كلمة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في العيد الـ72 للمديرية العامة للأمن العام

كلمات 26 أغسطس 2017 0

فخامة الرئيس،
السيدات والسادة،

نحن اليوم في حضرة الثقة المستعادة في البلد ومؤسساته وهويته واجهزته الامنية وجيشه الذي اهدى اللبنانيين عرس  الانتصار على الارهاب، وبذلك يكون عيد الثاني والسبعين للامن العام عيدين وليس عيدا واحدا.

فخامة الرئيس،

بإنتخابكم رئيساً للبلاد، إكتمل النصاب الدستوري لمؤسسات النظام السياسي. نجونا ونجت البلاد من جحيم الفراغ، الذي ما كان يعدنا الا بالمزيد من الاهتراء المؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي والوطني، وكلها اهتراءات تؤدي في المحصلة الى أعباء أمنية جبارة، ومناخات تردٍ تطال سلامة الناس والعباد. إختبرت هذا الامر من موقعي في وزارة الداخلية، وكنت شاهداً على الجهود الجبارة التي بذلت، من قبل كل الأجهزة الأمنية ومنها طبعا صاحب العيد جهاز الامن العام، لذلك أنوه اليوم بجهود اصحاب العيد، الذين قدموا نموذجاً في الأمن الاستباقي في مواجهة الارهاب، وصارت مهمتهم الشراكة في حماية الوطن وليس فقط استقبال المواطنين والاجانب على المعابر الحدودية. اما اللواء عباس ابراهيم المدير العام للامن العام، لقد قلت لفخامة الرئيس انه “معمرجي” لانه يقدم كلّ  ستة أشهر مشروع بناء جديد للأمن العام، فضلا عن أنّه “مدمن مفاوضات” من الحدود الى الحدود، من اعالي الجرد الى الحدود اللبنانية مع العدو الاسرائيلي.

الكل يعلم، من إعترف ومن لا يعترف، أنه كان يمكن للأمور أن تكون أسوأ بكثير لو إستمر الفراغ، ولو لم تتوفر إرادات التسوية العاقلة والمسؤولة، لنكون اليوم في حضرة هذا النصاب الدستوري والسياسي.
وأضيف أننا أيضاً في حضرة الدولة الآمنة والمؤتمنة، التي إكتمل نصاب الأمان الوطني فيها من خلال المشهد الذي قدمه الجيش اللبناني، في معارك جرود القاع وبعلبك. دولة آمنة من الارهاب بإذن الله وبتضحيات ودماء وجراح العسكريين والضباط في الجيش وفي كافة الاجهزة الامنية، ودولة مؤتمنة بالجيش الوطني وحده على كل ما من شأنه أن يطمئن الناس ويريحهم خارج الحسابات الفئوية والحزبيات.
أستأذن اصحاب العيد، رفاقي في الأمن العام، بهذا الحديث عن الجيش، وأنا أصلاً من المطالبين والساعين والمجتهدين منذ اللحظة الاولى لتسميتي في وزارة الداخلية، في سبيل تكامل أمني بين كل الاجهزة والجيش، والحمدالله حققنا في هذا المجال قفزات كبيرة مع العماد جان قهوجي قائد الجيش السابق، ونعد انفسنا ونعدكم بالمزيد منها وقد بدأنا فعلا مع العماد جوزف عون.
هذه مناسبة لاوجه التحية لكل العسكريين في الجرود وفي كل مكان، واقول لهم ليس فقط قلوبنا معكم، بل ايدينا وعقولنا وكل ما نستطيع ان نقدّمه لكم حتى انتصاركم في معركتكم ضد الارهاب.
في الايام الماضية سمعت وقرأت الكثير من النقد والهواجس حول استثمار معركة الجرود، التي خاضها الجيش اللبناني بكفاءة عالية، وحرفية مبهرة، وأقول، نعم: إن المسؤولية الوطنية والسياسية والالتزام بإتفاق الطائف والدستور، وحماية النصاب الوطني،  يحتم علينا جميعاً استثمار هذه التضحيات والنجاحات في سبيل تعزيز مكانة الدولة وحضورها في وعي الناس ووجدان اللبنانيين. هكذا تستعاد الثقة وأنتم شهود أنها تُستعاد بأسرع حتى مما توقعنا، بتضحيات جنود وضباط جيشنا الوطني وكافة الاجهزة الامنية، وبوعي ومسؤولية المواكبة السياسية، أياً تكن الاكلاف.
العيد هذا العام، مميز من هذه الناحية، وفي لحظة التفاف وطنية حقيقية حول العلم الواحد والجيش الواحد والسلاح الواحد الذي لا شريك له، ولا رديف له، ولا مساوٍ له.

فخامة الرئيس،

حين يكتب تاريخ الاسابيع الماضية القليلة، وانا واحد من الشهود على تلك الايام، ستظهر صلابة موقفكم يا فخامة الرئيس مع دولة الرئيس الحريري بأن الامر للجيش وحده على الاراضي اللبنانية، هذه الصلابة في الحسم هي التي جعلت كل اللبنانيين في احتفال دائم بانتصار جيشهم الوطني.

في خطاب القسم رسمتم خارطة طريق بهدف ما سميتموه “بلوغ الاستقرار الأمني” وشددتم على “أن الأهم هو إطمئنان اللبنانيين الى بعضهم البعض والى دولتهم بأن تكون الحامية لهم والمؤمنة لحقوقهم وحاجاتهم” و دعوتم الى “التعامل مع الإرهاب استباقياً وردعياً وتصدياً”.

بلا مبالغة أقول، إن الإنجازات التي تحققت في معركة الجرود والتي نأمل بأن تختتم سريعاً بإنتصار حاسم للبنان، نقطة تحول في مسيرة الأمن الوطني في لبنان، منذ العام 1990، وتحيل الى التقاعد أو إلى طاولة الحوار كل المعادلات التي رُكِّبت في هذا الظرف السياسي او ذاك. وهي تضاف الى الرصيد الكبير الذي تحقق في عمل قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة الذين واجهوا الارهاب وإسرائيل بكفاءة نادرة يشهد عليها العرب والغرب، من خلال الانضباط العالي والولاء الوطني الاستثنائي، والعمل الاستباقي دون توقّف، وبالتنسيق المستمرّ بين كل الاجهزة، وبتفاني الكثير من الضباط والأفراد في عملهم، ليلا ونهاراً، لحماية لبنان واللبنانيين  وصولاً الى حد الاستشهاد.

فالحقيقة الساطعة، والحقيقة الوحيدة، أن الجيش، والقوى الأمنية، وتجربة الأمن العام ماثلة أمام الجميع، تتكامل معاً لخلق وقائع جديدة لا يمكن تجاوزها، وهي رصيد لكل اللبنانيين، من دون إستثناء، ورصيد للبنان الشرعية والدولة والقانون، ورصيد لاستعادة ثقة اللبنانيين بدولتهم وثقة العالم بدولة لبنان.

نعم نحن نخوض تجربةً صعبةً على الجميع، كي نحاول إنقاذَ ما بقي من الدولة، وهو كثير، ونبني عليه، ونستعيدَ مؤسساتِها وحضورَها وقدرتَها على الحياة.
هذا قدرُنا، أن نبقى مؤمنين بخيار الدولة، دولة المؤسسات، دولة الحريات، حرية التعبير وتقبل الرأي الآخر، دولة قادرة على أن تكون نموذجاً للشراكة الحقة والمتكافئة ومساحة للاعتدال في منطقة تتقاذفها موجات الحقد والتطرف.
ولقد شهدنا حصاد الثقة والامانة من خلال تثبيت الامن والاستقرار اللذين ينعم بهما اللبنانيون، هذا في الداخل. كذلك عملنا في الخارج على تعزيز الثقة الاقليمية والدولية بالمؤسسات الامنية اللبنانية.
فخامة الرئيس،
أخيراً اسمحوا لي بأن أعود مرة جديدة الى خطاب القسم لأقول لكم، كونوا على ثقة بأنه لدينا كل العزم والارادة والإقدام لتحقيق ما تسعون إليه وما يصبو اليه اللبنانيون: “لبنان القوي والموحد لكل ابنائه، لبنان الحرية والكرامة، لبنان السيادة والاستقلال، لبنان الاستقرار والازدهار، لبنان الميثاق والرسالة”.

عشتم، عاش الأمن العام، عاش الجيش، عاش لبنان.