لقاء نسائي في فندق “الكومودور”- بيروت: المرأة أشجع من الرجل

كلمات 14 مايو 2009 0

الأمر الأول الذي أريد أن أقوله، هو أنني تعوّدت أن أتحدث أمام نوعين من الجمهور أما المختلط وإما أمام الرجال ، لذلك أطلب منكم أن تأخذوني بحلمكم .

الأمر الثاني هو أنني أختلف مع الست عفيفة بأمرين :
أولاً: أنا من دعاة مساواة الرجال بالنساء، وهذه من الأخطاء الشائعة أن النساء مظلومات، وأنا لن أقول أن الرجال مظلومين، ولكن أريد أن أقول أن الرجال والنساء يستاهلون أن نعمل على المساواة بينهم .

س- أعطونا نصف المجلس وبعد ذلك طالبوا بالمساواة ؟
ج- لا أحد يمكنه أن يعطي ذلك، لكن الناس هي التي تعطي والدستور هو الذي يعطيك، وبالتالي هذا الأمر أصبح بينك وبين الناس .

أنا أسمع دائماً عن موضوع الكوتا النسائية، ولكن أنا لا أوافق على هذا الأمر لأن المرأة التي لا تستطيع إقناع الناس بإنتخابها ، الدستور غير مُلزم بإيصالها الى مجلس النواب، لأن هذا الأمر يلزمه جهد كبير، يلزمه إقناع المجتمع بأن يتعوّد على ثقافة جديدة، وفكر جديد وعلى طريقة جديدة، ربما نستطيع أن نبدأ ذلك ابتداءاً من الغد لتحقيق هذا الأمل بعد ثلاث دورات، يعني بعد 12 سنة، ولكن يجب ان نبدأ من مكان وإذا واصلنا الطلب من الآخرين كسيدات أن يعطونا، فهذا الأمر يمكن أن لا يتحقق بعد خمس دورات، لذلك انا أرى أن ثلاث دورات أسهل بأن تذهبوا إلى الناس مباشرة، وبالتالي إتركوا مجلس النواب والتشريع .

س- لكن ثلاث دورات كثير؟
ج- ثلاث دورات أسهل من خمس دورات، لأنه إذا إعتقدتن أن أحداً ما سيعطيكن، أنا أقول لكِ لن يحصل هذا الأمر، لأن الكوتا مخالفة للقانون أصلاً .

أنا أعتقد أن لديكن القدرة على عكس الكلام الذي يُقال، بالتأكيد ليست كل الناس تعمل في السياسة، ولكن من يعمل بالمسألة العامة عنده قدرة للتوجه الى الناس وإقناعهم بأنهم يجب أن يصوّتوا وليس أن يعطيهم القانون.

أنا أقول أن المرأة بطبيعة الحال هي أقوى وأكثر شجاعة من الرجل، فنحن نرى كم تعاني المرأة أثناء الولادة، لكنها تنجب الثاني والثالث والرابع، فلو كان الأمر يتعلق بالرجال لما كان ولّدوا.

الأمر الثاني الذي أريد أن أقوله ، أنني أشجع على الكوتا، وإذا كان التصويت يتعلق بي فأنا مع هذا التصويت، ولكن يجب التوجه الى الناس مباشرة الذين يؤثرون على النواب ، وليس التوجه الى النواب، وبالتالي يجب التوجه الى الناس والى وسائل الإعلام لترفع مطالبك، بمعنى ان تطالب بحقوقك من الناس الذين بدورهم يطالبوا بها النواب، وليس التوجه مباشرة الى النواب.

لنكن صريحين، لنقول ان النواب هيئة سياسية لديها أولويات مختلفة عنكم، ممكن أن بعض النواب يتحمس لكم، ولكن الهيئة بكاملها لديها أولويات مختلفة، بينما الناس باستطاعتهم الإستماع اليكم ، وباعتقادي لا يوجد خلاف على دعاء الأم ودعم الشقيقة ومساندة الزوجة، لأن هذه مسلّمات في مجتمعاتنا ليست بحاجة الى إقناع أو تداول.

الأمر الآخر الذي أريد التعليق عليه، هو ان النائب سعد الحريري لم يأت باكرا ، إنما الظروف حتّمت عليه ذلك، ولكن هذه مسألة لا علاقة لها بالتبكير أو التأخير.

على كل حال سأبدأ الحديث بصورة تهمكم جميعا ، أخذت الكثير من وقتكم منذ اسبوعين حتى اليوم. منذ عشرة أيام تحديدا.

لقد شاهدتم صور الضباط الأربعة عندما أفرج عنهم، وكان هناك إحتفالات وطبل وزمر عند استقبالهم، وكلام كبير ومبالغات من بعض المفرّج عنهم ومن كل المستقبلين. في ذلك اليوم سُئلت عن رأيي بهذا المشهد فأجبت بأن هذا غبار سيستمر عدة أيام ثم ينجلي، لأن بالسياسة هذا غبار وليس تأسيسا لأي شيء، لأن هذا الإحتفال ليس إحتفال فرح، لأن الفرح يستمر أما الثأر فيزول والشماتة تزول.

لقد انزعج البعض لأني قلت انه احتفال حقد، لا بأس ولكن أيضا الحقد لا يؤكد براءة، والثأر لا يؤكد براءة ولا الشماتة تؤكد أخلاق، وهذه الأمور لم تكن متوفرة في الإحتفال، ولكن أريد أن اقول ان هذه الصورة كان المقصود منها ان لا تنتبهوا الى صورتين أخريين، وأن تركزوا فقط على هذه الصورة التي أوجعتكم بالتأكيد كما أوجعتني، أنا ركّزت بما اني ابن مصلحة كما يُقال على الصورة الثانية ، الصورة الحقيقية لخروج الضباط من السجن التي هي صورة براءة المحكمة التي نالها من الإتهامات والتجريح والكلام والإمبريالية والإستعمار ، وكل هذا الكلام الكبير الفارغ من مضمونه أكثر مما نال بكثير الضباط . فالصورة التي تستحق الفرج فعلا وتستحق النشوة هي صورة المحكمة التي تعقد للمرة الأولى في تاريخ الشرق الأوسط، من اجل اغتيال فردي وليس من أجل جرائم جماعية، هذه الصورة لم تكن لتتحقق لولا جهدكم، ولولا صمودكم ولولا إيمانكم بالديموقراطية، وحقكم بالتعبير والمستمر منذ 14 شباط 2005 حتى اليوم.

أنا مع ان ما حصل في 14 آذار اساسه العاطفة وليس التنظيم، وأساسه المحبة والوفاء وليس فقط الواجب. أنا أوافق ان كل أم وكل أخت وكل زوجة وكل صديقة لم تكن تقبل إلا ان تنزل لتعبّر عن رأيها ، وبذات الوقت ينزل كل محيطها معها. هذا أمر كبير جدا وليس سهلاً. عندما نتذكره نقول انه أمر لا يمكن أن يتكرر في تاريخ لبنان، أو أمر لا يمكن أن يحصل في تاريخ لبنان ، لكن هذا الأمر حصل وتحقق. لذلك الصورة الحقيقية هي براءة المحكمة وليس إخلاء سبيل الضباط، أنا لن أدخل في الأمور القانونية ، لأن هناك عدّة اجتهادات حول هذا الموضوع، كلها لا معنى لها بمهامها الحقيقية، لأن الإجتهاد الحقيقي موجود عند المحكمة وليس عند الآخرين.

الموضوع الآن هو موضوع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أصبح في أيادي أمينة ، وبداية كان في يد محبة وأمينة ومطمئنة هي يدكم، الآن أصبح في يدي أمينة ومسؤولة ومحترفة هي المحكمة ، واليوم لم يبق الكثير من الوقت خهصة وان رئيس المحكمة قال انه خلال سبعة أو ثمانية أشهر يكون القرار الظني قد صدر، وبمجرد أن يصدر القرار الظني نكون قد وضعنا أصابعنا العشرة على الجرح.

لكن رغم ذلك يجب أن أشير الى أمر مهم لكي لا نذهب باتجاه الذي لا علاقة له بنا كمجموعة سياسية، نحن أهل عدالة وليس أهل ثأر ويجب أن يكون هذا الأمر واضح في كلامنا، وواضح في توجهنا، خاصة بعد أن أصبحت المسألة كاملة بيد المحكمة.

نحن أهل حق وليس أهل انتقام، وهذا الحق سيصلنا في الوقت الذي تقرر فيه المحكمة ان هذه الجهة هي الجهة المُدانة أياً تكن من أي جنسية ومن أي مكان. لكن يجب الإنتباه الى أمر آخر، ان هذه المدينة كريمة وفريدة من نوعها، ورغم كل ما حدث لا تزال تحتفظ لنا جميعا بحقنا، وبشجاعتنا وقدرتنا على قول كلمة الحق مهما كلّفت ومهما حصل من اغتيالات.

أنا أريد أن أقول ان ما حصل من توجيه لديهم بعد الإفراج عن الضباط هو مدرسة بالإعلام وبالسياسة يراد منها أن تفقدوا الأمل، أو على الأقل أن تبدأوا بالشعور بالإحباط وباليأس من كل الأفكار التي تؤمنون بها، من القضاء اللبناني ومن الدولة ومن الجيش وقوى الأمن، ومن كل المؤسسات التي تعنينا كأهل دولة. نحن كأهل مدينة وكمجموعة سياسية نلتقي تحت عنوان واحد ، وهو اننا أهل دولة ، نحن لا خيار لنا غير هذه الدولة مهما قصّرت ومهما غابت القوات الأمنية عن مكانها الطبيعي، ومهما تأخرت المعاملات ، ومهما حصل لا خيار لنا سوى الدولة، لأنه في اللحظة التي نتخلى فيها عن فكرة الدولة نصبح في مكان آخر ، وفي ملعب غير ملعبنا، مع ناس لا علاقة لنا معهم بالفكر ، وبالتالي يتحول البلد الى مسرح اشتباك بدل أن يكون مكانا آمنا للحياة الكريمة.

هذه الدولة تعيش معنا منذ 1400 سنة ، لقد انزعج مني البعض لأني قلت منذ 1400 سنة، لأني أعتقد ان في ذلك الوقت لم يكن هناك مذاهب ، وكان المسلمين كلهم يعيشون في الدولة، ولم تكن الإختراعات التي ظهرت بعد ذلك موجودة في تلك الحقبة، أو حتى الإنشقاقات والإنقسامات.

على كل حال، أنا أريد طمأنتكم بأننا وصلنا الى بر الأمان في مسألة المحكمة الدولية المتعلقة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل من اغتيل سياسيا، وهذا الأمر لم يكن ليتم لولا إصراركم وتأكيدكم سنة بعد سنة، و14 شباط بعد 14 شباط، و14 آذار بعد 14 آذار، وبأنكم أنتم مصرين وملحين ولن تتراجعوا وتؤكدوا دائما على ان هذا هو حقكم الذي وصلتم اليه، والذي لم يصل اليه أحد سواكم في كل أنحاء الدنيا. هذه مسألة لا يجب الإستخفاف بها بانتظار الجواب الذي نريده ، كما تفضلت الحاجة، غدا، ونحن كلنا مع هذا الرأي، وللمناسبة فقد كان الرئيس الحريري رحمه الله، عندما يكلّف أحد ما بمهمة أو بملف ، وكنا نسأله متى تريد هذا الأمر؟ كان يقول أريده البارحة وليس غدا، وبالتالي نحن لا ينقصنا شيء من الرغبة للوصول الى الجواب، ولكن يجب أن نشعر بمزيد من الثقة بأنفسنا وبقدرتنا، وبمزيد من الثفة أكثر وأكثر من حقنا بأن نقول كلمة الحق، وأن لا نتراجع عنها بلحظة من اللحظات.

نحن لسنا أهل فوضى ولا أهل سلاح، ونحن لا تنقصنا القدرة على شراء السلاح ولا ينقصنا الشباب، ولكن بذلك الأمر نكون قد تخلينا عن الفكرة الرئيسية التي نعيشها منذ استقلال لبنان ومنذ ما قبل لإستقلال، نحن لا نعرف ان نعيش خارج إطار الدولة ، وأي إطار آخر هو بمثابة التسليم بمفهوم آخر لناس آخرين، ولمنطق آخر ولسياسة أخرى. وهذا الذي لم نحققه في الحرب لن نحققه في السلم.

النقطة الثانية التي أريد أن أتناولها تتعلق بالديموقراطية التوافقية التي نسمع ونقرأ عنها كل يوم في الصحف باعتبار اننا مذنبين أو متهاونين بالتخلي عن الديموقراطية، هذه الديموقراطية التوافقية لا علاقة لها بلبنان، لأن الديموقراطية التوافقية علميا تنشأ في دول فيها أعراق وأجناس مختلفة مثل سويسرا، التي فيها جنسيات مختلفة ولغات مختلفة وأعراق مختلفة وأصول مختلفة وجذور مختلفة، ولكن نحن الحمدلله لا يوجد عندنا سوى جذور واحدة ولغة واحدة.

أيضا يتحدثون عن سلاح المقاومة، هذا السلاح استطاع في العام 2000 أن يٌلزم إسرائيل بالإنسحاب من أراضي لبنانية محتلة، وهذا السلاح أيضا شئنا أم أبينا استطاع أن يصمد في حرب 2006 أمام واحد من أقوى جيوش العالم لمدة 33 يوما. أنا هنا أسلط على الأمر الإيجابي الذي لنا حصة فيه، وبالتالي لا يمكن أن يعتقد أحد ان ما حصل سنة 2000 وسنة 2006 هو لغيرنا فقط، هذا الكلام غير صحيح، لأننا شركاء في هذا الأمر، فكل شخص صمد في بيته، وكل شخص ذهب الى عمله، وكل شخص دفع ضريبته، وكل شخص قام بواجباته تجاه مجتمعه، وكل شخص استقبل ناس من خارج مدينته ، وكل شخص رحّب بالناس من خارج مدينته هو شريك مثل أحسن مقاتل كان موجودا في تلك المعركة.

على كل حال، أريد أن أقول ان هذه الشرعية لهذا السلاح حققها الرئيس رفيق الحريري في تفاهم نيسان 1996، والذي اعتبر انه واحد من الإبتكارات العظمى في العمل السياسي والدبلوماسي. أيضا يجب أن تنتبهوا ان كل هذا السلاح العظيم الجبار والفظيع بوجه إسرائيل طبعا. لأنه بغير مكان ليس له أي صفة من هذه الصفات، هذا السلاح عندما يقع في مشكلة يركض الى سطرين في البيان الوزاري ، لأن في ذلك شرعيته الوحيدة، هذا البيان الوزاري لكم حصة فيه أكثر من غيركم، هذين السطرين هما قبولكم وأنتم شركاء فيهما كما يُقال بالقبول والرضا، وبالتالي لا أحد يمكن أن يقرر نيابة عنكم أن تقبلوا بهذين السطرين أو لا تقبلوا. هذين السطرين هما مفتاح شرعية المقاومة، وليس السلاح في الشارع يعطيها الشرعية، ولا إطلاق النار في المناسبات يعطيه الشرعية، ولا احتلال الشوارع والمدن يعطيه الشرعية، كل هذا في ما نراه بأنه حادث عابر ، إذا اعتبرنا ان اللحظة التي أُخذت فيها الشوارع هو بداية التاريخ ونهايته نكون قد سلّمنا باكرا بأمر نحن لا نوافق عليه.

على كلٍ أريد أن أكرر كلام كررته كثيرا في هذه الأيام، وهو أن أي سلاح مهما كانت قوته ومهما يكن حامله، وفي كل السبعات وبكل الأشهر وفي كل السنوات، لن نوقّع سياسيا مهما فعلوا على أي نص مخالف للدستور. هذا العمل العسكري والإحتلال بدون توقيع سياسي لا قيمة له ، قد يستمر شهر وشهرين، لكن بدون التوقيع السياسي لا توجد أي نتيجة. صحيح هم اعتصموا في وسط البلد ، ولكن ماذا أخذوا وأي نتيجة وصلوا اليها؟.

على كلٍ هذا صراع مفتوح فإذا كنا سننظر الى كل أمر سلبي بأنه هو قدرنا وهو أخر عمرنا ، فهذا خطأ، لأننا نحن كل يوم صباحا نبدأ نهارا جديدا، وحقيقة جديدة وواقع جديد، فمثلما رأينا 14 آذار رأينا الإعتصام، ومثلما رأينا الإعتصام وتجاوزناه رأينا 7 أيار، ومثلما رأينا 7 أيار وتجاوزناه ربما سنرى أياما صعبة، ولكن الفرق بين الأيام الصعبة التي مرت ، ولا سمح الله، الأيام الصعبة القادمة إننا لن ندفع ثمنها بالسياسة. أنا لا أقول كلاما كبيرا، أنا أقول كلاما واضحا ، نحن لن نوقّع على أي نص سياسي يتجاوز الدستور اللبناني، أيا كان هذا النص ومهما كان السبب.

أيضا سأكرر كلام أقوله دائما، أنا أقول هذا الكلام باسم سعد الحريري مع أني لم أسأله، وأقول هذا الكلام باسم وليد جنبلاط أيضا، أيضا سأذكر اسم أعرف انكم لا تحبونه ولكن أيضا بدون أن أسأله ، اقول هذا الكلام باسمه هو دولة الرئيس نبيه بري.

أحدى السيدات تقول: لكن نحن ما نسينا ماذا فعل جماعة بري بنا؟
المشنوق يقول: أنا أعرف ذلك، ولكن لا بد من تذكيركم أيضا ان وليد جنبلاط عمل ببيروت أكثر مما قاموا به، ومن يريد أن يتكلم بالسياسة يجب أن يعرف ذلك. وليد بك هو أحد أصدقائي الأعزاء على قلبي منذ خمس سنوات حتى اليوم، ولكن لا أنسى في لحظة ماذا فعل في بيروت.

السيدة تقول: لكن جماعة جنبلاط لم يدخلوا الى بيوتنا.
الاستاذ نهاد : هم دخلوا الى غرف النوم حتى.

السيدة تقول: لكن نحن لن نسامح جماعة بري وانت تحالفت معهم بالإنتخابات؟
المشنوق: أنا لا أطلب منكٍ مسامحتهم. أنا أعرف ان ما أقوله ليس كلاما إنتخابيا، أنا لا يهمني، فمن يريد انتخابي على طريقتي بالتفكير فأنا أكون ممتنا له، ومن لا يريد ذلك فأنا مستعد لمناقشته منذ الآن وحتى الإنتخابات بعد اربع سنوات واسبوع، فأما أن يقنعني وإما أن أقنعه.

أنا أقول لم يقصّر أحد بالإساءة الى بيروت، ولكن دعونا لا ندخل بالتفاصيل الآن، هذا فعل أو ذاك فعل فلا وليد جنبلاط قصّر ولا نبيه بري قصّر ولا غيرهما.

السيدة تقول: أنت غلطان كثير بحق وليد جنبلاط؟
الاستاذ نهاد: اعتقد انكٍ لا تعرفيني جيدا، وأريد منك الآن أن تخلعي عباءة المؤرخ حتى أكمل كلامي ، أنا لا أطلب منكٍ مسامحة أحد، وأنا أقول كلاما مسؤولا عنه، أنا مرشّح في الدائرة الثانية بالتحالف مع حركة “أمل” علنا وصراحة وبدون خجل، فإذا كان هناك من يخجل من هذا الأمر فما عليه إلا أن لا ينزل ويصوّت في الدائرة الثانية. هذا تنسيق سياسي في منطقة مشتركة أنا من اختاره ولم يفرضه عليّ أحد، لأن خيارنا الوحيد هو إقامة جسور حوار، وبالتالي من لديه خيار آخر أفضل من الحوار أنا مستعد أن أمشي وراءه، ولكن أن يحدّد هذا الخيار وأن يكون على مستوى كلامه، لكن ان لا يقول لي كلام لا يستطيع حمايته . فإذا كنتم قد تعوّدتم على السمع من الآخرين كلام صوته عالي ونبرته عاليه، فأنا صوتي أعلى من الكل، ولكن أن يقول كلاما لا يستطيعون تنفيذه، فأنا لن أستمع الى هذا الكلام.

أنا ستسمعون مني كلاما واقعيا وحقيقيا، عندي القدرة على تنفيذه سواء رضي وليد جنبلاط أو نبيه بري أو سعد الحريري أم لم يرضوا. أنا ملتزم بكتلة المستقبل وبالسياسة التي تقررها برئاسة الشيخ سعد الحريري وهذا أكيد، ولكني أنا لا أتخلى عن حقي بالنقاش ، ويجب أن يكون هذا واضحا منذ اليوم الأول قبل الإنتخابات وبعد الإنتخابات، لأنه إذا تخليت عن حقي بالنقاش فسوف أستسلم للسيدة الزعلانة من وليد ومن نبيه، ومثلما أنا لا أقبل أن أتخلى عن حقي بالنقاش لا بد أن أعترف لهذه السيدة بحقها بالنقاش وأن تقول رأيها. الناس الذين أتحدث عنهم أنا أعرفهم عن قرب، ولكن لا أدّعي أني أضمن أحد منهم، لأن الضمانة شيء والتعامل مع الناس شيء آخر، ولكن بالسياسة هناك شيء اسمه الواقع، ممكن أن تتعامل معه وليس بالضرورة أن تقبل به، أو أن يعجبك.

أنا أعرف ان ما قهركم اننا وقعنا مع الذين لا نقبل به، لكن لا خيار أمامنا أن نتكلم مع الذي لا نقبله لأننا مُلزمين بذلك ولا خيار آخر أمامنا، هذا لبنان كله حاول أن يجلس جانبا بعد الإستقلال عام 1943، فأوصلنا الى حرب الـ57 وحاولنا مرة ثانية أن نجلس جانبا وبأن لا علاقة لنا بما يدور حولنا فوصلنا الى حرب الـ75 ، الآن أمامنا إتفاقية اسمها الطائف وُقعت في العام 1999 ، أنا أقول هذا هو كتابنا الذي لن نتخلى عنه، تحت أي ظرف من الظروف . أما هذه الشعارات الوهمية عن الجمهورية الثالثة والربعة، أنا كإعلامي أدّعي اني أستطيع إختراع ما هو أحسن منها، ولكن ما قيمتها الفعلية ؟ فهذه عناوين إشتباك وليست عناوين إتفاق، نحن في “كتلة المستقبل” نبحث عن عناوين اتفاق مع الآخرين أيا كانوا هؤلاء الآخرين، فإذا استطعنا الوصول الى عناوين وفاق فأهلاُ وسهلاً ، وإذا لم نستطع ذلك فنحتكم الى صندوق الإقتراع، وليس الى السلاح أو الى قلة التهذيب والشتائم، والكلام العالي الذي لا يمكنهم أن ينفذوه ونحن لا نستطيع حمايته.

هناك الآن تجربة جديدة في السياسة ستبدأ في 8 حزيران ومن يعتقد انه سيشاهد نفس الصورة التي كان يشاهدها منذ 14 شباط 2005 حتى اليوم، سيتفاجأ بأن هذه الصورة تغيّرت لأن الهدف تغير. فنحن كان هدفنا الذي وصلنا اليه هو الدفاع عن العدالة والوصول الى الحق، وأن نظهر اننا مجتمع سلمي ومتحضّر، قادر على إيصال رسالته للمجتمع الدولي، وأن يقف هذا المجتمع الى جانبه، وهذا حصل بنشؤ المحكمة وجلوسها الى القوس.

الآن المرحلة المقبلة هي مرحلة الدفاع عن كل حجر من أحجار الدولة المعنوية والسياسية والحقيقية، واليوم دخلنا في مواجهة من نوع آخر عنوانها الرئيسي هو العنوان الذي دفع ثمنه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو قيام الدولة بكل عناصرها. هم يحاولون أن يقولوا لنا ان كل مؤسسات الدولة مشكوك فيها، وكل مؤسسات الدولة منهارة، وكلها مؤسسات تابعة وكلها مؤسسات يسودها السرقة والنهب، لكن هذا موجود ايضا في فرنسا وبريطانيا ، نفس الأمراض مع نسبة أقل أوأكثر. ولكن يوجد أشخاص في الإدارة أوادم وصادقين، وكذلك هناك أشخاص في القضاء نزيهين ومستقلين، وهناك أشخاص في الأجهزة الأمنية يريدون أن يكونوا مع منطق الدولة وتنفيذ سياسة الدولة.

أيضا يوجد مجتمع لا يزال على تماسكه، وعلى أخلاقه وعلى إيمانه وعلى قدرته دائما في مدينة مثل بيروت، أن يكّون صورة جميلة عنها.

الكثير يعتقدون ان بيروت مدينة سهلة ممكن أخذها وأخذ شوارعها ببساطة، وأنا سميتهم في وقتها الهنود الحمر، لأني رأيتهم بعيني في فردان ، ولكن هذه مرحلة انتهت ولا يجوز أن نضعها دائما أمامنا لسبب واحد فقط، ليس لأنها ليست موجودة، بل لأنها إذا استمرت أمامنا وفي عقلنا، لا يمكن أن ننظر الى الأمام، ولا يمكن أن نحقق التقدّم.

أنا عندي قراءة مختلفة عن كلمة الثأر الذي يعتقد البعض هو ان تقوم بعمل مماثل كالذي مورس ضدك. أما أنا فأخالف هذا الرأي ، فقد نُفيت خمس سنوات ، ولكن بعد عودتي قلت وكتبت ان نجاح الفكرة التي تؤمن بها هو الثأر الحقيقي، ,اي كلام آخر هو تضييع للوقت وتضييع للجهد، فإذا كنت مؤمنا بأنه يجب أن يكون عندك جيش يقف الى جانبك،وانه يجب أن يكون عندك دولة لها مؤسساتها لتحميك، وتحمي مصالحك ومستقبل أولادك، عندما تحقق خطوة من هذه الأفكار تكون قد بدأت تأخذ بثأرك ، وكلما تقدّمت تأخذ بثأرك أكثر وأكثر، لأن العقل المتخلف البسيط الذي يقول بأخذ الثأر مباشرة، هذا ليس عقل أهل الدولة، هذا الأمر ممكن لأي كان تنفيذه بسهولة، أي أخذ الثأر مباشرة، ولكن لا يستطيع أي كان أن يؤمن بالدولة ويدافع عن الدولة، أو يستطيع القول اني لا أتخلى عن نص سياسي دستوري بأي ظرف من الظروف.