“قلم رصاص” – “فتح الإسلام”، اغتيال وليد عيدو: النظام السوري إذا يئس

مقابلات تلفزيونية 15 يونيو 2007 0

س- لقد طالت أحداث نهر البارد، ومعروف ان القتال صعب في مناطق مدنية، إنما الأمور طالت ومن المحتمل أن تؤدي الى مضاعفات أخرى، لماذا طالت؟
ج- الجواب من شقين: الشق الأول: أمني والشق الثاني : سياسي
في الشق الأمني، لا أعتقد ان القوى الأمنية عندما دخلت أو الجيش اللبناني عندما دخل في هذه المعركة، كان لديه صورة واضحة عن حجم المنضوين تحت لواء “فتح الإسلام” وقدراتهم القتالية، فتبيّن من متابعة بسيطة ان هذه المجموعة هي مجموعة مقاتلة ومدّربة تدريب طويل الأمد وعالي ، وتقوم بالقتال بطريقة عسكرية جدية، ولكن الجيش أيضا يتصرف بطريقة لا يريد أن يقوم بعملية حرق مراحل، هو يزيد الطوق يوما بعد يوم، رغم ان هذا يزيد الخسائر في صفوفه، ولكن أيضا من وجهة نظر قيادة الجيش انه لا بد من أخذ الأمور خطوة خطوة، بدلا من إقتحامات قد تكلّف غاليا بين المدنيين والعسكريين.

هناك رأي عسكري يقول ان الجيش حقق تقدّما جديا وأصبح الآن هؤلاء تحت سيطرة الجيش، أي مجموعة “فتح الإسلام”، ولكن الجيش يريد أن يأخذ وقته ، وهذه مسألة لا أعتقد إنها ستستمر أكثر من أسبوع أو عشرة أيام من الآن.

أما بالمعنى السياسي، هناك قرار واضح ظهر أول أمس بإغتيال النائب وليد عيدو الذي هو تتمة لأحداث نهر البارد، ويُظهر أن هناك يأس الآن لدى النظام السوري.

س- هل تعتقد ان هناك رابطا بين الإثنين؟
ج- رابط سياسي وليس أمنيا طبعا، أنا لست خبيرا أمنيا ولكن بالمعنى السياسي هناك رابط ، وأعتقد أن هناك حالة يأس عند الجانب السوري من المفاوضات مع أي جهة عربية أو دولية، لتحقيق تقدّم بمسألة عدم إستكمال الإجراءات اللبنانية لإنشاء المحكمة الدولية، وبدأ الآن عبر إغتيال النائب وليد عيدو. أنا أعتقد إننا دخلنا الآن في مرحلة الإنقلاب على النظام اللبناني الحالي.

س- يعني ، تعتقد ان إغتيال النائب عيدو سيُعقّد الأمور أكثر مما يدفع الفرقاء الى أن يلتقوا وفي القريب العاجل؟
ج- أعتقد ان موضوع اللقاء أصبح فيه نوع من الخفة، لأنه من الواضح ان المعارضة تريد أن تحقق نتائج مسبقة للقاء، وهذا بطبيعة الحال لن يحدث ، وبرأيي هذا ليس تصرفا سياسيا ، إنما هو تصرف إنقلابي ، وهم يعرفون أنهم لن يستطيعوا الدخول الى لقاء ويخرجوا منه بنتائج إيجابية لما يعتقدون أنه إيجابي لهم.

س- عادة كل الفرقاء عندما يدخلون مفاوضات يرفعون السقف ما رأيك؟
ج- هم لا يرفعون السقف لأن رفع السقف الحقيقي تم ، عبر إغتيال النائب وليد عيدو. ان موضوع إغتيال النائب عيدو غير مشابه لحالات الإغتيال السابقة، لبنان شهد حتى الآن سبعة إغتيالات تمت فعليا ، بدأت بالرئيس الحريري وثلاث محاولات بالوزير حمادة والزميلة مي شدياق والوزير الياس المر.

الفارق بين إغتيال النائب عيدو وأول إغتيال حدث منذ 30 شهرا تقريبا أو أقل بقليل، ان النائب وليد عيدو هو نائب في كتلة سعد الحريري النيابية، وهو النائب الأول المسلم البيروتي الذي يُقتل بعد رفيق الحريري، وهذه مسألة رمزية مهمة جدا بالتركيبة السياسية اللبنانية، مع إحترامي للآخرين، ورحم الله الذين إغتيلوا، ولكن أنا أعتقد ان النائب عيدو هو رمز لمرحلة سياسية مختلفة قادمة على لبنان، وليس إستمرار الرسائل التي كانت تُبعث عبر الإغتيالات السابقة، بالطبع ما عدا الرئيس الحريري.

س- أنا أرى ان هناك مبالغة في القول بأن الطرف الذي يدبّر هذه الإغتيالات يريد القضاء على أغلبية الثلثين في مجلس النواب ، ما رأيك بذلك؟
ج- أنا لا أستغرب أن يكون هذا الأمر صحيحا، ولكن أنا لست من دعاة هذا الكلام، بل من دعاة القول: ان إغتيال النائب عيدو ، رسالة سياسية واضحة وليست إنذارا ، رسالة الى الحكومة اللبنانية وسعد الحريري قبلها ، بأن عليهم وقف الإجراءات المتعلقة بالمحكمة، إذ لا تزال هناك إجراءات قضائية لبنانية، لا بد ان تؤخذ عبر هذه الحكومة، ولن يستجيب أحد لهذا المطلب، حيث تبيّن أمس وأول أمس بأن الناس لا تقبل، وتعرف إذا إستجابت الآن سيُطلب منها أكثر وأكثر، لذلك لا خيار أمام اللبنانيين سوى الإستمرار في إجراءاتهم لقيام المحكمة علّها تحميهم.

س- الإجراء الأخير للحكومة اللبنانية كان الشكوى للجامعة العربية، ماذا ترى في هذا الإجراء؟
ج- دعني أقول ماذا أريد وليس ماذ أنتظر. أعتقد ان الدول العربية المجتمعة الآن في القاهرة، ربما ما عدا سوريا، يجب أن تعلم بأن هناك حالة حرب أُعلنت بين لبنان وسوريا، عبر إغتيال النائب عيدو وان تجنّب هذه الحرب لا يكون بالوقوف على الحياد، أنا لا أتحدث عن قوات عسكرية بالمناسبة، أنا أقول لا بد على الدول العربية، أن تبذل جهد إستثنائي سياسي بأي شكل من الأشكال، حتى لو وصل الأمر الى تجميد العلاقات مع سوريا لوقف هذا الإنقلاب الذي يحدث في لبنان، وأنت تعرف لبنان يا أستاذ حمدي ، لبنان بؤرة إرهاب كبيرة يديرها وينظمها ويعمل عليها منذ سنوات طويلة ، بطبيعة الحال ، الذي أنشأها ورعاها مثل “فتح الإسلام” هم السوريون خلال وجودهم الأمني والعسكري في لبنان.

س- أنا أتفهم موقفك ، إنما هل الجامعة العربية وهي منظمة دول وحكومات، هل ممكن للجامعة أن تأخذ موقف ضد سوريا، دون وجود أي دليل مادي إطلاقا على تورّط سوريا؟
ج- أنا لا أقول ان تأخذ موقف ضد سوريا، إنما أن تأخذ الموقف الضاغط بأي شكل لوقف ما يحدث، فعندما يكون عندك بؤرة إرهاب، مُسيطر عليها من جهة سياسية معينة، فهذه بؤرة الإرهاب الموجودة في لبنان ، ليست موجهة الى لبنان فقط، فهؤلاء لم يأتوا لتغيير النظام اللبناني فحسب ، إنما هم أتوا لكي يستعملوا لبنان محطة للذهاب الى أعمال أمنية وعسكرية في الدول التي ينتمون إليها، أو التي يستطيعون الوصول إليها. فلبنان له مصلحة والدول العربية المعنية لها مصلحة قبل لبنان.

س- ماذا تتوقع للمبادرة الفرنسية القائمة حاليا؟
ج- أنا لا أعتقد ان الفرنسيين الآن وفي الـ24 ساعة الأخيرة يستطيعون الحصول على نتيجة بعلاقاتهم مع السوريين.

نحن دخلنا مرحلة الإنقلاب ، أنا أعتقد ان النظام السوري فقد الأمل من أي تسوية عن طريق أي جهة من الجهات، وهو يتصّرف ،هذا النظام، على أن هناك نظاما معاديا له في لبنان، ولا بد من قلبه بأي شكل من الأشكال.