لماذا “الاعتدال” العربي؟

مقالات 31 يوليو 2007 0

عمان ….
المجي ء الى العاصمة بعد عشرين سنة من الغياب لا يسبب لك المفاجأة ولا الارتباك. ما زالت المدينة على حالها من البساطة الانيقة. لا يؤذي عينيك التوسع في العمران، ولا الحداثة في المباني المستجدة. تنضوي كلها، البيوت والمباني العامة، في نسيج عمراني ليس فيه الكثير من التاريخ ولكن فيه الاكثر من الانضباط الهادئ. فلا مفاجآت للذاكرة ولا تعريض للعين تحت شعار آثار الثورة النفطية أو جموع اللاجئين العراقيين، أو حتى مرور الزمن.
حافظ النسيج الاجتماعي على تجانسه وتماسكه. فلا نفور ولا استغراب ولا ظواهر هجينة في تراتبية مدينية، يعرفها عن ظهر قلب، الصغير قبل الكبير، والموظف كما الامير. وحتى لو أزعجت واحدة من هذه الظواهر، أضواء المدينة الخافتة، فهي لا تستمر بل تذهب أدراج النسيان. تنتصر عليها الالفة بين الناس والرغبة العارمة بالامن والامان في محيط مشتعل.
كيف لمدينة أن تحفظ لأهلها استقرارا في السياسة وانسجاما في الاجتماع وهدوءا في الامن (ما عدا ندرة من الحوادث) وحاكمها من عتاة الاعتدال العربي، شابا، صريحا، مواجها، ينام على معركة ويصحو على اشتباك في السياسة؟
لا بد من الاعتراف أولا بأن السياسة العربية التي كان الملك الراحل حسين المؤسس الفعلي للمملكة الأردنية لا الزمني، الاول من العاملين من العرب عليها، قد قامت بواجبها وأعطت كل ما تستطيع إعطاءه، بصرف النظر عن مدى الخلاف حولها.
لكن التاريخ لا يكرر نفسه، بل يخرج أفضل ما في باطنه لكي يستفيد منه جيل جديد يحاول أن يغير بقدر ما يرى في التغيير تطويرا وحداثة. فهل فعل عبد الله بن الحسين؟
تسلّم العاهل الشاب الحكم منذ 8 سنوات. لو أحصيت الازمات التي مرّ فيها، لتبين أن الاداء السياسي والاقتصادي للملك عبد الله، جعله ينجح في تجاوزها على الرغم من صعوبتها. اذ ان الملك الجديد لم يكن قد تدرب على انه مقبل بهذه السرعة على خلافة والده. ومع ذلك فإن أداءه جاء مخالفا لما توقعه الكثيرون منه، خصوما وموالين.
في الوضع الاقتصادي استطاعت الادارة الأردنية في السنوات الاربع الماضية، أن تحقق نموا ثابتا بين 6 و7 في المئة فضلا عن ان تحويلات الأردنيين من الخارج وفرت ارتفاعا كبيرا في الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي. على الرغم من ارتفاع الفاتورة النفطية، اثر إسقاط النظام العراقي السابق، الذي كان يزود الأردن بالنفط بأسعار تشجيعية مقابل الابقاء على الحدود المفتوحة بين البلدين، في الوقت الذي كان العراق محاصرا من كل القوى الدولية.
كذلك الامر بالنسبة للديون الخارجية التي انخفضت الى ما دون ال8 مليارات دولار، وينتظر أن تنخفض تدريجيا من ضمن خطة خصخصة مبرمجة ومتدرجة.
في السياسة لا يمكن اعتبار إسقاط النظام السابق في العراق إلا هزة كبرى للوضع الأردني. فالعلاقات بين البلدين حافظت لسنوات طويلة على التبادل الاقتصادي والتنسيق السياسي، باعتبار أن الأردن هو الممر الامن للسياسة العراقية وللافراد العراقيين. وتعترف الادارة الاميركية بأن الملك عبد الله حذر من نتائج الاحتلال الاميركي بالقوة المسلحة المباشرة وما يمكن أن ينتج عن ذلك من أخطار أمنية على القوات الاميركية، فضلا عن الانقسامات المذهبية الحادة في الداخل العراقي. لكن أحدا لم يأخذ برأيه في واشنطن فكانت النتيجة ما نراه الآن.
المهم أن الانقسامات الحادة بين العراقيين مذهبيا وسياسيا، لم تتسبب بأي نوع من الازمات الجدية في الداخل الأردني، وهذا بحد ذاته دليل على تماسك، كان الكثيرون يعتقدون بعدم توافره.
أكثر من ذلك استعاد العاهل الشاب علاقات طبيعية مع النظام العراقي الجديد، اذا كان هناك من نظام. ومارس منذ الاحتلال الاميركي للعراق وحتى الآن دور الناصح الهادئ القادر على رسم تصوراته أمام من يلتقيه في واشنطن ومن يزوره من المسؤولين العراقيين.
على الجانب الآخر، أي الفلسطيني، واجه العاهل الأردني ما هو أصعب بكثير، فالتداخل بين المصالح الأردنية والفلسطينية فضلا عن تداخل الشعبين، يجعل من الموضوع الفلسطيني بندا يوميا على جدول الاعمال الأردني.
ذهب عبد الله بن الحسين الى واشنطن قبل إجراء الانتخابات الفلسطينية مقترحا، شارحا بأن الوضع السياسي الفلسطيني لم ينضج بعد لإجراء الانتخابات، وان المصاعب التي تواجهها السلطة في بحثها في سطور الاتفاقات مع اسرائيل سوف تأتي بحماس الى المجلس التشريعي بأغلبية كبيرة. لم تتقبل الادارة الاميركية اقتراح التأجيل ولا عملت الحكومة الاسرائيلية على رغم الاقتراح الأردني، فكانت النتيجة ما نراه اليوم، خلافا فلسطينيا وصل الى حد انقلاب حماس في غزة.
لا يقبل العاهل الشاب بمنطق الانفصال الفلسطيني، بل يؤكد أن التسوية السياسية للمشكلة الفلسطينية الاسرائيلية هي التي تعيد غزة الى الضفة والعكس ايضا صحيح.
يرفض العاهل الشاب ما طرح في العديد من الدراسات والمقالات الاميركية، بعد أحداث غزة والداعية الى عودة الكونفدرالية الفلسطينية/ الأردنية ويؤكد أن هذا الموضوع لن يطرح قبل قيام الدولة الفلسطينية وعندها لكل حادث حديث.
استطاعت الادارة السياسية الأردنية أن تستوعب كل هذه التطورات في الداخل دون أن تتأثر ثوابتها وحركتها العامة في الشأن الفلسطيني.
***
لا يمكن القول ان العلاقات مع الجار الثالث أي سوريا على أحسن ما يرام. لكنها هادئة وثابتة بعد أن أخذت في السنوات الأولى من عهد الرئيس الأسد والملك عبد الله صيغة التنسيق الدائم. لكنك لا تسمع في عمان شكوى في العلاقات الاقتصادية مع سوريا ولا في العلاقات السياسية رغم اختلاف التوجهات بين البلدين. ولا حتى في المجال الامني لولا بعض عمليات تهريب الأسلحة التي يبدو انه لا بد منها للتنظيمات المتحالفة مع سوريا وبالتالي لا بد من ضبط معظمها، على الجانب الأردني.
الامتحان الرابع للادارة السياسية الأردنية جرى في الداخل حيث الانتشار الاسلامي في العمل السياسي العام متوفر أكثر من باقي الدول العربية. خاصة أن الرمز الأول لعمليات القاعدة في العراق، أي الراحل ابو مصعب الزرقاوي ، يحمل الجنسية الأردنية ولرمزيته بالطبع الكثير من المؤيدين. لكن الادارة تجاوزت هذا الامتحان حتى الآن. فالعلاقة بين السلطة والاسلاميين داخل مجلس النواب وخارجه منضبطة في الاطار الوطني لا الاطار الانقلابي أكرر حتى الآن .
***
هل هذا يعني ان الأردن بمأمن من التغيرات في المنطقة؟
طبعا لا، فخيبة الأمل الأردنية من السياسة الأميركية في المنطقة لا تقل عن الدول العربية الأخرى، المعلنة ذلك في خطابات مسؤوليها. لكن أسلوب العاهل الشاب مختلف، فهو عمل منذ سنة حتى الآن على إيجاد مجموعة عربية منسجمة في سياستها، منسقة في حركتها واتصالاتها. فذهب أولا الى السعودية حيث استمع الى الشكوى من الدور الايراني المتزايد في العراق. ثم الى الامارات العربية ليجد أن لدى مسؤوليها ما يقلقهم من التطورات النووية الايرانية. واستمع الى الرئيس المصري حسني مبارك يحدثه عن التطورات السلبية في العراق وفلسطين. فكان الرباعي العربي الذي ظهرت بوادر اجتماعاته وعمله الأول في الأردن سواء في عمان أو في العقبة. ثم تطور التنسيق ليطال الكويت والبحرين فأصبح التنسيق سداسيا بدلا من رباعي.
لا ينكر المسؤولون الأردنيون عملهم وتشجيعهم للعودة الى تأكيد المبادرة العربية للسلام في قمة الرياض بعد أن أقرت في قمة بيروت العام 2002 ، ولا ينفون مسؤوليتهم وغيرهم من العرب عن ترك المبادرة العربية لمدة 5 سنوات 2002/2007 ،تضيع في أوراق البيت الأبيض وأزمات الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة. لكن العاهل الشاب يتصرف على قاعدة أن التنسيق العربي المستجد والمبادرة الى الحركة في كل الاتجاهات من جديد لا بد أن يثمر بشكل ما، ولو ان هذه الحركة لن تمحو ما تركه الركود لسنوات طويلة. وإلا فما هو الخيار الآخر؟
تضع الادارة الاميركية نصب أعينها منذ أشهر السعودية كهدف متحرك ومتمرد في الوقت نفسه. فبعد أشهر من الازمة الصامتة بين واشنطن والرياض أعلن المسؤولون الاميركيون عن عدم تعاون السعودية في دعم الحكومة العراقية وتزويد المنظمات المتطرفة في العراق بمقاتلين سعودين مدربين جاهزين للعمليات الاستشهادية!!
ووصل الامر الى حد تزويد الاعلام الاميركي بأنباء عن وثائق سلمتها السعودية للادارة الاميركية عن تحالف سري بين مقتدى الصدر ونوري المالكي وعن إثباتات عن عمالة المالكي للمخابرات الايرانية.
بصرف النظر عما إذا كانت الوثائق صحيحة أم لا، فإن إعلانها يضع العاهل السعودي في مواجهة علنية مع الحكومة العراقية ومع ايران، وهو لا يريدها بالتأكيد. إلا أن توقيت الاعلان مع الدعوات الاسرائيلية المتكررة للتواصل مع السعودية ورفض المسؤولين السعوديين بالطبع يجعل من الهجوم الاميركي رافدا للدعوات الاسرائيلية.
لا يستغرب المسؤولون الاردنيون الترابط بين الهجوم السياسي ودعوات الحوار، ولا ينتظرون أن يكون لزيارة وزيري الخارجية والدفاع الاميركيين الى العاصمة السعودية غدا الاربعاء نتائج سريعة تغير وجهة نظر الطرفين في المواضيع المثارة. لكن العاهل الاردني يتصرف باعتبار أن تصحيح العلاقات بين الرياض وواشنطن، مهمة رئيسية في هذه المرحلة. مع أنه يساند الموقف السعودي في كل ما يقرر الاول في السداسي العربي أي الملك عبد الله بن عبد العزيز.
تسأل من تقابله من المسؤوولين الاردنيين:
ما الذي جعل الرباعي أو السداسي العربي يتجاهل ما حدث في جنوب لبنان منذ سنة؟ بعد أن صمدت المقاومة أياً كان توجهها السياسي لمدة 33 يوماً في مواجهة الجيش الاسرائيلي. وتسببت هذه المواجهة في هزات سياسية والأهم هزات عسكرية داخل الجيش الاسرائيلي لم تنته حتى الآن. فلماذا اعتبار ما حدث هزيمة، والانطلاق نحو مبادرة سلام في التوقيت الخطأ والنتائج الخطأ ايضا. فبدا وكأن الحكومة الاسرائيلية وجدت في الحركة السياسية العربية منفذا لها نحو الاستقرار بدلا من العكس.
ماذا قدمت الادارة الاميركية في مقابل كل هذه الرغبة العارمة بالسلام، في العراق وفي لبنان وفي فلسطين. لم يحمل الاسلاميون الفلسطنيون واللبنانيون ومعهم الدولتان السورية والايرانية غير العلم الفلسطيني في نزاعهم الداخلي على الحدود. سواء تم ذلك مباشرة أو بالواسطة. فكيف يمكن استرجاع العلم بمبادرة لا تجد أذنا صاغية في واشنطن ولا إقبالا منطقيا في اسرائيل. اذا كانت الادارة الاميركية لا تقبل تمايزا وليس مواجهة من النظام السعودي ضمن صفة الاعتدال ؟
ماذا حققت هذه الصفة غير المزيد من الاتهامات بتنازلات لم تحدث وبتجاوب أميركي/ اسرائيلي لم يتوفر؟ لماذا ترك الاعتدال صمودا عسكريا تحقق في جنوب لبنان ولم يشارك في أرباحه، تاركا لدول الممانعة الانتصار الذي حققه لبنانيون أيا كان توجههم السياسي؟
يصغي المسؤول الاردني بهدوء مستوعبا ما يسمع مع انها ليست المرة الاولى التي تقترب فيها مثل هذه الكلمات من سمعه.
يبدي قبولا للمنطق العام لمسار ما حدث منذ سنة حتى الآن. لكنه يوضح أن المقصود بالاعتدال ليس التنازل أو الانفراد.
نحن ندافع عن الحق العربي بوسائلنا السلمية والدبلوماسية. ولا أحد يستطيع أن يقول اننا قبلنا بأمر رفضه غيرنا من العرب. ربما كانت كلمة الحق العربي أصدق تعبيرا من الاعتدال. حتى ما يسمى بالرباعي أو السداسي العربي فإنه يهدف ايضا الى العمل السياسي أو الدبلوماسي في مواجهة ما نتعرض له جميعا من أخطار. ما تتساءل عن جدواه هو الذي دفعنا نحو الاجتماع العربي. لا أحد في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة مستعدة للاعتراف بنا أو حتى الاستماع الى وجهة نظرنا لولا مبادرة جلالة سيدنا حين جال على عواصم عربية يناشد قادتها التضامن والتنسيق. حتى في الموضوع الايراني يهدف هذا التجمع الى حث ايران على السلام وليس مواجهتها كما يشاع. لا تستطيع أن تعمل للسلام دون توازن بالقوى حتى لو كان الهدف سلميا وسياسيا. لقد جاء رئيس الوزراء التركي الى عمان منذ اشهر وفاتح الملك بالعلاقات الاردنية/ السورية. وقد أبدى جلالته كل استعداد للانفتاح على علاقات جديدة ووثيقة مع الرئيس الأسد. ذهب المسؤول التركي الى السعودية من عمان والارجح انه انشغل بعد ذلك في الانتخابات.
ماذا تعني الممانعة التي تتحدث عنها؟ ممانعة ماذا؟ اذا كان المقصود رفض اقتراحات أميركية أو إسرائيلية غير عادلة ولا تحقق للعرب مصلحتهم، فنحن ايضا رفضناها ونرفضها دون إعلان، ولم نوافق سرا على شيء. فلا نحن اعتدال في حقنا ولا هم ممانعة لما يناسبهم. هم لديهم مشروعهم السياسي ونحن لدينا حقنا العربي.
ربما كان لديك الحق في الصورة التي رسمتها عن نتائج الحرب الاسرائيلية على لبنان. وربما صدرت مواقف أعطت هذا الانطباع. ولكنه انطباع غير واقعي. نحن رأينا في قمة الرياض وإعادة الحياة الى المبادرة العربية للسلام استكمالا لصمود اللبنانيين في الجنوب وغير الجنوب. تصرفنا على أساس أن المبادرة التي جاءت بعد سبعة أشهر من الحرب الاسرائيلية على لبنان تزيد من ارتباك الحكومة الاسرائيلية وتحد من قدرتها على مزيد من الاعتداءات. على كل نحن نعتقد أن نتائج الحرب لم تنته لا داخل اسرائيل ولا خارجها. لكن ما كان باستطاعتنا أن نترك الساحة الدولية للفراغ العربي. كان لا بد من ملء الفراغ الذي استمر لسنوات بمبادرة تظهر رغبة العرب في السلام، وإلا لبدا وكأن ما تتهمنا به اسرائيل من سيطرة الحرب على قرارنا السياسي صحيح. وعندها نكون قد تركنا الساحة الدولية للاتهامات الاسرائيلية تقرر مساره واتجاهاته. اذا كانت الادارة الاميركية في ظل ما أسميته أنت الرغبة الخاطئة في السلام، تقرر زيادة المساعدات العسكرية والمادية الى اسرائيل لتبلغ ثلاثين مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة، فماذا كان سيحدث لو تجاهلنا مبادرة السلام وتركنا الساحة الدولية للمنطق الاسرائيلي؟
لقد استطعنا بمبادرتنا السياسية أن نعيد طرح المسألة الفلسطينية على قاعدة الاحتلال الاسرائيلي وضرورة إزالته كأساس لأي مفاوضات سلمية. هذا هو تفسير ما قاله الرئيس الاميركي في خطابه الاخير حول أولوية المسألة الفلسطينية ومركزيتها في الصراع العربي الاسرائيلي. لم يكن سهلا علينا كعرب إخراج الموضوع الفلسطيني من خانة الارهاب الى حالة الاحتلال. وعندما ننجح في ذلك تتهمنا بالتخلي عن العلم الفلسطيني؟
لقد كان الملك عبد الله بن الحسين الاول بين الزعماء العرب الذي اعتبر أن المقاومة مشروعة ما دام هناك احتلال اسرائيلي لأي أرض عربية. وكان الاردن هو الدولة الاولى التي كسرت الحظر الجوي على لبنان في تموز من السنة الماضية وأقامت جسرا جويا للمساعدات.
أما في موضوع العلاقات العربية الايرانية فإنك لا تستطيع أن تطلب من الدول التي عنيتها أن تتجاهل خصوصياتها الداخلية وآثار الحركة السياسية الايرانية عليها. مع الاعتراف بدقة الادارة الايرانية في التعامل مع الملفات العربية الداخلية، لكن هذه الدقة لا تلغي المخاوف، بل تؤجلها فقط .
تنتهي هنا القراءة الاردنية لما يدور حول المبادرة العربية للسلام من تساؤلات. لكن هذا لا يعني تراجع العاهل الاردني عن تخوفه من الحروب الاهلية في الساحات العربية الثلاث، لبنان وفلسطين والعراق. بل يقول في مجلسه دون أن يبتسم ان المنافسة على أشدها، أيهما اولا لبنان أم فلسطين، باعتبار أن العمل على الساحة العراقية جار على قدم وساق عسكريا. لكنه يصوب الحديث عن التوقيت، اذ انه يعتقد و ليس أكثر أن المؤتمر الدولي الذي سيعقد في الخريف المقبل، سيخلق وقائع جديدة تخفف من اشتعال النار في المنطقة.
لا ينتظر العاهل الاردني الشاب الجواب. فهو الزعيم العربي الاخير الذي زار واشنطن في الاسبوع الماضي وهو الذي اطلع على نتائج زيارة وزير خارجيته الى اسرائيل.
هذا لا يعني انه واثق من النتائج، لكنه واثق انه سيبقى مسرعا في خطاه، فإذا لم توصله الى ما يريد، فإنها بالتأكيد تثبت قدرته على السعي. أليس هذا قدره وقدر أسلافه من قبله؟