ماذا لو؟ (1) “تقنية” الفتنة أشد من القتل..

الأخبار 30 أغسطس 2005 0

كيف تصبح “التقنية” فتنة مذهبية؟ كيف تتحول الجغرافيا الى اتهام مسبق؟
وحده وليد جنبلاط يستطيع رمي ذلك على المؤتمر العام للحزب التقدمي الاشتراكي.
تتغير طبقات صوته حين يصل الى مقطع التحذير من الفتنة. هو لا يريدها، لا يتحمل نتائجها، ليست خياره بل مخاوفه.
تهتز أعمدة البلد. وليد جنبلاط الاكثر قدرة على الاستكشاف المبكر. تصدق نبوءاته دائما. راداراته تعمل بسرعة تفوق سرعة الصوت. يُدخل الى جدول أعمال الشائعات السياسية عنصراً جديداً ملتهباً.
من أين أتى البك بهذا العنصر الملتهب للجدل الامني؟
سفير دولة غربية كبرى زار البك في المختارة، ناقشه في التطورات، سمع منه وجهة نظره، رد على الكلام بسؤال: ماذا لو تبين في التحقيق الدولي أن السيارة التي انفجرت وأودت بحياة الرئيس رفيق الحريري والدكتور باسل فليحان ورفاقهما.
ماذا لو تبين أنها فُخخت في الضاحية الجنوبية من بيروت؟
يضيف السفير انه لا يمكن تحييد “حزب الله” عن المسؤولية مباشرة. الحزب يمتلك جهازاً أمنياً متماسكا، مدرباً، محترفاً.
المنطقة مزروعة قيادات سياسية وأمنية من الحزب. بالتالي “ماذا لو” ليست افتراضاً في التحقيق بل هو تلميح جدي من سفير دولة كبرى، انتشر في الاعلام. شائعات، تعبئة، استنفار، معلومة ثابتة تبث في عقول “الثأريين”.
لم يتحمل وليد بك أن يكتم السر. الاقامة في المختارة لا تساعد على التدقيق.
رئيس الوزراء فؤاد السنيورة استقبل رئيس لجنة التحقيق الدولية لمدة ساعتين.
رد بعدها على سؤال لمقرّب منه: لا أتحمل مسؤوليتك اذا ما أخبرتك شيئاً مما سمعته. ينسحب السائل من سؤاله. إذاً لا مجال للاستفسار من رئيس الحكومة لا للمقرّب ولا لمسؤول.
كيف تأخذ الدولة أو القوى السياسية المعنية بالاتهام احتياطها؟ هذه مسألة استراتيجية لا تحتمل الاجتهاد.
تهدأ الأمور قليلا، يعالجها الرئيس السنيورة بعصبية. “لن تخرب البلد بسبب نتيجة التحقيق”.
المعرفة لرب العالمين. ماذا عن الادارة السياسية للمرحلة المقبلة؟
الجواب في المختارة هو تساؤلات ومخاوف. لا تنتقص أبداً من قدرة سيد المختارة على أن يكون الوحيد القادر على ضبط إيقاع التطورات.
هو حليف “حزب الله” من جهة، مؤثر وفعال في الجمهور الاسلامي السني من جهة اخرى.
حيثيته السياسية تلتقط الثمرات التي تقع من الطوائف الأخرى أو بينها.
الآن ليس موسم الثمرات بل الصدارة للاشتباكات السياسية صامتة كانت أم صارخة.
لا شك بأن التصرف السياسي للقيادات الشيعية قائم على قاعدتين من التوتر.
الاولى تتعلق بقرار مجلس الأمن الدولي 1559 ومتفرعاته. ينص على جمع سلاح الميليشيات: “حزب الله”، المخيمات الفلسطينية.
القاعدة الثانية ترتبط بالأولى وهي أن خروج الجيش السوري من لبنان بموجب القرار نفسه يحسم من الرصيد السياسي الشيعي في القرار اللبناني.
تعودت القيادات السياسية الشيعية على أن حصتها تأتيها عن طريق دمشق.
كذلك باقي الطوائف، التي شاركت في 14 آذار، اعتبرت نفسها متحررة من “الاستيراد” لحصتها، خاصة أن دمشق كانت تحسم لحسابها من حصة الآخرين.
تضمن الأفضلية في المرور والركن بجانب الوزارات التي تختار أو المناصب العامة في الادارة والامن التي تهمها.
لم يتعودوا بعد على قدرة داخلية طبيعية تأتيهم استحقاقاً. ليس استقواء بالادارة الامنية السورية.
هاتان القاعدتان نجحتا في استنفار شيعي لا مثيل له من قبل. لا مبرر له ايضاً.
الناظر الى تظاهرة “حزب الله” في ساحة رياض الصلح يوم الثامن من آذار يجد في الصورة رجالاً ونساء لا علاقة لهم تنظيمية أو حتى ايديولوجية ب”حزب الله”. هم ينتصرون لشيعية الحزب ليس لمضمونه أو عقيدته.
البورجوازية الشيعية التي سكنت المدينة منذ عشرات السنوات موجودة بين لابسات التشادور ومربي الذقون الخفيفة.
من لم يشارك تفرّج على التلفزيون مؤيداً ومناصراً لما لم يوافق عليه من قبل.
تكريم السياسة السورية في لبنان.
جاء السحر الخطابي للسيد حسن نصر الله جامعاً للمنطق اللبناني، مستوعباً لوحدة الموقف ضرورة وخياراً، كاشفاً عن سر السنة الاخيرة من حياة الرئيس الحريري.
اجتماعات أسبوعية. تنسيق سياسي. تفاهم مستقبلي. الرئيس الحريري يقول له إذا وصلت التطورات الى حتمية المواجهة معكم، أستقيل وأترك البلد. أنا لن ألغي تاريخي وأعرض بلدي للدمار من أجل رغبة دولية. لن أسمح بجزائر ثانية في لبنان.
هذا خيار زعيم المسلمين السنة الاوحد، وخيار نجله من بعده. الملف الوحيد الذي يصر سعد الحريري على الامساك به منفرداً هو التنسيق مع حزب الله. يطلب منهم تحقيقاً موازياً في استشهاد والده ثقة بكفاءتهم وأمانةً لتقديرهم الامني والسياسي.
يستمر الاستنفار على مراحل ثلاث. الاولى في انتخاب الاستاذ نبيه بري رئيساً لمجلس النواب. هو مستحق لبنانياً وشيعياً بعد الانتخابات النيابية.
الثانية تشكيل الحكومة. وزير الخارجية شيعي وإلاّ. يقول السيد نصر الله في مجالس البحث الوزاري اذا كان الصراع مع اسرائيل هو العنوان. ميشال اده الاكثر استحقاقاً لهذا المنصب. أما وقد وصلت الممانعة الى هذا الحد فلن نقبل بغير السفير فوزي صلوخ وزيراً للخارجية. “حزب الله” للمقاومة، للتصويت، أما القرار السياسي الخارجي فللمسيحيين، فؤاد بطرس ومعه طارق متري. ثم فؤاد السنيورة أنا وإلا. أعيّن شيعياً من مجموعتي. أشكل وزارة من خارج المجلس. أو أستقيل. صبرت قيادة “حزب الله” وأرسلت خمسة أسماء، السفير جهاد مرتضى، السفير حسين الموسوي، القاضي سامي منصور، طلال سلمان ناشر “السفير”، أسعد دياب وزير سابق.
عاد الجواب بالرفض. جاء السفير السابق صلوخ وزيراً للخارجية. المرحلة الثالثة الادارات الامنية.
منصب المدير العام للامن العام شاغر حتى “إشعار” شيعي آخر.
الحبل على الجرار استنفاراً. أي أكثرية تتحدثون عنها؟ لنعد الحساب. نواب بعبدا عاليه نجحوا بأصوات الإقبال الشيعي على التصويت بإدارة السيد حسن نصر الله شخصياً.
نواب البقاع الغربي كذلك الامر ولو كان بينهم واحد لحركة “أمل”. لا أكثرية ولا أقلية ولا ثلثاً معطلاً ولا من يحسبون. الائتلاف في الادارة السياسية للمرحلة هو المسلك الطبيعي للجميع دون استثناء. النجاح هو في حسن الادارة السياسية.
اذا كان التحالف مع وليد جنبلاط بخير، العلاقة وثيقة وصادقة مع سعد الحريري وكتلته النيابية، فمع من الاشتباك؟
أخذ “حزب الله” مشروعيته العربية منذ أن بدأ القتال ضد الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان وجزء من بقاعه الغربي.
حصل على الجائزة الكبرى يوم تحررت الاراضي اللبنانية المحتلة في العام 2000 . للمرة الاولى في التاريخ العربي تستطيع مقاومة مسلحة أن تحرر أرضها بالكامل.
بالكامل؟
من قال هذا ؟ لا تزال مزارع شبعا محتلة. لا تخلّ عن السلاح قبل تحريرها. المزارع أرض سورية رسمياً ولبنانية فعلياً. وافق اللبنانيون على هذا المنطق الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
ماذا بعد؟
توسعت الخريطة حتى وصلت الى شعار المرحوم الرئيس بشير الجميل. 10452 كيلومتراً مربعاً. درس السيد حسن نصر الله الأمر مع الدوائر الجغرافية والهندسية في الحزب فتبين أن المساحة المحددة تتضمن القرى السبع. ننتقل من المساحة الى السياسة. سلاح حزب الله يحمي لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية المحتملة والمتكررة.
اذاً لا سحب للسلاح إلا بعد تسوية ما تبقى من النزاع العربي الاسرائيلي أي سوريا ولبنان.
جمهور المعترفين بفرادة تجربة “حزب الله” في تحرير الارض المحتلة لا يستطيع القبول بهذا المنطق، ولا يريد مواجهته على هذه القاعدة.
صحيح أن الحزب ليس جزءاً مشتبكاً مع الحالة المدنية كما هي حركة أمل.
لكن السلاح عنوان لحالة نزاع طويلة الامد.
ماذا نفعل؟
المتابعون لحركة السيد نصر الله ومعرفتهم بعمق مسؤوليته اللبنانية اولاً، يقولون ان هذا السؤال يأكل في طبقه اليومي. كذلك رفاقه في قيادة الحزب، لا يريدون التوجس شراً من اشتباك لبناني لبناني. لا يجدون الصيغة التي تحقق لهم الجمهور اللبناني الاوسع لمفهومهم، لحركتهم، للحماية السياسية من النظام العام لشكلهم العسكري.
العودة الى “الدائرة الاضيق” أي جمهور الطائفة ليس هدفهم ولا مبتغاهم. حركة الحزب منذ عشرين عاماً تتمتع بتغطية كاملة وتضامن تام من الدولة بكل أجهزتها السياسية والعسكرية.
صحيح أن الرئيس نبيه بري من اللاعبين الاساسيين في السياسة اللبنانية، احترافه لا يقل عن حجمه، إدارته لمجلس النواب لا تقل عن احترافه السياسي. لكن من قبل ومن بعد جمهوره من طائفة الدائرة الاضيق ايضاً.
السيد نصر الله قدّم ولده هادي الى المقاومة ضد اسرائيل شهيداً. من يعطِ الاعظم لا يبخل بالاقل. لحماية مفهوم المقاومة موقف لبناني منتشر عربياً ولا يقف عند حدود الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، أو في أي موقع جغرافي آخر لوجود الحزب العسكري والأمني.
من معه يعطي. ماذا يفعل من لا يملك؟
التضامن والدعاء والتوافق.
للمرة الاولى ربما يحتاج مفهوم المقاومة الى هذه العناوين البسيطة. هي متوفرة عند الكثير من الآخرين. ما على السيد نصر الله إلا أن يتصدى لبلورة مفهوم جديد. اولا داخل قيادة الحزب قبل الانطلاق نحو الآخرين.
للبنانيين على المقاومة حق طلب ابتكار سياسي يعيد جمهورها الاوسع إليها. انتظام الدولة في احتضانها.
يستطيع لبنان أن يلاعب المشروعية الدولية. إلا أن اللبنانيين سينقسمون بشكل أكثر حدة تجاه مواجهة واضحة وعلنية مع المشروعية الدولية الممثلة بقرارات مجلس الأمن الدولي 1559 1595 1614. الخط الرابع وهو الاخطر: تنتشر بسرعة ودون تردد مقولة تشكيك جدية بنتائج لجنة التحقيق الدولية المكلفة من مجلس الأمن الدولي بالتحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
اللجنة مسيّسة. تقريرها مسيّس. قراراتها “السياسية” مقررة سلفاً. لن نقبل باتهامات أجهزة المخابرات الاجنبية. هذه الحملة ستشتد يوماً بعد يوم في انتظار انتهاء لجنة التحقيق من عملها. ليس في دمشق كما يعتقد البعض بل في بيروت اولاً.
هذا ليس اقتراحاً، بل هو توقع مستعاد من التجربة السياسية والعسكرية الناجحة التي خاضها حزب الله على مدى 20 سنة.
للسنّة استنفار من نوع آخر. يريدون أسطورة شهيدهم الرئيس رفيق الحريري أن تبقى.
إدارة، اتصالات، علاقات عربية، علاقات دولية، قدرة على الاستيعاب، شموليتها، توحيديتها، عروبتها. يقفون في مساحة متماهية بين البحث عن الاسطورة وبين التعبئة على قاعدة الثأر لشهيدهم، في الاطراف أكثر مما في المدن.
السيدة بهية الحريري تطفئ النار الخفيفة حولها في صيدا بكفاءة وبانفتاح على الآخر أي أسامة سعد. قطعت شوطاً بعيداً في احتواء أزمة المدينة ومحيطها.
الثأر لعبة خطيرة تعرف أين تبدأها لكنك لا تضمن أن تنهيها. ماذا لو تبين أن كل ما أشيع حول نتائج التحقيق غير صحيح. ماذا نفعل بتعبئة الثأر، تذهب بها الى الداخل، تترجمها سياسة يومية، أم تبدأ من الآن باحتساب سلوك “خط الرجعة” كما يقال بالعامية.
الادارة اللبنانية الحكومية برئاسة فؤاد السنيورة ليست مسؤولة عن سحب سلاح “حزب الله”.
أوساط سياسية قريبة من الكونغرس الاميركي نقلت عن وزيرة خارجية الولايات المتحدة أنها أبلغت الرئيس السنيورة أن سلاح “حزب الله” مسألة تعالج ضمن تسوية إقليمية مع سوريا وايران. يفترض بهذا الكلام اذا ثبتت صحته أنه يزيح عن كاهل المكلف السني السياسي هماً كبيراً ومسؤولية أكبر.
اذاً النجاح هو في ضمانة سلامة البلد أمنياً وسياسياً، وليس في تعبئة مسبقة لنتائج تحقيق لم تظهر بعد.
من يتصدى لهذة المفاهيم؟
أين ذهبت نخبة التفكير والحوار والاجتماع عند أهل سنّة الاعتدال؟ هذه ليست مسؤولية القيادة السياسية فقط حتى لو كان عليها إجماع ووحدة في التأييد. هل ان النخبة تريد لداعٍ سلفي من آل المرعبي في الشمال أن يحاضر في اللبنانيين عن دور طرابلس في حماية الامن السوري، دور المخابرات السورية في انتشار وصحوة الفكر والعقيدة الاسلامية في الشمال. ينهي اقتراحاته بسحب سلاح “حزب الله” على قاعدة ان هذا السلاح خطر على أهل السنّة والجماعة في لبنان حركات وتنظيمات والعوام.
ثم يأتي ابو ابراهيم إمام مسجد طينال في طرابلس ايضاً ليعدنا بظهور خليفة للمسلمين ينهي تواضعهم وتخليهم عن الرئاسة للموارنة ورئاسة المجلس للشيعة.
يدخل الى دائرة نفوس طرابلس لينسب أصول تسعين بالمئة من أهلها الى سوريا.
حرية الرأي تفسح في المجال أمام ما قاله الداعي السلفي المرعبي والشيخ ابو ابراهيم. حرية الرأي نفسها تفسح في المجال لغيرهما من النخب أن يدلوا بدلوهم في تصور ماذا يريدونه من الدولة، كيف ينظرون الى دور زعامتهم السياسية.
لا يقنعني أحد بأن المنابر أقفلت على غير رجال الدين. لا يخبرني أحد أن عجزاً فكرياً وقع فجاة على رؤوس الجميع لقول كلام مواجه للفتنة.
مسؤول أمني كبير لبناني أبلغ مرجعية سياسية أن هناك العشرات من الفلسطينيين والاردنيين يدخلون الى لبنان شهرياً بداعي السياحة، فإذا بهم يختفون عن النظر في المخيمات أو في مقرات الحركات الاسلامية.
ما هو التصور الذي وضعته الاجهزة الامنية برئاسة وزير الداخلية لمواجهة هذا الوضع؟ هل يعقل أن يدخل كل هؤلاء الناس تحت شعار انهم لا يحتاجون الى تأشيرة دخول مسبقة كما كانت أيام حكومات الرئيس الحريري حتى العام 98. السؤال لوزير الداخلية؟
هناك خطوط ثلاثة متوازية تعمل على الفتنة. الخط الاول يقول بكسر حرمة استشهاد الرئيس الحريري عن طريق المراجعة “البريئة” لسياسة وأرقام المرحلة التي تسلم فيها الحريري رئاسة الحكومة.
الخط الثاني يقوم على “تجريد” سعد الحريري مبكراً جداً من “شكل” كفاءته على إدارة الوضع السياسي لمجموعتة ولتحالفاته.
الخط الثالث يرتكز على استيراد ما تحتاجه التطورات من أصوليين وسلفيين وصالحين. كأننا نشكو من نقص فيهم! وتوزيعهم حيث يجب أن يكونوا.
ما العمل؟
سياسياً، اقتناع سعد الحريري، وليد جنبلاط، “حزب الله”، بأن الانتخابات النيابية انتهت، شعاراتها سقطت، لغتها اندحرت، رؤياها السياسية انتحرت. من فاز فهو في المجلس النيابي. من سقط قابع في منزله. لا يحتاج الامر مخاطبة الناخبين منذ الآن. بناء لغة سياسية مشتركة جديدة واضحة ومحددة وقادرة هو الاساس. باقي البناء يصبح سهلا.
لم أسمّ الرئيس بري لان الثلاثة يعودون اليه بعد اجتماعهم سواء تفاهموا أم لم يتفاهموا.
دينياً، روى لي الرئيس الشهيد تقي الدين الصلح أن بيروتياً من أهل السنّة ترك أهله لخلاف على التجارة. قرر أن ينتقم منهم بتغيير مذهبه الى المذهب الجعفري. ذهب الى العلامة الكبير في حينه السيد محسن الامين المقيم في دمشق. دخل عليه قائلاً أريد أن أصبح شيعياً على يدكم يا مولانا. نظر اليه العلامة متأملاً وسائلا: لماذا يا بني؟ قال البيروتي لاقتناعي بذلك. لم يقتنع العلامة قال له: فكر ملياً وتعال غداً.
جاء البيروتي في اليوم التالي أكثر إصراراً. توكل العلامة الامين على الله وقال له نتيجة إلحاحه وضرورة عودته الى بيروت: ردد ورائي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
ردد البيروتي الشهادتين وبقي منتظراً أن يكمل. نظر اليه العلامة الامين وقال له اذهب يا بني لقد أصبحت مسلماً على المذهب الجعفري. الرواية لمن لا يفرّق بين السياسة والدين.