مهرجان المدوّر- بيروت: الفضل الأرمني

كلمات 16 مايو 2009 0

لقد قال لي الصديق سيبوه ان حزب الهانشاك بدأ بجريدة في سويسرا ، فإذا كان هذا الحزب قد بدأ بالجرائد ، فبامكانكم اعتباري زميلا لكم في الحزب دون أن أنتمي.

أنا أريد أن أبدأ كلامي بالإعتذار أمامكم جميعا من سعد الحريري، الذي يثبت كل يوم أكثر وأكثر انه هو الصامد الأول، والمشجّع الأول والنفس الدائم والأطول. لم تسألوني لماذا أريد أن أعتذر؟ حتى الأمس أنا لم أكن أوافق على ان هذه الإنتخابات مصيرية، وأنا أعتبر ان الديموقراطية الطبيعية تحتم إجراء إنتخابات، وبالتالي لماذا نسميها مصيرية ما دمنا جميعا مقتنعين بأننا ديموقراطيون، وان حقنا بالتصويت في يوم الإنتخاب هو حق يقره الدستور وحق مقدّس، وبالتالي لماذا في كل مرة نضع أنفسنا أمام مهمة أصعب من التي سبقتها، لكن سعد الحريري كان محقاً وأنا على خطأ.

العزيز جان قال: بقي أمامنا ثلاثة أسابيع حتى موعد الإنتخابات. أنا أريد أن أقول ان كل يوم من الأسابيع الثلاثة يساوي سنة، لأنه إذا رجعنا الى الوراء ونتذكر وجوهكم كلكم، وأصواتكم كلكم، وصمودكم كلكم، وجهدكم وصوتكم العالي في 14 آذار نكتشف كل يوم اننا بحاجة لكل شيء قمتم به، واننا بحاجة كل ساعة لـ14 آذار ، ليس لأن 14 آذار تاريخ ، بل لأن 14 آذار رمز لمرحلة ناضلنا فيها وصمدنا فيها وقاتلنا سلما فيها ، قاتلنا في سبيل مفهوم الدولة والعدالة، والحمدلله وصلنا الى مكان إعتقد الكثيرون اننا لن نصل اليه.

ربما البعض منا شعر ببعض الإحباط عندما شاهد على التلفزيون إطلاق الضباط الأربعة، هذا صحيح، ولكن هل هذه سياسة أم غبار؟ هذا فرح أم إنتقام؟ هذا حقد أو براءة؟ فالحقد لم يؤكد أبدا في تاريخه براءة، ولم تنتج الشماتة أبدا حق، ولم يستطع الثأر ولا مرة إيصال الفرح الى أي كان.

عندما بدأ التحقيق بعد 14 شباط قالوا ان هذا التحقيق لن يستمر، ثم أتى أول محقق، وقالوا ان هذا المحقق سيذهب ولن يعود. ذهب هذا المحقق وصدر قرار مجلس الأمن الدولي وأتت أول لجنة تحقيق فقالوا رئيس هذه اللجنة لا يجيد التحقيق، وهو منشغل بالإستقبالات والإجتماعيات ولن تأتي لجنة جديدة. ثم أتت لجنة ثانية وإكتمل التحقيق، فقالوا لن تكون هناك لجنة ثالثة ، وبعد اللجنة الثالثة قالوا لن تكون هناك محكمة.

الصورة الحقيقية التي حجبها الغبار القليل، هي براءة المحكمة من كل التهم التي وجّهوها إليها. الصورة الحقيقية لما حصل، هي ان جهدكم وتعبكم وصوتكم العالي وصمودكم أوصلنا الى أن يكون هناك محكمة للمرة الأولى في تاريخ المنطقة من اجل اغتيال فردي، وهناك شعوب كثيرة لم تستطع الوصول الى هذا الأمر، ولكن بجهدنا وبصبرنا وبصمودنا رغم كل دم الزملاء والشهداء والأصدقاء الذين سقطوا على الطريق ، لكن الحرية ثمنها غالي دائما والسلم دائما أغلى من الحرب وأصعب .

هناك من يعتقد ان الحرب هي الصعبة، أنا أقول ان الصمود هو الأصعب ، والسلم هو الأصعب لأننا كنا نريد العدالة في مشروع المحكمة وليس الثأر، وكنا نريد الحق وليس الإنتقام، وعندما شاهدنا صورة المحكمة تُعقد لأول مرة أرادوا أن يقولوا لنا ان القضاء الدولي هذا ليس حرا وليس عادلا ، وأرادوا أن يقولوا لنا ان قضاءنا كله مرتهن ، وارادوا أن يقولوا لنا ان كل مؤسسات الدولة لا تستطيع أن تقدّم أي شيء للناس، وأرادوا أن يقولوا لنا ان المستقبل ليس السلم، وارادوا أن يقولوا لنا ان حياتكم مرهونة بقرارنا، ولكن من يحب الحياة مثلكم لا يمكن أن يسلّم قراره لأي كان، تحت أي ظرف من الظروف. هناك ظرف سياسي ألزمنا بوقت من الأوقات باتفاق، مثل الكأس الذي نصفه ملآن والنصف الآخر فارغ. النصف الملآن هو ان اتفاق الدوحة أدى الى إنتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة. أما النصف الفارغ والموجع هو انه لكي نؤكد على السلم الأهلي، ولكي نؤكد حقنا وحق كل اللبنانيين في الحياة، وافقنا على ظلمين:

الظلم الأول هو قانون الإنتخابات، ومع إحترامي لكل من تشجع له، لا يعبّر عن لبنان، بل يعبر عن أمراض لبنان وليس عن مستقبل لبنان ولا عن صحته.
الظلم الثاني هو الثلث المعطّل، هذا الإختراع اللبناني الذي لا يشبه لبنان ولا يشبه ديموقراطيته.

كان المقصود من كل هذه الأمور هو أن نصدّق ان الأربع سنوات التي ناضلنا فيها وتعبنا وصمدنا ضاعت، ولم نستطع أن نحقق أي شيء ، ولكن هذا غير صحيح. أنا أستطيع أن أقول لكم نيابة عن سعد الحريري دون أن أسأله، ونيابة عن وليد جنبلاط دون أن أسأله ايضا اننا كمجموعة سياسية لن نوقّع أي نص مخالف للدستور، أيا كان المطالب وأيا كان السلاح.

بالأمس دعونا لكي نرى 7 أيار يوما مجيدا وعظيما، ولكن من هنا أنا أقول لكم ان كل السبعات من كل الأشهر ومن كل السنوات لن ترغمنا عى التنازل أو أن نوقّع على أي شيء يمس سيادتنا أو كرامتنا أو قرارنا.

هذا الكلام لا يأتي من فراغ، أنا لم أتعوّد أن أتحدث بهذه الطريقة، أنا تعوّدت دائما أن أتكلم بالحوار، وشعاري فعلا هو الحوار سيد الأحكام، ولكن الحوار يلزمه طرفين.

ما قالوه لنا بالأمس هو انكم يجب أن تعيشوا بشروطنا، ويجب ان تستيقظوا الساعة التي نقررها وتناموا في الساعة التي نقررها، وأن تنتخبوا في الساعة التي نقررها، وبالطريقة التي نقررها، أنا متأكد ان جوابكم هو انكم لن تقبلوا ، ولكن هذا الرفض نحن نحميه ديموقراطيا وسلميا يوم 7 حزيران، فكل ورقة تنزل من يدكم في صندوق الإقتراع هي دفاع عن كرامتكم السياسية، وكل ورقة تنزل من يدكم هي تأكيد لحقكم بأن تقولوا رأيكم بحرية دون أن يعترض عليكم أحد.

أنا لا أدّعي انني أستطيع مواجهة السلاح بالسلاح، ولكن نحن أثبتنا في السنوات الأربع الماضية اننا العين التي تستطيع مقاومة المخرز، فقد قاومنا المخرز السوري، والمخرز الإيراني وقاومنا كل المخارز حتى وصلنا الى المحكمة، والآن أمامنا هدف جديد هو ورقة 7 حزيران، هذه الورقة هي ورقة الدولة، هي ورقة العدالة، هي ورقة حقوقكم في كل مجال، وكل من يتخلى عن حقه يوم 7 حزيران سيطلب منه أن يتخلى أكثر وأكثر عن حقوق كثيرة.

أما أنتم فكما دافعتم عن حقكم وصمدتم طوال هذه السنوات الأربع، أعتقد ان باستطاعتكم المقاومة أربع سنوات أخرى، لنلتقي جميعا منتصرين بهمّتكم وبصمودكم وبصدقكم، وبدفاعكم عن الحرية التي هي الشعار الأول ليس لكل مسيحي فحسب، بل لكل لبناني.

جماعتنا يقولون انه “لا فضل لإعرابي على اعجمي إلا بالتقوى” أنا أقول انه لا فضل للبناني على لبناني إلا إذا كان أرمنيا، لأنكم كنتم دائما عنوان الجدية والإجتهاد والإنتاج والسلم والحرية والسيادة، ولا مرة كنتم غير مصرين على كل الشعارات التي تؤدي الى الحياة ، وليس الى الموت.

إذا كان هناك فضل للبناني على لبناني ، فالفضل بمدى التزامه بالدولة اللبنانية، وأنتم الأوائل في هذا الأمر. وإذا كان من فضل للبناني على لبناني بالجهد والإنتاج والشغل والإلتزام، ايضا أنتم الأوائل. وإذا كان من فضل للبناني على لبناني بالمهارة وبالقدرة وبالثقافة، كون الزميل سيبوه من المثقفين ، وبالإبتكار وبالقدرة على النجاح ، أيضا أنتم الأوائل.

كل واحد منكم يجب أن يدافع عن هذه المرتبة فكما تصرّفتم في الأربع سنوات، أمامنا ثلاثة أسابيع، ولكن بعد ثلاثة أسابيع سنجد ان كل ورقة منكم نزلت في الصندوق التي تدعم مرشحكم الذي اسمه واحد، اسمه فكرة الدفاع عن مشروع الدولة، وليس نهاد أو جان أو سيرج أو سيبوه ، اسمه الدولة اللبنانية الواحدة العادلة .

أنا أشكر كل الإخوان على جمع الأوائل في كل شيء، هناك برنامج اسمه الأوائل ، ونحن هنا في إحتفال الأوائل.

الله يقويكم ويبقيكم على قدرتكم وصمودكم وعلى إنتاجكم ، ونبقى فرحين بلبنانيتكم ونفرح جميعنا في 8 حزيران بأن العلم اللبناني هو الذي إنتصر.