ندوة جمعية “نحو المواطنة”- بيروت، النسبية تحفظ الأقليات والمستقلين

محاضرات 12 يوليو 2012 0

شدّد عضو كتلة “المستقبل” النائب نهاد المشنوق على “استحالة تطبيق النسبية في الانتخابات النيابية في ظل وجود السلاح بيد فئة معينة من اللبنانيين، ما يعطي نتائج عكسية ولا يؤدي الغاية الإصلاحية المطلوبة”.
وأعلن خلال مشاركته في ندوة نظمتها جمعية “نحو المواطنية” مع عضو تكتل التغيير والاصلاح” النائب ابراهيم كنعان في فندق “السفير” امس، أن “المدخل الوحيد الى اصلاح النظام السياسي في لبنان هو إقرار قانون انتخاب عصري يتماشى مع متطلبات الحداثة وتطور الحياة السياسية، فمنذ انتخابات العام 1992 ننتج قوانين أزمات، وليس قوانين لحل الازمات، والواضح أن الطبقة السياسية إما عاجزة عن انتاج قانون انتخاب أو ليس لديها الرغبة الفعلية في إقرار قانون عصري”.
وأمل أن “تؤدي الثورات العربية التي تحصل حولنا في الدفع نحو تطوير نظامنا الانتخابي، فبالنسبة الى تلك البلدان لم تكن تمارس العملية الانتخابية، والانتخابات التي حصلت فيها كانت ممتازة، وليبيا التي سقط فيها عشرات آلاف القتلى والجرحى أعطت نموذجاً يحتذى به، كما ان مصر وتونس كانت لهما تجارب ناجحة”.
وأعلن رفضه “تخفيض سن الاقتراع الى 18 عاماً لأن عدد الناخبين المسلمين سيرتفع من 61 بالمئة الى 78 بالمئة، وهذا يضرب الصيغة اللبنانية القائمة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين”.
ورأى أن “النظام النسبي يضمن حقوق الأقليات والمستقلين لكن يصعب تطبيقه في ظل هيمنة السلاح غير الشرعي على مناطق محددة، فلوائح حزب الله وحركة أمل أخذت 94 بالمئة من اصوات الشيعة، في وقت أخذت لوائح المستقبل حوالي 81 بالمئة من أصوات السنة، وهذا لن يؤثر بنا لكن مشكلتنا في الانقلاب على نتائج الانتخابات”. ودعا الى “إقرار الاصلاحات الانتخابية، بدءا من انشاء هيئة مستقلة لادارة العملية الانتخابية، واعتماد أوراق انتخابية موحدة واقتراع المغتربين وضبط سقف الانفاق”.

وفي ما يلي أبرز مقتطفات كلمة النائب المشنوق:

* قبل الخوض في قانون الانتخابات، أي قانون للانتخابات، لا بد من التأكيد على أن الانتخابات سياق ديموقراطي، وبالتالي فان اي سياقٍ ديموقراطي لا يستقيم إن شابه استقواء وتحديداً بالسلاح، ذاك الذي هو خارج الشرعية، فالاستقواء بالسلاح يحمل نفحتي الترهيب والترغيب، ما يجعل من الناخبين إما أسرى، أو يائسين. من هنا فان استقامة أي بحثٍ في قانونٍ للانتخابات لا تكتسب مشروعيتها سوى بعد وقف دوامة استباحة الديموقراطية بالترهيب والترغيب. وما نحن بصدده في هذه العشيّة ليس سوى محاولة فكرية واقعيتها بعيدة المنال في ظل ما نعيش من استباحةٍ لمنظومة القيم الديموقراطية، وحتماً وصلت الى حدّ التصفية الجسدية لمعارضي هذا السلاح.

* في أي حال وقبل نقاش النقاط التفصيلية المكونة لقانون الانتحاب والمطروحة في سياق الدعوة الى هذا اللقاء، لا بد من تحديد ماذا نريد من أي قانون انتحاب في لبنان، حتماً في ظلّ وضع طبيعي، واعتقد اننا نريد منه :
1- حماية التعددية والاستثمار في آلية مبدعة للافادة من الطاقات فيها، بهذا المعنى يمسي قانون الانتخاب شكلاً سامياً من أشكال ادارة التنوع، وهنا التحدي وليس القول بـ ” انصهارٍ وطني ” على قاعدة الذوبان، اما الغاء الطائفية السياسية فهذا شأن آخر من شؤون التفكّر في حماية التعددية وليس الغاءها .

2- تحسين نوعية التمثيل الشعبي في البرلمان بمعنى توفير فرصة ترشح وانتخاب أفراد او كتل تحمل مشروعاً سياسياً واقتصادياً – اجتماعياً وتشريعياً وامنياً وسياسة خارجية قادرين على تطوير الاداء السياسي، على ان يتم تأمين تكافؤ للفرص في الترشح والانتخاب.

3- صون نموذجية لبنان الميثاقية في المناصفة المسيحية – الاسلامية، هذا شأن مختلف عن حماية التعددية، ولو أن فلسفة هذه الاخيرة لا بد من أن تصب في هذا الاطار.

كل ما سبق من مقومات حاجة جوهرية في صياغة اي قانونٍ انتخابٍ عصري، على انه يجب وعي أن الاشكالية لا تكمن وحدها في القانون بل في ذهنية الناخب وذهنية المرشح والظروف السياسية التي تحيط بهاتين الذهنيتين .

اما فيما يتعلق بنقاط البحث الثمانية فسأورد فيها مقارباتٍ تاسيسيّة لفتح أطر النقاش :
1-في النظام النسبّي :
النسبيّة هي الخيار الامثل في أي قرار لقانون انتخاب يحمي التعددية، فالنسبية تزيل الاحتكارية، وتخفف من وقع المحادل، وقد تفتح آفاقاً لتكتلاتٍ عابرةٍ للطوائف بمعنى الاحتكام الى تكوين كتلٍ ببرامج، لكن بالله عليكم هل تصحّ النسبية عند المسيحيين والسنّة والدروز بالمعنى الديموقراطي فيما ان هناك قبضةً امنية- عسكرية- مالية- يمارسها حزب الله في الطائفة الشيعية ؟ انطلاقاً من هذه المسلمة يجب تنظيف السياق السياسي العام من سطوة السلاح وعندها تمسي النسبية خياراً انقاذياً.

2- في الدوائر الانتخابية :
مع النسبية نحن نحتاج دوائر متوسطة تراعي التوزّع الطائفي بالمعنى الميثاقي لكن مع احترام مقتضيات الجغرافيا، وهنا يجب وضع معايير لتوزيع الدوائر، في اي حال الدوائر المتوسطة المختلطة مع النسبية قادرة على تنقية الممارسة النيابية من غرائزية الاستقطابات الطائفية مع حماية التنوع.

3- تأسيس هيئة مستقلة للاشراف على الانتخابات :
ان انتظام العملية الانتخابية، وتنزيهها عن التدخلات، وفك الاشتباك حول وزارة الداخلية والبلديات، كما تفعيل الرقابة على العملية الانتخابية، وامكانية متابعة الاعتراضات فيها، لا يستقيم الا بهيئة مستقلة، وليست هذه مقاربة طوباوية، بل يجب تحقيقها ان أردنا فعلاً تحديث نظامنا السياسي، والاهم في كل هذا معايير اختيار اعضاء هذه الهيئة، على ان نزاهتهم واستقلاليتهم يجب ان تسند لقرائن قناعتهم بحماية التعددية وصون الميثاقية.

4- اللوائح الانتخابية المطبوعة سلفاً :
اهميتها في ضبط ما يسمى باللوائح الملغومة، والاهم فيها تزويدها بصورة للمرشح. هذا بعد تقني.

5- خفض سن الاقتراع :
جدل كبير يسود في هذا السياق، لكن ان حسمنا ان فلسفة لبنان ميثاقية مسيحية – اسلامية يجب تفادي فيها لعبة الاوزان الديموغرفية العددية، فأعتقد انه من واجبنا، ورغم القناعة بضرورة خفض سن الاقتراع الى الـ 18 ، من واجبنا التلفّت الى هذه المسألة من باب الهواجس لا من باب العنتريات الاستقطابية. فلنحافظ على سن الـ 21 ولنحسن ذهنية الترشح والانتخاب.

6- اقتراع المغتربين :
ليس المغتربون لا موسماً ريعيّاً مالياً ولا موسماً يفاد منه انتخابياً، والموسمية هنا في تقديري تعني النفعيّة. من هنا يجب التأكيد على توفير الحق للمغتربين كما الآلية المناسبة للاقتراع، دون ربط ذلك أبداً بفلسفة استعادة الجنسية، الذي هو حق ايضاً، لكن يجب ايجاد آلية أخرى له بعيداً عن الهم الانتخابي. في أي حال، اقترح ان يكون حق المغتربين بالترشح والانتخاب عنصراً مؤسساً في سياسة اغترابية على قاعدة الشراكة في المسؤولية لم نزل نفتقدها الآن.

7- اقتراع العسكريين.
انطلاقت فلسفة عدم مشاركة العسكريين في الاقتراع على قاعدة عدم إقحام هذه المؤسسات في الساسية كما توفير مساحة تأثير على مجرى ونتائج العملية الانتخابية. بالمبدأ العسكريون مواطنون، ويجب أن يكون لهم الحق بالاقتراع، لكن ذلك يقتضي ترفعاً عن التأثير في مجرى ونتائج الانتخابات، واعتقد انه حتى مع تحييدهم عن الاقتراع هذا الترفع نسبي. في اي حال القانون (171) يمنع ذلك، وهذه مقاربة للمشرع اللبناني، كان زامنها ايضاً نقاش في امكانية عدم السماح للقضاة ايضاً بالاقتراع، على قاعدة انهم مسؤولون بالقانون عن نزاهة العملية الانتخابية بل حتى وضع أسسها وقانونها والآليات الابقاء على تحييد العسكر ولو شكلياً أساسي، وذلك لتفادي اضافة وهج قوة على خيارات الناس.

8- الكوتا النسائية :
الكوتا النسائية مخرج لتعويد الناس على الحد الادنى من المساواة الجندرية. كان الافضل الابقاء على نضالٍ نسائي بمنأى عن روحية فرض تحديد نسبة تمثيلها في البرلمان او في الحكومة حتى بالكوتا، لكن، وفي جوّ نقاشات المتجع المدني، وبسببٍ من التجارب المتكررة اعتقد اننا نحتاج البدء بكوتا نسائية، تنزع بالقانون عن مجتمعنا السياسي ذكورية متمادية .

خلاصة :
فانون الانتخاب فلسفة وذهنية قبل ان يكون تقنيات ، التقنيات نتيجة حتمية لمواكبة التطور، لكن مع وهج السلاح نحن امام مأزق كياني .