لقاء عبر إذاعـة النور – المقاومة لا يجوز ان تكون عائقاً في وجه قيام الدولة

مقابلات اذاعية 06 مايو 2009 0

س- هل شعرت ان إطلاق الضباط الاربعة، ادى الى انتكاسة في مشروع 14 آذار؟
ج- قلت ذلك سابقاً في أحاديث ، طبعا هناك تأثير معنوي، كي لا نستعمل تعابير قاسية كما حدث المرة الماضية. هناك تأثير معنوي بطبيعة الحال، ولكن هذا التأثير يستمر لفترة قصيرة وتعود الأمور الى اصطفافاتها السابقة ، على حد قول سماحة السيد نصر الله .

س- لكن البيئة السياسية لـ14 آذار التي تتحدث دائما، عن النظام الأمني السوري- اللبناني، إتهمته بشكل مباشر بقتل الرئيس الحريري بعد إطلاق الضباط الأربعة اليوم، ألم تسقط هذا العمود في بنية 14 آذار؟
ج- كل الكلام الذي قيل عن النظام الأمني اللبناني – السوري صحيح في ما عدا إتهامه بقتل الرئيس الحريري، بسبب القرار الذي صدر عن قاضي الإجراءات التمهيدية . أنا آسف أن اكرر القول، إننا لم نكن بين العامين 1990 و2005 نعيش في جنة من الإزدهار والحرية والإستقرار والأمن ، والآن مع 14 آذار حصل تطوّر سلبي؟ هذا غير صحيح.

أنا سمعت بالأمس سماحة الشيخ نعيم قاسم يتكلم عن آخر الأعمدة السياسية، انا لا أوافقه على هذا التعبير، وبالأصل لا يوجد مبنى سياسي، هناك هيكل سياسي اسمه 14 آذار يضم قوى مختلفة ومتنوعة، تجمعهم بعض العناوين وتجمعهم الكثير من المصالح ، فإذا إستمرت هذه المصالح والعناوين سيستمرون بطبيعة الحال، بالقدر الذي يستطيعون فيه على إجتماعهم وليس على تماسكهم ، وهناك فرق بين الإجتماع والتماسك.

س- يعني اليوم هم مجتمعون وليسوا متماسكين؟
ج- أنا أفترض انه بعد الإنتخابات يصبح هذا إجتماعا وليس تماسكا، قد يمرون بفترات صعبة ولكن رغم محاولات إعطاء الإنطباع بأنهم وكأنهم تنظيم واحد، ولكن هذا غير صحيح بالمنطق ، هذا تنظيم مختلط فيه قوى سياسية مختلفة، في الأزمات تبدو آراءها مختلفة أكثر من الأيام العادية، وبالتالي لا يمكن إحتساب هذا الأمر وكأنه بناء سياسي حتى في الأحزاب المنضبطة والملتزمة والمتحالفة، بالأزمات الكبرى يبدو متعدد الآراء فهؤلاء ،اكثر من تعدّد آراء.

س- ولكن يبدو وكأنك لا تحب التعليق، على موضوع النظام الأمني السوري- اللبناني؟
ج- أنا أقول بأن النظام اللبناني- السوري الأمني كان ظالما وكان يقوم بأعمال أمنية لا مجال لمناقشتها اليوم، انا لا انظر الى الوراء ، وأعتبر ان مسألة النظر الى الوراء في لبنان جزء من التهشيم بالجسم اللبناني، لأنه اذا كلما حصل أمر سننظر الى الوراء، لا بد وان ندخل في أزمات مستقبلية ، لذلك لنحاول ان نفهم ما حصل في الماضي لكي نعرف كيف نتعامل مع المستقبل بطريقة مختلفة.

أنا أعرف ان كلامي سيبدو وكأن فيه الكثير من البراءة ، وكثير من البساطة ، ولكن من لديه خيار أحسن فليدلّني عليه.

س- أفهم من حضرتك، انك اليوم بعد إطلاق الضباط الأربعة، تعتبر ان النظام الأمني اللبناني- السوري غير متهم وبريء من جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري؟
ج- إذا اردنا ان نأخذ الموقف السياسي الآن وليس الإجتهاد القانوني ، الموقف السياسي الآن ينص على ان قاضي الإجراءات التمهيدية يقول بأن هم لا يملكون أدلة لا يرقى اليها الشك وموثوقة لكي يستطيعوا الإستمرار في توقيف هذه المجموعة من الضباط ، إذا أردنا تعبيرا قانونيا. ولكن أنا لست مهتما بهذا الجانب.

دعيني اقول أكثر، أنا لا أهتم بالكلام الذي قاله الضباط ولا حتى بالكلام القاسي الذي قاله اللواء السيد، هذه مسألة شخصية أستطيع ان أفهمها وأتجنبها في الوقت ذاته ، كجزء من الصراع السياسي وجزء من الصراع الشخصي. للحقيقة ما أثار تحفظي هو كلام نواب الحزب.

س- تحديدا من؟
ج- هم خمسة منهم الحاج محمد رعد والسيد حسن فضل الله والسيد نواف الموسوي وغيرهم، انا قرأت تصريحات الجميع، ولا أريد مناقشة ما قالوه، أريد القول ما هو سلّم الأولويات ، هل هو سلّم أفقي أو سلّم عامودي. إذا كان أفقيا فكل العناوين للاشتباك بما فيها عنوان المقاومة، هكذا تسير الأمور. أما أذا كان عاموديا ، فالمقاومة في مكان لا يستطيع احد مناقشته لا بشكل سلبي ولا بتفكير بنزع سلاحها.

س- اذا كان عاموديا أو افقيا، لماذا الإعتراض على حالة سياسية ما؟
ج- أنا أتكلم عن الناس الطبيعيين، لا أتكلم عن الناس الذين يستطيعون قول ما يريدونه وليس لهم أي تأثير، هناك قوى رئيسية سواء بالمعارضة أو بالأكثرية الحالية ، طبعا “حزب الله” رئيسي وأساسي في مجال و”تيار المستقبل” رئيسي وأساسي في مجال، والحزب التقدمي فعّال في مجال، على الأقل “تيار المستقبل” أو جمهور رفيق الحريري يرى ما يحدث في فلسطين، ويرى ماذا كانت نتيجة الإنتخابات الإسرائيلية ، ويرى ان أفق العملية السياسية مغلق تماما ، ويرى انه من الجنون البحث في مسألة سلاح المقاومة، او التساؤل عما إذا كان هناك ضرورة للمقاومة أم لا، وهناك ضرورة للمقاومة، كل ما هو مطلوب هو إبتكار صياغة تطمئن المقاومة، وتؤكد إستمرارها في عملها، دون ان يعني هذا الحؤول شكليا أو فعليا، دون قيام دولة تكون إطارا لجميع اللبنانيين.
س- لقد قلت ان قاضي الإجراءات التمهيدية، لا يملك أدلّة موثوقة لا يرقى اليها الشك لكي يستمر في توقيف الضباط، ماذا يعني إذاً الإتهام السياسي بالأفقي وبالعامودي وماذا يعني أننا مازلنا نتهمهم سياسيا ونتهم سوريا سياسيا؟
ج- هذا ليس إتهاما ، هذا ردّ فعل وما حدث منذ يومين ردّ فعل، هناك إخوان إنزعجوا لأني قلت ان إحتفال إطلاق الضباط هو إحتفال حقد، فلنسمه إحتفال شماتة أو إحتفال ثأر.

س- هل يعقل إذاُ أن يخرج الضباط الأربعة بصمت دون الإحتفال ، أليس هذا من حقهم؟
ج- اعتراضي ليس على الضباط ، أنا أتكلم عن الجهات السياسية المعنية ، الضباط مسألة شخصية لا تعنيني، وانا واحد من الذين ظُلموا، وأعرف ما معنى ان ترجع الى بلدك. ولكن هذا موضوع آخر، أنا أتكلم بالمعنى السياسي ، ياسيدتي مهما كان نوع الإحتفال ومهما سميناه، هل هذا يضيف الى عناوين الإجماع؟ هذا ما إسميه البحث حول الأولوية. كذلك هل الذين تحدثوا بالسياسة ، هل أخذوا بعين الإعتبار ان هناك جمهور آخر له رأيه؟.

أنا في عز 14 آذار عندما كانوا يقيمون إحتفالات من هذا النوع، نتيجة قيامهم بهذه الإحتفالية الثأرية في بلد مثل لبنان. وأنا كتبت عن ذلك مقالا شهيرا بعنوان :”الثأريون” لا أستطيع أن اتغيّر هذا أنا. فعندما كان فريق 14 آذار يقوم باحتفال مماثل كان رأيي فيهم قاسيا ، ولم أكن منهم، والآن رأيي بالذي حصل في إطلاق الضباط قاسٍ ربما، ولكن هذا “من سواك بنفسه ما ظلمك”.

س- يعني انت لا ترى اي تداعيات سياسية أو قضائية، لحدث إطلاق الضباط الأربعة؟
ج- طبعا، أرى تداعيات سياسية وقضائية، ما الذي يجري طرحه الآن؟ بدأنا بإدانة القضاء اللبناني كاملا، وإنتهينا بإدانة قضاة معينين. وبدأنا بإدانة عمل المحكمة الدولية كليا ، وإنتهينا بالنظر الى نتائجها بالمفرق واحدة واحدة لنعالجها.

أقول فليكن هناك رد فعل عند الناس، وليكن حدّة عند بعض الناس، وليكن جنون عند بعض الناس، ولكن يجب ان يكون هناك من لديه مجموعة آراء تسمح له بتحقيق توازن وإعتدال في النظرة والمعالجة الهادئة لأزمات كبرى ، ويجب الا يدخل الجميع في جوقة واحدة، وكأن هذه مسألة قانونية من الدرجة الأولى. سماحة السيد حسن نصرالله قال ان هذه مسألة سياسية، فدعونا نعالجها بالسياسة، وكفى التكلم بالقوانين.

أريد أن أعود الى كلام السيد حسن ، ممكن ان سماحته قال في خطابه كل الكلام الذي قاله الإخوان الآخرين، إنما بلغته وبهدوئه وبموقعه وبأهميته، تجاه من سمعه من كل اللبنانيين ، هو قال نفس الوقائع ولكنه لم يثر حساسية أحد، ولكن بماذا أنهى كلامه؟ “ختاما أقدّر كل المشاعر المتناقضة التي عاشتها فئات لبنانية مختلفة يوم الأربعاء، كل الناس لديهم مشاعرهم ونحن نحترم هذه المشاعر من جهة، كان من الواجب الإحتفال بالضباط وبعائلات الضباط لأنه لحق بهم ظلم كبير، وتأسس على ظلمهم وعلى إعتقالهم ، ما كان يمكن أن تؤدي بالبلد الى ما لا تحمّد عقباه وكان ما زال قائما”…
واضاف: “لكن في المقابل نحن نريد أن نتوجه الى المشاعر الأخرى، لنقول يا إخواننا يا أحباءنا يا أعزائنا، هذه حادثة، لا نريد لا حادثة شماتة من أحد ولا حادثة تصفية حساب مع أحد ولا حتى حادثة توظيف إنتخابي ، فكلنا يعلم ان لبنان الخ…”
أنا أسأل من إلتزم بهذا الكلام أكثر، نواب الحزب أم أنا؟.

س- ذكرت انك تحب مصطلح جمهور رفيق الحريري، ولا تحب إستخدام مصطلح “تيار المستقبل” إذاً أنت مرشح مَن في الدائرة الثانية في بيروت؟
ج- ليس باعتباره مصطلحا ، أنا أولا غير منتسب للتيار بطبيعة الحال، أنا سمحت لنفسي أن أقول اني مرشّح جمهور رفيق الحريري، لأني أعتبر ان جمهور رفيق الحريري إطار أوسع بكثير من “تيار المستقبل”.

س- ألا يختصر اليوم “تيار المستقبل” كل جمهور رفيق الحريري باعتباره التيار السياسي الاوسع بحسب المراقبين حتى؟
ج- أولا هذا رأيهم وليس رأيي، وأنا شخصيا لا أوافق وأعتبر جمهور رفيق الحريري أوسع من “تيار المستقبل”. “تيار المستقبل” هو الرافد الرئيسي ، وأعتقد أيضا ان جمهور “حزب الله” أوسع بكثير من المنتمين الى الحزب، وهذا أمر طبيعي بالتيارات السياسية التي لها عناوين كبرى.

س- لماذا لا تنتمي الى “تيار المستقبل” الذي تحوّل الى حزب؟
ج- لقد تأخرت كثيرا عن ذلك، فمنذ زمن لم أنتمِ ، هل سأنتمي اليوم؟.

س- هل هذا لأنك تفضل أن تبقى على إستقلاليتك دون الضوابط الحزبية؟
ج- طبعا، أنا أفضل الا يكون عندي ضوابط حزبية، ولكن عندي ضوابط سياسية بانتمائي للكتلة وبالتالي هذا إفتراض، أليس كذلك ولا زال الوقت مبكرا.

س- هل أقّر التوافق الذي حصل في الدوحة؟
ج- هو أُقر ولكن لم ينفّذ حتى الآن.

س- كيف ذلك؟
ج- الإقرار مسألة علنية ولكن التنفيذ مسألة أخرى لم تظهر ملامحها حتى الآن ، ولكن على كل حال الموضوع ليس موضوعا شخصيا حتى الآن.

جمهور رفيق الحريري جمهور واسع جدا موجود في كل قطاع وفي كل مجال، وقد يكون في هذا المبنى اناس من جمهور رفيق الحريري ، بالمعنى العريض للموضوع. فإذا كان الواحد في جمهور البحر فلماذا يكتفي بالنهر.

س- هل الإنتماء لجمهور البحر له علاقة بمشكلة ما، مع رأس النهر الذي هو النائب سعد الحريري، لأن هناك كلام يُقال في أوساط سياسية وإعلامية، انه بعد إغتيال الرئيس الحريري كان عندك مشكلة مع النائب سعد الحريري ومع السيدة نازك الحريري، هل هذا صحيح؟
ج- لا مشكلة شخصية لديّ مع أي فرد من آل الحريري.

س- وغير شخصي؟
ج- ولا حتى غير شخصي بالعكس، يمكن كان هناك إبتعاد سياسي، وأنا كتبت عنه في وقته وكان علنيا ولم يكن سريا، وكنت أقول أنني أفضل الإبتعاد لكي يكون لكلمتي تأثير أكبر ولحريتي هامش أوسع، ولا تنسى أني كتبت أربع سنوات، وكنت أعتبر نفسي مسؤولا عن مقالة في جريدة “السفير” أكثر من مسؤوليتي عن أي شيء آخر، فهذا الإبتعاد الإرادي أعطاني هامشا كبيرا من الحرية، ولكن في السنة الأخيرة أو السنة والنصف الأخيرة عدنا الى النقاش الدائم حول كل العناوين السياسية . الهامش لم يضق وهذا أدى في النهاية ان يكون الشيخ سعد الحريري هو من رشحني للنيابة، ولم أكن لوحدي متحمسا لذلك.

س- قيل بتزكية قوية من السعودية، يعني السعودية أرادت نهاد المشنوق مرشّحا في بيروت على لوائح “تيار المستقبل”؟
ج- أنا أتمنى ولكن لم أسمع أي شيء جدي في هذا المعنى، وهذا مثل المال السعودي، وأنا لم أر دعما للترشيح ولا مالا سعوديا.

دعينا نوضح انه لا يوجد شخص صديق لدولة ، وإنما صداقات الدول تكون مع بعضها البعض، والشخص مهما كبُر وعظُم شأنه فهو فرد أو مجموعة أفراد.

س- ألم يكن الرئيس الحريري صديقا للسعودية كشخص؟
ج- الرئيس الحريري كان سعوديا وعاش معهم 30 سنة وعمل معهم ، وكان موجودا في كل دوائرهم السياسية.

س- إذاً هو شخص صديق لدولة؟
ج- أولا هذه مقارنة كبيرة عليّ، أنا لم أكن في السعودية ولا عشت في السعودية.

س- أنا أقول بالمبدأ، لأنك تقول لا توجد دولة صديقة لشخص؟
ج- لا يوجد شخص صديق لدولة ، إنما الرئيس الحريري كان هذا الأمر، جزء كبير من حياته أمضاه معهم وإشتغل معهم وأكل وشرب معهم، ونسّق معهم، يعني هذه قصة مختلفة.

س- هناك قصة تُقال وتُروّج انك بعد إغتيال الرئيس الحريري، ذهبت الى سوريا وقابلت مسؤولين سوريين ما أدى الى هذا الإبتعاد؟
ج- أنا ذهبت الى سوريا علنا، وكتبت مقالات علنية ، وأنا ذهبت قبل الإغتيال ايضا وكتبت مقالات علنية ولم أذهب بصفتي سائحا، وبالتالي أنا لم أتنازل ولن أتنازل عن حصتي بسوريا، أنا أعتبر ان لي حصة في كل دولة عربية معنويا لا أقبل بالتنازل عنها.

س- حصة بالنظام أم بماذا؟
ج- الدولة شيء والنظام شيء آخر، وانا لا علاقة لي بالنظام ، أنا ذهبت بمهمة إعلامية محدّدة ورغبت منها بمراجعة بعض المسؤولين عن بداية العلاقات الإيرانية – السورية ، لذلك ذهبت الى الشخص الرئيسي اللواء محمد ناصيف وكان متقبلا وموضوعيا بالنقاش، ونقلت عن لسانه كلاما علنيا. أنا لست من دعاة المقاطعة، أنا كتبت عدة مقالات دعوت فيها الرئيس السنيورة الى زيارة سوريا والتفاوض ، وكتبت مقالا بعنوان “مفاوض أو مقاوم”، فأنا لي وجهة نظر محدّدة وعلنية ليست سرية أو مخبأة، والآن أظهرتها الى العلن، هناك إشكالية يتسبب بها الخلط بين العلني والإفتراضي، فهناك من يفترض ان الذهاب الى سوريا يعني 1- 2- 3- 4 وهناك من يفترض وأنا واحد منهم انه عندما ذهبت الى سوريا ذهبت بمهمة محدّدة مُعلنة، وكتبت بنتيجتها مقالات علنية في أكثر الصحف المنتشرة في البلد، فلماذا الإجتهاد في هذا الأمر؟.

س- أثناء حرب تموز كتبت مقالا وكأن فيه نقدا للملك السعودي، وللسعودية على خلفية ما قيل انه مغامرة ، هل أدى هذا الأمر الى مشكلة بينك وبين النظام السعودي؟
ج- كلمة كأنه لطافة منك. ولكن هل عدنا الى مقولة الأشخاص والأنظمة.

س- لنقل اصدقاءك السعوديين؟
ج- هذا أيضا فيه وصف مبالغ به، ولكن على كل حال أنا كنت في السعودية الصيف الفائت وفي زيارة علنية، وكتبت عدة مواضيع لا أذكر عناوينها الآن، فقد أجريت مقابلة مع تلفزيون “ال. بي. سي” من الرياض شارك فيها عضو في مجلس الشورى ومسؤول سوري كان، على ما أذكر، الدكتور سمير التقي ، وقال عضو مجلس الشورى السعودي في الاستديو في الرياض أن ما حدث في حرب تموز كان مغامرة غير محسوبة الخ.. فأنا قاطعته على الهواء والتسجيل موجود ، قاطعته على الهواء في قلب الرياض وقلت له “انا لا أوافقك ، فهذا قرار إتخذ بين نائب الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي في القاعة الفلانية بالولاية الفلانية، وهذا شيء مُعلن وأنا لا أكشف أسرارا ، وبالتالي لا نريد الرجوع الى لغة المغامرة غير المحسوبة”، إذاً لم يتغير موقفي من هذه المسألة ولا لحظة.

هناك بعض السعوديين الذين أعرفهم ممكن أن يكون عندهم عتب من ذلك، ولكن أنا لم أسمعه. السعوديون تغيّروا بعد ذلك.

س- السعوديون ظهروا في حرب غزة، وكأنهم يتعاطون مع المقاومة بنفس الطريقة ولم تتغير؟
ج- دعينا نتذكر حتى لا نذهب الى الأشياء بالجملة، نحن ننسى ان الملك عبدالله عندما كان وليا للعهد ، كان أول مسؤول عربي يقابل قيادة “حزب الله” وهذا جرى في بيروت في منزل الرئيس رفيق الحريري سنة 1997 أو 1998، وكانت الزيارة الوحيدة التي جاء فيها الملك عبدالله يومها الى لبنان، لذلك لا يجوز ان نأخذ الأمور كلها بالجملة ، فلا الموقف السعودي بدأ بالمغامرات غير المحسوبة ولا إنتهى هناك، إنما توجد مواقف كثيرة قبلها وبعدها تتعلق بوصف العاهل السعودي للوجود الأميركي في العراق بالإحتلال ، وبتهديده مؤخرا بسحب مبادرة السلام عن الطاولة بسبب الموقف الإسرائيلي المتعنت ، فلذلك دعينا لا نحصر الأمور بموقف معين، لأن هناك مواقف أخرى كثيرة.

ان حصر السياسة السعودية بموقف معين وبموقع معيّن ممكن أنتِ محقة في هذا الأمر، لأن الوقت كان وقت حرب ، لكن انا أفضل رؤية الصورة الشاملة.

س- في موضوع المقاومة لك رأي مميز دائما، داعما للمقاومة نظرية ومعادلة، أين جمهور رفيق الحريري من هذه النظرة؟
ج- أتمنى ان تقولي موقفا طبيعيا من المقاومة ايضا، انا مع العلاقات الطبيعية مع سوريا وليس المميزة، لأن كلمة “مميزة” تبدو كأنها تحدد هدفا لا نريد ان نصل إليه.

س- لنقل انه موقف طبيعي من المقاومة، وانت قلت ان جمهور رفيق الحريري في هذا السياق. هل اليوم جمهور رفيق الحريري أو الجمهور السُني في لبنان لايزال يعتبر المقاومة ضرورة وإسرائيل عدوة.
ج- هل يمكن حذف السٌنة من الحوار؟.

س- أنا أقول ذلك لتوصيف الأمور؟
ج- في توصيف الأمور، السُنة هم من بدأوا المقاومة وأنا لا أريد الدخول في هذا النقاش، ولا أحب استعمال هذا التعبير لا كتابة ولا شفاهة. جمهور رفيق الحريري جمهور ملتزم بعروبته وملتزم بخياراته وبتاريخه وغير مختلف مع تاريخه ولا احد يستيقظ صباحا ليقرر ان كل تاريخه سيء، هناك فترة مرت ولا تزال مستمرة شهدت خلافا سياسيا حادا وواضحا ومُعلنا من هذا الجمهور من القيادة السورية، لكن لا العروبة ولا المقاومة ولا كل العناوين السامية التي عشنا كل تاريخنا عليها ، بدأت في سوريا وإنتهت في سوريا هذه مسألة أوسع بكثير.

في لبنان كل المعنيين الذين أعرفهم ليسوا من دعاة إتفاقية سلام مع إسرائيل بمن فيهم الاستاذ وليد جنبلاط، وفي أوج خلافه مع القيادة السورية ومع “حزب الله”، كان من دعاة على الأقل إستمرار الوضع على ما هو عليه.

أما القيادة السورية فهي في مكان آخر، وهي تصرّح علنا بأنها تريد مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين، برعاية أميركية لتحرير أرضها المحتلة، عبر الوسائل الدبلوماسية .

س- هل أنت ضد هذا الأمر؟
ج- ليس مهما ان اكون ضد أو مع ، ما يهمني أن أعرف الفرق بين الموقف اللبناني وبين الموقف السوري، بين موقف جمهور رفيق الحريري، وبين موقف ما يمكن تسميته بالمسؤولين السياسيين.

س- هل هناك فرق بين جمهور رفيق الحريري والتيار؟
ج- دعيني أكمل ، انا ما سمعته في خطاب البيال الذي أّعتبر مؤتمرا تاسيسيا لـ”تيار المستقبل” ما سمعته من النائب سعد الحريري هو إلتزام بالعروبة وبالقضية الفلسطينية وبالمقاومة ولم أسمع منه كلاما آخر.

س- مفهوم العروبة مُلتبس في هذه الأيام ، فهناك عروبة الإعتدال مرة سمعتك تستشهد بكتاب لمروان المعشر الذي كان وزيرا لخارجية الأردن ، والذي نظّر فيه عن الخط الإعتدالي في المنطقة وهناك عروبة أخرى اسمها عروبة المقاومة والممانعة، نسمع يوميا إعلاميا من قبل 14 آذار و”تيار المستقبل” هجوما على هذه المقاومة والممانعة؟
ج- أنا أعتقد انه منذ فترة طويلة لم تسمع هذا الهجوم وحسب متابعتي لم أر نصا جديدا منذ أشهر له علاقة بالهجوم وأعتقد ان هناك تطورا جديا في الموضوع في داخلهم وفي علانيتهم ، هذه مسألة لم تعد مطروحة الآن ، وأريد أن أقول أكثر من ذلك، ما حدث في الإنتخابات الإسرائيلية كان فشلا لكل سياسات التسوية السلمية في المنطقة، يؤكد الحاجة الى المقاومة ويؤكد ضرورة المقاومة، وكل البحث الذي اقوله منذ سنوات الى الآن، هو إيجاد صياغة بإبتكار لبناني، يحقق للمقاومة وجودها وفعاليتها وإيجابيات ما فعلته وهي كثيرة.. كثيرة.. في عام 2000 بتحرير الأرض المحتلة، والصمود في وجه واحد من أقوى جيوش المنطقة، وهذا الكلام ليس جديدا أنا قلته في عام 2006 . وفي مقالات متعددة وليس في واحد أو اثنين او عشرة ، وأدخلت والدتي بالموضوع وكتبت “منديلك علمي” لأن هذه قناعتي ولا زلت مستمرا. على العكس كل التطورات السياسية في المنطقة تؤكد ان هذه القناعة سليمة.

س- ما هو تعليقك على إتهام السيد حسن نصرالله لأسرائيل باغتيال الرئيس الحريري هل أنت مع هذا الإحتمال؟
ج- انا من دعاة سحب الإفتراض والإجتهاد والإستناد وكل شيء له علاقة باغتيال الرئيس الحريري وتحويل الأمر الى البراد السياسي الى حين صدور القرار الظني ، لماذا الإفتراضات والإجتهادات والإستنادات مع إحترامي لما قاله ، وهذه ليست المرة الأولى التي يقول فيها ذلك، وبالتأكيد لجنة التحقيق الدولية يجب أن تأخذ هذا الإحتمال بعين الإعتبار سواء باتجاه إسرائيل أو باتجاه غير إسرائيل، ومهمة لجنة التحقيق الدولية معرفة الحقيقة وليس تعيين متهمين مسبقين.

س- لكن في آليات التحقيق يحق لهم وضع فرضيات ويعملوا عليها؟
ج- فرضيات فقط أو يجب ان تكون عندهم إشارات أو إتجاهات، أعود وأقول لنسحب أنفسنا من هذا الموضوع، ونبحث عن عناوين نتفق عليها.

س- لكن أنا أردت هذا السؤال مدخلا لسؤال حول الشبكات؟
ج- انا ضيّعت في الشبكات. ولم أعدد كم شبكة ومن ولماذا، ولكن من الواضح انها كثيرة.

س- كيف تفسر هذا الأمر وما تعليقك عليه وأنت تقول ضيّعت؟
ج- أنا ضيّعت بالعدد وليس بالمبدأ ، وأنا قلت لقد تفاجأت ان هناك مكتبا متخصصا في فرع المعلومات لهذا الأمر أنشىء عام 2006 وكان مفاجأة إيجابية بالنسبة لي.

اليوم قرأت ان المخابرات قامت باعتقالات وجهاز الأمن في الحزب قام باعتقالات ، ولكن الواضح ان الفترة الطويلة التي بقي فيها الجيش الإسرائيلي في الجنوب من العام 1978 الى العام 2000، حوالى 22 سنة كان وقتا كافيا لتجنيد أشخاص هذا ليس مستغربا، ولكن المستغرب ان يمضي هذا الوقت الطويل دون أن نكتشفهم ، المستغرب ان 25 سنة مرّت وهؤلاء ناس عاديون بعضهم على علاقة وثيقة شخصية على الأقل بقيادات المقاومة وبعضهم في قوى أمنية وبعضهم في أجهزة وبعضهم جنرالات سابقين وبعضهم أثرياء وبعضهم له صفات بما أنزل الله بها من سلطان ، انا لا يفاجئني هذا الأمر ربما يفاجئني بعض الصفات الشخصية للمتهمين.

أمر جيد ان هناك أجهزة معنية راصدة تستطيع تحقيق نجاحات كبيرة، وهذا يجعل الشبكات الأخرى، اما ان تزداد نوما فتختفي الآن، واما ان تتفكّك أو يطلب منها الإنسحاب، لأن من إعتقلوا كانت حركتهم كبيرة وواسعة.

س- ألا يجعلك هذا الأمر تميل الى تحميل إسرائيل مسؤولية أعمال جرت في لبنان تحديدا تجاه الذين تم إغتيالهم في الفترة الأخيرة؟
ج- الآن سندخل في إفتراض ونرجع ونختلف مع الإفتراض.

س- كنت تقول انك تريد التركيز على النقاط التي تجمع وإتهام اسرائيل يجمع ولا يفّرق؟
ج- أبدا لا يفرّق ولكنه ليس واقعا، فلماذا ندخل مرة أخرى في إفتراض أنا لا أملك معلومات بشأنه ولكن لا أقول اني لا اريد اتهام إسرائيل. لماذا نمضي الوقت في الإجتهاد، لقد إجتهدت ما فيه الكفاية وأخطأت ما فيه الكفاية ونظرت ما فيه الكفاية، هذا يكفي، لننسحب من هذا الموضوع ولننتظر القرار الظني وعندما يصدر هذا القرار أقرأه قراءة دقيقة وأوافق على ما فيه إذا كان لي مقدرة على الموافقة او الرفض.

أنا في النهاية اما قارىء وإما مواطن وإما سياسي، وبالتالي رئيس المحكمة لا تهمه صفاتي الثلاث هذه.

س- بالعودة الى الإنتخابات النيابية، لقد قلت ان اتفاق الدوحة أقر ولم ينفّذ، ما هو المفترض أن ينفّذ في إتفاق الدوحة حول الدائرة الثانية؟
ج- بحسب إتفاق الدوحة يفترض ان تكون هناك مواقف علنية من الأحزاب المعنية أو من الجهات السياسية المعنية، بإعتماد هذا التوافق لناخبيها، وإلا لا يكفي أن تتفق القيادات.

أنا ادّعي ان الناخبين لم تصلهم أي تعليمات تترافق أو تتوافق مع إتفاق الدوحة.

س- هل وصلتهم معلومات تعاكس إتفاق الدوحة؟
ج- لم يصلهم أي أمر ولكن كل واحد منهم يتصرّف على ان له مرشحا أو أقل من مرشح ويعمل له بشكل طبيعي.

س- ولكن الوقت مبكر على الإنتخابات؟
ج- لا ليس مبكرا.

س- الإنتخابات تكون في آخر اسبوع ، قبل العملية الإنتخابية حيث تتحرك الماكينات الإنتخابية ؟
ج- آخر اسبوع يكون للتنظيم ، ولكن الجو السياسي ينعكس على الناس وأنا أقول ان الجو السياسي حتى الآن لم ينعكس على التفاهم الإنتخابي.

على كل حال، أنا لا أشكو من هذه المشكلة لأنني تاريخيا منفتح على كل الناس ، وأخاطب كل الناس وألتقي كل الناس وأناقش كل الناس، ولكنني أتحدث هنا من حيث الوقائع.