“كلام الناس” – الحريري أم الظواهري؟

مقابلات تلفزيونية 19 يوليو 2007 0

مع نهاد المشنوق والاستاذان جمال خاشقجي ومحمد حبش

س- اليوم الزيارة اللافتة كانت لأحمدي نجاد الرئيس الإيراني الى العاصمة السورية، وكان له لقاءات بارزة، إضافة الى الرئيس بشار الأسد ، امين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله وقادة الفصائل الفلسطينية في العاصمة السورية، كيف يرى نهاد المشنوق هذه الزيارة توقيتا ومضمونا؟

ج- بالنسبة لزواره، أعتقد انها لقاءات طبيعية وتقليدية تحصل في كل مرة يأتي مسؤول إيراني كبير الى دمشق، وهذا الأمر ليس جديدا لا على السيد نصرالله ولا على القيادات الفلسطينية المعارضة لمنظمة التحرير.

الأمر الثاني : هناك الكثير من اللغط والروايات بعضها جدي، وبعضها غير جدي حول طبيعة العلاقات الإيرانية – السورية، وأعتقد ان المقصود بهذه الزيارة، هو إعادة لحمة العلاقة علنا، بحيث ان الناس يخفّفوا من الروايات حول الخلافات بين سوريا وإيران، والإتفاق على نقاط محدّدة لمواجهة المرحلة المقبلة، سواء في العراق أو في لبنان، أو في فلسطين خاصة، وان هناك تطورات كثيرة حصلت في العراق، من حيث إتساع الدم والتفجيرات ، وفي فلسطين من حيث الإنقلاب الذي قامت به حركة “حماس” في غزة. وفي لبنان من حيث الفراغ السياسي الذي نعيشه وسط حركة فرنسية متشاورة مع الإيرانيين، وحركة أميركية مبدئيا غير موافقة على التشاور الإيراني – الفرنسي.

س- لماذا ظهر الكلام حول مسألة التباين في العلاقة الإيرانية- السورية، وما مرد ذلك؟

ج- أعتقد ان مرد ذلك هو الوضع اللبناني ، لأن السوريين لهم قراءة أو حسابات في لبنان، بطبيعة الجوار والإقتراب من الحرارة، مختلفة عن طريقة التفكير الإيرانية التي تسمّى تقليديا بصناعة السجاد نسبة الى ان صانع السجاد يعمل على مهل، أما سوريا فلها وجهة نظر مختلفة وعلنية.

على كل حال ، الزيارة تمت في نفس اليوم الذي أعلن فيه مندوب سوريا في الأمم المتحدة، انه لا ترسيم للحدود في ما يتعلق بشبعا، إلا بعد تحرير كامل الجولان.

النائب محمد حبش- إذا كان المطلوب هو التعاون مع لجنة التحقيق ، دعونا نسأل السيد سيرج براميرتس الذي هو رئيس اللجنة الدولية المكلّفة بالتحقيق والذي يذكر في كل تقرير وبشكل متكرر ان سوريا تقوم بالتعاون المرضي في ما يتصل بالتحقيقات من أجل معرفة من إغتال الرئيس الحريري. 

أما بالنسبة للفوضى في لبنان، فدعونا نتذكر ان الفوضى في لبنان حصلت، بعد أن خرج السوريون وليس عندما كانوا في لبنان، ودعنا نرى ما يحصل اليوم في مخيم نهر البارد.

الأستاذ المشنوق- بالنسبة للتحقيق عندما يقول سيرج براميرتس ان تعاون سوريا مرضٍ،

أولا: لجنة التحقيق الدولية تعمل بموجب الفصل السابع، ويفترض برئيس اللجنة في كل مرة يعد تقرير، ان يقول ان هناك تعاون مرضٍ، وهوالحد الأدنى من التعاون ، لأنه إذا لم يذكر هذه الجملة في تقريره سيكون مضطرا للرجوع الى مجلس الأمن، لكي يقول بأن هذه الدولة أو تلك لم تتعاون.

ثانيا: رغم خروج الجيش السوري، ولكن “ملائكتكم حاضرة” وكنت أتمنى ان لا نفتح هذه الملفات بسرعة، ولكن يبدو انك مستعجل على الأماكن الحارة بالنسبة للإدارة السياسية ، سأعطيك مثل بسيط يحاول الإجابة بالموضوع الأمني، حتى لا ندخل في تفاصيل توصلنا الى مكان خطأ.

بالنسبة لنهر البارد كل الأجهزة الأمنية المعنية الموجودة في لبنان، تقول انه يوجد بين 200 و300 شخص من جنسيات عربية متعددة، ومنهم لبنانيين وفلسطينيين مقيمين في لبنان. من هذه المجموعة كلها 14 شخصا فقط دخلوا عن طريق مطار رفيق الحريري، والباقي كله دخل عبر مسارب التهريب في الحدود اللبنانية- السورية، ومادام هذا الأمر تمّ بالتهريب مع هذه الإمكانيات العسكرية، انا لا أفترض ان هناك مهربين بسطاء على الحدود، على الحدود تستطيع إعطاءهم مبلغ بسيط لكي يهّربوا مئة شخص أو مئة وخمسين من جنسيات عربية ، وأن يتجمعوا في مقر واحد مع مشروع عسكري وأمني كبير منذ شهر شباط 2006 ، أي من حوالى 16 شهرا.

قائد “فتح الإسلام” الذي يقوم بجرائم في مخيم نهر البارد هو ضابط فلسطيني قتل دبلوماسي اميركي في عمان، وهذا أمر مؤكد ومحكوم بالإعدام ، وهرب الى سوريا وسجن في سوريا لمدة سنتين وثمانية أشهر، وأجريت معه مفاوضات خلال وجوده في السجن، وأخرج من السجن وأتى الى لبنان.

أعتقد انه بالتبسيط الممل، كما يُقال، تكتشف ان هناك تسهيلات أعطيت لأشخاص معنيين، سواء قياديين في هذا التنظيم أو الشباب الذين مروا تهريبا لكي يساهموا في تحرير طربلس والشمال من المسلمين، هناك سلطة معينة قادرة أمنية منظمة جدية أعطتهم تسهيلات.

حبش- أولا في ما يتصل بالتحقيق الدولي أقول للأخ نهاد المشنوق “القاضي راضي” وهو قال ان سوريا تتعاون مع لجنة التحقيق، إذا كنا نريد ان ندرس الكلمة بأصولها اللغوية ومفاهيمها الفلسطينية، أنا يكفيني أن اقول لك على الهواء الآن، ان القاضي راضي “وروح دبر حالك”.

أما الآن ، دعنا نتصوّر السيناريو الذي ترسمه أنت وإخوانك، شاكر العبسي كان في سوريا، لكن لم يكن عضو قيادة قطرية ولا وزير ، ولا عضو في مجلس الشعب، كان سجينا ، وعندما خرج من السجن بعد إنتهاء محكومية كانت قد ثبتت عليه بعض الجرائم، ولم تثبت عليه الجرائم الأخرى.

المشنوق- أرجوك يا دكتور كلّمنا على قد عقلنا، هذا كلام ليس دقيقا وفيه مخالفة لأبسط قواعد المنطق.

حبش- الآن تقول يا أخ نهاد ان هناك 300 شخص و14 وصلوا عن طريق مطار رفيق الحريري، والباقي دخل عن طريق الحدود السورية.

الآن دعنا نتصوّر السيناريو كما يرسمه الأخ نهاد المشنوق، كان رئيس هذا التنظيم كما تقول مسجونا في سوريا، وهذا التنظيم يقول بشكل واضح، يُكفر كل الدول العلمانية وكل الأنظمة العلمانية ، ويؤمن بردّة المجتمع ويطالب بتحطيم كل هذه الأنظمة. هذا الرجل خرج من السجن وصل الى لبنان، وللأسف هكذا يراد التصوير، بأن سوريا إكتشفت هذه الإنسان المعجزة وزودّته بالمال، وقال له عليك أن تذهب لإحراق لبنان.

هل تعلم ان الجيش السوري قتل شقيق شاكر العبسي في إشتباك وقع على الحدود في المصنع ، فكيف يتفقوا معه وفي نفس الوقت يقتلون شقيقه؟ كيف يمكن أن يصدّق الإنسان هذا السنياريو “ألم يوجعك عقلك؟.

المشنوق- عقلي يوجعني من كلامك، وهل تعتقد ان عقلنا بسيط ، جاوبني على سؤال واحد، كيف خرج من السجن فقط؟ والباقي كله أوافقك فيه.

حبش- إذا كان إنسان سُجن سنتين وثمانية أشهر وفق جرائم محدّدة كان قد إرتكبها ولم تثبت عليه بقية الجرائم، إذا خرج من السجن كان على الأخوة اللبنانيين أن ينتبهوا ان هذا الرجل ملطخ عدليا، وكان عليهم أن ينتبهوا ان سوريا أرسلت أكثر من إشارة الى ان هذا إنسان خطير عندما تم إعتقال ابوخالد العملة، وتم فصل من منظمة “فتح -الإنتفاضة” كانت هذه رسالة يجب ان يتلقاها الأخوة اللبنانيون، بأن هذا رجل خطير، ولو عاد الى سوريا مكانه هو السجن . وللأسف بعض الأخوة اللبنانيين نظروا اليه على إنه من أبطال الحرية ومن خريجي سجون القمع السورية، ومن خريجي سجون المخابرات السورية، ودُعم هذا الإنسان وتجمع في مخيم نهر البارد وأقاموا عندك القواعد، وما دام تملك القوائم والأسماء ، كيف دخلوا الى لبنان؟

المشنوق- بسبب دقّة المعلومات التي تملكها، هي التي أوصلت المعلومات التي أملكها. أولا: أنا لم أقل أنني أملك أسماء.

ثانيا: أنا قلت لم يدخل أي شخص من هؤلاء بطريقة رسمية ، ان هناك دول ينتسب اليها هؤلاء الناس ، ويعرف من جوازات سفرهم إذا كانوا دخلوا عن طريق المطار وبشكل رسمي أم دخلوا بشكل غير رسمي. أنا لا أملك تقارير أمنية ، أنا أتكلم عن رواية منطقية تقول 1- 2- 3 .

غانم- نهاد المشنوق كتبت عدّة مرات عن تقدّم المشروع الإيراني في المنطقة، وتراجع المشروع الأميركي، إنطلاقا من هنا، وبعد لقاءات أحمدي نجاد في سوريا ، هل أصبحت طهران أقرب الى دمشق من الرياض؟

ج- دعنا نقول الأمور بصراحة محدّدة وواضحة، هناك صراع بين مشروعين في المنطقة قبل أن اقول صراع إيراني- اميركي، هناك تحالف سياسي سوري- إيراني مع تنظيمات فلسطينية ولبنانية جهادية ، ولكن ليس تكفيرية، جهادية بالمعنى الإيجابي للموضوع ، وهناك في مقابل ذلك نظرة عربية أخرى مختلفة تماما بمسألة السلام في الشرق الأوسط.

الحلف الأول يقول بأن الصراع في الشرق الأوسط مفتوحا، ولا بد من المقاومة مباشرة بالعمل العسكري، وقد وقف الرئيس الأسد في حملته الإنتخابية الرئاسية في دير الزور، وحيا المقاومة في العراق، والمقاومة في لبنان، والمقاومة في فلسطين، بمعنى إنه حدّد المجموعات السياسية المتحالف معها.

هناك مجموعة أخرى عربية تشكّل ما يسمى الرباعية العربية: السعودية، مصر، الأردن والإمارات، ومعها عدد كبير من الدول العربية تقول بأن النزاع العربي- الإسرائيلي يقوم حله عن طريق المبادرة العربية للسلام التي أقرّت للمرة الثانية في قمة الرياض العربية، وبالتالي هناك وجهتي نظر مختلفتين حول كيفية التعاطي في موضوع النزاع العربي- الإسرائيلي وهذين وجهتي النظر متضاربتين في كل مكان في لبنان وفي فلسطين وفي العراق.

ما سمعته أنا ما جاء في البيان المشترك الإيراني- السوري عن موضوع لبنان يوحي بأن الباب مفتوحا أكثر لعمل سياسي هادىء، ولكن مع إستمرار العمل العسكري للمقاومة.

س- كيف هذا وقد جاء في البيان: دعم مقاومة الشعب اللبناني ضد الإعتداءات الإسرائيلية، وصولا الى إستعادة ما تبقى من أراضيه المحتلة، ودعم المقاومة اللبنانية؟

ج- كيف سنسترد ما تبقى من أراضي محتلة؟ إذا كان المندوب السوري في الأمم المتحدة يقول بأنه لا ترسيم للحدود في مزارع شبعا اللبنانية قبل تحرير الجولان، وبالتالي أصبح هناك ربط نزاع نهائي مُعلن من تحرير الجولان، وبين تحرير ما تبقى من الأرض اللبنانية.

س- هذا المنطق السوري السائد منذ زمن؟

ج- أبدا، لم يكن ابدا بهذه العلنية، ولا مرة السوريين قالوا الى حين تحرير الجولان ولأول مرة المندوب السوري في الأمم المتحدة، يعلن ذلك ويعلنه مشكورا لأني أعتقد ان الصراحة أفضل من الدوران حول مواضيع، وإعطائها مبررات وأسباب أخرى.

هذا الكلام المتعلق بالجولان وبترسيم مزارع شبعا هو أيضا جزء من النزاع وليس جزءا من التسوية، هو جزء من الصراع، والصراع مستمر لم يتوقف ، ولا أعتقد انه سيتوقف في وقت قريب، وهذه معركة مفتوحة، ونحن ندور حولها وحول تفاصيلها، أكان اسمه مخيم نهر البارد أو نهر الحار، ليش هذا هو الموضوع. فالموضوع الأساسي ان هناك نزاعا أو صراعا بين وجهتي نظر تتعلق بالسلام في المنطقة، واحدة تقول بالصراع المباشر ودعم المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين، وواحدة تقول بالمبادرة العربية للسلام والمفاوضات السلمية وإنتظارها الى أبد الأبدين.

س- كيف قرأت كلام بشار الأسد أول امس حول موضوع السلام، وحول موضوع المفاوضات التي يقوم بها طرف ثالث ، ما مدى جدية هذه الأمور؟

ج- أنا قرأت في كلام الرئيس الأسد نقطتين أساسيتين:

الأول: انه مستمر في الصراع وهذا الموقف لن يغيّره الرئيس الأسد.

الثاني: الجانب المتعلق بالمفاوضات، فهذا كلام بدأ منذ تموز الماضي سواءا كان ابراهيم سليمان مكلّفا أو غير مكلّف، ولكن العلني في الموضوع انه مكلّف، فمنذ سنة حتى الآن، هناك مفاوضات غير مباشرة إسرائيلية- سورية.

بتقديري الشخصي، الرئيس الأسد أو القيادة السياسية في سوريا، تعلم ان هذه المفاوضات لن تؤدي الى أي نتيجة، لأنه معروف ان هذه المفاوضات مع الأميركيين، وليس مع الإسرائيليين، لأن الإسرائيليين لا يستطيعون التقدّم فيها.

س- هل لتخفيف الضغط عن سوريا؟

ج- ليس للتخفيف من الضغوط بل لإعطاء إنطباع في الخارج، وخاصة عند اليهود الأميركيين، وعند الأوروبيين، وعند كل الناس المعنيين، بما يمكن أن يسمّى وسائل ضغط سياسية على الإدارة الأميركية بأن سوريا راغبة بالسلام، وان أميركا هي التي تعرقّل ذلك، وبالتالي هذا يخفف كثيرا، وأثبت حتى الآن انه يخفف الكثير من حدّة الكلام حول مسألة ضرورة التعامل عسكريا مع سوريا، بصرف النظر عن إمكانية نجاح هذا التعاون أو عدمه.

س- هناك عامل وقت وعامل إنتظار، البعض في لبنان والمنطقة يراهن على تقدّم مشروع على آخر، البعض يراهن على ضربة أميركية محتملة لإيران، تعيد خلط الاوراق أو تُدخل سوريا في مواجهة ايضا مع إسرائيل، هل هذه الحرب ستكون هي العنصر الذي يعيد خلط الأوراق ويحسمها بشكل نهائي؟

ج- أنا من الذين يقرأون ان هذا الصراع لا يمكن ان ينتهي إلا بحرب، وليس بالضرورة أن تكون هذه الحرب ناجحة، لأن هذا المشروع يريد السيطرة على أهم أمرين أساسيين في المنطقة العربية:

1- مسألة منابع النفط بمعنى السيطرة المعنوية على منابع النفط، لأن إعلان إيران دولة إقليمية كبرى في المنطقة، وقادرة على أن تنتصر على المشروع الأميركي ، فهذا بطبيعة الحال بدون أي جهد إضافي يجعلها في موقع المقرر في منطقة منابع النفط.

2- إن إيران تستطيع التأثير أو الضغط بمسألة الأمن الإسرائيلي، بمعنى ان تحالفها مع سوريا ، وتحالفاتها مع “حزب الله” في لبنان الجالسان على الحدود الإسرائيلية، وبالتالي تستطيع إيران من خلالها التأثير والضغط على إسرائيل. هذان الأمران انا لا أعتقد أو أصدّق بالقراءة الإقتصادية، انه يتم التوافق عليهما سلما، فلا الولايات المتحدة ولا الدول المعنية بمنابع النفط بما فيها قطر حليفة سوريا وصديقة إيران، ولا الأوروبيين ولا أي جهة في العالم، تقبل ان الأمرين الرئيسيين في منطقة الشرق الأوسط يكونان تحت سيطرة مشروع، يعتبران العمل العسكري المباشر هو وسيلة من وسائل تحقيق أهدافه.

حبش- أنا إستمعت الى قراءة الاستاذ نهاد المشنوق، وهي قراءة واقعية يبدو فيها شيء من التشاؤم ، ولكنها واقعة وهذا هوشكل الشرق الأوسط.

ولكن أنا سمعت الأستاذ جمال خاشقجي وأنا أشعر بالحيرة عندما نتحدث بهذه الطريقة ، فمن الذين قتل الرئيس الحريري؟ ومن الذي يفرح بكارثة مثل هذه، ولكن دعونا بعد سنتين ونصف، من المتضرر الأكبر من هذه الجرائم التي حصلت في لبنان، ومن المستفيد الأكبر؟ لماذا لا نطرح المسائل في إطار المنتفع والمستفيد ، ودعونا نكون متفقين. حتى الآن يقول لنا الأخوة السعوديون إبحثوا عن قاتل الحريري وبعدها تعالوا لنتصالح. هل نحن الطرف المُدان في هذه المسألة ، ان الذي يمارس القتل منذ 30 عاما في لبنان بدون توقف معروف وتحميه دول كبرى، وهو يأتي ويضرب ويقول أنا قتلت، وانا ذبحت وأنا دمرت ولا يحاسبه أحد.

المشنوق: يا استاذ محمد، أنت الآن تّدخل الإجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، وتحسب الشهداء وتضيفهم الى مسألة سياسية معقدة.

أولا : أنت تعرف وكل الناس تعرف في سوريا ولبنان والأردن والسعودية ومصر ان الإتهام السياسي هو إتهام لسوريا، وليس لأي طرف آخر.

حبش: يا استاذ نهاد نصف الشعب اللبناني يعارضك.

المشنوق: نصف الشعب اللبناني الذي تعتبره المعارضة يسود عندها ايضا هذا الأمر، ولكن المعارضة لها موقف سياسي وليس جنائيا.

لماذا ندخل في هذا الموضوع، ما دام تقرير لجنة التحقيق الدولية سيصدر نهاية السنة ، وسيتضمن الأسماء والجهات والسجلات ، فعمليا لماذا تبحث عن التقرير قبل أن يصدر.

هناك مشكلة سياسية عنوانها إغتيال الرئيس الحريري، وليست مشكلة أمنية أو جنائية عنوانها من قتل الرئيس الحريري؟ الجواب الحاسم في هذه المسألة سيكون عند القاضي سيرج براميرتس في رأس السنة ان شاء الله.

س- لماذا ذهب كوسران الى دمشق؟

ج- ليس غريبا ان يذهب الى دمشق ، ولكن الغريب ان يعتقد انه يستطيع أخذ شيء من الشام، ولا يستطيع الحصول على جهود سورية لها علاقة بالوضع اللبناني.

س- هل يعني ذلك ان حل الأزمة في دمشق أو طهران أم في بيروت؟

ج- حل الأزمة الى حد كبير في لبنان، والى حد أقل طبعا في دمشق، من خلال علاقته مع دمشق، والكل يعرف انه بدون علاقات لبنانية – سورية طبيعية لا يمكن للبنان أن يرتاح ، لذلك لا يجب ان نبالغ ونكبّر الموضوع.

لكن أنا أريد أن أسأل: هل نحن باتجاه تسوية للوضع، أم باتجاه إستمرار المواجهة في المنطقة ؟ فإذا كان الإتجاه الأول فمشكلة لبنان محلولة وهذا سيوصل الى الإنتخابات الرئاسية، أما إذا كنا في الإتجاه الثاني كما هو الحال، فأقصى ما تستطيعه كل القوى في المنطقة هو التوصل الى هدنة في لبنان لا أكثر ولا أقل.

س- هدنة من أي حال هل الوضع الحالي أو ماذا؟

ج- لايمكن صيانة الهدنة دون توسيع الحكومة، ولكن لا بد من شروط لتوسيع الحكومة.

س- يقول الدكتور حبش، ان سوريا تشعر بالقلق حيال الكلام عن موضوع القرار 1701 وتهريب الأسلحة، هل هناك إتجاه لتوسيع الـ1701 باتجاه الفصل السابع أو قوات دولية في كل لبنان؟

ج- هذا غير وارد على الإطلاق، ونحن جربنا القوات المتعددة الجنسيات بعد الـ1982 ورأينا نتيجتها، ولا أعتقد ان احدا ينوي تحويل لبنان الى محمية دولية، مخالفا بذلك رغبة عدد كبير من اللبنانيين.

الكلام عن الدور السوري في لبنان، هو كلام ليس إتهاميا هو كلام واقعي ، فالسياسة السورية منذ سنوات تقوم على التعابير القاسية، وعلى إعتبار ان اميركا دولة صغرى وسوريا دولة كبرى، وهذا يؤدي الى الخلل في النظرة السياسية، وهذا الخلل يؤدي الى مزيد من المشاكل ، وهذ الخلل يؤدي الى تهريب السلاح وإفتعال الإشتباكات.

السوريون يتصرّفون ان هناك نظاما معاديا لهم في لبنان، يجب إقتلاعه من الداخل والخارج وهم يحاولون ذلك بكل الوسائل.

أنا أقول منذ 30 شهرا حتى اليوم، أو منذ ثلاث سنوات حتى اليوم، هناك أزمة كبرى في العلاقات اللبنانية- السورية.

س- لماذا كتبت عن ضروة تسوية تاريخية في العلاقات اللبنانية – السورية؟

ج- لأنه لا يوجد أي حل آخر، ولكن الآن برأيي الجو غير مناسب لأن السوريين غير مستعدين لتسوية الآن، لا بالوضع اللبناني ولا بالوضع العراقي ولا بالوضع الفلسطيني.

س- هناك جو أيضا ان اللبنانيين غير مستعدين، والبعض منهم عنده اجندة ثانية حيال النظام السوري؟

ج- مهما كبر اللبنانيون هم أفراد وليسوا دول، ولكن سوريا دولة مركزية تعتقد ان هذا النظام المعادي لها الموجود في لبنان يجب إقتلاعه، واليوم عطّلوا آخر مجال سلمي لإنهاء موضوع الأراضي المحتلة في لبنان، عندما قال نائب وزير الخارجية السوري “عندما يتحرر الجولان ترسّم الحدود في شبعا”.

الموضوع هو ان هناك إستراتيجية سورية واضحة وهناك إندفاع لبناني لا أكثر ولا أقل، كفى تصوير اللبنانيين أو الأكثرية بأنها قادرة على التآمر ولديها قوى تأتمر بأمرها هذا غير صحيح.

س- إذا كنا غير قادرين بهذه الدرجة دعنا نتواضع قليلا؟

ج- الموضوع ليس إننا غير قادرين، بل نحن شعب قرر تغيير وضعه السياسي منذ ثلاث سنوات حتى اليوم، وبالتالي ندافع عن أنفسنا لا أكثر ولا أقل.

س- في محاضرة لك في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية سألت “لمن ولاية التسوية التاريخية للعلاقات اللبنانية-السورية”، لماذا إعتبر ان العنوان الرئيسي للرئيس المقبل حين تسهّل له التسوية الداخلية والخارجية، الوصول هي المصالحة التاريخية بين لبنان وسوريا؟

ج- أنا قصدت القول ان الرئاسة في لبنان دورا وليس شخصا، ففي كل فترة من الفترات عندما نكون بصدد إنتخابات رئاسية يكون هناك شيء في المنطقة وفي لبنان يُساعد او يُهيىء أو يُعيّن أو يُختار حسب الكفاءة والمعرفة والخبرة الرئيس الذي سيصل الى الرئاسة.

واضح ان الأزمة الكبرى التي نعاني منها منذ ثلاث سنوات حتى اليوم، هي أزمة العلاقات اللبنانية- السورية سواء بالأمن أو بالسياسة، أو بترسيم الحدود أو بالعلاقات الدبلوماسية، وترسيم الحدود الحمدلله اليوم ريّحونا منه الى حين تحرير الجولان، فكل هذه الأمور تُشجع على القول ان الرئيس المقبل حين نصل اليه ، ولكن صعب أن نصل إليه.

س- لماذا تنعي الإنتخابات في موعدها في مقالتك؟

ج- أنا أعتقد ان الازمة لا تزال شديدة وحادة الآن، ولا أرى اننا نتجه بسرعة نحو التسوية.

على كل حال، مازال هناك أربعة أشهر حتى إنتهاء مهلة فترة إنتخاب الرئيس في تشرين الثاني، ولكن أعتقد اننا لا نتجه على حلحلة تساعد على إجراء هذه الإنتخابات في موعدها.

س- لمّحت في بعض مقالاتك وكتاباتك، انه قد يكون المدخل الى هذا الحل، والتسوية هو توسيع الحكومة الحالية؟

ج- توسيع الحكومة مسألة أخرى، وأنا أعتقد ان كلام الوزير الصفدي المتعلق بالثلثين لنصاب رئاسة الجمهورية يساعد على توسيع الحكومة، لأنه ينزع نقطة أساسية من الإشتباك السياسي القائم، فعندما ننزع هذه النقطة، هذا يسهّل على سعد الحريري مسألة الهدنة والتسوية لأنه لا يعود مُلزما تجاه كل المرشحين في 14 آذار بأنه يستطيع إختيار الرئيس ، وهو لا يختار واحد منهم، ويسهّل على غيره، وعلى الأستاذ وليد جنبلاط حركتهم السياسية.

س- توسيع حركتهم السياسية باتجاه توسيع الحكومة تعني؟

ج- الى توسيع الحكومة لكي تحقظ الهدنة بالبلد، الى حين حصول تسوية محدودة في المنطقة، تسهّل إنتخاب رئيس جمهورية.

ما أريد أن أقوله رغم ما تعرضنا إليه منذ ثلاث سنوات حتى اليوم ، المهم ان نصون الهدنة عبر توسيع الحكومة، فلا يجوز الوصول الى فراغ في الرئاسة، لا سمح الله بهذه الحكومة، لا يجوز ان تكون حكومة عرجاء ، وقد خرجت منها طائفة كبرى والجزء المسيحي الأكبر خارجها، وتكون قادرة على مواجهة كل ما سيأتي. هذه مسؤولية الجميع.

س- هل الأكثرية جاهزة لهذه المسألة؟

ج- أنا لا أقدر تمثيل الأكثرية بالكلام، ولكن أعتقد انه بالمنطق يجب أن يكونوا وصلوا الى هذه الحدود. لذلك أنا أعتقد ان زيارة وليد بك ووجود سعد الحريري في السعودية، يساعد على هذا المفهوم لأن الخيار الوحيد أمامنا لصيانة هذه الهدنة، حتى حصول إنتخابات رئاسية لا يمكن أن يكون إلا عبر توسيع هذه الحكومة، بتمثيل أطراف رئيسية فيها من المعارضة، وأقصد “حزب الله” وحركة “امل” و”التيار الوطني الحر”.

س- على كل حال تبيّن من لقاءات السفير خوجه المعلنة وغير المعلنة، وطول إقامته في السعودية تدخل في إطار مساعي للوصول الى حل ما؟

ج- أكيد السفير خوجه موجود في كل هذه الإتصالات، وهو يتصل بكل الأطراف. ولكن على كل حال هذا الدور يساعد على هذا المفهوم، فأنا لا أرى ان الفرنسي يستطيع تحقيق تقدّم بدون السعودي، ولا الإيراني بدون السعودي، ولا اللبناني بدون السعودي، لأن السعودي عنده رغبة دائمة بتقريب الناس وإنهاء النزاعات بأقل حد ممكن من الخسائر.

س- أين تلتقي مبادرة عمرو موسى مع الإتصالات السعودية؟

ج- أعتقد ان توقيت مبادرة عمرو موسى لم يكن مناسبا، في الوقت الذي إرتفعت فيه حدّة الصراع السياسي السوري- السعودي، الى أقصى درجة ممكنة.

س- عبر أي مبادرة سيظهر توسيع الحكومة؟

ج- إذا كان هناك أمر سيحصل في هذا الإطار، لا بد انه سيحصل عبر الجامعة العربية، وهو أمر طبيعي، أو سعودي- جامعة عربية.

س- ما هي مواصفات الرئيس المقبل؟

ج- أول المواصفات ان يكون توافقيا بمعنى ان كل القوى السياسية تقبل به. أعود وأقول الرئاسة في لبنان دور وليس شخصا، ولكن أنا لا أرى ان هناك إنتخابات رئاسية على الأقل في المدى المنظور. لذلك أقول ان واجباتنا توسيع الحكومة وصيانة الهدنة.

س- ما هي صحة المعلومات المتداولة في الصالونات السياسية، ان نهاد المشنوق سيكون مرشح اللحظة الأخيرة في إنتخابات بيروت الفرعية؟

ج- أنا ناقشت هذا الموضوع مع شخصين، فقط واحد منهما سيدة عزيزة على عقلي وعلى قلبي وأحترمها وأقدرها، وإلتزمت برأيها ان هذا الأمر غير وارد عندي.

س- معقول ان أي إمراة تؤثر عليك؟

ج- كلا ليست أي إمرأة هي إمرأة سيدة فاضلة، وهي عزيزة على عقلي وعلى قلبي، وكنت أتشاور معها فكان إعتقادها ان لا يتم هذا الأمر. ولكن ما أزعجني انه حتى اليوم لم يترشح أي شخص، مع ان مهلة الترشيح تنتهي غدا، ومن المؤسف انك تشعر وكأن بيروت أصبحت جثة سياسية.

س- لكن إذا قرر سعد الحريري ، سنرى ان هناك من سيترشح؟

ج- سعد الحريري يستطيع أن يقرر، ولكن لا يستطيع الحسم.

س- لماذا؟

ج- لأن طبيعة الدائرة الثانية لناحية الناخبين وطوائفهم وإنتماءاتهم ليست سهلة، ولكن لا بد من أن يترشح احد، وإلا نفقد أهم شيء في حياتنا السياسية.

س- في موضوع علاقتك بسعد الحريري، أو رؤيتك لسعد الحريري، أو تقييمك لأداء سعد الحريري ، كتبت في 12 شباط 2007 “الحريري أم الظواهري” وقد رأينا الإعتداء على قوات الطوارىء في الجنوب، ورأينا ما حصل في نهر البارد؟

ج الظواهري أعلن انه يريد القيام بعمليات ، واعتبر ان القرار 1701 هو سقطة كبرى للبنانيين والمسلمين، وانا عندما كتبت المقال كتبته بفكرة ان سعد الحريري، كان في ذلك الوقت يقوم بجهد صادق من خلال الصلة بالإسلاميين الموجودين في أكثر من منطقة في لبنان ، وكانت غايته أن يحاول تطويق أي إحتمال قبل حدوثه، لكن لم يوفق كثيرا، لأنه عمليا هو ليس تنظيما أمنيا، وبالتالي هو يقوم بجهد فردي، بينما القاعدة وحلفاءها يمثلون دول وأطراف كبيرة. هذا ما دفعني لأن أكتب هذا المقال في وقتها، وأذكر اني دخلت عليه وكان يستقبل مشايخ من الشمال، وكان يناقشهم ويتكلم معهم وكان يبدو من أشكالهم انهم متدينين أكثر من اللازم، فانتبهت لهذا الموضوع، وبعدها جاء تصريح الظواهري.

سعد الحريري كان يحاول القيام ما باستطاعته، وانا أعود وأقول ان ظروفه صعبة جدا ولكن هو يتقدّم، اما ما مدى تقدمه أو مدى تراجعه، أعتقد انه من المبكّر الكلام عن هذا الأمر.

س- وليد جنبلاط طرح هذا الأسبوع عبر “الإنباء”، رفض مقترحات تعديل اتفاق الطائف، حيث قال نحن متمسكون بصيغة المناصفة والمشاركة الخ.. هل هناك مقترحات سرية لإعادة النظر في إتفاق الطائف؟

ج- تبيّن اليوم من كلام غالب ابوزينب ان كل المسلمين من هذ الرأي، وانهم لا يتخلون عن الطائفة ولا عن المناصفة، ولا يتخلون عن آخر مسيحي في البلد، مهما كان إنتماءه السياسي، لأن هذا البلد كما قال رحمه الله، تقي الدين الصلح “طالما هناك جرس كنيسة يقرع فلبنان مازال موجودا”.

س- مازال جرس الكنيسة يقرع، ولكن طرحت في الأسابيع الماضية مسألة أسلمة لبنان؟

ج- إسمح لي، لا أريد ان أدخل في قصة بكركي والمطران وكذا، هذا كلام غير موضوعي وغير واقعي وغير عملي، ولا توجد أي جهة سياسية جدية راغبة بالعمل على هذا الأمر أو الوصول اليه، لأني اعتقد اذا حصل هذا الأمر فإن المسلمين سيرحلون، وليس المسيحيين. ان التنوع في لبنان هو الذي يعطيه الديموقراطية، حتى لو في حدّها الأدنى، وتنوعه هو الذي يعطيه الإستقلال، حتى في حدّه المتوسط، وتنوعه هو الذي يعطيه النجاح، في كل مكان.

لماذا لا ننتبه مدى نجاح اللبنانيين في كل مكان، بينما مع إحترامي لكل العرب الآخرين لا يتمتعون بنفس النجاح، وباعتقادي انه لا بد ان يكون داخل اللبنانيين توليفة سرية تعطيهم هذه القدرة.

س- ما هي هذه التوليفة؟

ج- أكيد جرس الكنيسة أحد عناصرها.