“ما وراء الخبر” – الخارج يؤزّم الداخل

مقابلات تلفزيونية 20 يناير 2008 0

مع نهاد المشنوق، وقاسم قصير

س- هل يمكن القول الآن ان الإشكالية الكبرى في هذه الازمة، هو حول توزيع المقاعد الحكومية ؟
ج- أنا لا أوافق على ان الشق الداخلي هو الاساسي في العرقلة، أنا أعتقد ان العرقلة الاستراتيجية تأتي من الخارج . فلو عدنا الى الخلف قليلا نرى ان نائب الرئيس السوري كان واضحاً بكلامه عندما قال ما المشكلة إذا لم تحصل إنتخابات رئاسة الجمهورية في وقتها؟ ، ثم يقول وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان هناك إستئثارا داخل السلطة في لبنان لا نقبل به، وان هناك خطراً على صيغة العيش المشترك لابد من العمل على إزالته في الوقت الذي لم تُطرح صيغة العيش المشترك نهائياً.

أما في ماخص ما قاله الأستاذ قاسم عن تقارب سوري- سعودي، فأنا أتحفظ على هذا الكلام، وأعتقد ان ماحدث في القاهرة هو مصارحة سعودية وعربية أيضاً للجانب السوري، أكثر مما هو تقارب أو نوع من أنواع المصالحة .

الأستاذ قاسم قصير يسأل : ما الفرق بين التقارب والمصارحة ؟
المشنوق- هناك فرق بين أن تجلس وتقول كل ماعندك، سواء أكان حاداً ليناً أو واضحاً للطرف الآخر، وبين أن تدخل على مصالحة تقرر فيها العمل للمستقبل .

ماتم الإتفاق عليه في القاهرة بمجرد إعادة قراءته من جديد، يوحي بأنه لايمكن ان يوصل الى نتيجة في لبنان، ما لم يقرر الطرف السوري التدخل بشكل مباشر وفعّال، لتغيير المواقف اللبنانية التي تعلن انها حليفة معه .

لا أحد يستطيع أن يقول بأن الطرف السوري ليس فعالاً مع حلفائه في لبنان، هو خط الإمداد العسكري والمالي، وبعض الاحيان المعنوي لكبرى هذه الاطراف، فإذا لم يكن هناك كما يُقال بعلم السياسة “عصا او جزرة” للنظام السوري، فما هو السبب في تغيير موقفه؟ أنا لا أرى ان هناك “لا عصا ولا جزرة” أمامه على الطاولة .

س- عمرو موسى نفى أن تكون سوريا عقبة في طريق تسوية الأزمة اللبنانية؟
ج – مهمة الوسيط دائماً ان يحسّن سمعة الأطراف، لا أن يقول الحقائق، وأمين عام الجامعة هو أمين عام كل الدول العربية، وسوريا عضو فعّال وجدي في الجامعة العربية، وبالتالي هو لايستطيع ان يقول هذا الكلام، ولكن عندما يقوم وزراء الخارجية العرب بتحديد جلسة في تاريخ 27 الشهر الجاري، فهي جلسة العودة لمصارحة من نوع آخر، بمعنى تحديد المسؤوليات، أنت تستطيع أن تقول بأن هذا الطرف اللبناني قبِل بكذا ، وان الطرف الآخر لم يقبل بكذا، وان الخلاف على عدد المقاعد الحكومية أو على البيان الوزاري.

وإذا عُدنا لأيام قليلة الى الوراء، ادلى زعيم “حزب الله” السيد حسن نصرالله بحديث مطوّل على التلفزيون، طالب فيه بتعديل شفهي لاتفاق الطائف، بمعنى ان يبقى الثلث الضامن كما يسميه في الحكومة طوال الفترة التي تسبق الإنتخابات النيابية، وهذ كلام لم يعد يتعلق بسلاح المقاومة كما كان في السابق، الثلث الضامن الآن يتعلق بمدى تعطيل قدرة الحكم في الداخل .

ثم دعا السيد نصرالله الى ان يكون هناك ممثلين في الحكومة عن السُنة والدروز من المعارضة ، وكأن هناك إنتخابات نيابية قررت المعارضة ان تُنجّح فيها ناس ومن ثم تُسميهم في الحكومة ولو كان من حصة “حزب الله”، وبطبيعة الحال الوزراء سيكونوا من المرشحين الساقطين في الإنتخابات .

س- ما تعليقك على ما تفضّل به الأستاذ قاسم حول مواقف القوى السياسية اللبنانية ومحدودية تأثير سوريا كعنصر خارجي عليها ؟
ج- عزيزي قاسم ، أنا لم أقل ان سوريا تفرض أو ان سوريا تأمر، ولم أقل ان سماحة السيد طالب بتعديل الطائف، قلت انه إقترح نصاً شفهياً يستمر في تشكيل الحكومات حتى إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة . وقلت انه طالب بوزراء سُنة ودروز من المعارضة، هذا كلام منصوص في كلامه لم أفتعله.

ثانيا: أنا أقول بان سوريا دُعيت الى القاهرة باعتبارها طرف مؤثر في الأزمة اللبنانية، ولكن هذا لا يعني بأن قوى 14 آذار على حق بأن لا تحاور العماد ميشال عون، وأنا أعتقد ان هذا خطأ سياسي، هم لا يستطيعون أن يقرروا من يحاورون في المعارضة أو من لا يحاورون هذه مسألة أخرى .

أنا أقول بان الحصة الداخلية في الازمة، أقل بكثير من الحصة الخارجية، لايمكن ان نضع على الطاولة كما فعل النائب سعد الحريري بفترة من الفترات العماد ميشال سليمان الذي سُمي من قبل السوريين في وقت من الاوقات قائداً للجيش، واعتبره مرشح الأكثرية متجاوزا بذلك محظورين :

المحظور الاول: ان الكلام عنه وان كان هذا غير دقيق وأداؤه مختلف بأنه سوري الهوا .

المحظور الثاني هو تعديل الدستور للمجيء به رئيساً للجمهورية، رغم كل العذابات الكبرى التي مررنا بها نتيجة التعديل الدستوري الأخير والتمديد واغتيال الرئيس الحريري. عندما تأتي وتضع هذا الإسم على الطاولة، وقوى المعارضة تتعاطى معه بأنه مرشح عادي وتحيطه بحزام من الضمانات المطلوبة سواءً باسماء الوزراء الذين سيسميهم، أو بالثلث الضامن إذا كان مازال ساري المفعول أو بتسمية قائد الجيش الجديد أو رؤساء الأجهزة الأمنية، فلا يمكن أن تكون في موقع المحاور الذي يريد الوصول الى نتيجة، إنما تكون كمن يضع العربة قبل الحصان وبالتالي هذه ليست ضمانات .

إذاً كان العماد سليمان بالنسبة للمعارضة، هو مرشح مثله مثل أي مرشح آخر، أو مرشح من 14 آذار، وبالتالي المطلوب منه أن يقدّم كل الضمانات قبل الوصول الى رئاسة الجمهورية، وهذا ممكن أن يحصل طبعاً ، ولكن لا تكون قد وضعت نفسك على طاولة للوصول الى نتيجة إيجابية .

س- هل العمل في المرحلة القادمة على المواقف العربية الرئيسية، أم على مواقف القوى الداخلية ؟
ج- طبعا سيستمر على الجهتين .
أما في ما تفضل به الأخ قاسم عن القمة العربية، وعن مستوى الحضور، أنا معلوماتي ان السوريين لا يمانعون في نقل القمة العربية من دمشق وعقدها في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، إذا كان انعقاد القمة سيكون للوي ذراعهم سياسياً.

وبالنسبة للمسعى القطري الذي تقدّم به رئيس الوزراء القطري، أنا أقول ان رئيس الوزراء القطري قام بجهد مشكور في الإجتماع الأخير الذي حصل في القاهرة، ولكن بذات الوقت كان واضحاً من بعض الذين التقوه وناقشوه إنه لايحمل ضمانات، بل يحمل صياغات أكثر مما يحمل ضمانات. ولذلك مجيئه الى لبنان يقع في إطار تأكيد هذه الصياغات ومحاولة الحصول على ضمانات في زيارة يقوم بها لاحقاً الى دمشق .

الأمين العام للجامعة العربية سيعود وسيناقش الجميع، ولكن أعتقد انه ليس هناك أي تغيير في أي موقف استراتيجي للقوى الرئيسية ، سواء في لبنان او الخارج .

ومع إحترامي للكلام الذي قاله السيد علي لاريجاني، وهو سياسي ومفاوض عريق، ولكن أعتقد ان الإنفراج العربي – الإيراني لن ينعكس على لبنان إلا بمعنى ضبط الفتنة المذهبية، لأن القرار في لبنان هو قرار سوري، والرأي إيراني وليس العكس.