لتكريس المعارضة السورية عروبة سوريا في كل المراحل

مقابلات مكتوبة 18 نوفمبر 2011 0

يصف المحلل والكاتب اللبناني النائب نهاد المشنوق “المجلس الوطني السوري” بأنه “الممثل الرسمي للثورة السورية، إذ يضم خيرة من الوجوه الحضارية والتمثيلية لمعظم فئات الشعب السوري”، من دون أن يمنعه ذلك عن التأكيد، في حديث لـ”الشرق الأوسط”، على “وجود بعض المقاعد الشاغرة داخل المجلس ينبغي أن يدعو آخرين لملأها وإن اختلف معهم في وجهات النظر”، معربا عن اعتقاده أن “الاعتراف الأوروبي وتحديدا الفرنسي بالمجلس الوطني لن يحصل قبل ملء هذه الشواغر”.
يسهب المشنوق في الحديث عن وجوب اعتبار المعارضة السورية “عروبة سوريا أولوية في كل المراحل، وبشكل خاص في المرحلة المقبلة، لأن المد الفارسي الذي يصدح صوته من الشام وصل في وقاحته إلى حد استعمال كلمة الأعراب، التي يفسرها ابن خلدون في مقدمته الشهيرة بأنها (مجموعة تقضي على الحضارة أينما وصلت).
ويشير المشنوق إلى أن “هذا العقل الأقلي يريد إعطاء انطباع بأن العروبة تقف في وجه الأعراب، ومن هنا أهمية التأكيد على عروبة سوريا في ظل ظروف عربية مواتية تجعل 18 دولة عربية تقف إلى جانب الثورة السورية، ما عدا الدولتين المحتلتين: اليمن من نظام علي عبد الله صالح ولبنان من المرشد الأعلى لمنطق غلبة السلاح”.
وفي حين يكرر دعوة المعارضة السورية “العسكريين لعدم التورط بدماء المدنيين السوريين وعدم مواجهة المتظاهرين”، مشددا “على ألا انتقام من أحد لمجرد أنه كان جزءا من مؤسسة تابعة للنظام في المرحلة المقبلة شرط ألا يكون قد تورط بسفك الدماء”. أعرب المشنوق عن اعتقاده بأنه “لم يعد بالإمكان انتظار حدوث انقسام عسكري جدي فيما لم يكن هناك ملجأ أمن وجهة راعية”، متوقعا أن “يستمر النظام السوري في السير بتجاهل وجود الشعب السوري الثائر من أجل حريته وعدالته وعزته وكبريائه، كما وصفه البيان الأول والأخير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز”.
إلى جانب طمأنة الجيش، تحتل طمأنة الأقليات الموجودة في سوريا حيزا واسعا في رؤية المعارضة السورية لـ”الدولة المنتظرة”، لا سيما في ظل ما يتم تداوله بأن أي نظام بديل لنظام الأسد لن يلحظ وجود أقليات مسيحية أو كردية أو علوية. ويشدد المشنوق، الذي يصر على أنه “ليس في موقع الناصح لأشرف التجارب الثورية العربية المستمرة في مواجهة نظام ديكتاتوري منذ 8 أشهر”، على أهمية إيجاد المعارضة “لصيغة متماسكة فكريا وإنسانيا، تطمئن الأقليات بأن هذه الثورة لها وليست عليها”. ويتابع: “هناك نصوص عدة صادرة عن المفكر السوري ميشيل كيلو، يمكن الاستناد إليها واعتمادها باعتبارها الأكثر عمقا في فهم مسألة الأقليات في الشرق، وليس في سوريا فحسب، من دون أن يعني ذلك الوقوع في التزامات دستورية مسبقة تتجاوز حق المواطنة المتاح لجميع السوريين، لأننا نريد للتجربة السورية أن تكون قدوة بعيدا عن الأمراض اللبنانية الدستورية تحت شعار (خصوصية هذا المجتمع أو ذاك)”.
من جهة أخرى، لا تغيب المعارضة السورية عن رسم ملامح سياسة سوريا الخارجية في مرحلة ما بعد إسقاط النظام، الذي يذهب المشنوق إلى حد وصفه بأنه بات “نظاما سابقا، وسيبنى على الشيء مقتضاه”.
يشدد المشنوق، وهو من أحد الذين عايشوا سنوات الوصاية السورية على لبنان وكان من أكثر المطلعين على تفاصيل تعاطي النظام السوري مع رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري لكونه من أكثر الشخصيات التصاقا به، على أنه من الضروري بمكان أن “يؤكد المجلس الانتقالي السوري على التزامات سوريا الدولية، وأهمها إن لم يكن الوحيد إذ إنه ليس لهذا النظام أي التزامات معلنة، فك الاشتباك في الجولان إلى حين إجراء انتخابات حرة في سوريا يقرر فيها الشعب السوري خياراته الاستراتيجية في مسألة الحرب والسلم، وذلك تعطيلا لمحاولات لوبيات الضغط الإسرائيلي في العالم العربي، والتي تسوق لفكرة أن الشعب السوري سيذهب من الحرية التي سينتصر بها إلى نظام سياسي لا هم له إلا استعادة العناوين العفنة على غرار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)”.
إلى ذلك، كشف المشنوق عن أن “الرئيس الأسد، وفي محادثاته الأخيرة مع وفد الجامعة العربية دخل معهم في مناقشة حول تعريف كلمة (المدينة) وتعريف (القوات المسلحة)، باعتبارهم يحتاجون إلى دروس في اللغة العربية”. وأعرب عن اعتقاده بأن “التدويل أصبح مسألة أسابيع”، متوقعا أن يصار إلى وضع “ورقة عربية – أوروبية في غضون الأسبوع المقبل، تقر في اجتماع فرنسي، وتنظم على الأرجح تدخلا دوليا يبدأ بإقامة منطقة عازلة على الحدود التركية – السورية والحدود الأردنية – السورية، مما يفسر بالتالي الإعلان عن بدء قوات الأسد زرع ألغام على الحدود مع الأردن”.
وذكر المشنوق في سياق متصل، بأن “اتفاق أضنة” الذي وقعه الرئيس الراحل حافظ الأسد أعطى الجيش التركي حق التعقب على الحدود المشتركة لمسافة 15 كلم من أجل مطاردة فلول القوات الكردية المعادية للنظام التركي.
في سياق أخر، أثنى المشنوق على الدور القطري متحدثا عن “قوة قطرية ناعمة ترتكز على أربعة عناصر: الإعلام والإمكانيات المادية والحيوية الفائقة لدبلوماسيتها والأهم أن هذه الحركة تحظى برعاية وموافقة كاملة من السعودية”.
يتوسع المشنوق في رسم معالم المشهد السوري، حيث يتحدث عن “حظر جوي من قبل قوات مشتركة عربية، وإن رمزية، وغربية لمنع الطيران العسكري من قصف القوات السورية المنشقة عن النظام وتحقيق التكافؤ في القتال بين قوات الأسد والمنشقين”، مشيرا في الوقت عينه إلى أن “الأفراد في الجيش السوري لا يمتلكون أكثر من 10 طلقات نارية فقط لا غير”.
واعتبر المشنوق أنه من “سوء الحظ أن الحل العسكري هو المقبل على سوريا، على الرغم من كل ما يقال وبتجاوز لموقفي الصين وروسيا”، وشدد على أن كل “ما يشاع عن تهديدات إيرانية عسكرية أو إطلاق صواريخ من لبنان أو من سوريا على إسرائيل لن يحدث، وفي حال حدثت فهي لن تنقذ النظام السوري من نهايته المحتومة”.
وينظر مراقبون كثر ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات على صعيد المشهد السوري، وفي اعتقاد المشنوق فإن “النظام يسير إلى نهايته المحتومة انطلاقا من المسار التاريخي الطبيعي، وبسبب عدم اعترافه بحقوق شعبه الأساسية”، متوقعا أن “تكشف الأيام المقبلة عن مدى فظاعة الجرائم التي ارتكبها النظام بحق الشعب السوري في السنوات الأربعين الماضية”.