كفى تحويل 7 أيار لـ”كربلاء” سنية، وسوريا ذاهبة إلى تغيير النظام لا إلى الحرب الأهلية

مقابلات مكتوبة 10 مارس 2012 0

أبرز عضو كتلة “المستقبل” النائب نهاد المشنوق النقاط الاربع التي تضمنتها الوثيقة التي أعلنها تيار “المستقبل”، مؤكداً أن “لا أحد يزايد على التيار في موضوع دعم سعي الشعب السوري للتحرر من الظلم”، مشدداً على إنه “يصلي خلف رجل الدين ولكن على رجل الدين السير وراءه في القرارات السياسية” لأنه نائب انتخبه الشعب الى حين إجراء انتخابات أُخرى. وأعتبر “أن وجود السلاح بهذا الشكل يُحدث خللاً دائماً في الدستور وفي الحياة السياسية اللبنانية” وهنا نص الحوار:

• ما هو الجديد الذي قدمته الوثيقة السياسية لتيار”المستقبل” تحت عنوان “الربيع العربي”؟

ـ أهم شيء في هذه الوثيقة، أنها تشكل خريطة طريق لتوجه يتضمن ثوابت محددة، لأن الشائع اليوم في التراشق السياسي الحاد، هو أننا، كمجموعة سياسية، نراهن على سقوط النظام السوري، لإرساء نظام يناسبنا في الداخل. الاّ اننا في هذه الوثيقة قلنا بوضوح، أن النظام السوري “رايح رايح”، أي بصرف النظر عما قد يجري في سوريا، هذه هي مبادئنا وثوابتنا: النقطة الأولى التوقف عن التركيز على مساوئ التغيير الحاصل في العالم العربي، وكأن هذه المساوئ ثابتة ونهائية، يجب أن نعترف بأنها مرحلة إنتقالية، وهي منطلقة تحت عنوان الحرية، وهو هدف يسعى جميع البشر لنيله.

الاستقرار الظالم

• ولكن برزت التيارات الإسلامية وبعضها متشدد كمستفيد أساسي لاسيما في مصر وتونس؟

ـ قد يكون نتج عن هذا التغيير مرحلياً فوز الأخوان المسلمين في مصر، وبروز تيارات سلفية، على حساب نجاح نسبة ضئيلة من الليبراليين في مجلس الشعب المصري، ولكن هذه هي الانتخابات، وهذه المرحلة إنتقالية وليست نهاية المسار، ولا يجب أن نبقى متمسكين بما أُسميه “الإستقرار الظالم”، أي نأكل ونشرب ونعمل وننام ونتزوج وننجب ولكن من غير الضروري أن نملك حرية إبداء الرأي، وآلية للمحاسبة والحد من الفساد. ما كنا نعيشه قائم على مبدأ أن كل ذلك غير ضروري مقابل إستقرار الظلم. هذه مرحلة من حياتنا أنتهت، التغيير حصل وما زلنا نناقش قبول هذا التغيير من عدمه. يجب أن لا ننسى إننا، في كتلة لبنان أولاً، أكبر المجموعات المدنية الليبرالية المنتخبة في المنطقة ، فعلى الأقل أن نكون منسجمين مع هذا التغيير الحاصل وعنوانه الأساسي بصرف النظر عن مصاعب أو مساوئ المرحلة الإنتقالية. يجب أن لا ننسى في أي ظروف كانت تعيش الشعوب التي غيرت أنظمتها الظالمة وعلى مختلف الأصعدة، نحن مع الحرية مهما كانت مصاعب المرحلة الإنتقالية.

«كربلاء سنيّة»

• هذا بالنسبة إلى الخارج، ما هو الجديد الذي حملته الوثيقة للداخل اللبناني؟

ـ إضافة الى النقطة الأولى التي تحدثت عنها سابقاً، تتضمن الوثيقة ثلاث نقاط تحاكي الداخل:

ـ النقطة الأولى هي الموضوع السني ـ الشيعي، فهناك بوادر أزمة كبرى بدأت في العراق، في لبنان تاريخياً لا وجود لأزمات سنية ـ شيعية، ما عدا 7 أيار، وعملية الإستيلاء المسلح على بيروت، وهنا لا يجوز تحويل هذا العدوان “كربلاء” سنية، وفي النتيجة يجب تجاوزه ومخاطبة الآخر، خصوصاً مع عدم وجود تاريخ من النزاع، وأن لا أحد في إمكانه إلغاء خصوصية الآخر، والخصوصية الدينية لا يُبنى عليها لإنشاء الدولة، والإعترف المتبادل بالخصوصيات يسمح بالإلتقاء في مكان عنوانه الدولة اللبنانية.

ـ النقطة الثانية تتعلق بالمسيحيين، ما هي المشكلة الكبرى مع المسيحيين؟ نحن سبق وقمنا بأكبر مقدار ممكن من الإنفتاح والإلتزام، ولكن في الوقت عينه حددنا الاطار الذي لا تجاوز له وهو الدستور والدولة، ولكن بالرضى وبالتفاهم وبالإعتراف وبالتقدير وبالتكريم. وهنا سأكون صريحاً، المسيحيون هم سبب الديموقراطية في البلد، ولولا التنوع اللبناني كنّا بلداً شبيهاً بجيراننا، ديكتاتورية وهيمنة طائفة واحدة وما إلى ذلك. هذه الميزة يجب التمسك بها والتشديد عليها ولكن ليس من خلال إختراع دستور جديد، خصوصاً وأن هناك إستحالة مناقشة دستور في أوقات الأزمات، فمن جهة هناك من يدّعي حنيناً إلى صلاحيات أصبحت من الماضي، وهناك من يملك أربعين أو خمسين ألف صاروخ يريد وضعهم على طاولة المفاوضات. المطلوب اليوم تطبيق الدستور كما هو من خلال تأكيد المناصفة من دون أي جدل، ولا جدوى من الحديث عن ديموغرافيا.

ـ النقطة الثالثة داخلياً، والرابعة في الوثيقة تركزت على سلاح حزب الله، وقاعدة السلاح هو الحوار حول الإستراتيجية الدفاعية ولكن بإيجابية وبعقل منفتح وبمد اليد. وهنا أهمية هذه الوثيقة وهي ورقة ثقافية فكرية، تتجاوز الحدث السوري، مع التأكيد طبعاً، أن رأينا كمجموعة، أن من مصلحة لبنان التغيير في سوريا.

التغيير في سوريا

لماذا هذا التركيز في تصريحات مسؤولي “المستقبل” على ضرورة التغيير في سوريا ؟

ـ لأن لبنان فشل في إرساء علاقات طبيعة بين البلدين، فهناك نظام أمني في سوريا ونظام حافظ على حد أدنى من ديموقراطية وتداول سلمي للسلطة في لبنان. تعاطت سوريا معنا طوال السنوات الماضية وفق قاعدة الكبير ضد الصغير، القوي ضد الضعيف، الظالم ضد المظلوم، المعتدي ضد الضحية، ولا إستقرار ممكناً في لبنان اذا لم تكن العلاقات متوازنة. لا أريد العودة الى الماضي البعيد، خصوصاً أن العلاقات منذ عام 1970 حتى العام 2000 تشبه المثل العربي: “بماذا أريد ان اتذكر السفرجل، كل عضة بغصة”. منذ العام 2000 حتى اليوم، ضُرب النظام الدستوري وفُرض التمديد، وفي السابع من أيار تم فرض “إتفاق الدوحة”، الذي لم ينجح أساساً خصوصاً في ظل بدعة “الثلث المعطل”، وصولاً إلى حكومة الحزب الواحد الموجودة اليوم، وهي حتماً لن تنجح لأنها مخالفة للبنية الأساسية للتركيبة اللبنانية.

• في العودة إلى السلاح هل تعتبرون وجوده من أبرز الإشكاليات التي تعترض قيام الدولة؟

ـ تاريخياً السلاح مر على السُنّة من خلال الفلسطينيين وحمله المسيحيون في الحرب، واليوم يحمله الشيعة، ماذا جنى منه السُنّة والمسيحيون؟ وماذا كانت نتائجه؟ وحتى سلاح المخيمات ماذا حقق منذ ثلاثين عاماً؟ منذ العام 1982 انتج مزيدا من النزاعات والمواجهات حتى بين الفلسطينيين أنفسهم!

سلاح يحدث خللاً

• البعض يعتبر هذا السلاح ضمانا للعودة ومنع التوطين؟

ـ عودة ماذا؟ عودة من؟ العودة قرار سياسي وتفاهم وطني، فلنتكلم بالعقل وليس بالعاطفة ومنطق السلاح كله ماذا حقق في البلد؟ معادلة الشعب والجيش والمقاومة ما هي؟ تتضمن ثلاثة كيانات وهي غير صحيحة، الجيش يأتمر بالسلطة السياسية، ونحن نريد أن تكون المقاومة تحت سلطة الدولة أيضاً، وهي في حاجة الي إجماع وطني لا يتحقق الا من خلال الدولة، والسلاح اليوم يُحدث خللاً كبيراً على المستوى الوطني، أحياناً يظهر في الشارع ولكن وجوده يُحدث خللاً دائماً في الدستور وفي السياسة.

• أنتم تيار “المستقبل” تعتبرون أنفسكم ليبراليين وتمثلون غالبية الشارع السني، ولكن هناك إتهام لكم بأنكم اختزلتم كثيرين وهمشتموهم؟

ـ كيف يتم التعبير عن ذلك خارج الإنتخابات؟ نحن انتخبنا الشعب، لم نختزل أحداً بالسلاح أو بالقوة.

• هناك الاختزال من خلال المال؟

ـ لا أحد يستطيع إيصال ثلاثين نائباً من خلال المال، هذا جمهور رفيق الحريري، جمهور دفع دماء ثمن خياراته السياسية، وهو دفع كثيراً من التضحيات والدماء وليس قابض المال، وهنا لسنا من المجموعات التي تملك المال والسلاح والقدرة على الاعتداء. هذا الجمهور خاض مواجهات مع السوري ومع حزب الله ودفع ثمناً غالياً، والمال لا يستطيع دفع مليون مواطن إلى الشارع، هذا خيار سياسي تم التعبير عنه بعد ظلم كبير وقع لسنوات طويلة من خلال السياسية السورية في لبنان، فعَبّر الجمهور عن حقيقة موقفه وخياراته.

نحن النواب من يُمثّل

• كيف تقوّم بروز تيارات إسلامية في الشارع السني، خصوصاً بعد التظاهرة التي دعا إليها الشيخ أحمد الأسير الأسبوع الماضي، وهل من الممكن ان تؤدي الأزمة السورية الى إعادة رسم التوازنات داخل الساحة السنية؟

ـ هنا سأكون واضحاً وصريحاً، نحن مجموعة ليبرالية مدنية منتخبة، لا نفرض أنفسنا على الناس، ومع احترامي لجميع العلماء الأجلاء، انا أصلي وراءهم ولكن في السياسة هم يسيرون ورائي الى حين إجراء انتخابات أُخرى. لا يقدر أي شيخ او كاهن أو مطران أن يقرر عني طالما أنيّ منتخب، نحن ليست لدينا أي هرمية دينية تقرر عنا أو ما شابه. وطالما أن القاعدة السياسية هي الإنتخاب، نحن النواب المنتخبون من يُمثل. الشيخ أحمد الأسير لديه وجهة نظر في الموضوع السوري عبّر عنها وكانت رسالته الى المسيحيين وطنية بإمتياز… لبنان يتسع ويتحمل، هذا حقه، ولكن لنعود الى الحساب، نحن كمجموعة سياسية تضامنّا مع الثورة السورية منذ الأسبوع الثالث لإنطلاقها منذ نحو عام، هيئة نصرة الشعب السوري عقدت إجتماعها الأول في أول أيار 2011 وحضره أربع نواب من “المستقبل”: خالد الضاهر ومعين المرعبي ومحمد كبارة من الشمال ونهاد المشنوق من بيروت، وذلك قبل أن يلاحظ أحد ما يحصل في سوريا، وهنا نحن لسنا في منافسة مع أحد، ولكن لا أحد يستطيع المزايدة علينا في هذا الموضوع، كائناً من كان، والى أن تُجرى انتخابات أخرى نحن من يمثل ويُقرر.

خيانة وتسلط مسلح

• البعض يعتبر أن تيار المستقبل يخسر شعبياً بسبب خروج الرئيس سعد الحريري من السلطة ووجوده خارج لبنان إضافة إلى الأزمة المالية التي شهدها التيار أخيراً؟

ـ أعتقد أن ذلك لا يؤثر على الشعبية لأنها تأتي من الموقف السياسي وليس من أي شيء آخر لا التنظيم ولا المال. انا لا اعتقد ان هناك مشكلة شعبية، من الممكن أن يكون هناك مشكلة تنظيم بسبب الأزمة المالية التي مرت وتم الآن حل كثير من مشاكلها. اما الخروج من السلطة التنفيذية، فنحن مع التداول السلمي للسلطة. لقد قلت في 25 كانون الثاني، يوم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي ان البلد لا يتحمّل حكومة الحزب الواحد، لا منا ولا من غيرنا، وانا لا افترض ان المطلوب حكومة لـ14 آذار لأنني أعلم ان هذه التجربة لن تعيش. حجم الازمة السياسية في المنطقة وتأثيره على لبنان كبير الى درجة ان أمور الناس ومشاكلهم لا تعالجها إلا حكومة تكنوقراط. كل من يسخر من هذا التعبير مخطئ فهناك كثيرون في هذا البلد أكفاء وليس لديهم اي اتجاه سياسي ملتزم. واعتقد ان تأليف اي حكومة سياسية قبل الانتخابات هو ظلم للناس وكل ما حصل منذ الدوحة وحتى اليوم هو ظلم للناس. ثلاث حكومات كانت ظلما للناس. نحن لم نخرج من السلطة بالتداول السلمي وبالتالي خروج الرئيس الحريري من السلطة التنفيذية هو خروج قسري وهو قال انه يتحمل مسؤوليته لأنه يتحمل مسؤولية قبوله رئاسة الحكومة، وهو عبّر بمسؤولية ولم يحمّل الامور لغيره، ولم يتركها ضائعة بل حمّلها لنفسه. اذاً كانت نتيجة طبيعية بسبب الازمة السياسية وحصلت فيها خيانة وتسلط مسلح..

الكذبة المستمرة

• خيانة من من؟

ـ خيانة للدوحة، أولاً، لأن الإتفاق لا ينص على ذلك، الذي وقّع في الدوحة لم يشرف توقيعه.. ثانياً بالمفهوم اللبناني التقليدي رئيس السلطة التنفيذية يأتي تمثيله عن طريق النواب السنة، هناك غالبية عظمى من النواب السنة لم يسموا الرئيس ميقاتي دون السؤال عما اذا كان انتخابه يستند الى ما اعتمده من سياسة حين قبل التكليف.

ثالثاً الأكثرية انقلبت بالسلاح لا بالدعاء ولا بالصلاة بل بالتهديد، فالنائب جنبلاط قال ان المسدس موضوع في رأسي ..اذاً خروج الرئيس الحريري كان خروجاً مسلحاً من السلطة التنفيذية.. اذاً هناك محاولة كذب وتجاهل مستمرة لحجم الأزمة السياسية الكبرى الاقليمية التي تنعكس داخلياً. وطالما تظل هذه الكذبة مستمرة يبقى الظلم واقعاً على الناس. مهما حاول الرئيس السنيورة في حينه والرئيس الحريري وقتها، ومهما سيحاول الرئيس ميقاتي الآن، لن تكون النتيجة أفضل. هذه الحكومة إما تنفجر من داخلها، إما تنفجر من خارجها. الحتمية التاريخية لهذه الأزمة السياسية تؤدي الى هذه النتيجة.

• لا ترى اذاً أن هذه الحكومة ستستمر حتى الانتخابات النيابية عام 2013؟

ـ كلا ابداً، رأيي أن هذه الحكومة لن تستمر حتى نهاية هذا العام بصرف النظر عما سيحصل في سوريا. هذه حكومة مواجهة، إما مواجهة داخلها او مواجهة خارجها .. وفي الحالتين ليست هذه ما يريده الناس من اي حكومة.

«فزاعة الإسلام السياسي»

• هناك جزء كبير من المسيحيين يمثلهم النائب ميشال عون و”التيار الوطني الحر”. لماذا يرى في تيار “المستقبل” خطراً محدقاً على رغم من كونكم ليبراليين ومعتدلين وهو نفسه يتحدث عن “فزاعة الاسلام السياسي”؟

ـ هو يفتش عن فزاعة يستعملها، بصرف النظر عن الصح أم الخطأ، وفي كل مرة يستعمل فزاعة جديدة. العماد عون وضع خطة أمامه تقول بالانتقام والثأر من رفيق الحريري في قبره..

• لماذا في رأيك؟

ـ تقديري لأنه يعتبر انها الطريقة الوحيدة لايقاظ عصبية مسيحية ضد مسلم استطاع ان يكون ناجحاً في حياته وان يكون أكثر نجاحاً في وفاته ..

• ما مصلحته في ايقاظ عنصرية من هذا النوع؟

ـ لأنه ماذا يفترض أن يقول للناس، على ماذا مبنية زعامته الاّ على هذه العنصرية؟ على ماذا؟

عون يتصارح مع الضريح

• هو يقول انه يعمل على اعادة حقوق المسيحيين؟

ـ أي حقوق؟ ما هي هذه الحقوق؟ والى ماذا تستند؟ يجب ان تكون هناك أسباب موجبة. من قال ان المسيحيين منتقصة حقوقهم؟ هناك جلسة شهيرة حصلت مع البطريرك صفير والمطارنة والرئيس رفيق الحريري والدكتور داوود الصايغ وأنا استمرت سبع ساعات..في هذه الجلسة قال أحد المطارنة أن المناصب المسيحية في الفئة الاولى تذهب وكالةً بعد تقاعد الموظفين الى السُنّة وهذا لا يجوز وما لا نقبله. كان الدكتور حسن شلق- رحمه الله- رئيس مجلس الخدمة المدنية. فخرج الدكتور صايغ واتصل بشلق وطلب منه كل وظائف الفئة الاولى والاسماء والمواقع بالوكالة والشاغرة والاصيلة، فتبين بالورقة والقلم ان الوظائف الوحيدة التي فيها وكالةً هي وظائف السُنّة المتقاعدين والوكالة عنهم للمسيحيين. اذاً هذه أوهام اذا لم يكن هناك شيء دقيق محدد تقوله فلا تبيع الناس أوهاماً وتحمّس الناس على عناوين وهمية غير موجودة. ما هي حقوق المسيحيين؟حقوق المسيحيين هي العيش في دولة مدنية يحكمها الدستور الذي كلنا نعرفه ونعرف بنوده وامكانية تطبيقه ويجب أن نطبقه بكامله لنرى اين مصادر الخلل فنناقشها في مرحلة لاحقة لا وجود فيها لا لأربعين الف صاروخ ولا لتوتر مأزوم مسيحي لا يستند الى قاعدة فعلية. صراحةً، رئاسة الحكومة أخذت كل هذا الوهج الكبير ليس بسبب النص بل بسبب رفيق الحريري. هناك معادلة اقليمية دولية مضافاً إليها “كاريزما” كبيرة اسمها رفيق الحريري عملتا من رئاسة الحكومة اسطورة. اما في الدستور فلها وظائف محددة وعليها واجبات محددة. هي ليست اسطورة، بل حقوق وواجبات… العماد عون يتصارح مع الضريح وليس مع الاحياء.

بين ميقاتي والحريري

• كيف تقوم أداء الرئيس نجيب ميقاتي وهو شخصية سنية لها امتداد في الشارع السني؟ اولم يكن من الافضل ان لا يكون الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة في هذه المرحلة؟

ـ انا لا أقارن بهذه الطريقة. أنا أقارن بالمبدأ. خروج الرئيس الحريري من رئاسة الحكومة الذي لم أكن أريدها له في لحظة من اللحظات هو خروج تم بالقوة المسلحة وبمخالفة علنية وواضحة لاتفاق الدوحة وللمشروعية الوطنية التي نشأت عن هذا الاتفاق. هذا لا يعني أنني أسعى للرئيس الحريري لكي يعود الى رئاسة الحكومة. والرئيس ميقاتي- على رغم من المزايا التي يتمتع بها – جاء نتيجة هذا الانقلاب المسلح، لم يإت نتيجة تداول سلمي وطبيعي للسلطة. لذلك انا لا أستطيع التعامل بايجابية وواقعية مع هذا الامر، لانني شخصياً لا استطيع أن أقر هذا العرف، بصرف النظر عما فعله الرئيس ميقاتي أم لم يفعله. انا بالي ليس مشغولاً بالموظفين السُنّة ولا بتمويل المحكمة وبروتوكولها.. اعتقد ان كفاءة الموظفين السنة تحميهم وليس من السهل إقالة مدعٍ عام او مدير عام قوى أمن. وأعتقد أن المحكمة اصبحت خارج السياق اللبناني وخارج قدرة اي طرف لبناني او اقليمي على تعطيلها، وثبت ذلك بالفعل عندما تدخّل الروس مع الايرانيين وحسموا الامر في موضوع التمويل والبروتوكول. وعندما ذهب وفد نواب حزب الله الى موسكو، قيل لهم هذا الكلام هناك ولم ينتظروا أن يأتي وقت التجديد للمحكمة. الروس أبلغوا الى حزب الله ان موقفهم من المحكمة حاسم ونهائي، وقد نفذوه عبر الايرانيين. أين ذهب كل هذا الجبل من الكلام حول البروتوكول والتمويل؟ لم يعد موجوداً. فلماذا عليّ أن أنسبه الى فضائل الرئيس ميقاتي؟ هذه مسألة مبدئية وليست شخصية، أن تحب أو تكره أو تقبل أو ترفض..ما بني على باطل هو باطل. والرئيس ميقاتي الذي أعرفه لو كان مكاني الآن لاتخذ الموقف نفسه.

الاسد يهدد بالتقسيم

• اذا ذهبت سوريا الى عراق ثانٍ، حرب طويلة، انهيار ملامح الدولة، مجموعات مسلحة لها طابع مذهبي. الا تخشون من تأثير ذلك على لبنان ؟

ـ انا لست مقتنعاً بأن هذا ما قد يحصل في سوريا. اعتقد ان الوطنية السورية اقوى بكثير مما يحكى عنها. الجهة الوحيدة التي هددت بالتقسيم والحرب الاهلية هو من يتسبب بها اي الاسد شخصياً، لا أحد آخر تكلم عن ذلك، يعني أول رئيس دولة يتحدث عن التقسيم وهو يقصف حمص وبقية المناطق. هذا النظام غير قادر على الاصلاح منذ نيسان 2011. هذا النظام اما تأخذه كله او تتخلص منه كله. طبيعته لا تسمح له بالاصلاح. وانا لا اوافق على القول أن سوريا ذاهبة الى حرب أهلية. كلا، هي ذاهبة الى تغيير النظام.
تقول لي ان الاسرائيليين – عن طريق الاميركيين فعلوا بالعراق ما فعلوه، واضح ان هناك دولاً عربية على رأسها المملكة العربية السعودية وقطر- وعلى عكس ما يقوله البعض- تتصرف بمسؤولية كبرى في اتجاه الحفاظ على وحدة سوريا وتغيير النظام بطبائعه الامنية والحزب الواحد. الكلام عن أن السعودي أو القطري أنه يشجع على التسليح دليل على فقدان الامل من امكانية التفاهم مع النظام او اصلاحه. الامور تتغير بسرعة كبيرة، قدرة الشعب السوري وصموده واستمراره في ثورته ستغير كثيراً من الامور، من الآن وحتى اسبوع الى عشرة أيام أتوقع أن يصدر قرار عن مجلس الامن الاسبوع المقبل مبني على تفاهم مع روسيا التي انتهت انتخاباتها وانتهت شعارات روسيا الكبرى ومن الممكن التفاهم معها على صيغة مقبولة.
هناك معلومات عن أن هناك نقاشاً دولياً حول مشروع يقول بتشكيل مجلس انتقالي سوري يضم 29 شخصية منهم 9 ضباط يكونون ضمانات للأقليات، حل الاجهزة الامنية والابقاء على المخابرات العسكرية فقط باعتبارها معنية بشؤون الجيش في الداخل للحفاظ على وحدة الجيش ويغادر الرئيس الاسد على أساسها متنازلاً عن صلاحياته مع احتفاظه على لقب الرئيس حتى انتخابات 2014.. لست أرى ان هذا الاتجاه سريعاً ولكن هناك تحضير له ويمكن ان يسبقه قرار مجلس الامن الذي سيصدر بعد أيام.
معلوماتي ان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف طلب الاجتماع بوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي لكن الخليجيين فضلوا ان يكون الاجتماع موسعاً في الجامعة العربية ليستمع الروس الى رأي كل العرب وهو يحمل – كما هو مفترض- مشروعاً سياسياً، لأنه في آخر لقاء بينه وبين الأسد، ابلغ الاخير اليه انه قادر على الحسم في فترة قصيرة جداً. لكن تبين ان لا شيء تحقق حتى الآن وهم مضطرون الى مراجعة سياساتهم في هذا الاطار. وإن الاستقرار في لبنان مستحيل من دون تغيير جدي في النظام السوري. لذلك نحن اخترنا هذا التوقيت للوثيقة مع ترك الموضوع السوري جانباً ومختلفا عليه، وها نحن نقدم خريطة الطريق في وثيقة “المستقبل” والتى دعمتها بشكل او بآخر الوثائق التي صدرت عن الازهر، وهي فعلاً وثائق طليعية بالمفهوم المدني للدولة. الازهر لم يفرض مفهوماً دينياً على المدنيين بل شرح لهم أهمية القدرة على الحياة في الدولة المدنية والتصرف بحرية بكل وسائل التعبير واعتماد الديموقراطية كثقافة وليس فقط صندوق اقتراع.