كلمة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في إحتفال تخرّج طلاب ثانوية الروضة

كلمات 04 يوليو 2017 0

السيدات، السيدات، السيدات، ثم السادة الكرام
أنا أوافق ومعجب ومؤيد لكل ما قالته باسم المتخرجات والمتخرجين الطالبة لين الوزان بحماسة وصدق وباندفاعة الشباب.
يقولون إنّ “من يصادق الشباب تصيبه العدوى”.
وأنا آتٍ إلى هنا لأقف معكم وأتحدث إليكم، لربما تصيبني عدوى اندفاعتكم وشبابكم وثورتكم وقدرتكم أيضا.
تعرفون أنكم انتم اليوم أكثر من أي وقت مضى، وزملاؤكم في المدارس الأخرى، ترسمون مستقبل هذا البلد، ومستقبله الواعد، لأننا نراهن عليكم نحن جيل الآباء، ونراهن على ان تأخذوا البلاد إلى أفضل مما أخذناها اليه.
بصراحة بعد الكلام الذي سمعته من لين، سأقول إنكم تسمعون الكثير من الاخبار وتشاهدون الكثير من الصور، وتعتبرونها غير مشجعة لكم. أنا لن أكون ناصحا، بل أقول لكم: لا تصدقوا كل ما تسمعونه بل صدقوا نصفه، ولا تقتنعوا بكل ما ترونه، بل اقتنعوا بنصفه.
لا أقول إن كل شيء ممتاز في البلد، بل إنّ من يريد تحسين هذا البلد هو هذا الجيل الناجح بتفوق والذي يرفع الرأس في الكثير من المجالات الرياضية والعلمية والادبية.
ومن يصنع البلد؟
يصنع البلد هم الناس الذين يؤمنون به، والشباب الذين يعتبرون أنّ من حقّهم أن يقاتلوا من أجله، ويستمرون ولا يتعبون ولا ييأسون.
لأنّ هذا البلد يستأهل ان يضحي الانسان من أجله.
وكما كان يقول الرئيس الشهيد رفيق الحريري: “الوطن ليس فندقا إذا لم تعجبك الإقامة فيه تغادره وتهاجر”. الوطن هو للشباب الذي يدافع عنه بالعلم والقانون وبمفهوم الدولة ومنطقها، وبنجاحه في عمله في كل المجالات العلمية أو الادبية، هو انتصار للدولة لأنّ هذا النجاح لا يمكن أن يصرف إلا بدعم فكرة الدولة ونجاحها ومسيرتها.
إنّ مصادر المعلومات مفتوحة بوجود الانترنت، فلا يجب أن تبنوا الأحكام على أوّل معلومة تصلكم، بل يجب التدقيق والتمحيص، وتأكدوا من الخبر من خلال تنويع المصادر، وهذا لا يحتاج إلى جهد كبير، فالبلد مليء بالكلام، ليس كله صحيحا…
هنا لا أدافع عن الحكومة الحالية أو السابقة أو اللاحقة، لأنّ ما يقال لا يسبب إلا مزيداً من الاحباط. فإذا كان هناك معلومة صحيحة عن خلل ما في أداء حكومي غير مجدٍ، أنا مستعدٍّ لأرفع الصوت عاليا وأقول: لا، لا، لا.
لأنني لا أطلق موقفا إلا بعد استشارة أشخاص عديدين، وأسمع الجميع بمن فيهم الوزير المشكو منه، ثم أدافع عن فكرتي في المجالس المغلقة لأنّه يجب أن تكون الفكرة موضوعية.
هذا الكلام يعنيكم كتلامذة لأنكم ستسمعون الكثير في المرحلة الجامعية وستكونون أكثر التصاقا واشتباكا مع كل الاحداث التي تحصل في البلد، فلا تدعوا فوضى المعلومات تأخذكم، بل حدّدوا خطواتكم بدقة لتصلوا أسرع وتكونون بذلك تخدمون بلدكم.
هذا البلد رغم كل شكوانا عنه، وكل تذاكر السفر التي يقطعها أبناؤه اعتقادا منهم بأنّها تأمين على الحياة – وهذا غير صحيح – ها نحن نعيش منذ خمس سنوات في منطقة تحيطنا الحرائق من كل مكان، وهناك قرار اقليمي – دولي بحفظ لبنان، نعم هذا صحيح، لكن هذا القرار وجد من يتمسك به ويدافع عنه، وعن البلد وديمقراطيته وحريته وعن انتخاباته. نحن نتناقش قانون الانتخابات في منطقة حيث لم يعد هناك من ينتخب حولنا لأن الناس لم تعد متواجدة على أرضها، وصارت مشردة ويائسة وخارج أرضها.
اما عن النازحين السوريين فقد قرأت منذ يومين دراسة صادرة عن كلية العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت تقول إنّ 82 % من النازحين السوريين هم من النساء والاطفال.
بصراحة أنا لم أكن أعلم… هذا يعني أن هناك نصف عددهم غير موجودين معهم. فكم يسبب هذا الواقع من اليأس ومن الذاكرة السيئة من الدمار لدى هؤلاء؟
نحن عندما نتحدث عن لبنان نتمثّل بالاقتصاد الألماني وبالسياحة في فرنسا وبالتسوق في لندن، لكن هذا الكلام لا يجوز، بلدنا إمكانياته محدودة، ويجب أن نحرص عليها، لكنّ الفرصة في البلد مفتوحة دائما امام كل صاحب اختصاص حقيقي.
أنا أعطي مثلا: كانوا يقولون إن الجزائر هو بلد المليون شهيد، لكن خلال الحرب خَرّج لبنان مليون تلميذ. فأيّ شعب يصرّ على العلم والقصف قائم ويصر تلامذته وأبناؤه على حفل التخرج؟
هذا هو لبنان.
لذلك يجب أن تكون ثقتنا بأنفسنا أكبر، ويجب أن نكون مقتنعين بتقديم الكثير فعلا لبلدنا، وبالتالي بلدنا ملزم بدوره في المقابل أن يقدم لنا كل الخدمات الطبيعية التي ضاع الكثير منها.
لكن هذا يحتاج إلى المثابرة والمطالبة والتدرج والاقتناع والاعتراف بأنّ البلد إمكانياته محدودة.
هنا لا أنكر وجود الكثير من المسائل التي تأخّرنا عنها، سواء في الحكومة الحالية او في الحكومة السابقة، لكنّ الظرف السياسي يتحكم باللبنانيين، لأنّ له الاولوية في كل شيء.
لنأخذ فترة راحة ونفكّر كيف يمكن لنا أن نوجد فرص عمل لهؤلاء الشباب المتفوقين؟ ونحن قادرون في كل لحظة. في تاريخنا هناك الكثير من النجاحات في مختلف المجالات.
أنا جلت ثلاثة أرباع دول العالم، وفي كل بلد زرته رأيت لبنانيين، حتى أنني زرت مرّة في التسعينات دولة فيتنام، وفور نزولنا إلى المطار، التقينا بأربع لبنانيين. وحين سألناهم ماذا تفعلون في فيتنام، أجابوا بأنّهم يعملون مع الصين في تجارة الحديد لكن يقيمون في فيتنام.
هذا هو العصامي اللبناني الناجح.
أنا بطبيعتي متفائل، واليوم تفاءلت أكثر وعندما قرأت عن حفل تخريج الجامعة الأميركية فرحت أكثر. أقول لكم يا شباب ويا صبايا، البلد لكم والنجاح لكم، والمثابرة لكم إذا قرّرتم ألا تتخلوا عن بلدكم وعن المطالبة بنجاحه وحقوقه وتفوّقه لأنّه يجب أن يتفوق البلد كما تفوقتكم.
الكثير منكم سمعني أتحدث عن موضوع إطلاق النار وإصراري وإلحاحي ومثابرتي ومتابعتي في هذا الموضوع. وأنا اقول إننا قطعنا شوطاً كبيراً رغم كل العراقيل.
هنا أتحدث باسمكم، وأطالب يأن يرفع السياسيون أيديهم عن القضاء، لأن لا بلد ينهض فيما يتدخل السياسيون في قضائه كل يوم.
سمعتم بالطبع عن الرجل المسنّ المقعد في بعلبك الذي نالت منه رصاصة قاتلة نتيجة العقل المتفلت والسلاح المتفلت. وأقول لكم إنّ قوى الأمن الداخلي من الناقورة إلى النهر الكبير، تقوم بجهد كبير لتحصي عدد مطلقي النار وتسطّر إفادات بالمطلوبين. لكن نراهم بعد ساعات في الشارع خارج السجن. حتّى أنّ البعض لم يكلّف نفسه عناء الذهاب إلى المخفر بل أنهى قضيته عبر الهاتف.
وللتوضيح أنا لا أدين القضاء بل أدعو السياسيين إلى عدم التدخل في القضاء.
سمعت عن أنّ نتائج الثانوية العامة ستصدر نهار السبت، وإذا تكرّرت ظاهرة إطلاق النار يجب أن تثوروا جميعاً ويجب أن تطالبوا بتوقّف هذا الجنون اللبناني لأنّ حياة الناس يجب ألا تكون عرضة للفلكلور اللبناني. هناك الكثير من التقاليد اللبنانية التي نفتخر بها لكن إطلاق النار هو عار علينا وعار على البلد.