نهاد يضخّ الأمل

قالـوا عنه 15 أغسطس 2016 0

tar-1-53-620x330

يُجمع العارفون على رتابة العملية السياسية، وعلى ضحالة أدبياتها الممجوجة في ركب المماحكات اليومية بين المتناحرين، حيث بات من الممكن أن نُـفصّل ماهية الخطاب ومضمونه قبل إلقائه، وأن نناقش متن البيانات قبل صدورها، شيءٌ أشبه بحالة من المرواحة الهامدة، أو الاجترار المُمل وفائض التصحّر.

في ظل هذا الواقع، يصرّ نهاد المشنوق على مقارعة الملل، وعلى ضخّ جرعات متفاوتة من الصخب والأمل. تصريحه الأخير كان بمثابة صدمة متدحرجة حطت رحالها في قلب الحراك السياسي من خارج أي سياق أو مؤشرات. راح البعض يتحدث بلهفة عن قطبة مخفية. عن حراك إقليمي ودولي يصب في خانة إنهاء الشغور، فيما ذهب البعض الآخر حد اتهامه بنسف ترشيح سليمان فرنجية والتسويق لوصول ميشال عون بالاتفاق مع سعد الحريري.

منّ يعرف نهاد المشنوق يدرك جيدًا حساسيته المفرطة تجاه الرتابة. يكره المياه الراكدة. يبحث خلف كل معضلة عن سبيل يُقـوّض السُبات. فعلها في حديثه الشهير عن المملكة العربية السعودية. أجبر الصديق والخصم على تحسّس فاعلية العيون والآذان أمام كلام غير مسبوق. كذلك هي الحال مع جُلّ متحركاته، التي طالما ارتبطت بالدهشة أو الابتكار.

بالأمس، أطل الرجل علينا بلغة حازمة وجازمة: الرئيس قبل رأس السنة. شعرنا لبرهة بخلل مركّب. كيف لذلك أن يحدث؟ رحنا نستعيد المشهد من بغداد إلى بروكسل، مرورًا بدمشق وأنقرة وصنعاء: بريطانيا تقترع لخروج مؤلم من الخاصرة. أوروبا ترتجف على وقع انعدام اليقين وغزوات الذئاب المنفردة. أميركا تنام بعمق على كتف قبطانها الأسمر. فيما تدخل موسكو بقوة كل الخطوط المشتعلة، من تقليم الأظافر إلى إعادة ترتيب الجغرافيا المفيدة. كيف لنا أن نتلقف بصيص النور في قلب هذا الظلام؟ أي رسالة تلك التي يوّد نهاد أن نفهمها جميعًا، بل أي متحرك ذاك الذي قد يضرب عرض الحائط كل حرائق الكوكب وكل خرائط الدم.

ربما نذهب غدًا نحو انتخاب رئيس طال انتظاره، وربما نشهد نهاية الدقائق الخمس الأخيرة من عمر نظامنا الهشّ. لكن يبقى أن نهاد قد أدى ما تيّسر من قِسطه في ضخّ الأمل، وحرّك على طريقته مياهنا الراكدة.