لماذا السعودية؟

مقالات 05 نوفمبر 2007 0

للسفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة قصة مع لبنان، يعرف متى بدأت ولكنه لا يعرف متى تنتهي وكيف. فمنذ سنة صار للسفير خوجة كل يوم رواية مع السياسة اللبنانية، وحكاية مع السياسيين اللبنانيين، وظلم من كفّار وإنصاف من مؤمنين. فصار يخلط بين انه سفير يمثّل سياسة دولته في لبنان، أو راوية يجمع قصص العجائب السياسية في ذاكرته، او تلميذ يتعلّم في كلية بيروت للعلوم السياسية ما لم يتمكن من معرفته بدقة في اية كلية أخرى وفي أي بلد آخر.
وصل السفير خوجة الى بيروت منذ ثلاث سنوات تماما، ليراقب الرئيس الشهيد رفيق الحريري يخوض غمار معركة التمديد مسرعاً في إقدامه، مكثرا من تردّده، متسرعا في تراجعه الذي لم ينقذه من الاغتيال.
تضارب السفير السعودي بعدها مع المبادرات السياسية لإخراج لبنان من عنق ازمة المنطقة. الجيش السوري يخرج من لبنان والأمن السوري الضارب ينتشر على حياة السياسيين. والخوجة يحاول: تأتيه الضربة مرة من الحليف الاميركي ومرة اخرى من الصديق السوري، ومرة ثالثة يعرف ان الضربة اتت على مشروعه دون ان يستطيع تحديد مصدرها.
لكنه لم ييأس. بقي على عناده السرّي الذي يخفيه تحت عباءة الشعر. بدأ سفيراً متحسساً للعناوين اللبنانية وبعد ثلاث سنوات حقق في شخصه استقطاباً سياسياً جامعاً للبنانيين، فغادره للمرة الاولى في الصيف الماضي بعد خطاب وطني لبناني في الجامعة اللبنانية الاميركية صفق له الحضور وقوفا على أثره شبانا وشيبانا، وفي كل مرة يعود للاقامة الطويلة يستقبل ويودّع برواية متخصصة صادرة عن الخط اللبناني السوري ، تروي ما للسفير الخوجة من قدرة على المؤامرات والاغتيالات للكبار وتخريب ذات البين بين الدول.
كشف السفير خوجة بشخصه وحضوره مدى هشاشة السياسة السورية المناوئة لاستقرار لبنان، وكيف انها تستطيع الاستنفار إساءة اليه او اتهاماً بمجرّد اذاعة خبر عودته الى بيروت وعند الضرورة تصدر التعليمات بتطفيشه من لبنان عبر تهمة تتبنّاها وكالات الأنباء في دمشق وطهران وبيروت. يردّ هو بقصيدة من الشعر فيها فيلق من الغزل القهّار، فيجعل الآخرين في حيرة ما اذا كانت عودته تلبية لنداء الشعر او قياما بالواجب الدبلوماسي.
لماذا السفير خوجة مهما ارتفع مقامه وكممثل دولة مهما كبر حجمها، ان يحدث هذه الجلبة في دخوله وخروجه؟
***
الجواب ببساطة ان السفارة السعودية في لبنان تقع على خط الزلازل السياسية لمنطقة الشرق الاوسط. وكلما تحرّك ملف من ملفات الأزمات في المنطقة سواء في فلسطين او في العراق او في العلاقات السورية الاميركية او السورية العربية فإن نتائج هذه الحركة او بعض الأحيان بداياتها تكون في لبنان. لذلك فإن السفير السعودي في بيروت، يضع على طاولته الملفات على اختلاف الوانها وتنوّع موضوعاتها باعتباره ميزان حرارة المنطقة.
ظهر ذلك جلياً في المرة الاخيرة حين نشرت صورة نائب الرئيس السوري السابق رفعت الأسد في الصف الاول من صلاة العيد في مدينة مكة المكرمة، وقبل ذلك الى طاولة الافطار الملكية في قصر الصفا المكي. مما اعتبر مؤشراً مفاجئاً الى مدى سوء العلاقة بين الرياض ودمشق. بعد ان ظن مراقبون ان التوتر بين العاصمتين قد هدأ، وإن كانت العلاقات لم تعد الى ما كانت عليه في السابق من حرارة، إثر حضور الرئيس الأسد للقمة العربية في الرياض وتصويته مجدداً على المبادرة العربية للسلام التي اقرتها في المرة الاولى القمة العربية في بيروت عام 2002 .
قيل الكثير عن محضر اللقاء بين الرئيس السوري منفرداً والعاهل السعودي والى جانبه بعض اخوانه وأشقاؤه. وقيل أكثر عن مدى الاعتذار الذي أبداه الرئيس الأسد للملك عبدالله عما بدر منه في خطابه الشهير بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز من العام الماضي ووصفه القادة العرب بأنصاف الرجال وأنصاف المواقف.
لكن الأهم ما ورد في محادثات بين وزير الخارجية الامير سعود الفيصل والرئيس الاسد حول المحكمة الدولية المعنية باغتيال الرئيس الحريري ولم تكن قد قطعت شوطا في الاقرار داخل دوائر الحكومة اللبنانية، ثم مجلس الامن الدولي قبل الامانة العامة للامم المتحدة.
نقل عن بعض المصادر الجدية ان الرئيس السوري طلب من العاهل السعودي التدخل في مسألة المحكمة الدولية، باعتبار ان ما سيأتي لاحقاً من اجراءات قيامها له الطابع السياسي المراد منه محاصرة سوريا وتحميلها مسؤولية كل الجرائم السياسية في لبنان.
البند الثاني في النقاش تناول العلاقات اللبنانية السورية، ومسؤولية النظام المعادي لسوريا في لبنان عن تدهور العلاقات بين البلدين، ومدى تأثر السعودية في المجموعات السياسية التي يتشكّل منها هذا النظام.
تفهّم الوزير السعودي المطلبين وطلب من الرئيس الاسد إرسال الملفات المتعلقة بالمحكمة الدولية. ويبدو ان الخارجية السعودية اسرعت في اجراء اتصالات تمهيدية حول هذا الموضوع. حين وصلت الملفات السورية التي يفترض انها مليئة بالأبحاث القانونية، كان الرئيس الاسد يعلن في الوقت نفسه من دمشق ان ادارته ارسلت ملفات مجمّعة من الصحف مع بعض الدراسات المنشورة في الصحف ايضاً الى الخارجية السعودية. اعتبرت القيادة السعودية ان الخطأ السوري تكرر مرتين. الأولى حين اعلن عن مضمون الملفات التي ارسلت الى الخارجية السعودية، والثانية حين وصلتها الملفات متضمنة وثائق علنية لا قيمة لها قانونياً ولا سياسياً. ظهر في ذلك الحين ان الاستخفاف السوري بالسياسة السعودية لا يزال على حاله وإن اتخذ اشكالا مختلفة في التعبير عن ذلك.
حافظت الادارة السياسية السعودية على صمتها وذهبت في الاتجاه الدولي باحثة مع الرئيس المصري والعاهل الأردني عن صيغة عملية للأزمة الرئيسية في المنطقة، أي الموضوع الفلسطيني.
لم يسر مفعول هذا الضبط للاعصاب على الجانب السوري، اذ ما ان مرت اشهر قليلة حتى كان نائب الرئيس السوري فاروق الشرع يصف السياسة السعودية بالمشلولة في المنطقة فارتفع لهب الحملات الاعلامية بين البلدين.
ذهب الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، والأرجح بدفع من الرئيس المصري، مقترحاً عقد قمة ثلاثية بين مصر والسعودية وسوريا. فكان جواب العاهل السعودي الطلب الى امين عام الجامعة الحصول على ورقة موقّعة من الرئيس السوري بما يلتزم به في حال عقدت القمة.
كان واضحاً ان الملك عبدالله مصاب بخيبة امل سياسية حادة مع مسحة شخصية من فقدان الرجاء من رئيس شاب نجل حليف ثابت وتاريخي هو الرئيس حافظ الاسد.
ظهر على ملامح وجهه وهو يتحدث الى عمرو موسى مدى الألم الشخصي الذي يعانيه عند الحديث عن العلاقة مع الرئيس السوري. اذ ان العلاقة بينه وبين الرئيس الاسد الأب تعود الى منتصف السبعينات حين كان الامير عبدالله مسؤولا مباشرا عن لبنان وسوريا والاردن بصفته رئيساً للحرس الوطني.
شعر الملك عبدالله ان الكثير مما قام به من مواقف حماسية لسوريا في اصعب الظروف ذهب هباءً. وان اعتقاده ان الرعاية التي يضعها في حساباته الشخصية والسياسية لآل الاسد لم يعد لها مكان بعد 30 سنة من التحالف.
من يعرف العاهل السعودي عن قرب يقول عنه انه شديد التأثر بالمسائل المعنوية والشخصية التي يبني عليها الكثير من مواقفه السياسية.
***
تذكر الملك عبدالله انه وقف الى جانب الرئيس الشاب منذ الأشهر الاولى لتسلمه السلطة، وأنه وقف الى جانب والده حين اخذ على عاتقه عام 84 رعاية إنهاء الدور السياسي لنائب الرئيس آنذاك رفعت الاسد والاهتمام باستمراره في الحياة خارج سوريا بعد ان شكّل خطراً جدياً على شقيقه المريض آنذاك، مما اضطر الاتحاد السوفياتي وقيادات الفرق العسكرية والقيادات الحزبية في الداخل الى التحالف مع جهود بذلها الامير عبدالله لإخراجه من دمشق دون دماء.
لمن يمكن ان يستخف بأهمية هذا الجهد ، يروى في بيروت انه بعد 16 عاما اي في العام 2000 وقبل مأتم الرئيس الأسد الاب طوّقت القوات السورية مطار بيروت الدولي لمنع هبوط طائرة رفعت الاسد الذي سرت شائعة مجيئه الى سوريا عن طريق بيروت للمشاركة في تشييع شقيقه الرئيس وتبيّن بعد ذلك ان لا اساس من الصحة للشائعة ولا محاولة للهبوط.
تستفيق هذه الذكريات بين حين وآخر فتجعل من الدفء في العلاقة بين الرئيس والملك اصعب من ذي قبل. في الوقت الذي يسقط فيه اتفاق مكة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، وتكمل حماس انقلابها بالسيطرة على قطاع غزة فاصلة اياه عن السلطة الفلسطينية.
كذلك يتراجع الرئيس الاسد عن اتفاق مع العاهل السعودي بعدم استقبال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي تتهمه السعودية بانه يسلّح الميليشيات المذهبية ويدعم منطق الفرز القائم في المناطق العراقية.
لم يستقبله الرئيس الاسد في دمشق فقط، بل استمر في دعمه لاعمال العنف في العراق مقاومة للاحتلال. مع العلم ان العاهل السعودي هو الحاكم العربي الوحيد غير السوري طبعا الذي اعلن في قمة الرياض ان الجيش الاميركي في العراق هو جيش احتلال. الاهم من كل هذا ان القيادة السورية لا تقف في موقع الجامع او حتى العازل في العلاقات الايرانية العربية وخاصة السعودية منها . فهي اما انها غير مبالية بما يجري بين البلدين او انها تتبنى الموقف الايراني كما هو دون تعديل يشفع للقيادة السورية عروبتها.
هناك الكثير مما يقال تحت هذا العنوان وعن مدى الصراحة التي اتسم بها الحديث بين العاهل السعودي والرئيس الايراني. الا ان الخبر الاخير هو العرض السعودي بإقامة تجمع لتخصيب اليورانيوم السلمي خارج ايران تستفيد منه كل دولة في المنطقة في حاجاتها الانمائية والذي رفضته ايران او بشكل ادق قبلت به، مع الاحتفاظ بحقها في التخصيب النووي داخل ايران مما يبقي فتيل النزاع مع الغرب على حرارة اشتعاله. بقيت سوريا على الحياد في هذا الموضوع اذ ان ما يصيب ايران يصيبها بينما هي غير معنيّة بما يصيب الدول العربية المجاورة لايران.
فقدت السعودية اي امل في دور سوري يخفف من الثقل الايراني في منطقة الخليج، واكتفت بالعلاقات المباشرة مع طهران لتحقيق الحد الادنى من الضرر المرحلي على منطقتها. في حين يخفف المسؤولون السعوديون من اهمية حضور رفعت الاسد لافطار في الايام العشر الاواخر من رمضان على المائدة الملكية وكذلك وقوفه في صلاة العيد الى جانب العاهل السعودي، بالقول ان هذا الحضور تقليدي يحصل كل سنة ولا تتخلله محادثات خاصة بين الملك واي من ضيوفه، بل يقتصر الامر على الاحاديث العامة على الافطار الرمضاني .
ويضيفون ان القيادة السورية تتعمد عدم بذل اي جهد لتحسين العلاقات بين البلدين سعيا وراء خلق واقع جديد في لبنان تتم بعدها المصالحة على قواعد جديدة معترف بها ومحددة على الارض اللبنانية ومختلفة تماما لما هو قائم حاليا من توازن سياسي في القوى على الارض اللبنانية.

***
ماذا عن دمشق؟
الاستاذ الجامعي الأميركي ديفيد ليش، وصف بشار الأسد بأنه كان عام 2004 عندما التقى معه للمرة الأولى محتاراً مرتبكاً لا يعرف لماذا كانت العلاقة الأميركية السورية على ما هي عليه. وفي عام 2005 كان مستسلماً الى استنتاجه بأن الإدارة الأميركية أرادت التخلص منه. في عام 2006 أصبح غاضباً ومتعجرفاً معاً عندما قال عن العلاقة الأميركية السورية: إنني لا أحتاج لشيء من الولايات المتحدة، فأنا لي شعبية كبرى . وبعد حرب إسرائيل و حزب الله في لبنان كان في المستوى نفسه من الثقة. ثم في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) كان مرتاحاً وواثقاً ومقتنعاً بأن الزمن برهن وأثبت صواب رأيه بالنسبة الى التطورات العراقية واللبنانية.
رأي ديفيد ليش الذي يمضي وقتاً طويلاً بصحبة الأسد لإعداد كتب عنه أن بشار الأسد يتحدث بلغة الممتلكات الاستراتيجية وأن إيران تشكل له العمق الاستراتيجي ، خصوصاً في لبنان من خلال حزب الله . وأن بشار الأسد مرتاح مع نفسه ومعجب بنفسه ، وأن الإدارة الأميركية خسرت فرصة حقيقية لتهذيب بشار الأسد باكراً ، وأن الوسيلة الوحيدة للتحرك الى الأمام الآن تكمن في تخلي الولايات المتحدة عن الغرور في اعتقادها ان الحوار مع بشار الأسد يأتي عليه بالشرعية.
يقول ليش إن بشار الأسد لم يعد يريد القنوات الخلفية للحوار وإنما يصر الآن على الحوار المفتوح فقط، ولذلك ففي صدارة أولوياته أن تعيد الإدارة الأميركية سفيرها الى دمشق.
خلاصة ما أراد ديفيد ليش قوله في الندوة أمام كبار المفكرين في صنع السياسة الخارجية هو أن على إدارة جورج بوش أن تستمع إليه والى أمثاله عندما يقولون: إن بشار الأسد هو هنا لمدة طويلة.
الأمر الوحيد الذي قد يعكر على بشار الأسد صفاء ذهنه هو المحكمة الدولية لمحاكمة الضالعين في اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري ورفاقه وفي الاغتيالات السياسية الأخرى التي يتحدث التحقيق الدولي عن ارتباطها بجريمة اغتيال الحريري. هذا ما يقر به ديفيد ليش.
قال كاشفاً عن ناحية أخرى لافتة في نوعية تفكير الرئيس السوري وكيفيته، انه، في شهر أيار الماضي قبيل تبني مجلس الأمن الدولي القرار 1757 الذي أنشأ بموجب الفصل السابع من الميثاق المحكمة الدولية في أعقاب فشل كل محاولات سوريا لتعطيلها عبر حلفائها في لبنان، قال إنه كان جالساً مع بشار الأسد في دمشق وسأله عن المحكمة. كان رد الأسد: إن الروس لن يسمحوا بحدوث ذلك. وأتت المفاجأة عندما امتنع الروس عن التصويت بدلاً من استخدامهم الفيتو لمنع إنشاء المحكمة. فامتناعهم سمح بقيامها. وبشار الأسد أساء قراءة المواقف في مجلس الأمن وأساء تقدير التطورات ومسار القرارات.
***
اللبنانيون العائدون من دمشق يروون حكايات طريفة مفادها ان الملك عبدالله كان شريكا فيما حاول فعله رفعت الاسد في العام 84 في وجه شقيقه وان الدعم الذي تلقاه في تلك الايام هو الذي ساعد رفعت الاسد على طموحاته التي لم تتحقق في ذلك الحين.
بالطبع لا يدخل هذا الكلام في حساب المنطق، انما هو رد فعل بدائي على العزلة العربية التي اكتملت باعلان الزعيم الشاب سعد الحريري من على باب رئاسة الجمهورية المصرية انه ابلغ من الجهات المعنية بالامن في فرنسا والسعودية ومصر ان هناك مخططا سوريا لاغتياله والرئيس فؤاد السنيورة، يشرف عليه اللواء آصف شوكت رئيس المخابرات العسكرية السورية وصهر الرئيس الاسد.
لم يكن مهما معرفة جدية هذا المخطط، ولا نفي السوريين لوجوده، بقدر ما ان اعلانه على باب الرئاسة المصرية من الحريري القادم من السعودية والمتصل بالادارة الفرنسية، هو اكتمال للطوق السياسي لسوريا .
وينقل زوار دمشق عن مسؤولين سوريين ان تركيا باتت الباب الوحيد المفتوح امام سوريا للتحدث الى العالم .
***
هل تفعل تركيا ؟
كان لبنان ، بنداً مستقلاً على جدول اعمال مؤتمر وزراء خارجية الدول المجاورة للعراق الذي عقد في اسطمبول في الاسبوع الماضي .
الاجتماعات الاهم كانت بين وزير الخارجية السوري ووزيري خارجية اميركا وفرنسا مع دردشات متفرقة بين الوزير السوري والامير سعود الفيصل. الاستحقاق الرئاسي في لبنان هو الغالب على الاحاديث. ما صدر منها علنا لا يوحي على الاطلاق بتفاهم على الحد الادنى بين ممثلي المجتمع الدولي وسوريا لتسهيل الاستحقاق اللبناني.
تبع ذلك اجتماعات عقدها الرئيس الاسد مع كبير مستشاري قصر الاليزيه، استباقا لزيارة الرئيس ساركوزي الى واشنطن هذا الاسبوع. فهل سيأخذ كبير المستشارين معه ضمانة سورية بتسهيل الاستحقاق اللبناني؟
لا التركي يستطيع فتح الباب الدولي ولا الفرنسي سيحمل معه جوابا نهائيا. لماذا ؟
كتب الدكتور برهان غليون رئيس دائرة العلوم السياسية في جامعة السوربون دراسة عن السياسة الخارجية السورية تحت عنوان نهاية الحقبة الامبراطورية . قال فيها بالرغم من مظاهر القوة الخادعة التي توحي بها، لا تملك السياسة السورية اي صدقية ولا يمكن ان تقود الى تحقيق اي مصلحة وطنية. كل ما يمكن ان تساهم فيه هو تأجيل الاستحقاقات التاريخية من تنمية اقتصادية وانفتاح سياسي يعيد الشعب الى دائرة القرار وبناء شبكة علاقات دولية كفيلة بتقريبنا من هدفنا الوطني الاكبر اي استعادة الجولان. بانتظار ذلك تستفيد شبكة العلاقات الخاصة العديدة من حالة الفراغ السياسي والقانوني والاستبداد الامني باسم حماية السيادة الوطنية وان تسرح هذه القوى وتمرح من دون خوف ولا مساءلة .
تتصرف القيادة السورية على قاعدة ان الاستحقاقات تؤجل في لبنان ايضا. لذلك لا لقاء لها مع السياسة السعودية التي يرعى مليكها اينما حل وسفيره في بيروت ولو عن بعد بعض الاحيان حوارا وفاقيا حول الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
قد تنجح هذه السياسة وقد لا تفعل الا انه يكفيها انها تعبر بالتأكيد عن رغبة اللبنانيين جميعا في استقرار حياتهم القانونية والسياسية، خلافا لما يحدث في دمشق كما كتب الاستاذ الفرنسي من أصل سوري برهان غليون.