مهرجان المنية – الشمال: الهوى الشمالي

كلمات 23 مايو 2009 0

عندما رأيت وجوهكم، علمت لماذا الهوى شمالي عند الشيخ سعد. لقد تحدث الأخ عن سيف الكرامة الذي أحمله، وفي الحقيقة سيف الكرامة الذي أحمله هو سيف كل واحد منكم من رجال وسيدات وشابات وشباب أيضا. أنا أفضل أن ننادي سعد الحريري بشيخ الشباب.

الآن سنعود الى الشمال الساكن في قلوبنا، والماسك لعقولنا ، دعونا نتحدث أولاً عن السياسة لأنه بالتأكيد الأيام الصعبة التي مرت علينا ، تدفعنا الى مراجعة أنفسنا لكي نرى ما هي الصور الحقيقية، وما هي الأحلام وما هي الوقائع وما هي الكوابيس.

لقد شاهدنا منذ اسبوعين من اليوم صورا أوحت وكأن الدنيا تغيّرت بالسياسة. شاهدنا صور المشتبه بهم في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وقد أفرج عنهم من قبل المحكمة الدولية، وكلنا اعتقدنا لأول لحظة ، وأنا مثلكم ان هذه هي الصورة التي يجب أن تغضبنا وتؤثر فينا. ولكن الحقيقة ليست كذلك، فالحقيقة هي ان الصورة الأولى هي إنتصاركم بجلوس المحكمة الدولية الى قوسها بقضاتها وبالمدّعي العام ومحامي الدفاع، هذه الصورة الحقيقية لم تكن لتحدث لولا صوت الشمال المدوي في كل ساحات بيروت.

هذه الصورة العظيمة لم تكن لتتحقق لولا صمودكم لمدة أربع سنوات ، منذ 14 شباط 2005 تاريخ الاغتيال، اعتقدوا في السنة الثانية انكم لن تلبّوا النداء، فإذا بكم بعد أربع سنوات تلبّون نداءاً وراء نداء وتؤكدون أكثر وأكثر انكم على العهد ، وانكم إذا وعدتم وفيتم، وان هذا الصمود لا صورة أولى له ، وقبل أي صورة أخرى غير المحكمة الدولية التي تحققت للمرة الأولى في الشرق الأوسط من أجل اغتيال فردي.

نحن لسنا قضاة ، نحن لا نبريء ولا ندين، نحن نريد المحكمة عدالة لا ثأرا ، ونريدها حقا لا انتقاما، لذلك أملنا بالله كبير وهو كان الى جانبنا في كل الوقت من 14 شباط 2005 حتى هذه اللحظة والى ما بعد 7 حزيران إن شاء الله.

أرادوا لصورة الإفراج باحتفالات الثأر والحقد التي قاموا بها أن يقولوا انه لا توجد دولة، ولا يوجد قضاء، ولا يوجد عدل، ويكادوا يقولون لنا انه لا يوجد رفيق الحريري، ولكن الحقيقة انهم لو شاهدوا وجوهكم التي بالتأكيد لا يحبون رؤيتها ، لو شاهدوا وجوهكم في ساحة 14 آذار لكانوا تأكدوا تماما ان ما يفكرون به هو كوابيس، وما نقوم به أحلام نحولّها الى وقائع.
نحن نسمع كلام المعارضة الذي يقول “لا تقربوا الصلاة” دون أن يكمل الآية. ويقولون ان الرئيس الحريري كان يسعى في كل حكومة يريد تشكيلها ان تتضمن الثلث المعطّل، هذا صحيح، ولكن ماذا يعني الثلث المعطّل بالنسبة للرئيس الشهيد؟ الثلث المعطّل بالنسبة للرئيس الشهيد هو الثلث اللبناني في مواجهة ثلثين يعينهما الأمن السوري، هذا هو ثلث رفيق الحريري، هو ثلثكم وثلث لبنان وثلث لبنانيتكم وثلث الدفاع عن عروبتكم ايضا.

شيخ الشباب سعد قال ان لبنان أولاً ، وبالتأكيد لبنان أولاً ، ولكن ماذا يعني لبنان أولاً؟ لبنان أولاُ يعني المسؤوية تجاه وطننا أولاًً، لكن هذا التعبير لا يعني أبدا إننا على خصومة مع عروبتنا، هذه جذورنا وأصولنا وهويتنا، نحن مسؤولون في وطنيتنا ، ولكننا في هويتنا عرب .. عرب .. عرب، وهذه العروبة لا تقف على باب دمشق، بل هي تعبر سوريا، حيث العروبة في شعبها لا تزال بخير وتمتد الى كل الدول العربية، يجب ألا ننسى للحظة ان العروبة هي التي حمتنا كل هذه السنوات، وان العروبة هي جذورنا وأصولنا وهويتنا، ويجب ألا ننسى للحظة اننا نحن وجدودنا وأباءنا وأولادنا وأحفادنا وأحفاد أحفادنا من ولد سابقاً يرحمه الله، وسيولد الجدد إن شاء الله، وهم لا يحملون في نفسهم وفي قلبهم سوى هوية واحدة هي العروبة، هذه العروبة ليست صفة أو ورقة تصدرها جهة رسمية، هذه ثقافة ، هذه جذور ، هذه صلة بكل من له علاقة بنا بالمدى والمدد في كل أرض عربية.

ممكن ان بعضكم يعرف أو لا يعرف انهم تفضلوا عليّ بالنفي خمس سنوات، ولكن عندما عدت الى بيروت لم أحقد ولا للحظة على عروبتي أو تخليت عن عروبة الشعب السوري، ولا لحظة شعرت ان حقي المعنوي في دمشق أو في بغداد أو في القاهرة أو في أي عاصمة عربية يمكن أن يأخذه مني أي كان. هذا حق يكون بينك وبين نفسك وصلابته منك وفيك، ولا يستطيع أحد أن يعطيك إياه، نحن ما من شك اننا في وقت من الأوقات كدنا أن نضيّع البوصلة ، ولكن الحمد لله في نصنا السياسي المستمر منذ أشهر حتى اليوم، عدنا الى أنفسنا وعدنا كما كنا ، وكما سنكون وكما سنظل دائما إن شاء الله.

فضلاً عن الثلث المعطّل سمعنا مؤخرا كوابيس من نوع اننا نحن عندما نستيقظ صباح كل يوم نجد على عنوان نهارنا المؤامرة على المقاومة، مرة من إسرائيل، ومرة من اللبنانيين، ومرة من الحكومة، ومرة من الجيران ، ومرة من أبناء العم، فأنا لا أفهم ما هذه المقاومة التي لا تملك شيء تقدمه للجمهورالآخر غير انها تتعرض لمؤامرة ، قرأت بالأمس ان كل هذا الجو الموجود من قبلنا نحن الأكثرية، يقصد به تسهيل اغتيال السيد حسن نصرالله، طبعا هذا كلام يقصد منه التعبئة والتجييش، لأن السيد نصرالله كل يوم معرّض للإغتيال، فما الذي استجد بالأمس حتى نصبح مسببين للتهيئة للإغتيال.

ثم نسمع في اليوم التالي من يقول ان هناك مناورة إسرائيلية يقصد بها كذا وكذا وكذا في لبنان، ثم نسمع في يوم ثالث من يقول ان الأميركيين لا يستطيعون دعمكم في كل ما تقومون به.

نحن بهمّتكم وبصمودكم ولا مرة كنا جزءا من مشروع خارجي أيا تكن هويته، يجب أن تعرفوا هذا الأمر، وأن تعرفوا ان كل هذا الكلام هو كوابيس، وليست حقائق، لأن الحقيقة الأساسية هي اننا نحن أهل المقاومة ونحن أبوها وأمها أيضا.

المقاومة لم تبدأ بالأمس، ولن تنتهي غدا، أنا واحد من الشباب الذي أمضى أكثر من نصف عمره بالمقاومة طبعا، بما أعرف القيام به بالكتابة ، بالمحاضرة، بالتأليف، وبالتالي لا يستطيع أحد أن يسلبني حقي من علم فلسطين، ولا يمكن لأحد أن يعتقد انه أخذ فلسطين بعلمها ووضعها في جيبه، هذه الشهادات بالوطنية والعروبة نحن نمنحها للناس ولا أحد يمنحنا إياها، كل واحد منكم وكل سيدة منكم وكل صغير وكبير منكم هم جبال في العروبة والوطنية، وبالتالي لا ننتظر من أي كان أن يظهر على التلفزيون لكي يعطينا شهادة أو أن يمنحنا وساما، لأننا أضعنا نصف شبابنا ، وأكيد هناك سيل من الشهداء يمتد من آخر عكار الى العرقوب، وكلهم من الشباب من المسلمين الذين جاهدوا وآمنوا وقاتلوا ودفعوا حياتهم في سبيل قضية آمنوا بها واعتبروها قضيتهم لأكثر من 25 سنة، ولهذا لا نريد أن يأتي أي كان ليقول انه يستطيع أن يحكم مئة بلد مثل لبنان.

نحن نستطيع أن نحكم، بقدر ما قال الرئيس الشهيد رحمه الله، عندما قال “لا يوجد أحد أكبر من البلد، ومن يعتبر ان بلده صغيرا عليه لا يستأهل وطنيته” ، نحن لا نمنح تذاكر ولا باسبورات ، ولكن في نفس الوقت نحن نعرف ان نغلّط عندما نريد ذلك، وأن نقول هذا وطني وهذا غير وطني، ولكن أنا لا أوافق على هذا المنطق، أنا ضد التخوين من أي جهة أتت من 14 آذار ومن 8 آذار، ومن 7 حزيران هذا منطق لا يجوز التعامل بواسطته، نحن أهل الدولة ولسنا أهل الفوضى فلو كانت الفوضى هدفنا فذلك سهل، لا ينقص المال من أحد لكي يشتري السلاح ، وما شاء الله الشباب أمامنا، وكذلك الصبايا لا يقصّرون بالدفاع عن كرامتهم، ولكن نحن نعتبر أنفسنا أهل دولة ومسؤولين عن السلم الأهلي، ونعتبر ان هدفنا وثأرنا وقدرتنا كل يوم، هي بتحقيق المزيد من السلم الأهلي وبتماسك اللبنانيين أكثر وأكثر، نحن نفتش عن عناوين للوفاق، ولسنا على إستعداد لشراء كوابيس من أي كان، ولا مؤامرات ولا أوهام ولا فائض قوة لا يمكن صرفه في أي مكان.

نحن عملنا اتفاق الدوحة والتزمنا به، واتفاق الدوحة هذا هو مثل الكأس نصفه فارغ ونصفه ملآن. النصف الملآن هو اننا أثبتنا رغبتنا بالسلم الأهلي تحت أي ظرف من الظروف، وانتخب رئيس جمهورية إعتبرناه رئيس في الموقع السياسي المعتدل العاقل القادر على الحوار، لأنه ليس مطلوبا أن يكون رئيس الجمهورية قويا كما يقولون لنا في كل يوم، بل المطلوب أن يكون حكيما وعادلا بوطنيته وشجاعته يقول للمخطئ بأنه أخطأ، والقوة في رئاسة الجمهورية هي في عقل الرئيس وفي شخصيته وليس بصلاحياته.

أما النصف الفارغ من الكأس كان اننا ارتكبنا خطأين، الخطأ الأول اننا أقرينا قانون الإنتخابات الأصغر من احلام جدودنا فكيف بالنسبة لأحلامنا؟ هذا القانون حوّل الناس بدل أن يضعهم في مناطق تتسع لأحلامهم، وضعهم في كرنتينا في حجر سياسي أسموه قانون الستين.

وهناك خطأ آخر إرتكبناه، وهو اننا دفعنا من اجل تثبيت السلم الأهلي، موافقة على الثلث المعطّل في حكومة انتقالية تهييء للإنتخابات.

أنا أقول أمامكم باسم سعد الحريري دون أن أسأله، وأقول أمامكم باسم وليد جنبلاط دون أن أسأله، كل السبعات من كل الأشهر ، من كل السنين ، لن تلزمنا بأي تنازل يخالف الدستور، هذا عهد ووعد لا تراجع عنه حتى لو أخذوا الشوارع والبنايات وكل حجارة المدينة، نحن لن نقول لكم انزلوا الى بيروت، نحن نقول لكم إجتمعوا هنا ونحن سنكون أقوياء بكم لكي نطبّق الدستور، وليس للإعتداء على الناس، ونحن أقوياء بكم لأن من ينظر الى عيونكم يعرف مدى الصدق الذي تختزنه، ويعرف الواحد منا مهما كان بعيدا انه يستطيع الإعتماد على هذا الصدق، وأن يستند عليه وأن يحقق لنا ولكم ولكل اللبنانيين، دولة عادلة وقادرة وضامنة للسلم الأهلي.

إذاً لبنان أولاً ليس مختلفا مع العروبة، والعروبة هي أهل القضية الفلسطينية وأمها وأبوها وأخواتها وجيرانها ايضا.

سمعت أيضا مؤخرا ان العروبة هويتنا ولكن بدون تعصّب ، لأن التعصّب حرام أنا لم أر أحدا في حياتي متعصب لعروبته على حد وعيي على الأقل ، وممكن أن يكون مؤسسو الأحزاب القدامى متعصبين للعروبة، ولكن لا أعرف أحد من عمر الـ25 الى 70 سنة متعصب لعروبته. طبعا هم يلمحون الى أمور أخرى لن أدخل في نقاشها الآن، لكن أريد أن أقول ايضا نحن نختلف مع السياسة الإيرانية الخارجية في كل مكان، ليس لأنها خطر على الدول، فالأنظمة تعرف كيف تحمي نفسها، فالسياسة الخارجية الإيرانية التي نختلف معها هي التي تقوم على ان هناك دولة رعاية لأجزاء من المجتمعات العربية، تشعر بالولاء والإنتماء الى نظام خارج حدود الدولة التي يعيشون فيها، وهذه مشكلة قديمة ، حاول الإمام الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمهما الله، معالجتها وكانا من دعاة الإندماج والتماهي في المجتمعات.

الآن هذا الخطر على المجتمعات هو أهم بكثير من الخطر على الأنظمة، لأننا كمواطنين وكمدنيين معنيين بالمجتمعات ، وليس بحماية الأنظمة، ولكن هذا الكلام الوهمي الذي يحاولون وضعه على أكتافنا والذي لم يلفظه أحد منا ، بأن العداء لإيران قبل العداء لإسرائيل هي كذبة يخترعونها لكي نصدّقها.

نحن نختلف مع السياسة الخارجية لإيران، لكن ليس لها صفة العدو، لأن العدو الوحيد لعروبتنا ولإسلامنا ولوطنيتنا هو إسرائيل، لكي لا نضيّع البوصلة ، العدو الرئيسي والأول هو إسرائيل. ونحن نختلف مع إيران في كل سياستها الخارجية ، ولكن هذا الخلاف نستطيع تحويله الى حوار، وهذا التجروء على المجتمعات نستطيع القيام بحملة سلمية لمواجهته، ولكن لا نطلق صفة العدو على الدولة الإيرانية، ولا يمكن أن نسمح لأنفسنا ولا لإسلامنا أن نطلق صفة العدو على إيران.

أنا أعرف ان هذا الكلام لا يعجبكم، ولكن يجب أن نضع قواعد ثابتة في نصنا وفي تفكيرنا وفي قراءاتنا، فلا لبنانيتنا ولا عروبتنا ولا مسؤوليتنا القومية في الموضوع الفلسطيني يستطيع أحد المزايدة علينا، لا يستطيع أحد أن يزايد علينا نحن البيارتة، فكيف أنتم أهل الشمال؟.

أريد أن أعود وأؤكد ان لبنان أولاً يعني مسؤولية وطنية أولاً، عروبتنا أكيدة وثابتة وصافية، ولا نتخلى عنها تحت أي ظرف من الظروف، ومسؤوليتنا القومية تجاه الشعب الفلسطيني، لا نقبل أن يزايد أحد علينا فيها ولا نحتاج الى دروس من أي كان فيها، نحن تركنا الناس تتجرأ علينا بالكلام، نحن نسينا قضيتنا ربما لوجع أصابنا أو لسهو عن بالنا، ولكن هذه المسؤولية هي تكليف من الله، وليس تكليفا من “حزب الله” ، هذه المسؤولية هي التي تحمي مستقبلنا وهي التي تحمي فكرنا وهي التي تحمي عقيدتنا، أنتم أهل الشمال، أهل فضل في كل العناوين التي قلتها ، وأهل المنية أكثر وأكثر. ولسوء حظي أني أول مرة آتي الى هنا ، ولكن أنا خلال سنوات طويلة كنت أشاهد الكثير من وجوهكم في بيت الرئيس، عندما كنتم تشرّفونه بمحبتكم وبصلابتكم وبصمودكم، ولكن عندما أنظر الى وجوهكم، أتأكد انه كان يجب أن أزوركم منذ زمن طويل، لأن من يكون هنا يستمد المزيد من الصمود، والمزيد من الصلابة، والمزيد من القدرة، والمزيد من الإيمان بالعناوين الثلاثة التي ذكرناها، لا يجب أن نسمح لأحد تحت أي ظرف من الظروف وبسبب أي مشكل تعرضنا له، أن يأخذنا في السياسة الى مكان، ويبدأ كل يوم يخرج علينا بنظريات وكأنه أول من حمل السلاح وأول من قاتل وأخر من قاتل.

الموضوع الفلسطيني عمره 61 سنة لم يناضل أحد مثل الشعب الفلسطيني، والكثير من الشعوب العربية دفعت ثمن الصراع ومنهم الشعب اللبناني، فإذا كان أي شخص يحمل رصيد بهذا الحجم، وبهذا المضمون فلماذا سيتخلى عنه أو أن ينساه؟ هذا الرصيد هو لنا ، وكان لنا وسيبقى لنا الى الأبد.

الآن سأتكلم قليلا عن الإنتخابات، “ولكن أريد أن أقول ان هذه المنطقة هي المنطقة الوحيدة التي استطعت أن أزورها لأني مرشّح في بيروت ، وممكن الآن أن أغير رأيي وأترشّح عندكم من كثرة محبتكم”.

نحن جمهور رفيق الحريري قبل ان نكون “تيار المستقبل” ، نحن “تيار المستقبل” قبل أن نكون أهل هذه المنطقة أو تلك المنطقة، ونحن أهل المنية قبل أن نكون في السياسة على اليمين او على الشمال.

ما أريد أن أقوله ، قلته مؤخرا على التلفزيون وهي اني لم أكن مع الرأي القائل بأن هذه الإنتخابات مصيرية، وهذه التعابير الكبيرة لا أحبها. وان الإنتخابات عمل ديموقراطي وحق دستوري نمارسه ثم يذهب كل واحد منا الى منزله، لأني والحمدلله أنا مطمئن بأننا سننتصر ، ولكن بعد الذي سمعته منذ اسبوع حتى اليوم، دفعني لكي أعتذر من سعد الحريري على التلفزيون، ولكن سأكرر ذلك الآن ، ولكن بدون إعتذار ، اريد أن أقول ان هذه الإنتخابات هي مناسبة أكثر جدية معرّضة فيها كرامتنا السياسية لأخطار جدية لا يجوز ان نتحملها، بعد أربع سنوات من العذاب والصمود والصبر والقهر والصوت العالي والصلابة والمواجهة، ولا يجوز ان نضيّعها الآن ، لأننا منزعجون من منسّق المستقبل أو حتى مني، منزعجون من مسؤول المدارس أو من المرشّح الفلاني أو ذاك المرشّح.

أولا أنتم عندكم ثلاثة مرشحين أستطيع أن أتحدث عمن أعرفه منهم الدكتور احمد فتفت، هو أحد أبطال ثورة 14 آذار ، أنا لست على وفاق معه في اسلوبه، ولكن لا أستطيع أن أنكر لا بوفاق ولا بغير وفاق، انه كان دائما في الصف الأول من المقاتلين الشجعان المدافعين عن أفكار رفيق الحريري ، وعن الثأر لاغتياله، وعن تحقيق المحكمة الدولية تحت أي ظرف من الظروف وقد تحققت.

والمرشّح الثاني الذي أعرفه قليلا هو الأستاذ قاسم عبدالعزيز، ولكن أنا أعرف عنه أكثر مما أعرفه شخصيا، وأعرف انه يملك الكثير من الصفات واللياقة والأصول والقواعد. والواضح ان له حصة كبيرة فيكم ، ولكن ما أعرفه عنه رغم الحصة الكبيرة أجدها قليلة عليه وهو يستأهل الأكثر, وهناك شيخ الشباب في منطقتكم المستحق للقب وللفعل هو الاستاذ هاشم علم الدين.

من يقول انه لم تحصل إشكالات أثناء الترشيح يكون مخطيء، ولكن هل تدفعنا هذه الإشكالات الى إرتكاب الأخطاء في السياسة؟ أو تدفعنا للتخلي عن مبادئنا. هذه الإشكالات تحصل في كل مكان ، وهناك مثل شعبي يقول “إذا زعلت من صاحبك من أول غلطة لا يبقى لك صاحب”. لأن كل واحد منا معرّض للغلط ، وبالتالي نحن لا نتخلى عن أصحابنا وأنتم لا تتخلون عن مبادئكم ، وإذا قصّرنا نحن فأنتم لكم الفضل في أن تصبروا علينا، وإذا قصّر التيار فأنتم لكم أفضال في أن تصبروا علينا.

أنتم أهلنا ، أنتم جمهور رفيق الحريري، ولستم تنظيما ، هذا التنظيم ربما لسد بعض الحاجات، وربما لإعطاء صفة للأشخاص ، ولكن هناك صفة لا يستطيع أحد حرماننا منها. وأنا منذ خمس سنوات لا أقول غيرها ، أنا واحد من جمهور رفيق الحريري، ولكن أنا صاحب حق مثلكم أكثر من كل التنظيمات، وأكثر من كل التيارات بأن أحمي مبادئي وصمودي وقدرتي على التقدّم.

يجب أن تعرفوا انه بكل خطوة صغيرة منكم الى الأمام تكونوا وكأنكم تبنون دولة تحمينا، وفي كل صوت يمكن أن توصلوه فيه حماية لمستقبل أولادنا وأولادكم، وبكل صمود تتحملونه تكونوا قد حققتم للرئيس الشهيد رحمه الله، الكثير من الأمور التي كان يجب أن يقوم بها ولم يستطع ذلك.

لا يجوز لأي سبب من الأسباب أن نذهب الى خيار سياسي آخر لأننا “زعلانين” ، بل نذهب الى خيار سياسي لأننا مقررين . لا أحد يذهب الى خيار سياسي لأنه زعلان ولا يمكن لأي كان أن يغيّر حياته ومعيشته لأنه إختلف مع أخيه، ولا أحد يمكن أن يغيّر مدينته لأن جاره لا يعجبه، وبالتالي ما يحصل الآن أو الذي حصل سابقا هو أخطر بكثير من الجار والأخ والضيعة، هذا خيار سياسي يتعلق أولاً بكرامتنا جميعا، وثانيا يتعلق بمستقبلنا جميعا، وثالثا لا أعتقد ان أحدا منكم يريد التغيير ولا في لحظة من اللحظات، أو أن يتنازل في لحظة من اللحظات عن مليمتر واحد من الإنتصارات التي حققناها حتى الآن، ولكن هذه الإنتصارات لها حماية واحدة ، نحن أهل سلم ودولة نعتمد النظام الديموقراطي، والمقاومة السلمية في كل خياراتنا لحماية كل ما تحدثنا عنه، عزتكم وكرامتكم وصمودكم وقدرتكم وصوتكم العالي، ولحماية المحكمة الدولية التي أنتم فقط استطعتم تحقيقها وليس الحكومة، لأنه لا توجد حكومة تستطيع تحقيق المحكمة الدولية لولا لم تكونوا وراءها ، لا يوجد نواب يمكن أن يوصلوا صوتهم الى الخارج والى كل المحافل الدولية لو لم تكونوا أنتم صوتهم ، ولا يوجد سعد الحريري الذي يستطيع الوصول الى كل عاصمة والى كل زعامة والى كل رئيس لولا محبتكم له ودعمكم لسياسته.

ولكن لحماية كل هذه العناوين شرط واحد هو انه يوم 7 حزيران يجب إسقاط الورقة في الصندوق بعد السابعة صباحا ، انا لا يحق لي تقليد الرئيس رحمه الله، ولكن أوصاني الشيخ سعد قبل أن أزوركم أن أقول لكم باسمه وباسمي وباسم كل جمهور رفيق الحريري “زي ما هي” ، أول الأسماء احمد فتفت، أول الأسماء قاسم عبد العزيز، أول الأسماء هاشم علم الدين، كلهم أوائل بمحبتكم وكلهم أوائل بقدرتكم على حماية خياركم السياسي. أنا شاهدت الدكتور احمد فتفت كيف كان يتنقل من منزل الى منزل ليرى أين سينام بعد أن يكون قد صرّح بعشرة تصاريح خوفا على أمنه، ولكن هذا الأمن يتحقق أكثر وأكثر يوم 7 حزيران عندما تنزلون باكرا وتقولوا نحن زعلانين ونحن مختلفين، ولكن خيارنا السياسي لا علاقة له بكل هذا الكلام، هذه ورقتنا التي تعبّر عن ضميرنا وعن كرامتنا. وفي 8 حزيران نعود ونتحاسب لماذا زعلانين ولماذا مختلفين.

أنا مرشّح في الدائرة الثانية في بيروت وعندما أجتمع بالناس، أطلب منهم ان ينزلوا يصوّتوا، حتى لو لم يصوّتوا لي لأن من يتخلى عن حقه بالتصويت، يكون بذلك يوحي لخصمه بأنه مستعد للتخلي عن الكثير من حقوقه، نحن لسنا مستعدين للتخلي عن أي حق من حقوقنا ، أثبتنا ذلك منذ 14 آذار 2005 وسنستمر في إثبات أن حقوقنا هي لنا، ولا نتنازل عنها، وقبل كل شيء في قرارنا السياسي.

لقد تعرّضنا لضغوط من أنظمة وتعرّضنا لاغتيالات وجرت أنهار دماء في بيروت، ولكن لم يغيّر أي واحد منا في خياره السياسي. صحيح ان النواب اختبأوا ، وبعضهم سافر، ولكن الوحيد الذي لم يسافر أو يهاجر هو الدكتور احمد على الأقل ممن أعرفهم أنا، ولكنه لم يسافر ولم يهاجر لأنه مقتنع انكم معه وأنتم مع الأستاذ قاسم ومع الاستاذ هاشم.

أعود وأقول لا تاريخنا ولا شمالنا ولا إسلامنا ولا وطنيتنا تسمح لنا، وتحت أي ظرف من الظروف أن نغيّر خيارنا السياسي ، إذا اختلفنا مع أحد لا بأس أن نتحاسب مع هذا الشخص وان نختلف مع هذا الشخص ، ولكن يجب تأجيل الفاتورة الى ما بعد 7 حزيران، ولكن بالتأكيد لا نتخلى عنها. أنا لا اقول لكم ان تتخلوا عن حقوقكم ولا عن خلافاتكم ولا عن رأيكم بخطأ إرتكبته أنا أو أي شخص آخر. أنا كل ما أطلبه منكم تأجيل الحساب لما بعد 7 حزيران، لأنه في ذلك التاريخ وبعد إنتصاركم ستكون قدرتكم على محاسبتنا أكثر وأكثر.

أعود وأتأسف لأن زحمة السير أخرتني عن الوصول اليكم ، ولكن عندمنا شاهدتكم زال التعب عني وان شاء الله لا أكون تسببت لكم بالتعب، ولكن أنا أعرف انه مثلما أشعرعندما أزوركم أني بين أهلي وبين عقول وزنود ودعاء الأمهات والمساندة من الأخت ودعم الصديقة، أنا أشعر أني بين أهلي، وأن أهلي لن يخيبوا أمل سعد الحريري ولا في لحظة من اللحظات، ليس لأنه سعد رفيق الحريري، بل لان من يعرف كم تحمّل سعد الحريري وكيف صمد خلال الأربع سنوات، وكم قام باعمال صحّ وكم حاول أن لا يخطيء، يقول هذا الشخص لا بد وأن يكون هدفه نبيل، ولا بد أن يعرف ان السياسة التي يدافع عنها ولو ظهر في وقت من الأوقات انها لا تعجبنا، ولكن آخرها حق بالتأكيد، وآخرها نصر بالتأكيد، وآخرها شمالي مثل أولها بالتأكيد، الله يقويكم والله يحفظكم، نريد أن نسمع صوتكم باستمرار ونريد دائما ان نرى صمودكم وقدرتكم.

أنا كنت أقول دائما ان الشمال هو المدى ولكن هو ايضا المدد ، ولكن المدد السلمي وليس أي مدد آخر، إلا إذا احد منكم رأى عشرة ألاف عكاري نزلوا على بيروت كما يقولون، أنا لم أرهم، وبالتالي لا أعتقد ان احدا رأهم، ولكن هذه ايضا من الكوابيس .

أريد أن أنهي كلامي لأقول اننا في مواجهة كل هذه الكوابيس نحن نملك أحلام جميلة وحقيقية يجب تحويلها الى وقائع، هذه الأحلام الجميلة التي يجب ان نعمل عليها والتي استطعنا تحقيق جزء، منها رغم كل محاولات الغبار لتضييع الصورة، أنصع صورة لها هي ورقتكم في صندوق الإقتراع في 7 حزيران، الله يقويكم وممنونكم وأشكركم على صبركم وعلى تحمّلكم، وإن شاء الله بعد الإنتخابات نحمل جميعا العلم اللبناني وننتصر فيه.