كلمة الوزير نهاد المشنوق في دار الفتوى

كلمات 31 مايو 2019 0

31 أيار 2019

ردّ النائب نهاد المشنوق على قول وزير الخارجية جبران باسيل حول إنّ “السنيّة السياسية أتت على جثة المارونية وسلبت كل حقوقها ومكتسباتها، ونحن نريد استعادتها منهم بشكل كامل”، قائلاً إن”ّ هذا تمادي غير مقبول، وهو يخرّب التوازن في البلد، وهو نتيجة سياسة طويلة أوصلتنا إلى هنا، وهذا التمادي لن نقبل أن يستمر بأيّ شكل من الأشكال”، وداعياً إلى “إعادة النظر بالتحالف السياسي، الذي كنتً من أوائل العاملين على تحقيقه، وبقواعده وأسسه من الطرفين، وإلا فنحن نعرّض البلد ونعرّض الذين تمثّلهم هذه الدار، دار الفتوتى، لأزمة لن نعرف إلى أين ستوصل”.
واعتبر المشنوق أنّ “هناك أيضاً تمادي في السكوت عن هذا الكلام، وفي خلق تسويات يومية وظرفية تحت شعار “التضحية”. وأنا أعرف أنّ عيد الأضحى يكون مرّة في السنة، وليس كلّ أيّام السنة عيد الأضحى، ولا كلّ يوم هناك عيد الأضحى”.
وتابع، بعد زيارته المفتي عبد اللطيف دريان في دار الفتوى: “الحقّ ليس فقط عليه” (باسيل)، داعياً إلى “وقف هذا الانهيار الذي نراه في مسألة توزان الصلاحيات، فرئاسة الحكومة هي مركز توزيع السلطات في لبنان، وليست مجلس إدارة هلوسات أيّ فريق سياسي، أيّاً كان هذا الفريق. هذه مسألة لا بدّ من حسمها من قبل المعنيين بها لوقف هذا التمادي بشكل أو بآخر”.
وقال إنّ “صاحب السماحة يتفهّم موقفه”، وأضاف: “إستمرار الأمور على ما هي عليه ليس في صالح لبنان، ولا بد من إعادة النظر بكل وسائل التفاهم أو ما يسمى التسويات أو التحالفات القائمة، والتي لم توصل إلا إلى مزيد من انهيار التوازن السياسي في البلد، وانهيار ما يمكن تسميته بـ”السلم السياسي”، ولن أسميه “السلم الأهلي”.
وأضاف: “لا، لن نقبل باستمرار هذا المسار السياسي”، محذّراً من أنّ هجمات باسيل “على الرئيس نبيه برّي وبحقّ الأستاذ وليد جنبلاط وبحق الرئيس الحريري وبحق الدكتور سمير جعجع هي اعتداء على الطائف”، وتساءل: “إلى أين نأخذ البلد؟ بالطبع لا نأخذه إلى أمن سياسي ولا إلى أمن أهلي، فماذا نفعل؟ وإلى أين نريد أن نصل؟ لن نسمح بالاعتداء على الطائف، وبالمزيد من الاعتداء على الصلاحيات، وبالمزيد من تجاهل دور رئاسة الحكومة، ومزيد من تجاهل حقوق أهل السنّة”.
وأضاف نائب بيروت: “أنا أتحدث من دار الفتوى، وأنا لستُ طائفياً، بل ومن المؤسف أن أقول هذا الكلام، لكن ما يجري متعلّق بحقوق وواجبات وقدرات أهل السنّة وممثلهم الأوّل في السلطة. هذا الاعتداء يجب أن يتوقف، وهذا أوّل الكلام. وأنا لا أقول كلاماً شعبوياً ولا أبحث عن شعبوية، بل منذ فترة طويلة لم أتحدث، ولكن وصلت الأمور إلى مكان لا يمكن السكوت عنه بعد اليوم”.
وردّا على “استعادة الحقوق المسيحية” قال المشنوق: يقول باسيل: “روحوا شوفوا الرئيس الحريري بتحالفاته تحت الطاولة مع حزب الله، وانسجامهم التام في مجلس الوزراء، والسنية السياسية التي بالصدفة أتينا لنستردّ حقوقنا”. فعن أي حقوق تتحدّث؟ لا حقوق لأي طائفة في لبنان خارج الدستور، هذا كلّه كلام مخالف للدستور. حقوق من؟ حقوق شو؟ الحقوق هي الدستور اللبناني، وهي الطائف، وهي التي تحكم علاقات الناس ببعضها وعلاقتهم بالدولة. مش كلّ واحد يأتي ويطرح حقوق طائفته ويعتبرها هي الأساس وهي الطائف وهي الدستور وهي التوازن، وبطريقة الاعتداء وليس بطريقة النقاش أو التفاهم أو الحوار. ما هذا الكلام؟ وفي النهاية إلى أين ستصل هذه الأمور؟”.
وردّا على سؤال حول “الحكم القضائي ببراءة المقدّم سوزان الحاج في قضية الفنان زياد عيتاني”، ترحّم المشنوق “على أيّام المخابرات السورية”، وكشف أنّ “القانون واضح، بأنّ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لا يحقّ له بموجب القانون أن يتراجع عن ادعائه أو أن يصالح حتّى، وهذه مادة موجودة ويعرفها جميع القضاة وهي المادة 6. زائد: لماذا لم يذهب إلى التفتيش القضائي قبل ذلك؟”. وتابع: بحسب القانون: “القضاة العدليون لدى المحكمة العسكرية، خاضعون لنظام وزارة العدل في كل ما يتعلق برواتبهم وترقيتهم وتأديبهم”. لكنّ مفوّض الحكومة رفض أن يذهب إلى التفتيش، عال، لكن أن يأتي ويحضر آخر جلسة، ويقدّم مطالعة مخالفة لدوره ومخالفة للقانون ومخالفة لما هو مكلّف فيه، ويصدر حكماً. ربما المخابرات السورية لكانت قد صنعت إخراجاً بشكل ألطف بقليل”.
كما اعتبر المشنوق أنّها “حفلة كيدية وثأر، مخالفة للقانون بحسب خبراء دستوريين، وتمّت بعد زيارة أحد الوزراء إلى المحكمة العسكرية، ليس لتحقيق العدل، وإنّما لإزاحة العدل، ونتيجة تدخل قيادات على أعلى المستويات، سياسية وعسكرية، فأنتجت حكماً لم نفهم أوّله من آخره، وعلى الأقل لم نفهم كيف تراجع المدعي العام عن كل ما قاله في البداية”.
وحذّر المشنوق من أنّ ما جرى “يعرّض كل النظام القضائي في البلد لمشكلة، نعرف أين تبدأ ولا نعرف أين تنتهي. لأنّ القضاء هو جزء أساسي من حماية حقوق الناس. فما الرسالة التي نبعثها للناس: هل بهذا الحكم نقول لهم لا تذهبوا للقضاء؟ لأنّ القضاء يمكن أن يتم التلاعب فيه بأيّ موضوع، حتى بموضوع فائق الحساسية من هذا النوع؟”.
وختم ردّا على هذا السؤال: “هل أصبح غبش هو المجرم الأكبر؟ هل استيقظ من نومه وقرّر أن يتابع وأن يقرصن فلان وفلان، هذا الكلام صغير، وحتى أنّ طفلاً صغيراً لا يصدّقه”.
وسأل المشنوق: “ما علاقة قوى الأمن الداخلي بهذا الموضوع وهذا الموضوع وهذا الموضوع؟ تحدّث (بيتر جرمانوس) عن وزيرسيادي دون أن يسمّيه، أنا سأسمّي، هو قصدني أنا لأنّني أتصلت به باعتبار أسمي كان وارداً في هذا الموضوع، كأحد ضحايا هذا “الهاكر” (المقرصن)، وطلبت منه تحويل التحقيق إلى شعبة المعلومات. أنا لا أتذكر، لكن ربما حصل هذا. فأنا كنت وزير الداخلية، ومن حقّي أن أطلب منه إرسال التحقيق إلى جهة أستطيع من خلالها الاطلاع على موضوع يتعلّق بي. وكل الناس وكل البلد وكل الدول وكل العالم يثق بشعبة المعلومات، وهي لا تنتظر ثقته هو”.
وأسف المشنوق لأنّ جرمانوس قال للمتهم: “ما زال عاجبتك القعدة هونيك إي خليك هونيك”. وسأل: “هل هذا كلام شخص يحترم مركزه ويحترم مؤسسات الدولة؟ ما هذا الكلام؟ هذا كلام سوقيّ، كلام يقوله شخص فيما بتشاجر مع زوجته، مع أنه ليس متزوجاً، لكن ليس كلاماً يُقال في المحكمة العسكرية”، متأسّفا “للمرة الثانية والثالثة والرابعة أنّني أتحدث عن شخص أعرفه جيداً وكنت اعتبره صديقاً”.
وأبدى المشنوق ارتياحه للقمم العربية والإسلامية التي تنظّمها المملكة العربية السعودية، معتبراً أنّه “قبل هذه القمم كان هناك جوّ دولي، أو حتّى داخل بعض الجوّ العربي، يتصرّف كما لو أنّ العرب يعتدون على إيران، وكما لو أنّ العرب يرسلون ميليشياتهم إلى طهران ومشهد وخراسان..”. وسأل: “ما هذا الكلام؟ في كل الدراسات الدولية الموثوقة هناك 200 ميليشيا فارسية منتشرة بين الشرق الأوسط وأفريقيا، من نيجيريا للكويت. فهل هذا يحتاج إلى نقاش وسؤال عما إذا كان يجب التضامن لأجل مواجهته أو لا؟ بالطبع يجب مواجهته، فالذي حدث في القمم كان أكثر من ضروري والمبادرة السعودية أكثر من جدية لوقف الاعتداءات”.
وشدّد المشنوق على أنّه “من حقّ الدول العربية أن تواجه، فتجربة الحوار الهادئ جُرّبت مع حسن روحاني، ومع محمود أحمدي نجاد، ومع هاشمي رسفنجاني، فإلى أين أوصلت؟ أين توقّف التمدّد؟ لم يتوقّف في أيّ مكان من العالم. على العكس من ذلك، زاد التمدّد أكثر وأكثر”. وأضاف: “الأسبوع الماضي ضربوا صاروخاً على مكّة المكرّمة، وقبلها فجّروا بواخر وناقلات نفط في مياه دولة الإمارات العربية. فهل هؤلاء ناس يريدون الحوار؟ حوار مع من؟ ليس هناك محاور في الجهة الأخرى”.
وأكّد أنّ “وثيقة مكّة تحديداً، هي مظاهرة سياسية جدية يُقصد منها أنّ هناك مجموعة عظمى من المسلمين في العالم يريدون السلام، ولكن يريدون السلام دون أن يسمحوا لأحد بالاعتداء عليهم. والإيرانيون لن يجلسوا إلى طاولة الحوار قبل أن يتأكدوا أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيجدّد ولايته”. وأضاف: “أنا لا أتمنى أبداً لهذه الحضارة العظيمة، الفارسية في إيران، ولهذا الشعب، أن يتعرّض للعقوبات التي يتعرّض لها، ولكن هذا بسبب السياسات، وبسبب اليأس من الحوار ومن نتائجه مع أكثر المعتدلين ومع أكثر المتطرفين”.
وختم المشنوق كلامه: “في وقت سابق، الرئيس أحمدينجاد إلى مصر، وذهب إلى السعودية، ولانزال نذكر صورة الملك عبد الله رحمه الله وهو يمسك بيده ويدخل معه إلى المؤتمر… لم يترك العرب طريقة، خصوصاً السعوديون، وفي بعض الأحيان المصريون، وكذلك الإماراتيون، لردّ العدوان بالحسنى، إلا وجرّبوها، والآن لم يعد أمامهم خيار لردّ الضرر إلا بالمواجهة، مهما كان ثمنه ومهما كلّف. لأن نتائج الحوار السابقة لم توصل إلى نتيجة، والحوار الحالي إذا جرى فقط مع الدول العربية لن يوصل إلى نتيجة، وإذا أوصل إلى نتيجة فستكون نتائجه مؤقتة، تمهيداً للعودة من جديد إلى مزيد من التمدّد ومزيد من التخريب ومزيد من خرق الولاء الوطني، لأنّ المجموعات التي تمشي بأفكار من هذا النوع لا ييمكن لعقلها أن يستوعب ويحترم منطق الدولة التي تقيم فيها”.