مقابلة خاصة – نائب للدفاع عن الصيغة اللبنانية

مقابلات تلفزيونية 28 أبريل 2009 0

نهاد المشنوق:

س- نائبان أرمنيان من أصل أربعة، هم عدد مقاعد الدائرة الثانية فازوا بالتزكية، بقي المقعدان الشيعي والسُني، هل نستطيع أن نقول لك مبروك سلفاً، أم أن الأمر ما زال عالقاً؟
ج- أنا لا أعتقد أنه معلّق ولا القول مبروك سلفاً، بل هناك إنتخابات طبيعية وأنت تحدثت عن إتفاق الدوحة، وأنا أعتقد أنه من مساوئ إتفاق الدوحة، هو الدخول بتسويات في منطقة وإنتخابات في منطقة أخرى، ولندع الأمور تسير بطبيعتها ولندع الناس تمارس حقها بالتصويت، وتقرر من تريد لأن هذا الأمر ليس إستثنائياً، بل طبيعي لأنه من الواضح أن الأطراف الإقليمية والمحلية التي إلتزمت بأن لا يكون هناك إنتخابات في الدائرة الثانية لم تستطع تنفيذ إلتزامها.

س- إذا كان هذا رأيك، لماذا اخترت الدائرة التي تم التوافق عليها تحديداً لتكون مرشحاً فيها؟
ج- بصراحة أنا لم أكن أتوقع أن يتم تنفيذ التوافق، بيني وبين نفسي ولي أصدقاء سمعوا هذا الكلام. كثيرون اعتقدوا أن الإنتقال من الدائرة الثالثة الى الدائرة الثانية جزء من إلزام أو خلاف ابدا، بالعكس أنا إرتحت كثيرا لأنني نقلت ترشيحي الى الدائرة الثانية، وبالأساس كان هذا الأمر موضع مناقشة بيني وبين زملاء في السفير قبل يومين ثلاثة من الحديث. ولكن لماذا الدائرة الثانية ؟ عندما تنظر الى الخريطة الإنتخابية في الدائرة الثانية تجد انها ربما هي الدائرة الوحيدة التي فيها أعداد متقاربة من السنة والشيعة والمسيحيين طبعا مع الأرمن، يصبحون أكثر بكثير. ولكن الحضور الأرمني معروف انه محدود، لذلك أنا أضيف الحضور الأرمني الفعلي على بقية الناخبين المسيحيين .اذاً الاعداد متقاربة جدا من بعضها، وبالتالي هذه الدائرة تعبر عني أكثر من أي مكان آخر .

منذ اللحظة الاولى التي تعاطيت فيها بالمسألة العامة سواء كتابة أو مقابلة أو استشارة أو مناقشة، كنت دائما حريصا على ان يكون كلامي موجها لكل اللبنانيين، وأعطيت نفسي دائما او إحتفظت دائما لنفسي بالحق لأن تكون عندي عين ناقدة بكل الاتجاهات، وهذا لايمنع أبدا ان هناك عينا مُحبة وأنا عيني الشخصية مُحبة لكل اللبنانيين ، لا أملك عين كارهة و حاقدة أنا من دعاة الحوار في أصعب الأيام وفي أسوأ الايام، ولم أعتمد ولا مرة وسيلة للعمل سوى الحوار بصرف النظر انه اذا لايوجد رأي آخر فكيف ستكون من دعاة الحوار؟ هذه مسألة طبيعية بالصيغة اللبنانية .
أعود وأقول الدائرة الثانية هي اقرب دائرة لمفهومي للصيغة اللبنانية، ولمفهومي لفضائل الصيغة اللبنانية، ولمفهومي لتنوع الصيغة اللبنانية ، ولمفهومي للحوار بين المجموعات في لبنان .
س – لكن لا يمكن ان ننكر ان ترشيحك الأول في الدائرة الثالثة ؟
ج – هذا امر تقليدي باعتبار انه كان هناك إتفاق ما ربما مع الجماعة الإسلامية بأنهم يرغبون، أو تم الإتفاق معهم ان يترشحوا في الدائرة الثانية. ولكن تبين في مابعد إنهم مصرين على المقعد في الدائرة الثالثة، فعندما تحدث معي النائب سعد الحريري بالموضوع، وسألني وبعد ان علمت بطبيعة الإتفاق إتصلت به وقلت له” اني أتمنى ان أنقل ترشيحي الى الدائرة الثانية” .

س- اليوم برأيك هل هناك ضمانات لاستكمال تنفيذ هذا الاتفاق على الارض ؟
ج – في الحقيقة انا لا افكر بهذه الطريقة انما أفكر بطريقة آنية فأقول ان إتفاق الدوحة هو إتفاق تهدئة، وكل ماورد في إتفاق الدوحة خاضع للنقاش وخاضع للتطبيق وعدم التطبيق، هذا من وجهة نظري، هناك مساوئ كثيرة في اتفاق الدوحة أولها قانون انتخابات عام 1960 لذلك الافضل مع قانون منذ 60 سنة أن تبحث عن دائرة طبيعية فيها معظم الناس، والتي ممكن ان تعتبرها جسرا للحوار، لان بطبيعة الناس الموجودة في هذه الدائرة لايمكن الا ان تخاطبهم غير على قاعدة الحوار، وألا لما تكون مرشحا عنهم . فبطبيعة الحال، يمكن ان تكون ممثلا لأكبر مجموعة متنوعة من اللبنانيين اذا الله سهّل لنا الامور، ولكن موضوع الالتزام او عدم الالتزام اصبح وراءنا لانه عمليا بعد 22 نيسان حتى لو إنسحب كل المرشحين تبقى الانتخابات سارية المفعول مع احتساب الاصوات وكل الاجراءات الطبيعية . انا أعتقد ان اتفاق الدوحة كان اتفاق الضرورة بكثير من بنوده .

س – يعني اتفاق الأمر الواقع ؟
ج – أنا أسميه اتفاق الضرورة، اما اذا كنت تريد ان أتكلم كلاما انتخابيا هذا شيء آخر، أنا من نوع الناس الذين ستسمع مني ذات الكلام الذي سمعته منذ سنة وسنتين حتى عام 2006 الى اليوم.

س- باعتبارك مرشحا عن “تيار المستقبل” لماذا يراد لنهاد المشنوق النيابة ، وهل يذكرنا هذا بتجربة باسم السبع او طارق متري الذي كان من المثققين والذين جعلتهم النيابة في اطار الاصطفاف، وإلغاء لاي هامش كان يتحركوا من خلاله هل نهاد المشنوق يكرر هذه التجربة وبالتالي النيابة ستجعله مقيدا بهذا القيد ؟
ج – انا اتمنى ان أشبَه بالاستاذ باسم والدكتور طارق، ولكن لا أرى هنا أي وجه مقارنة.

انت تفترض ان هناك إصطفافا، فالأستاذ باسم جاء اصطفافه بعد اغتيال الرئيس الحريري، وليس قبل وهو نائب منذ 1996 . ما اريد قوله شيء آخر انا مرشح جمهور رفيق الحريري وهذه صفة حافظت عليها .

س – ماذا تعني بجمهور رفيق الحريري ؟
ج – برأيي ان الرافد الحقيقي لجمهور رفيق الحريري هو “تيار المستقبل”، ولكن جمهور رفيق الحريري أكبر بكثير وفيه ناس من كل الطوائف، ومن كل الجهات، ومن كل التوجهات السياسية ، حتى انا مقتنع بأن جمهور رفيق الحريري لبناني وعربي واسع جدا لدرجة اني غير مستعد للتخلي عن هذه الصفة، بعد سنوات من القول دائما باني واحد من جمهور رفيق الحريري لم يكن حديثي ولا مرة بأي صفة أخرى .

ثانيا ، أنا ملتزم بكتلة “تيار المستقبل” بالمعنى السياسي، ولكن انت تفترض باني سأتنازل عن حقي بالنقاش فانا اعدك بأني لن أتنازل عن حقي بالنقاش بعد كل هذه السنوات من العمل وتجربتي ستتكرر.

تجربة الاصطفاف التي لم توصل إلا الى مزيد من الاشتباكات والمزيد من النقاشات الحادة والمزيد من الاتهامات، والتي تبين انها كلها غير صحيحة، على الاقل انا ادّعي اني اعرف الكثير من الناس الذين إتهموا في “تيار المستقبل” و بعضهم في 14 آذار والذين تبيّن ان كل الاتهامات الموجهة لهم غير صحيحة على الاطلاق، ورغم ذلك لم يغيّروا جلدهم او اتفاقهم او عروبتهم .

سأعطي مثلا على ذلك : فقد صدر كلام عن شعبة المعلومات او فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، بان هذا الجهاز مُتهم بكل الاتهامات، فجأة تبيّن انه جهاز وطني وعروبي ويلقي القبض على كل الشبكات التي يترصدها منذ سنوات .

انا لم افاجأ بهذا الأمر لأني اعرف المسؤولين في هذا الجهاز واعرف انهم عقلاء ومتوازنون لا يمكن ان يرتكبوا أخطاء مجانية على الاقل. ولكن ما فاجأني بهذا الموضوع ليس القاء القبض على الشبكات ، ولكن ما فاجأني ان وسام الحسن إتخذ قرارا بتشكيل مكتب خاص، لملاحقة هذا النوع من الشبكات” منذ عام 2006 في وقت كانت تنهال عليه الإتهامات هو وغيره .

س- احيانا تتخذ الامور في السياسة اللبنانية ” دكمة” بمعنى اذا كان لشخص ما حسنات لايمكن اغفال السيئات والعكس بالعكس ؟
ج- لايوجد احد بدون حسنات وسيئات، ولكن الإتهامات في لبنان عندما كانت تصدر، كانت تصدر بالجملة بدون استثناء .

انا ادّعي انه منذ حرب تموز حتى الان، لم اقبل ولا مرة أو أسمح او أوافق على توجيه إتهام بالجملة، بل يجب معالجة كل موضوع بمعزل عن الآخر .

س – لقد قرأت لك مقالا تصف فيه الحملات الانتخابية بطواحين الهوا، يمارسها مختلف الاطراف بمن فيها “تيار المستقبل”، هل تصف اليوم خطاب سعد الحريري التعبوي طواحين هوا؟
ج – اين التعبئة التي تتحدث عنها ؟ انا سمعت الشيخ سعد في البيال الذي كان خطابا عاما، ووجدت إنه خطاب جدي ورصين ومتوازن، تعبوي باحترام ، آخذ بعين الإعتبار جمهوره، وأكد على عروبته وعلى مسؤوليته تجاه فلسطين.

س- ماذا عن خطاب عكار والضنية؟
ج- خطاب عكار والضنية هو خطاب إنتخابي ، يشبه خطابات الجميع . أنا بالنسبة لي ما أراه في سعد الحريري هو خطاب البيال الذي أعلن فيه عن خريطته السياسية وتبيّن إن الجمهور تجاوب يومها مع كل العناوين المتهم بأنه تخلى عنها هذا الجمهور. فإذا رجعنا الى الفيلم سنلاحظ رد الفعل على الموضوع الفلسطيني ، ونلاحظ رد الفعل على الموضوع العربي وعلى الحوار اللبناني.

س- نعرف ان الوزارة وصلت إليك وبدأت بتلقي التهاني، ولكن في آخر اللحظات كان هناك تحفظ من الرئيس السنيورة ، هل تمت معالجة هذا التحفظ أم ان التحفظ على المقعد الوزاري لا يسري على المقعد النيابي؟
ج- هو نفّذ تحفظه، وفي هذه الحالة ما هي التسوية التي ستتم بيننا؟ أنا أدّعي أني لا زلت على رأيي الذي قلته سابقا، قلت لا يوجد خلاف سياسي بين وبين الرئيس السنيورة، هو يعرف انه في فترة الإعتصام كنت من الناس الذين لم يقصّروا أبدا بقراءة الموضوع على طريقتي، وليس كُرمى له، وأيضا عندما خالفت كل السير بالوقوف الى جانب المقاومة في حرب تموز 2006 خالفت كل السير الذي كان سائدا ،أنا لم أقم بذلك من أجل أحد، بل لأن هذا رأيي وهذه قناعتي وهذا موقفي، وأنا لا أخلط بين الشخصي والعام.

س- كيف فسّرت هذا الموقف من الرئيس السنيورة في ذلك الوقت؟
ج- أنا لم أستطع تفسيره سوى أنه موقف شخصي ، ولا يمكن أن يكون موقفا سياسيا، ولكن أنا نسيت الموضوع ورميته ورائي.

س- لفتني مقال للسيدة الهام فريحة تقول فيه “انه في العصر الذهبي للرئيس رفيق الحريري كان الرئيس السنيورة أما مستشارا من بين المستشارين وأما وزيرا . أما الزميل نهاد المشنوق فكان المستشار الأول وكانت كلمته مسموعة جدا لديه وأحيانا قبل كلمة السنيورة”؟
ج- هذه محبة زائدة من السيدة الهام، ولكن هذا النقاش لا يوصل الى مكان ، أنا أشكرها على هذه الكتابة، ولكن ليس بالضرورة إعادة قراءة التاريخ الآن.

س- إسمح لي أن أسألك بأن تصف لنا علاقة سعد الحريري بالرئيس السنيورة وما هي: طبيعية، متنافسين داخل فريق واحد، رئيس مع مرؤوس رغم أهمية هذا المرؤوس باعتبار سعد الحريري هو زعيم الأكثرية ، وهو زعيم “تيار المستقبل”؟
ج- أعتقد ان الزعامة السياسية لا تتخذ طبيعة الرئيس والمرؤوس ، وهذا تعبير غير مناسب بالسياسة.

س- هل هناك منافسة في الزعامة؟
ج- أبدا، لا توجد منافسة وهناك أولا تسليم أكيد بزعامة سعد الحريري ، وتسليم أكيد بأن الرئيس السنيورة، ربما هو واحد من الناس الذين ساهموا في دعم هذه الزعامة بقدر ما يستطيع المساهمة، وأي كلام عن طرفين متنافسين، فيه تقليل من حجم الزعامة الذي هو أكيد وثابت وكبير، وفيه كرم زيادة منك، بأن رئاسة السنيورة هي جزء من زعامة سياسية. فرئاسة السنيورة هي رئاسة مجلس الوزراء، والآن لديه خيار يأن يترشح للإنتخابات ، ويمارس العمل النيابي إن شاء الله. ولكن هذا لا يعني انه في وضع المنافس هو واحد من مجموعة سياسية زعيمها سعد الحريري، وبغير ذلك لا يستطيع أن يترشح في صيدا أصلا، لأن من إتخذ خيار ترشيحه في صيدا هو زعامة الحريري، وليس هو من إتخذ هذا القرار ، والجمهور الذي يقابله في صيدا هو جمهور رفيق الحريري والسيدة بهية العاقلة والمتوازنة دائما ، هي الأساس في موضوع الترشيح، وبالتالي لا يمكن إعتبار الرئيس السنيورة في وضع المنافس، وهو لم يكن منافسا ولن يصبح منافسا.

س- ولكنه كان يحرص على أن يكون له حصة في الحكومة خاصة به، وأنت دفعت الثمن؟
ج- بصفته رئيسا لمجلس الوزراء وليس بصفته شخصية سياسية عامة. تستطيع أن تسمي الوزراء وتنحي وزراء.

س- أليس لدى السنيورة طموح بأن يشكل قطب خاص؟
ج- أنا لا أعرف طموحاته، أنا أتكلم عن واقعه ، وهذا الواقع لا يقلل من قيمته ولا من إحترام الناس له.

س- هل هناك دور سعودي بترشيح الرئيس السنيورة في صيدا، وأيضا بالنسبة لك وأنت قريب من السعودية ايضا؟
ج- أنا أتمنى أن أكون قريبا من السعودية، وعدّة مرات سمعت من زميل بأني فاتح على خط بيروت – الرياض. أنا أقول انه في العشر سنوات الأخيرة أو الـ12 سنة الأخيرة ، ذهبت مرتين إلى السعودية ، مرة لزيارة صداقة معينة أوفدني الرئيس الحريري رحمه الله، أيام خلافه مع الأمير وليد بن طلال، وأنا كتبت عن هذا الأمر. وفي المرة الثانية، ذهبت وقابلت مسؤولين وكتبت ما سمعته . وبالتالي هذه هي كل زياراتي للسعودية.

أما إذا قلت أني دعيت الى دور سعودي فهذ صحيح، أو شجعت دور سعودي أيضا صحيح ، وأني قسوت في الكلام على غياب دور سعودي هذا صحيح ايضا، وأنا كتبت لماذا دعيت الى هذا الدور، ولماذا قسوت على غياب هذا الدور، فأنا دعيت الى هذا الدور لأنه دور توازن .

س- هل تمت الإستجابة لهذه الدعوة؟
ج- الإستجابة ليست لي، هذا أمر سياسي أكبر ، ولكن أنا أشرح ما هو سبب موقفي ، فهناك توازن في المنطقة لا يقوم على السعودية بالغياب العملي لمصر. دعنا نسرد الأمور كما هي، والآن أضيفت تركيا ، وواضح اليوم ان الطاولة المقبلة إذا حدثت في يوم من الأيام لبحث أوضاع المنطقة سيجلس حولها التركي والإيراني والعربي، لا توجد طاولة أخرى تستطيع إيجاد توازن بهذا الإعتداء الإسرائيلي السياسي اليومي على الإسرائيليين واليهود قبل العرب، وعلى العرب أكثر من المسلمين، وعلى المسلمين أكثر من الغربيين.

أنا أعرف أن هذا كلام غير إنـتخابي، ولكن هذا رأيي. لا توجد طريقة أخرى لخلق توازن يؤدي الى حل عادل للشعب الفلسطيني، أيا يكن هذا الحل الذي يرضاه ويرتأيه الشعب الفلسطيني بأكثريته أيا يكن.

س- أنت كنت دائما منتقدا لغياب الحضور السعودي المباشر، أو التأثير السعودي تحديدا بالنسبة للطائفة السُنية الكريمة؟
ج- أنا أيضا لم أقل هذا، ومستعد أن أُحضر النص بالحرف ، من غير الممكن أن أستعمل تعبير سُني – شيعي، وإذا كنت تملك تسجيلا أتمنى إطلاعي عليه.

على كل حال، أنا مصرّ على التوازن للتفاوض وليس للمواجهة، أنا لم أكن ولا مرة من دعاة المواجهة غير المواجهة السياسية، لأن التفاوض هو مواجهة سياسية، وليس بالنتيجة أن أركض لتشجيع الأميركيين، أو للفرحة بأن الأميركيين سيضربون إيران، او هذه المنطقة او تلك من العالم.

س- أنا قرأت لك نصا ممكن أن يكون غير صحيح ويمكنك توضيح ذلك، تقول ان السُنة مستهدفون في لبنان ، والدليل إنه تم إغتيال عدد من الشخصيات والرموز السياسية السُنية، ومثلا تقول عن المقاصد، ان المقاصد كمؤسسة تتراجع في إمكانياتها، وعلى السعودية أن تدعم المقاصد؟
ج- هذا كلام من العام 2005.

س- صحيح، وأنت قلت ان كلامك واحد لا يتغير؟
ج- صحيح وتم دعم المقاصد، لأني أرى ان العلم هو الوسيلة الأنجع والأكثر إمكانية لخلق مجتمع معتدل، مسؤول عن عروبته ، وعن إسلامه وعن لبنانيته بكل المعاني، فلا توجد وسيلة لإيصال هذه الرسالة الى الناس إلا عبر العلم. لذلك دعيت كل الأثرياء اللبنانيين وسميتهم بالإسم للتبرع للمقاصد في ذلك الحين، لأني أتطلع الى هذا الموضوع من باب التعليم فقط. مثلا أنا لم أتحدث عن دار الفتوى التي كانت تعاني من مشاكل في مرحلة من المراحل بإمكانياتها، لأن هذا الأمر ليس موضوعي. فالموضوع بالنسبة لي كان التعليم.

والمؤسسة السياسية تعرّضت فعلا من أيام رياض الصلح حتى إغتيال رفيق الحريري، هذا شرح لواقع فعلي ، وهذا دليل على ان هناك تركيزا على مجموعة سياسية معينة طوال الخمسين سنة الماضية، كل من لمع فيها أما نُفي وأما إغتيل، وهذا أمر واقع.

س- هذا واقع كما تقول، فإذا الشيعي قال السيد موسى الصدر، السيد عباس الموسوي، العدوان الإسرائيلي ، وإذا الدرزي قال كمال جنبلاط ، والمسيحي يقول أنه أقلية ومستهدف؟
ج- أولا: العدوان الإسرائيلي ليس نصا شيعيا، بل نص لبناني، ثانيا: أين المشكلة في أن يقولوا ذلك، ولكن الى أين وصلت أنا؟ وصلت بالإستنتاج للدولة ، فهناك فرق في أن تكون، في صدد شرح واقع تعرّضت له مجموعة سياسية طوال 30 أو 40 سنة الماضية، وأن تأخذ الإستنتاج الى مكان منعزل، أو تأخذ الإستنتاج بأنه لا بديل عن الإلتزام بالدولة.

هناك أمر تقني أعرفه جيدا منذ كنت أعمل بالكتابات أيام رئاسة الحكومة، لكل طائفة لبنانية نص لا يمكن إلا أن تلاحظه باعتبار ان هناك تعابير مخصّصة تعوّدنا عليها. أنا أقول ان المهم هو الخلاصات ، هذه وقائع صحيحة والخلاصة هي الإلتزام بمزيد من الدولة، وليس ان نجلس جانبا ونعادي باقي الطوائف.

س- التدخل الخارجي وتحديدا المال المتدفق كما تقول “نيويورك تايمز” مئات ملايين الدولارات ، أي دور أميركي تراه، وهل هناك دورأميركي في الإنتخابات؟
ج- أنا أقول لو كان هناك تأثير أميركي جدي لكانت نجحت فيه الوزيرة رايس ، وليس الوزيرة كلينتون، بمعنى ان هذا كله كلام بروتوكولي لا يؤدي الى نتيجة لأحد، ولا يشد بعضد أحد ولا يؤثر على أحد، وهذا المشروع العظيم الأميركي الناجح في المنطقة منذ عام 2003 حتى اليوم، الذي إستفاد منه خيرا فليقل لنا أين هذا الخير حتى نرى كيف سنتشارك فيه؟.

اليوم ، الواضح اننا في فترة سماح للإدارة الأميركية الجديدة ، كل الناس مشاركة فيها باعتبار ان هذه فترة حوار، ويجب ان نحاول ونرى ونعمل. ولكن من يريد رؤية المشروع الأميركي الناجح فليذهب الى باكستان ليرى كم رئيس وقع بين أيديهم، وليذهب الى أفغانستان ليرى كرزاي ومدى قدرته على الصمود، وليذهب الى العراق ليرى أنه لولا نوري المالكي وحسن إدارته الداخلية لكان عندهم ألف إعتراض عليه، وبالتالي أنا لا أرى أي إعتراض عليه، وبالتالي أنا لا أرى أي مشروع أميركي نجح وحقق رصيدا لكي نذهب إليه ونأخذ منه.

س- كيف تفسّر ان البعض في 14 آذار يحرص على تظهير الدعم الأميركي، وكيف ترى حضور السفيرة الأميركية الإحتفال في البيال؟
ج- عال، حضرت سيسون وأهلا وسهلا، لكن فعليا وتنفيذيا ماذا غيّر هذا الحضور. ياسيدي كل دبلوماسي يحرص أن يظهر في هكذا أمور.

س- لكن كان حضورها رسالة؟
ج- رسالة لمن، وقل لي من هو الناخب الذي سيذهب ويصوّت كُرمى لسيسون أو كلينتون، هذه أوهام لا توصل الى نتيجة.

أنا أرى ان المكان الوحيد الذي تنفع فيه السياسة الأميركية هو الموضوع الفلسطيني ، فإذا كانوا يستطيعون مساعدتنا في هذا الموضوع يكون الأمر عظيما. لذلك دعنا لا نبالغ بالمظاهر، كلينتون أتت الى لبنان لدعم الشرعية اللبنانية الممثلة برئيس الجمهورية وإجتمعت معه ونزلت الى ضريح الرئيس الشهيد الحريري، وكتبت هذا الكلام باعتبار انه شخصية عامة، وهو رمز لمجموعة سياسية كبرى، ولمرحلة من تاريخ لبنان وإنتهى الأمر هنا.

برأيي، هذه الزيارة لا تضيف ولا تؤخر ، ليس لها أي قيمة لا بالإنتخابات ولا بالسياسة اللبنانية.

س- ماذا عن المال السياسي؟
ج- أنا قرأت مقال “نيويورك تايمز” والواضح ان من كتب هذا المقال لا يعرف البلد، وبالتالي أنا لا أرى ان هناك مالا إنتخابيا سعوديا موجودا في البازار الإنتخابي، ويُستعمل على هذا الأساس، وأنا لا أرى ذلك عند الحزب التقدمي الإشتراكي، ولا عند “تيار المستقبل” على الأقل، هذا ما أعرفه ، ربما موجود في مجالات أخرى أنا لا أعرف.

نعم السعودية قامت بمساعدات منذ أربع أو خمس سنوات حتى اليوم، لكل المؤسسات الإسلامية في مختلف المدن، وقامت بمساعدات أكبر لكل لبنان ولجنوب لبنان بعد حرب تموز، وهذا معروف، ولكن أنا كشخص وكمرشح أستطيع أن أؤكد بشكل جازم أني لا أرى مالا سعوديا في الموضوع الإنتخابي.

س- أليست السعودية معنية بفوز هذا الفريق القريب لها في لبنان، وأليست معنية بمتابعة معركته الإنتخابية؟
ج- سأجاوب بسؤال آخر، لماذا سحبت السعودية السفير السعودي قبل ثلاثة اشهر من الإنتخابات؟.

س- لماذا؟
ج- أولا، لأن الملك عبدالله يريد تقديره وترقيته الى رتبة وزير ، ولكن لماذا الآن، وليس بعد ثلاثة أشهر؟ أليس للتأكيد على ان السعودية تريد أن تقوم بدور متوازن في البلد؟ لماذا لم يقرأ أحد هذا الأمر؟ .

س- وهل كانت الزيارة الأخيرة للوزير خوجه شخصية؟
ج- لا أعرف وأنا لم أقابله، ولا سمعت منه ولا عن أحد قابله حتى. فقط أريد أن أعود الى قصة السعودية ، أنا أتمنى أن يتشاوروا معي وان يأخذوا برأيي ياليت.

س- سوف أعطيك مثلا ، عندما يتحدث دوري شمعون عن حملة غطاس خوري ويقول ان الرجل تكلّف مليوني دولار خدمات في الفترة الأخيرة من أجل أن يترشح، أيضا توفيق سلطان يقول ان النائب سعد الحريري صرف 60 مليون دولار خدمات في الشمال؟
ج- لكن هذا حصل قبل الإنتخابات بوقت طويل، هذا حصل منذ أكثر من سنة، عندما صرف 53 مليون دولار.

س- ألا تعتبر ان هذا المال يصرف في الإنتخابات؟
ج- أنا أقول، ان كل الناس معنية بالمساعدات التي توزّع على كل الناس، من أربع أو خمس سنوات حتى اليوم، ولكن هذه مسألة وما كتب في الـ”نيويورك تايمز” له طبيعة أخرى وكأن هناك صناديق أموال توزّع على الناس ، وهذا الأمر غير صحيح، أنا لم أره وإذا كان باستطاعة مراسل الـ”نيويورك تايمز” أن يجعلني أراه فأنا حاضر ، إلا إذا كان يقصد انه في العام 2007 النائب سعد الحريري بنى مدرسة في الكورة، هذا صحيح، ولكن لا يمكن إعتبار ذلك إنهمارا للمال السعودي في الإنتخابات.

أيضا لماذا لا نلاحظ ان السعودية إتخذت قرارا إستراتيجيا بالتوازن في لبنان وفي المنطقة وكان دورها، لولا فترة حرب 2006 ، وبعد ذلك كان دورها دائما داعما للسلم الأهلي يؤكد على التوازن وعلى التفاهم والحوار. وأصلا الوزير خوجه إختصاصي رقم واحد بالحوار.

س- هل تم تفاهم سعودي- سوري على موضوع ما بعد الإنتخابات؟
ج- ماذا تقصد بموضوع ما بعد الإنتخابات؟.

س- يُقال ان قاعدة الوفاق تم بتها بين السعودية وسوريا؟
ج- ماذا تعني بقاعدة الوفاق؟.

س- الوفاق المختلف عليه لبنانيا؟
ج- لم يتم الإتفاق ولا التفاهم على هذا الأمر.
أولا: هذه التجربة التي تمت لم تعط الإنطباع ولا مرة بأنه يجب أن تتكرر. ثانيا أنا كمواطن عندما تقول ديموقراطية توافقية ، فلماذا الإنتخابات؟.

س- هل الأكثرية في مجلس الوزراء لا معنى لها لأن التوافق فقط على القضايا المصيرية؟
ج- أولا، القضايا المصيرية كل الناس معنية بها.

س- هل كانت حكومة الرئيس السنيورة الأولى أفضل من هذه الحكومة؟
ج- ماذا فعلت ، قل لي ماذا فعلت؟ دعنا نرجع الى الوقائع فهذه الوزارة منذ تكليفها الى اليوم، الشيء الوحيد النافر الذي صدر عنها، من وجهة نظري، انه في فترة من الفترات بعد حرب تموز مباشرة ، هناك ثلاثة وزراء تحدثوا عن نزع السلاح ، هذا بالوقائع ، أما ماذا يقولون في غرف نومهم أنا لا أعرف ، إنما ما أقوله حصل بالوقائع. أنت تتحدث عن المقاومة فدعنا لا نلف حول الموضوع ولنذهب مباشرة الى المقاومة، أنا أقول لا يحمي المقاومة سوى السلم الأهلي، وأي كلام آخر لايحميها.

إذاً كل مسألة الأثلاث هذه، ليست السلم الأهلي، فالسلم الأهلي هو تقبّل الناس جديا لفكرة وجود المقاومة كأمر واقع إستفاد منه لبنان، ويمكن أن يستفيد منه في المستقبل، فكيف ممكن أن تشرح لهم هذا الموضوع، هل بالثلث المعطّل، أو بالثلث الضامن؟ غير صحيح.

هناك دولة زائد المقاومة يساوي وطن. دولة لوحدها مشكلة بدون مقاومة لأن ميزان القوى الآن في المنطقة يفرض وجود مقاومتين وليس مقاومة واحدة، والمقاومة لوحدها مشكلة لأن الناس لا تعيش بنظام المقاومة، بل تعيش في الدولة ، الإطار الجامع لكل اللبنانيين.

دعنا نرجع للأمور الطبيعية فنقول ان التمثيل السياسي يتم في مجلس النواب، والحكومة تنفّذ سياسة مجلس النواب، وليس ان الحكومة تنفّذ سياستها أو سياسة كل مجلس النواب. أنا كمواطن من سيراقب ويطالب بحقي إذا كانت كل القوى السياسية في الوزارة؟.

ياسيدي هذه المقاومة حررت الأراضي المحتلة في العام 2000، هذه المقاومة صمدت بوجه واحد من أهم وأقوى الجيوش في المنطقة لمدة 33 يوما، هذه وقائع لا يحق لي أن أستنسبها أو أقبل بها أو لا أقبل. إذاً الميزان يخلق المزيد من المجانين وليس المتطرفين ، بل المجانين في إسرائيل لدرجة ان الأميركيين لا يتحملونهم. فهل يجوز ان نأتي ونفاوض على نزع سلاح المقاومة؟ أي كلام هذا.

س- حديثك ورأيك بالمقاومة هذا، هل هو رأيك الشخصي أم رأي التيار التي تنتمي إليه؟
ج- أنا لم أناقش التيار، هذا رأيي أنا.

إذاً المهم أن نبتكر صيغة تستطيع الناس العيش من خلالها ، في إطار الدولة مع لإستفادة الوطنية الشاملة من المقاومة، هذا الأمر لا يتم بالثلث المعطّل، بل بمزيد من تمتين وتقوية عقل السلم الأهلي.

الثلث المعطّل لا يحقق أي شيء، ليطمئن ناس خائفين وعندهم إحتمالات خطر من الثلثين الآخرين ، لماذا لا نقرأ الموضوع بهذا الشكل؟ وبرأيي هو بهذا الشكل، ولكن برأيي انهم ليسوا بحاجة للإطمئنان؟

س- إذا ترى التجربة اللبنانية مطمئنة جدا؟
ج- هذا رأيي وأنتم رأيكم مخالف.

س- هل أنتم في الدائرة الثانية واثقون ان جمهورالطرفين سينتخب بعضه البعض؟
ج- يجب أن نسعى اذا قلت لي كل الأمور الخطأ، يعني نعترف بها ونتركها علينا أن نشتغل فيها، فكيف نشتغل اذا لم نشتغل بالسلم الأهلي؟.

س- إذاً لماذا تعقد إجتماعات لتأمين ضمانات؟
ج- ليس هناك من ضمانة للمقاومة إلا تاريخها ودورها والسلم الأهلي، لا الثلث ولا الثلثين ولا الثلاثة .

س- ربما هذه الإجتماعات ضمانة للسلم الأهلي؟
ج- أنا لا أوافق ، أنا كمواطن أعتبر الديموقراطية التوافقية تلغيني ، وتقول لي أنت لست مواطنا ، وإلا لماذا إجراء الإنتخابات؟.

س- كيف تنظر الى سؤ الإدارة الإنتخابية، في 14 آذار فما زالت هناك خلافات على المقاعد وضحايا من الشمال الى الجنوب؟
ج- أنا أسأل ألا يوجد في المعارضة أيضا مثل هذه الأمور؟.

س- ليس بنفس النسبة؟
ج- هل يُقاس الموضوع بالنسب أم بالمبدأ؟.

س- لكن النسبة مهمة؟
ج- إذا كنت تتحدث عن قوى مركزية دعنا نعترف ايضا ان “حزب الله” قوة مركزية قادرة سياسيا منضبطة أكثر من كل الأطراف الأخرى، ومع ذلك لاقى صعوبات كبرى حتى اليوم وغدا وبعد غد بتركيب المجموعة السياسية مع حلفائه للترشح للإنتخابات ، وأفضل مثل على ذلك هو الدائرة الثانية. أنا قلت لأحد أصدقائي لقد أعطى الحزب الدائرة الثانية للرئيس بري بديونها، يعني هي وديونها .

س- لكن الحزب أعطى نموذج إيجابي في هذا الأمر؟
ج- قلت هناك مشاكل أوصلت الى هذه النتائج ، ومازالت هناك مقاعد غير محسومة حتى اليوم.

في الإنتخابات إذا أردت أن تتحدث عن النسب يجب أيضا أن تتحدث عن طبيعة التنظيمات ، لا يمكن أن تحكي عن 14 آذار بجو مماثل للحزب ومن معه ، 14 آذار هيكل سياسي كبير فيه كل الأصناف والأجناس والإتجاهات متفقة على عناوين عريضة، عندما يصلون الى إستحقاق قبل الإنتخابات يجدون أمامهم مصاعب غير طبيعية . برأيي مبالغ بها في بعض الأحيان، هناك شبق عند جهات وطمع عند جهات ، ولكن هذا الأمر يأخذ في النهاية وضعه الطبيعي.

س- هذا الأمر هو عبارة عن أخطاء إدارة أو مناخ سياسي يوحي بأن 14 آذار تتصدع أو تنتهي؟
ج- بالسياسة الإنتخابية 8 و14 آذار واجهوا ويواجهون مشاكل لا تعبر بأي حال من الأحوال بأنهم متضامنين متكافلين.

ففي زغرتا كان هناك شبهة مشكل وفي بعبدا هناك شبهة مشكل، وفي الدائرة الثانية شبهة مشكل، وفي جزين شبهة مشكل، أنا لا أعتبر ان هذا الأمر إستثنائي ، نعم هناك نسبة أعلى من الثانية، ولكن هذا لا يعني ان هناك إنهيارا في مكان وسلامة في مكان آخر.

س- لماذا الترشّح؟
ج- لنبدأ بالدفاع عن الصيغة اللبنانية وفضائلها. أولها تداول السلطة. ليس لدينا قائد إلى الأبد. ثانيها الاقتصاد الحر. ثالثها ما تبقى من حرية الإعلام. هل هناك استديو مماثل للمنار في أي دولة عربية؟