فصل الحقيقة عن لجنة التحقيق!!

مقالات 27 ديسمبر 2005 0

العزيز سعد
سررت لرؤيتك تتحدث على تلفزيون العربية بعد غياب طويل. متماسكاً. هادئاً. متوازناً. واثقاً مما تقول. قادراً على ما تعني. متمكناً مما تريده. الغياب هنا يطال الظهور لا الحركة التي يبدو أنها لا تنقطع في الاتجاهات المطلوبة. أنت تقيم في السعودية حيث الجزء الأكبر من القرار. تذهب الى مصر. تقابل رئيسها. حيث الجزء المتحرك من القرار العربي. أنت تعرف الادارة السعودية السياسية. حركتها بطيئة ولكنها ضرورية لنا ولهم. ربما ما ظهر حتى الآن من هذه الحركة السعودية ليس كلّها. بالتالي الأحكام عن بعد ليست دقيقة.
تنتقل الى باريس حيث الحركة جدية وفعالة ومحترفة. الحماسة للبنان. الصداقة لعائلتكم. القدرة على التأثير في القرارات الدولية تزداد لدى الرئيس جاك شيراك. على عكس الشائع من القراءة السياسية للقرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن عمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
فرحت لكلامك عن القنابل الصوتية التي تُرمى في بيروت عن الصفقات حول التحقيق في اغتيال والدك ومن معه من الشهداء. كنتَ واضحا في تنبيه مطلقي هذه القنابل ان العالم بعد 11 أيلول هو غيره بعد هذا التاريخ وأن الارهاب مسألة غير خاضعة للتفاوض في عواصم القرار الدولي.
اللبنانيون متعودون على الصفقات. يعيشون معها في حياتهم اليومية. ليس في السياسة فقط. بل في كل المجالات. لذلك لا تستغرب “شوقهم” لصفقة يتحدثون عنها اليوم. يتناولون غيرها غدا.
أعطيت مصر حقها بأن مبادرتها هي لحماية لبنان. كرّمت السعودية ودول الخليج الحريصة على استقرار لبنان وأمنه.
حمّلت أكتافك همّ شهيد جديد وليس الأخير. قصدت جبران تويني. أعدت الحديث عن 14 آذار بانتظار عودة الحياة الى هذا التاريخ. تمسكت بوزراء الاعتكاف الشيعي. دافعت عن سلاح المقاومة حتى تحرير الأرض المحتلة. أكدت على ان سلاح المقاومة هو لحماية لبنان. خالفت كل الطروحات الدولية في عدم حاجة لبنان الى المقاومة للدفاع عن أرضه في وجه العدو الاسرائيلي.
تعهدت الدفاع عن المحكمة الدولية او ذات الطابع الدولي كما عرّفها الرئيس السنيورة. اعتبرتها حماية من جهة وحقاً من جهة اخرى.
حماية لأنها تؤكد لآلة الشر على حد تعبيرك ان لا صفقات في المحكمة الدولية تحمي أحدا. وحق لأن لبنان البلد الضعيف لا يستطيع أن يحمي قضاءَهُ من قدَرِ المتهمين.
حددت أهدافك بدقة. انتخاب رئيس جديد للجمهورية ينهي إشكالية الرئيس “المؤقت” الحالي العماد إميل لحود. إذ ان ليس له صفة تمثيلية الا الدستورية منها. وهذا معيب بحق اللبنانيين. الصفة الاخرى له أنه أصبح ورقة تفاوض سورية لبنانية تسيء الى لبنان.
الهدف الثاني إعلان سوريا دولة ارهابية تعتدي على لبنان لإلغاء ديموقراطيته وانفتاحه على العالم. الهدف الثالث التأكيد على ان وليد جنبلاط ليس وحده في ما يقوله. بل إن قوى 14 آذار تدعم قوله وحركته. حتى يغيّر العماد ميشال عون ما يوحي في كلامه انه يحمي وجود العماد لحود في قصر بعبدا.
جاء حديثك يا سعد في وقته وزمانه. إلا أن الذين يسمعون منك وأنا لست منهم بسبب الجفاء الجغرافي يقولون إن لهجتك في الحديث أعلى بكثير مما سمعناه على التلفزيون مع العزيزة جيزيل خوري أرملة الشهيد سمير قصير. ربما هي الارملة الوحيدة في العالم التي تجري حديثين في الاسبوع نفسه مع والد شهيد هو غسان تويني ومع نجل الشهيد رفيق الحريري.
يسألونك بعد ذلك لماذا تحتدّ في الكلام؟ لماذا تحرق أصابعك في الكتابة؟ لماذا تفقد صوتك من الصراخ؟ لماذا تذبل عيناك من الدمع؟
يقول الذين يسمعون منك عن قرب إنك ورثت عن والدك بين ما ورثته حَرْقَة العمل للم شمل اللبنانيين على أهداف تنقذ بلدهم من فك آلة الشر وتحقق الحرية لنظامهم الديموقراطي وتحمي سيادتهم واستقلالهم. فاعتبرت الحوار الوطني هو العنوان الوحيد للعمل السياسي او لأي عمل عام آخر. إذ من دون الحوار لا يملك اللبنانيون إلا متاريس الحرب الكلامية التي تثير توتر اللبنانيين وتجعلهم غير مطمئنين على مستقبل وطنهم.
إذاً لا عنوان غيره للعمل العام. لا أكثرية ولا أقلية. لا انتصار لأحد ولا اندحار لجهة سياسية. هذا في المبدأ. أما في التفاصيل فأين الحوار مما يجري في لبنان هذه الأيام؟
تتمحور الحركة السياسية في اتجاه عواصم ثلاث فضلا عن عاصمة العواصم اي الجامعة العربية وأمينها العام عمرو موسى.
وليد جنبلاط والسيد سعد الحريري والعماد ميشال عون يتحدثون كل على حدة بدعوة الدول العربية وخصوصا السعودية قبل مصر للتدخل لحماية لبنان مما يتعرض له من هجوم سوري أمني يطال رموزه وشبابه واقتصاده. ما عدا السيد نصر الله الذي دعا في ما مضى الى دور للجامعة العربية يرعى العلاقات اللبنانية السورية ويعيدها الى الطريق المستقيم.
تحركت السعودية في اتجاه سوريا. فأرسل ملكها عبد الله بن عبد العزيز مندوبه الأمير بندر بن سلطان الى دمشق في رحلات مكوكية وإلى باريس لإتمام الموافقة الدولية على ما تم الاتفاق عليه مع الرئيس بشار الأسد.
لا يمكن القول ان الأمير بندر نجح في ما أراد تحقيقه. إذ بدا ان هناك ترجمات مختلفة لمضمون المبادرة بين الرياض ودمشق، لذلك لم يشارك الرئيس الأسد في القمة الاسلامية التي عقدت في مكة. رغم معرفته بأهمية هذا الحضور عند الملك عبد الله الذي ترأس أول قمة اسلامية تعقد في بلده بصفته ملكاً.
يقول الرواة الثقات إن مساعد وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي ترأس وفد بلاده الى مؤتمر وزراء الخارجية السابق للقمة علم وهو في جدة بقرار رئيس بلاده عدم المشاركة. فاستنجد بالأمير بندر بن سلطان بأسلوبه الدبلوماسي لبذل جهد خاص لحضور الرئيس الأسد. لكن أسلوبه الدبلوماسي لم يؤد الى أية نتيجة من الجانب السعودي. وكان أن ترأس وزير الخارجية فاروق الشرع وفد بلاده الى القمة الاسلامية.
لا يتحدث المسؤولون السعوديون بالتفاصيل ولا قادة النظام السوري. الواضح ان العلاقات السورية السعودية تمر بمرحلة من البرودة حسب التعبير الدبلوماسي.
استنفد السوريون الدور السعودي واستثنوا المملكة من رسائل الشكر السياسي التي أرسلت الى عدد من الدول بينها روسيا والصين والجزائر وحتى قطر. لم يفاجأ أحد بهذا الموقف. إذ ان التقليد السوري الدبلوماسي الجديد يقول بالاستخفاف بدور الدول العربية الكبرى في دعم سوريا.
السفير السعودي في بيروت الدكتور عبد العزيز خوجة يتصرف في المحيط اللبناني على أنه غير معني بهذه الانباء عن البرودة في العلاقات اللبنانية السورية. يؤكد بين فترة وأخرى انه ليس هناك من مبادرة سعودية رسمية، لكنه لا يتوقف عن السعي ولو “استعلاما” داخل لبنان لانهاء الأزمة الحكومية عبر الحوار الجاري بين الرئيس فؤاد السنيورة ووزراء الاعتكاف الشيعي. نأى بنفسه عن الرمال المتحركة. يراقب عن كثب تطورات الحوار. يدّعي ان لا علاقة له بمجرياته. يتمنى بعد اصابته “بلبنان” ان يملك عصا سحرية تنقذ لبنان مما يعانيه.
ربما فترة الأعياد تمنحه هذه العصا!!
أصيبت القيادات اللبنانية الداعية الى دور سعودي بشيء من الأسف. إذ ان السعودية هي الدولة العربية الأقدر على الالتفاف بمحبة وصدق على كل الجهات السياسية اللبنانية وأخذها الى ما فيه خير البلد.
السفير خوجة يستقبل السفراء المعنيين بالأزمة اللبنانية السورية في منزله. يحدثهم ويحثهم على الحركة. ويأخذ منهم حبوبا مسكّنة سياسيا يوزعها على القيادات اللبنانية.
هكذا يحفظ سياسة بلده. ويحافظ على دوره في الوقت نفسه.
أخذت مصر الدور عن السعودية. قال رئيسها حسني مبارك أنا أواجه الموضوع اللبناني وأنتم تدعمونني حيث يجب. وهكذا حصل.
السفير المصري في بيروت حسين ضرار يعرف لبنان كما اللبنانيين. مضى عليه سنوات في بيروت، أنشأ شبكة صداقات سياسية واجتماعية ندُر لسفير مصري ان امتلكها. لديه من العلاقات الاجتماعية ما يجعله مصدرا لآخر الانباء السياسية. لا تفوته شاردة ولا واردة. حاضر في كل المناسبات الاجتماعية. كيف يجد الوقت لهذا وذاك؟ الجواب عنده.
السفير ضرار زوّد قيادته بكل ما اختزن من ملفات. نسّق مع السفير خوجة. التقيا الرئيس السنيورة. أطلعاه على ما لديهما. قرر رئيس الوزراء انتداب مستشاره للشؤون العربية “مولانا” الدكتور رضوان السيد للذهاب الى القاهرة واستكشاف ما لديها.
عنوان الزيارة: الاستقرار الأمني في لبنان.
قابل الأمين العام لجامعة الدول العربية حمل رسالة منه عن لقائه بالرئيس الأسد خلال زيارته الأخيرة الى دمشق وبيروت.
استقبله الرئيس مبارك. طمأنه الى انه سيبذل كل ما باستطاعته لاستقرار لبنان وأمنه. غادر “مولانا” الى بيروت. وصل الرئيس الأسد في اليوم نفسه الى القاهرة. كان واضحا ان جدول الأعمال مرتبك. الرئيس الأسد يريد ترتيب علاقاته مع السعودية. ويرغب في دور عربي يعيد العلاقات اللبنانية السورية الى نصابها. تاركاً الحقيقة في اغتيال الرئيس الحريري للجنة التحقيق. الرئيس مبارك يتذكر القول المصري “اسمع كلامك يعجبني. أشوف أفعالك اتعجِّب” ويتذكر شكوى اللبنانيين.
لم يكن الوقت يسمح بنصائح التعاون مع المجتمع الدولي. جرى البحث في جدول اعمال لبناني سوري يتضمن ترسيم الحدود. حسم لبنانية شبعا. العلاقات الثنائية. ماذا عن الأمن؟
يجيب الجانب السوري نبحث في التنسيق الأمني الى جانب وقف الحملات الاعلامية والسياسية اللبنانية على سوريا.
وجد الرئيس مبارك الحمل ثقيلا على اللبنانيين فاستعان بالامين العام عمرو موسى الذي حضر الغداء مع الرئيسين مفصِّلا مناقشاته اللبنانية السورية في زيارته الاخيرة والرسالة التي بعث بها الى الرئيس السنيورة.
استنسب الرئيس مبارك ان يتابع موسى مسعاه بتكليف منه دون ان تأخذ حركته شكل المبادرة العربية.
تمهل الامين العام في مسعاه الى ان يسمع من السنيورة رده على جدول الاعمال السوري. تسرّب جزء من الرسالة الى الاعلام. قامت الدنيا ولم تقعد في لبنان.
المبادر الاول كما العادة وليد بك، لحق به تيار المستقبل، وقوى سياسية اخرى. ما القصة؟
ممنوع الربط بين التنسيق الأمني ووقف الحملات الاعلامية والسياسية. هذا تجهيل للفاعل السوري في عمليات الاغتيال.
لم تأخذ هذه القوى بعين الاعتبار ان عمرو موسى قامة دبلوماسية عربية كبرى. وأن من الخفة اتهامه بالتورط في سياسة تُبعد الحقيقة في عمليات الاغتيال عن أعين اللبنانيين.
لهذا عدة اسباب اولها وأهمها ان الامين العام مصري وهو يلتزم سياسة بلاده الدولة المضيفة للجامعة في هذا الموضوع. ثانيا هو لا يقوم بمبادرة بل باستكشاف سياسي يعود بعده الى الدول المعنية اي مصر والسعودية للتشاور معها قبل اي مسعى. ثالثا لو دُعي الرئيس السنيورة الى دمشق والارجح انه سيلبي الدعوة من موقعه كرئيس للوزراء وطرح عليه السوريون موقفهم. هل ستطالب هذه القوى السنيورة بالاستقالة لانه استمع الى موقف المسؤولين السوريين؟
استمع وليد بك الى هذا المنطق. شرح موقفه بالقول إنه يفضل مبادرة منفردة او ثنائية سعودية مصرية على مبادرة تقوم بها الجامعة العربية التي ستفتح الباب امام دول عربية اخرى للتدخل في الموضوع اللبناني السوري. هذه بداية التسوية. بانتظار تبلور الامور مصرياً.
لا يمكن القول ان الصياغة السياسية المصرية مستعجلة. ليس بسبب الهجوم اللبناني على “مسعى” الامين العام للجامعة، بل بسبب خطأين ارتكبهما الوزير السوري المفضِل على اللبنانيين فاروق الشرع.
الاول ان الوزير الشرع اجتمع بالسفير الايطالي في القاهرة الذي ابلغه حرص بلاده على الأمن في لبنان والاستقرار وتعاون سوريا مع لجنة التحقيق الدولية. فجاءه جواب الشرع ان الحكومة اللبنانية غير شرعية. موحيا بأن عودة الوزراء الشيعة عن اعتكافهم غير واردة. الخطأ الثاني ان الشرع حمّل من القاهرة “أدوات داخلية” لبنانية مسؤولية الاغتيالات التي يشهدها لبنان منذ أشهر.
كيف لمنطق من هذا النوع ان يحمي مبادرة مصرية او عربية؟
في دمشق الجو السياسي يزداد ارتياحا. هذا لا يمنع انه اصبح لديهم اعلام متخصص في وليد جنبلاط وسعد الحريري. على قاعدة ان لبنان هو المعتدي على سوريا وليس العكس.
اسباب الارتياح متعددة أولها وأهمها شعور القيادة السورية ان مسألة اسقاط النظام في سوريا باتت غير مطروحة لدى اي من المحافل الدولية.
هذا الامر بحد ذاته يعطي القيادة السورية حرية حركة لم تكن متوافرة في الاشهر القليلة الماضية.
السبب الثاني هو الأداء السياسي الروسي الصيني الجزائري في مجلس الأمن والذي اوصل الى تعديلات تعتبرها القيادة السورية اساسية في المشروع الفرنسي، مما جعل القرار 1644 مقبولا لدى السوريين. تأكدت عبر هذا القرار متانة الدور الايراني مع الروس والمصالح الاقتصادية المشتركة مع الصين وتفهم الجزائر لوجهة النظر السورية.
السبب الثالث ان لعبة كسب الوقت التي تمارسها القيادة السورية تحقق مكاسب إضافية يوما بعد يوم والدليل ما يشهده لبنان من تعثر في حياته السياسية بصورة متزايدة.
السبب الرابع الهدوء الذي تشهده السوق النقدية السورية بحيث ان الليرة السورية لا تشهد اهتزازات مماثلة للتي حدثت منذ خروج الجيش السوري من لبنان.
السبب الخامس ان سوريا استطاعت تحت غطاء أمني يتمثل بالاغتيالات طرح جدول اعمالها للعلاقات اللبنانية السورية دون رفض عربي معلن. وهذا بحد ذاته مكسب كبير.
السبب السادس هو حال الاسلاميين المتقدمة هنا وهناك، الانتخابات العراقية فوز كبير للحليف الايراني. الأمين العام للاخوان المسلمين في مصر يندد بلجنة التحقيق الدولية وبرئيسها السابق ديتليف ميليس الذي يعمل ضد سوريا. خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يعلن من طهران “تعزيز جبهة الصمود والممانعة العريضة بدءاً من فلسطين مروراً بسوريا والعراق ولبنان وإيران”.
كل هذه المكاسب زادت من توتر واشنطن السياسي بالتعبير على ان الاشهر الستة المقبلة ستكون محورية لمستقبل لبنان وربما لسوريا ايضا. استنادا الى مهمة الرئيس الجديد للجنة التحقيق. وأعادت الادارة الاميركية الى الراجهة ثوابت ادارة بوش حيال لبنان وفي طليعتها الاستمرار في العمل على اعلى المستويات بلبنان ووفاقه الوطني ومستقبله كدولة حرة ذات سيادة.
في القاهرة والرياض ودمشق وواشنطن الحديث عن بيروت، ماذا يحدث في العاصمة اللبنانية؟
الادارة الاميركية تبدي خيبتها من افتقاد قيادات 14 آذار للحنكة السياسية اللازمة. فلا هي صانت انجازات انتفاضة الاستقلال ولا عطلت قدرة سوريا وأدواتها على تقويض هذه الانجازات. ربما يفسر هذا الكلام الاميركي عن غير قصد “حوار الطرشان” الذي يجري في بيروت هذه الايام.
اكتشف تكتل الاعتكاف الشيعي الوزاري ان الحكومة اللبنانية غير مؤتمنة على تفسير القرار 1559 اثناء تعاطيها مع مجلس الأمن الدولي. وبالتالي عليها ان تصدر بيانا تقول فيه ان القرار نُفّذ من الجهة اللبنانية.
دخلت نتائج الانتخابات العراقية الى الحساب الشيعي. فوجد وزراء الاعتكاف ان من واجبهم الانسحاب من مجلس الوزراء الذي يبحث في تعرض الرئيس الأسد للرئيس السنيورة بعبارات مهينة.
ثم خرجوا دون عودة حتى الآن تحت شعار معرفة شكل ومضمون المحكمة الدولية التي رأى مجلس الأمن ان على الأمين العام للامم المتحدة بحثها مع الحكومة اللبنانية.
حافظ الرئيس السنيورة على هدوئه واعتداله فاتحا باب الحوار على مصراعيه.
ترك الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله نواب الحزب ومؤيديه يتولون الصراع اليومي الاعلامي على هذه العناوين مستعملين تعابير المقاصّة المالية من حيث من أخذ ومن اعطى.
حين حان وقت الكلام ظهر السيد نصر الله على التلفزيون بهدوء ورقة ورصانة متحدثا عن كل هذه العناوين وكأن لا اساس سياسياً لها. هي فقط ما يظهر منها. تاركا لوليد بك حق الإمساك بخطوط التوتر العالي السياسي. اكمل السيد نصر الله ما بدأه في خطابه يوم القدس إنما بمنتهى التروي والحذر.
لم يسأله المذيع عن الوقوف الى جانب سوريا قيادة وشعبا. لم ينقل إليه رأي الاكثرية الشعبية التي تقول ان الحركة السياسية للحزب داخل الحكومة تضعف الاجماع على المقاومة، لم يخبره بأن استسهال موضوع السلاح الفلسطيني في المخيمات وخارجها لا يحوز رضى لبنانيا على الاطلاق.
لم يذكّره بأن سماحته استدعى قيادات الجبهة الشعبية القيادة العامة لانهاء الوجود المسلح خارج المخيمات بموافقة الرئيس الأسد شخصيا.
يقول السيد نصر الله بأن توجه الجيش الى مواقع الجبهة الشعبية هو الذي عطل مبادرته، أليس هذا الجيش هو نفسه الذي نسّق وحمى حركة المقاومة منذ خمس عشرة سنة حتى الآن؟ المهم هل ان هدوءه يؤدي الى اتفاق مع الرئيس السنيورة وهذا هو الاساس.
هذا الهدوء لم يصل إلى المختارة، وليد بك على حذره المتوتر من كل ما يجري، يطالب السيد نصر الله برد جميل حماية المقاومة الى كل القوى التي حضنت هذه المقاومة وساندتها. يحمي الرئيس السنيورة بالصوت العالي. لا يترك وسيلة اعلام من دون رأي له. كل المؤشرات تدل على انه لن يهدأ قريبا. ليس بسبب المسألة الامنية التي تحيطه في المختارة. بل ايضا بسبب الكلام الذي صدر عن واحد من ثلاثة هم شيوخ عقل الدروز في سوريا والذي يدعم موقف القيادة السورية من وليد بك دون ان يسميه. اذ ان للمسألة الدرزية عند وليد بك اولوية مطلقة لا يعرفها إلا من يتزعم الجبل.
الرئيس نبيه بري يقوم بواجبات حركته تجاه سوريا في بيان المكتب السياسي الجديد لحركة أمل. ثم يستعيد دوره كمنسق سياسي اول وبامتياز بين الاطراف اللبنانية.
يتصرف بقدرة العارف ان الامور ستعود إليه اينما ذهبت ومهما عظمت. يقترح طاولة الحوار داخل مجلس النواب او خارجه.
العماد ميشال عون يقول ان الرئيس بري تبنى دعوته للحوار منتشيا بدعم السيد نصر الله ووليد بك له رئيسا للجمهورية.
يودع تيار “المستقبل” ليستقبل وفد حركة أمل. ويتحدث عن ورقة عمل تعد مع حزب الله. يأخذ من الجميع ولا يعطي أحدا شيئا.
سيعود وزراء الاعتكاف الشيعي الى مقاعدهم. ولكن على أي أساس؟
خبير سياسي يقول إن سوريا اغتالت رفيق الحريري ولكنها دفعت الثمن بالخروج من لبنان. فماذا تريدون أكثر من ذلك؟
يجيبه آخر بسؤال كيف نفصل الحقيقة عن لجنة التحقيق؟
عزيزي سعد
هذه هي الاسئلة السورية التي تحتاج الى إجابة.