مملكة تفقد صبرها … ( 3\3 )

مقالات 14 أبريل 2008 0

الرياض…
وددت أن أقابل أمير الرياض سلمان بن عبد العزيز خلال زيارتي الى المملكة. إذ ان لدى أمير العاصمة الكثير من القواعد التي بنيت عليها العلاقات اللبنانية السعودية، فضلاً عن متابعته التفصيلية للشأن اللبناني وشخصياته منذ عشرات السنوات. كذلك الحال في الموضوع الفلسطيني، إذ انه عاصر من دون انقطاع مراحل المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي وعلاقات قياداتها التاريخية، وعلى رأسها الزعيم الراحل ياسر عرفات.
لم أوفّق في مسعايّ. إذ حال دون تحقيق اللقاء ارتباطه بمحاضرة ألقاها في مكة المكرمة عن والده موحّد المملكة عبد العزيز بن سعود.
في المحاضرة الكثير من اللطائف الشخصية عن والده، وعن طفولة الأمير صغيراً مع ملك كبير اشتهر بحزمه وسيفه.
الرمزية في المحاضرة سرد الأمير سلمان للمحطات السياسية الرئيسية في تاريخ النصوص المؤسسة للدولة السعودية، قديمها وحديثها، والتي أُعلنت من مكة المكرمة، لا في الرياض العاصمة الرسمية للمملكة ولا في جدة ثانية المدن وأكبرها على البحر الأحمر، بل في المدينة التي يأتي اليها المسلمون من كل أنحاء العالم الى رحاب بيت الله العتيق في البلد المقدس، على حد تعبير أمير الرياض.
في مكة المكرمة أصدر الملك عبد العزيز أول نظام شامل لادارة البلاد في بداية القرن الماضي. كما شهدت المدينة اعلان نظام ولاية العهد لأول مرة بمبايعة الأمير بعد سبع سنوات من وضع النظام الأساسي لحكم البلاد.
ومن مكة أخيراً أصدر الملك عبد الله الأمر الملكي منذ عامين بإنشاء هيئة البيعة ولائحتها التنفيذية لاحقاً.
في الرياض، تظهر نتائج مقررات مكة المكرمة. فالزائر يلاحظ، من دون جهد، ان النقاش حول الكثير من العناوين مفتوح في كل الدواوين لأن العاهل السعودي استطاع بسياسة هادئة ومتمهلة ومتدرجة ان يتجاوز الكثير من العقبات خلال 3 سنوات. وما لم يستطع حلّه وضعه على صفحة المؤجل من جدول أعماله حتى يجد الوقت المناسب لمعالجته.
****
لا يمكن معرفة مدى معاناة القيادة السعودية من نتائج أحداث الحادي عشر من ايلول في نيويورك، الا حين تعود بحديثك مع أحد المسؤولين السعوديين أو أحد المتتبعين للمسألة من أعضاء مجلس الشورى او رجال الاعمال، الى تلك الفترة.
تجد في ثنايا الحديث السعودي ان هذه الاحداث وضعت العناوين السعودية الثابتة المستقرة المشتهرة بالصبر والصمت على طاولة بحث لم تكن الادارة السعودية مهيأة لها، في السياسة قبل الأمن. فقد عرّضت هذه الاحداث التي جرت منذ اكثر من ست سنوات العلاقات السعودية الدولية لحرج لم تتعوّده الادارة السعودية من قبل، ولا يمكن لها او لغيرها من الادارات العربية ان تتوقعه.
صار التسلسل في الخلافة السعودية على كرسي الحكم بين ابناء موحّد المملكة الراحل عبد العزيز موضوعاً يومياً في الاعلام الاجنبي. ليس في المنصب الاول فقط، بل في الثاني والثالث ايضا، فصارت أعمار الأمراء وحالتهم الصحية وسلوكهم الاجتماعي جزءاً من السيرة اليومية في السياسة الدولية. تبع ذلك الدخول في مجالات التوقع حول نزاعات نشأت او ستنشأ بين هذا الامير او ذاك على منصب لم يشغر بعد، ونسج روايات لم تنته فصولها حتى الآن.
كذلك في التعليم الديني. نُشرت دراسات جدية من المحافظين الجدد في أميركا ومؤسسات الابحاث التابعة لهم تحذر من استمرار الحكم السعودي بالسيطرة على المدينتين المقدّستين في العالم الإسلامي. لأن التعليم الديني الرسمي في الجامعات السعودية هو الذي دفع بحسب هذه النظرة _ الشباب الذين اخترقوا مباني نيويورك الأشهر بطائرات مخطوفة محققين بذلك آلاف القتلى من المدنيين الأبرياء. فالمناهج المعتمدة في هذه الجامعات لا تخدم في الانفتاح على العالم أو التلاؤم معه، استناداً إلى أن مقياسها الوحيد هو صحة العقيدة واستقامتها فقط.
عادت ذاكرة المحافظين الجدد في واشنطن الى أواخر العام 1979 حين قام السعودي جهيمان العتيبة باحتلال الحرم النبوي الشريف في مكة المكرّمة منادياً بحكمٍ تعلّم أصوله في الجامعات الدينية نفسها. وتردّد الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية آنذاك في تكفيره أو إدانة ما قام به، لأنه واحد من تلاميذه يسعى إلى اقامة الشرع الذي تعلّمه من وجهة نظره بالقوة.
ظهرت على مواقع الانترنت السياسية في العاصمة الأميركية خرائط جديدة للمنطقة تعزل المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنوّرة عن بقية الأراضي السعودية، وجعلت لهما اي الخرائط ادارة خاصة باعتبار انه لا يجوز للمدرسة السياسية السائدة في المملكة أن تدير الأداء الاسلامي للمدينتين الرمزيتين في قداستهما عند المسلمين.
تصدرت انباء الفساد السعودي الصحيح منه والمفتعل الصفحات الأولى والنشرات الاولى من الإعلام الاميركي. وانتشرت الدعوة الى محاسبة المرتشين ان لم يكن داخل المملكة فخارجها. وبالتالي صارت الودائع السعودية في مصارف الغرب عبئاً على أصحابها بدلا من أن تكون مصدر رخاء والتبرّعات السعودية التي هي جزء تقليدي من الواجبات الإسلامية، تحولت الى دعم مخطط للتنظيمات الارهابية الاصولية في كل مكان من العالم.
ليس هذا فقط، بل ان أي سعودي يتدرّج في تحقيق أي أمر، يُتّهم بالتخاذل، وإن على القرارات في مختلف المجالات المطلوب تغييرها أن تصدر فوراً، وأن تنفّذ قبل ان تصدر لو أمكن.
صار الإرهاب صفة ملازمة في الأوساط الاميركية للمسلمين وخاصة أهل السنّة منهم قبل احتلال العراق، وصارت صورة جواز السفر السعودي في المطارات الدولية، فضلاً عن الجوازات العربية والاسلامية الاخرى، مصدر متاعب لحامله، وقلق للجهة التي تدقّق فيه.
باختصار، تم تشريح دولي لسياسة دولة اعتمدت منذ نشوئها على الستر في حركتها، وعلى المنخفض في صوتها، وعلى حل مشاكلها داخل حدودها قبل ان تنتقل الى الخارج، مهما كلف ذلك من جهد ومال.
****
في شهر آذار الماضي، قرر المشاركون في مؤتمر الجنادرية الثقافي السعودي الأخير أن ينيبوا مولانا الدكتور رضوان السيد في الحديث عنهم امام العاهل السعودي. ومما جاء في كلمته ان عهد الملك عبد الله بدأ بالإقبال على تجديد فكرة الدولة والشرعية في الداخل السعودي عبر حلقات ثلاث. الاولى صون الأمن والاستقرار عبر مكافحة الاختراقات الامنية، سواء أكانت من الداخل أم الخارج، ونشر ثقافة المواطنة والعدالة. والحلقة الثانية تجديد فكرة الدولة والشرعية عبر تأكيد واجب المشاركة من المواطنين لنشر أحاسيس الثقة بين القيادة والشعب. أما الحلقة الثالثة فتركزّت على النهوض بالمؤسسات والمرافق العامة وتطوير حياة المواطنين في اتجاه النمو.
وضع الدكتور السيّد في القضايا الكبرى عناوين مرحلة حرجة من حياة السياسة السعودية في أسطر قليلة، من دون أن يقول ربما لآداب ملكية ان مضمون هذه العناوين لا يزال في الطور الاول للتحقيق، ان لم تكن في مجال التجربة الجدّية.
أول هذه العناوين مسألة الخلافة. لا ينكر السعوديون قلقهم مما حدث في الكويت بعد وفاة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، والصراع الذي ظهر الى العلن داخل العائلة الواحدة على ولاية العهد وعلى المناصب التي يعتبرها كل فرع من فروع العائلة الحاكمة حقاً له. صحيح ان الكويت تجاوزت هذه المحنة من دون خسائر جدية وعاد اليها استقرار حكمها، لكن هذا لم يمنع القلق السعودي. تدارس الملك عبد الله الأمر مع مستشاريه وأقر بصعوبة استمرار التقليد الذي يعطي الملك الحاكم حق تسمية ولي عهده، كما أفتى بذلك الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، فأنشأ هيئة للبيعة من الأمراء الأحياء من أولاد الموحّد وأكبر أولاد الأمراء الراحلين، وسمّى لرئاستها الامير مشعل بن عبد العزيز أكبر اخوته بعد الامير سلطان ولي العهد الحالي. تقوم هذه الهيئة باختيار واحد من ثلاثة اسماء يقترحها الملك المقبل لاختيار ولي عهده. ومن بعد الولاية المقبلة الملكية للأمير سلطان تصبح مهمة الهيئة اختيار الملك بالتصويت لمن ترى فيه كفاءة تسلّم المنصب وكذلك ولي العهد.
قبل إنشاء هذه الهيئة، كان الملك دائماً هو الاكبر بين اخوته من ابناء عبد العزيز، والذي يليه في السن يكون ولياً لعهده، وكذلك الامر بالنسبة للنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، اي انه الثالث بعد الملك وولي العهد في السن أيضاً.
لقيت هذه الخطوة ارتياحا داخل المملكة وخارجها وحققت استقرارا في مسألة كانت دائما مثار تساؤل وسط تناقص الكبار من ابناء عبد العزيز بالوفاة من دون اتفاق واضح على من بعدهم في تسلسل الامراء.
هذا لا يمنع انه لم يتم تعيين نائب ثانٍ لرئيس مجلس الوزراء، منذ تسلّم الملك عبد الله للحكم قبل ثلاث سنوات. ويعود ذلك الى انه لا يريد إحراج اخوانه بقرار منه يوافق عليه بعضهم ويرفضه سرا بعضهم الآخر.
الرابع بعد الامير مشعل رئيس هيئة البيعة هو الامير متعب وزير البلديات المعروف بتديّنه وانشغاله بختم القرآن الكريم مرات في السنة، والتعبّد في الكعبة، وهو يبتعد بنفسه عن مشاغبات الحكم. الخامس هو الامير طلال المتمرّد منذ ايام الناصرية والعائد الى الدعوة الهادئة الى التغيير من الداخل. السادس هو الامير نايف وزير الداخلية منذ سنوات طويلة. لهذه الوظيفة طبيعة لا تسهّل عليه القرب من الآخرين، ولا تسهّل على الآخرين أيضاً التقرّب منه، مع الاعتراف له بكفاءة جدية في معالجة ظاهرة السلفيين سواء بالمواجهة أو بالحوار. لذلك فإن نجله ونائبه الامير محمد بن نايف هو الذي يقوم بالمهام اليومية للوزارة تاركاً المسائل الكبرى لوالده. السابع في التسلسل الامير سلمان، المتخصص إلى جانب حكم العاصمة في ادارة شؤون العائلة المالكة وامرائها. فهو المعتمد منذ سنوات طويلة لصبره وسعة صدره للتعامل مع مشاكل عائلة مالكة هي الأكبر في العالم، اذ يبلغ تعدادها 22 ألف أمير وأميرة في بلد يبلغ تعداده السكاني 22 مليون نسمة. أما اصغر اولاد عبد العزيز، الذين لا يزيد عدد من بقي منهم على قيد الحياة على خمسة عشر أميراً من اصل ,29 فهو الامير مقرن رئيس المخابرات، الضابط الطيار الذي شغل منصب امير المدينة المنورة قبل رئاسته للمخابرات.
قد تبدو هذه الهيئة مرحلية، لكنها بالتأكيد وضعت أسساً يمكن البناء عليها لانتقال ولو غير هادئ في السلطة داخل العائلة الحاكمة بعد ولايتين ملكيّتين على الأقل.
****
ثانياً: لا شك في ان مسألة التعليم الديني وزميلتها ما يسمّى بالمطاوعة ، أي موظفي هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، بدت أصعب بكثير حتى من مسألة الخلافة داخل العائلة المالكة. ليس فقط بسبب التحالف التاريخي بين الامام محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي ومؤسس المملكة محمد بن سعود الكبير بعد منتصف القرن السابع عشر الميلادي، ولا للطابع الديني للدولة السعودية ومدينتيها المقدستين، بل لأن جذور هذه الهيئات ضارب في عمق المجتمع السعودي فضلاً عن مشروعيته المضافة الى مشروعية الحكم.
كل ما تم حتى الآن هو تعديل المواد الدينية في المناهج العادية للتدريس. فبعد أن كانت 6 مواد أصبحت أربعاً وتقلّصت النصوص لتركّز على المبادئ العامة وليس على العبادات والأوامر والنواهي فقط.
أحدثت هذه الهيئة الكثير من الهزّات في المجتمع السعودي. وصارت مناقشة تصرفاتها تنشر في الصحف السعودية بين معارضين وهم الاكثرية، ومؤيدين وهم أقلية. وهناك أفكار متداولة صعبة التحقيق حتى الآن، تقترح ضمها إلى وزارة الداخلية باعتبارها جهة مسؤولة عن الآداب العامة والفرائض الدينية.
لا يمكن القول ان هذه المسألة أصبحت في طريق الحل او التحجيم على الأقل. لكن الجديد في الوضع السعودي ان هناك هيئات مدنية اخرى تنشأ ولو بقرار ملكي. أُولاها مجلس الشورى الذي بدأ أعضاؤه بتكوين حيثية علنية عن طريق الفضائيات والمحاضرات الداخلية. وأصبح بعضهم نجوماً في مجتمعهم يُحسب لرأيهم حساب مهم، ولو والوا الحكم في المسائل الاساسية.
ثانيتها المجالس البلدية التي انتُخبت ولو بشكل جزئي في العام .2005
ثالثتها انتخاب نقابة للصحافيين للمرة الاولى في تاريخ السعودية، بين اعضاء مجلس ادارتها سيدتان.
رابعتها، مجلس الحوار الوطني الذي أنشأه الملك عبد الله حين كان وليا للعهد في العام 2003 بين مختلف التيارات الفكرية والدينية في السعودية. لم يحقق هذا المجلس نتائج جدية، بل بقي ضمن إطار الحوار الشكلي المصوّر.
خامستها: وافقت القيادة السعودية على تسمية منظمة وطنية للحقوق الإنسانية تهتم بالمعتقلين وتحسين وضع المساجين، من دون ان يكون لها دور حتى الآن في الدفاع عن الحريات العامة للمواطنين.
لا يزال دور كل هذه الهيئات من دون صلاحيات حتى الآن. لكنها بالتأكيد أحدثت دورة من الحوار الداخلي حول كل المواضيع لم يكن ممكنا بسهولة قبل نشوئها.
هذا لا يعني ان المجتمع المدني السعودي حقق الكثير من امنياته. لكنه أكثر صبراً هذه الفترة لسببين:
الاول المنافسة على الاصول الدينية تجري بين طرفين، احدهما يعتمد الارهاب والتفجير في عمله، هو تنظيم القاعدة ، الداعي الى قلب النظام، والآخر هو الهيئات الدينية الداخلية المتمسكة بالعُرف وبالنظام، وفي نزوع محافظ ما عاد ملائماً في الكثير من أجزائه.
السبب الثاني ان المجتمع المدني مقتنع برغبة الملك عبد الله في الاصلاحات الداخلية التي يسعى اليها، ويستشهدون على ذلك بحوار جريء بين مجموعة اصلاحية والعاهل السعودي حين كان ولياً للعهد في العام ,2003 فإذا بوزارة الداخلية بعد اسابيع تعتقل أحد عشر شخصا منهم ولم يفرج عنهم الا بعد ان اصبح عبد الله ملكا في العام .2005
يساعد على هذه النظرة ايضا ان الحديث عن الرشى الخيالية للمشاريع السعودية خفت صوته كثيراً هذه الايام رغم الطفرة النفطية.
****
ثالثا: في السياسة الخارجية: استطاع العاهل السعودي ان يتجاوز الكثير من العوائق التي كانت موضوعة امام سياسة دولته في الغرب. فبعد القمة الاسلامية التي عُقدت في مكة والقمة العربية التي عقدت في الرياض، عادت السعودية الى الساحات الدولية بمشروع للسلام غيّر الكثير في صورتها. وعادت العلاقات الاميركية السعودية الى سابق عهدها في التعاون لمساواة واشنطن بين ايران الشيعية والقاعدة السنية في الارهاب.
حقق هذا التحوّل الخارجي تسليما سياسياً للملك عبد الله وفريقه الاصغر المؤلف من الامير سعود الفيصل والامير مقرن بن عبد العزيز. وحقق عصبية لهذه السياسة في مجتمع رجال الاعمال الذين رأوا ان باستطاعة العاهل السعودي ان يحمي مصالحهم وعنفوانهم الذي تعرّض للاهتزاز بعد احداث ايلول .2001
هذا التسليم السياسي وهذه العصبية الاقتصادية سهّلا على العاهل السعودي تنفيذ رغبته بدور اقليمي يتجاوز الحدود السعودية، رغم اعتراض البعض على الكلفة التي يسبّبها مثل هذا الدور. فالمساعدات الخارجية السعودية المباشرة زادت على ثلاثة مليارات دولار في العام 2007 بالإضافة الى قروض مسهّلة للدول بلغت ملياراً ونصف المليار دولار.
ليس الاعتراض مادياً، فالسعودية المصدّر الثاني في العالم للنفط، تحقق من الأسعار الحالية للنفط حوالى 150 مليار دولار سنوياً، بالإضافة الى احتياطي نقدي يزيد على 400 مليار دولار، واحتياطي نفطي هو الأكبر في العام للسنين ال35 المقبلة. بل الاعتراض على ان مال النفط وعائداته ليست كافية للمواجهة السياسية المفروضة على السعودية والتي تجعل ملكها يخرج الى مناطق الازمات في لبنان وفلسطين والعراق وايران.
ويكتفي اصحاب هذا الرأي بالتساؤل فقط، وسط حماسة مجموعات كبيرة سياسية واقتصادية لهذه السياسة الخارجية.
آخر مظاهر هذه السياسة، الدعوة التي اعلنها العاهل السعودي لحوار بين الاديان المسيحية والاسلامية واليهودية، أو الديانات الابراهيمية على حد تعبيره، متأثراً بلقائه مع البابا بنديكتوس السادس عشر، ومبدياً استعداده للذهاب الى الامم المتحدة لتسويق دعوته.
تُذكّر دعوة العاهل السعودي بالسياسة التي اتّبعها الرئيس الراحل أنور السادات قبل توقيعه اتفاق كامب دايفيد وبعده، باعتبار ان انفتاح الدولة الاسلامية الأكبر على بقية الاديان يحسّن في صورة المسلمين ويطمئن غير المسلمين في العالم الاسلامي. فما الذي يدفع الملك عبد الله الى اتباع السياسة نفسها؟
بالتأكيد، ليست واردة عند العاهل السعودي مسألة الاتفاق مع اسرائيل. لكن الملك عبد الله بحسب عارفيه يريد ان يمحو ما يستطيع محوه من صفة الارهاب عن المسلمين، فيذهب في سعيه نحو الأبعد. هل ينجح؟
الجواب صعب لكن الملك عبد الله يعمل على هدي الحديث الشريف: من اجتهد وأصاب فله أجران. ومن اجتهد ولم يصب فله أجرا واحدا.