“كلام الناس” – من يفكّك ألغام العلاقات اللبنانية- السورية؟

مقابلات تلفزيونية 20 نوفمبر 2008 0

مع نهاد المشنوق والدكتور ابراهيم دراجي في دمشق

س- بعد أشهر من التوقف والانقطاع عن الكتابة أو المقابلات، لماذا كان الانقطاع؟
ج- هناك سببان بسيطان ورئيسيان في نفس الوقت.
السبب الاول : حدة وعدم إنسانية الأمور التي حصلت في بيروت، وبالتالي عدم رغبتي ان أكون في هذا المكان، وانت تذكرني في عدة مقابلات معك منذ حرب تموز 2006 كنت دائماً أقول، ان هناك صراعا بين مشروعين سياسيين في المنطقة، وليس صراعا بين مذهبين ولا طائفتين، ولا زلت على هذا الرأي، فكان صعبا بعدما حصل في بيروت انك تصر على انهما مشروعين سياسيين، وكان الواضح ان الناس إنقسمت الى درجة حادة جدا، والقدرة عل التعبير بشكل لا يرضي الناس لم تكن مستحبة، فلذلك فضلت هذا الجزء من الإنكفاء .
السبت الثاني: يتعلق بموضوع الوزارة .

س- بالعودة الى موضوع الوزارة، أذكر اني عندما استقبلتك في آخر مقابلة بدأت كلامي بـ “مساء الخير معالي الوزير” ولكنك نفيت هذا الأمر، ثم عاد اسمك الى التداول وجاء في “السفير” في 14/7/2008 تحت عنوان “الوزير المؤجل نهاد المشنوق”: قبل التاسعة والنصف من صباح يوم الجمعة الماضي، كان يمكن للأمور ان تكون مجرد تمنيات أو خبريات، لكن عندما رنّ هاتف الزميل نهاد المشنوق الخلوي في هذا الوقت بالذات ، صارت الأمور واضحة وضوح عين الشمس، كان المتصل هو رئيس الحكومة المكلّف، وسأل “الزميل المشنوق أين هو؟” فأجابه انه في اسطمبول في رحلة صيفية خاصة مع صغيرته ديما. وقال له الرئيس المكلف “إحزم امتعتك وعد الى بيروت على وجه السرعة” بمعنى انه قال لك انت وزير في هذه الحكومة ؟
ج- أنا لا أريد الرجوع الى هذه الرواية ،انا شعرت بعد تشكيل الوزارة ان أي موقف سياسي أو أي كلام أو أي مقال أو أي تعبير، سوف يُحسب على حساب لأنني ما سُميت وزيراَ وان ما أقوم به هو ردّ فعل، فكان هذا هو السبب الثاني للإنكفاء منعاَ لأي موقف مني يعبّر عن رد فعل .

س- لماذا وضع الرئيس السنيورة فيتو على اسمك ؟
ج- لا أعرف لا أملك أية معلومات، سوى الرواية المنشورة، وبالتالي لم أقابل الرئيس السنيورة ولا سألته، وهو ايضاَ لم يتصل بي .

س- هل كان الرئيس السنيورة مُحرج أمام سعد الحريري الذي طرح اسمك؟
ج- للحقيقة، أنا لا أعرف القصة الحقيقية، كل ما أعرفه هو الرواية المنشورة وربما تكون هي الحقيقة، وبالفعل لم أسأل وقد فصلت بين العام والخاص، واعتبرت ان من حق الرئيس السنيورة السياسي ان يسمّي الوزراء الذين يمكن أن يتعاون معهم ويتفاهم معهم، وربما يعبّرون عن وجهة نظره السياسية ، بصرف النظر عما إذا كانت صحّ أم خطأ، لكن ما حزّ بنفسي هو انه بعد تشكيل الوزارة لم يتصرف الرئيس السنيورة بطريقة يحفظ فيها الود والصداقة، ولا حتى اللياقة بعد معرفة سنوات طويلة.

س- لكن الرئيس السنيورة يحفظ اللياقات ؟
ج – الرئيس السنيورة معروف عنه ذلك، ولكن أنا لم ارّ ذلك بتصرفه معي، وبالتالي اعتبرت بأني لست مضطراَ لكي أقوم برد فعل .

س- هل ندمت لانك كنت تشيد به وبأدائه ؟
ج- انا كنت دائما أشيد بالأداء السياسي للرئيس السنيورة، وليس بأدائه الشخصي لأني لا اعتبر رئاسة الحكومة مسألة شخصية.

س- هل مازلت معجباً بأدائه السياسي؟
ج- هناك مسائل أتفق فيها معه، وهناك مسائل أختلف معه فيها .

س- ما هي المسائل التي تختلف فيها معه؟
ج- الموضوع ليس خلاف أو إتفاق، لكن هناك إدارة سياسية ظهرت في المدة الأخيرة تتعلق بموضوعين لفتا نظري ، وكانت الإدارة السياسية فيهما دون المستوى المطلوب .

س- هل هذين الموضوعين الخلوي وزيارة الوزير بارود لسوريا ، وهل يمكن شرح هذا الأمر؟
ج- طبعاً طبعاً، دعنا نبسط الأمر هناك إعلان سوري رسمي خرج وإتهم جهة سياسية في لبنان ، إسمها “تيار المستقبل” بإتهامات تتعلق بـ”فتح الإسلام” وغيرها، وقد خرج هذا الإعلان في وقت كان وزير الداخلية زياد بارود في صدد زيارة سورية، بعد ترتيب من رئيس الجمهورية الذي كان زار دمشق قبل ذلك، فكان من الطبيعي أما الطلب من الوزير بارود تأجيل الزيارة لأن “تيار المستقبل” الذي يرأسه رئيس أكبر كتلة نيابية ومفترض أن الرئيس السنيورة يمثله متهم بتمويل تنظيم إرهابي. على كل حال كان على الرئيس السنيورة كرئيس حكومة أما أن يطلب من الوزير تأجيل زيارته إلى حين جلاء هذا الموضوع ، وإما أن تكلّف الوزير في مجلس الوزراء متابعة هذا الموضوع مع السلطات السورية ، لكن هذا لم يحصل ولم يتم تكليفه بمتابعة هذا الموضوع علناً ورسمياً.

س- حتى انه لم يؤمن الحماية للوزير بارود في زيارته لسوريا ؟
ج- باعتقادي انه تمت حمايته بعد عودته من قبل كل الوزراء ومن قبل الرئيس السنيورة، وأنا لا أعتقد ان الهجوم على زيارة الوزير بارود لدمشق، كان تستأهل هذا النوع من الحماية ، فالوزير بارود قام بواجباته من موقعه كوزير داخلية، ولا شك ان الوزير بارود كان يعرف عندما اختير وزيراً للداخلية بأنه ذاهب الى طاولة البند الرئيسي فيها هو العلاقات اللبنانية – السورية .

س- اذاً كان المطلوب من الرئيس السنيورة تكليف الوزير بارود بمتابعة مسألة التحقيقات أو تأجيل الزيارة ؟
ج – طبعاً تكليفه بمفاتشة السلطات السورية والطلب منها توضيحات بهذ الخصوص .

س- وماذا عن موضوع الخلوي المتعلقة بأداء الرئيس السنيورة ؟
ج – أنا أتحدث عن الأراء السياسية وللحكومة وللرئيس السنيورة، بالنسبة لملف الخلوي أنا تابعت هذا الملف باعتباري معني بهذا الموضوع ، أو على الأقل أعرف بداياته . لقد كان على الوزير باسيل ان يعرف ان هذا الملف حساس جداً جداً منذ ان نشأ العام 1994 وان التعاطي في هذا الملف لايتم ببساطة فك التعاقد والبدء بمفاوضات جديدة .

أنا أفهم ان فك التعاقد أتى لأن الشركة الألمانية المشغّلة إنسحبت من المجموعة الإستثمارية . ولكن ان يذهب الوزير باسيل بمفرده للتفاوض مع شركة أخرى رغم حاجتك لها، فهذا أمر حساس جداً والوزير باسيل يعرف ذلك تماما ، ويعرف أيضاً ان قرار إدراج بند هذا الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء من صلاحية رئيس الوزراء، وبالتالي كيف قبل الرئيس السنيورة بتصرّف الوزير باسيل بإدراج الموضوع على جدول الأعمال، بدلاً من ان يبحث الموضوع مع الوزير باسيل ويطلّع منه على كل حيثيات الموضوع .

أنا أقول، هناك إدارة سياسية لموضوع الحكومة، والرئيس السنيورة لا يستطيع إنكار انه مسؤول عن وضع جدول أعمال جلسات هذه الحكومة .

س- برأيك لماذا تصرف هكذا الرئيس السنيورة ؟
ج- لا أعرف أنا لا أملك تفسيراً سوى انه ربما إعتبر ان هذا نوع من إعادة صلاته السياسية الى طبيعتها، مع قوى أمضى سنوات طويلة من الصراع معها، وربما أنا مخطيء، ولكن كان الأفضل بكثير بأن يجلس مع الوزير المعني كرئيس حكومة، قبل إدراج الموضوع على جدول الأعمال وإبلاغه ان هذا الأمر لا يتم بهذه البساطة، ويجب العودة الى مجلس الوزراء لمناقشة الموضوع .

اذاً هناك خطأ في الإدارة السياسية للرئيس السنيورة في هذين الموضوعين، أولاً عدم تكليف وزير الداخلية بمهمة رئيسية تتعلق بزعيم سياسي، رئيس اكبر كتلة نيابية في المجلس مُتهم بأنه يموّل أعمال إرهابية، وايضاً لم يؤجل الزيارة ولم يمنع الزيارة .

والثاني في موضوع الوزير باسيل وتفرده في ملف الخلوي.
وبالتالي ماهي المقاييس التي يمكن وضعها سواء لهذا الموضوع أو ذاك الموضوع ، ربما هناك إرباك سياسي وأنا لا أعرف ذلك .

أذكر اني آخر مرة قابلت فيها الرئيس السنيورة، كان قبل تكليفه بأيام حيث كنت متحمسا جداً لتكليفه .

س- اليوم لم تعد متحمساً؟
ج- أنا لم أقل ذلك، ولكن كانت هناك مفاضلة بينه وبين النائب سعد الحريري، لأني على قناعة بأن النائب سعد الحريري يواجه ملف ومهمة أكبر بكثير من هذا الموضوع .

س- اكبر بكثير من رئاسة حكومة لبنان ؟
ج- بل أكثر تعقيداً، بمعنى ان من يريد خوض انتخابات بهذا الحجم على مستوى كل لبنان ، ستكون لغته السياسية وتصرّفه السياسي مختلف تماما عن مسؤوليته كرئيس وزارة .

س- لكن النائب الحريري يمارس اليوم وكأنه رئيس حكومة، وهذا ما ظهر باستدعائه بالأمس حاكم مصرف لبنان ووزراء المال السابقين للتشاور في الأوضاع الإقتصادية ؟
ج- أعتقد انك تعطي الموضوع حجم أكبر من حجمه، والأمر يتعلق بحلقة تشاورية إقتصادية كبرى، وليس استدعاء المسؤولين لكي يترأسهم أو يتشاور معهم، إنما هو دعا خبراء وأساتذة جامعات ومجموعة كبيرة من الإقتصاديين لمناقشتهم بالوضع الاقتصادي .

س- لماذا ؟
ج- بالتأكيد للتشاور وليس إعلان الموضوع حتى لا يثير حساسية المصرّين على المؤسسات أمثال حضرتك .

س- أنا أعتقد انك بالأمس قلت لي إنك مُصر ايضاً على المؤسسات ؟
ج- انا سألت عن الموضوع .

س- ماذا سألت، أنا أعتقد انه في بلد فيه هذا النوع من الهرطقة الدستورية والفوضى الدستورية، لم تعد المسألة متعلقة بالمؤسسات ؟
ج- أنا سألت عن الموضوع لم يكن إجتماعا، كان حلقة تشاورية وكان يمكن لأي مؤسسة دراسات ان تقوم بذلك .

س- لماذا لم تقم بذلك أي مؤسسة دراسات ؟
ج- انا لا أعرف، ولكن أعرف ان النائب الحريري قام بهذا العمل .

س- اليوم أين يكمن مركز القرار، هل في السراي أم في عين التينة أم في قريطم أو في القصر الجمهوري ؟
ج- حتى إشعار آخر السلطة التنفيذية، موجودة في مجلس الوزراء وبرئيس مجلس الوزراء .

س- هل يحق لسعد لحريري استدعاء حاكم مصرف لبنان ؟
ج- أنا لا أسميه استدعاء، بل هناك مجموعة كبيرة من الإقتصاديين والخبراء والأساتذة والمعنيين بالملف الإقتصادي، منهم وزراء ونواب سابقين وحاليين جلسوا حول طاولة للتشاور في مايمكن القيام به لمواجهة الأوضاع الإقتصادية .

س- لماذا لم يتم هذا التشاور في مجلس النواب، علماً ان سعد الحريري رئيس أكبر كتلة نيابية ؟
ج- هذا السؤال يوجّه الى رئيس المجلس الذي له صلاحية دعوة مجلس النواب، لا سعد الحريري لا يمكنه دعوة مجلس النواب.

على كل حال، أنا أعتقد ان شكل الإجتماع هو شكل تشاور، مع أكبر مجموعة من الإختصاصيين، أعود وأقول أنا لست مع إعلان الخبر، أنا مع التشاور ولكن ليس مع إعلان الخبر بسبب الحساسية التي يمكن ان يثيرها .

س- استاذ نهاد ، لم نعد نعرف ماذا يحصل، تارة يذهب وليد جنبلاط الى اميركا ويبحث في موضوع تسليح الجيش اللبناني، وتارة يذهب سعد الحريري الى روسيا ويبحث في موضوع تسليح الجيش اللبناني، وبالتالي لم نعد نعرف من هو المسؤول عن السياسة الخارجية، وما الذي يمنع مثلا ان يقوم النائب السابق فتحي يكن مع إحترامي له باستدعاء حاكم مصرف لبنان ليبحث معه في الوضع الإقتصادي ؟
ج- اولاً النائب سعد الحريري لا يقارن بفتحي يكن ، سعد الحريري رئيس كتلة نيابية من 34 نائب .
س- انا كنت واضحاً في سؤالي ، ما الذي يمنع فتحي يكن من ذلك ؟
ج- أولاً، هناك صلة شخصية بين الحاكم والنائب الحريري، وثانياً هناك معرفة قديمة، وثالثاً هو زعيم أكبر كتلة نيابية، ورابعاً إذا تصرف بأنه معني بالتشاور مع أكبر عدد ممكن من الناس فهذه مسألة ليست خاضعة للبروتوكول .

س- للحقيقة استاذ نهاد، أنا إستلهمت موضوع التعلق بالمؤسسات من كثرة مقالاتك التي تتحدث عن المؤسسات ؟
ج- أكرر أنا غير موافق على إعلان هذا الإجتماع، أنا مع التشاور ولست مع الإعلان . اما في ما خص زيارات وليد جنبلاط وسعد الحريري للخارج فلا تنسى انهما نائبان، وبالتالي يحق لهما الإعلان انهما يسعيان الى تسليح الجيش اللبناني .

س- إذاً ربما تقوم القيامة اذا ذهب الوزير فنيش الى إيران، وبحث في تسليح الجيش اللبناني ؟
ج- لماذا ستقوم القيامة ؟ ولكن لا تنسى ان طبيعة التسليح مختلفة ، فالنائبين جنبلاط والحريري يبحثان هذا الموضوع مع دول كبرى متخصصة بهذا الموضوع، وليس مع قوة سياسية لديها إشكالية داخل لبنان .

س- أليس للأميركيين إشكالية داخل لبنان ؟
ج- لكن على الأقل ان المُعلن في هذا الموضوع ان الجيش اللبناني سلاحه وتدريبه يتم بالتفاهم مع الأميركيين اليس كذلك، فنرى ان الجنرال باتريوس زار لبنان، وقبله الجنرال فالن باعتبار ان هذا موقع من مواقع عملهما بالتدريب وبالتسليح .

س- بعد قليل سأسألك عن اجواء لقائك مع الجنرال باتريوس؟
ج- أنا لم ألتقه هذ غير صحيح .

س- ربما تابعت اجواءه ؟
ج- أنا أقرأ عنه كثيراً لكن لم أقابله .

س- هل تابعت الوزير محمد شطح في لقائه مع “كلام الناس” عندما تحدث عن موضوع الهدر والفساد ؟
ج- أنا تابعت هذه الحلقة، ولكن إستغربت براءته من المؤسسات التابعة لرئيس الحكومة، كمجلس الإنماء والإعمار والهيئة العليا للاغاثة، وبانه لا يعرف شيئا عن هذه المؤسسات .

اولاً الهيئة العليا للاغاثة قائمة منذ اكثر من 15 سنة وهي اُنشئت بعد عدوان اسرائيل 1996، وربما هناك عراقيل في عملها لكن مهمتها محدّدة، ربما في الفترات الصعبة تتجاوز الكثير من الأوراق والمعاملات التي تستدعي مساعدات عاجلة لمناطق أو لأشخاص معينين .
وباعتقادي ان الوزير شطح لم يكن موفقاً ببراءته من هذه المؤسسات، مع العلم انه كان اقرب شخص لرئيس الحكومة منذ ثلاث سنوات، والآن يشغل منصب وزير المالية، فاذا كان معترضاً على كل هذه المؤسسات، لا أعرف انه ينفع ان يكون في مكانه .

س- اذا لم يكن بريئاً ماذا تعتبره؟
ج- أنا لا أوافق على براءته لكي أبحث له عن وصف آخر .

س- بالعودة الى الإتهامات السورية للنائب سعد الحريري و”تيار المستقبل” حول “فتح الإسلام” هل لك ان تذكّرنا بما تفضّلت وقلته ؟
ج- دعنا نرجع قليلا الى الوراء، ففي شهر الثاني من عام 2007 نشر سايمور هيرش في مجلة ” نيويركر” مقاله الشهير الذي اتهم فيه النائب سعد الحريري ورئيس الحكومة وآخرين، ولكن كان النائب الحريري أساس الإتهام بتمويل مجموعات سلفية، وتبيّن بعد ذلك بقليل من التدقيق ان سايمور هيرش تعرّف على وزير لبناني سابق في منزل رجل أعمال سوري في جنوب فرنسا ثم زاره في لبنان، واصطحبه هذا الوزير السابق بعد ذلك الى دمشق وجمعه برؤساء الأجهزة الأمنية، وقيل انه قابل الرئيس بشار الاسد ثم عاد بهذه الرواية بعد زيارة دمشق . وقال في روايته ان سعد الحريري يقوم بتمويل سلفيين ويدرب سلفيين وتحدث عن دور للأمير بندر بن سلطان وغيرها من الأقاويل.

بعد ذلك، ظهرت حركة “فتح الإسلام” ووقعت أحداث مخيم نهر البارد، والتي بدأت بالصدفة بعد مداهمة قوى الأمن المسلحين في شارع المئتين في طرابلس، ومن ثم تبيّن ان هناك تنظيماً كبيراً لديه خطة كبرى تتعلق بإعلان إمارة في الشمال وما الى ذلك .

اليوم تكررت مقولة سايمور هيرش، ولكن هذه المرة ليس عن طريق الكتابة بل بواسطة التلفزيون السوري، حيث تم ترتيب الأمر وظهر أشخاص وقالوا مايريدون قوله من معلومات، معظمها معلومات حقيقية عن أشخاص موجودين في لبنان، وذلك بقرار لإغلاق هذا الملف وإهداء هذا الملف في سبيل الإنفتاح على الغرب .

س- تقصد ان النظام السوري إخترع هذا الملف ؟
ج- أنا لا أحب كلمة نظام، أنا أقول القيادة السورية لأن النظام يقحم كل الناس . على كل حال، القيادة السورية إعتبرت ان هذا الملف يجب أن يغلق في وسط الانفتاح الغربي، وبالتالي أعلنوا الأسماء وأمكنة الأشخاص .

س- هذا يعني ان الإتهامات صحيحة ؟ والإفادات صحيحة ؟
ج- المعلومات صحيحة في ما يتعلق بأسماء الأشخاص، ولكن ليست صحيحة الإتهامات التي تم توجيهها الى “تيار المستقبل” بأنه يدعم ويموّل هذه الحركات .

س- ما المانع أن يكون ذلك صحيحاً؟
ج- المانع بكل بساطة هو العقل، فما هي مصلحة “تيار المستقبل” المفترض انه زعيم الإعتدال الإسلامي في لبنان، وجزء من الإعتدال الإسلامي في المنطقة، في تمويل حركة متطرفة تريد إعلان إمارة إسلامية . العقل بطبيعة الحال لا يقبل هذا الكلام .

سؤال موجه الى الاستاذ ابراهيم دراجي من دمشق .

س- ماهو تعليقك على كلام الاستاذ نهاد بأنه يشكك بهذه الرواية السورية ؟
ج- طبعاً، أنا أحترم جداً كلام الاستاذ نهاد وأستمتع بكثير من مقالاته التي كان يكتبها . أنا أريد ان أتحدث بالعقل ايضاً، الذي تحدث عنه طبعاً سايورهيرش لا يحتاج الى تبرئة وهو ليس صحفيا مبتديء يمكن أن تأتي به القيادة السورية، وتطلعه على بعض المعلومات الإستخباراتية التي لا تتمتع بمصداقية، ويعود فرحاً الى واشنطن وينشره لتأخذ هذه الضجة .

طبعاً الاستاذ نهاد إطلع على مقال سايمور هيرش وهو موجود لدي الآن بنصه الكامل، وهو يتحدث عن أسماء بمراجع أعضاء في الكونغرس، وأسماء في لجنة الإستخبارات الأميركية، ويستعيد تجارب سابقة في الموضوع، وبالتالي لم يكن مقالاً إنشائياً، هو مقال يعتمد على عبارات بسيطة وأنت تدرك ان سايمور هيرش حصل على جائزة أفضل صحافي إستقصائي في أميركا، وهو من فجّر فضيحة سجن “أبو غريب” وباعتقادي، أنا هنا أتحدث عن مقال معيّن وليس عن تاريخ سايمور هيرش، فالقضية بكل بساطة السيناريو الذي يراد منا تصديقه هو على النحو التالي :
“سوريا خلقت تنظيم “فتح الإسلام” ثم قامت بتسريبه الى لبنان، ثم قدّمت مساعدات الى الجيش اللبناني من أجل قمع هذا التنظيم في معركة نهر البارد. وبعد ذلك بقي هذا التنظيم على ولائه لسوريا، ثم قامت سوريا باعتقال بعض الأفراد، ونقل صهر شاكر العبسي على الحدود مع العراق، وبقي هذا التنظيم شديد الولاء لسوريا، ثم سهّلت عودتهم الى دمشق وسهّلت تزويدهم بمتفجرات، وهزوا الأمن السوري وقتلوا مواطنين سوريين أبرياء وإعتقلت سوريا بعض الأفرد ومن بينهم ابنة شاكر العبسي” .
هذا السنياريو الذي يطلب منا الآن تصديقه، وبالتالي أنا أقول ان العقل لا يمكن ان يصدّق هذا الكلام .
انا اسأل ماهو الجديد في موضوع الإعترافات التي بثت من دمشق، وحتى عندما تحدثت وفاء ابنة شاكر العبسي بعبارة عابرة عن موضوع بنك البحر المتوسط، هذا ذُكر في لبنان منذ فترة، ولكن أنت تدرك انه ماتم من إعترافات أدى الى اعتقالات أمنية في لبنان في فترة لاحقة .

المشنوق- انا قلت ان هؤلاء الاشخاص التي وردت أسماءهم في الإعترافات موجودين، لا أقول إشاعة .

سؤال من مارسيل غانم الى الدكتور دراجي :
س- من خلال التحقيقات خلال اليومين الماضيين، تبيّن ان احمد مرعي الشخص الأساسي في هذه التركيبة، أجرى إتصالات هاتفية باللواء اشرف ريفي كانت ترد من أرقام سورية مباشرة، ومن بينها رقم قيل نه تابع للمخابرات السورية، وتحديدا للواء آصف شوكت والرقم موجود أمامي الآن ؟
دراجي- أنا اسأل ايضاً بالعقل، هل يعقل ان تسمح المخابرات السورية باستعمال هاتف اللواء آصف شوكت؟ هل يعقل ان من يريد أن يقوم بهذه الأعمال أن يرتكب خطأ لا يمكن ان يرتكبه صف ضباط في بوركينا فاسو وليس في المخابرات السورية؟

المشنوق- يادكتور دعنا نخرج من المناقشة بالمسائل الأمنية، ولنتحدث بالأمور السياسية، هذا التنظيم اُسس من قبل شخص كان موجوداً في السجن داخل سوريا لمدة سنتين ونصف، وهو مُتهم بقتل دبلوماسي أميركي في عمان، وقد طالبت به السلطات الأردنية لكن لم يسلّم، وطالبت به السلطات الأميركية كذلك ولم يسلّم، وفجأة اُفرج عنه وأصبح هو البديل لحركة “فتح الإنتفاضة” في الداخل وزعيم تيار أو زعيم عصابة أو مجموعة، فيها مجرمين ومؤمنين ومسلمين وكل الصفات التي تريدها.
وبالتالي لايمكن لك ان تقنعني بالمنطق والعقل، باأ هذا الشخص خرج بالصدفة من السجن ونزل عليه العفو من السماء .

س- بالعودة الى السياسة، ألا تعتقد ان النظام السوري يبدو هذه الأيام مرتاحا لوضعيته، بعد الإنفتاح الغربي عليه، وتحديدا الإنفتاح الأوروبي، وبعد زيارة ساركوزي، وبعد هذا الرهان السوري اليوم على التغييرات الجديدة في الإدارة الأميركية والحديث عن استيعاب لسوريا ولإيران في المرحلة المقبلة ؟
ج- باعتقادي انه من المبكر الكلام عن استيعاب لإيران وسوريا، ولكن بالتأكيد ان القيادة السورية تتصّرف بطريقة مختلفة منذ أربعة أشهر حتى الآن عن السنوات الثلاث السابقة، وهذه السياسة التي نسميها سياسة الخيارات المفتوحة، بمعنى ان التقرير حول تنفيذ القرار 1701 يقول باستمرار تدفق السلاح على لبنان عبر سوريا، وفي نفس الوقت هناك علاقات دبلوماسية معلنة بين البلدين بعد زيارة الرئيس ساركوزي الى سوريا، وقبلها زيارة الرئيس السوري الى باريس، كل هذه الأمور مترابطة ببعضها البعض، بطبيعة الحال ولكنها خيارات مفتوحة ، فالعلاقات الايرانية – السورية لازالت على حالها ، والسلاح القادم الى المقاومة في لبنان لايزال مستمراً حسب تقرير الأمين العام للامم المتحدة، والعلاقات مع فرنسا تحسنت، والعلاقات مع انكلترا طرأ عليها ما قاله وزير الخارجية البريطاني عن إعادة التنسيق الأمني على مستوى عال بين البلدين.

إذاً هناك شيء اسمه سياسة الخيارات المفتوحة لازالت سارية المفعول، حققت بعض التقدم في بعض المجالات لا يمكن نكران ذلك، ولكن هذه ليست النتائج النهائية .

وبالتالي لا نتائج نهائية في هذه المواضيع، قبل إنتهاء التحقيق أولاً بمسألة اغتيال الرئيس الحريري، حيث لا يوجد أي تغيير حتى إشعار آخر في مسار التحقيق ولجنة التحقيق .

وثانيا: إمكانية الفصل بين العلاقات الإيرانية – السورية وهناك عدة نقاط ايضاَ ستحدد بشكل نهائي، صورة العلاقات بين الدولة السورية وبين المجتمع الدولي .

س- الرئيس نبيه بري يؤكد انه لا بد من تقارب سعودي – سوري في هذه الفترة ؟
ج- الرئيس بري يقول ذلك في كل فترة، وهو دائما يكرر هذا الكلام، والرئيس بري يضع نفسه دائماً على خط التلاقي السوري- السعودي الذي لم يتم ولا يبدو انه سيتم في وقت قريب .

س- لماذا لن يتم في وقت قريب ؟
ج- لأنه من الواضح ان كل الإتجاهات السياسية الآن، تظهر انه لا يوجد أي تغيير جدي بالموقف السعودي في هذا الاتجاه من جهة، ومن جهة ثانية إستمرار حق سوريا لحلفائها في لبنان على مهاجمة الدور السعودي في المنطقة وفي العالم وفي لبنان، وباعتبار السعودية دولة معتدية، وهذا الكلام تكرر عدّة مرات، وقاله الوزير سليمان فرنجية من هنا من عندك، حيث أشاد بعروبة الملك الراحل الملك فيصل، وعتب على القيادة السعودية الجديدة دون أن يحدّد أو يعرف تماما، ماهي الخطوات السعودية وفي أي اتجاه تتجه. وأنا تابعت كلامه وفوجئت بالأرقام التي أعلنها سواء عن السعودية، أو عن قيمة سوليدير وعن ثروة الرئيس الحريري، وكان كلاما فيه الكثير من المبالغات أقل مايمكن ان يُقال فيها انها مبالغات كبيرة، ليس لها أي مضمون جدي وبالتأكيد ليس لها أي مضون رصين .

س- لماذا المضمون غير رصين ؟
ج- سجّلت بعض النقاط ولم أعرف أين وجد الوزير فرنجية ان الدور السعودي مؤذٍ أو انه مخالف لمعتقداته، ولماذا فجأة أصبح مخالفاً لمعتقداته، ولم يكن الأمر كذلك منذ ثلاثة أشهر أو من ستة أشهر أو من سنة .

س- انا أعرف ان رأي الوزير فرنجية بمسألة المملكة العربية السعودية هو ذاته لم يتغير ؟
ج – هو نفسه ولكن ليس في كل الأوقات، هذا الرأي طرأ منذ طرأ خلاف على العلاقات السورية – السعودية، على كل حال، أنا أقول ان هناك وجهة نظر واضحة عند السعوديين يتصرفون على أساسها، وليست مستورة سواء في منطقة الخليج أو في المنطقة، باعتبار ان دورهم مشروع إستقرار في المنطقة . برأيي ان هذا الإستقرار، لا يتلاقى مع المشروع الإيراني.

س- وسوريا تخدم هذا المشر وع الآن؟
ج- سوريا حليفة أيران وعلناً وصراحة، وبالتالي السعوديون يحمّلون السوريين مسؤولية هذا الإنتشار الإيراني في المنطقة .

س- هل تعتقد ان من شأن هذا التقارب السعودي – السوري الذي يدعو اليه الرئيس بري ترطيب الجو في لبنان؟
ج- بطبيعة الحال، ولكن هذا جزء من إتفاق سياسي كبير أكبر من لبنان، جزء من إتفاق سياسي يتعلق بالدور الإيراني في المنطقة، ولا ننسى ان العلاقات السعودية – الإيرانية متأزمة .

س- كيف تقرأ زيارة العماد ميشال عون الى سوريا قريباً، والتي تفتح صفحة جديدة ومهمة ومثيرة للجدل بزيارة احد ابرز مقاومي الإحتلال السوري في لبنان ؟
ج- أنا أعتقد انها زيارة قاسية وخاصة لمن يعرف تاريخ العماد عون .

س- لماذا قاسية ؟
ج- ما من شك انها قاسية، ألا تعتقد وهو في طريقه أمام اليرزة سيتذكر هؤلاء العسكريين الذين دُفنوا في حديقة اليرزة؟ .

س- لقد سألت الوزير فرنجية في الحلقة الماضية عن هذا الموضوع، وكانت للعماد عون مداخلة قال فيها “الى متى سيبقى التاريخ جامداً، والى متى سنبقى نعيش في احقاد الماضي” ؟
ج- أنا لم أقل انه يجوز ان يبقى الواحد محله أو ن يعيش الأحقاد الماضية، أنا استعملت تعبيراً محدداً، انها زيارة قاسية على من يعرف تاريخ العماد عون، وبالتأكيد على جزء كبير من جمهوره مهما بالغنا بقدرته على قيادة جمهوره الى حيث يريد .

ما لفتني ليس الزيارة التي لا تعليق لي عليها سوى انها قاسية، ولكني لست ضدها لولا ان الزيارة ستصب أكثر فأكثر في مجال الإنقسام اللبناني، وفي مجال وضع المسيحيين، باعتباره الزعيم الأكثر انتخاباً من قبلهم حتى إنتخابات أخرى، وهو بذلك يضع المسيحيين في سياسة محاور أكثر وأكثر، وأنا أعتقد ان هذه ليست الوظيفة السياسية للمسيحيين، وأعتقد ان هناك ظلماً كبيراً وقع عليهم سنة 1989 بسبب سياسة المحاور هذه.

وما يدعو الى الإستغراب في هذه الزيارة، كما قرأت في الصحف، انه ستكون له استقبالات شعبية، وزيارة مواقع مسيحية وهذا أمر غريب على الدولة السورية .

س- الدكتور دراجي يسأل لماذا هذا الجفاء؟ ولماذا الإعتراض على الزيارة ؟
ج- أنا لم أعترض على هذه الزيارة ، أنا قلت انها زيارة قاسية، ولم أقل انه لا يجب أن يزور سوريا، ولكن ما أقوله انه إذا أراد أي زعيم سياسي لبناني الذهاب الى دمشق، يجب ان يذهب بشفافية تامة، بمعنى انه منعاً للجدل ومنعاً للإنقسام حول الموضوع، ما الذي يمنع وجود جدول أعمال واضح ومُعلن وصريح لهذه الزيارة، لا أن تدخل مثلا في سياق الإنتخابات، بمعنى ان الحملة التي قام بها العماد عون على الكتلة المستقلة أو المحايدة التي ستكون حتما لرئيس الجمهورية الذي يهتم اليوم بملف العلاقات اللبنانية – السورية.

هذه الحملة ألا يمكن ان تفسّر وكأن العماد عون يقول للقيادة السورية انه يستطيع ان يحقق إطمئناناً أكثر من رئيس الجمهورية؟ وانه يمثل المسيحيين أكثر من رئيس الجمهورية؟ لذلك أنا أقول، فليعلن جدول الأعمال بشكل واضح وصريح لكل من يذهب الى دمشق .

الدكتور دراجي: انا اسألك يا استاذ نهاد، ماهو جدول أعمال الوزير وليد جنبلاط الآن الى الولايات المتحدة ؟
ج- لا مانع لدي أن اسأل وليد جنبلاط هذا الأمر، ولماذا تفترض دائماً ان النقاش هو بين سوريا وأميركا .

انا هنا أناقش في المواضيع التي يمكن أن تسبب إنقساماً بين اللبنانيين الذين شئنا أم أبينا منقسمين حول السياسة السورية .

سؤال من مارسيل غانم : ماذا تقول في زيارة الوزير الياس المر الأسبوع المقبل الى سوريا، ومعروف انه قيل في يوم من الأيام ان سوريا قد تكون وراء محاولة اغتياله؟

ج- الياس المر رجل يتعاطى بالشأن العام، ويعتبر ان زيارته لسوريا جزء من هذه السياسة، وانه يريد تجاوز الأحقاد أو المسائل أو ال‘تهامات التي طالت سوريا في محاولة إغتياله .

على كل حال، اذا قرر الوزير المر تجاوز كل ذلك ويزور سوريا، فلا بأس ان يذهب بصفته وزيراً للدفاع، وان يبلّغ اللبنانيين لكي لا ننقسم ولا نختلف، ان جدول اعمال الزيارة كذا وكذا وكذا .

س- كيف تقرأ كلام الوزير ميشال فرعون لمجلة “الصياد” بأنه لا حل للبنان إلا بتطبيع العلاقات مع دمشق بمواكبة عربية وفرنسية ؟
ج- هذا جيد لقد هداه الله، وعلى كل إذا كان هذا موقفه، فأنا أعتبر ان ذلك يمثل تطوراً في موقفه وأنا لا أستطيع الاعتراض على ذلك .

س- انت تقول لقد هداه الله، وكأنك تقول ان الأكثرية يجب ان تتبنى هذا الكلام ايضاً؟
ج- كلمة الله هداه، أنا أفرح فيها، ولكن ما يقوله ميشال فرعون في هذا الحديث يجب تطبيع العلاقات اللبنانية- السورية انا طبعاً من دعاة تطبيع هذه العلاقة منذ اللحظة الأولى، ولكن هناك حاجزان حسب رأيي أمام زيارة أي شخص لبناني الى سوريا .

الحاجز الأول: ان تكون صريحة وواضحة ومعلنة لكي لاتثير المزيد من الإنقسام في الجمهور اللبناني.

الأمر الثاني المتعلق بالأكثرية، هو موقفهم من اغتيال الرئيس الحريري الذين تصرفوا سياسياً منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها ميليس مسؤولية سوريا سياسياً، هناك جمهور كبير اقتنع بمسؤولية سوريا عن هذا الموضوع، وبالتالي الى ان تظهر الحقيقة ، أنا لست مستعداً لأن اختلف أكثر مع هذا الجمهور طالما أني لا استطيع أخذه بالسياسة الى مكان آخر .

س- لنفترض ان سعد الحريري الذي سيخوض الانتخابات النيابية أصبح رئيساً للحكومة، كيف سيتصرف في موضوع العلاقات مع سوريا ؟
ج- لا خيار أمامه الا أن يتعاطى مع سوريا .

س- كيف سيتم ذلك ؟
ج- كرئيس حكومة لا خيار أمامه سوى أن يتعاطى مع سوريا ، لانه ليس رئيس الحكومة هو من قرر العلاقات مع سوريا، الدولة اللبنانية مُلزمة بالتعاطي مع الدولة السورية .

س- هل سيستطيع تخطي هذا الحاجز الذي تحدثت عنه ؟
ج- سعد الحريري مُلزم ان يتخطاه، ولكن هذا يكون بعد صدور القرار الظني، ولا ننسى ان لسعد الحريري صفتين واحدة انه ولي الدم بصفته إبن الشهيد رفيق الحريري، وثانيا هو زعيم الأكثرية النيابية .

س- لماذا يتصرف نصف اللبنانيين وكأن القرار الظني سيدين سوريا؟
ج- أنا لا أعرف لماذا يتصرفون كذلك، أنا مضطر أخذ هذا الأمر بالإعتبار وان أنتظر صدور القرار الظني دون تنبؤات ودون تكهنات ودون إتهامات .

س- هل تعتقد ان سوريا سيكون لها دورا بارزاً في الإنتخابات النيابية ؟
ج- أعتقد ان هناك مبالغة بالكلام عن النفوذ السوري في الإنتخابات المقبلة، هناك حلفاء لسوريا معلنين وموجودين في الساحة السياسية، و لا شك ان وضعهم بعد اتفاق الأمر الواقع في الدوحة أصبح أفضل، وبالتالي هم لا يحتاجون الى النفوذ السوري بالعكس، النفوذ السوري يحتاجهم .

وباعتقادي أي كلام عن نفوذ سوري في الإنتخابات هو كلام سياسي، لايؤدي الى نتيجة جدية ولا يعني مضموناً جدياً .

وأنا أعتقد انه مع صدور القرار 1559 كان واضحاً ان هناك قراراً دولياً، بخروج سوري سياسياً وعسكرياً من لبنان .

الآن ما هو حاصل، فقط محاولة تطبيع يتولاها العماد ميشال سليمان مع سوريا، بعد انتخابه رئيساً للجمهورية إثر اتفاق الأمر الواقع الذي اسمه اتفاق الدوحة .

س- لماذا أسميته إتفاق الأمر الواقع ؟
ج- طبعاً هو ليس إتفاقاً سياسياً، هو إتفاق أمر واقع حققت فيه جهات، قانون إنتخابات عجيب غريب سوف يؤدي في البلد الى مزيد من الطائفية، والى مزيد من عدم تمثيل الطوائف لزعمائها، مع انه كان المعتقد ان هذا القانون سيوصل الى عكس ذلك . كذلك حققت هذه الجهة الثلث المعطّل وهو سابقة ليست مؤسساتية وليست منطقية وليست سياسية .

على كل حال إتفاق الدوحة هو شيء للإستقرار وشراء لحياة الناس ولكرامتهم، وهذا ما حققه سعد الحريري في الدوحة حيث أمّن للناس، الإستقرار والهدوء الى حين إجراء الإنتخابات النيابية، وسنرى الى أين سيتجه كل واحد في سياسته .

س- هناك شعور لدى وليد جنبلاط عبّر عنه عندما قال: سيكون أصعب بالنسبة لنا ان نطرح قضيتنا في الإدارة الإميركية الجديدة ، لكن لا أعتقد ان الإدارة الجديدة ستتخلى عن قصة ناجحة ؟
ج- أنا لا أوافق وليد بك انه سيكون أصعب خاصة وان أسماء الإدارة الأميركية الجديدة بدأت بالظهور، والواضح كما قال اوباما في مقالة له السنة الماضية “ان نقطة البداية ستكون دائما التزام قوي وواضح بأمن إسرائيل الحليفة الأقوى لنا في المنطقة والديموقراطية الوحيدة المستقرة” بمعنى ان برنامج اوباما واضح .

والواضح ايضاً ن بقاء وزير الدفاع الأميركي في موقعه هو شيء من التحالف بين البنتاغون والرئيس الجديد، الذي يبدو انه يريد الدخول على المؤسسة الأميركية عن طريق وزارة الدفاع، هذا ايضاً يعطي دوراً أكبر وأكبر لقائد قوات المنطقة الوسطى كما يسمى الجنرال باتريوس صاحب الآراء الواضحة والمحددة، والتي توضح انه من دعاة التعامل الدبلوماسي بحدّة وبشدّة مع إيران ولكنه ضد الحرب، وهو من دعاة عدم قيام إسرائيل بأي عملية عسكرية لا في لبنان ولا في إيران . هو من دعاة التعامل مع مايسمى خط الإمداد وخط الإمداد يعني سوريا، التي هي خط الإمداد الإيراني الى المنطقة .

الآن ايضاً هناك تجربة متمثلة بسياسة المنسق الذي سيعين للمنطقة دنيس روس، الذي سيعيّن منسق للشرق الأوسط وإيران حسبما اشترط .

ما أريد ان أقوله، هذه السياسة الجديدة قائمة على الحوار، ولكن الحوار لا يعني الموافقة على مطالبات الفريق الآخر، الحوار هو للتوصل أما إلى نقطة وسط، إما الى النقطة الإيجابية ، لكن بالتأكيد الإدارة الجديدة كما السابقة لا تقبل على الإطلاق بالملف النووي الإيراني، وبالتالي التفاوض مع إيران لن يكون خاضع لبقاء الملف الإيراني النووي.

س- حذر نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي الأكثرية إذا حاولت تعطيل الإنتخابات، سيكون ذلك إنقلاباً ويقول لـ”لديار” لم يبق أمام الطبقة المتمسكة بالسلطة سوى أشهر قليلة ولهذا يخافون الإنتخابات؟
ج- أعتقد أن الأستاذ الفرزلي يبالغ أحياناً وعلى طريقته بالألفاظ، وليس من الضروري أن يكون محقاً دائما، أولاً لا أحد يستطيع تعطيل الإنتخابات هذه لعبة وقرار أكبر بكثير من أن تأخذه الأكثرية أو الأقلية، وهذه مسألة كبرى في لبنان تتعلق بالوضع في المنطقة، وبتطوّر العلاقات الفرنسية – الانكليزية – السورية – السعودية- الاميركية، والقرار ليس بهذه البساطة بعدم ‘جراء الإنتخابات ، وهذا كلام برأيي مبالغ فيه.

ستجري الإنتخابات بموعدها إلا اذا حصل أمر ما في المنطقة ، وليس بسبب الأكثرية أو الأقلية، ومسألة توحيد لبنان أو عدم توحيد لبنان، باعتقادي ان مسؤوليتها تقع على الكثير من اللبنانيين، وليس فقط على الأكثرية او على الأقلية فقط .

س- سبق وانتقدت الاداء السياسي لبعض القوى في 14 آذار في كتاباتك الآن هل هذا الاداء كان بالمستوى المطلوب؟ وهل يجب إجراء قراءة نقدية ذاتية خاصة ان هناك حديثاً اليوم، ان هذه القوى لن تبقى موحدة قبل الانتخابات، رغم كل الكلام الصادر عن قيادات هذه القوى، وآخرها كان للرئيس امين الجميل ان قوى 14 اذار ستذهب الى الإنتخابات بلوائح موحدة ؟
ج- انا لن أعلّق على أي كلام ولكن بكل بساطة ان الظروف التي تعرّضت لها 14 آذار في مواجهتها مع مجموعة من القوى الكبرى في المنطقة، لم تكن سهلة على الإطلاق، والحرب السياسية والدموية التي وقعت في لبنان ايضاً لم تكن سهلة، لا على المعارضة ولا على الموالاة .
إذاً ، الظروف لم تكن سهلة على 14 آذار ولكن وسط كل هذه المصاعب لازالت هذه القوى السياسية على الحد الأدنى من تماسكها، وهناك زعامة واقعية لهذه الحركة هي سعد الحريري ليس بسبب إسمه، بل بسبب انه يملك أكبر جمهور وأكبر عدد من النواب ولكن هو لم يمارس هذه الزعامة ولا مرة إلا بالحوار والمناقشة، لأنه يصُر على الإحتفاظ بهذا الجسم الفضفاض الذي ليس بالضرورة ان تكون كل أعضاءه متشابهة .

ولكن أنا أسأل هل جرت مراجعة جدية بين قيادات 14 آذار لما جرى منذ حرب تموز حتى الآن، وخرجت باستنتاجات جدية وإتخذت قرارات على أساسها. باعتقادي أي من هذا لم يحصل وللأسف اذا ظهر أي خلل في نتائج الإنتخابات النيابية يكون جزء من هذا الخلل، هو عدم إجراء مثل هذه المناقشة .

س- ماذا عن لقاء وليد جنبلاط والسيد حسن نصرالله، خاصة انه كان هناك حديث عن عقد هذا اللقاء بعد لقاء النائب الحريري والسيد نصرالله ؟
ج- أعتقد ان هناك قاعدة معتمدة في العمل السياسي محلية ودولية وعربية تقول، بالحوار مع “حزب الله” ومنع أي تعامل غير بالحوار مع “حزب الله” على جميع القوى السياسية الموجودة، هذا الحوار ليس بالضرورة ان يغيّر من مواقف أي طرف ولكن هذا الحوار مهمته تبريد الأجواء وإجراء الإنتخابات والتصرّف بمقتضى النتيجة .

س- لماذا إذاً لم يحصل اللقاء حتى الآن، هل لأسباب أمنية ام ماذا ؟
ج- أنا لا أملك معلومات عن هذا الموضوع، ولكن ممكن حصوله في وقته ولكن ما أعرفه ان القاعدة الأساسية للحركة السياسية، الآن وحتى الإنتخابات في المنطقة كلها قاعدة الحوار، هل يحيا هذا الحوار وهل يحفظ الناس؟ أنا برأيي أهم شيء هو ان نحفظ الناس .

س- من هنا دور طاولة الحوار الجاري في بعبدا ؟
ج- أنا أعتقد انها جزء من هذا الحوار، ولكن هذا الحوار لن يوصل الى نتيجة ايجابية .

س- هل هو حوار فولكلوري ؟
ج- لا ليس فلوكلورياً، انما هو لحفظ حياة المواطنين والإستقرار، ولكن الوصول الى نتائج سياسية بمسائل كبرى مثل سلاح “حزب الله” أو أي موضوع آخر هو موضوع إقليمي أكثر مما هو موضوع لبناني .

س- كيف قرأت ورقة الاستراتيجية الدفاعية التي قدّمها العماد عون ؟
ج- أنا لا أريد مناقشة الورقة، أنا أقول لم يحن الوقت لمناقشة جدية لاتخاذ قرار بشأن هذه الورقة .
على كل، انا أقول كل أنواع الحوار الموجودة الآن هدفها التهدئة وحفظ الإستقرار لحين إجراء الإنتخابات. وبعد الإنتخابات سنقرر الصورة السياسية في لبنان، وبناءاً عليه بظرف ما في المنطقة، نذهب الى مراجعة كل البنود الرئيسية، وأولها المتعلق بسلاح “حزب الله” ونصل الى الإستنتاج الذي يجب ان نصل اليه .