“لقاء الأحد” مع جيزيل خوري – كذبة “النأي بالنفس”

مقابلات اذاعية 29 أبريل 2012 0

س- هذا الأسبوع كان حافلاً بالتصريحات والتصريحات المضادة بعد جلسة المناقشة النيابية التي استعرض فيها كل واحد عقله وزنوده. نبدأ بالسؤال عن هذه الجلسات حتى لو مرّ عليها 15 يوماً، كيف تنظر إليها؟
ج- أنا بصراحة، اعتبرها جلسات عادية بعكس الشائع، إنها جلسات استثنائية صحيح انه فيها عنف كلامي ومبالغات، ولكن أنا أعتبر ان هذه طبيعة عمل مجلس النواب في أي مكان من العالم، فلماذا المبالغة بالأوصاف. هذه الجلسات جزء من العمل البرلماني فيها الكثير من الفوضى والقليل من التشريع، قليل من الجدية، بعض الرصانة، ولكن المجلس النيابي هو المسرح الطبيعي لكل القوى السياسية لإظهار عضلاتها وأفكارها وأمراضها وعنصريتها وحدّتها، وللحقيقة أنا لم أفاجأ أولاً، وثانياً لم أتضايق .

س- هل ضحكت؟
ج- بعض الأحيان ضحكت، وفي بعض الأحيان تسليت، وفي بعض الأحيان زعلت، وفي بعض الأحيان ارتحت.

س- متى زعلت؟
ج- أنا زعلت عندما تحدث النائب آلان عون.

س- لماذا هل كنت تعتقد انه أهدأ؟
ج- هو لا يهمني، يعني ليس هو الموضوع بالنسبة لي إذا كان أهدأ أم غيره أكثر حدّة، بل التعبير الذي استعمله في الموضوع الإسلامي- المسيحي حيث وصفه بأنه هواجس، ولكن أنا أعتقد انها حالة مرضية وليس هواجس، وبالتالي هذه ليست طبيعة تعبير عن هواجس ولا طبيعة تعبير عن مشكلة تحتاج الى علاج.

س- أنت شعرت بأنه كانت هناك عنصرية، ولكن أيضاً ربما لو لم يكن هناك نقل تلفزيوني لما كانوا استعرضوا الى هذا الحد وإظهار عضلاتهم؟
ج- الحياة البرلمانية في أي مكان في العالم هذه هي طبيعتها، ونحن نبالغ بالمفاجأة وكأن ما حصل كأنه لم يحصل قبلاً ولم يحدث في أي مكان آخر، وبالتالي هذه هي طبيعة الحياة البرلمانية إلا إذا صدر شيء ناشز تماماً عن الإطار الوطني العام، الكلام الذي صدر عن كل الجهات هو كلام يُعبّر عن وجهة نظرهم، وكل نائب وحسب قدرته بالتعبير، بعضهم حادّ والبعض فولوكلوري والبعض خفيف الدم، وللحقيقة أنا لا أعطي هذه الجلسات أهمية استثنائية، ولكن كان واضحاً بالنسبة لي في الجلسة، هذه الكذبة المُسمّاة الحكومة، وهي عملياً انتهت مهما حاولوا تجميلها ومهما حاولوا الإيحاء بأنهم نالوا ثقة أم لم ينالوا الثقة، لأنه أيضاً طرح الثقة وطريقة التصويت التي تمت أيضاً فولوكلورية.
هناك حليف رئيسي في الحكومة نوابه الأربعة بالإضافة اليه، وهو وليد جنبلاط خرجوا من الجلسة، بصرف النظر، الخبر بالنسبة لي ليس طرح الثقة، ولا قراءة سامي الجميل التي ربما تكون خاطئة بمسألة إدارة الجلسة، ولكن عملياً الخبر الحقيقي في هذه الجلسة ان الإستاذ وليد جنبلاط ونوابه الأربعة خرجوا من الجلسة مع باقي قوى “14 آذار”.

س- لكنهم لم يخرجوا من الحكومة؟
ج- لا بأس يمكن أخذ الأمور بالتدرج وليس دفعة واحدة، لأن خروج الوزراء من الحكومة هي خطوة متقدّمة جداً لم يصلوا إليها بعد، ولكن عملياً هناك خمسة نواب، أربعة خرجوا ورئيسهم لم يحضر، وهذا يعطي فكرة عن مدى هشاشة هذا التماسك الحكومي الذي يتحدثون عنه يومياً باعتباره الخبر الأول بعد حصول مناقشات مجلس النواب.

س- لماذا برأيك الشيخ سامي الجميل طرح الثقة؟
ج- لا أملك معلومات جدّية، وبالنسبة لي فإن طرح الثقة هو تقليد برلماني طبيعي وعادي، وليس بالضرورة إذا أردت طرح الثقة ان تكون متأكداً من ان الأصوات كافية لعدم حصول الحكومة على الثقة، برأيي ان التوقيت لم يكن مناسباً، والتفرّد بهذا الموضوع لم يكن مناسباً. عملياً هو تفرّد بهذا الموضوع واتخذ موقفاً لا أعطيها أهمية كبرى، وما لم أفهمه هو انه لماذا لم ينسحب، فهو طرح الثقة وكان واضحاً عدم اكتمال النصاب بغياب نواب الكتائب الثلاثة، فالنصاب غير متوفّر فلماذا لم ينسحب؟ أنا لا أملك أجوبة على هذه الأسئلة، واعتبر ان ذلك جزءاً مما حصل في المجلس، بالنسبة لي الأمر عادي جداً وهناك مبالغات باستعمال الأوصاف تجاه الأمور، والشيخ سامي مُصّر على انه منفرد ومختلف وعبّر بطريقته عن هذا الأختلاف والإنفراد، ولم تكن النتيجة مناسبة ولم يكن المنظر مناسباً، ولم تكن الطريقة مناسبة، وأنا لا أملك ولا جواب لماذا لم يفصل بين طرحه للثقة وبين خروجه من الجلسة، لا جواب جدّي لدي، وباستطاعتي بكل بساطة أن أقول انه ربما تفاهم مع الرئيس بري على انه إذا طرح الثقة يجب أن يبقى في الجلسة وان عدم طرحه للثقة يجعله يخرج، لا أملك أي فكرة واضحة عن الموضوع. وللمناسبة فأنا لا أحضر جلسات مجلس النواب، فأنا منذ تشكيل هذه الحكومة لم أحضر سوى جلسة الثقة في البرلمان، لأني اعتبر ان هذه الحكومة لا تملك الشرعية الوطنية، وبالتالي أي حكومة شُكلّت بقوة السلاح بالنسبة لي هذه مسألة مبدئية، لا أعتبرها حكومة عادية ولا حكومة تملك الشرعية الوطنية، وبالتالي منذ اليوم الأول ومنذ اجتماع البريستول كنت من دعاة مقاطعة الحكومة في مجلس النواب.

س- أنت تقول انك تقاطع هذه الحكومة، ولكن لو كنتم في الحكومة أو لو كان هناك حكومة توافقية كما تعوّدنا؟
ج- كانت ستكون أسوأ من هذه قبل أن تسأليني.

س- لو كانت الحكومة لكم أم حكومة توافقية وحصلت الثورة في سوريا ماذا كان سيكون موقفكم؟
ج- أولاً أنا لا أربط مسألة تشكيل الحكومة بالثورة في سوريا. دعينا نستذكر ما حصل : كُلّف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة في 25 كانون الثاني في 2011، هذا كان يوم الثورة المصرية، وتغيّرت كل الظروف في المنطقة، طالبناه مرات ومرات ومرات ورجوناه، طلبنا منه أن يقبض نفسه وأن يعتبر ان الجهات المتحالفة معه تحتاجه وليس العكس لتشكيل الحكومة، فهو انتظر ستة أشهر لكي يُشكّل حكومة، كان بالإمكان تشكيلها هي نفسها في شباط 2011 حكومة ليس فيها أي جديد، ومعروف ان كل الجهات المتحالف معها فرضت شروطها وأخذت ما تريد في الحكومة، فلماذا انتظر ستة أشهر لتشكيلها واستناداً الى ماذا؟ هذا أولاً.
ثانياً: منذ اللحظة الأول لتكليفه وطوال الأشهر الستة كل الإتصالات التي كانت معه العلنية وغير العلنية كنا نطالبه ونُلح عليه ونرجوه بأن لا يوصلنا الى المواجهة، وكنا نطلب تشكيل حكومة تكنوقراط، ونحن نبذل كل جهد لإعطائه الثقة إذا تخلّى الآخرون عنه، بمعنى الأكثرية داخل مجلس النواب.
ثالثاً: ماذا كان جوابه هو؟ كان جوابه بأنكم تدعوني الى القيام بانقلاب على الإنقلاب، وبالتالي يعني هو مُعترف بأنه جزء من الإنقلاب، فكيف يمكن أن لا تكون النتائج بهذه الطريقة؟.

س- أليس من الأفضل أن يكون نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة من أن تكون برئاسة شخص آخر ليس من قوى “14 آذار” سني أقرب الى “حزب الله” وأقرب الى النظام السوري؟ وبالتالي يجب أن تشكروا نجيب ميقاتي لترؤسه الحكومة.
ج- على ماذا نشكره؟.

س- أولاً لأنه استطاع تشكيل حكومة في وقت كانت الثورة قائمة في سوريا، وثانياً انه استطاع تمرير استحقاق تمويل المحكمة الدولية، ثالثا: انه اخترع قصة النأي بالنفس وانه حيّد لبنان قدر الإمكان مما يحصل في سوريا ولم يعطِ تنازلات حقيقية لحلفائه، فلو كان على رأس الحكومة الأستاذ عبدالرحيم مراد أو الرئيس عمر كرامي لما كنا سنشهد هذا المشهد السياسي في لبنان؟
ج- أولاَ تشكيل حكومة برئاسة شخص غير نجيب ميقاني في ذلك الحين كان أمراً مستحيلاً لأنه لم يكن لأي اسم آخر أن يحقق الأكثرية التي حققها نجيب ميقاتي، دعينا لا نُبسّط الأمور وكأنه بكبسة زر كان بالإمكان الإتيان بعمر كرامي والإتيان بنفس الأكثرية معه هذا غير صحيح، لأنه عملياً باستثناء نواب كتلة جبهة النضال وعددهم سبعة كان على الأقل هناك عشرة نواب يمكن أن ينقسموا على أي اسم آخر مرشح لرئاسة الحكومة.

س- ليس بالضرورة عبدالرحيم مراد أو عمر كرامي حتى لو كان محمد الصفدي؟
ج- ياسيدتي كانوا سينقسمون، وبالتالي الأمر لم يكن مطروحاً بأنهم كرّمونا، بأنهم لم يأتوا بفلان ولم يأتوا بفلان. فبالعدد وبالحسابات وبالأرقام لم يكن أمامهم خياراً في ذلك الوقت سوى تكليف نجيب ميقاتي، فضلاً عن ان تكليف ميقاتي تم بقوة السلاح، وبالتالي الأمر ليس بهذه البساطة، هذا أولاً.
ثانياً: في موضوع المحكمة أعتقد وانت تعرفين وأنا أعرف ان هذا القرار لا علاقة له بالحكومة، هذا القرار كان بناءاً على ضغط روسي على الإيرانيين الذين أبلغوا “حزب الله” بأن هذا الأمر يجب أن يكون، ونواب “حزب الله” عندما زاروا موسكو بوفد برئاسة النائب محمد رعد أُبلغوا مواجهة ومباشرة ان الموقف الروسي من المحكمة هو موقف حاسم ونهائي، وان هذه المحكمة يجب أن تُموّل، وبالتالي نأى الحزب بنفسه عن مسألة مواجهة تمويل المحكمة. إذاً ليس هناك أي فضل لا للحكومة ولا للرئيس ميقاتي في هذه المسألة.
ثالثاً: بالنسبة للثورة السورية والنأي بالنفس ماذا كان يمكن أن تفعل أي حكومة أخرى بمسألة النأي بالنفس أو عدم النأي بالنفس، لو افترضنا لا سمح الله بأن هذه الحكومة من “14 آذار” ماذا كانت ستفعل سوى اتخاذ موقف سياسي مؤيد للثورة السورية لا أكثر ولا أقل وماذا كان سيحصل؟.

س- كان ذلك أدى الى انقلاب؟
ج- أبداً هذا كلام مُبالغ فيه، الكلام عن الإنقلابات واستعمال السلاح والقدرة والعنتريات، هذا كلام أصبح من الماضي، الدنيا تتغيّر في كل مكان، نحن نتعامل مع الوضع وكأنه هو ذاته في الـ2009 أو الـ2010، الدنيا تغيّرت، العالم العربي يتغيّر في كل يوم، ونحن مازلنا نناقش تفصيل من نوع نجيب ميقاتي أو غير نجيب ميقاتي.
رابعاً: نحن لم نطرح لا على الرئيس ميقاتي ولا على غيره، ولم يكن البديل حكومة من “14 آذار” ولم يكن البديل رئيس حكومة من قوى “14 آذار” ولا الرئيس الحريري أو الرئيس السنيورة، أو أي اسم آخر كانوا مرشحين لرئاسة الحكومة، نحن طرحنا عليه في ذلك الوقت بأننا نسير معه شرط تشكيل حكومة تكنوقراط وليس حكومة مواجهة.

س- هل يوجد تكنوقراط حيادي؟
ج- نعم، هناك اشخاص معقولين، ماذا تعني كلمة حيادي، هنالك فرق بين أن تكون مؤيد أو ملتزم وبين أن تكون منتحراً في موقفك السياسي.

س- لماذا تطرحون اليوم حكومة تكنوقراط؟
ج- هذا الأمر طُرح منذ اليوم الأول واستمر الطرح الى أن شكل حكومة في شهر تموز.

س- هو كان يريد ذلك ولكنه لم يستطع؟
ج- هو لم يستطع لأنه لم يكن واثق من انه يستطيع ذلك، لأنهم لم يكن أمامهم خيار آخر سواه، إنما هو كان أمامه خيارين: خيار تشكيل حكومة تكنوقراط وانقسام الأصوات حوله وهم لم يكن أمامهم سوى خيار واحد هو نجيب ميقاتي، وبالتالي هو كان أمام خيارين فاختار الخيار الأصعب والأسوأ.

س- ألم يكن الصفدي خيار آخر؟
ج- بالنسبة لي لا تعنيني الأسماء، أنا أتحدث عن الشكل السياسي، ومحمد الصفدي لم يكن ليؤمن هذه الأكثرية التي أوجدتها هذه الحكومة ولا عبدالرحيم مراد ولا عمر كرامي ولا أي اسم آخر، هناك مبالغات في تبسيط الأمور التفصيلية اللبنانية، هذه الحكومة استغرق تشكيلها ستة أشهر لأن نقاش تشكيلها كان يتم في الخارج وليس عندنا، والسؤال كان هل نُشكّل حكومة مواجهة؟ القرار كان في سوريا أو ننتظر ربما حصل انفتاح عربي أو تغيّر في الموقف الدولي أو غير ذلك، لأن الثورة السورية بدأت في 15 آذار وتم تشكيل الحكومة في تموز، وعندما حصل الهجوم على جسر الشغور على حدود تركيا كان ان اتخذ القرار بالمواجهة على كل الأصعدة فتمّ تشكيل هذه الحكومة باعتبارها جزء من المواجهة.
س- هل ترى ان هذه الحكومة تقوم بالمواجهة؟
ج- ماذا يمكن أن تفعل لتواجه أكثر من موقفها في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن وفي الجامعة العربية مخالفة للإجماع الدولي ومخالفة للإجماع العربي ولكل المواقف من سوريا، ماذا يمكن أن تفعل اكثر من ذلك، هل ترسل الجيش اللبناني؟.

س- لكن ربما كانت لا تسمح للمعارضة السورية المجيء الى بيروت وأن تضيّق عليها أكثر وتقوم بتسليمهم للسلطات السورية؟
ج- وهل لبنان بلد منقطع عن العالم؟ وهل بيروت هي المكان الوحيد للمعارضة السورية السلمية لكي تُعبّر عن رأيها؟ هم موجودون في مصر وفي قطر وفي غيرها من البلدان.

س- هناك رأي عند البعض بأنها ليس معارضة سلمية، وباخرة السلاح التي ضبطها الجيش بالأمس خير دليل؟
ج- أولاً لكي لا يحصل أي لغط أنا أشد على يد الجيش اللبناني وأحيي قيادة الجيش اللبناني على أي دور تمارسه في منع دخول أو مرور أو تسليح عبر لبنان، دعينا نفصل الأمور عن بعضها، الفرق بين باخرة السلاح وبين التعبير عن الموقف السياسي أو التصرّف من قبل أجهزة معنية بمعنى الظلم، فهذا موضوع وهذا موضوع.
ثانياً: العين الدولية الكبرى مفتوحة على لبنان، وأنتِ تعرفين ان هناك منظمات دولية وجهات دولية معنية بحماية الرأي وبحماية النازحين وبتأمين المساعدات، اليوم قرأت في الجريدة ان الوزير جبران باسيل يقول بأنه حرام كل قرش يُدفع على النازحين السوريين، فهل هذا كلام لناس عاقلين؟ هذا كلام لناس عنصريين، هؤلاء مثل البيض سابقاً في جنوب افريقيا، وهذا ليس كلاماً عاقلاً ولا كلام سياسي ولا إنساني، فكيف يمكن لشخص أن يتخلى عن إنسانيته الى هذه الدرجة تحت شعار البحث عن عنوان سياسي جاذب لقلة من المجانين في محيطه أو في بيئته، كل الدولة اللبنانية موضوعة تحت المكبّر وكل تصرّف محسوب وكل تصرّف يُحاسب عليه كل شخص، وأنتِ تسألي كيف يدعمون النظام السوري؟ فماذا يمكن أن يفعلوا أكثر من ذلك: سوق حرة مالية، موقف في كل المحافل الدولية والعربية الى جانب النظام السوري، فماذا يمكن أن يفعلوا أكثر من ذلك؟ هل يرسلون الجيش اللبناني ليحارب معهم؟ دعينا لا نبالغ.
س- برأيك هل ستستمر الحكومة حتى انتخابات 2013؟
ج- نحن كمجموعة سياسية سنبذل كل جهدنا، سياسي ديموقراطي سلمي لإسقاط هذه الحكومة، لأننا لا نريد أن تكون هناك إلا حكومة تكنوقراط تُشرف على قانون الإنتخابات وتجري الإنتخابات بموعدها. هذه الحكومة غير مؤتمنة، وأنا قلت الأسبوع الماضي حتى لو اضطر الأمر الى ان نلجأ الى العصيان المدني، نحن سنبذل كل جهد ديموقراطي وسلمي لإسقاط هذه الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط نصف حيادية تقوم بوضع قانون انتخابات والإشراف عليها، نحن لا نأتمن هذه الحكومة لا على قانون الإنتخابات ولا على الإشراف على الإنتخابات، وهذا من حقنا.

س- ولكن لمصلحة هذه الحكومة أن تجعل مسافة بينها وبين الإنتخابات، لأن دائماً الحكومة في الحكم تخف شعبيتها، يعني الحكومة ربما تُقدّم استقالتها خلال خمسة أشهر وتأتي بحكومة تكنوقراط وهي ترتاح لأنها عندها لن تُطالب بتأمين الكهرباء ولا الخبز؟
ج- نحن نريد لهم أن يرتاحوا وان لا يتعبوا فإذا أقدم على تقديم استقالته وتشكيل حكومة تكنوقراط يكون ذلك خير وبركة.

س- لو كنت حضرتك من “حزب الله” أو عونياً هل تدخل على الإنتخابات وأنت في الحكومة أم تُفضّل ان تأخذ مسافة من الحكومة؟
ج- أنا أعتقد ان أولوية “حزب الله” تحديداً وسلاح “حزب الله” ودعمه للنظام السوري ومواجهته للعالم بالسياسة الإيرانية وخياراته المحلية لا تًبنى ببساطة على عنوان الإنتخابات أو عدم الإنتخابات.

س- لكن هذا الأمر مهم بالنسبة له؟
ج- صحيح، ولكن ليست لها الأولوية المطلقة الآن، فالأولوية المطلقة الآن هي لحماية النظام السوري.

س- أليس لحماية نفسه في حال حصل شيئا ما في سوريا؟
ج- الآن في المرحلة الحالية البحث هو حماية النظام السوري، وهذا الأمر ساري المفعول في لبنان، وأي كلام آخر هو تبسيطي لقراءة “حزب الله”، فالذي شكّل هذه الحكومة وبالطريقة التي شُكلّت فيها، وبالعقل الذي تشكّلت فيه لا تكون أولويته البحث عن شعبيته في الإنتخابات أو عدم شعبيته في الإنتخابات، وأنتِ تعرفين ان الحدّة السياسية والطائفية والمذهبية المتوفرة الآن في السوق تجعل قواعد الإنتخابات ليس قواعد خدمات، ربما ما تقولينه جزء منه يسري على التيار الوطني الحر ولكن لا يسري على “حزب الله”.

س- لكن لا نلاحظ من خلال التصريحات ان التيار الحر هو أقل عنفاً أو دعماً للنظام السوري، وانا أجد ان “حزب الله” في خطابه يضع مسافة فيما التيار الحر لا يفعل ذلك؟
ج- عن أي مسافة تتحدثين؟ ففي آخر خطاب للسيد نصرالله عبّر عن دعمه للرئيس بشار الأسد شخصياً الذي يتحمل في رقبته حتى الآن 12 ألف قتيل و18 ألف مفقود ومليون سوري يستعطون بحاجة الى مساعدات إنسانية و70 ألف معتقل ، فماذا ننتظر أن يقول أكثر من ذلك؟.

س- لكنه لا يتحدث مثل الوزير جبران باسيل حرام دعم النازحين بقرش احد، أو كما يقول الجنرال عون يوم الثلاثاء تنتهي الثورة في سوريا؟
ج- أولاً تبيّن ان كلام العماد عون مضحك، ثانياً: كلام الوزير باسيل كلاماً عنصرياً، يعني يلزمه معالجة نفسية وليس معالجة مادية.
أما كلام السيد نصر الله فهو كلام سياسي جدي ويعني ما يقول، وهو حين يعني ما يقول ، فهو يضع على كتفيه حجم من الدم لا حدود له تحت شعار الدعم السياسي، بالأمس شاهدنا هذا الفيلم المعروض على التلفزيونات الذي أظهر مشهد دفن ثائر سوري وهو حي، والطلب منه أن يقول لا إله إلا بشار، هل هناك عاقل وموزون يمكن أن يقف الى جانب بشار؟ هذا يلزمه مجنون وليس موقفاً سياسياً، هذا أمر يحتاج الى شخص مجنون في وقت نحن نُبسّط الأمور، محمد الصفدي ونجيب ميقاني وفؤاد السنيورة وسعد الحريري ونهاد المشنوق، الموضوع في المنطقة أكبر بكثير من كل هؤلاء الناس، هناك أكبرتغيير حاصل في المنطقة وهناك مسؤولية إنسانية، هناك وزراء في الحكومة يتهربون منها، هناك مسؤولية بشرية حيث نجد وزراء في الحكومة ينادون بعدم دفع قرش واحد للنازحين السوريين.

س- لماذا النائب مروان حمادة صرّح بأنه ربما لن تحصل الإنتخابات؟
ج- أعتقد ان التغييرات الحاصلة في المنطقة بشكل أو بآخر، ربما تعطي انطباع جزئي بأن جهة مجنونة، ربما تعتبر بأن تغيير الوضع في سوريا يستوجب تجميد الوضع في لبنان وعدم إجراء انتخابات، هذا ممكن، ولكن أعتقد ان الظرف العربي والدولي وحجم الضغوط وحجم الإشراف على الوضع السوري واللبناني سيؤدي الى إجراء الإنتخابات.

س- ألم يكن كلام النائب مروان حمادة تهديداً بالمقاطعة؟
ج- لا أبداً بالعكس هذا تخوّف، نحن نصّر على إجراء الإنتخابات في موعدها وبالطريقة التي يمكن أن نتفاهم فيها على قانون عاقل وليس عادلاً لأن العدل في الجنة.
الوضع في سوريا وكما قلت لكِ سابقاً في حديث على شاشة العربية، الوضع دُوّل بالكامل فهذه مسألة ليست خاضعة لموقف فلان أو فلان، الوضع الآن دُوّل بالكامل وتطوّره هو جزء من تطوّر الوضع الدولي، والقتال فيه هو جزء من تطوّر الوضع الدولي، والوضع الإنساني فيه هو جزء من الوضع الدولي، وبالتالي لا يمكن أن نصوّر أنفسنا بأننا لنا دور عظيم، نحن لنا موقفنا العظيم بالموقف السياسي، وبالجانب الإنساني ونقطة على السطر.
ثانياً: أعتقد ان الوزير حمادة يُعبّر عن تخوّف باعتبار ان حلفاء سوريا في لبنان إذا سقط النظام قبل الإنتخابات، ممكن عنده تخوّف من أن لهم صالح في تجميد الوضع في لبنان وعدم إجراء الإنتخابات.

س- هل لديهم القدرة على ذلك؟
ج- أنا أشك ان يكون لديهم قدرة، ولكن دائماً عندهم قدرة على الفوضى، وأعتقد انه يصعب عليهم ذلك، في ظل ميزان القوى الحالي صعب عليهم ذلك، فكيف في ظل ميزان قوي بعد سقوط النظام السوري، ولكن تخوّف الوزير حمادة في محله، وتخوّف منطقي، وبالتالي موقفنا نهائي وحاسم بأننا نريد إجراء الإنتخابات في موعدها وبقانون انتخابات عاقل.

س- سنتوقف لحظات ونعود ونتحدث عن قانون الإنتخابات الذي تطالبون به وساندتم فيه الوزير وليد جنبلاط.
ج- أبداً نحن لم نطلب، نحن اعترضنا هناك فرق بين الإعتراض والمطالبة.

س- تقول قانون عاقل ماذا يعني ذلك؟
ج- العدل بالسماء وأهم شيء في قانون الإنتخابات هو المساواة بالفرص أمام المرشحين والناخبين، والمطروح أمامنا اليوم أربعة مشاريع:
المشروع الأول: النسبية وما من شك هو قانون حديث يأخذ بعين الإعتبار القدرة على تمثيل الأقليات والمستقلين. لأن هذا هدف النسبية الأساسي، ولكن النسبية في لبنان الآن لا تُحقق لا العدل ولا المساواة لا بين المرشحين ولا بين الناخبين، لأنه في المناطق التي يسيطر عليها السلاح النسبية وهم، وما حصل في العام 2009 على بساطته واضح جداً ومُحدّد، فمن لا يستطيع أن يتحمل المفتي علي الأمين في صور فهل عنده للنسبية مكان؟ ومن لا يتحمل احمد الأسعد كمرشح ورأينا ماذا فعلوا بأحمد الأسعد في الجنوب وهو مرشح غير منافس حقيقي، فيومياً هناك اما تفجير أو إطلاق نار أو تخريب أو منع وصول، فكيف يمكن أن تكون هناك نسبية؟.

س- كيف يمكن أن لا تكون النسبية، فلو افترضنا ان هناك عشرة نواب في قضاء معين فلو حصل احدهم على واحد بالمئة يمكن أن يُنتخب كنائب؟
ج- أبداً غير صحيح، فمن ينال واحد بالمئة لا يمكن أن ينجح كنائب، عليه أن يحصل على 15 بالمئة كحد أدنى من أصوات الناخبين، هذا أولاً.
ثانياً: من سيتجرأ ويترشح؟
س- هناك من تجرأ وترشح؟
ج- مازالت تجربة الـ2009 أمامنا من الذي تجرأ ومن نجح.

س- لكن أنت تقول ان الدنيا تغيّرت اليوم؟
ج- نعم، ولكن هم في مناطقهم لم يتغيروا بعد، لذلك النسبية تسري على الآخرين ولا تسري في مناطق السلاح، دعينا نرى الأمور بصراحة، نحن لسنا ضد النسبية أبداً.

س- لماذا اعتبار السلاح دائماً المعرقل للإنتخابات، ربما أجروا انتخابات حقيقية لأنهم يملكون الأكثرية؟
ج- دعينا نرى كيف تشكّلت هذه الحكومة وكيف تغيّر الوضع السياسي منذ 7 أيار 2008 حتى اليوم وكيف تدّرج؟.

س- لكن البعض يرى انكم ضد النسبية لأنكم قد تخسرون نائب أو إثنين في بيروت؟
ج- ما المشكلة في ذلك، فإذا خسرنا نائبين في بيروت يمكن أن نعوّض ذلك في أكثر من منطقة، نحن هنا نتحدث عن تحالف عريض هو “14 آذار”.

س- وهناك من يعتبر رفضكم للنسبية لإرضاء الوزير جنبلاط؟
ج- ليس لإرضائه أو لإغضابه، هذا ليس العنوان الرئيسي لرفض النسبية ومعياره إرضاء او إغضاب الوزير جنبلاط. دعينا نعود الى الأساس وهو ان هذا السلاح منذ 7 أيار في الـ2008 وحتى اليوم سيطر على الحياة السياسية وغيّر الدستور وخرّب الآلية السياسية الدستورية في البلد، نحن نسينا هذا الأمر.

أنا أسأل كيف تشكّلت أول حكومة، وكيف تشكّلت الحكومة الثانية وكيف استقالت هذه الحكومة أو كيف أُقيلت الحكومة الثانية وكيف تشكلّت ثالث حكومة من الدوحة حتى الآن؟ نحن نسينا هذا التطور، كنا في حكومات وحدة وطنية أصبحنا في حكومات ثلث معطّل، وثلث معطّل كان قليل الشرف لأنه عملياً لا التزموا بعهدهم ولا وفوا بوعدهم.

س-أي قانون انتخاب تريدون؟
ج- لقانون الإنتخاب قواعده السياسية عشناها منذ 7 أيار 2008 حتى اليوم، فهل يمكن وضع قانون انتخاب بتجاهل كل هذه المرحلة وكل تأثير السلاح، هذا السلاح خرّب الحياة السياسية والدستورية في البلد بعد 7 أيار.

س- ما هو المطروح اليوم هل قانون الستين؟
ج- هناك أربعة مشاريع مطروحة الآن: النسبية، قانون الستين، اللقاء الأرثوذكسي، وهناك كلام عن انه يُطرح في الكواليس مشروع تصغير الدوائر بحيث ان التمثيل المسيحي يكون أكثر حرية مع الحفاظ على التعايش.
نحن موقفنا الرسمي هو التالي: أولاً” لا بد من إجراء اصلاحات قبل الوصول الى قانون الإنتخابات وهي هيئة قضائية مستقلة، تأمين اقتراع المغتربين بشكل جدي وليس على طريقة وزير خارجيتنا العظيم، وكوتا نسائية والمساواة بين المناطق وبين الدوائر بحيث تكون هناك إصلاحات جدّية قبل الوصول الى شكل القانون.
ثانياً: وهذا الأمر نحن جديين حياله، نحن نتبنى قانون انتخاب واحد علناً وصراحة هو ما نصّ عليه اتفاق الطائف بما في ذلك مجلس الشيوخ، هناك من يرى ذلك غريباً أو موقف متأخر ولكن هذا موقف مبدئي.
ثالثاُ: نحن لن نوافق على أي قانون انتخابات لا يوافق عليه أو يُرضي حلفاءنا المسيحيين، هذه مسألة استراتيجية وتأسيسية بالنسبة لنا. والباب مفتوح أمام النقاش، كما ذكرت مطروح الآن في الكواليس مشروع تصغير الدوائر على قاعدة الأكثرية، الحد الأدنى للدائرة يكون نائبين، الحد الأقصى أربعة نواب، وكأن هذا المشروع ينال رضا المسيحيين في أكثر من مجال لأنهم منصرفون الى درسه الآن.
س- كم دائرة تصبح بيروت؟
ج- في هذه الحالة تكون بيروت خمس دوائر لـ19 نائب، فعملياً نحن لسنا ضد النسبية بالمطلق ولا كُرمى لوليد جنبلاط، نحن مع النسبية عندما يكون هناك مساواة في الفرص وبحرية التحرك وبالقدرة على الترشيح أولاً، وثانياً على التصويت.
قد تقولين ان السلاح لم يؤثر، جوابي لنرى ماذا فعل السلاح منذ 7 أيار حتى اليوم فكيف يمكن تجاهل هذه الوقائع؟.

س- ذكرت في بداية الحديث كلمة حتى لو استدعى الأمر العصيان المدني، نحن نشاهد اليوم تظاهرات تحصل كل يوم وإقفال للبلد حيث تقريباً ثلاثة أيام في الأسبوع يُقفل وسط البلد ولكن هذا أصبح نوعاً من شلل البلد، ما هي خطواتكم عندما تقول عصيان مدني، هل يعني النزول الى الشارع؟
ج- نحن لسنا في عجلة من أمرنا، ونحن نأخذ وقتنا في هذا الموضوع، ونترك المجال لإمكانية التفاوض والتفاهم على حكومة محايدة تعد قانون الإنتخابات وتُشرف على الإنتخابات، لأننا نعتبر هذه الحكومة حكومة غير عاقلة وغير عادلة وغير محايدة، وهذه حكومة شُكّلت بقوة السلاح ونحن لن نقبل سلماً أن تُشرف هذه الحكومة على الإنتخابات.
بالأمس أقام “تيار المستقبل” أول مهرجان لدعم الثورة السورية، وفي 6 أيار في عيد الشهداء سيكون هناك لقاء كبير على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والرئيس سعد الحريري سيوجه كلمة من مقر إقامته يؤكد فيها على أهمية المناسبة التي تتعلق بالحرية وبإصرار جمهور رفيق الحريري على اعتبار الحرية هي أمر مقدس يجب الدفاع عنه، وعلى الدعم سلما وإنسانيا الثورة السورية بشكل واضح وصريح، وعلى تذكّر 7 أيار الذي يصادف اليوم التالي، هذه المسألة سبق وقلت، هذه بيروت فيها جرح مفتوح منذ 7 أيار حتى اليوم لم يُغلق، وهي مدينة ليست يتيمة لها أب وأم ولها من يُدافع عنها وعن كرامتها، وقد اقترحت اقتراحاً بسيطاً جداً يأن يعتذر السيد نصر الله شخصياً من بيروت على ما فعل فيها، وهذا اقتراح ديموقراطي سلمي مدني، هذه المدينة احتضنت كل الناس وفتحت صدرها لكل الناس ولكل الطوائف، موجود فيها كل الطوائف وكل التمثيل السياسي، ولولا منبر بيروت لما كان “حزب الله” موجوداً أصلاً، “حزب الله” مؤلف من أمرين من سلاحه ومن منبره في بيروت، فلولا هذا المنبر ولولا هذه المدينة أعطت لهؤلاء الناس هذا المنبر فأين سيكون حضورهم؟ وأين سيكون لهم تلفزيون سوى في بيروت؟ أو منبر سوى في بيروت؟ وحضور سوى في بيروت؟ وتبييض أموال سوى في بيروت؟ وأين سيكون لهم مصانع مخدرات سوى في بيروت؟ فالمدينة تستأهل على الأقل أن يدافعوا عنها.

س- بالنسبة لتبييض الأموال هناك اتهامات متبادلة في هذا الموضوع؟
ج- لا ليس في هذا الأمر اتهامات متبادلة، إنما هناك قرار من محكمة موجودة في اميركا، وهناك 32 متهم بالإسم إضافة الى المعامل السبعة في الحوزات العلمية للكابتاغون والحبوب المخدّرة التي كانت تُصدّر الى كل العالم العربي، هذه ليست اتهامات، هذه وقائع وهذا رجل مُعمّم وشقيق لنائب في “حزب الله”.

س- ولكن يمكن لأي شخص أن يفعل ذلك؟
ج- بوجود سبعة معامل في حوزات علمية، أعتقد انه من المُبالغ ان نعتبر ان أي شخص يمكن أن يفعل ذلك.
على كل حال ست جيزيل أنتِ أصغر مني بكثير، ولكن أنتِ في القراءة أكيد جيدة وأنتِ تعرفين ان البيئة الحاضنة للسلاح دائماً بعد سنوات تتحول الى بيئة وبؤرة فساد وموبقات ومخدرات، حدث هذا الأمر مع الفلسطينيين وحدث هذا الأمر مع المسيحيين ويحدث الآن مع “حزب الله” هذا تطوّر طبيعي.

س- وحدث أيضا مع “المرابطون”؟
ج- نعم، أنا قلت هذا حدث مع كل السلاح ولم أقل غير ذلك، فلا يوجد مذهب وطائفة بهذا المعنى ، هذا مال حرام يُشجّع كل الناس لأن يتعاطوا بكل الأمور.
نحن في 6 أيار سنتذكر شهداء الحرية، سنتذكر شهداء الثورة السورية الذين يدافعون عن حريتهم وشهداء كل الثورات في العالم العربي الذين سقطوا ودفعوا حياتهم ثمن لحريتهم، وسنتذكر بيروت و7 ايار، ونرفض منطق السلاح وتأثير السلاح وسيطرته على الحياة السياسية وتخريبه لكل الآلية الدستورية التي عشنا عليها، والتي لا بقاء للبنان من دونها.
س- عندما قامت مظاهرة الشيخ الأسير سمعت من أحدهم جملة جميلة جداً، كنا نشكر الله بأن السُنة في بيروت يختلفون بين “قاسونابل وكورشوفيت” وأتونا الآن السلفيون بالشارع؟
ج- نحن أولاً لا نقوم بمظاهرات، إنما هذه مناسبات محدودة تأخذ بعين الإعتبار السلم الأهلي وعدم التعرّض بأي طريقة تُثير أي نزاع، نحن نتحدث بالسياسة وسلماً. أما الشيخ احمد الأسير أو غيره لا أعرف لماذا أُعطيت كل هذه الأهمية؟ لبنان مكان يستطيع الجميع التعبير عن رأيهم فيه، والأسير وغيره يمكن أن يعبّروا عن رأيهم، ونحن نترك للناس أن تُقرّر ما هو الكلام السياسي الذي يناسبها أو الكلام الديني. على كل حال هو كلامه السياسي أكثر من كلامه الديني، وبالتالي ما عرضه على الناس هو موقف سياسي وهذا الموقف ليس بجديد علينا، لا أريد الدخول في نقاش فيه، ولكن نحن كمجموعة سياسية البعض منا وليس كلنا موقفنا من الثورة السورية ومن 7 أيار ومن سلاح “حزب الله” سبّاق وقديم.

س- هل تخاف من تداعيات هذه الثورة على الأمن في لبنان، وفي حال حصلت حرب أهلية في سوريا هل يمكن أن تحصل تداعيات؟ واليوم رفعت عيد يُصرّح بأن الشمال أصبح من طورا بورا كله سلاح وتيارات متطرفة؟
ج- نعم بالنسبة له أعتقد ان كل من يقف مع الثورة السورية هم أفغان، أما حقيقة الأفغاني الجدّي فهو نفسه لأنه نشاز عن ثورة تريد الحرية لشعبها، فلا يوجد قواعد أصولية جدّية ولا وجود للقاعدة في الشمال.

س- لكن السلاح موجود؟
ج- السلاح كان موجوداً وسيبقى موجوداً ومستمراً، ودائماً السلاح في لبنان موجود، إذا كنا نتحدث عن السلاح الفردي بالمطلق، ولا جديد في موضوع السلاح سوى قيام “حزب الله” والسوريين بتسليح مجموعات في طرابلس منهم الأستاذ رفعت وآخرين تحت شعار الدفاع عن النفس.

س- هناك محايدون يقولون ان كل السياسيين والتيارات السياسية في طرابلس تتسلّح؟
ج- دعيني أتحدث أولاً عن “المستقبل”، فـ”المستقبل” لا علاقة له بالتسليح لا من قريب ولا من بعيد ولا بأي صورة من الصور لم يكن ولن يصبح في المستقبل، نحن جهة سياسية سلمية، وأي شخص من جماعة “المستقبل” سيعثرون عنده على أي سلاح سوى السلاح الفردي فليتخذوا بحقه كل الإجراءات القانونية.
أنا هنا أتحدث عن التسليح المحارب وليس عن وجود السلاح الفردي في منزل أي شخص.
نحن جهة سياسية سلمية لا علاقة لنا بالتسليح، نُدين التسلح ونُدين السلاح، ولا سلاح ندعو له سوى السلاح الشرعي الذي يُعبّر عنه الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وهذا تمسّك مبدئي.

س- بوجود هذا السلاح الفردي او غير الفردي هل تخاف أن تمتد الثورة السورية الى لبنان؟
ج- لا أعتقد ان الثورة السورية ستمتد الى لبنان إلا في حالة واحدة، وهي عندما يُقرر النظام السوري بالنزع الأخير بأن يُفّلت زعرانه في لبنان للقيام بعمل أمني، ولكن كل هذا لا قيمة له وأثره محدود.
الحرية أقوى من كل الناس، أريد أن ألفت نظرك لأمر ربما لم تقرأيه: الشيخ يوسف القرضاوي، وأنا لا يُعرف عني بأني مُتدّين أو مُتحمّس له، هو قال في آخر محاضرة له في قطر “ان الحرية تتقدّم على الشريعة، فلا شيء يقف بوجه الحرية”.
الكلام عن الحرب الأهلية في سوريا هو كلام عن أوهام، لأن هذا يفترض ان النظام السوري قادر على تجييش طائفة ضد أهلها في سوريا، وهذا غير صحيح وغير دقيق. وهذا تهديد أول من أطلقه بشار الأسد شخصياً ولم تطلقه أي جهة أخرى.

س- ربما أيضاً رامي مخلوف؟
ج- كلا، بشار الأسد شخصيا أطلق هذا التهديد، اما رامي مخلوف لم يتحدث عن حرب أهلية بل تحدث عن موضوع إسرائيل، فهناك فرق بين الإثنين، أما من تحدث عن التقسيم وعن الحرب الأهلية فهو بشار الأسد شخصياً للإستغلال السياسي ولتخويف الناس، الطائفة العلوية طائفة وطنية عروبية جدية في سوريا، والكلام عن انها ستجمع انتصاراً للظلم والقتل والدم هذا كلام وهمي يُراد منه تخويف الناس، لو سألتِ ان لبنان سيتحول الى مونت كارلوا فجأة بعد سقوط النظام السوري؟ فجوابي طبعاً كلا، أما ان هناك تأثيرات محدودة؟ فنعم والقدرة على استيعابها ممكنة.

س- هل تتخوّف من اغتيالات سياسية؟
ج- الإغتيالات أمر آخر وهي إلغاء كل ما تفضلتِ به عن فضائل الحكومة، لأنه إذا كان عنوان هذه الحكومة هو الإستقرار، فهذه الحكومة تشهد للمرة الأولى منذ الدوحة محاولة اغتيال قائد أساسي وكبير في قوى “14 آذار” هو الدكتور سمير جعجع والذي غضبوا منه لأنه كان سيُغتال وأصبحوا يريدون تأكيدات على ذلك.

س- هم كانوا يريدون التأكد من الوردة أو الزهرة؟
ج- وهم كانوا زعلانين لأنهم لم يذهبوا ليقدّموا العزاء بموته، واعتبروا ان هذا استغلال، أنا أعرف ان الدكتور جعجع لا يريد استغلال الإغتيال أبداً ولا يريد أن يسمع به أو يعرفه أو يعنيه، مثل أي إنسان آخر طبيعي ويريد الحياة ويستمر في عمله السياسي.

س- قلت ان محاولة الإغتيال تمحي عنصر أساسي من الحكومة اللبنانية؟
ج- طبعا، هذه المحاولة ليست عنوانا للإستقرار، ألم يأتِ الرئيس ميقاتي ليقول لنا عمر كرامي انهيار، سعد الحريري مواجهة، نجيب ميقاتي استقرار، ألم يضع أمامنا هذه الخيارات الثلاثة.

س- أيضاً التيارالوطني الحر قال؟
ج- أنا أتحدث عن نجيب ميقاتي ولا أتحدث عن التيار الوطني الحر، لأن التيار الوطني الحر هو كومبارس في هذه اللعبة وليس الأساس، من قال هذه العناوين الثلاثة هو الرئيس ميقاتي، وعندما تقع محاولة لاغتيال الدكتور جعجع تكون هذه الحكومة لا علاقة لها بالإستقرار ولا تُحقق أي استقرار.

س- “القوات اللبنانية” طالبت بلجنة تحقيق في موضوع البواخر، فأجاب التيار الوطني الحر بطلب لجنة تحقيق في كل الأمور وبكل المرحلة؟
ج- هذا من حقهم ولا يمكن أن ننكره على أحد، هذا أمر طبيعي، هذا جزء من عمل المجلس النيابي، وجزء من النواب يعتبر ان هناك إشكالية كبرى حول حسابات مالية موجودة منذ العام 1993 حتى اليوم، وهناك مسألة تتعلق بالفساد وهناك أمر يتعلق بإدارة المال منذ 93 حتى اليوم، وهناك شيء له علاقة بالفساد، وهذه لا تُشبه تلك. الفساد شيء مُعلن، رئيس الحكومة أعلن ان هناك رشوات بـ26 مليون دولار ولست أنا من أعلن ذلك، ومع ذلك تمّ بعدها موافقة مبدئية على عقود للبواخر بطريقة فولولكلورية شبيهة بنفس الطريقة التي تمّ فيها تلزيم الخليوي لشركة بإسم آخر غير الشركة التي كانت موجودة من قبل، بسبب بيع الأسهم للشركة الأم التي هي “موبينيل” بنفس الطريقة التي تمّ فيها تلزيم “سوكلين” في آخر ثلاث دقائق إلا ربع، بنفس الطريقة التي تمّ فيها كل هذا المنطق، فهذا موضوع وذاك موضوع، هناك شيء يتعلق بإدارة المال العام وإمكانية وجود ثغرات أو فوضى أو هدر أو كذا وهم يطالبون بلجنة تحقيق برلمانية، وهذا من حقهم مئة بالمئة، وهناك شيء له علاقة بالفساد. الفساد الذي ستتناوله لجنة التحقيق البرلمانية له علاقة بالكهرباء وليس فقط بالبواخر، لأن هناك تلزيم مُسبق تمّ لما يُسمّى التوزيع وغيره من قبل أن يكون عندها كهرباء، أي تمّ التلزيم لشركات قبل أن يكون عندها كهرباء مفاده أولاً تنتج الكهرباء وبعدها تأتي بشركات تتولى بجزء من الجباية والتوزيع وغيرها.

س- الى أين قد تصل الأمور برأيك؟
ج- برأيي لن تصل الى أي مكان.

س- مازال الأمر كلاماً انتخابياً يعني؟
ج- هذا ليس كلاماً انتخابياً، هذا كلام جدّي عن تلزيم ثلاث شركات وفتح الباب أمام توظيفات بالآلاف، وهنا الحديث عن 900 مليون دولار أو 950 مليون دولار، هذا ليس كلاماً انتخابياً بل أسوأ من الكلام الإنتخابي.

س- هل بإمكان جهة سياسية لبنانية فتح ملف جهة سياسية أخرى؟
ج- هم يقولون في مجلس النواب يريدون فتح الملفات فأهلاً وسهلاً، نحن لا نتخوّف من أي لجنة تحقيق برلمانية لمراجعة كل السياسة المالية من 1993 حتى اليوم، وقد سبق للرئيس السنيورة في حكومته أن تقدّم بمشروع لمجلس النواب، واحد من المشاريع المجمدّة في االبراد لتكليف شركات دولية بإجراء تدقيق في الحسابات.
أنا لا أقول بعدم وجود مخالفات، ربما في العشرين سنة لا بد من وجود أي شيء، ولكن هناك فرق بين المخالفة وسوء الإدارة وسوء الأداء، فهذه لا تُشبه تلك، ولكن يحق للنواب ممثلي الشعب اللبناني تشكيل لجان تحقيق في الهيئة العامة لكل موضوع من المواضيع ولتبيان الأبيض من الأسود.

س- ماذا حلّ بقضية الوزير فتوش والحديث عن 250 مليون و400 مليون؟
ج- هم يتحدثون عن المبلغ وفوائده، وأعتقد الكلام حصل عن الفوائد.

س- هل دفعت الحكومة ملايين الدولارات للوزير فتوش؟
ج- الحكومة لم تدفع، هناك حكم قضائي صادر، هذه أيضاً من عجائب الفساد اللبناني، هناك حكم قضائي صادر يعطي الشركة التي يملكها أشقاء الوزير فتوش بكسارات مخالفة لكل الأنظمة في العالم، والتعويض بإنشاء معمل كهرباء في لبنان. وأعتقد انه مهما بلغت فظاعة الفساد في لبنان، فبالتأكيد لن يأتي ولا فاسد يستطيع دفع لآل فتوش هذه الأموال، لو طُبقت السماء على الأرض.

س- ما هي كلمتك الأخيرة عبر “صوت لبنان”؟
ج- كلمتي الأخيرة للبيارتة ولكل داعمي الحرية في لبنان وحق التعبير عن الرأي، النزول يوم الأحد القادم الى ساحة الشهداء، الى ضريح الرئيس الحريري، ليدافعوا عن كرامتهم وحريتهم وعن حقهم بالتعبير والتأكيد على ان هذا الدم الذي تمّ دفعه بكل الشهداء في لبنان لن يذهب سدى ولا هدراً، بل هو حق من حقوقهم ويحمي حريتهم، وأعود وأقول كلام الشيخ القرضاوي “الحرية تتقدّم على الشريعة”.

س- ياريت غير الشيخ القرضاوي يكون شي بطرك، شي مطران؟
ج- أتمنى على البطريرك بعد عودته من المكسيك أن يتبنى هذا العنوان.

==========