نهاد المشنوق.. إستمر!

قالـوا عنه 26 أبريل 2014 0

مما لا شك فيه ان الصورة التي جمعت وزير الداخلية نهاد المشنوق بقادة الاجهزة الامنية، ومعهم مسؤول الارتباط في “حزب الله” وفيق صفا، كانت لافتة جداً وغير مألوفة في المشهد اللبناني، وربما شكلت صدمة لدى البعض، ولكن ليس من باب الدفاع عن الوزير المشنوق، وليس تبريراً للوقائع والاحداث التي مرت فيها قيادات مسؤولة في الدولة اللبنانية خلال سنوات السلم والحرب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، لقاءات مع قيادات امنية سورية وفلسطينية وحتى ايضاً مع ضباط اسرائيليين…
نعم، كل ذلك كان يحصل، حينا بالعلن واحياناً بالسر.
ولكن لو بحثنا بتمحيص في هذه المسألة عن الهدف الحقيقي المتجرد لاجتماع الداخلية، لوجدنا ان الهدف الوحيد هو انقاذ اهالي بلدة الطفيل اللبنانية الذين يعدون بالآلاف والمحاصرين بالموت من كل المتحاربين على الارض السورية، بمن فيهم “حزب الله” كطرف اساسي في القتال، واذا كان الامر كذلك فإن من باب الادبيات الوطنية والانسانية القول: نعم، اهلاً وسهلاً بهذا اللقاء لانقاذ شعب لبنان، شعب بالأصل هو بائس من دون حرب، ومهمل من دون ذنب، فكيف به الحال والحال على ما هي عليه اليوم؟
قرأت ما كتبه الصحافي فارس خشان حول هذه المسألة، فوجدت ما يلي:
– اولاً: لا يعني وجود صفا في الاجتماع من الناحية الموضوعية تشريعاً لسلاح «حزب الله» في لبنان، ولا إقرار له بما يفعله في سوريا على الاطلاق.
– ثانياً: اذا كان الحزب تفرد بالدخول في الحرب السورية – وقد بدأ يشعر بمدى انعكاسات هذا التفرد عليه وعلى لبنان – فهل من الحكمة ترك آلاف اللبنانيين في بلدة الطفيل يواجهون الموت المحتم، ام نأتي بالطرف الاساسي الأفعل في هذه الحرب ونجلس معه وجها لوجه، لحل مسألة محددة بمكان وزمان وظروف خاصة لحلها؟
– ثالثاً: صحيح ان هناك خصومة كبيرة بين كثير من اللبنانيين وبين “حزب الله” ولكن من الموضوعية الاقرار بان الحزب امر واقع لا يمكن نكرانه، ولا تجاهله.
– رابعاً: الا يعني وجود ممثل عن الحزب في هذا الاجتماع تحميلاً له مسؤولية ما عن الازمة، وبالتالي بحثاً عن حل يكون هو المسؤول المباشر عن نتائجه؟؟
برأيي كان نهاد المشنوق الاكثر جرأة في مقاربة هذه القضية رغم انه حديث عهد بالملفات الامنية والعسكرية، اذ قارب الموضوع من الجانب الانساني والوطني ونقطة على السطر..
اما القول ان الوزير المشنوق رسخ وشرع سلاح “حزب الله”، فهذا القول لا يستند الى دليل، بدليل الكلام الذي قاله المشنوق عقب الاجتماع الامني وفصل فيه موضوع الموقف من سلاح الحزب ومن قراره بالحرب في سوريا، وهو كلام ليس تراجعاً عن خطأ، ولا يغير من مواقف المشنوق شيئاً، لا بل يذكرنا بما قاله في  مؤتمر وزراء الداخلية العرب في المغرب.
كلمة أخيرة، اذا كان احتضان “حزب الله” واشراكه بالمسؤولية الرسمية – وهو شريك في الحكومة – يحمله مسؤولية وطنية تمهد له الطريق للخروج من الوحل السوري لمصلحة لبنان، فلا اظن ان “حزب الله” سيرفض، فهو تعب من لعبة الحرب واتعب جمهوره واتعب لبنان، والجميع يعلم ذلك، ولكن منهم من يقر ومنهم من يكابر.

فلتكن مبادرة المشنوق الجريئة، نقطة انطلاق يبنى عليها وليكن لها ما بعدها من نأي حقيقي بالنفس عن النار السورية، التي وان ابعدنا نارها عنا الآن، فلن يكون بمقدورنا ابعاد نار النازحين بسببها الى لبنان، فلبنان محكوم بالتوافق وبالمشاركة، ولن يستطيع اي كان مهما علا شأنه او كثر سلاحه ان يحكم لبنان او ان يفرض رأيه وخياراته على اللبنانيين، والتجارب كثيرة في التاريخ وفي الحاضر، وعلينا ان نبدأ من مكان ما، فلتكن هذه هي البداية.. لم لا؟
المحامي صائب مطرجي