“كلام الناس” – ما بعد إسقاط حكومة سعد الحريري

مقابلات تلفزيونية 21 أبريل 2011 0

بعد عرض تقرير عن الإشتباكات التي وقعت بين القوى الأمنية والأهالي في صور والأوزاعي، اتصال مع وزير الداخلية زياد بارود الذي سئل عن تعليقه على الصور التي شاهدها؟

أجاب : أولاً أشارك الأستاذ نهاد تعجّبه، ولكن نحن في بلد لا يستطيع المرء أن يتعجّب كثيراً عندما يعرف الكم الهائل من التركة الثقيلة التي نعاني منها اليوم نتيجة سنوات طويلة من اضمحلال هيبة الدولة. الأمر مفاجيء نعم! ولكن ليس لدرجة ان ننسى التراكمات لسنوات وعقود سمحت بأن نشاهد هذا المشهد. هل هي رسائل سياسية؟ لمن هذه الرسائل؟ فلا توجد حكومة تتلقى الرسائل والقوى السياسية نسمع منها جميعها رفض لكل ما يحصل ورفع غطاء عن المرتكبين، ولكن بالتأكيد ما هو حاصل منذ أسابيع من روميه وصولاً الى المخالفات والتعدي على الأملاك العامة وغيرها من المحطات، يدعو بالحد الأدنى الى تساؤل كبير، ويؤكد خطورة الإستمرار من دون حكومة.

أنت علّقت استاذ مارسيل على الموضوع بأن هذا يطال هيبة الدولة، ولكن أنا لا أحب كلمة هيبة الدولة كثيراً بمعناها التقليدي، لأن الهيبة ليست مسألة ضد الناس، بل هي من أجل الناس. وهيبة الدولة هي من أجل الناس التي تبحث عن حقوقها الضائعة. وهيبة الدولة في وقت لا تستطيع الدفاع عن أملاكها، أي الملك العام كيف ستتمكن من الدفاع عن أملاك الآخرين؟ والدولة التي لا تستطيع حماية الأملاك العامة التي هي ملك لكل اللبنانيين وليست ملكاً سائباً، هذه ملك لك وللأستاذ نهاد ولكل واحد منا بمعنى انتماءه المواطنة فكيف تحصل هذه الوقاحة بالتعرّض للملك العام؟.

أعتقد اننا بحاجة لاستفتاء في هذا المعنى، ولندع اللبنانيين يختاروا هل يريدون رؤية هذه الصور في البلد، وأن يتحول البلد الى مكان الشاطر بشطارته والفاجر يأكل مال التاجر؟ وهل المطلوب انه كلما رفع أحدهم صوته أكثر ونزل الى الشارع وخرّب؟ أم المطلوب أن الدولة هي تكون الحامية لحقوق الناس؟.

أنا هنا أتحدث عن مُلك عام، عن تعدي على حقوق الدولة غير مقبول أبداً، نعم المسألة مسألة هيبة الدولة، ولكن هي مسألة تطبيق قانون، ونحن هنا نطبّق القانون ليس ضد الناس، بل من اجل الناس، وهؤلاء الناس نراهم يطالبون الدولة بعدم تطبيق القانون ويقومون بمهاجمة القوى الأمنية التي ذنبها أنها تُطّبق القانون، ولا يمكن لهذا الوضع أن يستمر. فإذا كنا كلبنانيين لا نريد القانون، وإذا كان المطلوب أن يأتي كل واحد ويبني ويخالف، فدعونا نعرف ذلك.

س- معالي الوزير البعض يقول ان هذه المسألة متراكمة منذ عدّة سنوات، فأين كانت القوى الأمنية؟ وأين كان “حزب الله” وحركة “أمل” الى أن فتحت صحيفة “السفير” هذا الملف لكي يتحركوا ورفع الغطاء عن هؤلاء؟ هل حركة “أمل” و”حزب الله” يؤازرانك اليوم، خاصة ان العامل الفلسطيني دخل على الخط اليوم بمقتل وسام الطويل، وهذا الامر صدفة وكيف تراه؟

ج- الملف الذي فتحته صحيفة “السفير” كانت تسلّط الضوء على أمر بدأ يحصل بشكل غير مقبول، وأنا أملك جداول عن المخالفات في السنوات الثلاث الأخيرة تكاد لا تُذكر بالنسبة للسنوات التي سبقتها، لأن هناك جُهد بُذل ان كان على مستوى قوى الأمن الداخلي وبمؤازرة الجيش بمنع المخالفات والتعديات على الأملاك العامة.

ماهو حاصل منذ أكثر من أسبوع والذي سلّطت عليه الضوء صحيفة “السفير” هو استفادة من وضع شاذ بعدم وجود حكومة، وهذه قراءاتي المبسّطة للموضوع، وفي مكان ما انه ماشي الحال، لكن لأ مش ماشي الحال، لأني أعتقد ان الصور التي شاهدناها تؤذي أصحابها أكثر مما تؤذي سواهم،، لأنهم أيضا أولاد البلد وقلبنا معهم ولسنا ضدهم، ولكن نريد أن ننظم شؤوننا نحن وهم وشؤون البلد، وان لا يكون هناك عشوائية.

أما بالنسبة للقوى السياسية فاعتقدت ان خطوة مهمة حصلت هي إقرار كل القوى السياسيا علناً بالفعل نتيجة المتابعة معهم، برفع الغطاء عن كل المرتكبين، لأنه من الطبيعي ان لا يغطي أحد أي مُرتكب، ولكن بالنسبة لما تعودّنا عليه نشعر اليوم بالإرتياح نتيجة ان القوى السياسية تواكب إيجاباً ما تقوم به الدولة من تطبيق القانون وتنفيذ هذا القانون.

س: غدا ستتابعون إزالة المخالفات أم ماذا؟

ج- أعتقد ان هذه عملية بدأت ليس لتنتهي.

س- في موضوع “حزب التحرير”، معالي الوزير سبق وتقدّمت في 20 تموز 2010 بكتاب الى مجلس الوزراء تقترح سحب بيان العلم والخبر من الحزب، لو حصل ذلك هل كنا سنكون اليوم أمام هذا الإستحقاق والتحدي الأمني الخطير غداً الجمعة؟

ج- لا أعتقد ان الأمور كانت وصلت الى ما وصلت إليه اليوم، وعلى كل حال، لم يكن باستطاعة مجلس الوزراء مناقشة حل أي حزب أو مناقشة حتى مصير جمعية لديها إشكالية مع الدولة اللبنانية وفق رأي معيّن، فإذا كان مجلس الوزراء لم يستطع معالجة هذا الموضوع، فهذه واحدة من نتائج عدم معالجة الأمور وتأجيلها ورميها في النهاية عند القوى الأمنية لكي تُدبّر رأسها.

كثيرون اعتقدوا من خلال اجتماع مجلس الأمن الفرعي اننا رمينا الموضوع على هذا المجلس، ولكن لا ننسى ان المجلس الفرعي هو جزء من المجلس المركزي، ونحن نتابع الموضوع بشكل دقيق.

س- ما هو القرار الذي اتخذتموه بالنسبة للغد؟

ج- القرار كان واضحاً وهو منع التظاهر، كل التظاهرات، لأني أريد التذكير بأن غداً يوم الجمعة العظيمة، وهذا يوم ديني عند المسيحيين، وطرابلس أيضا فيها مسيحيين يحق لهم التعبير عن انتمائهم وعن مشاعرهم الدينية، وبالتالي لا يجوز تحت أي عنوان من العناوين تحويل هذا اليوم الى شيء آخر.

س- إذا تمت المظاهرة هل سيتم قمعها بالقوة؟

ج- لن أدخل في التفاصيل، واليوم حصل اكثر من اجتماع حول هذا الموضوع، إن كان عند دولة الرئيس الحريري الذي كان أبلغني من عدّة أيام باتصال هاتفي بأنه مع منع التظاهر، وكان حريص على عدم إعطاء مدى لهذا الموضوع، واليوم حصلت اجتماعات أمنية وكل الأمور قيد المتابعة، وقوى الامن الداخلي اتخذت كل التدابير اللازمة.

س- المسؤول الإعلامي لـ”حزب التحرير” احمد قصص يقول: ان قمع هذه المظاهرة يتم بطلب من سوريا عبر الأجهزة الأمنية اللبنانية الممسوكة من سوريا؟

ج- مجلس الأمن الفرعي في الشمال اتخذ القرار، ونحن دولة ذات سيادة نقرر قراراتنا بالشكل المناسب، ونحن ايضا نعرف كيف نحمي علاقاتنا مع الدول الصديقة، ونعرف كيف نحمي أمننا الداخلي بمعزل عن اعتبار آخر.

س- في موضوع الآستونيين هل توصلتم الى أي شيء من خلال شريط “اليوتيوب”؟

ج- ما أستطيع أن أقوله انه لم يكن هناك أي تقصير من الدولة بالتحرك، بدليل التوقيفات التي حصلت والتي أثبتت ضلوع أشخاص بعملية الخطف، بالإضافة الى خيوط يجري التنسيق بشأنها مع الجانب الآستوني بما فيها “اليوتيوب” هناك خيوط يتم العمل عليها، ولكن حماية للتحقيق أفضّل عدم الخوض بالموضوع أكثر من ذلك.

س- لكن كان اللافت اختيار الرؤساء الذين توجه إليهم الخاطفون وكأنهم يعرفون ماذا يريدون؟ هل نحن أمام تجربة أخرى لتجربة رهائن كان يتم خطفهم في مكان ويُسلّموا في مكان آخر؟

ج- التحليل ممكن أن يوصل الى عدّة سيناريوهات، لا أريد الدخول في التحليل، ولكن أؤكد انه لا يوجد أي تلكؤ على مستوى متابعة هذا الموضوع إن من الجيش أو قوى الأمن الداخلي.

انتهى الإتصال مع الوزير بارود

الاستاذ نهاد المشنوق

س- مهما كانت المبررات هل ما شاهدناه في التقرير مقبول؟

ج- أولاً أنا مع محبتي للوزير بارود، كنت أتمنى لو كان خارج الصندوق السياسي.

س- ماذا تعني؟

ج- خارج الأعراف، الكلام بأن الاحزاب عادة دعمها هو الذي يُسهّل وقف الإعتداءات على الأملاك العامة، أعتقد أصبح مطلوباً الخروج من هذه الأعراف وخاصة الوزير بارود.

س- ولكن الوزير بارود صريح بهذا الموضوع بالإشارة الى الموجود على الأرض؟

ج- أنا لا أقول انه ليس صريحاً.

س- لو كان “حزب الله” وحركة “أمل” ضد قمع المخالفات ماذا كان سيحصل؟

ج- إذا كان “حزب الله” و”أمل” ضد أو مع، فهذا موضوع مستمر منذ أسابيع وأسابيع وأسابيع وبموافقة الجميع، ولكن عندما تفاقم الموضوع أصبح الجميع يريدون سحب يدهم منه. هذا الأمر له مبرر سياسي واضح ومُعلن، وهو إثبات منطق القوة خارج الدولة ومنطق السلاح خارج الدولة، والمفاجىء في الصورة التي شاهدناها ليس الناس الذين يحلفون بالمقدسات، وانهم يريدون ارتكاب مجازر لأنهم يبنون على المال العام وعلى الأراضي العامة التي هي مُلك كل الناس، كما قال الوزير بارود، إنما المفاجيء هو دور قوى الأمن والجيش وهو دور ممتاز، حيث كنا نعتقد أنهم عاجزين ومُقصّرين وغير قادرين، وإذ عندما يكون هناك تعليمات يتصرّفون بشكل جدي وبشكل حاسم.

وعلى كل حال هذا ينقلنا الى الموضوع السياسي، هذه الصورة تُشبه اتفاق الدوحة، هذا اتفاق الدوحة الذي بُني عليه سياسياً بواسطة سلاح 7 أيار لا يوصل إلا الى هذه النتيجة. هذا الإتفاق السياسي هو اعتداء على الدولة والدستور مُماثل لاعتداء الناس الذين شاهدناهم في الصور، وحتى لو كان عندهم حاجة، وهذه لا تُبرر لهم المخالفة ولا سرقة الأملاك العامة تحت أي ظرف من الظروف، “ولا دون مؤاخذة أكل الهواء بأنه بلا ما نحكي طائفية اشتريناها من أصحابنا في جبل لبنان”. هذا كلام سياسي لا يُرد عليه بغير بأنه ما بُني عليه من سياسة منذ اتفاق الدوحة هو باطل وخاطيء وخاطيء وخاطيء.

س- لكن نحن اليوم نعيش جو أسوأ من اتفاق الدوحة؟

ج- أبداً، نحن اليوم في وضع أحسن بكثير من فترة اتفاق الدوحة وما تبع الدوحة، على عكس الشائع، وعلى الأقل الصورة واضحة أمام الكثير من الناس بأن هذه تجربة الإتفاق التي تُبنى على الغلبة بالسلاح وعلى التأثير بالسلاح وعلى استعمال السلاح، لا يمكن إلا أن تؤدي إلاّ إلى الفراغ السياسي الذي نعيشه الآن، والذي عشناه مع الحكومة السابقة.

س- فراغ سياسي ولكن لننظر ماذا يحصل على الأرض أيضا؟

ج- لا بأس، هذا ترجمة للبيان الذي صدر بعد شهر ونصف أو أكثر أو أقل، ماذا يعني رفع الغطاء، هؤلاء الذين شاهدناهم جمهور هذه الأحزاب، ولولا ذلك لما كانوا تحركوا في صور ولا في أي مكان آخر.

س- لكن هم يتهمون السيدة بهية الحريري في مسألة يارين وإنها ساعدت في تشريع بعض المخالفات، واليوم ذهبوا الى أبعد من ذلك بأن اللواء ريفي هو الذي أعطى تراخيص مع استثناءات في منطقة جبل لبنان؟

ج- المذكرة التي صدرت قديمة تعود الى أيام الإعتداء الإسرائيلي في الـ1996، هذه أُعطيت للترميم وتصليح البيوت برخصة من البلدية بسبب الظروف الحربية في مُلكك الخاص وفي بيتك، وبعد حرب الـ2006 أصبح بالإمكان الحصول على رخصة بلدية بـ120 متر بناء بدون العودة الى التنظيم المدني والمعاملات المُعقّدة، على شرط انك تبني في مُلكك الخاص وليس على الأملاك العامة، ولاعلى أملاك الناس المتروكة في جبل لبنان أو في غير جبل لبنان.

هذا كلام مؤسف وفظيع، ولكن كل هذا الكلام قائم وقادر ويتصّرف على قاعدة انه يستقوي بالسلاح على الدولة، وليس بالضرورة انه يحمل “كلاشنكوف” فمنطق السلاح هو الذي يستقوي بالمخالفة وبالإعتداء على الأملاك العامة، وبالإعتداء على صاحب الأملاك في جبل لبنان وفي مناطق أخرى.

س- ما دمت تتحدث عن موضوع السلاح، فهل مازالت تفيد طاولات الحوار مع هذا السلاح؟

ج- نحن نلف وندور وننسى الثوابت، هناك ثوابت تتعلق ببناء النظام اللبناني، واللبنانيون متفقون على نص واحد منذ 30 سنة حتى اليوم هو اتفاق الطائف، وهذا الإتفاق واضح ومُحدّد ومكتوب والناس الذين كتبوه بذلوا جهود على نصه ويفهمون به ويفهمون بالتركيبة اللبنانية، وان هذا النص هو النص المناسب لهذه المرحلة التي عشناها منذ سنة 1990.

هذا الموضوع هو الموضوع الرئيسي، هذا النظام لا يعيش مع السلاح وآلية هذا النظام لا تتعايش مع السلاح، وبالتالي إذا كان عند أحدهم رغبة بتغيير هذا النظام والعودة الى الحرب الأهلية التي قال عنها الرئيس بري تستلزم مئة ألف قتيل آخر، فليتفضل ويجلس على الطاولة ويقول انه يريد تغيير النظام.

س- هل مازالت طاولة الحوار ذات فائدة؟

ج- لا شيء ينفع بين اللبنانيين سوى الحوار، وعندما اتحدث عن السلاح بما فيه سلاح المقاومة، أعني ان المقاومة هي عنوان لكل اللبنانيين، ويجب أن يكون هذا السلاح بإرادة وإدارة الدولة، فإذا لم يكن بالإمكان ذلك لسبب ما ولتفكير خاطيء ما، بمبالغة أو إفراط، بتصوّر القوة فهذا الأمر يعني بأن البلد ذاهب للحياة بدون نظام. ومن يتجرأ على القول انه يريد تعديل النظام ومازال يخجل من إعلان ذلك علناً، ويقوم بعملية القضم من خلال اتفاق الدوحة وما تبعه من عجائب دستورية وحكومية فليعلن ذلك.

أنا أسأل ماذا حققت الحكومة الأولى والثانية بعد الدوحة للناس؟ الجواب لم تحقق أي شيء.

س- سابقا كنت تتحدث عن علاقة النظام بالسلاح ولكن منذ فترة تتحدث عن إيجاد صيغة ما لبقاء السلاح ولكن صيغة للعلاقة مع الدولة؟

ج- أن تبقى المقاومة وسلاحها باعتبارها عنوان لكل اللبنانيين، لا يمكن يومياً اختراع عنوان، بل هناك عنوان واحد يتفق عليه اللبنانيون وهو الدولة، وهناك مكان واحد يجتمع فيه اللبنانيون هو الدولة، ومقر الدولة لكل اللبنانيين هو الدولة بمؤسساتها من مجلس نواب ومجلس وزراء أو أي مؤسسة أخرى، وبالتالي ليس هناك عدّة أمكنة لكي تختار واحد منها. الحوار جزء من هذا الموضوع ولا أحد يدعو للمواجهة، ولكن الحوار يجب أن تكون قاعدته وجود خبراء يجلسون على الطاولة، يدرسون ويناقشون ما هي الطريقة الممكنة للتآخي بين عنوان المقاومة وبين الدولة.

س- تقصد ان طاولة الحوار لم تعد ذات فائدة؟

ج- طاولة الحوار جزء من وسائل التفاهم ممكن تطويرها، ويمكن انتقالها الى مجلس النواب، وممكن في أي مجلس وزراء سابق أو لاحق، الموضوع لم يُطرح بشكل جدي.

س- في حرب تموز 2006 أثبت السلاح جدواه وفي الـ2000 أثبت جدواه، ألا تعتقد ان هذه جوائز للنظام اللبناني؟

ج- دعني أكون أكثر وضوحاً هذا النظام لا يُنتج جوائز، طبيعيته لا تُنتج جوائز، مع اعترافنا وتأكيدنا واحترامنا وتقديرنا لما حدث من تحرير للبنان عام 2000، وما حدث من صمود كبير للمقاومة في وجه العدو الإسرائيلي عام 2006 وهو صمود مُعترف به من كل العالم وليس بحاجة لشهادتي. هذا النظام لا يُنتج جوائر، وبالتالي عندما نريد إعطاء جائزة في هذا النظام فعليك إنتاج 17 جائزة لكل الطوائف، وبالتالي بذلك تكون قد ألغيته.

س- ألا يحق لـ”حزب الله” اليوم أن يقول انه يريد أن يرفع حصته في النظام وهو يستعمل هذا السلاح لتحقيق هذا الأمر، وماذا يمنع حصول ذلك؟

ج- أولاً، السلاح لا يُحقق هذا الأمر والشيء الوحيد الذي يُحقق هذا الأمر، وهو لم يتحقق ولن يتحقق، هو الحوار حوله، وبالتالي فليجلسوا على الطاولة ويقولوا نحن نريد كذا وكذا وكذا، وهذا لا يكون بالدوران واللف وبالثلث المعطّل والوزير الموقّع وغير ذلك.

س- حملتكم اليوم كـ”تيار مستقبل” و”تكتل لبنان أولاً” وكسعد الحريري وفريقه السياسي ضد سلاح “حزب الله” فجأة ليس لأن سعد الحريري خرج من الحكم فتحوّل الى معارضة وفتح موضوع السلاح، إنما يأتي في سياق جو عربي ومواجهة مفتوحة إيرانية- سعودية أو شيعية – سنية فلنقلها، هل هذه أجندة إقليمية عربية أو أجندة بحت لبنانية؟

ج- لو نجحت التجربة السياسية بعد اتفاق الدوحة لكنت أنا على خطأ منذ اللحظة الأولى، ولكن التجربة السياسية فشلت، وبالتالي هذا النظام لا يعيش ولا يستمر وآليته لا تعمل بوجود السلاح خارج إرادته وإدارته، لذلك تحدثنا كلنا عن هذا الموضوع، ولكن أحداً منا لم يتحدث عن نزع السلاح ولا بمنطق المواجهة. الكلام يتعلق بالحوار حول هذا السلاح وإمكانية انعاش النظام المتعلق بحياة الناس. ترانا كل الوقت نجلس ونتحدث عن الكهرباء والبنزين والبناء المُخالف والإعتداء على أملاك الناس، ولكن لا أحد يريد الإنتباه بأن سبب كل ذلك هو ان آلية النظام لا تعمل.

س- بالعودة الى “حزب التحرير” الناس في حالة انتظار وتوتر ليوم غدٍ في مسألة المظاهرة في طرابلس؟

ج- هناك نقطتان أريد توضيحهما: النقطة الأولى تتعلق بما تحدثت عنه حضرتك عن علاقة السيدة بهية الحريري بما حدث في يارين، فأنا من هنا أقول انه إذا كان هناك في يارين أي شيء مُماثل لما شاهدناه على الشاشة، يجب أن تتصرّف قوى الأمن معه بأشد وأقسى مما تصرّفت في هذه الصورة. وبالتأكيد إذا كان من هو محسوب على السيدة بهية تصرّف بهذه الطريقة فإنها ستساهم بمنعه أو بإزالة أي مخالفة حصلت، وإلاّ نكون بذلك نُشرّع كل وسائل المخالفة.

النقطة الثانية التي تتعلق بـ”حزب التحرير” فهذا الحزب تقدّم بطلب لوزارة الداخلية، وأعتقد ان لوزارة الداخلية حقوق، وربما النص غير واضح مئة بالمئة، ولكن لديها حقوق استنساب تتعلق بالأمن القومي للبلد، ومدى تأثير هذا التصرّف السياسي على العلاقات اللبنانية- السورية ومن حقها اتخاذ الإجراءات التي تراها مناسبة سلماً وبالتفاهم وبالقانون، وأعتقد ان كلام الوزير بارود كان واضحاً بهذا المعنى.

س- حتى لو استعملت العنف لقمع التظاهر؟

ج- أنا لن أُشجّع على العنف، ولكن أُشجّع على التصرّف بعقل ووفق مقتضيات الأمن القومي للبلد. مثلا مجموعة سياسية قررت تنظيم هذه المظاهرة بالأمس، هذا بصراحة منطق مريض نحن مستمرين فيه بأسلحة قديمة وأساليب قديمة.

س- ماذا تعني وكيف؟

ج- يعني مثل اجتماع “الكومودور” الذي عُقد لدعم النظام السوري، ياسيدي أصلاً أنت شو قيمتك بسوريا؟ يعني أنت بدك ترد الشعب السوري أو بدك توقف النظام على قدميه، فأنت لا تستطيع أن تفعل لا هذه ولا تلك. وهناك فرق بين أن تُصدر بيان وبين أن تعقد اجتماعاً سياسياً كبيراً تصدر فيه مثل هذا البيان، وفي نفس الوقت تنبري جماعة أخرى مماثلة مثل “حزب التحرير” الذي لا أُقر مبدئية عنوانه السياسي بالمعنى الديني في بلد مثل لبنان، ولكن في نفس الوقت هؤلاء ناس يخطئون مثلما أخطأ غيرهم وليس لأنهم فقط هواة أخطاء.

س- لكن ألا ترى ان الخطأ كان منذ البداية بطريقة التعاطي مع هذا الحزب منذ انطلاقته الأولى، وبالتالي كلما تعقّدت وكبُرت الأمور يصعب التعامل معها؟

ج- الأمور لا تكبر ولا تصغر، أنا لا أعتقد ان هذا الحزب له جمهور كبير وله منتسبين كثر هو حزب موجود.

س- تقصد ان هناك مبالغة في الأمر؟

ج- أكيد، أكيد، أكيد.

اتصال مع اللواء جميل السيد

قال: بالنسبة لـ”حزب التحرير” فأثناء وجودنا في الأمن العام تقدّم بطلب ترخيص فدرسنا أوراقه ودرسنا ما صدر عنه في السابق من بيانات ودراسات، وما من شك ان القسم الأكبر من عقيدته يتناقض كلياً مع مبادىء العيش المشترك في لبنان. وأذكر انه عندما تمنعنا كأمن عام عن إعطاء موافقتنا لوزارة الداخلية. كرأي سألني الرئيس رفيق الحريري رحمه الله، بعد العام 2000 عن أسباب التمنُع، فشرحت له الأمر، فأجابني: معك حق.

فوجئنا في عهد الحكومة ما قبل السابقة ان الوزير احمد فتفت منح ترخيص للحزب رغم اعتراض المديرية العامة للأمن العام، وأكثر من ذلك، بعد حصول الحزب على الترخيص أرسلت كذا مراسلة موجودة في وزارة الداخلية، والوزير بارود مطّلع عليها من عدّة أجهزة أمنية قائمة حالياً أوصت تكراراً بعد مراقبة نشاط هذا الحزب بإعادة النظر بالترخيص وإلغائه، ومع ذلك حتى الآن لم يؤخذ أي قرار. وبالتالي اليوم الموضوع لا يتعلق فقط بأنه ضد سوريا وهذا شيء إضافي وطارىء اليوم، ولكن في نفس الوقت إذا أرادت الدولة معالجة وضع من هذا النوع يكفي أن تقول ان هناك قوانين لبنانية تسمح وتمنع التظاهر، وإذا أردتم التظاهر خلافاً للقانون سيُعاد النظر بمسألة الترخيص.

انتهى اتصال اللواء جميل السيد

بعد عرض تقرير عن وثائق “ويكيليكس” النائب المشنوق يضحك.

مارسيل يسأل: لماذا تضحك؟

ج- أنا أضحك على كل موضوع “ويكيليكس”.

س- ألم تأتِ وثائق “ويكيليكس” على سيرتك أبداً؟

ج- انا لا دور لي في هذا الموضوع، ولم يكونوا يسألوني رأيي، ولا أنا كنت ألتقيهم، ولم أكن في مرة من المراهنين على ان هذا النقاش يستحق التعليق.

على كل حال أريد أن اقول ان الأكثر طرافة في “ويكيليكس” هو الأسلوب الشخصي وكأنه روائي ، يعني ربما غداً السفير فيلتمان عندما يتقاعد يؤلف كتاب.

س- يعني توافقه على وصف سعد الحريري؟

ج- لا، وأعتقد ان هذه الأوصاف الشخصية التي فيها اجتهاد شخصي غير مُبرر من دبلوماسي أولاً، وثانياُ غير دقيق بحيث يبدو بأنه يعيش مع الرئيس سعد الحريري، وليس زائراً له.

الملاحظة الثانية: أن أكثر شخص اتهم في فترة حرب الـ2006 بعد التخلي عن حكومة المقاومة السياسية التي أُعلنت هو الرئيس السنيورة، والتي ظهر انه أكثر شخص جدي ورصين ومباشر في كلامه.

دعني أكون أكثر صراحة، أنا قرأت الكلام الذي نُسب للرئيس سعد الحريري فترة الـ2006 والـ2007 تحديدا بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري حول كل المواضيع، وأنا لا أستغرب ان يصدر عنه هذا الكلام، أنا لا أقول ان ما قيل هو صحيح، ولكن يجب أن نفهم في أي ظرف قيل هذا الكلام، ومن أي جنازة كان سعد الحريري عائداً، من جنازة جبران تويني أو بيار الجميل أو والده رحمهم الله جميعا، او من جنازة وليد عيدو، وبالتالي هذا كلام ممكن انه قيل وكان بالإمكان أن يُقال في ذلك الوقت كلاماً أقسى من هذا الكلام.

س- الوزير وليد جنبلاط، حتى انه قال انه كان داخل في لعبة العمل ضد هذا النظام.

ج- لا أريد الدخول في كلام وليد بك في كل الأمور ومنها هذا الكلام.

س- هل لأن وليد جنبلاط صديقك؟

ج- أنا لا أتحدث الآن بموجب الصداقة، أنا أتحدث عن نص يتعلق بـ”ويكيليكس”، هذا الكلام في ذلك الوقت كل الناس قالت كل شيء بعد شباط الـ2005 حتى العام 2007 لم يبقَ واحد لم يقل شيء، فكفى اعتبار ان هناك اكتشافات بما نقرأه الآن، فإذا جمعنا كل هذا الكلام نرى انه يدل على حجم الأزمة والصراع أكثر مما يدل على ماذا قال فلان أو فلان.

النقطة الثانية هي انه في كل “الويكيليكس” اللبنانية وفي كل الكلام مع نواب من “التيار الوطني الحر” ومع نواب من حركة “أمل” ومع نواب “تيار المستقبل” ومع كل الذين تحدثوا، هناك نقطة اجماع عند الجميع هي الشكوى من سلاح “حزب الله” وقد كان هناك نقطة واحدة جامعة في كل هذه البرقيات من كل الأطياف ومن كل الطوائف ومن كل المجموعات السياسية، هي الشكوى من سلاح “حزب الله”، شكوى بمعنى انهم لا يستطيعون العيش مع هذا السلاح بصرف النظر مَن نفى ومَن أكّد.

س- حتى في العالم العربي هناك اجماع ضد إيران؟

ج- في البرقيات العربية كان هناك اجماع كامل بوجه الدور الإيراني الخارجي وليس ضد إيران، بل ضد السياسة الخارجية الإيرانية، وبالتالي كل واحد منهم لا يريد مراجعة ذاته، عندما تجد هذا القوس القزح الكبير وفيه كل الألوان السياسية عنده شكوى وحيدة ويُجمع عليها من وهج السلاح وتأثيره على الحياة اللبنانية.

س- ولكن عندما كان هذا رأي سعد الحريري لـ”ويكيليكس” بالسلاح وقال لفيلتمان ” I will حزب الله” فلماذا استمر بالتعامل مع الحزب ودخل معه في حكومات وجلس مع السيد نصرالله وحصل 7 أيار ثم تصالح معه؟

ج- هو يومها راعى البلد، وهو في النهاية جاء واعترف بالقوى الواقعية في البلد.

س- لماذا لم يذهب أبعد؟

ج- الى أين سيذهب أبعد مما ذهب، هو ربح الإنتخابات وخرج ليقول انه يريد حكومة وحدة وطنية وليس حكومة منفردة.

س- لماذا اليوم ذاهب الى أبعد؟

ج- أنا لست من رأيك بأنه ذاهب الى أبعد.

س- يعني يتراجع اليوم بعد “14 آذار” ؟

ج- هناك تجربة سياسية عاشها الرئيس الحريري يومياً من بعد اتفاق الدوحة حتى إقالة الحكومة قبل أربعة أشهر، هذه التجربة السياسية أوضحت ان كل أفكاره حول إمكانيات التفاهم على استقرار وطني، كل الأفكار التي في داخله واعتقد انها تحفظ هذا الإستقرار وتؤمنه، تبين له أنها أفكار غير صحيحة، وبالتالي عاد الى الإساس، وهذا الأساس هو الذي ورد في كل آراء السياسيين لـ”ويكيليكس” وهو عنوان السلاح.

هؤلاء الناس الذين يمثلون هذا النظام، بمن فيهم المتحمسين الآن حماساً شديداً للسلاح و”حزب الله” تبين ان نواباً كان رأيهم بأن السلاح لا يصلح.

س- ما رأيك بهذا التوقيت بين نشر ما ورد في “ويكيليكس” بما يتعلق بالإخوان المسلمين وبعبد الحليم خدام في كلام الشيخ سعد الحريري، وبين الكلام السوري حول دور جمال الجراح ، هل هناك ربط معين؟

ج- أولاً بالكلام المتعلق بالرئيس سعد الحريري عن الإخوان المسلمين وخدام، أنا لا أعتبر ان النص دقيق، ولكن أنا قلت العائد من جنازة ممكن أن يقول أي شيء.

س- ماذا تقصد بالنص الدقيق هل الترجمة؟

ج- أنا لا أعرف إذا كان النص دقيقاً بمعنى ان الأميركيين الرسميين حتى الآن لم يقولوا ان هذا الكلام مُعترف به، او ان هناك اجتهاد أكثر من اللازم، أنا لا أقول هذا الكلام غير صحيح، ولكن هذا كلام من وجهة نظري وأنا لم أناقشه معه ولا مرة لا في السابق ولا الآن. هذا كلام نرفزه لأن المراهنة على عبدالحليم خدام هي مراهنة على كل مساوىء النظام السوري، ولا يمكن أن تقنع أي سوري ولا أي لبناني بإمكانية قدرته على ذلك.

س- أنت رأيك بعبد الحليم خدام معروف، ولا أعرف إذا كان هذا رأي سعد الحريري؟

ج- الأمر لا يتعلق بالرأي الشخصي، هو شريك أساسي في النظام وبكل ما ارتكبه النظام، وإذا كان هناك من اعتراض فهذا الإعتراض موجود.

أعود وأقول إذا كان هذا الكلام صحيحاً فهو كلام توتر، كلام نرفزة، لا يُعبّر عن واقع سياسي، فلا هو حليف الإخوان المسلمين ولا عبدالحليم خدام نموذج سوري أو لبناني يُحتذى به.

س- ما هي الأهداف الحقيقية برأيك وراء الإنخراط السوري المباشر بالحملة على “تيار المستقبل” في لبنان واتهامه بالتورط بدعم الإحتجاجات الحاصلة في سوريا وبتهريب السلاح وما الى ذلك؟

ج- أعتقد أولاً ان هذه الموجة تراجعت، وأنا أرى ان هناك سببان: السبب الأول: أقرأها على انها رسالة لكل هذا الجمهور وقياداته السياسية بعدم الإقتراب من الموضوع السوري، فاختاروا الزميل جمال الجراح باعتباره كان صديقا لعبدالحليم خدام.

السبب الثاني: ان هذا تعبير عن أزمة وليس تعبيرا عن قدرة على الحل لأنه إذا كان عندك قدرة لاتهام كل هذه القوى ووصلت الأمور الى ان “الجزيرة” تتلقى تمويلاً والـ”بي.بي.سي” تتلقى تمويلاً. قناة “الجزيرة” تملكها الدولة القطرية، ولا أعتقد انها بحاجة لتمويل من أي كان، وبالتالي هذا تعبير عن أزمة وإذا قلنا “الجزيرة” تمتلكها الدولة القطرية، فسوريا والرئيس الأسد أحد الشركاء الرئيسيين بتظهير الدور القطري في فترة من الفترات، في حين أن حجم الدولة وطبيعتها لا تسمح بهذا الدور، وبين أن تكون أنت حليفاً لأمير قطر وتتهمن”الجزيرة” والـ”بي.بي.سي” ووسائل إعلام لها مصداقية تاريخية وعالمية بأنها تُموّل، فهذا مماثل لاتهام الرئيس الحريري و”المستقبل” بموضوع السلاح وغيره، وهذا دليل أزمة وليس دليل معرفة ولا دليل قدرة، فأنت تعبّر عن أزمة بأن تشتم الآخرين.

س- هل هي رسالة لسعد الحريري أو للسعودية أو لمن؟

ج- هم لم يتركوا أحداً في طريقهم ان كان السعودي أو اللبناني والأمير بندر بن سلطان، يعني كلهم قادرين على ما لا يقدر عليه أحد.

س- هل هناك جناح في السعودية لا يساند سوريا؟

ج- قبل الوصول الى هنا أُعلن في سوريا عن دور أردني بإدخال السلاح الى سوريا، وأُعلن بالصورة عن دخول سلاح على الحدود العراقية، فلماذا لم نرّ حملة على الرئيس نوري المالكي وعلى الملك عبدالله الثانية؟.

س- لماذا برأيك؟

ج- لأن أسهل شيء هو لبنان، وأبسط شيء لبنان، وأوجع شيء لبنان، فالسلاح العراقي موجود وهو من دولة يُفترض انها حليفة وصديقة لسوريا، وهي ليست كذلك، وأنا رأيي منذ زمن ان العلاقات السورية-العراقية ليست كما يظهر بأنها علاقات ممتازة، لأن طبيعة النظام مُخالفة تماماً لطبيعة النظام السوري.

إذاً السلاح العراقي موجود، ولكن ماذا هناك عن جمال الجراح أو الرئيس سعد الحريري أو عن الأمير بندر بن سلطان، يعني الأمير بندر بن سلطان غاب سنتين وعاد فوراً وبدأ يحرّك غرفة عمليات وتسليح المعارضة السورية، هذا كلام يُعبّر عن أزمة ولا يُعبّر عن واقعية.

س- جيد كيف ستتعاملون مع الموضوع؟ والواضح انه اصبح هناك رسالة قطيعة بين “تيار المستقبل” وسعد الحريري وسوريا من جديد؟

ج- لكن أين لمست هذا الأمر؟.

س- صحيح ان سعد الحريري أصدر توجيهات بعدم التعرّض لسوريا وبعدم المظاهرات، ولكن بمجرد أن وسائل الإعلام السورية والسفيرالسوري يلح على إجراء تحقيق مع جمال الجراح؟

ج- أعود وأقول الكلام السوري سواءاً على لسان السفير أوغيره، يُعبّر عن أزمة ولا يُعبّر عن واقع ولا يوصل الى مكان، والدليل ان الرئيس الحريري لم يتصرّف برد فعل.

س- الرئيس بري وعد بمعالجة الأمر هل عرفتم ماذا فعل؟

ج- الرئيس بري واضح وقال كلاماً واضحاً انه عندما يكون بين يديه ملف يبحث الموضوع. أما كلام في الصحف وعلى التلفزيون فهذا غير واقعي. نحن طلبنا من وزارة الخارجية استيضاح السفير السوري حول الكلام الذي قاله لتكوين ملف دبلوماسي على الاقل. وبالتالي من يقول هذا الكلام يعرف تماماً انه لا يستند إلا الى أوهام، ويُعبّر عن أزمة ولا يُعبّر عن وقائع.

اتصال مع النائب هاني قبيسي

قال: في حقيقة الأمر ان هناك مشكلة حصلت اليوم، مشكلة مأساوية ومؤسفة، حيث سقط قتيلان في منطقة صور مع قوى الأمن الداخلي بسبب التعدي على الممتلكات العامة، وهنا أريد انتهاز هذه الفرصة لكي أقول لكل أهلنا، ان التعدي على الممتلكات العامة أمر غير مقبول من أحد.

وكنت أتمنى على الأستاذ نهاد أن يكون مُطلّلعاً على كل تفاصيل الموضوع، قبل أن يتعرض له من منحى سياسي بالكامل وربطه باتفاق الدوحة وبسلاح المقاومة، وهذا الأمر أخرج المشكلة عن سياقها الأساسي. حقيقة الأمر رأيت من واجبي أن أوضّح للناس، والناس يجب أن تعرف الحقيقة لأن جزءا منها سياسيا.

الأمر بدأ بقرية يارين مع أهلنا الكرام هناك، حيث وُعدوا قبل احتفال 13 آذار ببناء منازلهم وإضافة مساكن جديدة على الأملاك العامة لقاء مشاركتهم باحتفال 13 آذار، وبعد هذه الفترة راجعوا قيادة قوى الأمن الداخلي، وهناك وعود حصلت من قيادة قوى الأمن الداخلي وبدأ البناء وبدأ نقل المواد الأولية في سيارات شركة “جينيكو” ومعروف ان من يملك هذه الشركة هو الأستاذ شفيق الحريري حيث في ليلة واحدة، تمّ صب أكثر من خمسين منزلاً في قرية يارين، وفي هذا الوقت بدأنا اتصالات بقيادة قوى الأمن الداخلي في المنطقة، ومع كل الأطراف المُفترض أن تعالج الموضوع حتى مع الجيش اللبناني لوقف هذا الأمر تحت عنوان أساسي، انه إذا تفلّت هذا الموضوع لا يمكن ضبطه بعد ذلك. وانتهت أعمال صب الأبنية وعُلّقت يافطات شكر للمملكة العربية السعودية التي نجّل ونحترم. هناك مشكلة رُميت على الساحة الجنوبية، وبالتالي يُحمّل المواطن مسؤولية الضغط الإقتصادي، والواقع والأزمة اللبنانية بأكملها.

اتهام حركة “”أمل” و”حزب الله” والسلاح انهم سبب هذا الموضوع، نحن نقول انه كان هناك تقصير، ودولة الرئيس بري منذ أن بدأ هذا الأمر يتفلّت على الساحة الجنوبية أعطى تعليمات واضحة وطلب من قيادة قوى الأمن الداخلي أن لا تتأخر أبداً، وبعد توسّع هذا الإنتشار بالتفلّت بالبناء في أكثر من قرية، أنا اتصلت بدولة الرئيس الذي اتصل بدوره بوزير الداخلية الأستاذ زياد بارود وطلب منه التدخل الفاعل، وفي هذه الفترة كان هناك أكثر من مشكلة، ومعالي الوزير قال ان قوى الأمن ليس لديها الإمكانيات اللازمة، إضافة الى انه كان هناك تراخي واضح لمسناه من الإتصالات التي كنا نجريها يومياً للتهرّب من هذا الموضوع، وكأن هناك مجموعة يجب أن تبني بيوتاً، وبالتالي فعلت ذلك بدعم سياسي وبدعم من قيادة قوى الأمن الداخلي، وهذا الامر لا يمكن أن يُربط لا باتفاق الدوحة ولا بسلاح المقاومة.

المشنوق- غلط أنا أتحدث بالسياسة يا استاذ هاني.

قبيسي- منذ العام 80 وحتى الآن لم يُبن حجر واحد على الأملاك العامة.

المشنوق- ما حدث في يارين خطأ لا يُبنى عليه خطأ، خطأ، خطأ واليافطات خطأ أكبرمن البناء.

قبيسي- كان يجب يا أستاذ نهاد أن تبدأ حديثك بهذا الكلام وليس باتهام الدوحة والسلاح.

المشنوق- أنا قلت لا أملك معلومات ولكن الآن أنت قلت هذا الكلام، وبالتالي أنا أقول ما حصل في يارين خطأ ، خطأ، خطأ واليافطة جريمة وليس خطأ فما علاقة المملكة العربية السعودية ببناء من هذا النوع ومخالفات من هذا النوع؟ على كلٍ السعوديين أولى بالدفاع عن يافطاتهم.

قبيسي- هذا الأمر لم يُعالج بشكل صحيح من قبل الأجهزة الأمنية.

المشنوق- ولكن هذا لا يُبرر .

قبيسي- هذا خطأ من الدولة بعدم متابعته، ولا يمكن تحميل المسؤولية للناس بسبب تقصير الدولة.

غانم يسأل قبيسي- اليوم نحن نعرف ما لحركة “أمل” وما لقدرة الرئيس بري بالمونة وبنكتته الحلوة وبمشورته الحلوة وما للحزب من قدرة، ألم يكن باستطاعة الحزب والحركة اليوم أن يكونا الى جانب الجيش وقوى الأمن الداخلي لتهدئة الناس، والوقوف الى جانبهم وإيجاد مخرج ما لهذه المسألة؟

ج- دولة الرئيس بري عقد اجتماعاً في مصيلح بحضوري أنا، وكان قائد منطقة الجنوب في قوى الأمن الداخلي موجوداً، وقال له ان كل إمكانات الحركة بتصرّف قوى الأمن الداخلي، ووضعنا كل إمكاناتنا بتصرّف قوى الأمن الداخلي لقمع هذه المخالفات.

المشنوق- أنا زعلان لأني لم أدعَ الى هذا الإجتماع.

قبيسي- أكبر فصيلة قوى أمن داخلي في قضاء الزهراني فيها سبعة عناصر، وأنا أقول ان هناك جهة تسعى لتعميم الفوضى في لبنان بدءا من متفجرة كنيسة زحلة وصولاً الى خطف الآستونيين الى تعميم الفوضى على الساحة الجنوبية، هناك سعي لإظهار انه لا يمكن إلا لفريق واحد أن يحكم، نحن سعينا باتصالات مع قيادة الجيش ومع قيادة قوى الأمن الداخلي لضبط هذا الموضوع، وهناك اتصالات ولقاءات متواصلة، وحصل اجتماع مع الإخوان في “حزب الله” وأصدرنا بياناً بأننا مع قمع كل هذه المخالفات، وكنا نترجى قوى الأمن الداخلي لتقوم بواجباتها بشكل يومي، هذا أمر كان هناك تهرّب منه وكان هناك تقصير، وبالتالي أما أن تُترك الأمور لتتفلت وأما أن تُقتل الناس بالرصاص، فهذا أمر غير مقبول.

المشنوق- يجب أن يُعلن هذا الامر وأن تقف وتقول لوزير الداخلية أنت مُقصّر في هذا الموضوع في يارين وغير يارين.

بعد تقريرعن التدخل السوري في لبنان والعكس لرنا خوند سألت في نهايته : هل ندمت القيادة السورية لعدم ترسيم الحدود وضبطها بعد انقلاب سحر هذا الحدود على الساحر؟ وهل “تيار المستقبل” مايزال يريد الترسيم ومراقبة الحدود السورية-اللبنانية؟

غانم يسأل- عندك جواب؟

المشنوق- كل لبناني يريد ترسيم الحدود وليس “تيار المستقبل” فقط، هذا أمر طبيعي بالعلاقة بين الدولتين، وعلى كل حال، موضوع العلاقة اللبنانية-السورية موضوع حساس جداً جداً جداً ومُعقّد جداً جداً جداً، وتبسيط الأمر بأن هناك جهة تُحارب سوريا في لبنان، أو ان سوريا تُجنّد جهة في لبنان لصالحها، هو كلام بسيط جداً ولا يُعبّر عن طبيعة العلاقات.

س- كل أسئلة الناس تدور حول ماذا سيحصل في سوريا؟وهل لنا مصلحة بسقوط النظام في سوريا؟ فما أثر هذا التداعي للنظام في سوريا علينا؟

ج- هناك فرق بين عواطف الناس وأسئلتها وبين قلقها وبين المسؤولية تجاهها، نحن نخلط هذه بهذه وبتلك المسؤولية تجاهها، الرئيس الحريري في اجتماعه اليوم مع القادة الأمنيين كان واضحاً بأنه ضد التظاهر، وموقف كتلة نواب “المستقبل” موقف واضح ومُحدّد وغير خاضع للإجتهاد. أما إذا أردت محاسبة الناس على عواطفها فهذه سيرة طويلة عريضة لا علاقة لها بالسياسة ولا تُقرر بالسياسة.

الكلام الشائع اليوم بأننا لا دخل لنا بسوريا ولا علاقة لنا بما يجري هناك هذا صحيح، يجب أن لا يكون لنا دور في سوريا، ولا يجب أن يكون لنا أي تأثير في مسألة يُقررها الشعب السوري أو يُقررها الرئيس الأسد، ولكن من يقول ان الإصلاح في سوريا لا يُفيد العلاقات اللبنانية-السورية يكون على خطأ، لأن الإصلاح في سوريا يفيد سوريا ويفيد النظام في سوريا، ويُحقق متطلبات الشعب السوري، ولكنه أيضاً بالنسبة للبنان، ولبنان الرسمي تحديداً يُحقق مصلحة وسلامة تشكو منها العلاقات اللبنانية-السورية منذ سنوات، فطبيعة النظام عندما يُصبح أقرب للناس ومُتفهّم أكثر لحاجاتهم ، ليبيرالي أكثر، ديموقراطي أكثر يكون أفضل.

دعني أكون أوضح، لقد صدرت أصوات سعودية أميرية، وأنا قرأت مؤخراً للأمير تركي الفيصل ولأمير آخر في صحيفة “الشرق الأوسط” الدعوة الى انتخابات حرّة لمجلس الشورى السعودي، فما المشكلة لو حصلت في سوريا انتخابات حرّة لمجلس الشعب السوري، فلا يُعقل أن يكون النظام السعودي وهو نظام ملكي محافظ مخالف تماماً عن طبيعة النظام السوري سائر نحو المطالبة بانتخابات حرّة، ولا يكون في سوريا إمكانية لتحقيق انتخابات حرّة لمجلس الشعب؟ وقرأت اليوم ان هناك عدّة نصائح تركية لسوريا تتعلق حتى بنسب التمثيل وعدم السماح بالأحزاب الدينية التي عناوينها دينية في ميثاقها، وبالتالي هناك حلول لكل هذه المشاكل وأنا لا أرى هناك استحالة في الإصلاح، أعود وأقول نحن لنا مصلحة بالإصلاح، العلاقات اللبنانية-السورية تستفيد من الإصلاح، ومن يقول غير ذلك يكون يبالغ باعتبار ان هذا الموضوع حساس ولا يجب الإقتراب منه. نحن لا ننزع أنظمة ولا نضع أنظمة، هناك متغيرات في المنطقة، وكل يوم يمكن أن نصحى على خبر جديد ومُختلف عما سبقه. برأيي لا تزال الفرصة أمام الرئيس الأسد مُتاحة ومفتوحة، وهناك دعم له أوروبي وأميركي وفرنسي وبريطاني وتركي وسعودي، ومن كل الجهات تدعم الإصلاح وتشجعه على الإصلاح، وتقول له ان بيدك انقاذ هذا النظام بعد إصلاحه.

غانم يقول- الآن ورد موقف من واشنطن دعا الرئيس الأسد الى متابعة الإصلاحات وتنفيذها.

المشنوق- كل الناس تتحدث معه، أنا أقول لا يزال الباب مفتوحاً، ولا تزال كل هذه الدول تدعم توجهه بالإصلاح وتشجعه على الإصلاح.

س- يعني لن يتم إسقاط النظام؟

ج- أنا لست مع هذا الرأي، أنا برأيي انه ذاهب الى الإصلاح. لكن هذا النظام عمره 50 سنة آن له أن يتعب وأن يتغيّر ويتطوّر ويتجدّد . الآن قد يُقال ان كلامي تدخل في الشأن السوري، كلا، إنما أنا أقول هذا الكلام لأني أولاً أنا قومي عربي، وثانياً أنا معني بصحة وسلامة العلاقات اللبنانية-السورية، وثالثاً أنا معني باستقرار سوريا واستقرار شعبها وتطوّر نظامها وتفاهم الناس مع بعضها.

س- هل تعتقد ان الرئيس الأسد سيغيّر في الداخل ولكن لن يغيّر في الخارج، بمعنى العلاقات الإقليمية؟

ج- لا شيء اسمه الداخل والخارج، في أي دولة الداخل هو الخارج، والخارج هو الداخل، يجب أن يُظهر بأن هناك تغيير جذري سياسي في الداخل والخارج، هناك خريطة في كل المنطقة تتغيّر الآن.

س- كيف يستطيع أن يغيّر بالعلاقة مع إيران؟

ج- هو يعرف ذلك.

س- عندك نظرية تقول فيها ان هناك دول مختلطة وهناك دول صافية مذهبياً مثل مصر والسودان مطلوب تغيير الأنظمة فيها، ماذا بالنسبة للوضع في سوريا؟

ج- الصافية من مصر الى ليبيا والجزائر وتونس والدول المختلطة بصرف النظر عن النسب هي سوريا والأردن والملكيات والبحرين جزء من الملكيات يجب أن يحصل فيها تطوّر ما باتجاه الملكية الدستورية، ولا أقول ان هذا التطوّر الوحيد المُتاح هو إسقاط الأنظمة، أنا أقول انه ليس هناك من هجوم لا عربي ولا دولي ولا أوروبي على سوريا حتى الآن، ولا يزال الباب مفتوحاً ومُشجع وخاصة من الأتراك على مزيد من الإصلاحات لضمان سلامة سوريا واستقرارها. هذا الكلام لا يزال مُتاحاً حتى هذه اللحظة ولفترة، وليس انه غدا صباحا ستتغيّر هذه السياسة، وهذا ما يدفعني لأقول ان هناك مجال للإصلاح، ويجب العمل على الإصلاح لأني معني فيه بمسألة العلاقات السورية-اللبنانية.

س- يعني تعتقد ان على بشار الأسد أن يتخلى عن حزبه وعن “حماس” وعن “حزب الله”؟

ج- أنا لا أريد أن أقول على وليس وغير ذلك، هناك تطوّر طبيعي للأمور يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار، هناك تطوّر في المنطقة وتطوّر في الداخل. تركيا دولة لها 800 كلم حدود مع سوريا، وبالتالي عندما يكون لها رأي مُشجع للإصلاح داخل سوريا، تكون بذلك تُحافظ على أمنها القومي وليس انها تتبرع فيه باعتبارها أستاذة في العلوم السياسية، هناك أمر يتعلق بالأمن القومي لتركيا، وهناك أمر يتعلق بانتقال الفوضى لتركيا، وكل الناس معنية بالإستقرار في سوريا.

س- لكن ما يزال الموقف التركي غير مُتحمس؟

ج- التركي عمل ولا يزال يعمل وهناك كلام منشور اليوم عن زيارات سرية لرئيس المخابرات التركية، وهناك زيارات علنية لوزير الخارجية، وهناك زيارات علنية لرئيس الوزراء التركي وهناك اتصالات دائمة تُشجّع على الإصلاح وتتشاور حول كيفية الإصلاح للذهاب الى نظام ديموقراطي.

هناك نموذج مصري وهذا النموذج ليس فقط سقوط مبارك، بل هو عودة الشعب المصري الى طريق الديموقراطية الطبيعية.

س- في مصر مايزالون في النفق؟

ج- طبعاً لم ينتهِ كل شيء ولكن هذا الأمر حصل.

س- منذ زمن لم تذهب الى سوريا؟

ج- ربما سنة أو أقل، وأنا دائماً أحب الذهاب الى هناك.

س- بالموضوع السوري ماذا عن التواصل السوري- السعودي وأين هو من هذا الملف؟ وماهي حقيقة الموقف السعودي مما يجري في سوريا؟ وهل هناك رغبة في إسقاط النظام السوري ونرى ان بعض الإعلام السعودي يقف على الحياد فيما البعض الآخر يتخذ موقف أقرب الى معارضي هذا النظام؟

ج- في موضوع الإعلام ليس لديّ تعليق مباشر، ولكن كل ما أعرفه ان خادم الحرمين الشريفين اتصل شخصياً بالرئيس الأسد في بداية الأزمة، وبالتالي كيف يمكن أن يكون الموقف السعودي هذا واضح ومُعلن، أما وسائل الإعلام أو الصحافيين بالتأكيد لديهم هامش من الحرية يتصرّفون به بالشكل الذي يناسبهم.

س- هل صحيح ان هناك لجنة خماسية سعودية مُكلّفة إدارة الشؤون الخارجية والأمنية في المملكة، يعني قوامها الأمير بندر، الأمير مقرن، الأمير متعب وعبد العزيز بن عبدالله، هل لديك صورة عن هذه اللجنة؟

ج- أنا قرأت عن هذه اللجنة، ولكن ليس لدي فكرة واضحة، ولكن طبيعي أن تكون موجودة فالمنطقة تشهد أزمة.

س- نحن أمام أي أزمة؟ هل أزمة إيرانية- سعودية؟ يعني هذه المواجهة اليوم التي تأخذ طابع التحدي إذا صحّ التعبير بين المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وإيران؟

ج- لماذا تُسمّيها تحدي؟ لماذا تقرأها تحدي؟.

س- أنا لم أقرأها تحدٍ ولكن هناك موقف إيراني وهناك موقف بحراني؟

ج- هناك أمن قومي سعودي منطقته وحدوده هي دول مجلس التعاون وما يحصل في البحرين يعتبر جزء من الأمن القومي السعودي، أرسلوا 1200 عسكري مع الإمارات والكويت بإعلان سياسي وليس لأن هؤلاء العسكر سيحلّون المشكلة الأمنية، هذا إعلان سياسي بأن حدود انتشار السياسة الخارجية الإيرانية هي هنا وممنوع لأحد أن يتدخل، لأن هذه المنطقة هي جزء من الأمن القومي العربي، وهناك سياسة إيرانية لا تُلاحظ ان التغيير في العالم العربي يُحقق تدريجياً ملىء الفراغ الذي سبّبه خروج مصر باتفاقية كامب دايفيد، ودخول الدور الإيراني باعتباره يحمل علم فلسطين.

الآن توجد صحوة عربية وتغييرات عربية في الدول الرئيسية، وهناك صحوة سعودية بهذا المعنى، وبرأيي أنها متأخرة كثيراً، لأن هذا الأمر كان يجب إعلانه منذ زمن بعيد، لأن السياسة الخارجية الإيرانية ليست مفاجئة، لا في الكويت ولا في مصر ولا في البحرين ولا في لبنان ولا في سوريا ولا في أي مكان آخر، وبالتالي عملياً هناك صحوة عربية تقول بأننا نحن معنيون بالأمن العربي القومي، وبالمسألة الفلسطينية لا نريد أمن قومي إيراني ولا أمن قومي تركي أوغير ذلك.

س- لكن إيران تعتبر في الوقت نفسه ان مسألة البحرين من اختصاصها وأتى موقف نور المالكي ليُعزّز هذا الكلام الإيراني وهذا الجو الإيراني، فلماذا لا تعتبر ان إيران أيضاً تتحدث عن الأمن القومي الإيراني؟

ج- كلا إيران تتحدث عن الأمن القومي المذهبي، فهناك فرق بين الأمن القومي الإيراني والأمن المذهبي، هذا كلام مقسّم للمجتمعات ومخرّب لانتظام الحياة العربية ولم يفعل شيء منذ بدايته حتى اليوم.

س- لكن لماذا في الوقت نفسه التعاطي مع المسألة البحرانية ومع المعارضة البحرانية أتى أيضاً من باب مذهبي؟

ج- أنا لا أؤيد ولا أشجّع ولا أقبل بالتعامل الأمني مع أي معارضة سياسية، دعنا نُفرّق بين الإثنين وبين أن تكون معارضة سياسية لإصلاح النظام في الداخل، وبين أن تكون معارضة ممثلة لدولة راعية في الخارج لها علاقة بالمذهب.

هناك شخص حكيم قال لي ثلاثة أمور عن السياسة الخارجية الإيرانية: هناك اتفاق الإذعان الذي وُقّع في الجزائر سنة 1974 مع صدام حسين، وهناك الإحتلال الإيراني أيام عهد الشاه لجزر طنب الصغرى وطنب الكبرى الإماراتية، وهناك التحديد الإسلامي لهوية الجمهورية وهذا من أيام الشاه. أتت الثورة وبقي الإتفاق أقسى مما قبل واستمر احتلال الجزر ودين الدولة الإيرانية بخلاف الدول العربية التي الكثير منها دينها الإسلام في وقت دين الدولة الإيرانية مذهبي، يعني حتى كلمة الإسلام في مفهومها الشامل لم يرتضوها، وبالتالي عليهم أن لا ينتظروا من العرب أن يقبلوا التدخل بأمن مجتمعاتهم، أنا لست معنياً بأمن النظام بل بأمن المجتمعات، لأن المجتمع إذا انقسم قسمين قسم تابع لدولة في الخارج وقسم تابع للنظام هذا بسبب طائفته، وهذا بسبب مذهبه ماذا ننتظر؟.

س- لكن عملياً في المنطقة الشرقية بالسعودية ماذا حصل؟

ج- البارحة هدّد رئيس أركان الحرس الثوري هدّد السعودية بأنها يجب أن تعرف ان دخولها الى البحرين ممكن أن يُسبّب في وقت من الأوقات دخول قوى أخرى الى السعودية. فما هذه السياسة وكيف يمكن القول ان دول أخرى ستدخل السعودية؟ إذاً أنت فتحت حرباً مذهبية على كل الناس، وفي نفس الوقت تستغرب من الآخر أن يرد عليك.

أنا عندي سؤال: في حرب العراق عام 1990 كان الرئيس العراقي رحمه الله، صدام حسين، وكان الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني، وقد استنجد صدام برفسنجاني وطلب منه مواجهة الأميركيين معه باعتبارهم الخطر الأكبر، فكان جوابه : ابقى أنت والخطر الأكبر، من أحضر الأميركيين الى العراق؟ 300 معارض اجتمعوا في لندن بدعم ورعاية وتمويل من أحضرهم الى العراق؟ الدولة والسياسة الإيرانية، وبالتالي إيران وافقت على الجيش الأميركي في العراق ووافقت على الجيش الأميركي بتحرير الكويت والآن لا توافق على 1200 عسكري في البحرين؟ كيف يكون هذا الأمر بالسياسة؟.

إذاً يوجد خلاف جدي، وبرأيي ان إعلان المواجهة السعودية هي ودول مجلس التعاون أمر ضروري للجلوس الى طاولة الحوار، ووضع حدود لهذا الدور أين يبدأ وأين ينتهي .

س- حوار مع مَن؟

ج- حوار مع إيران، لأن الإستمرار بهذه الطريقة يعني خراب كل المنطقة، ومن قال ان إيران خارج التخريب؟ ومن يدّعي ان ما يحصل عند غيره لن يحصل عنده؟.

إذاً الكلام عن الموضوع الإيراني يجب أن يكون واضحاً وصريحاً ومُحدّداً، وبرأيي تأخر كثيراً، يجب الجلوس الى طاولة حوار ووضع حد لهذا الدور الإيراني.

س- من سيدعو الى هذا الحوار؟

ج- كل الدول المعنية بالأمن القومي العربي.

س- هل يمكن أن يقوم بذلك الملك السعودي؟

ج- خلال ستة أو سبعة أشهر أو سنة سيكون هناك دولة مصرية موجودة فيها رئاسة وفيها مجلس شعب مُنتخب ولهم دورهم، وهم انفتحوا على الإيرانيين.

س- أما زلت مؤمناُ باستعادة دور مصر؟

ج- بقي هذا الدور 30 سنة غائباً وبقيت مشروعيته في مصر ولم تخرج من هناك.

س- في ظل هذا الوضع العربي وفي ظل هذه المواجهة المفتوحة العربية الفارسية هل يستطيع نجيب ميقاتي تشكيل حكومة؟

ج- أولاً، لا أعتقد انه ينتظر شيء، لأن تكليفه بالأساس أزمة وهو تعبير عن أزمة. ثانيا: صحيح هو يملك أكثرية دستورية، ولكنه لا يملك أكثرية وطنية، دعنا نُفرّق بين الإثنين فنحن لا نناقش بالأكثرية الدستورية، فهو لو كان يملك أكثرية وطنية لم يكن ليواجه هذه الأزمة، وأنا لا أقول ذلك للإنتقاص منه أو للمزايدة عليه، أنا أقول هذه الأزمة التي يواجهها سببها طبيعة التكليف، فمن بقي لم يُكلفه، فالسيد نصرالله شكّل له الحكومة والعماد عون شكّلها مرة واثنين وثلاثة ولاحقا سيصرفه من العمل.

س- لكن هو رافض لهذا الأمر؟

ج- أنا أقول طبيعة التكليف أدت الى هذا النوع من الأزمات، لأنه لو كانت طبيعة التكليف مختلفة لم نكن لنصل الى هذه الأزمات، هذا ما أحاول أن أقوله، وبالتالي المعروض عليه الآن وعلى رئيس الجمهورية أيضاً إلغاء الرئاستين وتشكيل حكومة مواجهة. وبرأيي لا هو ولا غيره ولا من يدعوه قادر على القيام بهذا العمل لا الآن ولا غداً ولا بعد غد.

س- لماذا هل ترى تعطيلاً لدور رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية؟

ج- هل تشك في أن هناك انقسام عامودي في البلد؟.

س- كلا؟

ج- إذاً عندما تأتي لتقول انك تريد تشكيل حكومة مواجهة أمام هذا الإنقسام العامودي تكون بذلك تقوم بعملية انتحار سياسي .

س- لكنه لا يريد تشكيل حكومة مواجهة؟

ج- أنا لا أتحدث عما سيفعله هو، أنا أتحدث عما هو معروض عليه وما هو مُشترط عليه، وما هو مسموح له، وما هو مطلوب منه أن يشكّل حكومة مواجهة يُلغي فيها نفسه ويُلغي رئيس الجمهورية، والدليل ان كل هذا النقاش يدور حول العُرف ما إذا كان رئيس الجمهورية يستطيع تسمية وزيرين أمنيين باعتبار ان الأمن لكل اللبنانيين وليس لحزب من الأحزاب، وكانت النتيجة انهم لم يستطيعوا الوصول الى نتيجة. فكفى الحديث عن الأمور وكأنها مختلفة. الشيء الوحيد الآن هو أزمة اقتصادية جدّية وتوجد أزمة أمنية جدّية وأزمة بالمخالفات التي شاهدناها جدّية، وهناك أزمة بالبنزين وأسعاره. فكل هذه الأزمات تفترض وجود حكومة من الإختصاصيين.

س- تعني تكنوقراط؟

ج- ربما ينزعجون الآن من التسمّية، دعنا نقول اختصاصيين تهتم بأمور الناس وليجلس السياسيون على الطاولة لمناقشة هذه المسائل الكبرى.

للمناسبة أنا قرأت اليوم في “النهار” دراسة جدّية حول موضوع الصندوق المستقل للمحروقات، وأنا أعتقد على الأقل انه على المواطنين معاقبة كل مسؤولي الدولة عبر إلزامهم بوضع حد لسعر النفط، بصرف النظر عن وضع الميزانية لكي تستطيع أي حكومة حلّ مشكلة النقل العام بشكل جدّي، استيراد السيارات بشكل جدّي واحترام قانون السير.

س- شيء جميل انكم تتحدثون عن أمور تهم الناس، هل أنت تصوّت على حكومة اختصاصيين لكي لا نقول تكنوقراط؟

ج- على الاقل أدافع عن الأمر بجدّية وبحدّة داخل كتلة “المستقبل”.

س- هل يقبل ذلك سعد الحريري؟

ج- دعنا نحاول.

س- ربما يخاف نجيب ميقاتي من أن تعطوه حكومة تكنوقراط وتعطوه الثقة لأنكم بذلك تكونوا تُورّطوه؟

ج- بالعكس، نحن لا نورّطه أنأ أقول هذا رأيي الشخصي وهذا الأمر لم يُناقش في الكتلة ولم أناقشه مع الرئيس الحريري.

س- لكن الرئيس السنيورة سوّق هذه الفكرة؟

ج- هناك انقسام عامودي في البلد وحكومة المواجهة هي إعلان انتحار سياسي بكل المعنيين خارج الحكومة وداخل الحكومة، فمن قال ان هذا الإنتحار يطال جمهور “حزب الله” ولا يطال جمهور “المستقبل” أو جمهور “القوات” أو الجمهور العوني.

س- ما دمت تتحدث عن هموم الناس، للمناسبة من ضمن الملفات المؤسسات التي تعمل في سبيل الناس هناك أكثر من 30 مؤسسة خيرية واجتماعية معرّضة للإقفال من ضمنها جمعيات راهبات الصليب وآخرها كفاءات، بسبب تأخر الدولة عن دفع المستحقات والمساعدات الشهرية منذ أكثر من عشرة أشهر؟

ج- أستطيع الآن أن أسمّي ثلاث أو أربع مؤسسات إسلامية أيضاً بسبب تأخر أكثر من دولة عن تنفيذ وعودها.

س- من بينها المقاصد التي أعرف كم تعني لك؟

ج- بالتأكيد من بينها المقاصد، هذاالرمز من رموز الإعتدال والجدّية، وللحقيقة رئيسها الحالي الأستاذ داعوق دائماً يثبت أكثر من جدّية في هذا المجال وهذه واحدة من سيرة طويلة عريضة.

غانم- على كل حال الجمعيات التي ذكرتها طبعاً راهبات الصليب وكفاءات تعمل لكل الطوائف.

س- ننتظر تشكيل الحكومة ونحن نرى عدد المؤسسات والجمعيات التي تضررت وأيضا عندما نقرأ الخلاف الحاصل حول موضوع مجلس الضمان الإجتماعي وقبول الهبة الدولية، نلاحظ كم من ملف ينتظرنا؟

ج- ولا خيار سوى العودة لتأكيد دور الدولة، ولا أحد يستطيع الإجابة على هذه الأسئلة، ولا أحد يستطيع حل المشاكل، كل هذه المحاولات التي تجري فاشلة، فاشلة، فاشلة.

بعد تقرير حول لقاء بكركي لأقطاب الموارنة الأربعة

س- ما هي قراءتك للقاء بكركي؟

ج- دعني أبدأ من الأول، نحن على وعينا السياسي، يعني أنت وأنا تعوّدنا على اسلوب البطريرك صفير لمدة 25 سنة، وبالتالي يلزمنا بعض الوقت الآن لكي نعتاد على أسلوب البطريرك الجديد.

س- هل تقصد انه لقاء فولكلوري؟

ج- أبداً، ولكن أعتقد ان البطريرك الراعي له أسلوبه الخاص، وهو يعرف أن هذا الإجتماع لا يُغيّر شيء في العمق السياسي، ولكن بالتأكيد يؤثر بمعنى إمكانية كسر الجليد، هذا جزء من تاريخ لبنان. كل ما جاء في التقرير الأخير والكلام عن الحروب هو أمر موجع، وكله جزء من تاريخ لبنان وليس فقط من تاريخ المسيحيين، وبالتالي عملياً هذه خطوة بالتأكيد جيدة ومُباركة، ولكن هل هي تغيير في العمق السياسي؟ هذا الأمر يلزمه بعض الوقت لكي يتوضح.

س- كان لافتاً الخبر وكان مهماً وجودك في الفاتيكان ممثل للرئيس سعد الحريري، وكان الأستاذ احمد الحريري موجوداً كممثل لـ”تيار المستقبل” ولكن لماذا لم تُصافح البابا كما قرأنا في الصحف؟

ج- بسبب إشكال بروتوكولي لا قيمة له، المهم اننا قابلنا البطريرك وتحدثت معه طويلاً، وكما قلت أسلوبه الجديد طازج، وبالتالي يستلزم بعض الوقت لكي تعتاد على هذا الموقع بهذه الحركة السريعة.

س- أول من أمس قال الرئيس بري انه يتوقع تشكيل الحكومة في الأسبوع الذي يلي عيد الفصح، هل توافقه الرأي؟

ج- أنا أحب أن أوافق الرئيس بري في كل ما يقوله، ولكن أعتقد انه لا يوجد أي تغيير سياسي يُبرّر هذا الإنتظار.

س- ما هو المعطى؟

ج- المعطيات التي أعرفها أو التي أقرأها ان شكل الحكومة المعروض فيه تعبير أكثر وأكثر عن أزمة التكليف، تعبير عن حكومة تزيد الإنقسام السياسي بدل معالجته.

بالعودة الى حاجات الناس وشؤونهم، السير والبنزين والمعاملات، بصراحة أنا بعد تجربتي القصيرة هذه اكتشفت انه لا توجد أزمة لها حل بقرار شعبي، كل هذه الأزمات لا يمكن حلّها إلا بقرارات غير شعبية.

س- كيف يعني؟

ج- قرارات غير شعبية، طبعاً سعر البنزين واننا سننتظر بعد عشر سنوات لحل مشكلة النقل العام. لقد تسلّمت منذ أيام كتاب من السيدة زينة قاسم التي قابلتها عندك في الأستديو، والمتعلق بقانون السير والذي لم يُقر حتى الآن لسبب أو لآخر في مكان أو في لجنة.

س- لكن على مجلس النواب أن يجتمع أو أن تجتمع اللجان؟

ج- صحيح، ولكن ما أقصده ان هذه كلها قرارات غير شعبية تحتاج الى قرارات شكلها المبدئي فيه ظلم للناس ولكن حقيقتها فيها عدالة للناس، وهذا الأمر يستوجب شجاعة وتستوجب أشخاص غير مرشحين للانتخابات لأخذ قرارات من هذا النوع، لأن الأشخاص المرشحين على الإنتخابات لا تأخذ هذه القرارات أياً كان الشخص، وبالتالي الأزمة تكبر وتكبر.

س- يعني ان الحكومة المقبلة أكثرية أعضاءها مرشحين للانتخابات ولن تستطيع أخذ قرارات غير شعبية؟

ج- ولا الذين سبقوهم استطاعوا ذلك.

س- عل كل حال، واضح ان تشكيل هذه الحكومة هو انتخابات جبيل وكسروان لأنه للأسف الأمور ذاهبة في طريقة تشكيل هذه الحكومة صراع من أجل كيف ستكون انتخابات كسروان وجبيل؟

ج- أنا قلت أكثر من مرة، أنا لا أعتقد بإمكانية أحد في لبنان أياً كان تشكيل حكومة مواجهة أياً كان.

س- هل تعتقد ان الرئيس ميقاتي ممكن يعتذر عن تشكيل الحكومة؟

ج- ربما يكون لسبب إقليمي وليس لسبب يتعلق به، فقط أعتقد ان تكليفه إقليمي وبالتالي إعتذاره إعتذار إقليمي.

س- إقليمي بوجه مَن فإذا اعتذر يكون يعتذر بوجه بشار الأسد مثلا؟

ج- طبعا، ودعنا نقولها بصراحة هذه هي الحقيقة، فلماذا اللف والدوران، فالمفهوم ان الراعي الإقليمي لتسميته هو القيادة السورية، وبالتالي عندما يعتذر يكون ذلك بوجه هذا الراعي.

س- لماذا لم تتدخل القيادة السورية حتى الآن لتشكيل الحكومة ما دام كل حلفائها من لون واحد؟

ج- أعتقد انهم لا يرغبون في الدخول في التفاصيل ولا ظرفهم ولا وقتهم يسمح، ومن الظلم لهم مراجعتهم بأمور من هذا النوع. يجب أن يفهم الجميع ان التغيير في المنطقة كبير، لدرجة ان كل واحد من الذين يتعاطون الشأن العام لا يأخذ هذا التغيير بعين الإعتبار، يكون قد وصل الى الإنتحار السياسي، أقول ذلك للمرة الثالثة، الذي لم أقبله للرئيس سعد الحريري لا أريده للرئيس نجيب ميقاتي.

س- الإصلاح في سوريا سيكون تحت المجهر، هل تعتقد ان بشار الأسد سيدفع بالبلد الى حكومة من لون واحد؟

ج- لا أعتقد انه يُفكّر بهذا الهم ولا أعتقد عنده هذا الإهتمام وهذه الرغبة.

س- إذاً الرئيس ميقاتي أمامه هامش لتشكيل حكومة يرتاح فيها؟

ج- المهم ان يرتاح هو أم يرتاح البلد، لا توجد حكومة مواجهة تريح البلد.

س- هل تعتقد ان “حزب الله” يمكن أن يضغط على الجنرال عون لتليين مواقفه؟

ج- أنا أعتقد ان هذه تفاصيل صغيرة في عملية كبرى، الأسلوب التقليدي بمعالجة الأزمات بمواكبة المتغيرات يشبه إنسان عنده سرطان وتعطيه البنادول، يعني إذا ضغط فلان على فلان أو ان رضي فلان وغضب فلان هذا كله دليل عدم اهتمام بحاجات الناس، وبإمكانية تلبيتها من خلال حكومة معنية فعلاً بهموم الناس وليست معنية بالإنتخابات، وبالتالي لا يمكن إقناعي بأن تحويل الحكومة الى حلبة مصارعة انتخابية مثلما كانت الحكومة السابقة، حلبة مصارعة بوجه سياسة الحريري لا يمكن إقناعي بأن هذا العمل يمكن أن يصلح.

س- هل يمكن أن يعود سعد الحريري الى رئاسة الحكومة نتيجة اتفاق سوري-سعودي جديد؟

ج- أنا أعتقد انه لا يرغب في ذلك، ولكن اتفاق سوري-سعودي يعني اننا قطعنا شوطاً كبيراًُ من المخاطر، وعندها يكون البلد في أمان أكثر وتصبح عندها مسألة تسمّية رئيس الحكومة تفصيل.

س- يعني نحن اليوم ضمن المخاطر.

ج- مخاطر أكثر بكثير من الظاهر بسبب الوضع المحيط بنا.

س- هل المخاطر قائمة على مواجهة سورية-سعودية غير مُعلنة؟

ج- لا توجد مواجهة سورية- سعودية، وكل طرف عنده اهتمام بإقليمه، وبالتالي علينا أن لا نطلب من الآخرين مساعدتنا، في وقت نعجز عن تحقيق أبسط إجابات على أصعب الأسئلة.

س- ماذا لو كان الرئيس ميقاتي ينتظر اتفاق تسوية سعودي-سوري لتشكيل الحكومة؟

ج- سوف ندعو له الى الله، ما المشكلة. ولكن لا أعرف ما إذا كان حجم الأزمات في البلد يمكن أن ينتظر.

س- إنطلاقا من هنا أنت تنعي إمكانية تشكيل حكومة قريباً؟

ج_ أنا حدّدت في كلامي ماهو المُتاح، فهناك خياران أو ثلاثة خيارات:

1- خيار الإعتذار وهذا غير وارد لأسباب إقليمية.

2- خيار تشكيل حكومة مواجهة وهذا مُخالف لكل طبائع التغيير في المنطقة.

3- حكومة اختصاصيين تحاول الإجابة على بعض أسئلة الناس لتمرير الوقت بهدنة لكي يجلس الساسة ويتحدثوا مع بعضهم، فمن يريد تغيير النظام يقول ذلك ومن يريد جمع السلاح في الدولة يقول ذلك وكفى لف ودوران.

نحن في بلد صغير ممكن له أن يأخذ دوراً كبيراً ويعود وينتعش ويستفيد من كل هذا التغيير الحاصل في العالم العربي، ويكون له دور رائد مرة أخرى بوجه أزمات مصرفية واقتصادية كبرى لا يمكن معالجتها بالسياسة، بل تُعالج بأطباء اختصاصيين.

س- هل صحيح المعلومات التي تقول ان السفير السعودي حاول تسويق حكومة تكنوقراط؟

ج- أنا لم أسمعه يتحدث عن هذا الأمر.

س- يُقال ان السفير السعودي طرح الفكرة على بعض الشخصيات اللبنانية التي التقاها؟

ج- أنا لم أسمع السفير يتحدث عن هذا الموضوع، ولأول مرة أسمع منك هذا الكلام، ولكن أنا قلت ذلك منذ لحظة تكليف الرئيس ميقاتي.

س- لكن الواضح ان الرئيس ميقاتي في صعود سنياً اليوم وبعدما قلت حضرتك انه تسلل الى دار الفتوى، اليوم نرى دار الفتوى في حالة إجماع حول الرئيس ميقاتي؟

ج- أنا لا أعتقد ان ما حصل كان إجماعاً ولا زلت عند رأيي، ان ما حدث هو تسلّل لأنه لم يشاورهم بالتكليف لكي يشاورهم بالتأليف.

س- لكن الواضح في بيان المجلس الشرعي الأسبوع الماضي كان هناك التفاف كبير حول الرئيس ميقاتي ، ويُحكى ان الرئيس السنيورة انزعج من ذلك؟

ج- هذا رأيي وللمرة الثانية أقوله على التلفزيون، وهم لهم رأيهم، وسنرى الناس مع مَن ستكون.

س- هل لديك خشية من استمرار ملف البنك اللبناني الكندي أكثر فأكثر في تداعياته؟

ج- ما ورد في موضوع البنك اللبناني الكندي من وقائع، هو وقائع فعلية، ولكن توقيت إخراجه ووضعه على الطاولة بالتأكيد توقيت سياسي، وهذه إشارة انه يجب أن ننتبه بأن هناك مواجهة، وعلينا أن نرى كيف “نوزن أحمالنا” وكم نستطيع أن نواجه وكيف سنواجه فيها.

س- يعني ضغط سياسي أنتم وراءه؟

ج- قلت التوقيت ولم أقل الضغط، التوقيت هذا كلام عندما تقرأه تجد ان كل الكلام الذي يُقال اليوم غائب منذ سنة أو سنتين، وبالتالي لماذا بعد سنتين فجأة ظهر هذا الكلام، هذا بتوقيت، إذاً أنت يجب أن “توزن أحمالك” لأن لا أحد بيته من حجار، كلنا بيوتنا من زجاج، وعلى كل واحد منا أن يوزن أحماله جيداً لنرى الى أين سنصل.

س- الرئيس ميقاتي في لندن نقول له مبروك على الأحفاد، ان شاء الله انه لم يسمعك الآن حيث أرعبته بأحماله؟

ج- ان شاء الله يكون دائما بخير هو وأولاده وأحفاده وكل عائلته خاصة طه.