر.

س- أنت تقول ان المذكّرات السورية هي اعتداء على الذين شملتهم، واعتداء على لبنان، ما الذي تغيّر في السياسة السورية؟

ج- أولاً لا يجوز الطلب من الرئيس الحريري كل هذا الكلام السخيف الذي قيل بالتخلي عن فريقه وغير ذلك، إذا كان لك خلاف سياسي فهو مع الرئيس شخصياً ولا يحق لك أبداً أن تتوجه بالكلام الى أي من فريقه.

س- أيضا هناك مسؤولين أمنيين وسياسيين في الدولة؟

ج- أنا أتكلم عن الإتهامات الشفهية، هذا كلام فارغ ومعيب، فهناك رئيس حكومة هو المسؤول عن موقفه، وليس المسؤول عن موقفه مستشاره أو رفيقه أوصاحبه أو مندوبه أو سفيره، بل هو مسؤول عن سياسته، وإذا أردت أن تختلف فاختلف معه على سياسته، ولا يجوز أن تعرّض الناس وكراماتها فقط لأنهم يعملون معه، ولأنك تعتقد أنهم لا يوافقونك سياسياً، فهم مُلزمين بقرار رئيس الحكومة وليس العكس. وأنا صاحب تجربة في هذا الموضوع، وكفى الحديث عن هذه الكذبة بأن الملك على حق والحاشية مخطئة. فإذا كان لك من خلاف فلتتحدث عنه مع الرئيس، مع المسؤول، ولا علاقة لمن يعمل معه في هذا الموضوع، ولا يجوز تحميلهم المسؤولية.

س- لكن هناك أشخاص يعملون مع الرئيس الحريري وأشخاص مسؤولين في الدولة كمدير قوى الأمن الداخلي ومًدّعي عام التمييز ورئيس فرع المعلومات والوزير مروان حمادة وغيرهم؟

ج- هذا كلام معيب ولكن دعني أتحدث عن تجربة أعرفها وعن كلام سخيف سمعته على التلفزيون تحديداً عن فرع المعلومات. أنا أفهم ان هناك خلاف قانوني حوله، ولكنه فرع موجود ويعمل ولا أعتقد ان أحدا من اللبنانيين قادر أن يتجاهل للحظة أو يفكر للحظة بأن هذا الفرع أو الشعبة كما يسمّونها خلق ثقافة جديدة بالمؤسسات الأمنية اللبنانية وهي ثقافة مكافحة التجسس، وهذه ليست ماكينات تم إحضارها من فرنسا، بل هذه أولاً ثقافة وثانياً تعبئة وثالثاً علم ورابعاً خريطة أمنية سياسية، وبعد ذلك يأتي دور الماكينة مهما كان نوعها وما هي أو ماذا تفعل؟ هذه ثقافة لأول مرة في تاريخ لبنان يُنشأ جهاز أمني عنوانه الرئيسي مكافحة التجسس، ودربوا أشخاص في دول اختصاصية تدرّبوا على المعرفة وليس على التقنية، وعندهم ثقافة مقاومة التجسس، هؤلاء لا يقومون بعمليات ليتباهوا بها، وقاموا بكل هذه الأعمال الممتازة بالمعنى التعبوي، وهذا الأمر امتد الى المخابرات التي كان موجوداً عندها، ولكن لم يكن من مّنفذاً طوال العشرين السنة الماضية.

س- إذاً لماذا هذا الهجوم على فرع المعلومات وعلى اللواء ريفي وعلى العقيد وسام الحسن؟

ج- هذا هجوم سياسي، والعقيد الحسن شخص متوازن وعاقل ولولا دعم اللواء ريفي له ما كان يستطيع القيام بهذا العمل بمفرده، ولولا دعم سعيد ميرزا القاضي الرئيسي لهذه العملية والذي تجرأ باتخاذ قرارات بتوقيفات كبرى حتى السياسية لها علاقة بالتجسس، لما كنا وصلنا الى هذه النتيجة.

س- هل تقصد العميد فايز كرم؟

ج- بطبيعة الحال الحديث عن فايز كرم أليست معيبة، وهذه قصة مثل قصة شهود الزور، وأين مشكلة العميد فايز كرم، هل المشكلة في أين هو موقوف أم المشكلة بما قام به؟ مشكلتنا معه هي ماذا فعل؟ العميد كرم موقوف بمذكرة توقيف علنية بصفته عميل للعدو الإسرائيلي، وهذا أمر قضائي نُشر في الصحف وليس اتهاما من الناس، ولكن نجد ان المشكلة أصبحت الآن في مكان توقيفه أو ان هناك نبأ سُرّب، لقد كنت بالصدفة عند قاضي يوم توقيف العميد كرم، هذا الرجل اعترف انه منذ سنة 1982 هو مجنّد 28 سنة، ولكن نجد ان المشكلة أصبحت في مكان توقيفه وما إذا كانت صحته جيدة أو لا، أو هل ينام أم لا؟ وتدخل مسؤولون كبار عرب ولبنانيين في هذا الأمر وحصل فجور وصراخ، وأصبحت المشكلة كما قلت في مكان توقيفه وهل ينام أم لا، وان فرع المعلومات فعل كذا وكذا، يا جماعة فرع المعلومات هذا خلق ثقافة مكافحة التجسس لأول مرة في لبنان.

س- ربما هذا بسبب التحقيق الذي حصل معه والسماع الى إفادته؟

ج- لقد صدرت مذكرة التوقيف بعد اعترافه أو إفادته أمام القاضي، وطلب القاضي من فرع المعلومات التوسّع والتحقيق. هذه مسألة تُحل على صوت منخفض لا يتفاخر فيها، سمعنا تصريحات للنواب، وتصريحات لصديقي الجنرال عون، ولمداخلات عربية عبر الحدود، ولبنانية كبرى من أجل نقله الى الشرطة العسكرية، فهل هذه هي المشكلة، هذه تشبه شهود الزور تماماً، المشكلة ان هذا الرجل اعترف انه جاسوس وبالتالي انسوا الموضوع وليقف الموضوع عند هذا الحد. أما ان تكون المشكلة في مكان توقيفه وغير ذلك فهذا تصغير للمشكلة وتسخيف لعمل الناس، وتسخيف جهدها والعمل الذي قامت به.

هل يُعقل ان جهازا يقوم بكل هذه الإنجازات لا تُقر ميزانيته في لجنة المال والموازنة لأن هناك خلاف قانوني حوله، فما علاقة هذا الخلاف بالموازنة، فالخلاف القانوني يُحل بالقانون والموازنة هي لأنه يعمل ويعمل بشكل جيد جداً في ملف لم يقاربه أحد في لبنان أبداًُ، واشتغلت فيه مخابرات الجيش أيضا في فترة مماثلة، وأيضا حققوا نجاحات نحن لا ننكر ذلك، ولكن فرع المعلومات خلق ثقافة جديدة في الأجهزة الأمنية.

س- هل تقصد في كلامك ان هناك استهداف سياسي ايضا لفرع المعلومات؟

ج- طبعا، هذا استهداف سياسي وليس أمنيا، فهل يُعقل ان جهازاً يوقف أكثر من 23 خلية تجسسية تعمل مع إسرائيل، ويُدّرب مجموعة كبيرة من الضباط والعناصر على المعرفة وعلى التعبئة بمواجهة العدو الإسرائيلي، هل يُعقل أن تكون النتيجة ان نرى أما الشيخ نعيم قاسم يتهمه، أو أن تصدر مذكرة توقيف بحقه من سوريا؟.

س- حتى المقدم سمير شحادة الذي تعرّض لمحاولة اغتيال صدرت بحقه مذكّرة توقيف؟

ج- أطلب من الله أن يشفي المقدم شحادة، ولكن يبدو ان اللواء جميل السيد يريد ملاحقة الأموات، هو لاحق الرئيس الحريري في قبره، هناك حقد وثأر، وكأن كل المشكلة في البلد الآن عنوانها شهود الزور وحقوق الضباط، أما من اغتيل وكيف اغتيل فهذا موضوع غير مهم.

س- هناك قرائن قدّمها السيد حسن نصرالله حسبما يقول هو والمسؤولون في “حزب الله” هذا تدين إسرائيل وتضعها في خانة الإتهام؟

ج- على راسي، ولكن من يقرر هذا الأمر وقد طلبها المدّعي العام بلمار، طلب هذه القرائن.

س- لكنه قال ان هذه القرائن والأدلة منقوصة؟

ج- المدّعي العام بلمار قال “ان ما تم تزويدي به شاهدتها على التلفزيون، بمعنى ان ما شاهدته على التلفزيون هذا شيء مُعلن، ولكن إذا كان هناك من أدلة جدّية فزوّدوني بها، وبالتالي أتصرّف على أساسه”. أنا لا يمكن أن أقوم مقام كل الناس، ولا يمكن أن أقبل الإتهام السياسي بعد خمس سنوات، ومن بعد ستة أشهر كنا في بيان وزاري كان هناك اتفاق على المحكمة، أن نقرر فجأة بأننا لا نوافق، وان فرع المعلومات مخالفة قانونية لا نقر ميزانيته، وان هؤلاء الضباط الذين قاموا بكل هذه الأعمال، والذين حياتهم معرّضة ومشغول بالهم على ميزانية عملهم إذا كانت ستُقر أو لا تُقر، فكيف يُعقل هذاالتقييم؟ ومن يقيّم من؟ فليذهب وزير الداخلية ويحل المشكلة القانونية، فهل يحل ضابط هذه المشكلة، فليذهب وزير الداخلية ويقول لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يجب حل هذه المشكلة، فأما أن تحلّوا الفرع وأما أن تثبّتوه، ولكن لا تعاقبوه في مجلس النواب.

س- لكن المشكلة ليست قانونية بل سياسية؟

ج- أنا لا أقول ان المشكلة ليست سياسية، ولكن إذا كانت المشكلة سياسية فهذا سبب أكبر للإعتراف بما فعله هذا الجهاز من تعميم لثقافة جديدة في الأجهزة الأمنية، وليس معاقبته، هذا كلام معيب، والمشكلة ليست في فايز كرم وأين أوقف وأين ينام، هذا جاسوس اعترف وأقر، والقاضي أصدر مذكّرة توقيف على هذا الأساس، هو جاسوس من 28 سنة لماذا تدافع عنه وتقوم القيامة من أجله، ويتدخل رئيس السلطة من أجل نقله إلى الشرطة العسكرية؟.

س- من الذي تدخل هل الرئيس الأسد؟

ج- أعفيني، لا أريد أن أسمّي طبعا” لا، هذا جاسوس لماذا تدافع عنه، أنا لو كان أخي لما اعترفت به.

س- كم يتحمل في هذه الحالة فريق 14 آذار مسؤولية هذه الأمور وما وصلت إليه، هل وسائل الدفاع عند 14 آذار لا زالت متوفرة؟

ج- أنا لا أريد أن أتحمل مسؤولية الحق المطلق عن أي كان، لأني لم أكن جزءا من 14 آذار بداية، ولكن هناك أمور محقين فيها وأمور غير محقين فيها، ولكن أمور كثيرة قالوا انهم أخطأوا فيها هؤلاء بشر طبيعيين يخطئون ليسوا معصومين.

الدكتور سمير جعجع اتخذ موقف من حق العمل للفلسطينيين، وقام بمصالحة علنية على التلفزيون باعتراف واعتذار مع ناس قتل منهم وقتلوا منه، أي مع الفلسطينيين. نحن لا نريد أن نقاتل ولا نملك السلاح، نحن لا نملك سوى هذا القلم ولن نوقّع على أي تنازل سياسي، ومن يريد التوقيع يكون قد خسر تاريخه وخسر نفسه وخسر ماضيه ومستقبله أياً كان هذا الشخص، هذه الشوارع والطرقات والبنايات أمامهم فليأخذوها وليفعلوا ما يشاؤون، نحن لن نقاتل، نحن سندافع بالحق وبالكلمة الطيبة التي تدعو الى مزيد من الحياة الآمنة والكريمة لكل اللبنانيين.

س- كيف تقيم دور رئيس الجمهورية ودور المؤسسات الأمنية، يعني الجيش وقوى الأمن الداخلي؟

ج- أنا لن أتخلى مهما قيل عن الجيش، ومهما كان هناك شكوى أو شكوك أو احتمالات أو كلام عن انه ممكن أو غير ممكن، أنا لن أتخلى عن دور الجيش والمطالبة به واعتباره جيشي وأهلي وأخوتي وأولادي تحت كل الظروف، هذه مسألة نهائية ومحسومة، وأطالب فيها، وعلى كل حال الجنرال قهوجي قال أول أمس أعلن مسؤوليته مسبقاً عن منع حصول أي فتنة، وأنا سأطالبه بمحبة بأن يكون على قدر كلامه، وليس أمامي خيارات أخرى لكي كل يوم أنتقي خيار، الدولة خياري، الجيش حمايتي الأمنية والمقاومة حيث يجب أن تكون بسلاحها خياري، بالتفاهم مع الدولة علاقات طبيعية مع سوريا خياري، عروبتنا اكيدة، لبنانيتنا سليمة، هذه قواعد وثوابت طبيعية فلماذا نبحث عن الشواذات؟.

س- لكن تم انتقاد الجيش بشدّة في الأحداث؟

ج- انتقد في كل الأحداث في أيار وفي عائشة بكار وفي برج ابي حيدر، وأنا واحد من الناس الذين اشتبكوا معه في الكلام سياسياً طبعا، ولكن ليس عندي خيار آخر، ولكن أنا أريد أن أصوّب هذا المسار، فما قاله الجنرال منذ يومين كلام مطمئن وأنا لا يمكن إلا أن أطالبه بأن يكون عند كلامه؟ ورئيس الجمهورية بطبيعة دوره وبطبيعة كلامه وشخصيته وبطبيعة قراءته السياسية، اختار لنفسه دور الحكم الذي لا يحمل صافرة فيعمل مع الأطراف بالوشوشة مع هذه الجهة وتلك الجهة وغيرها، ربما لا يكون يحقق ما يريده اللبنانيون، ولكن بالتأكيد لا يسبب أي ضرر. فمن توق اللبنانيين لدور كبير لرئيس الجمهورية، دور فعّال دائماً يطالبونه بأكثر مما باستطاعته.

س- نلاحظ في الإطار السياسي انه في مكان ما هناك تمييز لدور الرئيس نبيه بري بالمسائل التي تُثار على الساحة الداخلية؟

ج- أنا أول المميّزين للرئيس بري .

س- لكن ألم تُفاجأ بما قام به الرئيس بري أو وزراؤه في مسألة شهود الزور في مجلس الوزراء؟

ج- كلا لم أفاجأ، وأنا أعتقد انه حصل خلاف شكلي ولكن بالمبدأ هم محقّون، وبالتالي كوزراء في الحكومة يحق لهم الإطلاع على التقرير ومناقشته. الخلاف هو على التوقيت أما المبدأ فلا يجوز مناقشته، فما دمت قد أقريت تكليفه فأنت مضطر لمناقشة تقريره.

س- لكن أليس رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من يحدّد جدول أعمال مجلس الوزراء؟

ج- هذه مسألة سياسية كبرى وليست مسألة روتينية تتعلق بوضعها على جدول الأعمال أوعدم وضعها على جدول الأعمال، وإذا كان لن يوضع على جدول الأعمال ومعروف كم يراهن الرئيس بري على هذه المسألة، بطبيعة الحال كان يجب أن يتم التشاور معه، ولكن الرئيس بري بالتأكيد وفي أصعب الظروف التي مررنا بها منذ شهرين أو ثلاثة حتى اليوم، حريص على أن يبقى على صلة مع كل الناس، وحريص على أن يكون مسؤولا عن كل الناس، وحريص على العلاقة السورية – اللبنانية وعلى العلاقة مع السعودية، ومراهن على السعودية- سوريا، ودائما يكرر ذلك، وأنا أعتقد انه يحفظ مكان للقاء، بمعنى ان هناك نقطة التقاء مع هؤلاء الناس، والأمر ليس كله اصطفاف.

س- لكن كم يستطيع الرئيس بري أن يلعب دورا في ظل الحدّة التي يستخدمها “حزب الله” بمواجهة موضوع المحكمة الدولية؟

ج- أعتقد انه أكثر واحد يمكن أن يلعب دور، أكثر واحد بين اللبنانيين السياسيين على الأقل يستطيع أن يمارس إمكانية تفاهم على شيء ما لا أعرفه وغير محدّد.

س- اليوم يسود في لبنان منطقان: منطق يقول نحن مع العدالة ومع المحكمة الدولية ولن نتخلى عن هذا الأمر مهما حصل، ومنطق آخر يقول نحن ضد المحكمة الدولية وهي مسيّسة وأميركية – إسرائيلية يجب الإنتهاء منها؟

ج- ومن أجل هذا الأمر انا وصفت الرئيس بري بأنه الدكتور، بمعنى انه هو مسؤول عن المعالجة الطبية السياسية لهذه المجموعة، فهناك أشياء ليست بيدنا وأشياء أخرى بيدنا، مهما فعل لبنان في مسألة المحكمة الدولية لن يستطيع أن يوقفها ويستمر عملها، وكل المؤشرات وكل رجال العالم، وأنا سمعت الدكتور شفيق المصري على التلفزيون، الكل يؤكد بأن المحكمة ماشية، وأنا قلت لك من لا يملك يعطي لمن لا يستحق، وبالتالي محاولة دولة الدكتور الرئيس نبيه بري وما أرجوه وأطلبه من السوريين وأحث عليه السعوديين هو انه عليكم أن تجدوا صيغة توفيقية بين المحكمة السارية المفعول، وتعطيل الإشتباك الداخلي وتحويله الى حوار، فكيف يتم ذلك أنا لا أعرف، وأنا لست في موقع المعرفة، ولكن لا بد من أن تكون هناك صياغة خارج الإتهامات وخارج التمسك. برأيي أن من يتمسك بالعدالة هذا أمر طبيعي وممكن الخائف من المحكمة ايضا أمر طبيعي، ولكن بالنتيجة لا يوجد تساوي بين العدالة وبين الخوف وبين الإستقرار وبين الفتنة وبين الأمن وبين الفلتان، فالمطلوب من النزاهة السورية والحكمة السعودية ودولة الدكتور بري وغيره، إيجاد صياغة لا أعرف ما هي ولو كانت عندي جاهزة لكنت أعلنتها.

س- أنت قلت النزاهة السورية، ولكن بالأمس قرأنا تصريح للوزير وليد المعلم يقول من المفيد أن نعلن ان تسييس القرار الإتهامي وتسريب معلومات الى الإعلام حوله قبل صدوره مؤشر على استخدامه كأداة سياسية، نحن نقول إذا تم ذلك فهذا يعني التضحية بالإستقرار؟

ج- أنا أفضّل تصريحه القديم الذي يقول بأن المحكمة شأن لبناني وإذا ثبت وجود شخص سوري مُتهم فستتم محاكمته وإعدامه، وبالتالي أفضّل هذه الصياغة لكلامه.

أنا سبق وشرحت الموقف السوري، وشرحت اعتراضي وشرحت رغبتي ومراهنتي، ولكن هذا كلام لا يطمئن ولا هو جزء من طبيعة الدور السوري المطلوب والمرغوب، هذه صياغة تساهم بالخوف وتساهم بتشجيع الفتنة أو الإشتباك بشكل أو بآخر، بينما المطلوب من الدور السوري أن يكون في موقع آخر تماماً.

س- اليوم مسألة شهود الزور هي المطروحة، ولكن من قبل ذلك مسألة أثارت توتر كبير في البلد هي مسألة تمويل المحكمة الدولية؟

ج- لقد جاوب الأمين العام للأمم المتحدة على هذا الموضوع، وقال “ان شاء الله عمركم ما دفعتو”. والدكتور شفيق المصري جاوب هذه محكمة منشأة بموجب الفصل السابع، أي انها مُلزمة لجميع الدول، ومُلزمة التنفيذ وبالإمكان اتخاذ عقوبات بالدول التي لا تتجاوب، وبالتالي لا يجب تكبير الموضوع.

س- لبنان أليس مُلزما ببروتوكول تعاون مع هذه المحكمة؟

ج- لبنان مُلزم أكثر من غيره، لأن هناك اتفاقية بين الطرفين وحسب قول الدكتور شفيق المصري هذه الإتفاقية لا تُلغى من جانب واحد، وبالتالي يجب موافقة الطرفين على إلغائها، وبالتالي نتحدث عن وقائع لا نستطيع تغييرها.

س- ولكن المطلوب في هذا الإطار موقف سياسي من الرئيس سعد الحريري؟

ج- ياسيدي أعلن ذلك في الحديث لصحيفة “الشرق الأوسط” ولكنهم هاجموه واعتبروه ليس مُقصراً فقط بل مُرتكب.

س- أنت اعترضت على كلامه في حديثك للـ”الشرق الأوسط” وقلت لا أوافق الرئيس الحريري في موقفه؟

ج- نعم أنا اعترضت وقلت لا أوافقه على موقفه بشأن شهود الزور، وليس العلاقة مع سوريا.

س- أنت قلت لا صفة قضائية لرئيس الحكومة وبالتالي كلامه ليس مُلزماً؟

ج- نعم وما زلت عند هذا الرأي، وتبيّن ان الآخرين لم يأخذوا هذا الكلام باعتباره صلة وصل، بل اعتبروه تقصيرا”.

س- بالأمس شاهدنا صورة للسيد حسن نصر الله وهو يزرع شجرة أمام منزله في حارة حريك، وهذا من الظهور العلني النادر للسيد حسن نصرالله ما هي قراءتك؟

ج- إن شاء الله يطمئن ويأمن ويظهر، أنا لم أرَ الصورة، ولكن من يزرع شجرة أكيد والحمدلله لا يسعى لفتنة هذا ليس اتهام بل تمني.

س- لكن السيد حسن لم يقل انه يسعى لفتنة، لكنه قال القرار الإتهامي قد يؤدي الى فتنة؟

ج- أنا أقصد القول ان من يزرع شجرة يكون يريد طمأنة الناس لا أن يبشّر بفتنة.

س- هو يزرع شجرة في إطار زرع مليون شجرة لكي يصبح البلد أخضر؟

ج- إن شاء الله هذا عظيم فعلاً عظيم.

س- سيكون للسيد نصرالله إطلالة اليوم سيتحدث فيها عن زيارة الرئيس الإيراني، وعن موضوع زرع الأشجار، وقد ووصفها البعض إطلالة بيئية، ولكن سيكون له إطلالة مع الرئيس الإيراني، كيف تنظر الى زيارة الرئيس الإيراني الى لبنان؟

ج- أنا أنظر اليها على انها زيارة رئيس دولة إقليمية مدعو لزيارة رسمية الى لبنان، ونتعامل معها بكل احترام باعتبارها زيارة رسمية، وبين رئيسي دولتين ولن أدخلها في الزواريب اللبنانية، ويجب أن ننتبه الى ان السفير الإيراني في كلامه عن الزيارة كان أدق من كل اللبنانيين وكان أكثر موضوعية وكلامه محدّد وبدون استفزاز. أنا لا أعرف السفير، ولكن فعلاً هو لفت نظري بكلامه. لكن هذا لا يمنع ان هناك انقسام حول الدور اللبناني، وهذه حقيقة لا تتغير الآن، ولكن هذه الحقيقة لا تجعلك تسيء التصرّف تجاه رئيس دولة إقليمية كبرى مثل الرئيس الإيراني أياً كان رأيك بطريقة سياسته، فلتعبر عن رأيك بطريقة سلمية وهادئة ولا تحمل قلّة لياقة حتى لا أقول كلام آخر.

س- ولكن كان هناك خشية من بعض التحركات، مثلاً تردد بداية ان الرئيس الإيراني قد يقوم بها من خلال زيارة الجنوب؟

ج- أعتقد انه سيزور موقعين في الجنوب لا علاقة لهما بالحدود، واليوم قرأت انه سيزور الضاحية حيث يُقام له مهرجان كبير، وبالتالي لا يجب أن نتعاطى مع الزيارة بطريقة مبالغ فيها، فهذه زيارة يقوم فيها ويعود الى بلاده. لا أستطيع أن أقول يحمل معه الإطمئنان، ولكن أيضا أدراك إيران في هذه الأيام ومشاكلها لا تجعلك تفكر كثيراً بتطوّر الموقف الإيراني، وفي كل الأحوال ما أراد الدور الإيراني أن يحدثه من ضرر قد أحدثه، وما أراد أن يحدثه من خير أحدثه في كل مكان، وأنا لا أتحدث عن مكان معيّن.

س- لو تحدثنا عن لبنان ما هو الضرر الذي ألحقه الدورالإيراني؟

ج- أنا لا أوافق على مسألة الشائع حيث الضرر الديني والكلام عن ولاية الفقيه، فهذه مسألة لا تعنيني، بل تعني الشخص الذي يتعامل معها.

س- لقد رفعت يافطة في طرابلس تقول لا أهلاً ولا سهلاً بولاية الفقيه؟

ج- أنا لاأوافق على هذه العناوين، أنا من أوائل الناس الذين شرحوا السياسة الإيرانية وحدّدت نقاط اللقاء ونقاط الإفتراق بين تفكيري وتفكيرهم، ولكن لا يمكن أن أعتبر ان الزيارة مناسبة لكلام حاد، خاصة بالموضوع الديني، فإذا كان هناك من خلاف مع إيران فهو بالموضوع السياسي وليس بالموضوع الديني، وكل واحد يصلي بالطريقة التي تناسبه، وإذا كان هناك خلاف سياسي يُعبر عنه، ولذلك أنا قلت ببساطة ان هناك انقسام سياسي حول هذه الزيارة، ولكن هذا لا يمنع ان الزيارة رسمية يجب التعامل معها على هذا الأساس، وأن تقول رأيك بطريقة هادئة وسليمة وسلمية.

س- ماذا عن الشق الشعبي لهذه الزيارة واللقاءات الشعبية للرئيس نجاد ان كان في الضاحية الجنوبية أو في الجنوب، وهذه اللقاءات الشعبية في هذا الجو الضاغط واستمرار الحديث في موضوع الفتنة؟

ج- هذا لن يزيد في الإنقسام ولن يؤكد الوحدة، هذا عمل في سلسلة طويلة محققة الإنقسام ومحققة السياسة الإيرانية ومحققة مشاكلها ومحققة خيرها، فلا يجب إعطاء أهمية للشكليات بهذا المعنى، فما المشكلة في أن يُقام للرئيس نجاد مهرجان؟ فهل المشكلة في المهرجان أم في السياسة؟ وهل المشكلة في زيارته لقانا أم في السياسة؟ وبرأيي إذا كان هناك من مشكلة فهي بالسياسة، وبالتالي يجب أن يُستقبّل ويودّع باعتباره ضيف رسمي له كل الإحترام وواجب التعامل معه باعتباره رئيس دولة كبرى في المنطقة، وهذا الأمر تم في دول عربية عدّة أعلنت الحدة في العلاقة مع إيران، ومع ذلك أُستقبل بطريقة رسمية.

س- لكن في الدول العربية لا يوجد “حزب الله” الذي تقوم إيران بتسليحه ودعمه؟

ج- أُستقبل في دول عربية لها عداوة معه، أما “حزب الله” بما أن إيران دولة داعمة له بالسلاح والمال، عليه أن يقوم بواجباته تجاه الرئيس الإيراني، وأنا أعتبر ان هذا الأمر من الشكليات لا أهمية لها، وبالتالي فلنبقى في النقاش السياسي.

س- الكثير من الشخصيات والجهات السياسية تحدثت بكثير من الأوقات بأنه يوجد تمايز بين سوريا وإيران في الموضوع اللبناني، من خلال ما يجري حالياً على الساحة اللبنانية، هل ترى فعلاً هذا التمايز؟

ج- أنا أعتقد ان الموقف السوري والإيراني، وأكرر ذلك دائماً، الموقف هذا من مسألة دعم المقاومة هو موقف واحد وموحّد ولا يتغيّر، وليس معرّضاً للتغيّر، ولا أعتقد أي شخص واقعي لديه أحلام بفصل سوريا عن إيران بمواقف سياسية، سواء بما يتعلق بمفاوضات السلام بسرعة ومجاناً، هناك مشكلة بمنطق السلام الموضوع على الطاولة بالسياسة الأميركية، هذه السياسة التي أعطت ضمانات بمفاوضات إسرائيلية- فلسطينية لم تستطع الإلتزام بها، وبتقديري أنها لن تستطيع التزامها ولن يتحقق أي تقدّم قبل أما تعديل الحكومة الإسرائيلية وأما إجراء انتخابات مبكرة وحكومة إسرائيلية جديدة، فالحكومة الإسرائيلية الحالية عير مؤهلّة للتفاوض وغير مؤهلّة للسلام.

وهناك معلومات متداولة نشرتها “الشام برس” حول النقاش الأميركي- السوري الذي تمّ مؤخراً بأن السوريين طلبوا بعودة المفاوضات على قاعدة استرجاع الجولان كاملاً، وطلبوا عبر الأميركيين آخر ما كانوا يناقشونه أثناء المفاوضات، عبر الأتراك تحديد النقاط الست لترسيم خط الرابع من حزيران، ويبدو ان السوريين طالبوا بأن تبدأ المفاوضات من حيث توقفت، ولكن يبدو ان الإسرائيليين لم يتجاوبوا والأميركيين لم يستطيعوا إلزامهم، لذلك كان واضحاً ان الموقف السوري تغيّر بفترة قصيرة، فعندما زار الرئيس الإيراني سوريا في المرة الأخيرة، وكان ميتشل المبعوث الأميركي موجود في سوريا في ذات الوقت، أصدرت الخارجية السورية بيان تتفهم فيه موقف ميتشل ومساعيه، وكان هناك اعتراض على الكلام الإيراني العالي، بينما في زيارة الرئيس الأسد لطهران كان الكلام كبير جداُ حول مسألة السلام ودعم المقاومة والممانعة والتصدي والصمود، لأنه لا الأميركيين ولا الإسرائيليين عندهم أي إجابة على الحق السوري باسترجاع أراضيه المحتلة.

س- السياسة الإيرانية والسياسة السورية في المواضيع السياسية اللبنانية الداخلية، كان هناك مواقف إيرانية معترضة على المحكمة الدولية؟

ج- أنا أعتقد ان الموقف الإيراني من المحكمة الدولية هو موقف داعم لحليف لهم، ولكن ليست نقطة خلاف سورية – إيرانية.

س- صحيح ليست نقطة خلاف، ولكن هل يلتقون على كل هذه المواضيع، يعني على كل مواضيع الداخل اللبناني؟

ج- الى حد كبير يلتقون، ولكن الأفضلية للرأي السوري، ولكن الى حد كبير وما دام لا يوجد أفق مفتوح في المنطقة نحو السلام فليس لسوريا أي خيار، فإذا كان المصري والسعودي والرئيس محمود عباس يُهدّد بالإستقالة بسبب صلافة وعناد وجنون الحكومة الإسرائيلية، وعجز الإدارة الأميركية، فلماذا على الرئيس السوري أن يشارك؟ وبالتالي هو تصرّف على اعتبار انه يحافظ على صورته أمام العالم كراغب بالسلام من خلال مفاوضات غير مباشرة عبر الأتراك فقط لا غير، ومن ثم عاد الى الصيغة القديمة بعد ان اعتقد الجميع بأنه حصل تقدّم كبير في مسار السلام، وان سوريا مُرشّحة فعلياً للدخول في السلام، فتبيّن ان الفلسطيني يخرج من هذه المفاوضات.

س- عندما يتحدث الرئيس سعد الحريري عن ان العلاقات بين سوريا ولبنان هي علاقات من دولة الى دولة، وانه مستمر في تحسين هذه العلاقات، وبأن هذه العلاقات يجب أن تودي الى ما فيه خير ومصلحة البلدين؟

ج- موقف طبيعي وسليم.

س- لكن عملياً ماذا تحقق منه، فلو أخذنا مثلاً السفارة السورية في لبنان، ما هو الدور الذي يلعبه السفيرالسوري في لبنان؟

ج- ليس للسفير السوري أي دور في لبنان سوى انه السفير السوري، أنا أعتقد اننا خرجنا من خمس سنوات من الصراع بين لبنان وسوريا، ويلزمنا وقت لكي ننتقل للحالة الطبيعية، فلا يجب استعجال الأمور وكأنها متوقفة أو أنها انتهت، فلا هي انتهت كلها ولا هي متوقفة، ولكن انكسرت الحدّة بين خصومة وقتال ومواجهة الى الحوار.

س- لكن أليس هناك مؤشرات تدل على ان هذه الحدّة يبدو انها تعود مجدّداً، مثلاً مذكّرات التوقيف أليست مؤشر على ان العلاقات اللبنانية -السورية تذهب حالياً باتجاه المزيد من التأزيم؟

ج- أنا أرى ان هناك عقل ثأريا” في سوريا، تقدّم في هذه المسألة ولا بد أن يراجع حساباته.

س- لكن لا يمكن بناء علاقات على ردّة الفعل؟

ج- أنا قلت لك ان اللبنانيين عندما أخطأوا أو أصابوا، وعندما انفعلوا أوعندما شتموا، عندما قاتلوا سياسياً، قاتلوا كمجموعات وكأحزاب وكأفرد في بعض الأحيان، لكن سوريا دولة مركزية، القرار فيها واحد هرمي لا جدل حول تماسك النظام وقدرته على إعطاء سياسة واضحة تعبّر عنها بشكل سليم، لذلك لا أفهم هذا الذي يحصل، ولا أعتقد أبدا أنه ليس في سياق الفرصة التاريخية المتاحة لنا، وأنا أعتبر ذلك اعتداء سياسي، ولكن لا بد من العودة الى صياغة ما.

أنا أعتقد ان الرئيس الحريري ضبط أعصابه في المدة الأخيرة بشكل ممتاز، ويقول كلام هادىء تماماً وهذا نسمعه منذ شهر رمضان وليس بجديد، وكأن الأزمة جعلته يجوهر أكثر ويتماسك أكثر وأكثر، ويقول كلام مباشر أكثر، ويؤكد على ثوابته بأنه إذا حصل أمر ظرفي لن يخرجه عن ثوابته اللبنانية ولا العربية، ولا حاجات الناس ولا استقرارها ولا أمنها، ولكن كل هذه العناوين لا يمكن تحقيقها الآن ولفترة طويلة عبر هذه الحكومة، لذلك أنا أعتقد انه لا يمكن وضع اتفاق سياسي واضح يحقق الإستقرار من جهة والإنماء وحاجات الناس من جهة، بالظروف الحالية، والحكومة الحالية، وما كنت أتوقع هذا من قبل، ولكن لم أكن أتوقع أن تتعرض رئاسة الحكومة لهذا القدر من الإعتداءات في لبنان ومن سوريا، والرسائل التي وُجهت إليه والتي وجهها أيضا السيد نصرالله عبر التلفزيونان وسوريا عبر الإعلام، فهذا أسلوب لا يوحي بالإطمئنان ولا يوحي بأن هناك تغيير جدي بالقدرة على المخاطبة بين البلدين، ولكن مازال رهاني ان الرئيس الأسد الذي استطاع تحقيق كل النجاحات في فترة قصيرة، بعد فترة صعبة جداً، لن يضيع هذه النجاحات في فترة نرفزة وتوتر أو انفعال أو افتراض.

س- الرئيس السوري كان قد قال في إحدى خطاباته في جامعة دمشق، بأن فريق 14 آذار منتج إسرائيلي وهناك اتفاق 17 أيار جديد، وهذا الكلام تكرر في هذه الفترة الأخيرة في لبنان على لسان مسؤولين من “حزب الله” بأن القرار الإتهامي سيؤدي الى 17 أيار جديد؟

ج- ياسيدي من سيوقّع مع مَن؟ وأين هي هذه السياسة الأميركية القادرة على القيام بكل هذه الأعمال، أنا أتمنى أن تدلني عليها لأني أريد الإنضمام إليها.

س- تريد الإنضمام الى السياسة الأميركية أو مقاومتها؟

ج- أنا أريد الإنضمام الى السياسة الأميركية لأنه برأيي لا توجد سياسة أميركية، بل هناك خسائر أميركية متتالية في كل مكان، فليس هناك من عاقل يملك ذرة عقل في رأسه ينضم الى السياسة الأميركية في أي مكان، لا في افغانستان ولا في العراق ولا في السلام العربي-الإسرائيلي. أين هي هذه السياسة الأميركية، السياسة الأميركية مع الإدارة الجديدة أعطت صورة بأنها صورة تفاوض وتفاهم وحوار مع الناس، لكن تبيّن بعد سنة أو سنة ونصف ان الإلتزامات الخطية للإدارة الأميركية غير قادرة على تنفيذها، فأين هي هذه السياسة الأميركية القادرة أن تفعل 17 أو 18 أو 19 أيار؟ فهي غير قادرة ان تعمل أول الشهر وليس 17 الشهر.

س- هم يقولون لن نسمح بـ17 أيار جديد؟

ج- هذا كله خلق أوهام بأن هناك مؤامرة هاجمة من جهات ناجحة وقادرة ان تؤثر، وبرأيي لا يوجد جهات ناجحة ولا أحد قادر على التأثير، وليس هناك مؤامرة، هناك رهبة من المؤامرة نعم، ولكن وسائل تنفيذها معدومة، والتجربة وراءنا، وهناك مثل يقول “من جرب المجرّب عقله مخرّب”.

س- عندما تسأل مسؤولين في “حزب الله” ما إذا كان هناك 7 1 أيار جديد يقولون لن يكون هناك 17 أيار جديد؟

ج- هم يتمتعون بالحديث عن وهم القوة الأميركية، يتمتعون لأن هذا العدو الذي يمكنهم توظيفه في كل الوظائف، وهو غير موجود وإذا كان موجوداً فغير قادر بالتأكيد.