من يضمن المقعد السوري على طاولة المنطقة؟

مقالات 19 يونيو 2006 0

يروي الوزير اللواء محمد ناصيف حكاية زيارته الأولى لطهران. يقول إن الرئيس حافظ الأسد كلفه في العام 1979 بزيارة العاصمة الإيرانية مع وصول الثورة الإيرانية الى السلطة.
بعد جهد جهيد استطاع الوصول الى مطار طهران عن طريق باريس، وهو المجال الجوي المفتوح آنذاك للعاصمة الإيرانية مع العالم. في الطريق من المطار الى فندق شيراتون لاحظ ناصيف أن فوضى الفرحة تعم الطرقات. الناس في الشوارع تعلن فرحتها، كل على طريقته. هذا يطلق النار في الهواء ابتهاجاً. الآخر يشعل النار في إعلان بالإنكليزية، احتجاجاً على السياسة الأميركية التي دعمت الشاه، والتي استطاع هؤلاء الشبان الممتلئون بالالتزام الديني والتعبئة الوطنية، بقيادة آية الله الخميني، أن يزيحوه عن عرشه.
لم يستغرب أبو وائل وهو اللقب المعتمد له في سوريا هذه الوجوه وهذه الأفعال. فهو عاشر مثلها وحاور وعجن وخبز وعاش أيامه ولياليه على حوارات مع شبان مثلهم عاشوا بين دمشق وبيروت برعاية الإمام موسى الصدر أولا، ثم وجدوا في الإمام الخميني ضالتهم بعد تغييب الإمام الصدر، حتى أصبح مرجعا في المسألة الإيرانية، ثم في الشيعة من العرب، كي يكتمل الملف.
لم يكن تهم الرتبة أو الموقع الذي يتخذه أبو وائل في النظام السوري. كان يكفي أن يكون موثوقا من الرئيس الأسد ومكلفا مباشرة منه بالاهتمام بهذا الملف، كي يعلم الجميع أن تسميته السورية »أبو وائل« هي الرتبة والموقع، وأن ثقة الأسد الأب به تجعله يتقلب بين المواقع من دون أن يشعر بأي تغيير في ملفاته وفي قدرته على الإحاطة بهذه الملفات. حتى عندما احتاج الرئيس السوري الى من يحيط بالمعارضة اللبنانية في عهدي الرئيسين الياس الهراوي وإميل لحود، فتح لهم أبو وائل صالونات مكتبه برغم معرفته أن كثرة تدخينهم وكثرة كلامهم تلازمان قلة المفيد منه.
وصل أبو وائل الى فندق شيراتون في طهران ليبدأ في استعمال دفتر اتصالاته الهاتفية. وجد فيها الكثير من الأرقام والأسماء. لكن لا جواب على كل الأرقام التي بحوزته، برغم أن الأسماء التي سجلها هي لنجوم شبان الثورة التي أكلتهم في وقت لاحق. ألا يقال بأن الثورة دائما تأكل أبناءها؟
وجد رقماً لشيخ جليل لم يكن يريد الاتصال به في هذا الوقت بالذات. ولكن ما دام الآخرون لا يردون على أرقامهم فلا خيار لديه. اتصل بالشقيق الأكبر للإمام الصدر المقيم في طهران. استغرب السيد الصدر وجوده في طهران في مثل هذا الوقت لكنه وعد بتلبية طلب ضيفه الاتصال بصادق طباطبائي، وأنه سيرسل له ولده الى الفندق لإبلاغه بالنتيجة.
هكذا حصل بالفعل. جاء السيد الشاب بالطباطبائي الى الفندق ومنه الى حيث يجب أن يذهب أبو وائل للاطمئنان الى أحوال الثورة.
كان للطباطبائي مدخل عائلي يخوّله الوصول الى منزل الإمام الخميني.
استمرت الرحلة أسبوعاً، عاد بعدها أبو وائل الى دمشق عن طريق باريس أيضا ليُطمئن رئيسه الى أن الثورة الإيرانية بخير، وأن تقدير قادتها لسوريا ورئيسها بخير أيضاً.
الفائدة متبادلة
أراد الرئيس الأسد من الزيارة المغامرة لموفده الى طهران، أن يواكب الخطوات الأولى للثورة الإيرانية آنذاك. واستمر في هذه المواكبة حتى اليوم الأخير من حياته، رغم معرفته ان هذه العلاقات التي خطط لها مبكراً ستعقّد العلاقات السورية العربية، ولاحقاً بالطبع العلاقات الأميركية السورية.
لم تؤثر الحرب العراقية الإيرانية في موقفه إلا من جهة إنذاره المبكر بحجم الخسائر الفادحة التي أصابت العراق من جراء هذه الحرب. بل وجد نفسه في الموقع المناسب بين العرب والثورة الإيرانية الناشئة والصاعدة. شرح الرئيس الأسد بعد ذلك نظريته للقيادة القومية للحزب الحاكم في سوريا، قائلا إن خروج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي بعد توقيع اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، لا يُعوَّض إلا بنشوء توازن قوى جديد في الشرق الأوسط تكون إيران عنصرا أساسيا فيه، نستفيد نحن العرب من ثقلها ووزنها الإسلاميين وموقعها الاستراتيجي، وتأخذ هي منا اعترافاً بدورها في المنطقة.
وهكذا حصل بالفعل، إذ حين غادر الرئيس الأسد الدنيا في العام 2000 كانت إيران تقف على حدود إسرائيل في الجبهة العربية الوحيدة المفتوحة في جنوب لبنان قادمة عن طريق دمشق.
شهدت السنوات العشرون الفاصلة بين قيام الثورة الإيرانية ووفاة الرئيس الأسد، الكثير من التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية، حين كانت سوريا تجد في الإمدادات الإيرانية النفطية وغيرها حلاً لأزمات اقتصادية تمر بها. لكن الرئيس حافظ الأسد حرص دائماً على أن تكون سوريا بحجم المحور القادر على موازاة المحور الإيراني، والمتقدم عليه عربياً بطبيعة الحال، فضلاً عن الحجم الشخصي للرئيس السوري وقدرته على إدارة أزمة منطقته بالكثير من الحنكة والبراعة.
لم يُظهر في أي يوم من الأيام أنه قبل أو تساهل في تقدم المحور الإيراني في أي من المجالات التي يعتبرها استراتيجية لأمن بلاده أو لدورها العربي، حتى لو اقتضى ذلك قسوة أو حظراً غير معلن في مجال يقرره هو، ولأسباب يحددها بنفسه. المهم أن تبقى سوريا عنصر التوازن الرئيسي في العلاقات العربية الإيرانية.
بقيت الأمور على هذا المنوال الى أن اجتاحت القوات الأميركية العراق. وكما حدث قبلها في أفغانستان حيث قدمت إيران مساعدات معلوماتية ولوجستية لإسقاط نظام طالبان من على حدودها، كذلك في العراق حيث ظهرت المعارضة العراقية، التي كانت تقيم في إيران وتواليها سياسياً، تتقدم القواتِ الأميركيةَ في المدن العراقية لتسلم الحكم.
قلق من الانتشار الإيراني
هنا ظهر أن التقدم الإيراني السياسي في العراق وانتشاره عربياً، خاصة في دول الخليج، لا يتلازمان مع الدور السوري المؤيد والمساعد للعمليات العسكرية المقاومة للاحتلال الأميركي للعراق.
بدأ القلق يتمدد نحو الدول العربية من الانتشار الإيراني. ما يُعلَن منه أقل بكثير مما هو في حقيقة حجمه، خاصة في السعودية ومصر، في الوقت الذي بدأ فيه عنصر التوازن السوري يتراجع عن دوره بين إيران والدول العربية.
النظام الإيراني الجديد القديم ينهي مرحلة الحوار المتسامح التي عاشتها إيران خلال ولايتي رئاسة جمهورية السيد محمد خاتمي. وينتقل النظام برعاية آية الله خامنئي ورئاسة أحمدي نجاد الى مرحلة الحوار المتصلب، ويذهب في التعبئة الداخلية والخارجية الى الحد الأقصى: يحمل إسلامياً العلم الفلسطيني عبر تحالفاته داخل فلسطين ولبنان محوّلاً عنوان الصراع مع إسرائيل من عربي الى إسلامي؛ ويواجه أميركا داخلياً بحقوقه النووية السلمية فيلتف الإيرانيون حوله بالإجماع على حد تصريح الرئيس السابق خاتمي ل»الحياة«.
فوق هذا وذاك، ينجح تاجر السجاد الإيراني الشهير بقدرته على بيع الأحلام بالكلام عنها الى حد تصويرها بأنها حقيقة، ونجح في إلزام الإدارة الأميركية بالتخلي عن خيارها العسكري والجلوس الى طاولة المفاوضات.
ليس هذا ما تحقق من الأرباح حتى الآن، بل إن حزمة الحوافز التي قدمتها الدول الأوروبية هي العنصر الثاني من الأرباح برغم أن الجواب الإيراني عليها لا يزال متمهلاً.
استطاعت القيادة الإيرانية الجديدة بواسطة خريطة متشابكة من العلاقات الدولية الاقتصادية مع الصين وروسيا، أن تفك الحصار الدولي عنها وأن تتقدم في النفوذ وفي بيع الأحلام أيضا حيث تطال يدها.
تفهمت القلق العربي فذهب علي لاريجاني، مسؤول الملف النووي، الى مصر، الدولة العربية الأكبر، والتقى الرئيس مبارك بكل هدوء برغم ما سبق أن قاله الرئيس المصري عن موالاة الشيعة العرب لإيران.
تقول مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة إن لاريجاني حمل رسالة تطمين من قيادته بأن إيران ليست في وارد استغلال علاقتها بالشيعة العرب لإحداث أي قلاقل في الدول التي هم مواطنون فيها، بل على العكس من ذلك يمكن اعتبار الدور الإيراني هذا إذا كان هناك من حاجة له عنصر استقرار وتهدئة وطمأنينة للأنظمة العربية.
وأكدت هذه المصادر طلب المسؤول الإيراني من مصر دعمها في المفاوضات مع أوروبا والولايات المتحدة إذا أمكن، فيكون لهذا الدعم دور كبير في التضامن الإسلامي حول الموقف الإيراني المحق.
كذلك تناول البحث قراءة طهران لحركتها في العراق وفلسطين ولبنان.
الصراحة المصرية ..
لا أحد يشك في أن الرئيس المصري شرح موقف بلاده من التطورات في لبنان والعراق وفلسطين بصراحته المعهودة، متجاهلاً الأغلفة البروتوكولية لكلامه. فهو يريد دوراً للسنة في العراق متقدماً عما هو عليه الآن تخفيفاً للاحتقان المذهبي ودعماً للاستقرار، ويؤكد التزام حكومة حماس في فلسطين الاتفاقات التي عقدتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل. أما لبنان فمن الطبيعي أن يدعم نتائج الحوار اللبناني وتنفيذها من قبل سوريا وإيجاد صيغة لسلاح “حزب الله” تنسجم مع قرارات المجتمع الدولي من دون استعجال.
بالمقابل، ذهب الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، في زيارة رسمية سبقتها مشاورات مطولة بين الأمير بندر بن سلطان مسؤول الأمن القومي السعودي والأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس المخابرات السعودية مع علي لاريجاني مسؤول الملف النووي الإيراني وممثل آية الله خامنئي في مجلس الأمن القومي الايراني.
ما نشر على لسان الوزير السعودي مطمئن. ابدى ارتياحه الى ايجابية طهران تجاه العرض الدولي لحل ازمة برنامجها النووي. دافع عن حق الدول في امتلاك تقنية نووية للأغراض السلمية. دعا الى جعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل، أو أساساً إسرائيل، منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل.
بدت ايران كأنها تدخل مجلس التعاون الخليجي من الباب العراقي بعد لبنان وسوريا، إذ نُقل عن مصادر ايرانية ان زيارة الفيصل تمهد لمبادرة عربية خليجية للتوافق حول الملفات الاقليمية.
ظهر ذلك بوضوح في الرسالة التي وجهها المرشد الأعلى للثورة الاسلامية الى الوزير الفيصل عبر زميله الايراني منوشهر متكي باستعداد ايران للتعاون في العراق وفلسطين ولبنان.
كل هذه التطورات توضح ان هناك طاولة شرق أوسطية تعد مقاعدها من الآن حتى لو تأخر الجلوس إليها. من استحق العضوية حتى الآن هم تركيا، ايران، مصر، السعودية، اسرائيل. وثمة من يسأل: أين المقعد السوري؟
الزلازل السورية ..
تعرضت سوريا لأربعة زلازل منذ ست سنوات حتى الآن.
الزلزال الاول هو وفاة الرئيس حافظ الأسد، إذ مهما ادعت القيادة الجديدة، وعلى رأسها الدكتور بشار، انها تعبئ الفراغات وهي لا تدّعي التي كان يملأها الرئيس الأب بحضوره، بقراءاته التاريخية، باستشرافه المستقبل، فإن اهتمامات الرئيس القادم الى الحكم بعد زعامة تاريخية لا بد من ان يكون في اولوياتها الوضع الداخلي. وهذا ما سبّب ارتباكات تخللها ارتكابات أمنية غير مبررة لا داخلياً ولا خارجياً بحق عدد من صنّاع الرأي العام السوري على نخبويتهم، اي المثقفين والكتّاب واصحاب الرأي المستقل.
اخذت هذه الاولوية وقتاً طويلاً من اهتمامات النظام الجديد سواء في الحزب الحاكم وهيكليته او في المناقلات العسكرية والأمنية. تخلل ذلك “انتحار” وزير الداخلية غازي كنعان وخروج نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام من منزله في دمشق الى المعارضة في الخارج.
صحيح ان خدام لا يؤثر في الحياة الحزبية، ولا كنعان في الهيكلية العسكرية، لكن لا يمكن رؤية الصورة العامة من دون هذين الحدثين.
اهتزت صورة العلاقات العربية السورية. وصار التوتر هو الطابع المسيطر على العلاقات مع مصر والسعودية والاردن.
الحفرة اللبنانية
الزلزال الثاني هو خروج الجيش السوري من لبنان وهو الأكثر تأثيراً وعمقاً على النظام السياسي السوري. صحيح ان الجنود الذين خرجوا بموجب القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، يُقدَّرون بعدة آلاف فقط بعد ان كان عديدهم 40 ألفا في العام 1990، إلا ان هذا العدد القليل كان قادراً برمزيته على الامساك بالحياة السياسية والأمنية اللبنانية. وهو رصيد اعطى سوريا لسنوات طويلة موقعها ودورها الاقليميين. ومهما قيل عن تأثير حلفائها في “حزب الله” وحركة “أمل”، في تعطيل ما لا تريده دمشق من قرارات، فإن الفارق الفعلي في التأثير اكبر من ذلك بكثير. فضلا عن ان الطبيعة اللبنانية للحزب والحركة لا تسمح لهما بالالتزام بما هو غير منطقي من القرارات.
الزلزال الثالث سبق الثاني، وهو اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الزعيم اللبناني العربي المؤثر دولياً. لم تستطع سوريا ان تنجو من الاتهام رغم كل محاولاتها الهادئة بعض الاحيان والمتعثرة في احيان اخرى. صارت لجنة التحقيق الدولية التي شُكلت بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي سيفا مصلتا على ضباطها ومسؤوليها الأمنيين والسياسيين. وعلى الرغم من طبيعة التقرير التقنية التي غلّفت التقرير الاخير للقاضي البلجيكي سيرج برامرتس، فإن مضمونه لا يبرئ سوريا من الاتهامات التي وجهها إليها سلفه ديتليف ميليس، فضلاً عن أن متابعة مسألة التحقيق توضح بما لا يترك مجالاً للشك أن لنتائجه استعمالا سياسيا وليس معرفة تقنية فقط.
الزلزال الرابع هو الطريقة التي تم بها إسقاط النظام في العراق والاحتلال الأميركي الذي صار لجيشه حدود مع سوريا، إذ لا يمكن لسوريا أن تقول إنها صاحبة نفوذ في العراق مع تشابك المصالح بين إيران وأميركا على الأرض العراقية. حتى لو كان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد أمضى عشرين سنة مديراً لمكتب “حزب الدعوة” في دمشق، ولو كان أيضا رئيس الجمهورية جلال طالباني صديقاً قديماً للعاصمة السورية. إذ إن هذه العلاقات لم تمنع المالكي وطالباني من الشكوى من تدفق المقاتلين عبر الحدود السورية ولو أحيطت هذه الشكوى بغلاف محبة وود.
كل هذا يضاف الى الدعوة الأميركية المتكررة الى تحسين سلوك النظام السوري.
الخيبة الأميركية ..
الباحث في مؤسسة واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ديفيد شنكر تحدث في محاضرة أمام لجنة العلاقات الدولية في مجلس الشيوخ الأميركي عن العلاقات السورية الأميركية بعد سنتين من توقيع الرئيس جورج بوش قانون محاسبة سوريا.
يقول شنكر إن سوريا جوزة مستعصية على الكسر في الوقت الذي لم تقم فيه الإدارة الأميركية بالإجراءات اللازمة لتغيير السلوك السوري، ولم تستثمر الفرص المتاحة لها كما يجب. فصارت دمشق تعتقد أنها أرجعت الرصاصة المطلقة في اتجاهها، وأصبح الرئيس الأسد واثقاً من قدرته أكثر من أي وقت مضى منذ العام 2003.
وأوضح أن الإجراءات الاقتصادية توقفت عند تجميد حسابات ثلاثة من الضباط هم اللواء آصف شوكت واللواء غازي كنعان والعميد رستم غزالة. حتى الأرصدة العراقية التي تبلغ 800 مليون دولار في المصارف السورية، لم تستطع الضغوط أن تحصل منها إلا على 275 مليون دولار.
وقال إن خمسة وفود من الخارجية والدفاع والخزينة والأمن القومي زارت دمشق خلال هذين العامين، وقابلت الرئيس الأسد ولم تعد إلا بنتيجة واحدة وهي الإيحاء برفع الضغط عن النظام السوري بحيث تحدث المسؤولون السوريون عن اختراق في العلاقات الأميركية السورية.
يُظهر شنكر في ورقته ان الاتفاق مع المعارضة السورية الممثلة بالإخوان المسلمين وعبد الحليم خدام غير ممكن وغير عملي، في الوقت الذي يقيم في سوريا اثنا عشر عنصراً رئيسياً من قياديي “الإرهاب العربي”.
يخلص شنكر الى القول بأنه إذا لم يُحدث تقريره دخان طلقة مسدس فإن سوريا ستستطيع برغم كل ما يقال انتظار الإدارة الأميركية الجديدة في العام 2008.
إعادة النظر السورية
ما هو الرد السوري على كل ما سبق؟
منذ عشرة أيام قام الوزير اللواء محمد ناصيف بزيارة إيران علناً للمرة الأولى. ربما صفته الوزارية أوجبت الإعلان. بعده بأيام قام وزير الدفاع السوري بزيارة الى طهران حيث وقع مع زميله الإيراني معاهدة تعاون عسكرية.
مصادر وزارية لبنانية موثوقة أكدت أن سوريا قررت إعادة النظر في حركتها، وليس في سياستها، بعد النجاح المبدئي الذي حققته طهران في مواجهتها الدبلوماسية مع الإدارة الأميركية.
الخطوة الأولى هي التفاهم مع إيران على إعادة الحياة، بقوة، الى دور التوازن السوري بين العرب وإيران. وهناك من يقول إن دمشق ساهمت في ترتيب زيارة الأمير سعود الفيصل الى طهران. إلا أن ذلك لم يتأكد.
بهذا الدور المستعاد إذا حصل يعود الرونق الى اللون العربي للقيادة السورية الجديدة.
الخطوة الثانية هي عودة الدفء الى العلاقات السورية العربية بعد عزلة طويلة. فلا القيادة السعودية تثق بالقيادة السورية ولا القيادة المصرية تصدقها، إذ إن تجربة التدخل السعودي المصري في العلاقات السورية اللبنانية تركت كثيراً من الندوب على وجه العلاقات. لكن جهداً صادقاً سيُبذل في كل الاتجاهات وأهمها بغداد، حيث أعلن عن زيارة قريبة لوزير الخارجية السوري هي الأولى منذ 26 عاماً… ثم الرياض والقاهرة.
الخطوة الثالثة هي الانفتاح على روسيا والصين وأوروبا حيث يمكن فتح الباب.
الخطوة الرابعة هي إعادة الحياة الإيجابية الى العلاقات اللبنانية السورية بشروطها، وهذا حديث طويل ليس مجاله هنا.
هل تضمن كل الوقائع السابقة المقعد السوري الى طاولة المنطقة؟
إذا كانت واشنطن وطهران وأنقرة والرياض والقاهرة وتل أبيب تحرص على بقاء النظام السوري على قيد النشاط، فليس من مانع من ضمان المقعد على أن يُترك قرار السلوك للمقررين الى الطاولة.