بعد أكثر من 18 عاماً على بدء العمل بجوازات السّفر «البيومتريّة» عالمياً، والتي كانت ماليزيا السباقة في إطلاقها في آذار 1998، لن يمر شهر تموز الحالي، الا ويكون لبنان واللبنانيون على موعد مع «الباسبورات» الالكترونيّة وبمواصفات أمنيّة عالية جدا.
ووفق المعلومات التي توافرت لـ «السفير»، فان جواز السفر «البيومتري» سيكون بيد مقدّمي الطلبات قبل نهاية هذا الشهر، وذلك بعد أن أجرت المديرية العامة للأمن العام اختبارات بينها الحصول على نسخ تجريبيّة، منذ مطلع تموز الحالي، ترافقت مع الانتهاء من الخطوات التنفيذيّة بالنسبة لاستصدار الجوازات «البيومتريّة» التي سيتمّ تصنيعها وتجميعها في مصانع ومطابع خارجيّة متخصّصة في مجال الأوراق والمستندات الأمنيّة، وعلم أنه تمّ استلام الدّفعة الأولى التي شملت مليون جواز سفر «بيومتري».
هذا الانجاز النوعي للأمن العام يحمل بصمات وزير الدّاخلية نهاد المشنوق الذي لم يكن وعده كمن سبقه الى الوزارة، بل كان شريكا في القرار والاسراع في انجاز دفتر الشروط بسرعة قياسية وصولا الى «خطف» حصة الأمن العام من هبة المليار دولار السعودية التي قرر السعوديون استردادها، بعدما كان الأمن العام قد «فاز» بحصته منها، لمصلحة جواز السفر «البيومتري».
ومن المؤكد أن عمليّة إنجاز هذه الجوازات وطباعتها ستتخذ طابعا مركزيّا وتحديداً في مركز إصدار الوثائق «البيومتريّة» الذي تمّ استحداثه لهذه الغاية في المديرية العامة للأمن العام في بيروت وهو مركز «يتمتّع بمواصفات أمنيّة عالية، على أن يتمّ تسليم الجوازات في مكان تقديم الطلب» حسب المعنيين في الأمن العام.
أمّا الإنجاز الثاني فهو مباشرة الأمن العام بإصدار وثائق سفر «بيومتريّة» للاجئين الفلسطينيين وجوازات مرور «بيومتريّة» أيضاً لفئة قيد الدّرس ومكتومي القيد، ناهيك عن جوازات «بيومترية» خاصة (للديبلوماسيين وغيرهم).
وإذا كان لبنان بخطوته هذه يتماشى مع توصيات المنظمة العالمية للطيران المدني لضمان الاعتراف الدولي بجوازات سفره، إلا أنّ الأمن العام يحاول في الوقت نفسه ألّا يكبّد اللبنانيين رسوماً وأعباء إضافيّة، ما يعني بقاء جوازات السفر الحاليّة (غير «البيومتريّة») صالحة للاستعمال إلى حين انتهاء صلاحيّتها وحتى بعد إطلاق مشروع الجوازات الجديدة.
لكنّ، ووفقا للضباط المعنيين، يمكن لأي مواطن أن يختار إذا كان يريد إبدال جواز سفره من الأنموذج الحالي بجواز «بيومتري» بعد أن يدفع رسم الاستحصال على الجواز الجديد.
وسيبقى العمل بالرسوم نفسها التي كان معمولاً بها لاستصدار الجواز القديم (60 ألف ليرة لمدّة سنة و300 ألف لمدّة خمس سنوات)، على أن تكون مهلة إنجازه مماثلة لمهلة إنجاز الجوازات القديمة (3 إلى 4 أيّام)، مع إمكان الاستحصال على واحدٍ فوريّ بواسطة دائرة العلاقات العامّة حيث يستوفى عنه بدل رسم إضافي (حوالي 100 ألف ليرة لبنانية).
وكما الأمر بالنسبة للمهل والرسوم، فإنّ الوثائق المطلوبة لن تتغيّر عن تلك التي كانت معتمدة سابقاً (طلب جواز سفر، هويّة أو إخراج قيد فرديّ، صوة شمسيّة ملونّة غير مسحوبة عن صورة سابقة، وجواز سفر قديم في حال الإبدال)، مع فارق وحيد هو إلزاميّة التقاط صورة الوجه لصاحب الجواز وبصمات أصابع اليد العشرة الكترونياً مباشرةً في مراكز الأمن العام الإقليميّة. أما عمليّة سحب جوازات السّفر الحاليّة، فستتم تدريجياً ووفق خطّة زمنيّة تحدد لاحقاً، لا سيّما في ما خصّ اللبنانيين المقيمين في الخارج والذين سيستمرّ منحهم جوازات سفر من الأنموذج الحالي (القديم) إلى حين الانتهاء من تأمين التجهيزات والبرامج اللازمة للسفارات والبعثات اللبنانيّة في الخارج.
وهذا ما يشير إلى سبب الإبقاء على صلاحيّة تأشيرات الدّخول إلى الدول (حتى تنتهي صلاحيّتها) بغض النّظر عن جواز السّفر الذي تمّ منح التأشيرة على أساسه، مّا يعني عدم تأثير إصدار الجوازات الجديدة بأي شكل من الأشكال على التأشيرات الممنوحة للبنانيّين المقيمين أو المغتربين الذين ستبقى أيضاً جوازاتهم صالحة دون الحاجة لإبدالها.
ويسمح الحصول على الجوازات «البيومترية» للبنانيين بالاستفادة من مميّزات تقنيّة متطوّرة ومجرّبة ومعتمدة من قبل معظم الدّول، ومن تسهيلات للاستحصال على تأشيرات دخول في الدول التي تعتمد جواز السفر نفسه، كما ان الأشخاص حاملي جوازات السّفر «البيومتريّة» يحظون بتسهيلات هامّة في مطارات دولهم، وأحياناً في المطارات الأجنبيّة (بحسب الأنظمة المعتمدة فيها)، لجهة سرعة إنجاز إجراءات التفتيش والعبور وإمكان الاستفادة من بوابات العبور الالكترونيّة (e – gates).
والأهمّ من ذلك، «أنّ الدوّل بدأت بتقديم تسهيلات أكبر بما خصّ التأشيرات والهجرة إذا كانت جوازات السّفر تحتوي على التعرّف على الهويّة بالاستدلال البيولوجيّ وفقاً لمواصفات منظّمة «الإيكاو»، وفق المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم.
أمّا في الشكل، فان تصميم الجواز الجديد جاء مستمدّاً من تاريخ لبنان ومعالمه السياحيّة من مختلف المناطق اللبنانيّة، مع اعتماد تدرّجات ألوان تعطيه جماليّة خاصّة مع أشكال فنيّة حديثة، ورسوم تجريديّة بطريقة عصريّة لأبرز أهمّ المعالم السياحيّة، على حد تعبير الضباط المعنيين.