“كلام الناس” – 7أيار: يوم طًعِنَت بيروت

– أنت قادم من بيروت، كيف إستطعت عبور زواريب بيروت للوصول إلى أدما؟

ج- لقد أتيت بشكل عادي ، مثلي مثل كل الناس.

س- ما هي إنطباعاتك عن هذه المدينة؟

ج- إنطباعاتي بشعة جداً، ولكن عبّرت عنها الزميلة سحر الخطيب وهي جريئة وممتازة، وإن شاء الله لا تستمر هذه الصورة البشعة، لأنها ولا مرة إستمرت لأحد حتى تستمر اليوم.

س- يعني تعتبر أنها حلقة تدور على الجميع؟

ج- هناك قول تاريخي يقول “لو دامت لغيرك لما وصلت إليك”

س- هذا الشعار كتبه الرئيس الحريري رحمه الله على مدخل السرايا؟

ج- الرئيس الحريري طلب مني أن أكتب هذا القول، على باب القاعة الكبرى في السرايا ولكن هذا القول تاريخي ومؤكد، عبر كل العصور وعبر كل الأزمات، وعلى كل حال، بيروت مدينة عصية ليست سهلة أبداً، ولم تتعامل بالسلاح طوال تاريخها، وهي قادرة بشكل سلمي وحضاري وبشكل مدني أن تعبّر عن رأيها، وتدافع عن موقفها بالسياسة، وبالكلام وبالقول الحسن عند الضرورة، ولكن القول الحق. ومخطئ من يعتقد أنه يستطيع إلغاء حق الناس بالكلام وبالتعبير، بواسطة السلاح أو بواسطة الناس الذين يحملون السلاح. قد تبدو بيروت أنها مدينة أليفة وأنيسة وليست عدوانية، ولكن لديها بالتأكيد القدرة الكافية والأكيدة والمحفوظة للتعبير عن رأيها بشكل سلمي، السلم يجمع اكبر قدر من المؤيدين ويحرج أكثر من أي سلاح آخر.

مداخلة من الوزير السابق سليمان فرنجية وتعليق من الأستاذ نهاد المشنوق .

مارسيل يسأل : ما هو تعليقك أستاذ نهاد على ما جاء في كلام الوزير فرنجية؟

ج- قبل أن أعلّق على كلام الوزير فرنجية، هناك عدّة نقاط أود أن أتحدث عنها:

أولاً: تلفزيون “المستقبل” والزملاء في صحيفة “المستقبل”، جزء عزيز من تاريخي ومن ذاكرتي ومن محبتي، لكن أريد أن أقول لهم أن هذه الأمور لن تدوم، وهذا الأمر حصل في عام 1976 عندما دخل الجيش السوري، دخلوا على الصحف وعاقبوا الصحافيين وقاموا بأشياء كثيرة ولكنهم لم يستمروا ، كما وقع ما هو أصعب بكثير، عندما دخل الجيش الإسرائيلي الى بعض المؤسسات، وكنت يومها في “النهار العربي والدولي” وأيضاً إستمرت الصحافة والحرية إستمرت، وكانت هذه أزمة عابرة .

إن ما حدث لجريدة “المستقبل” وتلفزيون “المستقبل” أزمة عابرة لا يستطيع أيا كان إسكات صوت اللبنانيين ، ولا إسكات صوت الصحافة عند اللبنانيين ، وما من أحد يستطيع توقيف قلم أو صوت سحر الخطيب، ولا جهد حسين الوجه، أو العزيزة ديانا مقلد، ولا إدارة الدكتور نديم المنلا . مهما حاولوا وأياً تكن هوية هؤلاء، هذا ظرف عابر سيدفع ثمنه من حاول وليس التلفزيون ولا الجريدة. هذا هو تاريخ المنطقة حتى في دول الديكتاتورية، كلما حاولوا مطاولة وسيلة إعلام كلما إزدادت مشاكلهم. أنا أطلب منهم أن يصبروا ويصمدوا وبالتأكيد صوتهم سيعود.

ثانيا: مدينة بيروت مدينة سلمية بامتياز، وما حصل في اليومين الماضيين هو إستباحة لمدينة مسالمة ، وكل هذه المعارك الوهمية التي حصلت دارت مع تيار سياسي وربما هناك بعض المسلحين الفرديين، ولكن بطريقة أقل مما يُقال فيها ، إنها إستباحة لمدينة حدثت سابقا وتراجع الذين إستباحوها. وستصبح مع الوقت أزمة للذين إستباحوها وليس لأهل المدينة. ما حصل مُعيب لتاريخ المدينة، ومُعيب للذين قاموا بهذا العمل، سواء “حزب الله” أو حركة “امل”.

وأذكر أيضا انه حصلت أحداث مماثلة عام 1987 في بيروت، ومازالت القوى التي قامت بذلك العمل حتى الآن تحاول محوه من تاريخها ومن ذاكرتها، ومن كلام الناس عنها. هذه وصمة عار، لا أحد يستطيع التخلي عنها، ولا أحد يستطيع محوها من تاريخه ، كلّما إستمروا كلّما زادت وصمة العار على الذين قاموا بهذا العمل، تجاه مدينة حضنت الجميع، وكانت منبر حرية للجميع.

على كل حال، حتى تلفزيون “المنار” لولا الحرية في لبنان ولولا الحرية في بيروت لما كان هناك تلفزيون اسمه “المنار”. يجب أن نتذكر ان هذه المدينة أعطت الحرية لكل الناس ، لكي يقولوا رأيهم ، وقول كلمة الحق ، لذلك أنا لا أخاف على المدينة ولا على أهل بيروت ، أنا أخاف على الذين نزلوا الى الشارع ولن يعرفوا كيف سيعودون من حيث أتوا.

ثالثا: سليمان بك يتحدث عن ان الحكومة لا بد وان تتراجع عن قراراتها، ثم يقول لا بد من تسوية ، فكيف يمكن ان يتحدث عن تسوية وهو يطالب بتراجع الحكومة بالمطلق. التسوية تفترض التنازل من الطرفين، وليس من طرف واحد.

وعلى كل حال، الكلام عن تسوية او الكلام عن تراجع سابق لاستباحة المدينة، وبعد إستباحة المدينة، أصبح المطلوب التعويض لهذه القوة السياسية المسماة حكومة، مهما كان رأيهم بالحكومة، وبالتالي لو كانت الحكومة مُتهمة بكل هذه الإتهامات لماذا في موضوع الإتصالات إستنجدوا بالبند الوارد في البيان الوزاري القائل “بأن للمقاومة الحق على أن تعمل لتحرير الأرض؟”…

س- ما هو تعليقك على كلام الدكتور خالد؟

ج- أنا أعتقد ان كل ما يقوله الدكتور خالد الدخيل صحيح، ولكن يبدو انه يدخل على الموضوع من نصف الطريق.

ان الإيرانيين لم ينكروا ولا مرة إنهم إستفادوا من إسقاط النظام في العراق، ومن إسقاط النظام في افغانستان، ولا أنكروا ولا مرة انهم ساهموا بشكل أو بآخر أو سهّلوا بشكل أو بآخر في البلدين بإسقاط النظامين، لصالح أن يكونوا أحرارا بنظامين على يمينهم ويسارهم، لهم صلة طبيعية فيها ولهم صلة بقوى شعبية داخلية ، بصرف النظر عن الإحتلال الأميركي.

سنة 2003 عُقد في لندن إجتماع لـ300 شخصية عراقية من مذهب واحد برعاية الولايات المتحدة ، وبتسهيل من الدولة الإيرانية، وعقدوا هذا الإجتماع الذي بدأت منه الحملة الأميركية على النظام العراقي لإسقاطه. ما أقوله وقائع ليست بحاجة الى اسطوانات قديمة على حد قول الأخ عباس، عن المشروع الأميركي وقدرته إذاً لا ضرورة للهرب من موضوع العراق وافغانستان، باعتبار ان الآخرين هم من ساعدوا الأميركيين، وإيران لم تسهّل، هناك20 واقعة أكيدة عن الدورالإيراني، بمسألة تسهيل الإحتلال الأميركي للعراق ولأفغانستان، هذا رقم 1.

رقم 2: المشروع الأميركي في المنطقة ليس سريا، فكلام رايس مُعلن ، وكذلك دايفيد وولش ، وكل المسؤولين الأميركيين، ولكنني لا أعتقد ان هناك عاقلا لا في لبنان ولا في العالم العربي، لديه إستعداد للحظة ان يسمع من الأميركيين عن سياستهم ويحاول تنفيذها، وهو متأكد من فشلهم سواء في العراق او أفغانستان.

رقم 3: أفضل مثل على هذا الموضوع هو السياسة السعودية، نحن نتحدث عن السعودية بطريقة نأخذ فيها الأمور بالشكل أو بالظاهر، ولكن السعودية واجهت السياسة الأميركية في لبنان وفلسطين والعراق، العاهل السعودي وقف مواجهة في مؤتمر الرياض وقال “هذا الجيش الأميركي في العراق جيش إحتلال” ورفض التعامل مع رئيس الحكومة الحالية بسبب عنفه المذهبي. أيضا في فلسطين رتّب إتفاق مكة رغما عن الأميركيين وواجههم، وفي لبنان كل المبادرات السعودية أسقطها الأميركيون علنا.

إذاً هذا الكلام عن المشروع الأميركي بأنه يسيطر على كل العالم، هو تبسيط لعقول الناس وليس لوطنيتهم، أنا لن أتحدث عن وطنيتهم، أنا سأتحدث عن مصالحهم. ما من أحد له مصلحة للسير في مشروع فاشل.

س- ما هو الدور الإيراني في أزمة لبنان الحالية؟

ج- بالتأكيد “حزب الله” لا ينفي، وقيادة “حزب الله” لا تنفي علاقتها بإيران المتينة والإستراتيجية والتأسيسية، سواء بالمال او السلاح، ولا الحزب ينفي علاقته بسوريا. أنا أعتقد ما نشهده الآن هو أحسن صورة على الأقل هي واضحة، هو ما قاله السيد حسن نصرالله.

أنا أوافق ان هناك مشروعا إيرانيا في المنطقة، يرعى منظمات ثورية أو أهلية أو مقاومة، هذه المنظمات تدين بالولاء ، بشكل أو بآخر لأسباب موضوعية لهذا المشروع ،الممكن تسميته الممانعة، وهي “حزب الله” في لبنان و”حماس” في فلسطين، وهذه الجهات قاومت إسرائيل، وتقوم بمقاومة إسرائيل.

لكن أريد التذكير بأن هذا المشروع الإيراني تسبب بثلاثة إنقسامات في العالم العربي:

1- إنقسام في الجانب الشيعي، لأنه معروف ان لدى الإيرانيين قاعدة ولاية الفقيه.

2- إنقسام في المجتمعات العربية ، لأن الإخوان الموجودين من طائفة مختلفة أو مذهب مختلف في كل مجتمع عربي ، يتصرفون على ان إيران هي دولة راعية لأفكارهم، وبالتالي يستطيعون ان يتمايزوا عن بقية المجتمع حيث هم موجودون، على عكس كلام الإمام موسى الصدر والإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين رحمه الله، اللذين كانا يقولان بتماهي المجموعات المذهبية مع مجتمعهم.

3- سببّوا مواجهة بين النظام العربي وما يسمى بالشرعية العربية الرسمية، حتى إشعار آخر، بين سياسة هذه الشرعية العربية وبين سياسة هذا المشروع.

لا أفترض الآن ان هذا على حق او على باطل، انا اقول ان هناك ثلاثة إنقسامات أمامنا، هل هذا المشروع يستأهل ان نتحمل ثلاثة إنقسامات داخل مجتمعاتنا العربية؟ على الأقل في لبنان حيث لا تزال هناك مزارع شبعا والأسرى ، هل يستأهل هذا المشروع إحداث إنقسام أو إستباحة لأجمل عاصمة عربية وإهانة أهلها وبيوتها؟ من أجل مشروع حقق على الأقل في لبنان الجزء الأكبر منه. حقق 99,9 بالمئة.

س- توجهت اليوم قوى 14 آذار للمجتمع العربي والدولي ، وأمس ايضا تحدث وليد جنبلاط عن الدور العربي، ما هو المطلوب عمليا عندما نناشد الدول العربية؟

ج- قبل الإجابة على هذا السؤال، أريد أن أوضح بعض النقاط والوقائع:

1- نُشر في الأسبوع الماضي بالصحف ان هناك محادثات أميركية – إيرانية مستمرة منذ خمس سنوات على مستوى أكاديمي وعلى مستوى مسؤولين سابقين، ولكن لم توصل الى نتيجة.

صحيح انها لم توصل الى نتيجة ولكنهم جلسوا معهم، أي جلسوا مع الإيرانيين.

2- القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة موجودة في ثلاث دول : قطر ، الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان التي هي دولة صديقة لإيران، ولا تعتبر ان هناك أي مخاوف أو أي مشكلة مع طهران. ايضا دولة الإمارات قام نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء فيها بزيارة الى إيران، وأيضا بزيارة الى سوريا ، وأعلن عن إستثمارات وتضامن سياسي. أما قطر فهي دولة صديقة على الأقل لسوريا، ومُتفهمة للدور الإيراني في المنطقة.

3- الدور العربي وصل متاخرا كثيرا على لبنان.

س- كيف؟

ج- وصل متأخرا ولا أريد ان أدخل في اوجاع الماضي الآن، ولكنه وصل متأخرا إثر إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ودخل على الموضوع بطريقة هجومية في بعض الأحيان، وسلمية في بعض الأحيان ، وعدوانية في بعض الاحيان ، لكن بالطبع هو دور مطلوب لأنه بناء، ويدعو الى الإستقرار والى فكرة الدولة اكثر من أي دور آخر.

فكرة الدولة التي ينادي بها الدور العربي، تحتاج الى جهد إستثنائي لا تحتاج الى جهد عادي الذي لا يعالج 20 سنة أو 25 سنة أو سبع سنوات، وخلال هذه الفترة كان الدور العربي خجولا باستثناء السنتين الأخيرتين، ومع ذلك لا أنكر ان هذا الدور كان مطلوبا ومشكورا، وهناك نقطة أيضا تتعلق بالسفير السعودي.

أنا للحقيقة لم أتحدث معه منذ فترة، ولكن سمعت من الكثير من المسؤولين انه لم يترك وسيلة من الوسائل لمحاولة معالجة الوضع. كذلك سمعت نقلا عنه جواب السفير الإيراني الذي قال له “يجب ان تتراجع الحكومة عن القرارين لكي يصبح بالإمكان التفاهم”.

وباعتقادي ان الكلام عن تراجع الحكومة ، لا يجوز ان يصدر عن دولة كبرى مثل إيران تريد الخير والإستقرار والأمان للبنان، لأن القرارين ليسا بالحجم الذي يسمح بما حصل في بيروت.

أنا بكل بساطة أقول هناك خطأ في القرارين:

أولا: العميد شقير حسب ما سمعت وعرفت ان علاقته طيبة وجيدة مع الجميع

ثانيا: في موضوع الكاميرات ربما يكون للعميد شقير دور فيها، بمعنى التقصير كضابط، ولكن كان يجب تحويل الموضوع الى القضاء، وبالنتيجة نستطيع اتخاذ أي قرار، ولكن بعد إنتهاء التحقيق. ولايجوز إتخاذ مثل هذا القرار بناء على إتهام سياسي فقط، لأن الأمر يلزمه اثباتات وإدانات، وان يدلي وزير الداخلية بمطالعته حول هذا الموضوع، ويوضح لماذا نٌقل هذا الضابط التابع له الى وزارة الدفاع.

اما في موضوع إتصالات “حزب الله”، يجب أن نعترف ان الإتصالات جزء رئيسي من سلاح المقاومة، وانها كانت موجودة في حرب تموز ويجري ترميمها او توسيعها، ولكن الذي سمعته من أشخاص تقنيين غير الكلام السياسي، ان هذه الشبكة فيها مئة الف خط ولم نسمع من الحزب حتى الآن نفيا لذلك.

س- السيد حسن نفى انها تحوي مئة الف خط وقال انها تتعلق بالقياديين؟

ج- هو لم ينف المئة بعد ، لأن موضوع المئة ذكر بعد كلامه، وهو قال تتعلق بمجموعة صغيرة من القياديين انا سمعت ذلك منه، ولكن هناك تقنيين يقولون ان فيها مئة الف خط.

عل كل حال ، أريد ان أتجاوز هذه المسألة، وربما كان على الحكومة ان تأخذ بعين الإعتبار هذا الأمر أكثر مما كان. ولكن هذا الخطأ لا يرد عليه بجريمة. ما حدث في بيروت جريمة، وليست معالجة لخطأ او رد الخطأ بخطأ.

س- هل ترى إمكانية ان يخرج اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب بقرار ما؟ وهل تقبل المعارضة بحل ما، وما هو تصورّك للحل، وهل تتوقع تدويلا ما؟

ج- التدويل في لبنان يفتح شهية القاعدة على الوضع اللبناني، وأنا أعتقد انه منذ بدأت القرارات الدولية بحق لبنان، أصبحت القاعدة معنية بالوضع اللبناني، ومعنية بقوات الطوارىء الدولية، وبالنصارى والمسلمين، وكل الشعارات المتعلقة بالقاعدة ، إذاً التدويل هو ذهاب نحو المشكل وليس نحو الحل.

س- ولكن البعض في 14 آذار يراهنون على هذا الموضوع؟

ج- صحيح هناك بعض الناس في كل القوى يراهنون، وليس غريبا أن يراهن الواحد على التدويل ويخطئ ، وهناك شيء من المعلومات، ان هناك إتجاها لقرارات دولية ، وهناك سعيا في واشنطن لانهم يعتبرون ان هذا إعتداء سوري – إيراني على لبنان. أنا الآن أريد أن اتكلم عن الدور العربي في إيجاد الحل.

السياسة العربية ليست بيانات، وما تفضل به الدكتور الدخيل عن ان الوضع العربي في أزمة هذا صحيح، ولكن الوضع العربي عندما يدافع عن الدولة في لبنان، وعن فكرة الدولة وعن فكرة الإستقرار، يكون بذلك يدافع عن إستقرار الأنظمة العربية، وعن إستقرار فكرة الدولة العربية، لا يدافع فقط عن لبنان إنما يدافع عن نفسه.

لذلك فإن التصرف التقليدي العربي قد يكون تكرارا لما سبق، وهو تأكيد للاشتباكات القادمة وله علاقة ايضا برفض السعودية لاستقبال الرئيس الأسد، في حديث الامير سعود الفيصل وإعتباره التدويل طبيعيا، بسبب علاقات لبنان بالكثير من الدول الصديقة، هذا كلام لطيف ولكنه غير عادي.

دعنا نفترض لماذا لا تتم الدعوة الى قمة مصرية – سعودية – أردنية – سورية – إيرانية- تركية؟ هناك دور تركي الآن بين سوريا وإسرائيل، وهو معني بالوضع في العراق. وبطبيعة الحال معني بالمشروع الإيراني، وبالوضع في لبنان ، لذلك فلتجتمع هذه الدول وتناقش الموضوع.

والأكيد ليس المطلوب قوات عربية للبنان، ولا قوات دولية للبنان، المطلوب قرارات سياسية توصل الى نتيجة من خلال الحوار الملزم، الذي فيه قوى مؤثرة على الطاولة، خاصة ان المشروع الأميركي في الموضوع الرئيسي المتعلق بتسوية في المنطقة، لا يملك ما يقدّمه.

س- في الوضع الداخلي كيف ترى الأمور، وخاصة ان هناك معلومات عن إتصالات بين الرئيس بري ووليد جنبلاط وردت هذه الليلة؟

ج- إتصالات وليد بك والرئيس بري أصلا لم تنقطع، ويوجد بينهما صلة مثل الكهرباء دائمة ومتوفرة ولا تتعطل، رغم إنقطاع الكهرباء أو بوجود الكهرباء، ولكن ليس هذا موضوعنا.

لكن اذا ذهبنا الى الحوار على ماذا سنتحاور؟ النائب سعد الحريري زار الرئيس السنيورة في السراي وخرج من عنده، بعدما قال الرئيس بري انه يريد إعلان نوايا في موضوعي الإنتخابات والنسب في تشكيل الحكومة، وقف سعد الحريري على باب السراي، وقال: “انا باسم 14 آذار أوافق على حكومة وحدة وطنية، وعلى قانون إنتخابات بموجب القضاء”، دعنا نعتبر ذلك نصف إعلان نوايا ولكنه لم يجد أي إستجابة.

مرة ثانية وقف سعد الحريري وقال”نضع القرارين الشهيرين بعهدة الجيش” ربما يكون هذا حلا سياسيا غير دستوري، ولكن الجيش أصلا موجود على الأرض ويتصّرف وكأنه وسيط، فما المانع أن يتوسط في السياسة مثلما يتصرّف على الأرض.

فرنجية قال: “المرسوم يلغى المرسوم”

ج- أولا هذا ليس مرسوما، انه إقتراح يأتي بناءا على طلب الوزير.

ثانيا هل نحن نبحث عن تسوية أم عن أبيض وأسود؟ لا يوجد في لبنان ابيض واسود ولا حتى بموضوع المقاومة، ولا المقاومة تقدر ان تتعاطى مع النظام اللبناني على انه ابيض واسود.

ثالثا: هناك دعوات كثيرة للأطراف اللبنانية للحوار وآخر هذه الدعوات اطلقها اليوم العاهل الأردني، ولكن هذا الحوار لن يكون ابدا حول القرار المتعلق بالعميد شقير، او الإتصالات، إنما يكون حول حل الأزمة في لبنان وقواعدها هي : قانون إنتخاب، حكومة وإنتخابات رئاسية. أعتقد ان الأمر المنطقي والعاقل، وهذا رأيي، وأقول هذا الكلام على مسؤوليتي، أنا أعتقد اننا نحتاج الى حكومة طوارىء بطبيعتها، تكون بغالبيتها الكبرى حيادية.

س- برئاسة من؟

ج- ممكن ان تكون برئاسة سعد الحريري، ما المانع ان يكون هناك 14 أو 24 وزيرا معظمهم حياديين برئاسة زعيم الأكثرية ؟ ولا أرى أي مانع في ذلك إذا كنا نبحث عن تسوية ، هذا في ما خص الحكومة. وفي ما خص قانون إنتخاب القضاء ، أعتقد ان هذا الأمر متفق عليه، وفي موضوع رئاسة الجمهورية، يُحكى ان هناك توافقا على الرئيس التوافقي الذي هو العماد سليمان لرئاسة الجمهورية، ولا أعلم ما إذا كان هذا الكلام مازال ساري المفعول.

س- عند مَن هل عند الأكثرية أم المعارضة؟

ج- لم أعد أعرف من أين، ولكن ممكن أن تسمع الليلة تحفظات من هنا وهناك، وشكوى من دور الجيش.

أذاً الحل العربي يجب أن يذهب الى إبتكار حوار سياسي جديد، يكون الموضوع الفلسطيني جزء منه، وموضوع لبنان جزءا منه والعراق ايضا ، فتأتي الدول العربية الرئيسة الثلاث ومعها سوريا، اضِف اليهم تركيا وإيران، لكي تجلس على الطاولة وسط توازن قوى في الكلام.

س هل سيقبل الأميركي؟

ج- إذا رفض الأميركي يكون بذلك يعمل ضد نفسه.

س- بالإنتظار ماذا عن الوضع على الأرض؟

ج- بالإنتظار، هذا الحوار يجب ان يكون على تلة، قاعدتها هي قانون الإنتخاب على أساس القضاء، حكومة طوارىء يترأسها زعيم الأكثرية تكون بغالبيتها العظمى حيادية، وخاصة الوزارات السياسية التي ستنظّم الإنتخابات، وأخيرا إنتخاب رئيس يتوافقون عليه.

أما الأمر الآخر، اي الإستمرار في الشارع هو مصيدة وفخ لكل القوى العسكرية. تستطيع إحتلال كل الشوارع والبنايات والأرصفة، لكنك لا تستطيع ان تسلب الناس إرادتها.