مطران قطر وسائر دول الخليج ….

مقالات 21 أبريل 2008 0

لم أستغرب حدة نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة القطري عبدالله عطية دفاعا عن موقف حكومته. وهو يرد على سؤال عن اعتراض اسلاميين على افتتاح كنيسة هي الأولى في قطر.
تعرفت اليه مندفعا قبل 15 سنة في زياراته الى الرئيس رفيق الحريري وهو يفعل ذلك في كل أمر يتولاه او يحبه. كان أول العرب الكبار العائدين الى لبنان بعد اتفاق الطائف واكثرهم استعجالا في ترميم منزله في مدينة عاليه. وأصدقهم اندفاعاً في إقناع جيرانه واصدقائه ومعارفه وحتى من لا يعرفهم، في العودة الى لبنان وترميم منازلهم واعلان ارادة الحياة من هذا البلد المظلوم.
ليس لأنه أكثر العرب الذين عرفتهم استمرارا في محبة لبنان. بل لأنه يعرفه كما أهله وربما أكثر منهم. يعرف العادات اللبنانية وتقاليد المدن والقرى. يعرف اسماء العائلات وانتسابها الديني. يفصّل في انتسابات اللبنانيين السياسية او انقساماتهم على الأصح.
يروي تاريخ كل حزب ونشأته. تطوره. رجالاته. اندثاره. نجاحاته. ارتكاباته. ثم يخلص إلى الإعلان عن مزيد من المحبة للبنان واللبنانيين والإقلال من سيرة سلبياته. لذلك عرف الوزير القطري بدقة معنى بناء كنيسة في قطر، في الوقت الذي يهاجر فيه مسيحيو العراق سعياً نحو الأمن والكرامة وتستمر هجرة المسيحيين اللبنانيين مع شركائهم في الوطن سعياً نحو الرزق حيث توفر.
بدا في كلامه، ولو الحاد، انه أكثر اقبالاً على الصيغة اللبنانية المتنوعة المنفتحة المتصلة بثقافات وحضارات على عمقها والحريات على انسانيتها. بدا اكثر اقبالا من اللبنانيين الذين تشغلهم صراعاتهم الوحشية في السياسة عن معرفة عميقة لصيغة حياتهم العامة والخاصة.
كنت اعتقد ان هذه هوايته الوحيدة بالنظر الى قلة الهوايات عند المسؤولين العرب غير السلطة، الى ان جمعنا غداء في منزل الرئيس نجيب ميقاتي، حيث يتداخل الحديث بين ما هو عملي أي قطاع الاعمال ونتائجه، وبين ما هو نظري في السياسة العامة في لبنان والعالم. فاذا بالوزير عطية يخرج طبعته الأخرى. خبيرا دقيقا في قطاع النفط الذي يتولى وزارته. ومعنياً بأن يكون خير النفط والغاز القطري عميماً على القطريين.
تحدث عن المساهمات التي فتحت الدولة ابوابها للمواطنين في شركات الخدمات الضرورية لنقل الغاز، وشراء المواطنين لأسهم هذه الشركات في طور الانشاء ما جعلهم يحققون ارباحا لا يحلمون بها خلال مدة قصيرة. ليس هذا فقط بل ظهر ان للوزير عطية ذاكرة فيل رقمية تحفظ كل ما يعني الإنتاج والتوزيع والاسعار وتقلباتها، ما مضى منها وما هو مقبل. دون ان يلاحظ احد من الحاضرين انه يفكر لحظة للتدقيق في الرقم او المعلومة التي يتناولها. هذا لا يعني الاتفاق السياسي في ما بيننا. هو مقتنع بما تفعل حكومته، وأنا مصرّ على ان هذه السياسة لا تثمر إلا التطرّف بين معارضيها.
أخيرا قرر الوزير عطية الاستفادة من دمج مواطنيته القطرية بعاطفته اللبنانية. فصار يستذكر مع الصديق طوني نصر الله ايام الرخاء التي عاشها لبنان في عهد المتصرفية حين كانت السلطنة العثمانية تعيّن المتصرّف من مسيحيي السلطنة وليس من لبنان، رغبة من السلطان في ابعاد متصرّفه عن الحساسيات اللبنانية وتحقيقا للعدل بين رعاياه اللبنانيين.
اعتبر الوزير عطية ان افتتاحه للكنيسة الأولى في قطر وصداقاته في السلطنة الجديدة التي لا يعرفها الا هو، يؤهلانه لدور المتصرف في بلد يعرفه أكثر من بعض أهله ويحبه بالتأكيد مثل غلاتهم في المحبة.
يستحق الوزير عطية ان يرغب بذلك، انما عليه اولا ان يعلن نفسه مطرانا لقطر وسائر دول الخليج. فيأخذ من اللقب محطة للّقب المتصرّف المقبل ويعطي المسيحية العربية تشجيعاً دائماً على البقاء في أرضها.
نهاد …..