“كلام الناس” – مسيحيو لبنان: صلة وصل لا صلة فصل

مقابلات تلفزيونية 21 نوفمبر 2007 0

مع نهاد المشنوق والنائب آلان عون

س – لماذا لقاء عون- سعد الحريري الليلة ؟ هل يسعى سعد الحريري الى اقناع ميشال عون وهل من إمكانية لذلك بعد ؟

ج – لا أعتقد ان احدا يستطيع إقناع الجنرال عون بشيء، وأعتقد انه من باب حسن الإدارة السياسية ومن باب طبيعة الإتصال، أن يلتقيا لبحث ما إذا كان هناك مجال للتخفيف من أي إمكانية لوقوع مخاطر، سواء أمنية أو سياسية. وبرأيي أن هناك إستعدادا لدى الطرفين لذلك، ولكن أعتقد في نفس الوقت ان كليهما لايملكان ان يقدّما للآخر شيئا .

س – هل يعني انهما لا يملكان حرية القرار؟

ج – هناك خلاف سياسي أو رئاسي، وهناك خلاف بالرغبات والتصرفات والتصورّات بمسألة الرئاسة لدرجة انها لاتسمح لأي منهما ان يقدم شيئا للثاني .فلا النائب سعد الحريري لديه رغبة لتقديم الرئاسة للجنرال، ولا الجنرال لديه رغبة بالتسليم بمنطق النائب الحريري السياسي .

س- إذاً هل ترى انه لقاء لإدارة الهدنة في المرحلة المقبلة ؟

ج – أنا أعتقد انه جزء من حسن الإدارة السياسية، التي يقوم بها سعد الحريري منذ فترة، وكان يجب أن يتم هذا الإجتماع منذ زمن بعيد، وفي نفس المكان. وقد حُكي عن هذا الإجتماع على ما أعتقد، قبل لقاء الرجلين في باريس ، ولكن لم يحصل في وقتها، ثم عاد وإنعقد إجتماع في باريس، وحصلت تطورات كثيرة بعد ذلك أثبتت ان إجتماع باريس لم يضف جديدا الى منطقيهما، ولكن الواضح ان اللقاء بينهما يمكن أن يقدّم شيئا من الحس بالإطمئنان للبنانيين ، بأن الحوار مستمر، ولكن ليس بالضرورة التعبير عنه بانتخابات رئاسية، وهذا تصورّي وإستنتاجي ولكن لا أملك أي معلومات جدية حول هذا الموضوع .

س- اللقاء يتم بعد اتصال من الرئيس الفرنسي بكل من الرجلين، هل يمكن أن يكون هذا عنصرا إضافيا ؟

ج – حتى الرئيس الفرنسي عندما يتكلم مع مرشح مُصر على أنه مرشح وفاقي، ماذا باستطاعته أن يُقدّم للعماد عون سوى أن يطلب منه التساهل، أو الاخذ بعين الاعتبار الظروف التي تعيشها البلد .

أيضا مع النائب الحريري نفس الشيء وباعتقادي انه لايوجد أحد يملك تصوّرا جاهزا مقبولا من كل الأطراف .

س- تحدث الاستاذ الان عون عن ضمانات مطلوبة من الفريق الآخر، تتعلق بالهواجس لناحية الشكل والتمثيل وإعادة الدور الحقيقي للمسيحيين المهمش دورهم اليوم، وان لبنان لن يكون ساحة تصادم من خلال سياسة يتبعها اليوم فريق معين بمعاداة فريق آخر داخل البلد، هل هذا الفريق الآخر قادر على طرح هذه الضمانات؟

ج- كل إنسان يستطيع طرحها، ولكن السؤال هل يستطيع ان يضمنها؟ لا أعتقد ذلك وهم ايضا لا يستطيعون أن يضمنوها ولا يستطيع أياًَ كان ان يضمنها .

س- لماذا؟

ج- لبنان الآن إنتقل من مرحلة الأفراد، والمشكلة في لبنان أكبر من طوائفه بكثير والمشكلة اكبر من لبنان نفسه، ولكن المشكلة في لبنان ان كل طائفة منه تكلّف نفسها أكثر من البلد، وكل مواطن في لبنان يكلّف نفسه بها أكبر من طائفته. السُنة قاموا بذلك في وقت من الأوقات، والشيعة في وقت من الأوقات، والمسيحيون في وقت من الأوقات، ودائما ندفع ثمن هذا التكليف، بأن كل واحد يعتبر نفسه في طائفته أو بتمثيله الشعبي، أو بتمثيله السياسي يستطيع إعطاء ضمانات لسير الأمور في البلد.

هناك ثلاثة وزراء خارجية أوروبيين لأهم ثلاث دول كاثوليكية في العالم ، زاروا لبنان حتى اليوم أربع مرات، ولم يستطيعوا تقديم خطوة سياسية ولو بسيطة.

س- لماذا؟

ج- لأن طبيعة المشكلة في البلد، لها علاقة بالصراع العربي- الإسرائيلي. الكلام الحاصل في البلد كبير جداً ، أنا أحترم الجنرال عون وأنا أعرفه منذ زمن طويل، وبالتالي لا أسمح لنفسي إذا كنت أناقشه، أن أقبل منه القول، انه يستطيع إعطاء ضمانة أو وضع تصوّر، ومع تأكيدي على الدفاع عن هذا التصوّر ، ولكن، أنا أعرف حجم المشكلة القائمة في لبنان اليوم.

الجنرال عون يقول : أنا أجد في شخصي القدرة، وأجد في شخصي التمثيل التوافقي للبنانيين، هذا كلام صحف وغير دقيق لسببين:

السبب الأول : ان التوافق هو قبول الخصم، وليس انك تقبل نفسك، أو تعيّن نفسك توافقيا.

وبالنسبة للكلام عن تهميش المسيحيين فهذا كلام كبير أكبر من البلد، لأن المسيحيين لم يهمّشوا ولا صغروا ، إنما البلد هو الذي صغر.

س- أشرح لي كيف لم يهمّش المسيحيون؟ وكيف صغر البلد؟

ج- البلد صغر لأنه أصبح جزءا من أزمة كبيرة في المنطقة.

س- لكن هل هذا يبرر تهميش المسيحيين؟

ج- كيف تم تهميش المسيحيين؟ هل بقانون الإنتخابات؟ هذا القانون همّش كل الناس. أنا قلت من على هذا المنبر ، عدّة مرات ، ان الجنرال عون بالتأكيد يمثل حتى إنتخابات أخرى 70 بالمئة من المسيحيين ، ولكن الأستاذ آلان يقول “انه يمثل 99 بالمئة لولا ان قانون الإنتخابات ظلمهم”.

آلان عون يسأل: كيف تقول انه لا يوجد تهميش للمسيحيين؟

ج- أنا سمعتك يا استاذ آلان أكثر من مرة تتحدث عن تهميش المسيحيين ، وبصراحة أعتقد ان هذه اللغة مؤذية للمسيحيين ومؤذية للبنانيين ، لا يوجد شيء إسمه تهميش المسيحيين ، هناك دستور يتم تنفيذه.

س- قال الجنرال عون اليوم في حديث لصحيفة “الأخبار” ان “الرئاسة منا ورئاسة الحكومة منهم وان تجنيب لبنان الإهتزازات الحاصلة في المنطقة، يتطلب حكما متوازنا ، ويكون ذلك من خلال الإتيان الى الحكم، بفريق ممثل لكل اللبنانيين ، وانه ما دام رئيس الحكومة ينتمي الى فريق، يقول، انه يمثل نصف اللبنانيين، فيجب الإتيان برئيس جمهورية يمثل النصف الآخر من اللبنانيين” ، ما رأيك بذلك؟

ج- أعتقد انه يجب ان يأتي رئيس وزراء يقبل به جميع الأفرقاء اللبنانيين، وأيضا رئيس جمهورية يقبل به جميع الأفرقاء اللبنانيين، وليس ممثلا لنصف اللبنانيين، يجب أن يقبل به النصف الآخر.

س- يقول ان هناك إستئثارا بالسلطة من قبل حكومة الرئيس السنيورة ، ماذا تقول؟

ج- أنا قلت رأيي في حكومة الرئيس السنيورة من هنا أيضا، قلت هذه حكومة دستوريـة، ولكن لا تملك المشروعية الوطنية ، لأن المشروعية الوطنية لا تكون بغياب طائفـة بكاملها، وهذه أمور طبيعيـة بديهية، لا تحتاج الى شهادتي أو شهادة غيري.

س- لكن أليس هذا استئثارا بالسلطة؟

ج- هذا ليس إستئثارا، هذا نتيجة الأزمة ، الإستئثار يكون عندما تأخذ من طرف رغما عنه وتلغيه بالمعنى الحاد للأمور.

س- إعتصام سنة شلّ وسط بيروت، ولم تكترث حكومة السنيورة، مئات القرارات إتخذتها بغياب الوزراء الشيعة، ألا تعتبر ان هذا إستئثارا؟

ج- أولا، هذا ليس إعتصاما، هذا إحتلال ، فلا يوجد أي مدينة في العالم شهدت إعتصاما دام سنة في وسطها، هذا لم يحصل في أي بلد من العالم.

أما بالنسبة للقرارات التي إتخذتها الحكومة، ربما تكون ألف قرار، وأنا لم أقل ان هذا الأمر طبيعي، أنا قلت هناك أزمة يجب معالجتها، ولكن لا تتم معالجتها بالحديث عن آخر قرار صدر من الحكومة، كونها لا تملك المشروعية الوطنية، ولا حتى عن أول قرار ، أنت هنا تعالج أزمة سياسية كبرى في البلد، أوصلت الأمور الى هذا الحد ، وأوصلت المحكمة الى مفاهيمها المختلف عليها، وأوصلت الى إنفاذ القرارات بشكل غير طبيعي، وغير متوازن، لكن هذا نتيجة أزمة وليس نتيجة مزاج مجموعة من الناس.

س- ماذا لو لم يتم إنتخاب رئيس للجمهورية يوم الجمعة، وماذا لو استمرت حكومة فؤاد السنيورة على هذا المنوال، وأدارت البلد بالطريقة التي تديرها بها الآن، هل تقبل أن تستمر الحكومة بهذا الشكل؟

ج- أنا كمواطن لبناني بالتأكيد لا أقبل إلا ان تكون الحكومة هي من تدير البلد، وعودة الحوار بين الأطراف اما لتوسيع الحكومة ودخول كل الأطراف السياسية فيها ، وأما لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولا أعتقد أن أمامنا خيار آخر غير أن تدير الحكومة البلد في ظل الفراغ الرئاسي.

س- لقد كتبت ثمانية مقالات على مدى عشرة أسابيع، تسوّق فيها للتسوية ومنها: “الخيار للمسيحيين والقرار للمسلمين”، لماذا يجب أن يكون القرار للمسلمين في خيار إنتخاب رئاسة الجمهورية؟

ج- هذا العنوان لا يعبّر تماما عن المقال، وأنا لم أقل هذا في المقال. أعتقد ان المسيحيين في لبنان ، وفي المنطقة العربية كلها هم عنوان إستقرار وأينما وجدوا يعني ان هناك إستقرارا، وأينما بدأوا يغادرون معنى ذلك ان هناك مشاكل.

لبنان ليس من هذا النوع، لأن الهجرة على أعلى نسبة من كل الطوائف ، ولكن المسيحيين في لبنان وفي المنطقة العربية عنصر حوار ، وليسوا عنصر تحدٍ، عنصر تفاهم وليس نفورا، عنصر إقتراب وليس إبتعادا.

عندما يُقال رئيس مسيحي قوي ، فلقد مررنا بخمسة رؤساء للجمهورية كان عنوان عهودهم انهم أقوياء بدءا بالرئيس كميل شمعون، وإستمرت الى الرئيس سليمان فرنجية، وأكملت بالرئيس الشيخ بشير، ثم الشيخ امين، ومن ثم الرئيس لحود، هذه العهود الخمسة، كان عنوانها القوة والتحدي والخلاف مع الآخر والصراع مع الآخر، رأينا كيف إنتهت هذه العهود الخمسة.

س- على كل حال، الرئيس لحود في رسالة الليلة ، لمناسبة الإستقلال تحدث عن الأسباب التي جعلت من هذا العهد، بما معناه يفشل؟

ج- لا بأس فكل رئيس يستطيع أن يعطي أسبابا موجبة، ومسلسلا طويلا عريضا، ولكن بالتأكيد لا يجوز أن يكون عنوان الرئاسة هو القوة ، لأن عنوان الرئاسة هو التوازن، الإعتدال، القدرة على الإحتضان، التمثيل الحقيقي لكل اللبنانيين ، هو الرمز المعنوي لكل مسيحيي الشرق.

هل تعتقد ان كل هذا الإهتمام الدولي بالمسألة المسيحية، نابع فقط من إعجابهم بالرئيس اللبناني أيا يكن إسمه أو أيا تكن مهماته؟ هذا غير صحيح. مسألة القوة في رئاسة الجمهورية مسألة وهمية، فلا يوجد رئيس قاوم الوجود العسكري السوري في لبنان، بقدر ما قام بذلك الرئيس الياس سركيس، وأي كلام آخر هو “تجليط”.

س- صدر مساء اليوم عن المكتب الإعلامي للنائب سعد الحريري، بيان عن الإجتماع الذي ضمه مع العماد عون، في منزل نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري ، وجاء في البيان: أنهما إتفقا على إبقاء المشاورات مفتوحة، من أجل المساهمة في إنضاج حل للأزمة في أسرع وقت ممكن؟

ج- لا أرى مفاجأة بالكلام، ولكن حتماً كان الإجتماع إيجابيا، وأي إجتماع مماثل يعد إيجابيا للناس، لأنه يعبّر عن رغبة الذين إجتمعوا بالحوار، وهذه مسألة مهمة كثيرا بالنسبة للبنانيين.

الواضح اليوم ان كل الظروف السياسية المحيطة بنا، وكل الضيوف الذين يصلون الى بيروت، ومنهم من يصل غدا كوزيري خارجية إيطاليا وإسبانيا للإنضمام الى الوزير الفرنسي، كل هؤلاء، لن يستطيعوا تأمين إنتخابات رئاسية نهار الجمعة، موعد جلسة إنتخاب رئيس جمهورية، وذلك لأسباب لا علاقة لها باللبنانيين ولا برغباتهم ولا بقوتهم ولا بضعفهم.

س- لماذا؟

ج- لأنه لا يوجد إتفاق بين الدول الكبرى المعنية بالإنتخابات ،والتي تتصرّف كأنها معنية مباشرة دون خجل من ذلك.

س- إشرح لي هذا الأمر؟

ج- منذ سنة حتى اليوم، هناك عنصر جديد علني دخل على السياسة اللبنانية، وهو إستعادة القرار الأوروبي، بموافقة الأميركيين على الحوار مع سوريا، وأٌعطوا فرصة من 24 الشهر ، وهذا كلام مُعلن وطبيعي وليس سرا، ولكن هذا الكلام لم يكن واردا قبل شهر من اليوم، ولم يكن موجودا، هناك أطراف داخل لبنان متحالفة مع سوريا هذا اكيد، ولكن لم يكن هناك عند أحد قرار، ولا حتى عربي بأن يذهب الى الرئيس السوري، ويبحث معه في الإنتخابات الرئاسية اللبنانية، هذا أولا.

ثانيا: واضح ان هناك عتبا غير مٌعلن أو مُعلن بحدّة عن تجاهل الفرنسيين للدورالإيراني. إذاً كل هذه العناصر، وكل هذا الدور الأوروبي، وكلام وزيرة الخارجية الأميركية هذه الليلة، التي قالت فيه ، ان إدارتها تدعم بقوة إجراء إنتخابات رئاسية ولكن سوريا… .… ونفتح الباب أمام حوار إيجابي مع سوريا، حول هذه المسألة إذا تمت الإنتخابات. رأيي الشخصي وإستنتاجي الشخصي، ان السوريين والإيرانيين يشعرون بأنه مازال باستطاعتهم، إستنزافنا بالإستفادة من الإستحقاق الرئاسي سياسيا ، سواء مع الفرنسي أو الأوروبي، أو مع الأميركي وفترة الإستفادة لم تنته بعد.

س- يعني إستدراج عروض؟

ج- أقل من إستدراج عروض وأكثر من فتح باب.

س- الى متى ؟ هل الى ما بعد مؤتمر أنابوليس؟

ج- أنا لا أستطيع أن احدد الى متى، ولكن الواضح الآن ان إستدراج العروض لم ينته، والقدرة على الإستفادة لم تنته، واننا كقوى سياسية مجتمعة لا نملك القدرة السياسية، ولا الشخصية ولا الذاتية ولا الوطنية على التصرّف خارج نطاق الأزمة التي نعيش فيها.

س- لماذا كنت متفائلا في برنامج “نهاركم سعيد” منذ أسبوع، بإجراء الإستحقاق الرئاسي؟

ج- أبدا، أنا لم أقل ذلك، أنا قلت متفائل بالجو السياسي السائد في البلد، ومتأكد بتفاؤلي انه لا توجد مشاكل جدية في البلد، وانه اذا لم تتم الإنتخابات، والأرجح انها لن تتم ، سيكون هناك تنظيم لمرحلة ما يمكن تسميته بالفراغ.

س- بالعودة الى مقالاتك التي سوّقت فيها للتسوية لماذا؟

ج- بالمبدأ، أنا أعتقد ان لبنان بلد تسوية، والمشاكل المحيطة به كبيرة، ومُعقدة لدرجة انه لا خيار للإستقرار في البلد غير بقدرة كل الأطراف على تقديم تنازلات . أما فكرة أنه أنا صاحب الحق وأنا صاحب التمثيل، أيا يكن صاحب هذه الفكرة، وبدون أن يوافق الآخر على هذا المنطق لا توصل الى نتيجة.

س- هذه نظرية الفضل شلق تراكم التسويات؟

ج- هذا أمر طبيعي، وأنا كتبت 8 مقالات ليس لأني متميّز في هذه المسـألة ، أو أنني مبتكر فيها، أنا أعرف تاريخ لبنان وكيف يفكر الناس، انا كتبت “التسوية قدر الشجعان” و”عهد التواضع السياسي” لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لكي يستطيع الناس التفاهم في ما بينهم.

س- كأنك تسوّق لمبادرة الرئيس بري، وتضغط على وليد جنبلاط؟

ج- أعوذ بالله، أنا لم أضغط على وليد جنبلاط،، أنا أناقش وليد بك.

س- ألم تأخذ منه حديثا بالأمس؟

ج- لا ليس أنا ، إنما زميلنا ساطع نور الدين تحدث معه على الهاتف.

س- كيف تقرأ كلام وليد جنبلاط عن التسوية بالأمس؟

ج- أنا أناقش وليد بك في هذا الموضوع منذ أربعة أيام، وكان واضحا أنه إتخذ قرارا كبيرا، بأن إستقرار البلد أهم من أي شيء آخر، وأهم من أي رئيس ، وأهم من أي إنتخابات. وبالتالي تتوصل أولا الى الاستقرار وتبذل جهدك لحفظ الإستقرار، وبعدها نُفكر بالخطوة الثانية التي توصلك الى إنتخابات طبيعية لرئاسة الجمهورية.

سأعطي مثلا: هناك ورقة تفاهم بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” وأنا قرأت هذه الورقة عدّة مرات.

أنا أسألك يا استاذ آلان هل تعتقد ان المشكلة هي نصّ الورقة أم طبيعتها السياسية؟ لا أحد يستطيع أن يخالفك في النص، بالمسألة السورية لا أحد يخالفك ، وبالمسألة الفلسطينية أيضا. وأنا أسأل هل قراءة الآخرين للورقة هي قراءة عامة أم قراءة سياسية؟ إذا كانت قراءة سياسية، سيفترضون فورا كل الإتهامات التي قالها الأستاذ مارسيل. أما إذا كانت قراءة تقنية سياسية جدية، كما قرأتها أنا فهذا أمر آخر.

كل الجهات ذات العلاقة بتنفيذ ماورد في طاولة الحوار، وبتنفيذ ما ورد في ورقة التفاهم، سواء في ما يتعلق بالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وتنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، والعلاقة مع سوريا، وترسيم الحدود والعلاقات الدبلوماسية، كل الجهات التي على صلة بسوريا لم تساهم ولو سنتم واحد بتطبيق هذه القرارات.

أنا أفهم الا ينفذوها كرمى للرئيس السنيورة، لأنهم يعتبرونه خصما سياسيا، وأيضا الا ينفذوها للحكومة، لأنهم يعتبرونها ناقصة التمثيل ، ولكن الجهات التي لهم علاقة بها ماذا قدّمت لهم سوريا بالمعنى اللبناني العام ، لم تقدّم له شيئا، وعندئذ سأضطر ان أرى في ورقة التفاهم إتهاما أكثر مما هو إنجاز، مع ان رأيي الشخصي، انها إنجاز، ولكن يجب أن أنظر بعين غيري أيضا وليس بعيني فقط.

انني يا استاذ آلان افهم وضعك، انتَ مّضطر ان تدافع أو يجب أن تدافع ومُقتنع ، ولكن يجب أن ترى بعين الآخر، وهذا هو معنى التسوية، أي ان ترى بعين الآخر، وإذا أردت ان ترى الأمور فقط بعينك لا تستطيع أن تذهب الى تسوية.

س- لماذا قال وليد جنبلاط اليوم ، انه لن يعترض على أي تسوية؟

ج- وليد بك يتحسس ويرى ان هناك مخاطر كبيرة قادمة الى المنطقة ، وستصيب لبنان بطبيعة الحال، وان أكبر قدر ممكن من التماسك بالحد الأدنى، أو بضمانة الحد الطبيعي من الإستقرار للبنانيين وللبنان، وسيقوم بكل جهد يمكن الوصول اليه.

على كل حال، وليد بك ليس هو فقط الذي يرفض، وليد بك هو ايضا المسؤول ، وقد تصرّف بمسؤولية عالية في ظروف كبيرة، وخاصة في العام 1976.

س- لماذا لم يسر سعد الحريري بالتسوية؟ ولماذا لم يوافق على ميشال اده رئيسا للجمهورية؟

ج- هناك نقطتان:

الأولى انه لم تطرح حتى الآن تسوية على الطاولة، وما هو مطروح الآن ، ان هناك فريقا يرشح الاستاذ روبير غانم رئيسا للجمهورية، وفريقا آخر يرشح الوزير ميشال اده، وهذان الإسمان وردا في لائحة البطريرك وليسا من إختراع أحد.

وبصرف النظر عن الخلاف حول رئاسة جمهورية ميشال اده، الذي هو من أهم السياسيين المثقفين، بثقافته العميقة بمسألة مسيحيي الشرق، والوزير اده يتمتع بمزايا لا يمكن مقارنتها فقط بالصراع السياسي على إنتخابه رئيسا أو عدم إنتخابه.

النقطة الثانية، هي ان ما نشهده الآن، جزء من إستمرار الأزمة، وجزء من إستمرار الصراع، بصرف النظر عن رأينا بالأستاذ روبير غانم والاستاذ ميشال اده.

ولكن الأهم من ذلك، كان واضحا في النقاش ان سيدنا البطريرك، أخذ بعين الإعتبار وهو يضع لائحة الأسماء هذه ، قدرتها على تحسين العلاقات مع سوريا، لاننا لا نستطيع ان نكون في كل الوقت نقيم في بلد مقفل على أنفسنا ، وبحالة نزاع مع سوريا.

لكي أكون واضحا سيدنا البطريرك لم يقل هذا الكلام بشكل واضح، ولكن إستنتاجي من خلال المناقشة معه، انه حريص على ان لبنان لن يرتاح، اذا لم تكن علاقته مرتاحة مع سوريا.

س- لماذا لم يقبل سعد الحريري بميشال اده؟

ج- أعتقد ان الأمور أخذت منحى، انه كما ان الآخرين لم يوافقوا على روبير غانم، لأن هذه المسألة أصبحت جزءا من صراع وليست جزءا من حوار.

ولكي أكون صريحا أكثر وعلى الهواء ، أعتقد ان الاستاذ ميشال اده ومنذ فترة طويلة، ولكن، بدأ هذا الأمر يظهر اليوم أكثر، وهو ان هناك مجموعة من الناس حوله تثير حساسية سياسية كبرى مع 14 آذار ، وأعتقد حساسية كبرى مع اللبنانيين وليس مع 14 آذار ، لا أعتقد ان هذه المسألة ستُحل حتى لو حاول معالجتها. هناك تراكم في الحساسيات ناتج عن حدّة الصراع وليس عن عدم كفاءة شخص مثل الوزير اده.

س- في جوجلة “السفير” اليوم، نقلت مصادر دبلوماسية في الرياض ان المملكة العربية السعودية تسير باسم المرشح ميشال اده، لماذ إذاً تمّ هذا الرفض للوزير اده؟

ج- لا أعتقد ان هذا الكلام دقيق، ما سمعته انا من السفير خوجة ان المملكة السعودية تسير بأي إسم يتفق عليه اللبنانيون، ضمن لائحة سيدنا البطريرك، وهم يدعمونه ويستقبلونه ويكرمونه ولا توجد أي حساسية لديهم ، أي تحفز أو أي رفض لا من قريب ولا ن بعيد لأي إسم من هذه الأسماء.

س- اليوم إستأنف السفير خوجه نشاطه العلني، هل من إمكانية بعد لأن تقوم المملكة بدور قبل أن تطير بشكل نهائي جلسة يوم الجمعة؟

ج- ما أعرفه وأتابعه ان السفير خوجه والدور السعودي لم يتوقف ولا لحظة لا علنيا ولا سريا، وهو كل يوم يزور مسؤولين ويناقشهم ويسمع منهم ، وباعتقادي انه يعمل 24 ساعة على هذا الموضوع ، ومن فترة سَرت إشاعة انه ترك البلد، وقد فوجئت لهذه الإشاعة ، ولكن تبيّن بعد ساعة أو ساعتين ان هذا الأمر غير صحيح. ما أقوله ان الدور السعودي لم يتوقف بأي شكل من الأشكال، هو مباشر الآن أو سري لا أعرف ولكنه لم يتوقف. برأيي ان العلاقات السورية -السعودية الآن لا تسمح بدور مباشر للمملكة، وبالتالي السعوديون، وتجنبا للصدام وتأكيدا لرغبتهم بالإستقرار، يواكبون كل الحركة الدولية والعربية الحاصلة ، وأعتقد انهم شركاء فيها بنسبة عالية، على عكس ما يوحي تحرّك السفير خوجه ، وبالتالي المملكة تتابع كل الأمور، وتتشاور مع الجميع دون أن تلزم أحدا ، وهذه السياسة يتبعها الملك عبدالله دائما، سياسة التشاور دون الإلزام.

س- هل أنت كسياسي أو كمستشار، مع أن يقدّم البطريرك صفير لائحة أسماء مرشحين للرئاسة، وقد بدا مرغما على تقديم هذه اللائحة؟

ج- الأكيد الأكيد انه بدا انه مرغم، ولكن يجب ان نأخذ بالإعتبار، موازين القوى السياسية العربية والدولية، التي طلبت منه وألّحت عليه، بأن يكون المخرج عبر اللائحة التي يسميها.

أعود وأقول ان هذا المسعى مستمر ولم ينته، وكل الحركة ستعود وتدور، وتعود بشكل أو بآخر عند البطريرك، لأنه من الواضح ان كل الدول وكل الجهات المعنية تطالب بثلاثي للحركة:

أولا: حسن الإدارة السياسية من النائب سعد الحريري ، وقد فعل.

ثانيا: ما أسميه انا وطنية الرئيس نبيه بري، وهو يفعل دائما.

ثالثا: ضمانة ورعاية البطريرك صفير لهذه المسألة وهو لن يتخلى عن هذا الدور.

س- ألا ترى ان هناك دورا لـ”حزب الله” أو للعماد ميشال عون؟

ج- هؤلاء موجودون، ولكن أنا أتحدث عن ثلاثي مهمته التفاهم والحوار والنقاش مع الجهات التي ذكرتها.

س- إحدى المتصلات ، سألت ألم يصبح الوضع المسيحي في درجة من الوهن والضعف ، ومازال يُطلب منه تقديم تنازلات الى حد انهم لم يقبلوا بالوزير اده؟

ج- هناك تفسير خاطىء لمسائل بسيطة جدا. أولا : تسمية الوزير إده او تسمية النائب روبير غانم، هي تسمية من ضمن صراع سياسي كبير، وليس صراعا على أشخاصهم، فلا يوجد صراع على أخلاق الوزير اده أو علمه أو ثقافته أو معرفته أو إعتداله.

س- لماذا وضع الفيتو من نبيه بري وسعد الحريري، على أسماء طرحها البطريرك صفير؟

ج- الرئيس بري والنائب الحريري لم يضعا فيتو على كل الأسماء، إنما يتصارعان على الأسماء وهذا جزء من الصراع السياسي، وليس مسألة وضع فيتو على أسماء، وبالتالي دخلا في صراع سياسي يتعلق بالخيار السياسي، للشخصين اللذين يعتقد كل واحد منهما ان إتجاهه السياسي لا يناسبهم.

لقد إعتبر الاستاذ آلان عون ان رئاسة الجمهورية مدخل الى الحل، وأنا أتمنى كمواطن لبناني وسأوقّع على بياض في هذه المسألة ، لكن أنا كمراقب سياسي، لدي بعض الخبرة، أقول ان الحد الأقصى الذي أفكّر به من جراء الوضع الذي نعيشه في المنطقة الآن، هو صيانة الهدنة الحالية.

يا أستاذ آلان الوجود المسيحي في لبنان هو وجود ضامن حتى لديموقراطية لبنان.

لقد قال الاستاذ آلان ان المسيحيين في لبنان، هم الأكثر براءة من الإنتماء الى الأحلاف ، انا لا أريد المناقشة في هذه المسألة، ولكن أريد أن أروي هذه القصة: كان الرئيس تقي الدين الصلح يقول لي دائما ان الإستقلال في لبنان مسؤولية المسيحيين ، وكنت أسأله لماذا يقول ذلك؟ فكان جوابه لأن المسيحيين لا يوجد عندهم ضعف تجاه مشاريع الوحدة العربية، وفي ذات الوقت كان يقول ان الديموقراطية مسؤولية المسلمين، لأن تنّوع المجتمع اللبناني هو الذي أوجد الديموقراطية في لبنان ، وإلا لو كان من طائفة واحدة كنا مثل أي دولة ديكتاتورية محيطة بنا أوأي دولة عربية.

هذا الكلام أصيب بكثير من الأصابات خلال العشرين سنة الماضية، كما ان الطوائف الأخرى أو الجهات الأخرى أصيبت بإصابات مختلفة أيضاـ بمعنى ان أهل السٌنة أو أهل الأمة كما أسميهم، والذين كانوا أكثر ضعفا تجاه مشاريع الوحدة العربية ، الآن يتصرفون على انهم الأكثر لبنانية في السنوات الثلاث الأخيرة، ولهذا هناك أسباب.

لقد مرّ السٌنة بنفس الأزمة التي يعيشها المسيحيون، وايضا الشيعة مرّوا بأزمة أشد من التي يعيشها المسيحيون اليوم، وتجاوزوها ووصلت الى مكان شبه طبيعي، وبالتالي هذه ليست نهاية الدنيا ويجب ألا نوحي بكلامنا للناس وخاصة للمسيحيين، ان ما يجري الآن هو نهاية الدنيا.

ما يجري الآن هو منطقة عاصفة نقع فيها على خط زلازل، يجب أن نبحث كيف نحمي أنفسنا بالحد الأقصى الممكن من التواضع السياسي، وليس بالحد الأعلى من البحث عن حلول لا قدرة لنا اليوم عليها.

س- أمس مساء عقد إجتماع في معراب ضم الدكتور جعجع والسيدة نايلة معوض والشيخ بطرس حرب وعددا من مسؤولي لقاء 14 آذار، ماذا سيقول مسيحيو 14 آذار لجمهورهم، إذا لم يتم إنتخاب رئيس للجمهورية مسيحي ماروني يوم الجمعة؟

ج- لن ينتخب رئيس جمهورية غير مسيحي ماروني ، قد يُنتخب يوم الجمعة أو أي جمعة تليها، ولكن لن يكون غير مسيحي وغير ماروني ، هناك مشكل كبير في البلد وفي المنطقة، جميعهم شركاء في هذا المشكل وجميعهم شركاء بمعالجته ، لا توجد جهة تستطيع القول انها بريئة منه.

س- إستطرادا 14 آذار إنتدبت نسيب لحود وبطرس حرب مرشحين منها، لخوض الإنتخابات الرئاسية ، هل تم إستعمال هؤلاء كروابيق للوصول الى أسماء أخرى؟

ج- تنازلوا عنهم في اللحظة التي سلّموا فيها التسمية لسيدنا البطريرك، قالوا لا نسيب لحود ولا بطرس حرب.

س- من الذي تنازل؟

ج-14 آذار.

س- ولكنهم لم يتنازلوا عنهم؟

ج- دعني أقول لك يا أستاذ مارسيل ان الفوضى التي يتحدثون عنها هي نفسها الإنتخاب بالنصف زائد واحد، وهي نفسها التسميات التي تهبط علينا مثل الشتاء كلها أوهام بأوهام بأوهام. الوضع في لبنان مسؤولية كل القوى الموجودة فيه ، وهم بالتأكيد.. بالتأكيد.. بالتأكيد، سيضمنون عدم وصول فوضى ، وهم أنفسهم بالتأكيد.. بالتأكيد.. بالتأكيد سيضمنون عدم إجراء إنتخابات بالنصف زائد واحد، وهم بالتأكيد .. بالتأكيد.. بالتأكيد سيعملون قدر الإمكان على التخفيف من شتاء المرشحين علينا.

س- منذ خمسة أشهر “فلقونا” بنصاب الثلثين والنصف زائد واحد ، إلى أين إنتهينا وأين أصبحت التهديدات بالنصف زائد واحد، حتى ان احد النواب السابقين هدّد بإجراء الإنتخابات بعشرة نواب؟

ج- أين ذهبت كل هذه التهديدات، كل هذا أوهام وأوهام وأوهام. اما من هدّد بالإنتخاب بعشرة نواب فمن حقه أن يقول ما يريد ، ويبدو ان هناك اناسا تحب المجيء الى الأستوديو تظهر معك وتتكلم، واناسا يحبون الظهور على “الأنتين” في الخارج، لكي يتكلموا في الهواء.

س- تبدو واثقا ان جلسة نهار الجمعة لإنتخاب رئيس الجمهورية لن تعقد، ولكن على أي أساس بدا الرئيس بري واثقا اليوم في الجريدة بأن الإنتخاب سيتم، وان الإستقلال الثاني سيتم بعد ظهر يوم الجمعة ، بعد صلاة الظهر ، فيما يبدو عمرو موسى بعد لقائه وليد جنبلاط خائفا على لبنان وهو يغادر بيروت؟

ج- أنا أقدّر جديا، الجهد الذي يقوم به الرئيس بري، لدفع الناس للتفاؤل والإطمئنان والإستقرار، لأن الخيار الثاني فقط لتخويفهم بدون منطق، وبالتالي الرئيس بري ومن موقعه كمسؤول، بالتأكيد يجب أن يقول هذا الكلام، ولكنني أعتقد ان الظروف السياسية والتطورات السياسية أمامنا، لا توحي بأن هناك إنتخابات خلال أيام.

س- هل هذا الأمر مرتبط بمؤتمر انابوليس، وما هي قراءتك للمؤتمر؟

ج- أنا كمراقب اريد تسجيل إعتراضي الشديد والجدي، على تسمية لبنان لوفده الى انابوليس، وهو إجراء غير مُبرر أولا ، لأن الدعوة لم توجه الى لبنان فلماذا العجلة؟.

س- الرئيس السنيورة شكّل الوفد؟

ج- الرئيس السنيورة لا يستطيع تشكيل الوفد بل وزير الخارجية.

س- أي وزير خارجية؟

ج- لا أعرف هناك وزير خارجية مستقيل، وهناك وزير بالإنابة ولكن لا أعرف من شكّل الوفد.

س- من بين أعضاء الوفد قرأنا اسم السفير انطوان شديد والسفير نواف سلام؟

ج- هذه أسماء طبيعية لهكذا وفد، ولكن تسمية الوفد هي إظهار وإستعجال سياسي غير مُبرر على الإطلاق، الى مؤتمر لم تحسم بعد إمكانية إنعقاده.

أيضا حضور سوريا لهذا المؤتمر غير محسوم حتى الآن ونحن نتقدم على سوريا بمسألة مناقشة النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، ولا يجوز ان نتقدم عليها، ولا يمكننا ان نفتح دكانا على حسابنا في هذا الموضوع، وقد دفعنا ثمنا كبيرا لإعتقادنا بأننا نستطيع اللهو بأزمة الشرق الأوسط ، على حساب تجاوز الموقف العربي الذي تعبّر عنه في هذه الفترة، سوريا.

وأعتقد انه رغم كل الكلام، السعودية لن تشارك في هذا المؤتمر لأن الفلسطينيين والإسرائيليين لم يحضّروا أي ورقة عمل جدية، ولا أي تصوّر لحل نهائي ، فلماذا نريد المشاركة ولماذا غيرنا يريد المشاركة في هذا المؤتمر.

إذا كان الأمر يتعلق بإنقاذ السياسة الأميركية في مسألة النزاع العربي-الإسرائيلي ، فالفلسطيني والإسرائيلي يقومان بما يتوجب عليهما في هذا الموضوع، وبرأيي ان هذا خطأ في ظل الإنقسام الفلسطيني الحاد ، نرى ان السلطة الفلسطينية الوطنية ذاهبة الى انابوليس لكي تحتمي بالفراغ.

إذا كان الملك عبدالله الثاني المفترض ان له معاهدة صلح مع إسرائيل، يجد ان هناك مشكلة كبيرة، حملته الى سوريا للتفاهم معها حول الصراع العربي- الإسرائيلي، وقد قدّم تنازلات عن القرارات الدولية المتعلقة بلبنان بالبيان المشترك، فلماذا نستعجل؟ هل علينا أن نتحمس اكثر من عبدالله الثاني، أوأكثر من السعودي أو المصري ، هذه خفّة بالسياسة يُحاسبون عليها وهذه ليست خفّة بالإنتخابات ولا خفّة في الشارع، أنها خفّة بمسألة إستراتيجية تتعلق بالبلد، ولماذا هذا الحماس الذي لا مُبرر له، ولا أي سند يمكن أن يستندوا عليه.

س- إنطلاقا من هنا، يخشى البعض من أن تعيد التطورات المقبلة، إدخال سوريا الى الباب اللبناني من نافذة هذه الأمور الدولية؟

ج- لبنان يملك حصانة وضمانة كافية، بما فيها العماد عون وغيره من القيادات اللبنانية، وغيره من الحماية الدولية التي تمنع أي سوري آخر بالتدخل بالموضوع اللبناني.

س- لماذا تخلت الأكثرية عن الإنتخاب بالنصف زائد واحد؟

ج- هذا جزء من العناوين السياسية التي تٌستعمل لإرهاب الناس سياسيا، وشد أزرها وعصبيتها، مثل التهديد بالفوضى والتي تشد عصب فريق معين وتُتعب عصب فريق آخر. هذا خيار كان موجودا قبل الإعتماد على رعاية البطريرك لتسمية المرشحين.

س- ليس صحيحا ان قوى 14 آذار إكتشفت، ان البطريرك صفير لا يغطي خيار النصف زائد واحد، وان وليد جنبلاط تلقى إشارات من الأميركيين في زيارته الأخيرة؟

ج- وليد بك لم يتلق إشارات بل تلقى كلاما واضحا بتكليف سيدنا البطريرك بمسؤوليته عن إختيار المرشحين، وبالتالي لم يعد هناك من مُبرر للنصف زائد واحد، الذي هو مشروع إشتباك لا يمكن تسليمه للبطريرك صفير، وبما انه لا يوجد مشروع إشتباك، لم يعد خيار النصف زائد واحد موجودا.

س- يبدو نهار الجمعة لا إنتخاب لرئيس الجمهورية، رغم تفاؤل الرئيس بري ، وسندخل في مرحلة يقول فيها جزء من المسيحيين ان المسلمين عطلوا الإنتخابات، وجزء من المسلمين سيقولون العكس كيف تتصوّر الوضع؟

ج- أسهل أمر أن نتهم الجميع، ولكن ليس هذا هو موضوعنا. أنا أقول ولا زلت أعتقد بالثلاثي المعني بالحوار:

1- الإدارة السياسية الحسنة للنائب سعد الحريري وكان احد عناوينها الحوار مع العماد عون.

2- وطنية حوار الرئيس بري التي لم تتوقف وتفاؤله الدائم.

3- ضمانة وحكمة سيدنا البطريرك التي لم تنته بعد والدليل على ذلك، انه قيل بوقت من الأوقات انه طُرح اسم من خارج لائحة البطريرك عن طريق الفرنسيين، وجرى تداوله فقال سيدنا البطريرك بكل بساطة انا لست مع تعديل الدستور، والرئيس بري قال ان الخطوة يلزمها تعديل دستوري. ولم يقبل بالفتوى التي قيلت بأنها لا تحتاج تعديل دستور.

بكل بساطة أقول هذه الحكومة لن تحكم البلد، بل ستحفظ أو تحافظ على الهدنة التي نعيشها اليوم ، بمواقفة جميع الأطراف، اما التهديد بالفوضى فهو أوهام، وبالتالي طرح مصير الحكومة في فترة إنتقالية ، صعبة بهذه الدرجة، أيضا محاولات لا توصل الى نتيجة .

أنا أعتقد ان هناك مسعى اوروبي- عربي- إيراني جدي لتنظيم مسألة إدارة الهدنة بعد خروج رئيس الجمهورية.

الواضح انه لا توجد قدرة عند أي طرف من الأطراف، لخلق وضع جديد لا بالسياسة ولا بإدارة الهدنة ، والأمر الوحيد المتاح لنا الآن، والذي أعتقد ان كتلة “التيار الوطني الحر” لن تأخذ قرارا مخالفا لرغبة بهذا الحجم، بالمحافظة على الهدنة والإستمرار في الحوار، واي خيار آخر، هو خيار يعرّض كل اللبنانيين الى مشكل لن يتخذه أي طرف.

س- اليوم هناك جو يقول ان الفراغ إذا حصل هذه المرة، قد يفضي الى تسوية جديدة تطيح بالطائف، وتعيد إنتاج صيغة مختلفة قد لا تصب في مصلحة جميع الفئات ، وفي مقدمها المسيحيين؟

ج- الطائف لم ينفّذ حتى الآن لكي نناقش في دستور جديد، هذاكلام خطير جدا لن يحدث، وأنا أسجّل على مسؤوليتي، ان هذا لن يحدث وهذا مشروع حرب ، وأنا أسأل مَن مِن اللبنانيين باستطاعته فرض هذا الخيار؟.

س- ما هوالمطلوب من الجيش اللبناني يوم الجمعة؟

ج- ما قام به منذ 14 آذار الى اليوم مشكورا، من صيانة حياة الناس وإستقرارهم وهدوئهم ومنازلهم وأملاكهم وأرزاقهم وهو سيقوم بذلك.