“البلديات.. مفتاح الانتخابات النيابية؟”

اخترت لكم 06 مايو 2016 0

عاكس وزير الداخلية نهاد المشنوق استنتاجات البعض بأن حصول الانتخابات البلدية في موعدها وبجهوزية أمنية وعسكرية عالية يدحض حجة التأجيل لمرّتين متتاليتين لمجلس النواب معتبرا ان الانتخابات البلدية تحتاج الى جهوزية أكبر وأشمل خصوصا ان الاستحقاق النيابي يستحضر معه حساسيات سياسية وتوترات لا ترافق عادة أجواء الاستحقاق البلدي.

قد يكون هذا الامر صحيحا لأن الفرز العامودي الذي تنتجه الانتخابات النيابية يحوّل بعض المناطق الى متاريس سياسية في ظل حملات انتخابية تعتمد التجييش السياسي ممرا الزاميا الى صناديق الاقتراع، لكن هذا لا يعني بالضرورة ان ما يتوافر اليوم من جهوزية أمنية وعسكرية لمواكبة آحاد الاستحقاق البلدي لم يكن بالامكان توفيره سابقا من أجل انتخابات نيابية آمنة.

لم تكن الظروف الامنية عام 2013 أفضل حالا من اليوم. حينها رضخ نواب الامة برضاهم لحجّة “الظروف الأمنية الاستثنائية” التي اخترعوها ليطيلوا في عمر ولايتهم الى 20 تشرين الثاني 2014. وفي ذاك التاريخ ايضا لم تكن  الظروف الامنية أفضل حالا من اليوم، حين كرّر النواب تجربة خاضها المجلس في نهاية السبعينات وحتى بداية التسعينات عندما فرضت الحرب الاهلية تمديد البرلمان لثماني مرّات متتالية، فكان التمديد الثاني حتى حزيران 2017.

باختصار يرى متابعون ان القرار السياسي لا يزال في ثلاّجة الانتظار في ما يخصّ ثلاثة استحقاقات أساسية: الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية وتعيين قائد جيش جديد. بالمقابل، توافَرَ القرار السياسي لاجراء انتخابات بلدية حتّى في ظل الوضع الخاص لمنطقة عرسال وفي ظل القرار المتّخذ بإلغاء الانتخابات في بلدة جديتا في قضاء زحلة.

هذا كاف للتدليل بأن الجيش تحديدا، وبالرغم من المهام الجسيمة التي تلقى على عاتقه على الحدود الشرقية والشمالية ومنعه بشكل كبير لتسلل الجماعات الارهابية ومبادرته تكرارا للقيام بعمليات وقائية وعمله الامني الدؤوب في ما يتعلق بالمخيمات الفلسطينية، كان ولا يزال جاهزا لحفظ أمن العملية الانتخابية البلدية من ضمن المؤازرة لمهام قوى الامن الداخلي.

وكان لافتا كلام الوزير المشنوق باعتباره إن الإنتخابات البلدية التي تجري هذه المرة في لبنان “ربما هي الاهم منذ عقود في ظل التمديدات الكبيرة المفروضة على الحياة السياسية والإدارية اللبنانية، وكونها الإستثناء الوحيد المتاح لإعادة إحياء النظام الديمقراطي”.

وبالتالي فإن القرار السياسي المعزّز بالجهوزية الامنية والعسكرية خرق حالة المراوحة القاتلة على المستوى السياسي خصوصا ان التمديدات المتكرّرة لمجلس النواب كشفت عقم السلطة والطبقة السياسية الحاكمة في ظل العجز المتمادي عن إقرار قانون انتخاب يعوّض فضيحة التمديد غير المبرّر، فيما كان الجيش ومعه القوى الامنية يعوّضون كوما السياسة بإنجازات متتالية في مجال مكافحة الارهاب.

لكن كل ذلك لا يحجب السؤال الاساس حول مدى تمهيد الانتخابات البلدية للانتخابات النيابية خصوصا  ان قرار المجلس الدستوري عقب التمديد الثاني لمجلس النواب ارتكز بشكل رئيسي على قاعدة الظروف الاستثنائية التي قدّمتها السلطة السياسية لتبرير تأجيل الانتخابات، معتبرا ان هذه الظروف “لا تبرّر تمديد ولاية المجلس مجددا سنتين وسبعة أشهر”، وهو شكل من اشكال تحفّظ المجلس الدستوري على الولاية “الطويلة” غير المبرّرة للتمديد.

ويقول متابعون “ان الجيش أوجد اليوم حلّا منطقيا ومقبولا للعقدة الرئيسية في خريطة الانتخابات وهي منطقة عرسال التي ستجري الانتخابات البلدية فيها ضمن مناطق حماية الجيش، وثمّة انتخابات نيابية فرعية ستحصل في قضاء جزين المنطقة الجغرافية القريبة من المخيمات الفلسطينية، فما الذي يمنع تقصير الولاية الممدّدة والشروع في إجراء انتخابات نيابية قد تكون كفيلة بكسر حالة الجمود السياسي خصوصا ان الفراغ التشريعي قد سَبَق الفراغ الرئاسي وبالتالي الاولويات تفرض انتخاب مجلس نواب جديد يتولّى بدوره انتخاب رئيس الجمهورية”؟.

مفاتيح